أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-10-2016
1569
التاريخ: 18-6-2022
1449
التاريخ: 23-2-2022
1510
التاريخ: 7-10-2016
1664
|
الحسد من الأمراض المهلكة للنفوس ، فاعلم أن أمراض النفوس لا تداوى إلا بالعلم و العمل , و العلم النافع لمرض الحسد أن تعرف أنه يضرك في الدين و الدنيا، و لا يضر محسودك فيهما، بل ينتفع به فيهما.
ومهما عرفت ذلك عن بصيرة و تحقيق ، ولم تكن عدو نفسك لا صديق عدوك ، فارقت الحسد.
وأما أنه يضر بدينك و يؤدى بك إلى عذاب الأبد وعقاب السرمد فلما علمت من الآيات و الأخبار الواردة في ذمه و عقوبة صاحبه ، و لما عرفت من كون الحاسد ساخطا لقضاء اللّه تعالى ، و كارها لنعمه التي قسمها لعباده ، و منكرا لعدله الذي أجراه في ملكه.
ومثل هذا السخط و الإنكار لإيجابه الضدية و العناد لخالق العباد ، كاد أن يزيل أصل التوحيد و الإيمان فضلا عن الإضرار بهما , على أن الحسد يوجب الغش و العداوة بالمؤمن ، و ترك نصيحته و موالاته و تعظيمه و مراعاته و مفارقة أنبياء اللّه و أوليائه في حبهم الخير و النعمة له ، و مشاركة الشيطان و أحزابه في فرحهم بوقوع المصائب و البلايا عليه ، و زوال النعم عنه , و هذه خبائث في النفس ، تأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.
وأما أنه يضرك في الدنيا ، لأنك تتألم و تتعذب به ، ولا تزال في تعب و غم و كد و هم ، إذ نعم اللّه لا تنقطع عن عباده و لا عن أعدائك ، فأنت تتعذب بكل نعمة تراها لهم ، وتتألم بكل بلية تنصرف عنهم ، فتبقى دائما مغموما محزونا ، ضيق النفس منشعب القلب ، فأنت باختيارك تجر إلى نفسك ما تريد لأعدائك و يريد أعداؤك لك.
وما أعجب من العاقل أن يتعرض لسخط اللّه و مقته في الآجل ، و دوام الضرر و الألم في العاجل فيهلك دينه و دنياه من غير جدوى و فائدة.
وأما أنه لا يضر المحسود في دينه و دنياه فظاهر، لأن النعمة لا تزول عنه بحسدك.
إذ ما قدره اللّه من النعم على عباده لا بد أن يستمر إلى وقته و لا ينفع التدبير و الحيلة في دفعه لا مانع لما أعطاه ولا راد لما قضاه : {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} [الرعد : 38] . {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد : 8].
ولو كانت النعم تزول بالحسد ، لم تبق عليك و على كافة الخلق نعمة ، لعدم خلوك و خلوهم عن الحسد ، بل لم تبق نعمة الإيمان على المؤمنين ، إذ الكفار يحسدونهم ، كما قال اللّه سبحانه : {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ } [آل عمران : 69].
ولو تصورت زوال النعمة عن محسودك بحسدك ، وعدم زوالها عنك بحسد حاسدك ، لكنت أجهل الناس و أشدهم غباوة , نعم ، ربما صار حسدك منشأ لانتشار فضل المحسود ، كما قيل :
و إذا أراد اللّه نشر فضيلة طويت ، أتاح لها لسان حسود
فإذا لم تزل نعمته بحسدك ، لم يضره في الدنيا ، و لا يكون عليه إثم في الآخرة.
وأما أنه ينفعه في الدين ، فلذلك ظاهر من حيث كونه مظلوما من جهتك ، (لا) سيما إذا أخرجك الحسد إلى ما لا ينبغي من القول و الفعل كالغيبة ، و البهتان ، و هتك ستره ، و إفشاء سره ، و القدح فيه ، و ذكر مساويه , فتحتمل بهذه الهدايا التي تهديها إليه بعضا من أوزاره و عصيانه و تنقل شطرا من حسناتك إلى ديوانه ، فيلقاك يوم القيامة مفلسا محروما عن الرحمة ، كما كنت تلقاه في الدنيا محروما عن النعمة , فأضفت له نعمة إلى نعمة ، و لنفسك نقمة إلى نقمة.
وأما أنه ينفعه في الدنيا ، فهو أن أهم أغراض الناس مساءة الأعداء و سوء حالهم ، وكونهم متألمين معذبين , ولا عذاب أشد مما أنت فيه من ألم الحسد , فقد فعلت بنفسك ما هو غاية مراد حسادك في الدنيا , و إذا تأملت هذا ، عرفت أن كل حاسد عدو نفسه ، و صديق عدوه , فمن تأمل في ذلك ، و تذكر ما يأتي من فوائد النصيحة و حب الخير و النعمة للمسلمين ، ولم يكن عدو نفسه ، فارق الحسد البتة.
وأما العمل النافع فيه ، فهو أن يواظب على آثار النصيحة التي هي ضده ، بأن يصمم على أن يكلف نفسه بنقيض ما يقتضيه الحسد من قول و فعل ، فإن بعثه الحسد على التكبر عليه ، ألزم نفسه التواضع له ، و إن بعثه على غيبته و القدح فيه ، كلف لسانه المدح و الثناء عليه ، و إن بعثه على الغش و الخرق بالنسبة إليه ، كلف نفسه بحسن البشر و اللين معه ، وإن بعثه على كف الإنعام عنه ، ألزم نفسه زيادته , و مهما فعل ذلك عن تكلف و كرره و داوم عليه انقطعت عنه مادة الحسد على التدريج , على أن المحسود إذا عرف منه ذلك طاب قلبه و أحبه ، و إذا ظهر حبه للحاسد زال حسده و أحبه أيضا ، فتتولد بينهما الموافقة ، و ترتفع عنهما مادة المحاسدة و هذا هو المعالجة الكلية لمطلق مرض الحسد , والعلاج النافع لكل نوع منه ، أن يقمع سببه ، من خبث النفس و حب الرئاسة و الكبر و عزة النفس و شدة الحرص.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|