أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-4-2016
1620
التاريخ: 11-7-2016
1481
التاريخ: 7-10-2014
2390
التاريخ: 18-5-2016
2229
|
قال تعالى : {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات : 47] .
يقال : آدَ يَأيد أيداً ، وزان : باع يبيع بيعاً ، بمعنى اشتدّ وقوى وصَلُب . أي بَنَينا السماء بقوّة وإحكام . والإيساع : الإكثار مِن الذهاب بالشيء في الجهات (1) .
وفي هذه الآية الكريمة إشارة إلى حقيقة كونية ظلّت خافية ثلاثة عشر قرناً ، حتى ظهرت معالمها في القرن الرابع عشر للهجرة (أوائل القرن العشرين للميلاد) حيث عثر العِلم على ظاهرة التوسّع في عالم النجوم .
إنّ فسحة الفضاء لا تزال تتمدّد وتتوسّع اطّراداً مع توالي الأحقاب ، وإنّ مجموعة المجرّات غير العديدة تزداد تلوّياً وانفلاتاً عن بعضها ، كأنّها في حركاتها اللولبية أو الحلزونية آخذة بالفرار مِن مراكز دوائرها ـ إن صحّ هذا التعبير ـ وبذلك تتوسّع دائرة الوجود المتكوّن مِن هذه الأنجم المتكدّسة في ضلوع المجرّات .
هذا مضافاً إلى ما تتولّد من كواكب على إثر انفجارات هائلة في كرات عظيمة كادت تُشكّل مجموعات شمسية في أحضان المجرّات :
عن ابن عبّاس في تفسير الآية : قادرون على خَلق ما هو أعظم منها ، أي سماوات هي أعظم ممّا تَرون فوق رؤوسكم بأعين مجرّدة .
لكن الآية نصّت على فعليّة هذا الاتّساع ولا يزال ، وليس مجرّد القدرة عليه فحسب (2) .
وأَوّل مَن تنبّه لمطّاطية السماء هو العالم الفَلَكي ( آبه جرج لومتر ) البلجيكي المتولّد سنة 1894 م ، وذلك عام 1927 م . كان أُستاذاً بجامعة ( لوون ) أبدى نظرته هذه ردّاً على نظرة ( أينشتاين ) المتوفّى سنة 1955 م ، المادّية المحضة للكون ، كانت تفرض مِن شكل العالم اسطوانياً محدوداً مِن جوانبه الأربعة : اليمين واليسار والخلف والأمام . أمّا الفوق والتحت فلا نهائيان . هكذا كان ( أينشتاين ) يفرض شكل العالم .
أمّا ( لومتر ) فقد ردّ على هذه الفرضية التي تجعل مِن الكون مادّة هامدة لا حِراك فيها ، وكذا مِن فرضية (ويليام دوستير) ، المتوفّى سنة 1934 م ، القائلة بأنّ الكون حركة بلا مادّة .
قال لومتر : هاتان النظرتان لا تترجّح إحداهما على الأُخرى ، بل المُترجّح في النظر أنّ هذا الكون يتشكّل مِن مادّة وحركة ، ومِن ثَمّ فإنّ له أمداً ونهاية ، وإنّه يشبه أن يكون ككرة قديمة ينتفّخ فيزداد توسّعاً وتضخّماً ، وينبسط شيئاً فشيئاً عبر الأحقاب .
ونُشرت فرضيته هذه في مجلّة علمية سنوية في ( بروكسل ) ولكنّها سرعان ما تُنوسيت ولم يعرها أحد باهتمام ، غير أنّ الأرصاد الأمريكية في نفس الوقت كانت تعمل في الكشف عن هذه الحقيقة لترى فرضية ( لومتر ) مِن عالَم الكون بعين شهود .
كان ( وستوملون سليفر ) مدير المرصد الأمريكي عام 1912م قد أثبت أن أطيافاً جمّة مِن سحابيات حلزونية تتغيّر من جهاتها ، وكأنّها بفضل القوّة الطاردة آخذة بالفرار والابتعاد مِن عالَمنا الشمسي .
وحقيقة الفرار هذه لفتت مِن نظر الأُستاذ ( هوبل اُودون پاول ) فقام بجمع أطياف السحابيات الحلزونية ، والتي كانت جميعاً تؤيّد نظرية ( سليفر ) ، فعمّم ( هوبل ) النظرية وأعلن أنّ السحابيات الحلزونيّة آخذة بالفرار جميعاً بعضها من بعض ، وسرعة هذا الفرار تتناسب مع الفواصل بينها ؛ وبذلك احتارت أنظار العلماء بالنسبة إلى أجرام السماء .
وفي هذا الأثناء عثر الأُستاذ (ادينكتون) على مقال الأُستاذ ( لومتر ) الآنف ، فجعل يطالعه بنَهمٍ وحرص شديد ، معترفاً بصدق الحقيقة التي اكتشفها (لومتر) مِن ذي قبل ، واتّضحت لديه ظاهرة التمدّد في عالم الكون ، وكان ذلك تحوّلاً في فرضية عالم النجوم ؛ ومِن ثَمّ قام ( ادينكتون ) عام ( 1931 ) بنظيم نظرة (التوسّع الكوني) وتقديمها إلى جامعة لندن كحقيقة ثابتة من عالم الوجود .
وخلاصة النظرة : أنّ عالم المجرّات ـ وهي تفوق الملايين ـ قد تحوّلت مِن حالتها الهامدة التي كان يفرضها ( ينشتاين) في شكلها المنحني إلى صورة كرة دائرية تتضخّم وتتوسّع شيئاً فشيئاً ، وسرعة هذا التوسّع تبلغ في شعاع مطّرد مع ضعف الزمان ، ففي مدّة ملياردَي عام ( عمر الأرض ) ازداد هذا الشعاع بضعف ، وهي سرعة هائلة يطّرد معها توسّع الكون وانبساط هذا الفضاء الرحيب (3) .
قال الأُستاذ رشيد رشدي : والكون برحبه الفسيح آخذٌ في التوسّع ، كما بَرهن عليه التحقيق العلمي الحديث ، ودلّت عليه الآية الكريمة ( وَالسّماءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنّا لَمُوسِعُونَ ) ولام التأكيد هنا لا تحتاج إلى توضيح في الدلالة على حتمية هذه التوسعة وعلى استمرارها في الأكوان والعوالم السماوية ، فيا لها مِن معجزة قرآنية (4) .
وقال سيّدنا الطباطبائي ( قدس سرّه ) : ومِن المحتمل أن يكون ( موسعون ) مِن ( أوسع في النفقة ) أي كثّرها ، فيكون المراد : توسعة خَلق السماء ، كما تَميل إليه الأبحاث الرياضية اليوم (5) .
هذا ، ولكن غالبية المفسّرين حملوا التوسعة هنا على الغنى والسعة في الرزق ، كما في قوله تعالى : {يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء : 130] وبقرينة قوله قبل ذلك {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات : 22] {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات : 22] ، وقوله بعد ذلك : {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات : 58].
نعم ، هو معنى مجازي للتوسعة ، أخذاً مِن التوسعة في المكان للتوسعة في الحال ، قال الراغب : السعة تقال في الأمكنة وفي الحال وفي الفعل ، كالقدرة والجود ونحو ذلك ، ففي المكان نحو قوله : {إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ} [العنكبوت : 56] ، وفي الحال قوله تعالى : {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق : 7] ، وقوله : {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ} [البقرة : 236] والوسع مِن القدرة ما يفضل عن قدر المكلف . والوسع الجدة والطاقة ... وأوسع فلان : إذا كان له الغنى وصار ذا سعة .
هكذا روي عن الحسن في تفسير الآية ، قال : وإنّا لموسعون الرزق على الخَلق بالمطر (6) .
غير أنّ هذا المعنى المجازي للسعة يتوقّف على مجاز آخر في كلمة ( أيد ) مجازاً مِن القدرة إلى النعمة ، كما ذكره سيّدنا الطباطبائي ، وهو مجاز شايع أيضاً .
وسياق الآية عَرض لمظاهر قدرته تعالى في الخلق والتدبير ، { يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ} [فاطر : 1] ومِن ثَمّ جاء تعقيبها بقوله : {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ } [الذاريات : 50] .
____________________
(1) مجمع البيان : ج9 ، ص160 .
(2) لظهور الوصف ( المشتق ) في فعلية النسبة ، لا شأنيّتها .
(3) راجع تاريخ العلوم تأليف ( پى ير روسو ) ترجمة حسن صفّاري بالفارسية : ص862 ـ 868 .
(4) بصائر جغرافية : ص301 .
(5) تفسير الميزان : ج18 ص414 .
(6) مجمع البيان : ج9 ص160 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|