أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-6-2016
12700
التاريخ: 3-12-2015
3794
التاريخ: 22-09-2014
3865
التاريخ: 23-04-2015
6649
|
هناك للمشركين مخاصماتٌ مع النبي ( صلّى الله عليه وآله ) دحرتها حجج القرآن الداحضة ، وقد أفحمتهم قوّة برهانه وبهرتهم روعة بيانه ، فكانت النهاية هي الرضوخ والاستسلام :
مع النضر بن الحارث :
قال ابن إسحاق : جلس رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ـ فيما بلغني ـ مع الوليد بن المغيرة في المسجد ، فجاء النضر بن الحارث حتّى جلس معهم ، وفي المجلس غير واحد من رجال قريش ، فتكلّم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، فعرض له النضر ، فكلّمه رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) حتّى أفحمه ، ثمّ تلا عليهم {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99) لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ } [الأنبياء : 98 - 100] (1).
مع عبد الله بن الزبعري :
ثمّ قام رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) وأقبل عبد الله بن الزبعري السهمي (2) ، وكان زعيماً من زعماء قريش ، حتّى جلس معهم ، فقال له الوليد بن المغيرة : والله ما قام ابن الحارث لابن عبد المطّلب آنفاً وما قعد ، وقد زعم محمّد أنّا وما نعبد من آلهتنا هذه حَصَب جهنّم !
قال ذلك في حالة تأثّر شديد !
فقال ابن الزبعري : أما والله ، لو وجدته لخصمته ! فسلوا محمّداً : أَكلُّ ما يعبد من دون الله في جهنّم مع مَن عَبَده ؟! فنحن نعبد الملائكة ، واليهود تعبد عزيراً ، والنصارى تعبد المسيح !
فعجب الوليد ومَن كان معه في المجلس من قول ابن الزبعري ! ورأوا أنّه قد احتجّ وخاصم ! فذُكر لرسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) من قول ابن الزبعري ، فقال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : إنّ كلّ من أحبّ أن يعبد من دون الله فهو مع مَن عَبَده ، إنّهم إنّما يعبدون الشياطين ، ومن أمرتهم بعبادته ! .
قيل : فنزلت بهذا الشأن : {مِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ.......} [الأنبياء : 24] .
مع أُبيّ بن خلف :
قال ابن إسحاق :
ومشى أُبي بن خلف بن وهب إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) بعَظم بالٍ قد ارفتّ فقال : يا محمّد ، أنت تزعم أنّ الله يبعث هذا بعد ما ارمَّ ؟ ثمّ فتّه في يده ، ثمّ نفخه في الريح نحو رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ! فقال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : نعم ، أنا أقول ذلك ، يبعثه الله وإيّاك بعد ما تكونان هكذا ، ثمّ يُدخلك الله النار ! (3) .
قيل : فانزل الله تعالى فيه :
{ أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلاّقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }[ يس : 77 ـ 83] .
مع الأسود بن المطّلب :
واعترض رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ـ وهو يطوف بالكعبة ـ الأسود بن المطّلب بن أسد ، والوليد بن المغيرة ، وأُميّة بن خلف ، والعاص بن وائل ، وكانوا ذوي أسنان في قومهم ، فقالوا : يا محمّد ، هلمّ فلنعبد ما تعبد ، وتَعبد ما نعبد ، فنشترك نحن وأنت في الأمر ، فإن كان الذي تعبد خيراً ممّا نعبد كنّا قد أخذنا بحظّنا منه ، وإن كان ما نعبد خيراً ممّا تعبد كنت قد أخذت بحظّك منه . قيل : فأنزل الله تعالى فيهم :
{بسم الله الرحمن الرحيم *قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ *وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 1 - 6].
قال ابن إسحاق : أي إن كنتم لا تعبدون الله إلاّ أن أعبد ما تعبدون فلا حاجة لي بذلك منكم ، لكم دينكم ولي ديني (4) .
مع أبي جهل بن هشام :
قال ابن إسحاق : لمّا ذكر الله عزّ وجلّ ( شجرة الزقّوم ) تخويفاً لمشركي قريش ، في قوله : {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ * ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ * إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ * فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ * وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ * وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ } [الصافات: 62 - 72] .
فقد أهاجت هذه الآيات القارعة من غلواء المشركين وجعلتهم حيارى مندهشينَ ، يخافون سوء العاقبة القريبة ! فعمد أبو جهل ـ على عادته ـ يحاول تهدئة هِياجهم المبرّح ، قائلاً : يا معشر قريش ، أو تدرون ما هي شجرة الزقّوم ، التي يخوّفكم بها محمّد ؟! إنّها عجوة يثرب بالزبد . فوالله لئن استمكنّا منها لنتزقمنّها تزقّماً قالها مستهزئاً لهِياجهم الثائر ! قيل : فانزل الله : {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ * يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ * خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ * إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ } [الدخان: 40 - 50].
قال ابن هشام : المهل كلّ شيء أذبته من نحاس أو رصاص وما أشبه (5) .
إنّ هذا ليس بكلام ، وإنّما هي صواعق مرعدة وقوارع دامغة ، تترى على أشلاء هامدة وبقايا أجساد متفتّتة ، لا تطيق تحمّلها حتّى وإن جهدت في المقاومة والعناد ، {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} [الحاقة: 7، 8].
وبذلك تتجسّد معجزة هذا الكلام وسحره في أُسلوبه هذا الباهر وسلطانه هذا القاهر .
___________________________
1- سيرة ابن هشام : ج1 ص384 . والحَصَب هو الحطب : كلّ ما أوقدت به النار .
2- كان من شعراء العرب وخطباءهم العبقريّين ، وشعره في قصّة أصحاب الفيل معروف ، ( راجع سيرة ابن هشام : ج1 ص59 ) .
3- سيرة ابن هشام : ج1 ص387 .
4-الروض الأَنف : ج2 ص108 .
5- سيرة ابن هشام : ج1 ص388 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|