أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-12-2021
1555
التاريخ: 2024-07-29
391
التاريخ: 1-12-2021
2609
التاريخ: 2024-07-29
378
|
وهي أيضاً من القواعد المشهورة، بل المجمع عليها (1) ، والمراد بها إلزام المخالفين بما يعتقدونه ويدينون به، ممّا يكون مخالفاً لمذهب أهل البيت عليهم السلام كإلزامهم بأحكام الشفعة والميراث والطلاق وغيرها، ممّا ينفردون به عنّا، وفيها جهات من الكلام:
الجهة الاولى: في مدرك القاعدة ومستندها، والظاهر- بعد عدم كون الإجماع على تقديره متّصفاً بالأصالة؛ لاحتمال الاستناد إلى الروايات أو سائر الأدلّة- انحصار الدليل بالروايات الواردة عن العترة الطّاهرة صلوات اللَّه عليهم أجمعين:
كرواية علي بن أبي حمزة، أنّه سأل أبا الحسن عليه السلام عن المطلّقة على غير السنّة أيتزوّجها الرجل؟ فقال: ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم، وتزوّجوهن، فلا بأس بذلك (2) . وفي موضع من الاستبصار عن نسخة: ألزموهم ما ألزموا به أنفسهم (3) .
ومكاتبة إبراهيم بن محمّد الهمداني قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام مع بعض أصحابنا، فأتاني الجواب بخطّه: فهمت ما ذكرت من أمر ابنتك وزوجها، فأصلح اللَّه لك ما تحبّ صلاحه، فأمّا ما ذكرت من حنثه بطلاقها غير مرّة فانظر يرحمك اللَّه، فإن كان ممّن يتولّانا ويقول بقولنا، فلا طلاق عليه؛ لأنّه لم يأت أمراً جهله، وان كان ممّن لا يتولّانا ولا يقول بقولنا، فاختلعها منه؛ فإنّه إنّما نوى الفراق بعينه (4) .
ورواية عبد اللَّه بن سنان قال: سألته عن رجل طلّق امرأته لغير عدّة، ثمّ أمسك عنها حتى انقضت عدّتها، هل يصلح لي أن أتزوّجها؟ قال: نعم، لا تترك المرأة بغير زوج (5) .
ورواية عبد الأعلى، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن الرّجل يطلّق امرأته ثلاثاً؟ قال: إن كان مستخفّاً بالطلاق ألزمته ذلك (6) .
ورواية جعفر بن محمّد بن عبد اللَّه العلوي، عن أبيه قال: سألت أبا الحسن الرّضا عليه السلام عن تزويج المطلّقات ثلاثاً؟ فقال لي: إنّ طلاقكم لا يحلّ لغيركم، وطلاقهم يحلّ لكم؛ لأنّكم لا ترون الثلاث شيئاً، وهم يوجبونها (7) .
ورواية عبد اللَّه بن طاووس قال: قلت لأبي الحسن الرّضا عليه السلام: إنّ لي ابن أخ زوّجته ابنتي، وهو يشرب الشراب ويكثر ذكر الطلاق، فقال: إن كان من إخوانك فلا شيء عليه، وإن كان من هؤلاء فإبنها منه ؛ فإنّه عنى الفراق. قال: قلت: أليس قد روي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: إيّاكم والمطلّقات ثلاثاً في مجلس؛ فإنّهنّ ذوات الأزواج؟ فقال: ذلك من إخوانكم لا من هؤلاء، إنّه من دان بدين قوم لزمته أحكامهم (8) .
ورواية عبد الرحمن البصري، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: قلت له: امرأة طلّقت على غير السنّة، فقال: تتزوّج هذه المرأة، لا تترك بغير زوج (9) .
ورواية الهيثم بن أبي مسروق، عن بعض أصحابه قال: ذكر عند الرّضا عليه السلام بعض العلويّين ممّن كان ينتقصه، فقال: أما إنّه مقيم على حرام، قلت: جعلت فداك وكيف وهي امرأته؟ قال: لأنّه قد طلّقها، قلت: كيف طلّقها؟ قال: طلّقها وذلك دينه، فحرمت عليه (10) .
ورواية محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الأحكام؟ قال:
تجوز على أهل كلّ ذي دين ما يستحلّون (11) .
ورواية عبد اللَّه بن محرز قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: رجل ترك ابنته واخته لأبيه وامّه، فقال عليه السلام: المال كلّه لابنته، وليس للُاخت من الأب والامّ شيء، فقلت: إنّا قد احتجنا إلى هذا، والرجل الميّت من هؤلاء الناس، واخته مؤمنة عارفة، قال: فخذ لها النصف، خذوا منهم ما يأخذون منكم في سنّتهم وقضائهم وأحكامهم، قال ابن أذينة: فذكرت ذلك لزرارة، فقال: إنّ على ما جاء به ابن محرز لنوراً (12) .
ورواية محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: سألت الرّضا عليه السلام عن ميّت ترك امّه وإخوة وأخوات، فقسّم هؤلاء ميراثه، فأعطوا الامّ السدس، وأعطوا الإخوة والأخوات ما بقي، فمات الأخوات، فأصابني من ميراثه، فأحببت أن أسألك: هل يجوز لي أن آخذ ما أصابني من ميراثها على هذه القسمة، أم لا؟ فقال: بلى، فقلت:
إنّ امّ الميّت فيما بلغني قد دخلت في هذا الأمر، أعني الدين، فسكت قليلًا ثمّ قال: خذه (13) .
وغير ذلك من الروايات الواردة في هذا المجال، ولا يبقى للفقيه بملاحظة ما ورد في المسألة منها ريب ولا شك في صدور هذه القاعدة منهم عليهم السلام، فالإشكال من جهة المدرك والمستند لا سبيل إليه أصلًا.
الجهة الثانية: في شرح مفاد القاعدة، فنقول: أمّا ما ورد فيه من الروايات التعبير بقوله عليه السلام: «ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم». فمعناه بحسب الظاهر: أنّ المخالفين كلّ ما يرون أنفسهم ملزمين به من جهة أحكامهم الدينية، ويعتقدون بثبوت ذلك عليهم، فألزموهم بذلك. وإن لم يكن ذلك ثابتاً في الأحكام الدينية بحسب اعتقادكم، مثل ما ورد في كثير من الروايات المتقدّمة من الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد؛ فإنّهم حيث يرون ذلك موجباً لتحقّق الفراق بين الزوجين، فيعامل معهم معاملة ذلك.
وعليه: فلا مانع للشيعي الذي يرى خلاف ذلك- وأنّ الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد باطل، ولا يوجب تحقّق الفراق- أن يتزوّج بالمطلّقة كذلك؛ لأنّهم التزموا بحصول البينونة وتحقّق الفراق، فيلزمون بذلك ويتزوّج بالمرأة الكذائية.
وعليه: ففي كلّ مورد يلتزم المخالف بمقتضى مذهبه بورود ضرر عليه؛ سواء كان ذلك الضرر ماليّاً، كما إذا اعتقد بكون أمر سبباً للضمان ولم يكن كذلك عندنا، أو ذهاب حقّ منه، أو وقوع طلاق، أو عتق عبد، أو شركة غيره في ميراثه، أو مثل ذلك من الامور التي يرون أنفسهم ملزمين بها ومجبورين عليها، فللموافق إلزامه فيها وان كان ذلك مخالفاً لاعتقاده.
وعليه: فمقتضى عموم الموصول في قوله عليه السلام: «ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم»، جريان هذا الحكم في جميع موارد الإلزام التي هي كثيرة.
منها: الحلف بالطلاق والعتاق، وصدقة ما يملك، فإنّهم يرونه سبباً لوقوع هذه الامور من الطلاق وأخويه، مع أنّه لا يكون الأمر كذلك عندنا معاشر الإماميّة، فإذا تحقق الحلف بذلك، فلا مانع من التزويج بالمطلّقة الكذائية، والتعامل مع العبد معاملة الحرّ، وهكذا.
وأمّا ما ورد فيه التعبير بقوله عليه السلام: «تجوز على أهل كلّ ذي دين ما يستحلّون»، فالظاهر بعد كون المراد بالجواز هو النفوذ والمضيّ، وكون كلمة «على» ظاهرة في الضّرر، أنّ أصحاب كلّ دين، أي المتدينين به الملتزمين بأحكامه، ينفذ عليهم وبضررهم ما يستحلّون، مثلًا إذا كانوا يستحلّون أكل العصبة نصف المال من تركة الميّت، فينفذ هذا الحكم عليهم، فإذا كانت العصبة من أهل الولاية يجوز لهم أن يأخذوا منهم نصف تركة الميت، كما قد وقع التصريح به في رواية ابن محرز المتقدّمة.
وقد ورد فيها تعليل الحكم بقوله عليه السلام: «خذوا منهم ما يأخذون منكم»، وظاهره أنّه يعامل معهم المعاملة بالمثل، فإذا كان الميت عارفاً والورثة غير عارفين، حيث يأخذون للعصبة نصيبهم ويحكمون بثبوت الإرث لهم، ففي عكس هذه الصورة يؤخذ للعصبة العارفين نصيبهم ويحكم بثبوت الإرث لهم، وإن لم يكن ذلك موافقاً لمعتقده، وفي بعض أخبار الطلاق تعليل الحكم بأنّه «لا تترك المرأة بغير زوج»، وفيه إشارة إلى أنّه لولا هذه القاعدة يلزم أن تترك المرأة بلا زوج؛ لفرض بطلان الطلاق عندنا.
ثمّ إنّ الظاهر أنّ المخاطب في قوله عليه السلام: «ألزموهم»، وكذا في قوله عليه السلام:
«خذوا»، في الروايات المتقدّمة، هم الطائفة المحقّة الإثنى عشرية القائلون بإمامة الأئمّة المعصومين عليهم السلام بأجمعهم، كما أنّ الظاهر أنّ مرجع ضمير الجمع في قوله عليه السلام:
«ما ألزموه أنفسهم»، وكذا في قوله عليه السلام: «ما يأخذون»، هم المسلمون من سائر الطوائف غير الإماميّة الإثنى عشريّة، ولا يشمل أرباب سائر الأديان والملل.
وعليه: فلو فرض اختلاف سائر الطوائف غير الإماميّة في حكم إلزاميّ، فهذا خارج عن دائرة القاعدة، كما أنّه لو طلّق ذميّ زوجته بطلاق صحيح عنده، ولكنّه لا يكون صحيحاً عندنا، فلا تشمله القاعدة.
نعم، يمكن التمسك للشمول بما ورد في رواية محمد بن مسلم المتقدّمة من قوله عليه السلام: «تجوز على أهل كلّ ذي دين ما يستحلّون»، أو بالتعليل المشار إليه آنفاً؛ وهو قوله عليه السلام: «لا تترك المرأة بغير زوج»؛ لجريان هذه العلّة في الكافر المطلق أيضاً، أو بما ورد في رواية ابن طاووس المتقدّمة من قوله عليه السلام: «من دان بدين قوم لزمته أحكامهم».
إلّا أن يقال: إنّ المراد بالدين في رواية محمد بن مسلم ليس هو المذهب، بل المراد به أصل الدين كالإسلام، وعليه فالرّواية لا تكون من روايات قاعدة الإلزام المعروفة، ولكنّه يبعّده استعمال الدين في رواية ابن طاووس مع كون موردها المخالف لا غير المسلم، وعليه: فهاتان الروايتان مفادهما العموم.
وأمّا التعليل فيمكن المناقشة فيه، بعد ملاحظة أنّ انتفاء القاعدة والحكم بعدم جواز التزويج بالمطلقة الكذائية في مذهبنا، لا يستلزم أن تترك المرأة بلا زوج؛ لجواز أن تتزوّج بالمخالف، خصوصاً مع كثرتهم وقلّة الطائفة المحقّة؛ فإنّها حينئذ تتزوّج من القائل بصحة هذا الطلاق، وعليه: فلا تكون هذه الجملة بمنزلة التعليل، بل تكون حكمة للحكم، والحكمة لا يدور مدارها الحكم إثباتاً ونفياً.
ولكن عرفت عموم الرّوايتين وشمولهما بالإضافة إلى غير المسلم، وكذا المخالف بالإضافة إلى المالك، وعليه: فلا مانع من أخذ الثمن من الكافر ولو كان المبيع غير قابل للبيع في الإسلام؛ لالتزامهم بالملكية وصحة المعاملة وانتقال الثمن إلى البائع، فيتحقق حينئذ طريق إلى صحّة المعاملات الواقعة بين الحكومة الإسلامية والحكومات الكافرة في الأشياء التي لا سبيل إلى مبايعتها في الشريعة، وتكون باطلة فيها، كما لا يخفى.
الجهة الثالثة: لا شبهة في أنّ مفاد قاعدة الإلزام التي مدركها الروايات المتقدّمة، هو جواز الأخذ ممّن دان بدين بمقتضى ما التزم به في دينه، فيجوز مثلًا التزويج بالمطلّقة ثلاثاً وإن كان هذا الطلاق باطلًا عندنا، لكنّ البحث في أنّ ما تدلّ عليه هذه الروايات هل هو الحكم الواقعي، غاية الأمر كونه ثانويّاً، أو أنّ مفادها الإباحة الصّرفة، والفرق أنّه على الأوّل يكون في مثال الطلاق اعتقاد الزوج المخالف بصحّة طلاقه وكونه موجباً لتحقق الفراق، موجباً لجعل الصحّة واقعاً، ويكون هذا العنوان عنواناً ثانويّاً موجباً لانقلاب الحكم الواقعي في حقّه، نظير الانقلاب في موارد الاضطرار؛ فإنّه لو اضطرّ المكلّف إلى شرب الخمر يكون الاضطرار موجباً لحليته واقعاً.
وأمّا على الثاني فالواقع لا يتبدلّ بسبب اعتقاد المخالف بالصّحة، بل الطلاق فاسد بالنسبة إليه أيضاً، وتكون المطلقة باقية على الزّوجية بعد، غاية الأمر أنّ الشارع أباح لنا التزويج بتلك المرأة التي طلّقت كذلك.
أقول: ينبغي أوّلًا: ملاحظة أنّ المراد بالإباحة هل هي الإباحة الظاهرية، كما هو ظاهر مقابلتها للحكم الواقعي، أو أ نّ المراد بها الإباحة الواقعية؟ الظاهر أنّه لا محيص عن الحكم بكون هذه الإباحة على تقديرها إِباحة واقعية، ضرورة أنّ التزويج بتلك المرأة التي وقع عليها ذلك الطلاق حلال واقعاً لا ظاهراً، كما في قوله عليه السلام: كلّ شيء هو لك حلال حتى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه (14) .
وثانياً: أنّ الإباحة ممّا لا أساس له؛ لأنّ مرجعها إلى إِباحة تزويج المزوّجة؛ لأنّ المفروض بطلان طلاقها وكونها في حبالة الزوج المطلّق بعد، وهذا لا مجال لإسناده إلى متشرّع عاديّ فضلًا عن الإمام المعصوم عليه السلام، فالإباحة ممّا لا معنى له، وإن كان ظاهر العبارة المحكية عن المرحوم الشيخ حسن آل كاشف الغطاء في كتابه «أنوار الفقاهة» ذلك؛ إِذ قال:
فظهر ممّا ذكرنا أنّ طلاق المخالفين يمضي عليهم وإن كان فاسداً عندنا، وهذا الحكم عامّ لكلّ صور الطلاق على غير السنّة؛ سواء تعلّق بمؤمنة أو بمخالفة؛ فإنّه يحكم بوقوعه على وفق مذهبه بالنسبة إلينا، وإن كان فاسداً في الواقع، وكذا بالنسبة إليهم، ولا منافاة بين البطلان، وبين إجراء حكم الصحة بالنسبة إلينا لطفاً منه، فهي وإن كانت زوجة لهم ولكنّها حلال لنا وحرام عليهم، أو يقال: هو صحيح من وجه وفاسد من وجه آخر» (15) .
وقد نسب ذلك إلى صاحب الجواهر أيضاً؛ حيث قال بعد نقل جملة من الروايات الواردة في المقام: إلى غير ذلك من النصوص الدالّة على التوسعة لنا في أمرهم وأمر غيرهم من أهل الأديان الباطلة (16) .
نظراً إلى أنّ التعبير بالتوسعة ظاهر في الإباحة، مع أنّه ممنوع؛ لأنّ هذا التعبير ناظر إلى علّة التشريع، والغرض أنّ هذا الحكم منّة من الشارع وتوسعة من قبله.
وكيف كان، فالإباحة الراجعة إلى بقاء المطلّقة بعد التزويج بها على الزوجية السّابقة- لفرض كون طلاقها باطلًا، غاية الأمر كونها مباحة مع كونها ذات بعل شرعاً- لا ينبغي توهّمه بوجه، واللازم توجيه العبارة المتقدّمة بما سيأتي وإن كان ظاهرها ما تقدّم.
وبعد وضوح فساد الإباحة الكذائية، ووضوح عدم كون المرأة في حال التزويج- بالموافق الشيعي- باقية على الزوجية السّابقة، وبالنتيجة قد تحقّق الفراق لا محالة، يقع الكلام في أنّ فراقها من زوجها هل تحقّق عقيب طلاقها، أو أنّ فراقها من زوجها تحقّق بالتزويج بها من الموافق، بحيث كان العقد الثاني مشتملًا على جهتين سلبية وايجابية، السلبية بلحاظ حصول الفراق بالنسبة إلى الزوج الأوّل المخالف، والايجابية بلحاظ حصول الزوجية بالنسبة إلى الزوج الثاني الموافق؟
ربما يقال: بأنّ ما تفيده الروايات هو الحكم الواقعي الثانوي الذي مرجعه إلى صحة الطلاق وحصول الفراق عقيبه؛ ففي مكاتبة الهمداني نرى الإمام الجواد أبا جعفر الثاني عليه السلام يقول: وإن كان ممّن لا يتولّانا ولا يقول بقولنا فاختلعها منه، فإنّه إنّما نوى الفراق بعينه ، وفي رواية عبد اللَّه بن طاووس يقول الإمام الرضا عليه السلام مثل ذلك .
وفي رواية هيثم بن أبي مسروق قال عليه السلام: أما إنّه مقيم على حرام .
وهكذا الحال في رواية عبد الرحمن البصري يقول الإمام أبو عبداللَّه عليه السلام:
تتزوّج هذه المرأة، لا تترك بغير زوج ؛ فإنّ التعبير بالاختلاع لا يناسب بقاء تلك المرأة على زوجيّتها وأنّ الطّلاق غير واقع، وكلّ ما في البين هو إباحة التزوّج بها، وهكذا قوله عليه السلام: «فإنّه إنّما نوى الفراق» الظاهر في أنّ حصول الفراق مستند إلى نيّته وقصده، وكذا قوله عليه السلام: «لا تترك بغير زوج»؛ فإنّ مفاده أنّ عدم جواز التزوّج بها مستلزم لأن تترك بلازوج، وهذا لا يلائم البقاء على الزوجية الاولى بوجه.
وأصرح من الجميع قوله عليه السلام: «أما إنّه مقيم على حرام»؛ فإنّه مع فرض عدم حصول البينونة والفراق بمجرّد الطلاق، كيف يكون مقيماً على حرام؟ وحمل الحرمة على حرمة التجرّي- الصادر منه باعتقاد كونها مطلّقة- في غاية البعد.
ويؤيّد ما ذكر دعوى ابن إدريس الإجماع عليه، حيث قال: قد روى أصحابنا روايات متظاهرة بينهم متناصرة ، وأجمعوا عليها قولًا وعملًا، أنّه إن كان المطلّق مخالفاً وكان ممّن يعتقد وقوع الطلاق الثلاث لزمه ذلك، ووقعت الفرقة به، وإنّما لا تقع الفرقة إذا كان الرجل معتقداً للحقّ (17) .
كما أنّه ربما يقال كما قاله المحقّق البجنوردي قدس سره بالثاني، حيث قال: إنّ أمرهم عليهم السلام بتزويجهم، أو أخذ المال في مورد التعصيب، أو المعاملات الفاسدة والضمانات غير الصحيحة- مع أنّ لهم الولاية العامّة- يدلّ على أنّهم عليهم السلام جعلوا نفس العقد عليهنّ طلاقاً لهنّ، وتزويجاً للزوج الثاني، قال: وبناءً على ما ذكرنا يكون العقد واقعاً على امرأة خلية؛ لأنّ زمان حصول زوجيتها للثاني، مع زمان عدم زوجيّتها للأوّل واحد؛ لأنّهما معلولان لعلّة واحدة؛ وهو العقد الواقع عليها (18).
والتعبير بأنّ لهم الولاية العامة يفيد كون ذلك من باب الولاية، مع أنّ ظاهر الروايات المتقدمة خلافه، وأنّ ذلك من قبيل سائر الأحكام المبيّنة في كلامهم عليهم السلام، كما أنّ ظاهرها هو القول الأوّل الذي مرجعه إلى حصول الفراق بمجرّد الطلاق، والتعبير بالإلزام يناسب هذا المعنى؛ فإنّ ما ألزموه أنفسهم حصول البينونة بمجرّد الطلاق، لا بعد تحقق العقد عليها ثانياً، واللازم إلزامهم بهذا الأمر، كما أنّ لازم إلزامهم بذلك امور اخر :
مثل عدم جواز الاستمتاع بها، وعدم جواز إجبارها على مراعاة أحكام الزوجية، وغير ذلك.
وبالجملة: ملاحظة الروايات تقتضي الحكم بوقوع الطلاق وصحّته بمجرّده وحصول البينونة، ولا مانع منه بعد كون دائرته محدودة بحدود المخالف، ففي الحقيقة تكون هذه الروايات حاكمة على الأدلّة الأولّية الحاكمة ببطلان طلاق الثلاث في مجلس واحد، ومفيدة لاختصاص تلك الأدلّة بالطلاق الصادر من الموافق.
وأمّا ما يقال في مقام إبطال الحكومة المزبورة : من أنّها مخالفة للضرورة في مذهب الشيعة؛ حيث إنّ الفقهاء كلّهم متفقون على بطلان هذا الطلاق (19) ، ولم يقل أحد منهم بصحّته ولو بالعنوان الثانوي؛ أي بعنوان أنّه الطلاق الصادر عن المخالفين، وأيضاً مخالف للأخبار الصريحة في أنّه إيّاكم وتزويج المطلّقات ثلاثاً في مجلس واحد؛ فإنّهنّ ذوات أزواج (20) ، ولاستنكارهم عليهم السلام لصحّة مثل هذا الطلاق ، واستدلالهم على بطلانه بالكتاب العزيز.
فيمكن الجواب عنه، بأنّ اتفاق الفقهاء على البطلان إنّما هو بلحاظ الحكم الأوّلي، كاتفاقهم على حرمة شرب الخمر مع صيرورته حلالًا في حال الاضطرار، والأخبار ناظرة إلى المنع عن تزويجهنّ في نفسه؛ لأنّ الحكم الواقعي الأوّلي هو البطلان، والصحة إنّما تكون ثابتة بالعنوان الثانوي انظر إلى ما ورد في رواية محمّد ابن عبداللَّه العلوي المتقدمة « قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن تزويج المطلّقات ثلاثاً ؟ فقال: إنّ طلاقكم لا يحلّ لغيركم، وطلاقهم يحلّ لكم»، فإنّها ظاهرة في التفصيل في طلاق الثلاث بين الصادر من الموافق، وبين الصادر من المخالف بأنّ الأوّل لا يكون محلّلًا بخلاف الثاني، وأصرح منه روايتا عبد اللَّه بن طاووس ومكاتبة إبراهيم بن محمد الهمداني المتقدمتان الدالتان على التفصيل كذلك.
نعم، روى في دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنّ رجلًا من أصحابه سأله عن رجل من العامّة طلّق امرأته لغير عدّة، وذكر أنّه رغب في تزويجها، قال عليه السلام: انظر إذا رأيته فقل له: طلّقت فلانة، إذا علمت أنّها طاهرة في طهر لم يمسّها فيه؟ فإذا قال: نعم، فقد صارت تطليقة، فدعها حتى تنقضي عدّتها من ذلك الوقت، ثمّ تزوّجها إن شئت؛ فقد بانت منه بتطليقه بائنة، وليكن معك رجلان حين تسأله؛ ليكون الطلاق بشاهدين عدلين (21) .
والظاهر أنّ المراد من الطلاق لغير عدّة هو طلاق الثلاث، باعتبار عدم جواز الرجوع في عدّتها. هذا، ولكنّ الالتزام بالرواية يهدم أساس قاعدة الإلزام، وينافي الروايات المتقدّمة الظاهرة في جواز التزوج بها من دون افتقار إلى ما في الرواية من السؤال عن الزوج وجوابه الخاصّ وغيرهما، فالإنصاف أنّ التأمّل في المقام يقضي بوقوع الطلاق المذكور صحيحاً بالنسبة إلى المخالف.
هذا، مضافاً إلى غرابة حصول الزوجية والبينونة بسبب العقد في زمان واحد، خصوصاً مع ظهور أدلّة شرطية خلوّ المرأة عن الزوج في صحة العقد عليها في كونها خالية عنه حين العقد، بحيث يكون العقد واقعاً على المرأة الخالية.
ودعوى كون المقام من قبيل وطء ذي الخيار للأمة التي باعها وكان الخيار للبائع، فيتحقق الفسخ بنفس الوطء، فيكون الوطء علّة لحصول الملكية؛ أي رجوع ملكية الأمة إلى البائع، العلّة والمعلول متحدان زماناً، والتقدّم والتأخر بينهما رتبيّ فقط، فيكون الوطء والملكية في زمان واحد.
مدفوعة بأنّه بعد قيام الدليل على كون الوطء فسخاً؛ لعدم كونه بنفسه كذلك، لابدّ من توجيهه بحصول الفسخ آناً ما قبل الوطء، ولازمه تحقق الملكية قبله، ووقوع الوطء في ملك، ولا يكفى في جوازه مجرّد الإتّحاد الزماني، وإلّا يلزم جواز وطء الأمة في حال وقوع عقد البيع عليها، لاتحاد العلّة والمعلول زماناً، مع أنّه لا مجال للالتزام به، فتدبّر.
ثمّ إنّه يتفرّع على القولين وتظهر ثمرتهما فيما لو استبصر المخالف بعد أن طلّق زوجته بالطلاق الفاقد لشرائط صحة الطلاق عندنا، ولم يعقد عليها غيره ممّن يجوز له العقد عليها، فعلى قول من يقول بحصول الفراق بالعقد الثاني، للزوج المطلّق أن يرجع إلى زوجته المطلّقة بدون الاحتياج إلى عقد جديد؛ لأنّها زوجته، ولم يتحقق البينونة على ما هو المفروض، وعلى قولنا الذي مرجعه إلى حصول الطلاق وتحقق الفراغ بمجرّد طلاقه، لا يجوز له أن يرجع إليها بدون عقد جديد، بل لابدّ من التزوّج بها بعقد جديد، كما إذا أراد موافق التزوّج بها.
نعم، يمكن أن يقال: إنّه بناءً على هذا القول أيضاً يجوز له الرجوع إليها بعقد جديد، نظراً إلى أنّ تنزيل هذا الطلاق الفاسد منزلة الطلاق الصحيح فيما إذا كان مخالفاً مادام أنّه معتقد بصحّته، فإذا زال هذا العنوان عنه بواسطة استبصاره يزول بزواله حكمه أيضاً؛ لأنّ ظاهر أخذ كلّ عنوان في موضوع حكم أنّ لذلك العنوان دخلًا في ثبوت الحكم حدوثاً وبقاءً لا حدوثاً فقط.
ولكنّ الظاهر خلافه؛ لأنّ المستفاد من الروايات سيّما بعضها أنّ الطلاق الصادر ممّن لا يتولّانا (22) ، أو ممّن كان مستخفّاً بالطلاق (23) طلاق صحيح، ويلزم عليه بذلك، وقد وقع في بعضها التعليل بأنّه إنّما عنى أو نوى الفراق، ومن الواضح ظهور التعليل في أنّ نيّة الفراق مع اعتقاد الصحة تكفي في اتّصافه بالصّحة، وعليه:
فيكون مجرّد صدوره كذلك كافياً في إلزامه به، فلا يكون استبصاره بعد ذلك مؤثِّراً في دفع ذلك الحكم عنه.
مع أنّ هذا النوع من الأحكام كالطلاق والبينونة والعتق لا يقبل التقييد ب «مادام القيد الفلاني موجوداً»، بل يكون صدوره موجباً لدوامه، فكما لا يصحّ التعبير في مقام العتق بقوله: «أنت حرّ ما دمت عادلًا» مثلًا، فكذلك لا يصح تقييد صحة الطلاق ب «مادام كونه باقياً على المخالفة وعدم الاستبصار».
مع أنّ لازمه التقييد بما إذا لم يترتّب على طلاقه أثر، أمّا لو ترتب عليه أثر، كما لو تزوجها موافق بعد انقضاء عدّتها، فاستبصر الزوج المطلّق بعد التزويج بالثاني، فلا مجال لرجوعها إليه، ومن البعيد تحميل هذا التقييد على الروايات بناءً على ما ذكر. ودعوى أنّه لا يبقى مورد للرجوع؛ لأنّ العقد بمنزلة الطلاق ويوجب خروجها عن حبالة الزوج، مدفوعة بأنّ الخروج عن ذلك مقيّد على ما هو المفروض ب «مادام كونه مخالفاً»، فإذا استبصر تكون باقية على الزوجية الاولى.
نعم، ربما يستدلّ على جواز الرجوع إليها من غير عقد جديد بمكاتبة علي بن سويد، عن أبي الحسن عليه السلام في حديث: أنّه كتب إليه يسأله عن مسائل كثيرة فأجابه بجواب هذه نسخته: بسم اللَّه الرحمن الرحيم- إلى أن قال:- وسألت عن امّهات أولادهم، وعن نكاحهم، وعن طلاقهم؟ فأمّا امّهات أولادهم فهنّ عواهر إلى يوم القيامة، نكاح بغير وليّ، وطلاق في غير عدّة، فأمّا من دخل في دعوتنا فقد هدم إيمانه ضلاله، ويقينه شكّه (24) ؛ نظراً إلى ظهور الهدم في هدم جميع الآثار السابقة حتى حرمة الزوجة على زوجها لو طلّقها بما يوافق مذهبهم.
ولكنّ الظاهر أنّه لا مجال لاستفادة الإطلاق من مثل الرواية حتى يجوز للزوج المطلّق المفروض الرجوع من غير عقد جديد.
وربما يقال بأنّه يؤيّد عدم الإطلاق فرض ما لو تزوّج بمن هي حلال عندهم حرام عندنا، كمن زنى بذات البعل ثمّ تزوج بها ودخل؛ فإنّهم لا يقولون بحرمتها على الزاني، وعليه: فلو تزوّجها وتشيّع بعد ذلك، فالظاهر حرمتها عليه، وإن قلنا بصحّة نكاحه مادام سنّياً.
أقول: إن كان المستند في هذا الحكم- أي الحكم بالتحريم- هو هدم الإيمان الضلال، واليقين الشك كما ورد في المكاتبة، لا رواية خاصّة دالّة على التحريم، فمضافاً إلى أنّ مقتضى ذلك كون التشيّع موجباً لرفع الآثار السّابقة- التي منها عدم حرمة الزوجة الكذائية؛ لأنّ المفروض حدوث الحرمة بالتشيّع بعد ما لم تكن- لا مؤيّداً؛ لأنّ التشيّع لا يكون موجباً لرفع الآثار السّابقة، يرد عليه: أنّه لا فرق بين هذا الحكم، وبين الحكم بجواز الرجوع بزوجته بعد التشيّع؛ لعدم الفرق بين الموردين.
هذا، ولكن أصل التعبير بهدم إيمانه ضلاله ويقينه شكّه ممّا لا يلائم قاعدة الإلزام بوجه؛ لابتنائها على أنّ اعتقاد المخالف وتديّنه بدينه يلزمه بما ألزمه به نفسه، فالرواية أجنبية عن المقام.
وقد ظهر ممّا ذكرنا أنّه بناءً على القول بحصول الفراق بمجرّد الطلاق، لو استبصر الزوج وأراد الرجوع إليها لا يجوز له ذلك إلّا بعقد جديد.
الجهة الرابعة: في موارد تطبيق القاعدة، وهي موارد كثيرة لا يسهل إحصاؤها، ولكنّ المناسب الإشارة إلى جملة منها:
منها: مسألة الطلاق على غير السنّة التي تقدّم البحث عنها في الجهة الثالثة.
ومنها: مسألة التعصيب؛ وهو توريث العصبة ما فضل من السّهام، والمراد من العصبة هم أقرباء الميّت الذين يتعصبون له، وهم الأب والإبن ومن يتقرّب بهما إلى الميّت، فلو كانت للميّت بنت واحدة وأخ أو عمّ، فبناءً على مذهب الإمامية القائلين ببطلان التعصيب، يكون جميع التركة للبنت، غاية الأمر ثبوت نصفها فرضاً وثبوت النصف الآخر ردّاً، والأخ وكذا العمّ لا يرثان مع وجود البنت أصلًا. وكذلك لو كانت للميّت بنتان مثلًا وأخ أو عمّ، فعلى قول الإمامية يكون جميع التركة للبنتين: الثلثان فرضاً والثلث الباقي ردّاً، ولا يرث الأخ ولا العمّ، بل في فيها- أي العصبة- التراب، كما ورد في الرواية (25) .
وأمّا على القول بالتعصيب فيعطى النصف الزائد على فرض البنت للأخ أو العمّ في المثال الأوّل، والثلث الزائد على فرض البنتين للأخ أو العمّ في المثال الثاني، وهكذا في سائر موارد الإرث التي فيها التعصيب.
وحينئذ، فإن كان من هو من العصبة إماميّاً غير قائل بالتعصيب، فمقتضى قاعدة الإلزام أنّه يجوز له الأخذ بعنوان العصبة، ويصير ملكاً له شرعاً، وقد ورد في رواية عبد اللَّه بن محرز ورواية محمد بن إسماعيل بن بزيع المتقدّمتين التصريح بذلك، بل في الرواية الاولى: «خذوا منهم ما يأخذون منكم»، وهو بمنزلة التعليل، وكيف كان، فلا شبهة في هذه المسألة بوجه.
ومنها: أنّه لو تزوّج الشيعي بامرأة من المخالفين بدون حضور شاهدين عادلين على اليد، فلو مات هذا الشيعي بعد الدخول بها يجوز لورثة الميّت إن كانوا من الشيعة منعها من الإرث والمهر وكلّ ما تستحقّه بسبب الزوجيّة؛ لأنّها كانت معتقدة لبطلان هذا العقد؛ لاشتراط صحّته عندهم بحضور شاهدين (26) ، بخلاف الطلاق، عكس ما يعتقد به الإماميّة في النكاح والطلاق (27) ، فمقتضى قاعدة الإلزام منعها من جميع ذلك بعد بطلان العقد باعتقادها، كما لا يخفى.
ويمكن أن يقال بأنّ القدر المتيقّن من قاعدة الإلزام المستفادة من النصوص المتقدّمة، هو ما لو كان المخالف عاملًا على وفق دينه ومذهبه، بحيث كان عمله صحيحاً حسب اعتقاده، وأمّا لو كان عمله مخالفاً لما يعتقده ويدين به، كما في التزويج في المثال، وكما في الجمع بين العمّة والخالة، وبنت الأخ أو الاخت، فلا تكون هذه الصورة مشمولة للقاعدة، فإنّ الظاهر من قوله عليه السلام في رواية عبد اللَّه بن طاووس ... «من دان بدين قوم لزمته أحكامهم»، أنّه من دان بدين وعمل على طبق دينه ومذهبه، لا على خلافه ومضادّه.
وعليه: فلم يعلم شمول القاعدة لهذا الفرض، بل يمكن أن يقال: بأنّه لا يتحقق قصد النكاح والإنشاء ممّن يرى مدخليّة الأمر الفاقد في صحّة النكاح شرعاً؛ فإنّه مع الالتفات إلى ضرورة وجود الشاهدين في النكاح كيف يتمشّى منه قصد الإنشاء مع فقدهما، ومن المعلوم أنّه مع عدم القصد يكون النكاح باطلًا بحسب اعتقاد الفريقين، فتدبّر جيّداً.
ومنها: العدّة على اليائسة؛ فإنّه لا عدّة عليها في مذهبنا (28) بخلافهم؛ إِذ أنّهم يقولون: إنّها تعتدّ ثلاثة أشهر من تاريخ طلاقها، كما في الفقه على المذاهب الأربعة (29) ، وربما يقال في تطبيق القاعدة على هذا المورد: إنّ قاعدة الإلزام تلزم من كان من العامّة يرى ثبوت العدّة عليها، أن لا يعقد في عدّتها على الاخت وسائر من يحرم عندهم الجمع بينهما، وكذلك لا يجوز عقده على الخامسة مادامت في العدّة، وهكذا بقيّة أحكام العدّة.
مع أنّه لا يخفى أنّ هذا الإلزام لا يكون ناشئاً من قاعدة الإلزام الجارية في حقّ الشيعة بالإضافة إلى المخالف؛ فإنّ الملزم له على ترتيب أحكام العدّة وآثارها هو اعتقاده بلزوم العدّة وثبوتها في اليائسة، لا قاعدة الإلزام الثابتة لنا بالنسبة إليهم، بل مقتضاها في هذا الفرع عدم جواز التزويج لنا بالمرأة المطلّقة اليائسة مادامت لم تخرج من العدّة، وجواز مطالبة المطلّقة منه بالنفقة مادامت في العدّة على تقدير الثبوت في عدّة المطلّقة الشيعية، ومثل ذلك.
ومنها: طلاق المكرَه الذي لا يصحّ عندنا (30) ، ولكنّه يصحّ عند أبي حنيفة وجمع كثير منهم (31) ، فلو كان المطلّق ممّن يقول بقولهم وصدر عنه الطلاق عن إكراه، فمقتضى قاعدة الإلزام جواز التزويج من المطلّقة كذلك كالمطلّقة ثلاثاً في الفرع المتقدّم، وهكذا طلاق السكران (32) وطلاق الحائض مع حضور الزوج (33) ، والطلاق في طهر المواقعة (34) ، ففي جميع ذلك يكون الطلاق فاسداً على مذهبنا، ويكون صحيحاً عند فقهائهم جميعاً، أو في بعض المذاهب، فيجوز إلزامهم بذلك.
ومنها: الطلاق المعلّق، فإن كان المعلّق عليه مشكوك الحصول؛ وهو المعبّر عنه بالشرط، فالظاهر اتفاقنا على البطلان (35)، واتفاقهم على الصحة مع وجود الشرط (36) ، وعليه: فلو وقع من المخالف الطلاق المعلّق بهذا النحو، يجوز للموافق ترتيب آثار الصحة عليه، والتزوّج بزوجته المطلّقة كذلك.
وإن كان المعلّق عليه معلوم الحصول كطلوع الشمس وغروبها، فمنّا من يقول بالصحة (37) ، وبعضنا يقول بالبطلان (38)، وإن كان يظهر من الجواهر أنّ البطلان قول مشهور، بل حكى عن جمع من الكتب الفقهية الإجماع عليه (39) وجعله الحجّة (40)، فإن كان الشيعي ممّن يقول بالصحة، فإجراء أحكام الصحة لا يرتبط حينئذ بقاعدة الإلزام، وإن كان ممّن يقول بالبطلان فالحكم بالصحة يبتني على هذه القاعدة ويصير من مواردها.
ومنها: الحلف بالطلاق؛ فإنّه لا ينعقد اليمين بالطلاق عندنا بخلافهم (41) ، قال ابن رشد في محكيّ البداية: «واتفق الجمهور في الأيمان التي ليست إقساماً بشيء، وإنّما تخرج مخرج الإلزام الواقع بشرط من الشروط، مثل أن يقول القائل: فإن فعلت كذا فعليّ مشى إلى بيت اللَّه، أو إن فعلت كذا وكذا فغلامي حرّ، أو امرأتي طالق، أنّها تلزم في القرب، وفيما إذا التزمه الإنسان لزمه بالشرع، مثل الطلاق والعتق، واختلفوا هل فيها كفّارة أم لا؟» (42) وعليه: فلو حلف العامي أنّه إن فعل كذا وكذا فامرأته طالق، وصادف أنّه فعل ذلك الشيء، فيجوز للشيعي ترتيب آثار الطلاق والتزويج بالمطلّقة الكذائية.
ومنها: خيار الشرط، فالشيعة لا تقيّده بوقت، بل يعتبرون أن يكون مدّة مضبوطة لا تحتمل الزيادة والنقصان (43) ، والمالكية بعد تقسيمهم مدّة خيار الشرط بالنسبة إلى المبيع إلى أربعة أقسام: منها: بيع العقار، قالوا فيه: بأنّه يمتدّ إلى ستّة وثلاثين يوماً(44).
والشافعية (45) والحنفية (46) يشترطون ثلاثة أيّام، والحنابلة (47) يقولون بمثل قولنا، وعليه: فربما يقال في تطبيق القاعدة على هذا المورد بأنّه للجعفري إلزام غيره من اتّباع هؤلاء- غير الحنابلة- بتحديد مدّة الشرط وعدم التجاوز عن ذلك.
وأنا أقول: لا وجه للإلزام بالتحديد وعدم التجاوز؛ فإنّهم تارة: يشترطون الخيار في المدّة المحدودة، واخرى: يتجاوزون عنها في مقام الاشتراط، وثالثة: يشترطون أصل الخيار من غير ذكر المدّة، أو مع ذكر المدّة من دون قيد، أو ذكر مدّة مجهولة.
ففي الأوّل: لا مجال لجريان قاعدة الإلزام كما هو واضح.
وفي الثاني: تجري القاعدة وتحكم بالبطلان رأساً، أو الرجوع إلى الحدّ، بناءً على جريان قاعدة الإلزام فيما لو عملوا على خلاف اعتقادهم، على خلاف ما احتملناه سابقاً من الاختصاص بما إذا كان عملهم مطابقاً لاعتقادهم.
وفي الثالث: إن كانوا يحكمون فيه بالبطلان لا وجه لجريان قاعدة الإلزام؛ لتوافق الفريقين على ذلك، وإن كانوا يحكمون فيه بالصّحة والرجوع إلى الحدّ، كما يؤيّده فتوى بعض الخاصّة بذلك في بعض فروض القسم الثالث، كما يظهر من مراجعة خيارات مكاسب الشيخ الأعظم الأنصاري قدس سره (48) ، فمقتضى قاعدة الإلزام تأثير الفسخ في المدّة فيما لو كان الفسخ موافقاً لنظر الطرف الذي هو إماميّ على المفروض؛ فإنّ مقتضى قوله عليه السلام: من دان بدين قوم لزمته أحكامهم ، الالتزام بتأثير الفسخ.
وأمّا اقتضاؤه لجواز الفسخ وتأثيره مطلقاً فغير معلوم، بل معلوم العدم؛ لعدم جريان قاعدة الإلزام في مثل هذه الصّورة ممّا كان بعض الخاصّة موافقاً لهم، خصوصاً إذا كان ذلك البعض ممّن يشار إليه بالبنان ويعدّ من الأركان؛ لأنّ الظاهر أنّ مجرى القاعدة هو ما إذا كان مرامهم ومذهبهم واضحاً عند الإماميّة ومعدوداً من مشخّصاتهم ومميزاتهم. وأمّا مع ثبوت الاختلاف وكون بعضنا موافقاً لهم فلا مجال لجريانها، كما لا يخفى.
ومنها: إرث الزوجة، فإنّهم يحكمون بأنّه يكون من جميع تركة زوجها، نقوداً، أو عروضاً، أو أراضي مملوكة، أو بساتين، أو غيرها، من غير فرق ظاهراً بين ذات الولد من الزوج وغير ذات الولد (49) .
وأمّا الإمامية فهم وإن اختلفوا في ذات الولد، إلّا أنّهم اتفقوا في غير ذات الولد على عدم إرثها من جميع التركة، بل لا ترث من الأرض لا عيناً ولا قيمة، وترث من الأشجار والبناء والنخيل وسائر ما هو ثابت في الأرض القيمة دون العين (50) .
وعليه: فمقتضى قاعدة الإلزام في هذا المورد، أنّه إذا كان الميت مخالفاً والزوجة شيعية ولم تكن ذات ولد من الزوج، الحكم بأنّها ترث من جميع التركة، ولا تكون محرومة من شيء، وإرثها من العين دون القيمة.
ومنها: طواف النساء، فإنّهم لا يوجبونه في الحج (51) ، والشيعة قائلون بوجوبه (52) ، وإن لم يكن ركناً من أركان الحج، وفرّعوا عليه أنّ الإخلال به يوجب عدم حلّية النساء عليه مطلقاً حتى العقد عليها، وحينئذ لو حج سنّي وزوجته شيعية، أو بالعكس، لا يحلّ لكلّ واحد الطرف المقابل عندنا، ولكن مقتضى قاعدة الإلزام الجارية في حق الشيعة الحلّية؛ نظراً إلى دينه، وأنّ من دان بدين قوم لزمته أحكامهم، وكذا يجوز للموافق التزويج بالحاج المخالف التارك لطواف النساء على مذهبه؛ لهذه القاعدة، إلّا أن يقال بعدم جريانها إلّافي موارد يكون إلزام المخالف ضرراً عليه، ولا يجري في غير موارد الضّرر؛ لأنّ كلمة الإلزام ظاهرة فيه، وفي المقام يكون الإلزام بنفعه دون ضرره.
وعليه: فلابدّ لحلّ مشكلة حجّ المخالف من التطرّق إلى غير قاعدة الإلزام، فنقول:
يمكن أن يكون الوجه فيه جريان سيرة أصحاب الأئمة عليهم السلام المختلطين بالعامّة اختلاطاً كثيراً، خصوصاً مع كثرتهم ومعاملتهم مع حجّاجهم المعاملة مع حجّاج الشيعة في ما يرتبط بمسألة النّساء، وحكمهم ببقاء نسائهم على الزوجية بعد الحج، وجواز العقد على مرأة جديدة، ولم يظهر من الأئمة عليهم السلام الردع عن ذلك، مع كون هذه الجهة بمرأى ومسمع منهم، فسكوتهم دليل على الرّضا، ونتيجة ذلك امضاء حجّهم ولو كان فاقداً لطواف النساء، ولا ارتباط له بقاعدة الإلزام أصلًا؛ لما ذكرنا في وجهه. وحكمهم عليهم السلام باعتبار طواف النساء في الحج (53) ، ومدخليته في حلّية النساء بقاءً وحدوثاً لا يكون ردعاً عن هذه السيرة العملية؛ لاحتياج الردع في مثلها إلى التصريح، كما لا يخفى.
ويمكن أن يكون الوجه فيه: أنّهم حيث يعتبرون في الحجّ طواف الوداع، ويقول الأغلب منهم: بوجوبه ولزوم الإتيان به، يكون ذلك الطواف بحكم طواف النساء في التأثير، ويدلّ عليه خبر إسحاق: لو لا ما منّ اللَّه به على الناس من طواف الوداع لرجعوا إلى منازلهم، ولا ينبغي لهم أن يمسّوا نساءهم (54).
بل عن علي ابن بابويه الفتوى به في الشيعي الناسي لطواف النساء الآتي بطواف الوداع (55)، واحتمال أن يكون المراد من الرواية أنّ الإتّفاق على فعل طواف الوداع سبب لتمكّن الشيعة من طواف النساء؛ إذ لولاه لزمته التقية بتركه غالباً، في غاية البعد، بل الظاهر أنّ المراد بالناس فيه هم العامّة غير القائلين بطواف النساء، ولا مجال لاستفادة حكم الشيعي من الرواية إذا كان كذلك بعد كون موردها المخالفين.
ومنها: الشفعة بالجوار، فعلى ما حكاه ابن رشد في بدايته يقول أهل العراق بأنّ الشفعة مرتّبة، فأولى الناس بالشفعة الشريك الذي لم يقاسم، ثمّ الشريك المقاسم إذا بقيت في الطرق أو في الصّحن شركة، ثمّ الجار الملاصق. وقال أهل المدينة: لا شفعة للجار ولا للشريك المقاسم (56) ، وقال المحقّق في كتاب الشفعة من الشرائع: المقصد الثاني في الشفيع؛ وهو كلّ شريك بحصّة مشاعة قادر على الثمن، ويشترط فيه الإسلام إذا كان المشتري مسلماً، فلا تثبت الشفعة للجار بالجوار، ولا فيما ما قسّم ومُيّز إلّا مع الشركة في طريقه أو نهره (57) .
وربما يقال في تطبيق القاعدة على هذا المورد: إنّه لو كان لسنّي جار شيعي، وأراد السنّي بيع داره، فللشيعي أن يأخذ بالشفعة وأخذ الدّار منه؛ إلزاماً له بما يدين به، وإن كان هو غير معتقد بثبوت حقّ الشفعة للجار.
أقول: حيث إنّ الشفعة حقّ للشريك أو الجار على تقديره على المشترى لا على البائع، ضرورة أنّ حقّ الشفعة يرجع إلى تسلّط صاحبه على أخذ المال من يد المشتري بغير رضاه، على خلاف قاعدة تسلّط الناس على أموالهم، ولذا اشترط المحقق في عبارته المتقدمة إسلام الشفيع إذا كان المشتري مسلماً، فلابدّ في إجراء قاعدة الإلزام من ملاحظة حال المشتري، وأنّه هل يكون مخالفاً أو موافقاً، فإذا كان الأوّل يحكم بمقتضى تديّنه بثبوت حقّ الشفعة للجار بناءً على تبعيّته لأهل العراق القائلين بثبوت ذلك الحق له في المرتبة الثالثة، وإن كان البائع شيعيّاً. وإذا كان الثاني فلا مجال لإعمال حق الشفعة بالإضافة إليه، وإن كان البائع سنيّاً.
وبالجملة: لابدّ في إجراء قاعدة الإلزام من ملاحظة حال المشتري دون البائع، كما عرفته في القول المذكور.
ومنها: أبواب الضمانات؛ سواء كان الضمان ضماناً واقعياً وهو الضمان بالمثل أو القيمة، أم كان ضماناً معاوضيّاً وهو المعبّر عنه بالضمان بالمسمّى، وتطبيق القاعدة على هذه الأبواب بأنّه في كلّ مورد يكون الضمان بأحد الوجهين ثابتاً باعتقاد المخالف فمقتضاها الحكم بثبوته وإن لم يكن عليه ضمان عندنا وعلى اعتقادنا، فيجوز إلزامه بذلك على طبق القاعدة، وأخذ المثل أو القيمة أو المسمّى منه، والتصرّف فيه بأيّ نحو شاء وإن كان الحكم الأوّلي غير ذلك، وموارد هذا القسم كثيرة، ولا بأس بالإشارة إلى جملة منها:
1- ما لو باع حيواناً من المخالف وقبضه المشتري، ثمّ تلف في يده في أيّام خيار الحيوان الثابت للمشتري، فالإماميّة قائلون بأنّ التلف من البائع؛ لقاعدة التلف في زمن الخيار ممّن لا خيار له (58) ، والمخالفون قائلون: بأنّ التلف من المشتري (59)؛ لإنكارهم هذه القاعدة وقولهم: إنّ التلف ممّن وقع في يده وهو المشتري.
وعليه: فمقتضى قاعدة الإلزام الجارية في البائع الشيعي عدم وجوب ردّ الثمن إليه؛ لأنّ مقتضى اعتقاد المشتري ذلك وإن كان مذهب الإمامية لزوم ردّ الثمن بناءً على كون مفاد قاعدة التلف المذكورة حصول الانفساخ القهري قبل التلف آناًمّا ووقوعه في ملك البائع، فيجب عليه ردّ الثمن؛ سواء كان مساوياً للمبيع قيمة أو مخالفاً له كذلك، وسواء كان من جنسه أو من غيره، كما هو ظاهر كلام الأصحاب، بل صريح جماعة منهم؛ كالمحقق والشهيد الثانيين (60) ، أو لزوم ردّ المثل أو قيمة المبيع بناءً على كون مفاد القاعدة مجرّد الضمان دون الانفساخ، كما هو ظاهر بعض الكلمات، كالشهيد في الدروس (61) .
وبالجملة: لا يجب عليه بمقتضى قاعدة الإلزام ردّ شيء إلى المشتري المخالف.
2- الوديعة، وفيها فرعان:
الأوّل- الوديعة المحفوظة عند من يساكن المستودع عادة، وقيل في تطبيق القاعدة عليها ما هذه عبارته: الوديعة عندنا ليست بمضمونة مع المحافظة عليها، من غير فرق بين أن يحفظها الإنسان عند ولده أو زوجته أو غيرهما، بل عند كلّ شخص يحفظ عنده ماله عادة (62) . قال العلّامة الحلّي قدس سره في تبصرته في البحث عن الوديعة:
ويضمن المستودع مع التفريط لا بدونه (63) . وقال المحقّق في الشرائع في المورد نفسه:
وإذا استودع وجب عليه الحفظ، ولا يلزمه دركها لو تلفت من غير تفريط أو اخذت منه قهراً (64). أمّا أبو حنيفة، فقد ذهب إلى عدم وجوب الضمان لو أودعها عند من يساكنه من العيال، قال في الفقه على المذاهب الأربعة: الحنفيّة قالوا: على أنّ للوديع أن يحفظ الوديعة عند من يساكنه عادة من عياله- إلى قوله:- فإذا دفع الوديعة لولده ونحوه ممّن يساكنه من عياله فهلكت عند الثاني؛ فإنّ الأوّل لا يضمن؛ لأنّه دفعها لمن يصحّ أن يحفظ عنده ماله (65) .
وبناءً على هذا فلو أودع حنفيّ وديعة عند شيعي، وأودعها الشيعي عند زوجته أو من يساكنه من عياله وتلفت، فليس للحنفي أن يطالبه بتلك الوديعة ولا بضمانها؛ لأنّ الشيعي قد أودعها عند من يصحّ إيداعها عنده، ولا شيء عليه إلزاماً له بما يدين به من عدم الضمان في هذه الصورة.
أقول: أوّلًا: غير خفيّ أنّ غرض الحنفية من الكلام المنقول عنهم أنّه لا يجب على المستودع أن تكون الوديعة باقية عند نفسه، بل الواجب عليه هو حفظها، وله طرق، منها: دفعها إلى الولد ونحوه ممّن يساكنه عادة، وليس لهذا الكلام مفهوم؛ وهو عدم جواز الدفع إلى غير من يساكنه عادة، ولو كان حافظاً لها أشدّ الحفظ، وعليه: فلا خلاف ظاهراً بين الحنفية وسائر الفرق أصلًا.
وثانياً: أنّ مورد القاعدة ما لو كان نظر الشيعي مخالفاً لنظر المخالف، ولكنّه يلزمه بمقتضى نظره الذي هو بضرره؛ وفي مثال الوديعة المذكور الذي يكون المودع فيه حنفيّاً والمستودع شيعيّاً لا فرق بين النظرين؛ لأنّه كما يقول الحنفية بعدم الضمان، كذلك يقول الشيعة بذلك؛ لأنّ المفروض عدم تحقق التعدّي والتفريط، فلا مجال في مثله لإجراء القاعدة، وبعبارة اخرى: مجرى القاعدة ما لو كان معتقد المخالف مخالفاً للحكم الواقعي الأوّلي الثابت عندنا، وفي المثال لا اختلاف بيننا وبينهم أصلًا.
الثاني: الوديعة التي يمكن اختفاؤها، وليست بذهب وفضّة، ولا درهم ودينار، ولم يشترط على المستودع الضمان، ففيها يقول فقهاؤنا بعدم ثبوت الضمان (66) , ولكنّهم في بعض مذاهبهم- على ما حكي- يقولون بالضمان (67) ، فإذا كان المودع إماميّاً، والمستعودع من أهل ذلك المذهب القائل بثبوت الضمان، يجوز للمودع أخذ المثل أو القيمة منه في صورة التلف بمقتضى قاعدة الإلزام، وإن لم يكن هو قائلًا بالضمان أصلًا.
3- ما لو باع شيئاً من المخالف الحنفي، ولم يشترط خياراً لهما، أو لخصوص المشتري، فلو فسخ المشتري وهما بعد في المجلس ولم يتحقق التفرّق، فللبائع الشيعي إلزامه ببقاء المعاملة وعدم صحّة هذا الفسخ؛ من جهة أنّ مذهبه أنّه لا خيار في المجلس إلّا بالشرط (68) ، فإذا لم يكن هناك شرط فلا خيار، وإن كان مذهب البائع ثبوت خيار المجلس ولو من دون اشتراط (69).
وهكذا الحال لو كان المشتري مالكيّاً؛ حيث إنّهم ينكرون خيار المجلس رأساً (70) .
أقول: قد عرفت احتمال عدم كون مثل هذا المورد مجرى القاعدة، فإنّ مجراها ما إذا كان المخالف عاملًا على طبق اعتقاده ودينه، لا على خلافه، ومن المعلوم أنّ الفسخ في المثال خلاف مذهبه؛ حيث إنّه يرى عدم ثبوت حقّ الفسخ له أصلًا.
4- ما لو باع حرّاً وعبداً صفقة واحدة من حنفي، فالإمامية قائلون بأنّ البيع صحيح بالنسبة إلى العبد، وباطل بالإضافة إلى الحرّ (71) ، ولكنّ الحنفية قائلون بالبطلان في الجميع (72) ، فإذا كان البائع شيعيّاً وندم على بيع عبده، يجوز له إلزامه بردّ العبد؛ لاعتقاده ببطلان بيعه أيضاً وإن كان هو قائل بصحته بالنسبة إليه. ومثله ما لو باع خمراً وخلًاّ، أو شاة وخنزيراً ومثلهما.
ومنها: الرهن، وفيه فروع كثيرة مرتبطة بقاعدة الإلزام، ونحن نتعرّض لجملة منها:
الأوّل: قال الشيخ قدس سره في محكيّ كتاب الخلاف: إذا رهن عند غيره شيئاً وشرط أن يكون موضوعاً على يد عدل، صحّ شرطه، ثمّ (73) ذكر بعده:
لا يجوز للعدل أن يبيع الرهن إلّا بثمن مثله حالّاً، ويكون من نقد البلد إذا أطلق له الإذن، فإن شرط له جواز ذلك كان جائزاً، وحكى عن أبي حنيفة أنّه قال: يجوز له بيعه بأقلّ من ثمن مثله وبنسيئة، حتّى لو وكلّه في بيع ضيعة تساوي مائة ألف دينار، فباعها بدانق نسيئة إلى ثلاثين سنة كان جائزاً (74) . وعلى هذه الفتوى لو كان الراهن حنفيّاً، وشرط أن يكون الرهن عند عدل، يجوز له إلزامه بمقتضى قاعدة الإلزام بصحّة البيع كذلك، كما هو ظاهر.
الثاني: أنّ الصحيح عند الإمامية عدم ثبوت الضمان في الرّهن إلّا مع التعدّي والتفريط (75) ؛ لأنّه قسم من أقسام الأمانة المالكية التي ليس فيها الضمان إلّافي الصّورتين، ولكن حكى الشيخ قدس سره في الكتاب المزبور عن أبي حنيفة: أنّ الرهن مضمون بأقّل الأمرين (76) ، وهما: الدين وقيمة العين المرهونة، وعليه: فلو كان المرتهن حنفيّاً وتلف عنده العين المرهونة بدون تعدّ وتفريط، يجوز إلزامه بأقلّ الأمرين؛ لقاعدة الإلزام، وإن كان لا ضمان عليه عندنا في هذه الصورة.
الثالث: حكى الشيخ قدس سره (77) أيضاً عن أبي حنيفة: أنّ العدل لو باع الرهن لأداء الدين وقبض الثمن، فلو تلف الثمن بعد القبض يسقط من الدين بمقدار الثمن، وبعبارة اخرى: يكون ثمن الرهن في ضمان المرتهن، مع أنّه غير صحيح عندنا (78) ؛ لأنّه لا وجه لسقوط دين المرتهن ما لم يقبض دينه، ولكنّ المرتهن إن كان حنفيّاً يجوز إلزامه بسقوط دينه لقاعدة الإلزام.
الرّابع: حكى الشيخ قدس سره (79) عن أبي حنيفة أيضاً: أنّ منفعة العين المرهونة لا تكون للراهن ولا للمرتهن، فإذا كانت داراً مثلًا لا يجوز للراهن ولا للمرتهن أن يسكنها أو يؤاجرها. وأمّا نماؤها المنفصل، فيدخل في الرهن، فيكون رهناً مثل أصله، مع أنّ الصحيح عندنا (80) أنّ منفعة الرهن إنّما تكون ملكاً لمالكها، وكذا النماء المنفصل يكون ملكاً له، ولا يكون رهناً، وعليه: فلو كان الراهن حنفيّاً يجوز بمقتضى القاعدة إلزامه بدخول النماء المنفصل في الرّهن، وبعدم تصرّفه في العين المرهونة بالسكونة والإيجار.
ومنها: منافع العين المغصوبة، فالمحكي عن أبي حنيفة المصرّح به في صحيحة أبي ولّاد المعروفة ، الواردة في البغلة التي اكتراها فخالف، أنّ الغاصب لا يضمن المنافع وإن استوفاها، وقد ذكر في الرواية تصريحه بسقوط الكراء بمجرّد المخالفة وتحقّق الغصب، وهذه هي الفتوى التي قال الإمام عليه السلام في تلك الرواية في شأنها: «في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءَها، وتحبس الأرض بركتها». وأمّا نحن فنقول بضمانها، خصوصاً إذا كانت مستوفاة (81) ، وعلى ما ذكر لو كان المغصوب منه حنفيّاً يجوز إلزامه بمقتضى قاعدة الإلزام بذلك، ومنعه عن أخذ قيمة منافع العين المغصوبة مطلقاً.
ومنها: ضمان المجهول، أي: ضمان الدين الذي لا يعلم مقداره، وأنّه قليل أو كثير، فإنّه باطل عندنا (82) ، والمحكي عن أبي حنيفة ومالك (83) صحّة هذا الضمان، وعليه: فلو كان الضامن حنفيّاً أو مالكيّاً، يجوز إلزامه- بمقتضى قاعدة الإلزام- بصحة الضمان ولو كان الدين مجهولًا، وهكذا ضمان ما لم يجب بناءً على بطلانه عندنا (84) .
ومنها: موارد اخرى كثيرة متفرّقة في أبواب الفقه تظهر لمن تتبّعها.
هذا تمام الكلام في قاعدة الإلزام.
______________
(1) جواهر الكلام: 32/ 87 والقواعد الفقهية للمحقق البجنوردي: 3/ 179.
(2) تهذيب الأحكام: 8/ 58 ح 190، الاستبصار: 3/ 292 ح 1031، وعنهما وسائل الشيعة: 22/ 73، كتاب الطلاق، أبواب مقدّماته وشرائطه ب 30 ح 5.
(3) الاستبصار: 4/ 148 ح 555، وفي التهذيب: 9/ 322 ح 1156 ألزموهم بما ألزموا أنفسهم.
(4) تهذيب الأحكام: 8/ 57 ح 186، الاستبصار: 3/ 291 ح 1027، وعنهما وسائل الشيعة: 22/ 72، كتاب الطلاق، أبواب مقدّماته وشرائطه ب 30 ح 1.
(5) تهذيب الأحكام: 8/ 58 ح 189، الاستبصار: 3/ 292 ح 1030، وعنهما وسائل الشيعة: 22/ 73، كتاب الطلاق، أبواب مقدّماته وشرائطه ب 30 ح 4.
(6) تهذيب الأحكام: 8/ 59 ح 191، الاستبصار: 3/ 292 ح 1033، وعنهما وسائل الشيعة: 22/ 73، كتاب الطلاق، أبواب مقدّماته وشرائطه ب 30 ح 7.
( 7) عيون أخبار الرضا عليه السلام: 2/ 85 ب 32 ح 28، علل الشرائع: 511 ب 284ح1 الفقيه: 3/ 257 ح 1220، تهذيب الأحكام: 8/ 59 ح 193 وج 7/ 257 ح 1880، الاستبصار: 3/ 292 ح 1035، وعنها وسائل الشيعة: 22/ 74 كتاب الطلاق، أبواب مقدّماته وشرائطه ب 30 ح 9، وفي البحار: 104/ 152 ح 54 عن العيون والعلل.
( 8) عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1/ 310 ح 74، معاني الأخبار: 263 ح 1، اختيار معرفة الرجال، المعروف برجال الكشي: 604 ح 1123، وعنها وسائل الشيعة: 22/ 75، كتاب الطلاق، أبواب مقدّماته وشرائطه ب 30 ح 11، وفي البحار: 104/ 152 ح 55 عن العيون والمعاني.
( 9) تهذيب الأحكام: 8/ 58 ح 188، الاستبصار: 3/ 291 ح 1029، وعنهما وسائل الشيعة: 22/ 73، كتاب الطلاق، أبواب مقدّماته وشرائطه ب 30 ح 3.
( 10) تهذيب الأحكام: 8/ 58 ح 187، الاستبصار: 3/ 291 ح 1028، وعنهما وسائل الشيعة: 22/ 72، كتاب الطلاق، أبواب مقدّماته وشرائطه ب 30 ح 2.
( 11) تهذيب الأحكام: 9/ 322 ح 1155، الاستبصار: 4/ 148 ح 554، وعنهما وسائل الشيعة: 26/ 158، كتاب الفرائض والمواريث، أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب 4 ح 4.
( 12) تهذيب الأحكام: 9/ 321 ح 1153، الاستبصار: 4/ 147 ح 552، الكافي: 7/ 100 ح 2، وعنها وسائل الشيعة: 26/ 158، كتاب الفرائض والمواريث، أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب 4 ح 2.
( 13) تهذيب الأحكام: 9/ 323 ح 1161، وعنه وسائل الشيعة: 26/ 159، كتاب الفرائض والمواريث، أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب 4 ح 6.
( 14) الكافي: 5/ 313 ح 40، تهذيب الأحكام: 7/ 226 ح 989، وعنهما وسائل الشيعة: 17/ 89، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب 4 ح 4.
( 15) لم نعثر على الكتاب عاجلًا.
( 16) جواهر الكلام: 32/ 89.
( 17) السرائر: 2/ 685.
( 18) القواعد الفقهية للمحقق البجنوردي: 3/ 193.
( 19) الانتصار: 308، الشرائع: 3/ 23، جواهر الكلام: 32/ 116.
( 20) الكافي: 5/ 424 ح 4، الفقيه: 3/ 257 ح 1218، تهذيب الأحكام: 7/ 470 ح 1883 وج 8/ 56 ح 183، الاستبصار 3/ 289 ح 1022، وعنها وسائل الشيعة: 20/ 495، كتاب النكاح، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب 35 ح 1 وج 22/ 68، كتاب الطلاق، أبواب مقدّماته وشرائطه ب 29 ح 20.
وفي البحار: 104/ 5 ح 18 ومستدرك الوسائل: 15/ 300، كتاب الطلاق، أبواب مقدّماته وشرائطه ب 22 ح 18314 عن نوادر ابن عيسى: 107 ح 261.
( 21) دعائم الإسلام: 2/ 263 ح 1002، وعنه مستدرك الوسائل: 15/ 304، كتاب الطلاق، أبواب مقدّماته وشرائطه ب 23 ح 1.
( 22) مثل مكاتبة الهمداني ورواية عبد الأعلى المتقدّمتين في ص 158.
( 23) مثل مكاتبة الهمداني ورواية عبد الأعلى المتقدّمتين في ص 158.
( 24) الكافي: 8/ 125 قطعة من ح 95، وعنه وسائل الشيعة: 22/ 63، كتاب الطلاق، أبواب مقدّماته وشرائطه ب 29 ح 6.
( 25) الكافي: 7/ 75 ح 1، تهذيب الأحكام: 9/ 267 ح 972، وعنهما وسائل الشيعة: 26/ 64، كتاب الفرائض والمواريث، أبواب موجبات الإرث ب 1 ح 3.
( 26) الأُمّ: 5/ 23، بدائع الصنائع: 2/ 522- 523، بداية المجتهد: 2/ 17.
( 27) الخلاف: 4/ 261 مسألة 13 وص 453 مسألة 5، الانتصار: 281- 282 و299، الوسيلة إلى نيل الفضيلة: 291 و321 المراسم العلوية: 153 و163، الكافي في الفقه: 293 و305، غنية النزوع: 345 و371.
( 28) الخلاف: 5/ 53 مسألة 1.
( 29) الفقه على المذاهب الأربعة: 4/ 549- 552، المغني لابن قدامة: 9/ 89..
( 30) الخلاف: 4/ 478 مسألة 44، المختصر النافع: 307، نهاية المرام: 2/ 11.
( 31) تبيين الحقائق: 2/ 294، بدائع الصنائع: 3/ 160 وج 6/ 193- 194، المغني لابن قدامة: 8/ 259.
( 32) الأمّ: 5/ 270، المجموع: 18/ 192، إعانة الطالبين: 3/ 5، الخلاف: 4/ 480 مسألة 45.
( 33) المبسوط للسرخسي: 6/ 16، المغني المحتاج: 3/ 309، المجموع: 18/ 205- 209، الخلاف: 4/ 446 مسألة 2، الانتصار: 306.
( 34) المبسوط للسرخسي: 6/ 16، المغني المحتاج: 3/ 309، المجموع: 18/ 205- 209، الخلاف: 4/ 446 مسألة 2، الانتصار: 306.
( 35) الانتصار: 298.
( 36) المجموع شرح المهذّب: 18/ 274- 275، بداية المجتهد: 2/ 78- 79.
( 37) نهاية المرام: 2/ 31.
( 38) كشف اللئام: 8/ 37.
( 39) كالانتصار: 298، وإيضاح الفوائد: 3/ 310، والتنقيح الرائع: 3/ 308، والروضة البهية 6/ 16.
( 40) جواهر الكلام: 32/ 78.
( 41) الانتصار: 352، الخلاف: 6/ 139 مسألة 32، الحاوي الكبير: 19/ 462- 467، حلية العلماء: 7/ 289.
( 42) بداية المجتهد: 1/ 428- 429.
( 43) الانتصار: 433، الخلاف: 3/ 31 مسألة 42.
( 44) أسهل المدارك: 2/ 95.
( 45) المهذّب في فقه الشافعي: 2/ 5، المحلّى بالآثار: 7/ 262.
( 46) المحلّى بالآثار: 7/ 260 مسألة 1421، المبسوط للسرخسي: 13/ 41، عمدة القارئ: 8/ 471، اللباب في شرح الكتاب: 2/ 12.
( 47) المبسوط للسرخسي: 7/ 41، المغني لابن قدامة: 4/ 95- 96، عمدة القارئ: 8/ 471.
( 48) المكاسب( تراث الشيخ الأعظم): 5/ 116- 119.
( 49) الخلاف: 4/ 116 مسألة 131، المغني لابن قدامة: 7/ 18- 19، المجموع شرح المهذب: 17/ 208.
( 50) السرائر: 3/ 258- 259، مسالك الأفهام: 13/ 184- 195، رياض المسائل: 12/ 582- 590.
( 51) بداية المجتهد: 1/ 357، ردّ المحتار على الدرّ المختار: 3/ 468- 470، المهذّب في فقه الشافعي: 4031، 417 و422، الخلاف: 2/ 363 مسألة 199، الوجيز في فقه الشافعي: 1/ 260، 263 و265، السراج الوهّاج: 156، 162 و164، المغني لابن قدامة: 3/ 469.
( 52) المبسوط: 1/ 360، الكافي في الفقه: 194- 195، المهذّب: 1/ 231- 232، تذكرة الفقهاء: 8/ 353- 355، إصباح الشيعة: 154- 155، الجامع للشرائع: 200.
( 53) وسائل الشيعة: 13/ 298، كتاب الحج، أبواب الطواف ب 2.
( 54) الكافي: 4/ 513 ح 3، وسائل الشيعة: 13/ 299 كتاب الحج، أبواب الطواف ب 2 ح 3.
( 55) حكى عنه في مختلف الشيعة: 4/ 217 مسألة 170.
( 56) بداية المجتهد: 2/ 255.
( 57) شرائع الإسلام: 3/ 254- 255.
( 58) المراسم العلوية: 177، الخلاف: 3/ 39 مسألة 55، شرائع الإسلام: 2/ 23- 24، تذكرة الفقهاء: 11/ 181.
( 59) النتف في الفتاوى: 280- 281، المبسوط للسرخسي: 13/ 44، شرح فتح القدير: 5/ 503- 511، اللباب في شرح الكتاب: 1/ 238- 239.
( 60) جامع المقاصد: 4/ 309، مسالك الأفهام: 3/ 217.
( 61) الدروس الشرعية: 3/ 271.
( 62) لم نعثر عليه عاجلًا.
( 63) تبصرة المتعلّمين: 109.
( 64) شرائع الإسلام: 2/ 163.
( 65) الفقه على المذاهب الأربعة: 3/ 253- 254.
( 66) الحدائق الناضرة: 25/ 403- 404، جواهر الكلام: 27/ 102- 103.
( 67) الخلاف: 4/ 171- 172 مسألة 2، البحر الزخّار: 5/ 170.
( 68) الخلاف: 3/ 9 مسألة 7، شرح فتح القدير: 5/ 464، عمدة القارئ شرح صحيح البخاري: 8/ 388، الفتاوى الهندية: 3/ 38- 39.
( 69) المؤتلف من المختلف: 1/ 443، تلخيص المرام في معرفة الأحكام: 101، المهذّب البارع: 2/ 372، كنز الفوائد في حلّ مشكلات القواعد: 1/ 445- 446، حاشية الإرشاد، المطبوع مع غاية المراد 2: 95.
( 70) المقدّمات الممهّدات لابن رشد: 2/ 85- 86، المحلّى بالآثار: 7/ 238، مواهب الجليل: 6/ 301- 303، حاشية الخرشي على مختصر خليل: 5/ 453- 454، حاشية العدوي على الخرشي: 453- 454.
( 71) الخلاف: 3/ 145 مسألة 233، شرائع الإسلام: 2/ 15، كشف الرموز: 1/ 446، مسالك الأفهام: 3/ 163.
( 72) تبيين الحقائق: 4/ 60، المجموع: 9/ 371.
( 73) الخلاف: 3/ 242- 243 مسألة 40.
( 74) الخلاف: 3/ 244 مسألة 44، نهج الحق وكشف الصدق: 489، الفتاوى الهندية: 5/ 443، المبسوط للسرخسي: 21/ 82- 84، المغني لابن قدامة: 4/ 393، اللباب في شرح الكتاب: 2/ 58.
( 75) غنية النزوع: 245، السرائر: 2/ 419، رياض المسائل: 8/ 531، نهج الحقّ وكشف الصدق: 489.
( 76) الخلاف: 3/ 245 مسألة 46، المبسوط للسرخسي: 21/ 64- 65، الشرح الكبير: 4/ 410، تبيين الحقائق شرح كنوز الدقائق: 6/ 63- 64، الهداية شرح بداية المبتدي: 4/ 468.
( 77) الخلاف: 3/ 245- 246 مسألة 47، المبسوط للسرخسي: 21/ 81، المغني لابن قدامة: 4/ 394، النتف: 2/ 374.
( 78) مسالك الأفهام: 4/ 44.
( 79) الخلاف: 3/ 251 مسألة 58، تبيين الحقائق: 6/ 94، المغني لابن قدامة: 4/ 434- 435، المحلّى بالآثار: 6/ 368.
( 80) نهج الحقّ وكشف الصدق: 490.
( 81) غنية النزوع: 281، شرائع الإسلام: 3/ 243- 244، تذكرة الفقهاء: 2/ 381( ط. ق).
( 82) المبسوط: 2/ 335، الخلاف: 3/ 319 مسألة 13، السرائر: 2/ 72.
( 83) المغني لابن قدامة: 5/ 72، البحر الزخّار: 6/ 76، المجموع شرح المهذّب: 14/ 270- 271.
( 84) الخلاف: 3/ 319 مسألة 13، تذكرة الفقهاء: 2/ 89( ط. ق).
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|