أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-8-2016
1693
التاريخ: 8-8-2016
1753
التاريخ: 31-8-2016
1754
التاريخ: 9-8-2016
1698
|
...قبل الخوض في بيان المقصود لابد لنا من التنبيه على امر وهو ان الفرق بين الفحص في المقام والفحص في الشبهات البدوية في موارد التمسك بالأصول العملية هو ان الفحص في المقام انما هو لأجل الاطلاع على ما يزاحم الدليل ويمنع من الاخذ به بعد الفراغ عن تحقق المقتضى للأخذ به في نفسه إذ المفروض ان الظهور في الكلام قد انعقد بتمامه مع عدم الاتيان بالقرينة المتصلة وذلك مقتض للعمل به فالفحص عن المخصص انما هو لرفع احتمال المانع والمزاحم واما الفحص في الشبهات البدوية فانما هو لأجل تتميم مقتضى جواز العمل بالأصل بداهة انه لا يستقل العقل بقبح العقاب على مخالفة التكليف المجهول إذا لم يقم العبد بما هو وظيفته من الفحص عن احكام المولى مع احتمال قيام المولى بما هو وظيفته من بيان احكامه المتوجهة إلى عبده بحيث ان العبد لو تفحص عنها لظفر بها فالشك في الحكم لا يكون مقتضيا لجواز الرجوع إلى البراءة العقلية الا بعد الفحص وعدم الظفر بما يكون متكفلا ببيان التكليف من قبل المولى (واما ادلة البراءة) وغيرها من الاصول الشرعية كحديث الرفع وما دل على عدم جواز نقض اليقين بالشك فهي وان كانت مطلقة وغير مقيدة بالفحص عن الدليل الموجب لارتفاع موضوعها الا ان حكم العقل يقيدها بذلك لا محالة ضرورة ان اطلاقها يستلزم نقض الغرض من بعث الرسل وانزال الكتب فان لازم الاطلاق هو عدم وجوب النظر في المعجزة ومع عدم النظر لا تثبت اصل النبوة فضلا عن فروعها فتجويز ترك النظر في المعجزة يستلزم نقض الغرض الداعي إلى بعث الرسل وانزال الكتب وهو قبيح وبعين هذا الملاك يجب الفحص عن الاحكام الشرعية عند احتمال تحققها في نفس الامر وامكان وصول العبد إليها بالفحص وهو ذلك يظهران اثبات تقييد موضوع الاصول الشرعية الجارية في موارد الشبهات الحكمية لا يحتاج إلى التمسك بالأخبار أو الاجماع وان كانت دلالة الاخبار على ذلك في نفسها وافية وكلمات العلماء عليه متوافقة. إذا عرفت ذلك فاعلم ان الحق هو عدم جواز التمسك بالعموم قبل الفحص عن المخصص كما انه لا يجوز التمسك بالأصل العملي قبل الفحص عن الحجة واستدل على ذلك بوجوه انهاها بعضهم إلى ثلاثة عشر وجها ولا يهمنا التعرض لها وانما المهم هو التعرض لوجه يشترك فيه كلا المقامين ثم ارداف ذلك بوجهين يختص كل منهما بواحد من المقامين بخصوصه (اما الوجه الذي يشترك فيه كلا المقامين) فهو انا نعلم اجماعا بوجود مخصصات كثيرة العمومات الواردة في الكتاب والسنة ومقتضى ذلك عدم جواز العمل بها الا بعد الفحص عن المخصص كما ان مقتضى العلم الاجمالي بوجود واجبات و محرمات كثيرة ثابتة في الشريعة المقدسة عدم جواز الرجوع إلى الاصل العملي الا بعد الفحص عن الحجة على التكليف.
(فان قلت) ان العلم الاجمالي بوجود مخصصات كثيرة لا موجب له الا العلم الاجمالي باشتمال الكتب المعتبرة المعتمدة للشيعة على مخصصات لتلك العمومات الواردة في الكتاب والسنة فلا يكون مقتضاه الا وجوب الرجوع إلى خصوص تلك الكتب لأجل الفحص عن المخصص كما هو المطلوب وهذا بخلاف العلم الاجمالي بوجود واجبات ومحرمات في الشريعة المقدسة فانه انما نشاء من العلم بأصل التشريع فاثر العلم الاجمالي اعني به وجوب الفحص لا يرتفع بعد الفحص عن الحجة في خصوص الكتب المذكورة ولازم ذلك هو الاحتياط حتى بعد الفحص والبحث وعدم الظفر بالحجة في خصوص تلك الكتب.
(وبالجملة) ان دائرة العلم الاجمالي بوجود المخصصات ضيقة من اول الامر فلا يجب الفحص عنها الا في اطراف تلك الدائرة اعني بها الكتب المعتبرة المشتملة على تلك المخصصات فإذا تفحصنا عن مخصص عموم بخصوصه ولم نظفر به في تلك الكتب خرج ذلك العموم من اطراف العلم الاجمالي وصار احتمال التخصيص فيه شبهة بدوية ولا بد معه من الرجوع إلى اصالة العموم (واما) دائرة العلم الاجمالي بوجود تكاليف كثيرة المانع من الرجوع إلى الاصول العملية في ظرف الشك في ثبوت تكليف بخصوصه فهي وسيعة ضرورة انه لا يختص اطراف هذا العلم بما قامت عليه الحجة في تلك الكتب فالفحص عن خصوص تكليف محتمل وعدم الظفر بالحجة عليه في تلك الكتب لا يخرجه عنه كونه طرفا للعلم الاجمالي المزبور بعد احتمال ثبوته في الواقع ووجود الحجة عليه في غير تلك الكتب التى اختص الفحص بها وعليه فاللازم هو الاحتياط حتى بعد الفحص فلا يبقى لوجوب الفحص في خصوص تلك الكتب اثر بالإضافة إلى جريان الاصول العملية اصلا.
(قلت) ما ذكرته من سعة دائرة العلم الاجمالي بوجود واجبات ومحرمات كثيرة في الشريعة وان كان صحيحا إلا انه انما يوجب الاحتياط ولو بعد الفحص وعدم الظفر بالحجة إذا لم ينحل إلى علم اجمالي آخر اعني به العلم بوجود واجبات ومحرمات في الكتب المذكورة والى شك بدرى بالإضافة إلى غيرها من التكاليف لكن العلم الاجمالي الاول ينحل بالعلم الاجمال الثاني فيكون الشك في ما عدى اطراف العلم الاجمالي الثاني شكا بدويا يصح معه الرجوع إلى الاصول العملية (والوجه في ذلك) انا كما نعلم بوجود واجبات ومحرمات في الشريعة كذلك نعم بوجود واجبات ومحرمات قامت عليها حجة معتبرة في الكتب المذكورة ومقدار المعلوم بالعلم الثاني لا يقل من مقدار المعلوم الاول فتكون النتيجة هو العلم بوجود تكاليف قامت عليها الحجة المعتبرة في تلك الكتب واما الزائد على هذا المقدار فهو مشكوك فيه بالشك البدوي وغير معلوم لنا لا تفصيلا ولا اجمالا فلا يبقى للعلم الاول المرسل اثر بعد انحلاله بالعلم الثاني فتكون نتيجة العلمين هو وجب الفحص عن خصوص الحجة في الكتب المذكورة دون غيرها فمع عدم الظفر بها فيها يرجع إلى الاصول العملية.
(فان قلت) لا يصح الاستناد في وجوب الفحص في شيء من المقامين إلى وجود العلم الاجمالي بوجود مخصصات أو تكاليف كثيرة والا لزم عدم وجوب الفحص بعد انحلال العلم المزبور لأجل الظفر بالمخصصات أو التكاليف بمقدار المعلوم بالإجمال بذلك العلم مع ان ظاهر الاصحاب وجوب الفحص حتى في شبهة واحدة باقية ولو مع الظفر بالمخصصات أو التكاليف بأكثر مما علم اجمالا.
(بيان ذلك) انا إذا علمنا بوجود تكاليف أو مخصصات كثيرة فبما ان امر تلك التكاليف أو المخصصات يدور بين الاقل والاكثر يكون مقدار الاقل متيقنا والمقدار الزائد عليه مشكوكا فيه فإذا تفحصنا وظفرنا في الكتب المعتبرة بتكاليف أو مخصصات بمقدار المعلوم بالإجمال أو أكثر منه فلا محالة ينحل العلم الاجمالي بالعلم التفصيلي بالتكاليف أو المخصصات التي ظفر بها فإذا احتمل بعد ذلك تخصيص عام لم يفحص عن مخصصه أو احتمل تكليف لم يفحص عن وجود الحجة عليه جاز العمل بذلك العالم وبأصالة البراءة عن ذلك التكليف المحتمل قبل الفحص بناء على ان المقتضى للفحص انما كان وجود العلم الاجمالي المفروض انحلاله بالعلم التفصيلي المزبور ضرورة انه مع ارتفاع المقتضى للفحص لا يكون هناك مانع من التمسك بأصالة العموم أو بأصالة البراءة عند احتمال وجود المخصص أو الحجة على التكليف المحتمل مع ان من الواضح بطلان ذلك ومخالفته لسيرة الاصحاب فيستكشف من ذلك ان وجوب الفحص غير مستند إلى وجوده العلم الاجمالي اصلا.
(قلت) ليس الميزان في انحلال العلم الاجمالي هو مجرد وجود القدر المتيقن في البين ليترتب عليه ما ذكرت من انحلال العلم الاجمالي بالظفر بمقدار المعلوم بالإجمال من التكاليف أو المخصصات المستلزم لعدم وجوب الفحص بعد ذلك عند احتمال تكليف أو تخصيص بل الميزان في الانحلال امر آخر لابد في توضيحه من بيان امور.
(الاول) انه لابد في موارد العلم الاجمالي من تشكيل قضية شرطية على سبيل منع الخلو ضرورة انه لازم العلم بأصل وجود الشيء مع الشك في خصوصيته وانطباقه على كل واحد من اطرافه.
(الثاني) انه يختلف موارد العلم الاجمالي فتارة تكون القضية الشرطية التي لا بد منها في موارد العلم الاجمالي مؤتلفة من قضية متيقنة وقضية اخرى مشكوك فيها كما هو الحال في موارد دوران الامر بين الاقل والاكثر واخرى تكون القضية الشرطية المزبورة مؤتلفة من قضيتين تكون كل منهما مشكوكا فيها كما هو الحال في موارد دوران الامر بين المتباينين وثالثة تكون تلك القضية جامعة لكلتا الخصوصيتين فهى من جهة تكون مؤتلفة من قضية متيقنة واخرى مشكوك فيها ومن جهة اخرى مؤتلفة من قضيتين مشكوك فيهما و لازم ذلك انحلال العلم الاجمالي إلى علمين اجماليين احد هما من قبيل القسم الاول والثاني من قبيل القسم الثاني (الثالث) ان من القضايا التي قياساتها معها استحالة ان يزاحم ما لا يقتضى خلاف شيء لما يقتضى ذلك الشيء(إذا عرفت هذه الامور) فاعلم ان الانحلال في القسم الاول كعدمه في القسم الثاني مما لاريب فيه ولا اشكال (واما القسم الثالث) ففي انحلال العلم الاجمالي فيه وعدمه خلاف وتوهم الانحلال فيه هو الموجب لتوهم الانحلال في المقام (ولكن التحقيق) خلافه وتوضيحه مع التطبيق على المقام انما هو بان يقال انا إذا علمنا بعد المراجعة إلى ما بأيدينا من الكتب المعتبرة ان فيها ما يخالف الاصول اللفظية والعملية فكل ما فيها من التكاليف الالزامية والتخصيصات الواردة على العمومات يكون منجزا لا محالة (1) لان المفروض تعلق العلم به بهذا العنوان اعني به وروده في تلك الكتب وهذا العلم يوجب التنجز بمقدار سعة عنوان متعلقه وعليه فالأحكام والمخصصات الواقعية الموجودة في تلك الكتب بها انها معلومة بهذا العنوان مع قطع النظر عن مقدار كميتها تكون ذات علامة وتعين فلا ينحل العلم بها بالظفر بمقدار يعلم بتحققه من التكاليف والمخصصات في هذه الكتب فان العلم بالتكليف المردد بين الاقل والاكثر انما يكون منحلا إلى العلم بوجود الاقل والشك في وجود الاكثر إذا لم يكن الاكثر طرفا لعلم اجمالي آخر متعلق بعنوان لم تلا حظ فيه الكمية واما فيما إذا كان كذلك كما في المقام فلا يكون العلم بوجود الاقل موجبا للانحلال لان غاية الامران العلم بالتكاليف أو المخصصات من جهة تعلقه بما هو مردد بين الاقل والاكثر لا يكون مقتضيا لتنجز الاكثر وذلك لا ينافى تنجزها من جهة تعلقه بماله تعين وعلامه وعليه فكل حكم احتمل المكلف جعله في الشريعة أو كل عام احتمل أن يكون له مخصص يجب الفحص عنه في تلك الكتب لكونه من اطراف العلم الاجمالي المتعلق بماله تعين وعلامة ولا يفرق في ذلك بين الظفر بالمقدار المتيقن من حيث الكمية والعدد وعدم الظفر به (وبالجملة) المعلوم بالإجمال في محل الكلام وان كان مرددا بين الاقل والاكثر الا ان ذلك بمجرده لا يكفى في عدم تنجز الاكثر بعد تعلق العلم به بعنوان آخر لم تلاحظ فيه الكمية والعدد فغاية ما هناك هو عدم اقتضاء العلم الثاني للتنجز بالإضافة إلى المقدار الزايد على المتيقن لا انه يقتضى عدم التنجز بالإضافة إلى ذلك المقدار فلا يعقل ان يزاحم اقتضاء العلم الاول للتنجز في تمام ما بأيدينا من الكتب على ما هو مقتضى المقدمة الثالثة (ونظير ذلك) (2) ما إذا كنت عالما بانك مديون لزيد بمقدار مضبوط يمكن العلم به تفصيلا بالمراجعة إلى الدفتر فهل يساعد وجدانك على ان تكتفى بمراجعة الدفتر بمقدار يكون فيه القدر المتيقن من الدين وهل عدم الاكتفاء به الا من جهة العلم باشتغال الذمة بمجموع ما في الدفتر الموجب لتنجز الواقع المعنون بهذا العنوان على ما هو عليه في نفس الامر من الكمية و المقدار (فاتضح) مما ذكرناه ان الانحلال يتوقف زائدا على كون المعلوم مرددا بين الاقل والاكثر على ان لا يكون متعلق العلم معنونا بعنوان آخر غير ملحوظ فيه الكمية و العدد واما إذا كان كذلك فلا يعقل فيه الانحلال ويستحيل ان يكون مجرد اليقين بمقدار معين مما يندرج تحت ذلك العنوان موجبا له فانه يستلزم سقوط ما فيه الاقتضاء عن اقتضائه لأجل ما لا اقتضاء فيه وهو غير معقول (واما الوجه) (3) المختص بالمنع من جريان الاصول العملية قبل الفحص عن الحجة فهو ما تقرر في محله من استقلال العقل بذلك فانه يستقل بان وظيفة المولى ليست الا تشريع الاحكام واظهارها على المكلفين بالطرق العادية ولا يجب عليه تصديه لجميع ماله دخل في الوصول بحيث يجب على المولى ايصال حكمه إلى العبد ولو بغير الطرق العادية إذا امتنع العبد من الاطلاع على تكاليف مولاه كما انه يستقل بان وظيفة العبد انما هو الفحص عن تكاليف المولى التي شرعها واظهرها بالطرق العادية لئلا يقع في مخالفتها فيهلك من حيث لا يعلم فالعقل لا يرى العبد معذورا في مخالفة تكاليف مولاه الا بعد الفحص بالمقدار اللازم عليه عند العقلاء وعدم الظفر بها واما قبله فيستقل بعدم كون العبد معذورا في المخالفة وبلزوم الفحص عليه ولا فرق في استقلال العقل بذلك بين الظفر بالمقدار المتيقن ثبوته من التكاليف المعلومة اجمالا وعدم الظفر به والملاك في كلتا الصورتين امر واحد (واما الوجه المختص) بالمقام فهو ان حجية اصالة الظهور انما هي لكشفه عن مراد المتكلم وبما انا علمنا بعد مراجعة الادلة الشرعية ان طريقة الشارع قد استقرت على ابراز مقاصده بالقرائن المنفصلة حتى قيل انه لم يوجد عام في الكتاب والسنة الا وقد ورد عليه تخصيص منفصل عنه لا يكون (4) للعمومات الواردة فيهما ظهور تصديقي كاشف عن المراد قبل الفحص عن مخصصاتها وما لم يكن لها ظهور كذلك لا تكون حجة يصح الاعتماد عليها.
(وبالجملة) حجية العمومات متقومة بجريان مقدمات الحكمة الكاشفة عن عدم دخل قيد آخر في مراد المتكلم فإذا انهدم اساس جريان مقدمات الحكمة بالعلم بان ديدن المتكلم قد جرى على التعويل على قرائن لم تكن تلك العمومات حجة قبل الفحص عن مخصصاتها.
(فان قلت) على هذا لا يمكن التمسك بتلك العمومات حتى بعد الفحص عن المخصصات لاحتمال تعويل المولى على مخصص لم يصل الينا فماذا يكون موجبا لحجيتها بعد الفحص (قلت) لو كان المدعى هو كشف الظهور عن واقع مراد المتكلم لكان الامر كما ذكرت ضرورة ان ظهور كلام المتكلم لا يكشف عن واقع مراده مع احتمال اعتقاده على قرينة منفصلة لم تصل إلى المخاطب بفحصه عنها ولذلك لو فرضنا وجود قرائن خفية بين تاجر ووكيله وارسل الوكيل إليه كتابا يشتمل على تعيين اسعار الاجناس ووقع هذا الكتاب بيد تاجر آخر لما رتب عليه اثرا مع احتماله اعتماد الكاتب على تلك القرائن وليس ذلك الا لعدم كشف الظهور مع هذا الاحتمال عن المراد الواقعي النفس الأمري (واما إذا كان المدعى) هو لزوم الحركة على طبق ما يقوله المولى بحيث يصح احتجاج المولى بظهور كلامه على عبده عند عدم اخذه بظاهر كلامه كما يصح احتجاج العبد على المولى بذلك الظهور عند اخذه به وعدم مصادفته للمراد الواقعي فبين الاخذ بالظهور قبل الفحص وبعده فرق واضح فانه إذا علم من الخارج ان المتكلم كثيرا ما يعتمد في ابراز مقاصده على القرائن المنفصلة فقبل الفحص عنها لا يصح للعامل على طبق العمومات ان يحتج بظهورها على المتكلم بها لعدم جريان مقدمات الحكمة في مواردها على الفرض وهذا بخلاف ما إذا تفحص عن القرائن المنفصلة واخذ بظهور تلك العمومات بعده فان له ان يحتج على المولى بذلك الظهور الذي عمل على طبقه فانه حجة في حقه ما لم يجد قرينة على خلافه فإذا فرضنا مخالفة ذلك الظهور للمراد الواقعي فانما هي مستندة إلى عدم القاء المولى كلامه على نحو يفى بتمام مراده لا إلى تقصير العبد في فحصه عن بيان المولى لمراده (فتحصل) ان التكاليف الواقعية الشرعية مع العلم بالديدن المزبور تكون متوسطة في التنجز بمعنى ان المخصص بوجوده الواقعي لا يكون حجة على العبد الا إذا كان بحيث يمكن للعبد الوصول إليه بفحصه وهذا احد الموارد التي يكون الحكم فيها متوسطا في التنجز و سيأتي بقية الموارد في محالها انشاء الله تعالى (ثم انه) قد انقدح بما ذكرناه في ضابط حجية الظهور التي هي بمعنى صحة احتجاج المولى على عبده وصحة احتجاج العبد على مولاه بذلك الظهور فساد القول باعتبار الظن الفعلي في الحجية المزبورة كما انه انقدح ايضا انه لا يضر بالحجية المزبورة وجود الظن بإرادة خلاف الظاهر ما لم يكن الظن معتبرا وسيجيئ تفصيل ذلك في محل انشاء الله تعالى.
(هذا كله) في اصل وجوب الفحص واما مقدار الفحص فهل يجب فيه تحصيل القطع أو الاطمئنان أو يكفى فيه مطلق الظن بعدم وجود المخصص فيه وجوه اقويها أوسطها لعدم الدليل على جواز الاكتفاء بمطلق الظن ولا على وجوب تحصيل الزائد على مرتبة الاطمئنان مضافا إلى ما في الالزام بتحصيل اليقين من العسر والحرج المنفيين في الشريعة المقدسة هذا مع ان بناء العقلاء في امورهم قد جرى على العمل بالاطمئنان ودعوى القطع بان الشارع لم يردع عن هذه الطريقة وقررها غير مجازفة ويمكن ان يقال ان ملاحظة طريقة العلماء الاعلام قدس الله تعالى ارواحهم في جمع الاخبار وتصديهم لاستقصائها وتبويبها في مجاميعهم ربما تورث القطع بعدم المخصص بعد المراجعة إلى الابواب المناسبة وعدم وجدان المخصص فيها ولا يضر في ذلك تقطيع الاخبار الصادر عنهم كما لا يخفى.
________________
1- لا يخفى انه إذا كانت التكاليف أو المخصصات المعلوم وجودها اجمالا في الكتب المعتبرة مرددة ايضا بين الاقل والاكثر كان حالها حال التكاليف الواقعية المعلوم وجودها في الشريعة المقدسة في ان العلم الاجمالي المتعلق بها ينحل بالظفر بالمقدار المعلوم وجوده إلى العلم التفصيلي بوجود تلك التكاليف التي ظفر بها والشك البدوى في ثبوت غيرها فكما ان العلم بثبوت التكاليف الواقعية لا يوجب تنجز الزائد على المقدار المتيقن وجوده كذلك العلم بثبوت المخصصات أو التكاليف في الكتب المعتبرة لا يوجب تنجز الزائد على المقدار المعلوم وجوده فيها فإذا ظفرنا بالمقدار المتيقن ثبوته كان الشك في ثبوت الزائد شكا بدويا (واماما) افيد في المتن من كون المعلوم بالإجمال حينئذ ذا علامة وتعين فلا يكون الظفر بالمقدار المتيقن موجبا لانحلال العلم الاجمالي (فيرد عليه) ان كون المعلوم بالإجمال ذا تعين وعلامة انما يمنع من انحلال العلم الاجمالي بالظفر بالمقدار المتيقن إذا لم يكن ماله العلامة والتعين مرددا ايضا بين الاقل والاكثر كما إذا علم بوجود نجس بين أناءات متعددة مردد بين الواحد والأزيد وعلم ايضا بنجاسة اناء زيد بخصوصه المعلوم وجوده في ضمن تلك الاناءات فانه إذا علم بعد ذلك وجدانا أو تعبدا بنجاسة احد تلك الاناءات بعينه فهذا العلم وان كان يوجب انحلال العلم الاول المتعلق بوجود النجس في البين المردد بين الاقل والاكثر الا انه لا يوجب ارتفاع اثر العلم الثاني المحتمل انطباق معلومة على كل واحد من الاطراف واما إذا كان ماله العلامة مرددا ايضا بين الاقل والاكثر فلا محالة ينحل العلم الاجمالي بالظفر بالمقدار المعلوم فيكون الشك في المقدار الزائد عليه شكا بدويا فإذا كان اناء زيد المعلوم نجاسته بخصوصه في الفرض المزبور مرددا ايضا بين الواحد والأزيد ثم علم بعد ذلك بالوجدان أو بالتعبد ان احد الاناءات بعينه هو اناء زيد فلا محالة ينحل العلم فلا يكون الشك في نجاسة غيره من الاناءات من قبيل الشك المقرون بالعلم الاجمالي فتحصل انه لا يصح الاستناد في الحكم بوجوب الفحص عن المخصص أو التكليف عند احتماله إلى العلم الاجمالي بوجود المخصصات أو الاحكام بعد الظفر بالمقدار المعلوم ثبوته فلا بد في اثبات ذلك من اقامة دليل آخر .
2 - قد ظهر مما ذكرناه ان العلم بكون مقدار الدين مضبوطا في الدفتر لا يوجب الفحص بعد الظفر بالمقدار المتيقن ثبوته عن الزائد المحتمل ثبوته فالحكم بوجوب الفحص بعد ذلك مع عدم الاطمئنان باشتمال الدفتر على الزائد عن المقدار المعلوم ثبوته لابد من ان يستند فيه إلى دلالة دليل آخر عليه كما ادعى ذلك في موارد الشك في بلوغ المال حد النصاب وفي حصول الاستطاعة للحج ونحو هما ويدل على ما ذكرناه من ان وجوب الفحص عما اشتمل عليه الدفتر من الدين لا يمكن ان يستند إلى العلم بكون مقدار الدين مضبوطا في الدفتر بدعوى انه موجب لتنجز الواقع عليه على ما هو عليه من الكمية انه لو كان مثل هذا العلم المردد متعلقه بين الاقل والاكثر موجبا لتنجز الواقع على ما هو عليه للزم الحكم بوجوب الاحتياط بأداء ما يقطع معه بفراغ الذمة واقعا عند عدم التمكن من الرجوع إلى الدفتر لضياعه أو لغير ذلك مع انه لا يشك في ان المرجع حينئذ انما هي اصالة البراءة فيستكشف بذلك ان وجوب الفحص على تقدير تسليمه غير مستند إلى وجود العلم الاجمالي وتنجيزه للواقع على ما هو عليه.
3 - لا يخفى ان هذا الوجه وان صح الاستدلال به على وجوب الفحص عن التكليف المحتمل وعدم جواز الرجوع إلى الاصل العملي لنفى التكليف المحتمل قبل الفحص عن قيام الحجة عليه الا انه لا يختص بذلك بل يصح الاستدلال بهذا الوجه بعينه على وجوب الفحص عن المخصص المحتمل وجوده ووصول العبد إليه بفحصه لأنه إذا كانت سيرة المولى جارية عن بيان احكامه متدرجا واظهارها بالطرق العادية التي يمكن العبدان يصل إليها بفحصه فلا يجوز العقل العمل على طبق ظاهر كلام المولى في عموم الترخيص إذا احتمل العبد وجود مخصص له ووصوله إليه بفحصه عنه في مظان وجوده فالصحيح هو الاستدلال على وجوب الفحص عن المخصص عند احتماله بذلك وبالأخبار الخاصة الدالة على وجوب الفحص عن التكليف المحتمل فانها بإطلاقها شاملة لموارد احتمال التخصيص أو التقييد ايضا وسيجيئ ما في استدلال شيخنا الاستاذ (قدس سره )على ذلك بما افاده في الوجه الآتي انشاء الله تعالى .
4 - الاستدلال بهذا الوجه على وجوب الفحص عن المخصص المحتمل وجوده مبنى على الالتزام بالحاجة إلى جريان مقدمات الحكمة في مدخول اداة العموم لإثبات اطلاقه وقد ذكرنا في ما تقدم انه لا حاجة إلى ذلك وان اداة العموم هي بنفسها متكفلة بتسرية الحكم إلى جميع ما يمكن ان ينطبق عليه مدخولها مع انه لو بنى على ذلك لما كان استقرار طريقة الشارع على ابراز مقاصده بالقرائن المنفصلة مانعا من جريان مقدمات الحكمة في مدخول الاداة ومن انعقاد ظهور الكلام في العموم لأنك قد عرفت فيما تقدم ان القرينة المنفصلة لا تصادم اصل الظهور وانما تصادم حجيته وعلى ذلك بنينا عدم سراية اجمال المخصص المنفصل إلى العام فلو كان الامر كما ذكره شيخنا الاستاذ (قدس سره )في المقام من انه لا ينعقد الظهور التصديقي للعمومات في محل الكلام الا بعد الفحص عن المخصص للزم الالتزام بسراية اجمال المخصص المنفصل إلى العام وهو خلاف ما بنى عليه (قدس سره ).
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|