أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-09-2014
15222
التاريخ: 29-09-2015
13510
التاريخ: 8-12-2015
15571
التاريخ: 2024-11-13
149
|
عقد الاستاذ الذهبي بابا ذكر فيه الجدل بين فريقين ، يرى احدهما : ان النبي (صلى الله عليه واله) قد بين لأصحابه معاني القرآن كله افرادا وتركيبا ويتراس هذا الفريق احمد بن تيمية ، كان يرى ان النبي (صلى الله عليه واله) بين جميع معاني القرآن كما بين الفاظه ، لقوله تعالى : {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل : 44] فانه يشمل الالفاظ والمعاني جميعا (1) .
والفريق الثاني ـ ويتراسهم الخويي والسيوطي ـ : يرون انه لم يبين سوى البعض القليل ، وسكت عن البعض الاخر ، ثم فرض لهم دلائل ، اهمها ما اخرجه البزاز عن عائشة ، قالت : ما كان رسول اللّه (صلى الله عليه واله) يفسر شيئا من القرآن الا آيا بعدد ، علمه اياهن جبريل (2) .
واسهب في النقض والابرام ، واخيرا نسب كلا من الفريقين الى المغالاة ، واختار هو وسطا بين الرأيين ـ فيما حسب ـ وان النبي (صلى الله عليه واله) بين الكثير دون الجميع ، وترك ما استأثر اللّه بعلمه ، وما يعلمه العلماء ، وتعرفه العرب بلغاتها ، مما لا يعذر احد في جهالته قال : وبديهي ان النبي (صلى الله عليه واله) لم يفسر ما يرجع فهمه الى معرفة كلام العرب ، كما لم يفسر ما استأثر اللّه بعلمه ، كقيام الساعة وحقيقة الروح ، مما يجري مجرى علم الغيوب التي لم يطلع اللّه عليها نبيه (3) .
قلت : لم اجد ، كما لا اظن احدا ذهب الى ان النبي (صلى الله عليه واله) لم يبين من معاني القرآن سوى البعض القليل وسكت عن الباقي (الكثير طبعا) ، بعد الذي قدمنا ، وبعد ذلك الخضم من تفاصيل الاحكام والتكاليف التي جات في الشريعة ، وكانت تفسيرا وبيانا لما ابهم في القرآن من تشريعات جات مجملة وبصورة كلية ، فضلا عما بينه الرسول وفضلا صحابته والعلماء من اهل بيته ، شرحا لمعضلات القرآن وحلا لمشكلاته .
اما الذي نسبه الى شمس الدين الخويي (4) وجلال الدين السيوطي ، من ذهابهما الى ذلك ، فان كلامهما ناظر الى جانب المأثور من تفاسير الرسول ، المنقول بالنص فانه قليل (5) ، لو اغفلنا ما رويناه بالإسناد اليه (صلى الله عليه واله) عن طرق اهل البيت الائمة من عترته الطاهرة ـ صلوات اللّه عليهم ـ كما اغفله القوم ، والا فالواقع كثير وشامل ، ولا سيما اذا ضممنا تفاصيل الشريعة (السنة الشريفة ) الى ذلك المنقول من التفسير الصريح .
وقد جعل السيوطي جل تفاصيل الشريعة الواردة في السنة تفسيرا حافلا بمعاني القرآن ومقاصده الكريمة ونقل عن الامام الشافعي : ان كل ما حكم به رسول اللّه (صلى الله عليه واله) فهو مما فهمه من القرآن وبينه ، وقال (صلى الله عليه واله) : الا اني اوتيت القرآن ومثله معه ، يعني السنة واخيرا نقل كلام ابن تيمية الانف ، وعقبه بالتأييد ، بما اخرجه احمد وابن ماجة عن عمر ، انه قال : من آخر ما نزل آية الربا ، وان رسول اللّه (صلى الله عليه واله) قبض قبل ان يفسرها قال السيوطي : دل فحوى الكلام على انه (صلى الله عليه واله) كان يفسر لهم كل ما انزل ، وانه انما لم يفسر هذه الاية ، لسرعة موته بعد نزولها ، والا لم يكن للتخصيص بها وجه (6) .
واما حديث عائشة ـ لو صح السند ، ولم يصح كما قالوا ـ (7) فهو ناظر الى جانب رعاية الترتيب في تفسير الاي ، اعدادا فأعدادا ، او حسب عدد الاي التي كان ينزل بها جبرائيل وهذا يشير الى نفس المعنى الذي رويناه عن ابن مسعود وتلميذه السلمي ، وقد نقله ابن تيمية نقلا بالمعنى قال السلمي : حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن ، انهم كانوا اذا تعلموا من النبي (صلى الله عليه واله) عشر آيات ، لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا (8) .
قال الخطيب : هذا اقدم نص تاريخي عرفنا به الطريقة التي كان يتعلم بها المسلمون الاولون ، كانوا لا يعنون بالإكثار من العلم الا بعد اتقان ما يتعلمونه منه ، وبعد العمل به (9) .
_______________________________
1- راجع : مقدمته في اصول التفسير ، ص 5 ـ 6.
2- تفسير ابن كثير ، ج1 ، ص 6 وتفسير الطبري ، ج1 ، ص 29.
3- التفسير والمفسرون ، ج1 ، ص 53 ـ 54.
4- هو ابو العباس احمد بن خليل المهلبي الخويي (583 ـ 637) صاحب الامام الرازي والمتمم لتفسيره ولد في خوي من اعمال آذربيجان ، وتعلم بها وبخراسان ، ثم ولى قضاء دمشق وتوفي بها.
5- قال الخويي : واما القرآن فتفسيره على وجه القطع لا يعلم الا بان يسمع من الرسول (صلى الله عليه وآله) وذلك متعذر الا في آيات قلائل (الاتقان ، ج4 ، ص 171). وقال السيوطي ـ عند بيان مخذ التفسير ـ : الذي صح من ذلك (المنقول عن النبي ) قليل جدا (الاتقان ، ج4 ، ص 181).
6- الاتقان ، ج4 ، ص 174 و175 و258.
7- ذكروا انه حديث منكر غريب ، والاستدلال به باطل (التفسير والمفسرون ، ج1 ، ص 55).
8- راجع : رسالة الاكليل ، المطبوعة ضمن المجموعة الثانية من رسائل ابن تيمية ، ص 32.
9- هامش مقدمة ابن تيمية في اصول التفسير ، ص 6.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|