أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-12-2021
2046
التاريخ: 20-6-2022
1414
التاريخ: 2024-05-26
703
التاريخ: 3-4-2022
2221
|
هو حالة تدعو إلى الإعجاب بالنفس ، والتعاظم على الغير ، بالقول أو الفعل ، وهو : من أخطر الأمراض الخلقيّة ، وأشدّها فتكاً بالإنسان ، وادعاها إلى مقت الناس له وازدرائهم به ، ونفرتهم منه .
لذلك تواتر ذمّه في الكتاب والسنّة : قال تعالى : {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان : 18] .
وقال تعالى : {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} [الإسراء : 37].
وقال تعالى : {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} [النحل : 23].
وقال تعالى : {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ} [الزمر : 60].
وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( إنّ في السماء ملَكَين موكَّلين بالعباد ، فمَن تواضع للّه رَفَعاه ، ومن تكبّر وضعاه )(1) .
وقال ( عليه السلام ) : ( ما مِن رجل تكبّر أو تُجبَر ، إلاّ لذلةٍ وجدها في نفسه )(2) .
وقال النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( إنّ أحبّكم إليّ ، وأقربكم منّي يوم القيامة مجلساً ، أحسنكم خُلُقاً ، وأشدّكم تواضعاً ، وإنّ أبعدكم منّي يوم القيامة ، الثرثارون ، وهُم المستكبرون )(3) .
وعن الصادق عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : ( مرّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) على جماعة فقال : على ما اجتمعتم ؟.
فقالوا : يا رسول اللّه ، هذا مجنون يُصرع ، فاجتمعنا عليه .
فقال : ليس هذا بمجنون ، ولكنّه المبتلى .
ثمّ قال : ألا أخبركم بالمجنون حقّ المجنون ؟.
قالوا : بلى يا رسول اللّه .
قال : (المُتَبختر في مشيه ، الناظر في عطفيه ، المحرّك جنبيه بمنكبيه ، يتمنّى على اللّه جنّته ، وهو يعصيه ، الذي لا يُؤمنُ شرّه ، ولا يُرجى خيره ، فذلك المجنون وهذا المبتلى )(4) .
وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في خطبة له : ( فاعتبروا بما كان من فعل اللّه بإبليس ، إذ أحبط عمله الطويل ، وجهده الجهيد ؟ وكان قد عبد اللّه ستّة آلاف سنة ، لا يُدرى أمِن سنيّ الدنيا أم مِن سنيّ الآخرة ، عن كِبر ساعة واحدة ، فمَن بعد إبليس يسلم على اللّه بمثل معصيته ، كلا ما كان اللّه سبحانه ليدخل الجنّة بشراً بأمر أخرج به منها ملكاً ، واستعيذوا باللّه من لواقح الكِبر كما تستعيذون من طوارق الدهر ، فلو رخّص اللّه في الكبر لأحد من عباده لرخّص فيه لخاصّة أنبيائه ورُسُله ، ولكنّه سُبحانه كرّه إليهم التكابر ، ورضي لهم التواضع )(5) .
وعن الصادق عن أبيه عن جدّه ( عليهم السلام ) قال : ( وقع بين سلمان الفارسي وبين رجلٍ كلام وخصومة فقال له الرجل : مَن أنت يا سلمان ؟.
فقال سلمان : أمّا أوّلي وأوّلُك فنطفةٌ قذرة ، وأمّا آخِري وآخِرُك فجيفةٌ منتنة ، فإذا كان يوم القيامة ، ووِضِعَت الموازين ، فمن ثقُل ميزانه فهو الكريم ، ومَن خفّ ميزانه فهو اللئيم )(6).
وعن الصادق ( عليه السلام ) قال : ( جاء رجلٌ موسر إلى رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) نقيّ الثوب ، فجلس إلى رسول اللّه ، فجاء رجلٌ مُعسِر ، درن الثوب ، فجلَس إلى جنب الموسر فقبض الموسر ثيابه مِن تحت فخذيه ، فقال له رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : أخفت أنْ يمسّك مِن فقره شيء ؟.
قال : لا .
قال : فخِفتَ أنْ يوسّخ ثيابك ؟.
قال : لا .
قال : فما حملَك على ما صنعت ؟ .
فقال : يا رسول اللّه ، إنّ لي قريناً يُزيّن لي كلّ قبيح ويقبّح لي كلّ حسَن ، وقد جعلت له نصف مالي .
فقال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) للمعسِر : أتقبل ؟ .
قال : لا .
فقال له الرجل : لِمَ ؟.
قال : أخاف أنْ يدخلني ما دخلك ) .
مساوئ التكبّر :
من الواضح أن التكبر من الأمراض الأخلاقية الخطيرة، الشائعة
في الأوساط الاجتماعيّة ، التي سرت عدواها ، وطغت مضاعفاتها على المجتمع ، وغدا يعاني مساوئها الجمّة .
فمن مساوئ التكبّر وآثاره السيّئة في حياة الفرد :
أنّه متى استبدّ بالإنسان ، أحاط نفسه بهالةٍ من الزهو والخيَلاء ، وجُنّ بحبِّ الأنانيّة والظهور فلا يسعده إلاّ الملِق المزيف ، والثناء الكاذب ، فيتعامى آنذاك عن نقائصه وعيوبه ، ولا يهتمّ بتهذيب نفسه ، وتلافي نقائصه ، ما يجعله هدفاً لسهام النقد ، وعرضة للمقت والازدراء .
هذا إلى أنّ المتكبّر أشدّ الناس عُتوّاً وامتناعاً عن الحقّ والعدل ، ومقتضيات الشرائع والأديان .
ومن مساوئ التكبّر الاجتماعيّة :
أنّه يُشيع في المجتمع روح الحقد والبغضاء ، ويعكّر صفو العلاقات الاجتماعيّة ، فلا يسيء الناس ويستثير سخطهم ومقتهم ، كما يستثيره المتكبّر الذي يتعالى عليهم بصلفه وأنانية .
إنّ الغطرسة داء يُشقي الإنسان ، ويجعله منبوذاً يعاني مرارة العزلة والوحشة ، ويشقي كذلك المرتبطين به بصنوف الروابط والعلاقات .
بواعث التكبّر :
الأخلاق البشريّة كريمة كانت أو ذميمة ، هي انعكاسات النفس على صاحبها ، وفيض نبعها فهي تُشرق وتُظلم ، ويحلو فيضها ويمرّ تبعاً لطيبة النفس أو لؤمها ، استقامتها أو انحرافها . وما مِن خُلُق ذميم إلاّ وله سببٌ من أسباب لؤم النفس أو انحرافها .
فمن أسباب التكبّر : مغالاة الإنسان في تقييم نفسه ، وتثمين مزاياها وفضائلها ، والإفراط في الإعجاب والزهو بها ، فلا يتكبّر المتكبّر إلاّ إذا آنَس من نفسه عِلماً وافراً ، أو منصباً رفيعاً ، أو ثراءً ضخماً ، أو جاهاً عريضاً ، ونحو ذلك من مثيرات الأنانيّة والتكبّر .
وقد ينشأ التكبّر من بواعث العِداء أو الحسَد أو المباهاة ، ممّا يدفع المتّصفين بهذه الخلال على تحدّي الأماثل والنُبلاء ، وبَخس كراماتهم ، والتطاول عليهم ، بصنوف الازدراءات الفعليّة أو القوليّة ، كما يتجلّى ذلك في تصلّفات المتنافسين والمتحاسدين في المحافل والندوات .
درجات التكبّر :
وهكذا تتفاوت درجات التكبّر وأبعاده بتفاوت أعراضه شدّةً وضعفاً .
فالدرجة الأُولى : وهي التي كَمِن التكبّر في صاحبها ، فعالجه بالتواضع ، ولم تظهر عليه أعراضه ومساوئه .
والدرجة الثانية : وهي التي نما التكبّر فيها ، وتجلّت أعراضه بالاستعلاء على الناس ، والتقدّم عليهم في المحافل ، والتبختر في المشي .
والدرجة الثالثة : وهي التي طغى التكبر فيها ، وتفاقمت مضاعفاته ، فجُنَّ صاحبها بجنون العظمة ، والإفراط في حبّ الجاه والظهور ، فطفق يلهج في محاسنه وفضائله ، واستنقاص غيره واستصغاره .
وهذه أسوأ درجات التكبّر ، وأشدّها صَلفَاً وعتوّاً .
أنواع التكبّر :
وينقسم التكبر باعتبار مصاديقه الى ثلاثة أنواع :
(1) - التكبّر على اللّه عزَّ وجل :
وذلك بالامتناع عن الإيمان به ، والاستكبار عن طاعته وعبادته .
هو أفحش أنواع الكفر ، وأبشع أنواع التكبّر ، كما كان عليه فرعون ونمرود وأضرابهما مِن طغاة الكفر وجبابرة الإلحاد .
(2) - التكبّر على الأنبياء :
وذلك بالترفّع عن تصديقهم والإذعان لهم ، وهو دون الأوّل وقريب منه .
(3) - التكبّر على الناس :
وذلك بازدرائهم والتعالي عليهم بالأقوال والأفعال ، ومن هذا النوع التكبّر على العلماء المخلصين ، والترفّع عن مسائلتهم والانتفاع بعلومهم وإرشادهم ، ممّا يفضي بالمستكبرين إلى الخُسران والجهل بحقائق الدين ، وأحكام الشريعة الغرّاء .
_________________________
1- الوافي : ج 3 , ص 87 , عن الكافي .
2- الوافي : ج 3 , ص 150 , عن الكافي .
3- البحار : مج 15 , ج 2 , ص 209 ، عن قرب الإسناد ، وقريب منه في علل الشرائع للصدوق( ره ) .
4- البحار : م (15) ج 3 , ص 125 , عن الخصال للصدوق .
5- نهج البلاغ : ص 6.
6- البحار : م 15 : ج 3 , ص 124 , عن أمالي الصدوق.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|