أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-09-2015
11755
التاريخ: 19-07-2015
9573
التاريخ: 24-09-2014
8041
التاريخ: 13-12-2015
11944
|
قال تعالى : {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [التوبة : 34].
لقد كثر الكلام حول هذه الآية ، حتى ان بعضهم استدل بها على ثبوت الاشتراكية في الإسلام ، وشطح آخرون في زعمهم ان أبا ذر كان اشتراكيا ، لأنه كان يهدد بهذه الآية الذين استأثروا بمال اللَّه دون عياله . . وفيما يلي نعرض معنى الآية ، وكل ما يتصل به من قريب أو بعيد ، وفي ضوئه نحاكم قول من استدل بالآية على اشتراكية أبي ذر .
1 - قال معاوية بن أبي سفيان : هذه الآية نزلت في أهل الكتاب ، ولا تشمل المسلمين ، أي ان للمسلمين في نظره ان يكنزوا من المال ما يشاؤون ولا ينفقوا منه شيئا في سبيل اللَّه ، ونقل هذا القول عن عثمان بن عفان . . فعن « الدرّ المنثور » للسيوطي ان عثمان لما كتب المصاحف أرادوا ان يحذفوا الواو من قوله تعالى : { والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والْفِضَّةَ} ليكون الكانزون صفة للأحبار والرهبان ، فعارض بعض الصحابة ، وقال : لتلحقن الواو ، أو لأضعن سيفي على عاتقي فألحقوها .
والصحيح ان الآية تشمل كل من يكنز المال ولا ينفقه في سبيل اللَّه مسلما كان أو غير مسلم عملا بعموم اللفظ ، فقد روي عن زيد بن وهب انه مر بالربذة ، فرأى أبا ذر ، قال له : ما أنزلك هنا ؟ قال : كنت بالشام ، فقرأت والذين يكنزون الذهب والفضة ، فقال معاوية : ليست هذه الآية فينا ، انها في أهل الكتاب ، فقلت : انها فينا وفيهم ، فشكاني إلى عثمان ، فأبعدني إلى حيث ترى .
2 - الكنز في اللغة الجمع ، يقال : كنز المال إذا جمعه ، ولفظ الذهب والفضة خاص ، ولكن الحكم عام يشمل المال بشتى أصنافه ، حتى الأرض والمعادن والشجر والبناء والماشية والمعامل والمراكب ، لأن الذين هددهم اللَّه بعذاب أليم هم الأثرياء الأشحاء ، وليس خصوص مالكي الذهب والفضة المضروبين نقدا . . والا كان ملوك النفط ومن إليهم أسعد الناس وأكرمهم عند اللَّه دنيا وآخرة ، والذي يدلنا على إرادة العموم انه لما نزلت هذه الآية كبر ذلك على المسلمين ، لأنهم فهموا منها جميع الأموال ، ولما سألوا النبي (صلى الله عليه واله) أقرهم على فهمهم ، وقال لهم : ان اللَّه لم يفرض الزكاة إلا ليطيّب بها ما بقي من أموالكم ، وإنما فرض المواريث عن أموال تبقى بعدكم .
3 - الإنفاق في سبيل اللَّه يشمل الجهاد للدفاع عن الدين والوطن ، وبناء المدارس والمصحات ودور الأيتام ، والصدقات على الفقراء ، والإنفاق على الأهل والعيال ، وأفضل موارد الإنفاق ما فيه إعزاز الحق وأهله .
4 - أجمعت المذاهب الأربعة على انه ليس في المال حق غير الزكاة .
( احكام القرآن لأبي بكر المعافري الأندلسي ) . وقال أكثر فقهاء الشيعة الإمامية :
ليس في المال حق غير الخمس والزكاة . وقال الشيخ الطوسي : ان فيه حقا آخر ، وهو ما أشار إليه الإمام جعفر الصادق بقوله : ان اللَّه فرض في أموال الأغنياء حقوقا غير الزكاة ، لأنه قال : {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ } [الذاريات : 19] . والحق المعلوم هو شيء يفرضه الرجل على نفسه بقدر طاقته وسعته ، فيؤدي الذي فرض ، ان شاء في كل يوم ، أو في كل جمعة ، أو في كل شهر ، قلّ أو كثر غير انه يداوم عليه . . ولكن قول الإمام : ( يفرضه الرجل على نفسه ) يشعر بالاستحباب ، لا بالوجوب لأن الواجب فرض من اللَّه لا من سواه .
والذي نراه - بعد ان تتبعنا آي الذكر الحكيم - ان على الأغنياء وجوبا لا استحبابا ان يبذلوا من أموالهم - غير الخمس والزكاة - للدفاع عن الدين والوطن عند الاقتضاء ، وعلى ولي المسلمين ان يجبرهم على ذلك ، بل وعلى الجهاد بالنفس إذا اقتضت الحال . وآيات هذا الباب تعد بالعشرات .
5 - {يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وجُنُوبُهُمْ وظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ) [التوبة : 35]. هذا كناية عن شدة العذاب وهوله ، وهو نظير الآية 180 من سورة آل عمران : {سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ } .
6 - تبين مما قدمنا ان الآية تدل نصا وفحوى على ان الأغنياء يجب عليهم أن ينفقوا جزءا من أموالهم في سبيل اللَّه ، وان من أمسك يده عن الإنفاق عاقبه اللَّه بالعذاب الأليم ، أما مقدار هذا الجزء ، وهل هو الخمس أو العشر ، أر أقل أو أكثر ، أو هو من الزكاة أو من غيرها ، اما هذا فلا تدل عليه الآية بالعبارة ولا بالإشارة ، فأين - إذن - مكان الدلالة فيها على الاشتراكية ؟ . ان الاشتراكية نظام اقتصادي ينظر قبل كل شيء إلى وسائل الانتاج كالأرض وما إليها ، ويحدد مالكها ، ثم ينظر إلى الانتاج نفسه وطرق نموه وزيادته وكيفية توزيعه . . وهذا شيء . وحث الأغنياء على البذل شيء آخر .
وبهذا يتبين ان قول من قال : ان أبا ذر كان اشتراكيا لأنه هدد الأغنياء بهذه الآية ، يتبين ان هذا القول خطأ واشتباه . . ان أبا ذر لا يعرف الاشتراكية ، ولا شيء إلا الإسلام ، مثله في ذلك مثل أي مسلم ، ولكنه كان مخلصا لدينه ، أخلص للإسلام ، ونبذ الأطماع والأغراض . وهذا التجرد والإخلاص هو الذي جرأه على ان يتحدى قريشا ، ويسخر من آلهتهم يوم أسلم ، حيث وقف في الكعبة مناديا بأعلى صوته : لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه . . نادى بكلمة الإسلام على رؤوس قريش يوم لا حول ولا قوة للمسلمين ، ولا يجرأ أحد منهم على النطق باسم اللَّه الواحد ومحمد إلا في الخفاء . . وتكرر منه هذا الموقف ، وأعاد نفسه مع عثمان ومعاوية ، وكما لاقى من المشركين الضرب الدامي ، فقد لاقى من عثمان الطرد والنفي . . ولكنه لم يأبه ، لأنه ما غضب في حياته كلها إلا للَّه وحده .
والخلاصة ان كل ما فعله أبو ذر انه طالب الفئة الحاكمة بالعدل وإنصاف المحكومين ، وخوّفها من العذاب الأليم ، وحث المظلومين على مقاومة الظالمين ، واسترداد حقوقهم ممن ظلمهم . . فأين هذا من الاشتراكية ؟ . وتكلمنا عن نسبة الاشتراكية لأبي ذر في كتاب « مع الشيعة الإمامية » بعنوان « هل أبو ذر اشتراكي » ؟
وفي كتاب « مع علماء النجف الأشرف » بعنوان « أبو ذر » .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|