المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6763 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

(تركيز الانتباه) - إحدى التقنيات التي تساعد على تهدئة النفس
22-8-2022
جملة من الأحكام المستحبة بالحج
7-9-2017
Thigmotaxis
13-7-2020
الأثار المترتبة على حجز العقار في القانون الجزائري
20-2-2017
مناظرة في حديث أصحابي كالنجوم
18-12-2019
صورة صوتية acoustic image
20-9-2017


علاقة لجش واوما  
  
3683   06:53 مساءاً   التاريخ: 1-11-2016
المؤلف : رجاء كاظم عجيل
الكتاب أو المصدر : ســــلالة لجــــــش الأولى والثانية
الجزء والصفحة : ص117-128
القسم : التاريخ / الامبراطوريات والدول القديمة في العراق / لكش /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-11-2016 902
التاريخ: 1-11-2016 2367
التاريخ: 1-11-2016 1266
التاريخ: 20-5-2019 1061

العلاقات الداخلية:

لقد كان النظام السياسي في بلاد الرافدين يكمن في دويلات المدن وليس الدولة الواحدة، اذ ان هناك سلالات قائمة تمثل حكومات ودويلات مدن صغيرة ومستقلة وكانت علاقتها مع بعضها البعض اما علاقات متكافئة (مرتبطة بمعاهدات وتحالفات) او علاقات تبعية كسيادة (مسيليم) ملك كيش على (اوما ولجش)(1)، وغالبا ما كان يقوم بين هذه الدويلات نزاعات ترجع اسبابها الى عوامل اقتصادية او تحديد الحدود(2)، فهي  تسعى الى تامين اسباب بقائها واستمرارها اطول مدة ممكنة من الزمن وبما ان قانون الحياة ينص على زيادة البشر بنسبة اعلى من نمو وسائل انتاج الغذاء وهذا يؤدي الى صراعات بين الدويلات المتجاوزة لغرض فرض سيطرتها على الاراضي الزراعية وقنوات المياه(3).

لقد تضمنت نصوص دولة لجش معلومات ذات اهمية كبيرة قدمت إيضاحا عن وجود  علاقات سياسية متفاوتة لدولة لجش مع الدويلات المجاورة لها، ومن الملاحظ ان الحروب بين الدويلات السومرية لم تكن كثيرة، فما قدمه السومريون للمدنية من انجازات حضارية رائعة دليل على تكريسهم الوقت الكافي للعمل السلمي الذي ما قدر له ان يتم لو كانت حروبهم فعلا على تلك الكثرة، لا سيما المجتمع السومري كان حرا عاش به السومريون وغير السومريين دون تمييز، وخير مثال على ذلك الانسجام السومري – الاكدي في العصور الاولى من التاريخ السومري، اذ عبد الجزريون (الساميون) الالهة السومرية، كما اتخذ السومريون الاسماء الاكدية، فضلا عن ذلك فقد كانت مناطق سكناهم واحدة ومدافنهم واحدة ومشتركة(4).

 العلاقة بين لجش واوما:

من بين دول المدن التي قامت في بلاد سومر في عصر فجر السلالات الدويلة التي كان مركز حكمها (اوما) المجاورة للجش، والتي تسمى اليوم بـ (تل جوخة) وتبعد نحو (50 كم) شمال غرب لجش(5) في ناحية قلعة سكر في محافظة ذي قار(6) وقد حكم في هذه الدويلة عدد من الحكام لم يرد ذكرهم في اثبات الملوك السومرية، كما انه لم تجر في هذه المنطقة تنقيبات اثرية منتظمة الا بعض الحفريات غير المشروعة حتى عام 1973م، لذلك لم ترد معلومات عن (اوما) وان كل ما يعرف عنها كان قد اخذ من الاخبار التي ذكرها حكام لجش في كتاباتهم(7).

فقد كان اسم اوما هو الاكثر ذكرا على الاطلاق في نصوص لجش، اذ تضمنت هذه النصوص معلومات ذات اهمية كبيرة اشارة الى وجود علاقات سياسية متفاوتة بين لجش والدويلات المجاورة لها، ولاسيما النزاع بين لجش واوما.

اما اهم حكام اوما حسب ما ذكرتهم النصوص لجش فهم ما ياتي: (اوش Ush)، (ايناگالي Enakalli)، (اينادامو Enadamu)، (اور– لما Ur-Luma)، (ال IL)، (كش شاكيدو Kish Shakedu)، وزوجته برا ابروم، (بوبو BuBu)، و(لوكال زاكيزي Lugal Zagizi)،(8) كما وردت كتابات على لوح يعود تاريخيه الى زوجة حاكم اوما المدعو كش شاكيدو اذ ذكرت فيه اسم والدها (اور - لما) واسم جدها (ايناگالي) واسم زوجها واسم والد زوجها (ال)، واهمية هذا اللوح عرفنا بالتتابع الزمني لحكام سلالة اوما اذ ان بعض هذه الاسماء لم يرد ذكرها في معاهدات الصلح  مع لجش(9).

لقد اتسمت العلاقة ما بين لجش واوما بالعداء والنزاع على الاراضي الزراعية ومياه الري ورغـبة كـل منهما فـي الاسـتيلاء عـلى المنطقة الحدودية كو-ايدينا(10)(Gu-Edina)، اذ ان اوما تقع في اعالي مصادر المياه لكلتا الدولتين وقد مكنها ذلك الموقع من التدخل والتأثير في تجهيز لجش بالمياه وكان ذلك سببا في نشوء النزاع بين الدولتين(11) والذي بدا منذ (2575 ق.م) تقريبا(12) وقد دونت العلاقات بين الدولتين منذ عهد (اياناتم) ولكن النزاع ظهر قبل ذلك بعدة اجيال(13) كما روى ذلك حاكم لجش (انتيمينا) في نصه الشهير(14).

لقد اتسم الصراع بين هاتين الدولتين بالشدة والاستمرارية الى ان انتهى بغلبة اوما وتحطيم لجش على يد اخر حكام عصر فجر السلالات المسمى لوكال زاكيزي الذي كان حاكم تلك المدينة.

لقد بدا النزاع بين الدولتين من تاريخ تحديد الحدود بينهما من قبل الملك مسيليم(15) (Mesilim) بصفته الملك الاعلى الذي يتبعه حاكما الدولتين او بصفته حكما دوليا وقد بدا مسيليم التحكيم بينهما بتحديد خط الحدود وفقا لحل اوصى به الإله ساتران (Sataran)(16) اله كيش، اذ يعتقد ان الخلاف بين اوما ولجش كان الخلاف بين الهين هما (ننجرسو) اله دولة لجش وشارا (Shara)(17) اله اوما(18) وان هذا الخلاف قد رفع الى محكمة يراسها الاله انليل في نيبور فينفذ الإله انليل قراره عن طريق ممثله البشري (مسيليم) ملك كيش ويحدد مسيليم الأرض المتنازع عليها ويرسم الحد الفاصل الذي يعينه الاله انليل(19) وقد ورد ذلك في نص جاء فيه:

"الاله انليل

سيد جميع البلدان،

ابو جميع الالهة،

استنادا الى كلمته الثابتة (قام انليل)

(من اجل) الاله ننكرسو،

ومن أجل الاله شارا

برسم الحدود،

ميسالم،

ملك كيش،

قام استنادا الى امر الاله اشتران

بمسح الحقول

واقام في المكان (الذي مسحه) مسلة...."(20).

وقد عين مسيليم بالانصاب والمسلات خط الحدود ما بين الدولتين المتنازعتين جاعلا الاراضي الخصبة (كوايدينا) ضمن حدود لجش الامر الذي لم ترضخ  اليه (اوما) امدا طويلا، فكانت تعمد الى انتهاك تلك الحدود كلما واتتها الفرصة كما يشير الى ذلك نص انتيمينا(21)، لذلك لم يمض وقت طويل على فض النزاع وتحديد الحدود حتى انتهك (اوش Ush)(22) حاكم اوما شروط الاتفاق فأزال مسلة مسيليم على الحدود وغزا حقول دولة لجش واحتل منطقة كو ايدينا ولم يتمكن حاكم لجش (اكوركال) خليفة (اورنانشه) من الوقوف بوجه اوش وقد ظلت هذه المنطقة تحت سيطرة اوما الى زمن اياناتم(23) وهذا ما اشار اليه النص الأتي:

"ولكن (اوش) انسي (اوما) انتهك

حرمة (كل من) قرار الالهة والعهد (الذي

تعهد به كرجل لرجل) واقتلع مسلتها (اي

مسلة الحدود) ودخل سهل (لكش) ....." (24)

 وقد امر اياناتم من قبل سيد لجش الاعلى الاله ننجرسو(25)، بان يشن الحرب على اوما وقد دحر اياناتم اوما وقضى على حاكمها وطرد سكان اوما من سهل كو-ايدينا وفرض شروطا جديدة للصلح وقد وافق عليها حاكم اوما الجديد (اينا كالي Enakalli) اذ ورد نص للوثيقة التي دونت عليها شروط الصلح والتي جاء فيها:

"اي اناتم وضع شبكة ...... (اشو شكال)

العائدة للاله (انليل) فوق رجل (اوما)

واقسم (رجل اوما) له (اي لاياناتم)...." (26)

كما تضمنت معاهدة الصلح الجديدة ان يقوم حاكم اوما بحفر قناة جديدة تأخذ مياهها من نهر الفرات تسمى بقناة (لوما)(27) اذ وردت اشارة تاريخية في كتابات (اياناتم) بحفر هذه القناة(28) كما هو في النص الأتي:

"لقد قوى (جانبي القناة) "لوما جيمدوج" لـ "نينجرسو" وقدمه هدية له (عندئذ) أقام "اياناتم"، الذي وهبه "نينجرسو" القوة، خزانا لقناة "لوماجيمدوج""(29).

وقد عادت الحدود السابقة والانصاب ومسلة (مسيليم) كما اقام اياناتم ساترا او سورا على طول خط الحدود واقام مسلة جديدة خلد فيها انتصاره على اوما وقد عثر على القسم الاكبر منها وسميت بـ(مسلة النسور) او مسلة العقبان.

كما شيد في الاراضي الجديدة التي ضمت الى لجش معابد صغيرة للالهة لجش، كذلك فرض على سكان اوما غرامة حربية وهي دفع  كميات كبيرة من الحبوب سنويا الى لجش مقابل استغلال الارض الخصبة على الحدود بين الدولتين وكان الهدف من ذلك هو ضمان ريع سنوي الى لجش(30).

وقد تعهد حاكم اوما الى اياناتم كما دون اياناتم القسم  الذي قسمه حاكم اوما على التزامه بالمعاهدة الجديدة والحدود التي ثبتها اياناتم بين الدولتين كما جاء في النص الأتي:

"سوف لا انتهك الى ابد الابدين حرمة حدود (ننجرسو)

قط، كما لا اتجاوز على سدوده وقنواته (التي تكون الحدود)

كما لن اقتلع مسلاته، (غير انه) لو اعتديت (على الحدود)

عندئذ عسى ان تلقي عليّ (اوما) من السماء الشبكة

(شوشكال) العائدة (لننخرساج)" (31)

وقد اشارت الوثيقة التي بها المعاهدة الى الطقوس والمراسيم الدينية التي اصبحت جزءا من بنود اية معاهدة تعقد كأداة القسم بالإلهة العظام وانزال اللعنات على من يحاول نقض بنود المعاهدة(32).

لكن هذا النصر لم يدم فقد نقض حاكم (اوما) الجديد (اور - لما) بن  (ايناكالي) في عهد اناناتم الاول الذي خلف اخاه (اياناتم) وقد قام (اور - لما) بإزالة الانصاب وحطمها ورماها في النار وخرب المعابد التي اقيمت على الحدود وحرم قناة الحدود من الماء اذ كانت اوما هي التي تتحكم بمسارها على الحدود ورفض دفع الحاصلات الزراعية المفروضة على سكان اوما (حسب نص انتيمينا) ثم عبر (اور - لما) النهر وغزا لجش(33)، فقد اشار الى ذلك النص الأتي:

"اور-لوما انسي ((اوما))

حرم قناة حدود (( نينجرسو))

وقناة حدود ((نانشه)) من الماء

واقتلع من الماء مسلات ((قناة الحدود))

واحرقها، وهدم مزارات الالهة المكرسة.....

(واخيرا) عبر قناة حدود ((نينجرسو))" (34)

ولم يفلح اناناتم الاول في صد هجوم (اوما) لذلك تولى المهمة ابنه انتيمينا، ومن المحتمل ان اناناتم كان طاعنا في السن اذ ان انتيمينا اشار في نصه الشهير الى انتصاره على اوما ولم يشر الى انتصار ابيه على اوما، فقد حقق انتيمينا نصرا على اوما وهرب (اور – لما) ولاحقه انتيمينا وقتل عددا كبيرا من قواته(35)، كما يذكر انتيمينا انه حل الحاكم الجديد (ال IL) حاكم اوما والذي كان احد كهنة اوما محل (اور -لما) ويحتمل ان انتيمينا هو الذي ازاح (اور – لما) من الحكم ونصب بدلا عنه ابن اخيه (ال) وابرم انتيمينا معاهدة مع (ال)(36) تضمنت اعادة حقوق لجش وثبت الحدود على ما كانت عليه بين الدويلتين(37)، وقد دونت على مخاريط فخارية في عهد انتيمينا وبالخط المسماري وباللغة السومرية وكانت هذه المعاهدة قد خلدت ذكرى اعادة حفر خندق الحدود الذي يفصل اراضي دولة لجش عن اراضي اوما(38)، كما وتعد هذه المعاهدة صيغة متطورة لحسم الخلافات الحدودية.

وتذكر بعض الكتابات التاريخية عدم التزام (ال) حاكم اوما بالمعاهدة التي عقدت بينه وبين انتيمينا وقام بعدة اعمال تخريبية ضد دولة لجش وحاكمها انتيمينا(39) وجاء ذلك في النص الأتي:

"(بيد انه) في ذلك الوقت قام (ايل)  رئيس معبد (زبلام)(40)

بتدمير (؟) (البلاد) من (جيرسو) الى (اوما) واستولى

 (ايل) على انسية (اوما) وقطع الماء عن قناة حدود (ننجرسو)

وقناة حدود (نانشه)....." (41)

ومن الملاحظ ان تدخل الالهة في هذه الحروب كان موضع اعتقاد فعلي من قبل الحاكم لذلك كانوا يتوسلون بالإلهة للتدخل ان اقتضت الحاجة اذ ان انتيمينا في احدى نصوصه يختم كلامه بالتمني كما جاء في النص الأتي: "عندما يعبر رجال (اوما) وغيرهم من رجال المدن الاخرى خندق (ننكرسو) وخندق الالهة (نينا) فليبدهم (انليل) وتنقض عليهم شبكة (ننكرسو) العظيمة لتثقل عليهم يده الجبارة وليسحقهم من عل برجله لينفجر غضب جنوده"(42).

ومن المرجح ان (انتيمينا) حفر قناة من دجلة الى حدود دولة لجش ليضمن  موارد الري لدولة لجش من دون الاعتماد على النهر القديم وللحد من المشاكل التي كانت تثيرها اوما ويعتقد ان شط الحي او نهر الغراف الحالي يمثل القناة التي حفرها انتيمينا(43) اذ ورد ذلك في النص الأتي: "انتيمينا انسي (لجش) الذي اعلن اسمه ننجرسو، حفر هذه القناة (التي تحدد الحدود) من نهر دجلة الى(ادنون) وفقا لأمر (انليل) الصريح، ووفقا لأمر (ننجرسو) الصريح ووفقا لكلمة (نانشه) الصريحة،

واعادها لملكته المحبوبة (نانشه) ...." (44)

ومن الجدير بالذكر ان الحاكم انتيمينا كان اخر حاكم قوي في سلالة لجش الاولى الذي تصدى لاعتداءات اوما الحدودية، اذ خلفه حكام ضعفاء في الحكم اولهم ابنه اناناتم الثاني، ثم اعقبه حاكمان اخران لم يدم حكمهما الا مدة قصيرة هما (اينتارزي ولوكالندا) اذ كانا من طبقة الكهنة ولم ترد اخبار عن العلاقة بين لجش واوما والوضع الحدودي بينهما في زمن (اينتارزي و لوكالندا) اذ اقتصرت الوثائق المدونة في هذا العهد على العقود التجارية والمعاملات الشخصية وعلى الرغم من ذلك فان لهذه الوثائق اهمية كبيرة لمعرفة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والدينية في ذلك العهد(45).

اما في عهد اخر حاكم من حكام دولة لجش في سلالتها الاولى اوروانمكينا فقد تعرضت لجش الى هجوم مفاجئ قام به لوكال زاكيزي حاكم اوما (2370 ق.م) الذي وضع حدا للنزاع بين لجش واوما بالسيطرة على لجش وبقية المدن الاخرى اذ استطاع بضربة خاطفة القضاء على اخر حاكم من حكام سلالة لجش الاولى(46)، فقد كانت لمقدرته العسكرية العالية واحوال لجش الداخلية من اضطرابات وعدم استقرار ساعدت في تدمير لجش في سلالتها الاولى وان ما اقترفه جنود اوما من ذبح سكان لجش الذين كانوا يختفون في ابنية القصر والمعبد من جنود (اوما) وما قاموا به من حرق وتدمير الاماكن المقدسة في لجش اذ بين ذلك روح الانتقام من قبل جنود اوما تجاه لجش بعد سقوطها(47).

وبعد القضاء على دولة لجش مد لوكال زاكيزي نفوذه الى اور ثم استولى على الوركاء الشهيرة واتخذ لقب ملك الوركاء وقد لقب ايضا بـ(ملك الاقليم) و (ملك سومر) اذ يحتمل انه استولى على معظم بلاد سومر واكد ومن ضمنها مدينة كيش والمدينة المقدسة في (نفر) ثم اتخذ لقب (ملك كيش) وبذلك  اقام لوكال زاكيزي دولة القطر الموحدة. كما اشار الى ذلك احد نصوصه المدونة، انه مد نفوذه من (البحر الاسفل الى البحر الاعلى) اي من الخليج العربي الى البحر المتوسط وقد خصصت له اثبات الملوك السومرية حكما دام نحو (25 سنة) استطاع ان يؤسس دولة القطر الموحدة(48).

اما اوروانمكينا فلم يقاوم المعتدي لوكال زاكيزي بل تركه لعدالة الالهة التي ستنزل العقاب بالمعتدي وهذا ما اشار اليه النص التاريخي الأتي:

"لان الاوماني هدم اجر (؟) (لجش) فانه اقترف ذنبا

ضد الاله (ننجرسو) وسيقطع (ننجرسو) الايدي التي ترفع ضده

ان هذا ليس ذنب (اوركاجينا) ملك (جيرسو) عسى (نيدابا)(49)

الهة (لوجال زاجيزي) (الشخصية) حاكم (اوما) ان تحمله اي

لوجال زاجيزي (نتائج) جميع (هذه) (الذنوب)" (50)

يتضح من ذلك ان الحاكم اوروانمكينا لم يقاوم جيش اوما وحاكمها المعتدي (لوكال زاكيزي) بل تركه لعدالة الالهة، وفعلا تحققت العدالة الالهية اذ كانت نهاية لوكال زاكيزي ذليلة على يد سرجون الاكدي مؤسس الامبراطورية الاكدية(51).

مما تقدم يتضح لنا ان العلاقة بين دولتي لجش واوما كانت علاقة عدائية تخللتها الحروب والنزاعات المستمرة والتي كان لها الاثر السلبي على اقتصاد دولة لجش، فقد أشارت النصوص الاقتصادية التي دونت في زمن الحاكم انتيمينا ان كمية الحنطة المزروعة قد تقلصت الى (سدس) محصول الحبوب، بسبب ارتفاع نسبة الملوحة بشكل سريع اثر على زراعة الحنطة وان سبب هذه الزيادة في الملوحة من زمن انتيمينا هي النزاعات المستمرة بين دولتي لجش واوما وتحكم اوما بمجرى المياه المتفرع من نهر الفرات وعدم تمكن دولة لجش من السيطرة على المنطقة الحدودية بما فيها قناة المياه الا لمدة مؤقتة، كما لم تتمكن لجش من منع اوما من وضع العراقيل امام القنوات  الفرعية التي كانت تسقي الحقول الزراعية، مما اضطر انتيمينا الى شق قناة من نهر دجلة حتى المنطقة الحدودية لايصال المياه للأراضي الزراعية(52).

ومن الامور التي يجدر الاشارة لها ان هذه العلاقة المتوترة والحروب المستمرة لها اثار قاسية على سكان لجش فقد تجاوز حكام لجش على حقوق المواطنين الشخصية وفرضوا اقصى الضرائب لغرض تجهيز الجيش بالسلاح، كذلك اضطر حكام لجش الى الاستيلاء على املاك المعبد من دون ان يواجهوا مقاومة كبيرة، وقد استمرت هذه السياسة حتى في اوقات السلم اذ اثبتت هذه السياسة  انها ذات منافع كبيرة للحكام وكبار الكهنة وقد كان المواطنون يلقون في  السجن في حالة عدم دفع الضرائب او يتهموا بجريمة معينة(53).

_________________________

(1) جين بوترو واخرون، الشرق الادنى الحضارات  المبكرة، المصدر السابق، ص 80.

(2) طه باقر واخرون، تاريخ العراق القديم، ج2، المصدر السابق، ص 60 و 90.

(3) فاضل عبد الواحد، السومريون والاكديون، المصدر السابق، ص 7؛ وينظر كذلك: فاضل عبد الواحد، المنجزات السياسية والعسكرية في عصر فجر السلالات السومرية، مجلة المورد، م 16، عدد 30، (بغداد، 1978)، ص 20-21.

(4) سامي سعيد الاحمد، العراق القديم، ج1، المصدر السابق، ص 332..

(5) طه باقر، المقدمة، ج1، المصدر السابق، ص 315.

(6) عبد الرزاق الحسني، العراق قديما وحديثا، (بغداد، مطبعة الجامعة، 1958)، ص78.

(7) طه باقر، المقدمة، ج1، المصدر السابق، ص 350.

(8) فوزي رشيد، ترجمات لنصوص سومرية ملكية، المصدر السابق، ص 17-18.

(9) المصدر نفسه، ص18.

(10) كو-ايدينا: هي المنطقة المحايدة بين لجش واوما والتي تعني (حافة السهل) وتسمى بـ(سهول لجش) وقد كانت كل منهما تحاول الاستيلاء عليها مما جعلها مصدر للمشاكل بين المدينتين. ينظر: صموئيل نوح كريمر، السومريون، المصدر السابق، ص 443؛ ينظر كذلك:

Jerrold S. Cooper, SARI, op.cit., p. 34.

(11) طه باقر، المقدمة، ج1، ص 315. ينظر كذلك: فوزي رشيد، الجيش والسلاح في عصر فجر السلالات، (بغداد، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1987)، ج1، ص 94. ينظر كذلك:

William W. Hallo, The Ancient Near East A history, op.cit, pp. 52-53.

(12) فوزي رشيد واخرون بحث ضمن كتاب تاريخ العراق قديمه وحديثه، المصدر السابق، ص 28. ينظر كذلك: محمد ابو المحاسن عصفور، موجز تاريخ الشرق الادنى، المصدر السابق، ص 274.

(13) طه باقر، المقدمة، ج1، المصدر السابق، ص 315.

(14) نص انتيمينا: اقدم تدوين تاريخي دون اخبار النزاع ما بين دولتي (اوما ولجش) بشكل مفصل من قبل زمن انتيمينا بثلاث اجيال وقد كتب في عهد انتيمينا ويعد اقدم وثيقة تاريخية خاصة بالمعاهدات وقد وثق هذا النص على مخروط فخاري. ينظر: طه باقر، المقدمة، ج1، المصدر السابق، ص 317. ينظر كذلك: عامر سليمان، احمد مالك الفتيان، المصدر السابق، ص 79.

(15) مسيليم: ملك كيش وسيد بلاد سومر لم يرد ذكر اسمه في اثبات الملوك وان زمنه يقع في عصر فجر السلالات الثاني، لقب نفسه الابن المحبوب للالهة ننخرساك كما لقب بلقب لوكال وقد كان مسيليم مسيطر على جميع ارجاء القطر اذ عثر على عدد من ادواته والتي تحمل نقوش كتابية في مدينة (ادب) وحكم قبل  جيل او جيلين من مجيء  اورنانشه وتأسيس سلالة لجش الاولى وبسبب العلاقة الودية بين الملك مسيليم ولجش وبأمر من الاله انليل وتحت رعاية الاله ساتران قام مسيليم بالوساطة وحل النزاعات الحدودية. ينظر: طه باقر، المقدمة، ج1، ص 304. ينظر كذلك: صموئيل نوح كريمر، السومريون، ص 70؛ و ليونارد وولي، وادي الرافدين مهد الحضارة، المصدر السابق، ص 52. ينظر شكل رقم (9). وينظر كذلك:

 J.N. Postgate, Early Mesopotamia, op.cit., p. 31

(16) ساتران: اله تسوية الخصومات. ينظر: صموئيل نوح كريمر، من الواح سومر، المصدر السابق، ص 94.

(17) شارا: اله اوما وحاميها وقد اثر تاثيرا مهما في حياة سومر القديمة وقد اطلق لوكال زاكيزي على مدينة اوما (مدينة شارا العزيزة) ينظر: نجيب ميخائيل ابراهيم، مصر والشرق الادنى، حضارة العراق القديمة، مصدر سابق، ص 147.

(18) طه باقر، المقدمة، ج1، ص 317. ينظر كذلك:

L. Delaport, Mesopotamia the Babylonian and Assyrian Civilization, op.cit, p. 24

(19) هنري فرانكفورت واخرون، ما قبل الفلسفة، المصدر السابق، ص 230-231. ينظر كذلك: رالف لنتون، شجرة الحضارة، ترجمة: احمد فخري، (مصر، دار الكتاب العربي، 1955)، ص 225؛ وينظر:

Morris Jastrow, The Civilization of Babylonia and Assyria, op.cit., p. 126.

(20) فوزي رشيد، ترجمات لنصوص ملكية سومرية، المصدر السابق، ص 23. ينظر كذلك: صموئيل نوح كريمر، السومريون، المصدر السابق، ص 447.

(21) طه باقر، المقدمة، ج1، المصدر السابق، ص 319. ينظر كذلك:

Morris Jastrow, The Civilization of Babylonia and Assyria, op.cit., p.126

وينظر:                                    Jerrold S. Cooper, SARI, op.cit., pp.34-35.

(22) اوش (Ush): حاكم اوما الذي نقض معاهدة الصلح مع لجش حول سهل كو ايدينا والتي تمت بأشراف مسيليم ويحتمل ان اوش كان قد عاصر (اكوركال) حاكم لجش. ينظر: فوزي رشيد، ترجمات لنصوص سومرية ملكية، المصدر السابق، ص 225.

(23) صموئيل نوح كريمر، السومريون، المصدر السابق، ص 75؛ ينظر كذلك:

Jack N. Sasson, Civilization of the Ancient Near East, Vol.1, II, (America, 2001), p. 846.

(24) صموئيل نوح كريمر، السومريون، المصدر السابق، ص 450.

(25) سيتون لويد، الرافدان، موجز تاريخ العراق منذ اقدم العصور حتى الان، المصدر السابق، ص49.

(26) صموئيل نوح كريمر، السومريون، المصدر السابق، 446.

(27) لوما (Luma): قناة حفرها اياناتم على حدود لجش (لنينجرسو) واطلق عليها (لوماجيمدوج) أي جيدة. ينظر: كريمر، السومريون، المصدر السابق، ص73. 

(28) طه باقر، المقدمة، ج1، المصدر السابق، ص 317.

(29) صموئيل نوح كريمر، السومريون، المصدر السابق، ص 444.

(30) طه باقر، المقدمة، ج1، المصدر السابق، ص 317. ينظر كذلك: ج.ل. سايرز، فجر التاريخ، ترجمة: علي عزة الانصاري، (القاهرة، مكتبة الشرق الاوسط، 1962)، ص95؛ وينظر كذلك:

Morris Jastrow, The Civilization of  Babylonia and Assyria, op.cit., p.128.

(31) عامر سليمان، العلاقات السياسية الخارجية، بحث ضمن كتاب حضارة العراق، (بغداد، دار الحرية للطباعة، 1985)، ج2، ص116.

(32) Morris Jastrow, The Civilization Babylonia and Assyria, op.cit., p. 129

(33) سامي سعيد الاحمد، العراق القديم، ج2،  المصدر السابق، 270. وينظر كذلك: يوسف رزق الله غنيمة، محاضرات في مدن العراق، المصدر السابق، ص 44.

(34) صموئيل نوح كريمر، السومريون، المصدر السابق، ص 450.

(35) طه باقر، المقدمة، ج1، المصدر السابق، ص 318. ينظر كذلك: صموئيل نوح كريمر، السومريون،  المصدر السابق، ص 74-75. 

(36) ال: احد كهنة معبد (زبلام) المعبد الرئيسي في مدينة اوما ويحتمل ان انتيمينا هو الذي ازاح الحاكم السابق (اور-لما) ونصب بن اخيه (ال) ينظر: موريس لامبرت، عصر ما قبل سرجون، المصدر السابق، ص 59.

(37) صموئيل نوح كريمر، من الواح سومر، ص 97-98.

(38) طه باقر، المقدمة، ج1، المصدر السابق، ص 318. ينظر كذلك: عامر سليمان واحمد مالك الفتيان، محاضرات في التاريخ القديم، المصدر السابق، ص 79. 

(39) عبد الكريم عبد الله، ملامح الوجود السامي في جنوب العراق، المصدر السابق، ص 74.

(40) زبلام: تعرف حاليا باسم  ابزيخ وتقع على بعد بضع كيلومترات الى الشمال الشرقي من اوما. ينظر: فوزي رشيد، الشرائع العراقية القديمة، المصدر السابق، ص 226.

(41) صموئيل نوح كريمر، السومريون، المصدر السابق، ص 451.

(42) عبد الرضا الطعان، الفكر السياسي في العراق القديم، المصدر السابق، ص 480.

(43) سامي سعيد الاحمد، السومريون، المصدر السابق، ص 34. ينظر كذلك: هاري ساكز، عظمة بابل، المصدر السابق، ص  64.

- استخدمت في بلاد الرافدين انواع مختلفة من التحصينات الدفاعية لحماية المدن والمستوطنات السكنية فكان حفر الخنادق والانهار بمسارات واعماق مختلفة وبناء الاسوار كوسائل دفاعية الا ان ذلك لم يكن عائق في مواجهة نزعة السيطرة والتوسع. ينظر: محمد طه الاعظمي، دراسات في التاريخ والاثار، جمعية المؤرخين والآثاريين في العراق، عدد 7، (بغداد، 2001)، ص41.

(44) صموئيل نوح كريمر، السومريون، المصدر السابق، ص 451.

(45) طه باقر، المقدمة، ج1، المصدر السابق، ص 318.

(46) فاضل عبد الواحد، سومر اسطورة وملحمة، المصدر السابق، ص 66. ينظر كذلك: عامر سليمان، القانون في العراق القديم، المصدر السابق، ص 106.

(47) تيومينيف، الاشخاص العاملون في مزرعة معبد با-ؤو  في لجش خلال عصري لوكالندا واوروكاجينيا، المصدر السابق، ص 170.

(48) فاضل عبد الواحد، من الواح سومر الى التوراة، المصدر السابق، ص 47-48.

(49) نيدابا (Nadaba): وهي اخت الاله ننجرسو كما هي اخت الالهة نانشه وتسمى نيسابا ومركز عبادتها (اوما) وكان حكام اوما يعدون نيسابا هي ربة الكتابة اذ تمثلها صورها وهي تمسك القلم كما وتعد نيسابا من الهة الطبيعة رمزها حبة القمح ومن ثم فهي سبب وجود المدن لانها هي التي دفعتها للنشوء والاستقرار. ينظر: نجيب ميخائيل ابراهيم، مصر والشرق الادنى القديم، حضارة العراق القديمة، (مصر، دار المعارف، 1961)، ص 146.

(50) صموئيل نوح كريمر، السومريون، المصدر السابق، ص 77.

(51) طه باقر، تاريخ العلوم والمعارف في الحضارات القديمة والحضارة العربية الاسلامية، (بغداد، مطبعة الجامعة، 1980)، ص 15.

(52) فوزي رشيد، الملك حمورابي مجدد وحدة البلاد، (بغداد، دار الحرية للطباعة والنشر، 1991)، ص 22.

(53) عامر سليمان، القانون في العراق القديم، المصدر السابق، ص 143.




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).