أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-10-2016
2710
التاريخ: 30-10-2016
994
التاريخ: 30-10-2016
1174
التاريخ: 1-11-2016
3638
|
مدينة كيش التي أصبحت مملكة مستقلة في العصر البابلي القديم (2004-1595 ق.م) تقع على بعد 10كم شرق مدينة بابل(1)، وكانت من المدن المهمة خلال عصر فجر السلالات، حيث تذكر جداول الملوك السومرية "أن الملوكية هبطت من السماء من بعد الطوفان وحلّت في مدينة كيش وانتقلت منها إلى مدينة الوركاء"، وقد خصصت هذه الجداول ثلاثة وعشرين ملكاً وقد وردت عن عدد منهم قصص وأساطير. وتعد مدينة كيش مركز أول سلالة حكمت بعد الطوفان في تاريخ حضارة بلاد الرافدين(2)، وبقيت مدينة كيش تتمتع بدورها المتميز لكونها واحدة من المدن المهمة خلال العصر الاكدي وكذلك خلال عصر سلالة أور الثالثة وصولاً إلى العصر البابلي القديم، حيث تمكنت بعض القبائل الأمورية خلال زمن الموجة الأولى 2037-2004) من الاستيطان وتأسيس سلالة حاكمة في كيش(3)وكان (أشدون-أرم Ašudun-Arimق.م (1950-1936 ق.م) اول ملوكها(4) وقد نجح في ضم مدينة بابل لحدود مملكته(5)، كما انه ترك بعض النصوص التاريخية التي أطلق فيها على نفسه الألقاب منها "ملك الجهات الأربع" و"ملك كيش" ويذكر دحره لأعداء له حاربهم لمدة ثمان سنوات منذ اعتلائه العرش مما يدل على صعوبات كثيرة لاقاها عند اعتلائه الحكم في كيش بحيث لم يبقِ معه سوى ثلاثمائة رجل(6).
ونعتقد بان الالقاب التي اتخذها الملك "اشدون-ارم" والحرب الطويلة التي استمرت ثمان سنوات وتناقص اعداد المقاتلين معه كلها معلومات يمكن اعتبارها موثوقة اذ ما نظرنا إلى القوى الكبرى التي دخل في صراع معها والتي توزعت على جهات مختلفة ففي الشمال نجد مملكة "آشور"، وفي الجنوب مملكتي "إيسن ولارسا" وفي الشرق مملكة "أشنونا"، ولعل تصدي الملك "اشدون-ارم" لتلك القوى ومنعها من احتلال مملكته دفعه إلى اتخاذ مثل تلك الالقاب.
ان سيطرة مملكة كيش على بابل لم تستمر طويلاً إذ تمكن (سوم-أبم Sumu-Abumق.م 1894-1881)وهو احد الشيوخ الاموريين من الاستقلال في بابل(7) وكان يعاصره خلال مدة حكمه والتي بلغت اربعة عشر عاماً(8) ملك كيش (ياويؤم Yawiumق.م 1892-1884) والذي حكم مدة تسع سنوات تمكن خلالها من توسيع رقعة مملكته باتجاه أشنونا(9)، ولكن "ياويؤم" لم يتمكن من الوقوف بوجه ملك بابل "سومو-آبم" وتطلعاته في ضم المزيد من الاراضي والمدن إلى مملكته، حيث تمكن من بسط سيطرته على مملكة كيش وذلك في السنة العاشرة من حكمه، ثم قام في نفس السنة ببناء سور كبير حولها(10)، وبقيت كيش تتمتع باستقلال شبه ذاتي وكان يدير شؤونها حاكم محلي يتبع لملك بابل، لكن لم تمضِ سنة واحدة على ذلك حتى قام ملك لارسا القوي (سومو-آيل Sumu-elق.م 1894-1866) من مد نفوذه نحو المناطق التابعة لمملكة بابل حيث تمكن من الاستيلاء على كيش وذلك في السنة الحادية عشرة من حكمه وقد اكدت النصوص الاقتصادية التجارية المؤرخة في عهده ذلك الحدث(11)، ويبدو ان سيطرة مملكة لارسا على كيش لم تستمر طويلاً، اذ سرعان ما تخلصت كيش من تلك السيطرة ونالت استقلالها من جديد ربما بمساعدة مملكة بابل على الرغم من ان مملكة كيش كانت لا تتردد في ولائها لهذه المملكة او تلك(12)، ثم اعتلى (سومو-لئيل Sumu-Laelق.م 1880-1845) عرش الحكم في مملكة بابل وهو لم يكن احد ابناء "سومو-آبم" ولا تعرف صلته به، وربما كان "سومو-لئيل" احد الشيوخ الاموريين المتنفذين استطاع الوصول إلى العرش من خلال قيامه بثورة في بابل سيطر فيها على المملكة وأسس سلالة حاكمه جديدة فيها ودام حكمه ستة وثلاثين عاماً(13)، ولم يتبع هذا الملك سياسة سابقه العسكرية في سنوات حكمه الاولى، وربما قصد من ذلك عدم اثارة الممالك القوية القائمة انذاك في العراق القديم لذلك وجه اهتمامه الكبير صوب مملكة بابل وركز جهوده في متابعة شؤون الري وشق القنوات التي تشكل العمود الفقري للزراعة، كما انه لم يهمل الجوانب العمرانية الاخرى في المملكة حيث قام ببناء معبد الإله (أدد Adad) وأقام عرشاً للاله (مردوخ Marduh) من الاخشاب المطعمة بالذهب والفضة(14)، كما قام في سنة حكمه الخامسة بتشييد سور حول مدينة بابل(15) وتكشف اعمال هذا الملك عموماً عن اهتمامه باقتصاد المملكة ورفع كفاءتها وقدراتها الاقتصادية والدفاعية استعداداً لخطوات مقبلة بدأ بتنفيذها فعلاً منذ السنة الثالثة عشره من حكمه حيث قام في هذه السنة من تجهيز حملة عسكرية كبيرة ضد مملكة كيش والتي يبدو انها قد اعلنت الانفصال والاستقلال عن سلطة مملكته، وقد انتهت تلك الحملة بتدمير اسوار مملكة "كيش" والاستيلاء عليها(16)، الامر الذي اجبر حاكمها(سومو-يموت-بال Sumu-Yamut-balق.م 1870-1861) على قبول توقيع المعاهدة بينه وبين ملك بابل "سومو-لئيل" تلتزم بموجبها مملكة "كيش" على عدم التمرد واعلان الاستقلال والتحالف مع الممالك الاخرى ضد مملكة بابل، مقابل ذلك تلتزم مملكة بابل بحماية مملكة كيش من التهديدات والاخطار الخارجية اضافة إلى منحها استقلالاً محدوداً، وعلى الرغم من انه لم يتم العثور على نص هذه المعاهدة، ولكن تم الاستدلال عليها من خلال لوح تم العثور عليه خلال التنقيبات التي جرت في مدينة كيش اذ يذكر اللوح:
"Warkat šanat Sumu-la-el
Sumu-Yamut-ba [L] Simdatam
Iškunu)") (17)
وهذا يعني ان معاهدة عقدت بين "سومو-لئيل" و"سومو-يموت-بال" وجاء هنا مصطلح (صمدا تام Simdatam) بمعنى معاهدة، ولكنه بعد مرور سنتين على توقيع تلك المعاهدة اعلنت مملكة كيش من جديد استقلالها وتمردها على ملك بابل(18) ويبدو ان السبب الذي يكمن وراء حالة اعلان الانفصال والاستقلال المتكررة بالنسبة لمملكة كيش يرجع إلى كونها من الممالك التي تتمتع باستحكامات دفاعية دائمية الامر الذي يعطي ابناءها ثقة كبيرة في الدفاع عنها، كما يصعب على الجيش او القوات المهاجمة احتلالها بسهولة، وهذا ما دفع الملك "سومو-لئيل" في سنة حكمه السادسة عشرة من احتلالها وتدمير اسوارها بعد ان ثارت ضده مرات عديدة(19)، كما انه أرخ سنة حكمه التاسعة عشرة بحادثة تدمير اسوار مملكة كيش والتي اصبحت بعد هذه السنة تابعة لمملكة بابل وبشكل نهائي(20)، وقد استمرت سيطرة مملكة بابل على كيش خلال مدة حكم ملوك بابل وهم (سابيئم Sabiumق.م 1844-1831) و(آبيل-سين Apil-Sinق.م 1830-1813) و (سين-مبلط Sin-Muballitق.م 1812-1793 ق.م)، والملك (حمورابي Hammurabiق.م 1792-1750 ق.م)، كما قام الملك (سمسو-أيلونا Samsu-Ilunaق.م 1749-1712 ق.م) باعادة بناء سور مدينة كيش وذلك في السنة الرابعة والعشرين من حكمه(21).
__________________
(1) صالح، قحطان رشيد، المصدر السابق، ص206، كذلك ينظر خارطة رقم (5).
(2) باقر, طه, مقدمة..., ج1, ص303.
(3) Gelb, I.J., JCS, 15/1 (1961), PP.44-45.
(4) Edzard. D.O., ZZB, P. 130.
(5) بوتيرو، جين وآخرون، تاريخ الشرق الادنى الحضارات المبكرة...، ص186.
(6) ديلابورت, ل, المصدر السابق, ص44.
(7) الاعظمي، محمد طه، المصدر السابق، ص41.
(8) ساكز، هاري، عظمة بابل...، ص82.
(9) Harris, R., JCS. 9/2(1955), P.49. كذلك ينظر الجدول التعاصري، ص154.
(10) Sigrist, M. & Peter. D., Mesopotamian year names…, P. 25.
(11) Leemans, w., Foreign trade in the Old Babylonian period, P. 27.
(12) حداد، جورج، المصدر السابق، ص122-123.
(13) لم يذكر حمورابي اسم "سومو-آبم" ضمن من عددهم من اجداده في مقدمة قانونه بل يقف عند جده الأعلى "سومو-لئيل"، وكذلك فعل "امي-ديتانا" تاسع ملوك هذه السلالة عند ذكره لنسبه للمزيد ينظر:
Driver, G.R., and Miles, J., the Babylonian Laws, Vol.1 (Oxford, 1968), PP. 10-15, (= BL).
(14) Horsnell, M.J.A., Op. Cit., P. 112.
(15) Sigrist, M. & Peter. D., Mesopotamian year names…, P. 29.
(16) الأحمد، سامي سعيد ، حضارة العراق، ج2، ص190.
(17) Yuhong, Wu., Op. Cit., P.53
(18) ديلابورت, ل, المصدر السابق, ص44.
(19) Mercer, S.A., SBYF. P. 31.
(20) فيلكه، كلاوس، "قانون البيع وتاريخ جيران بابل"، سومر، مجلد41، عدد خاص،
(بغداد،1985)، ص120.
(21) باقر، طه، مقدمة ... ، ج1، ص551، كذلك ينظر خارطة رقم (5).
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
قسم التربية والتعليم يكرّم الطلبة الأوائل في المراحل المنتهية
|
|
|