أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-14
659
التاريخ: 2-2-2022
1880
التاريخ: 22-8-2016
2077
التاريخ: 30-1-2022
2447
|
أدنى الصّدق الصّدق في القول في كل حال و كماله بترك المعاريض(1) , من غير ضرورة حذرا عن تفهيم الخلاف و كسب القلب صورة كاذبة و رعايته مع اللّه تعالى ، فمن قال : وجهت وجهي للّه و في قلبه سواه ، أو إيّاك نعبد و هو يعبد الدّنيا فهو كاذب.
ثمّ في النية بتمحيصها للّه تعالى فالشوب(2) , يفوته يقال صادق الحلاوة أي محصها فالصّادق في النيّة لا بد أن يكون مخلصا.
ثم في العزم و هو الجزم القوي على الخير فان الانسان قد يقدم العزم على العمل فيقول في نفسه : إن رزقني اللّه ما لا تصدقت بجميعه أو شطره ، و إذا لقيت عدوا في سبيل اللّه قاتلته و لم ابال و ان قتلت ، و قد يكون في عزمه نوع ميل و تردد و ضعف يضاد الصّدق في العزيمة.
ثمّ في الوفاء بالعزم ، فالنفس قد تسخو بالعزم في الحال إذ لا مشقة في الوعد فاذا حقت الحقايق و حصل التمكن و هاجت الشّهوات انحلت العزيمة ، و هذا يضاد الصّدق فيه و لذلك قال اللّه سبحانه : {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب : 23].
ثمّ في الأعمال و هو أن يجتهد حتّى لا تدلّ أعماله الظاهرة على أمر في باطنه لا يتصف هو به لا بان يترك العمل و لكن بان يستجر الباطن الى تصديق الظاهر.
و هذا غير الرياء ، لأن المرائي هو الذي يقصد ذلك لأجل الخلق و رب واقف على هيئة الخشوع في صلاته ليس يقصد به مشاهدة غيره و لكن قلبه غافل عن الصّلاة فمن نظر إليه رآه قائما بين يدي اللّه عزّ و جلّ و هو بالباطن قائم بالسّوق بين يدي شهوة من شهواته ، و كذلك قد يمشي على هيئة السكون و الوقار و ليس باطنه موصوفا بذلك فهذا غير صادق في عمله و إن لم يكن ملتفتا إلى الخلق و لا مرائيا إياهم و لا ينجو من هذا إلّا باستواء السّريرة و العلانية بأن يكون باطنه مثل ظاهره أو خيرا من ظاهره.
وهذا كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «اني و اللّه ما احثكم على طاعة الا و أسبقكم إليها و لا أنهاكم من معصية إلا و أتناهى قبلكم عنها».
ثمّ في مقامات الدّين و هو أعلى الدرجات و أعزها كالصدق و الخوف و الرّجاء و التعظيم و الزّهد و الحبّ و التوكل و ساير المكارم فان هذه الامور لها مبادىء ينطلق الاسم بظهورها ، ثمّ لها غايات و حقايق و الصّادق المحقّق من نال حقيقتها.
قال اللّه تعالى : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} [الحجرات: 15] , إلى قوله : {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات: 15] , و قال عزّ و جلّ : {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة : 177] , ثمّ قال : { وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ } [البقرة : 177] إلى قوله : {أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا } [البقرة : 177].
(و سئل أبو ذر (رضي اللّه عنه) عن الايمان فقرأ هذه الآية فقيل له سألناك عن الايمان فقال : سألت رسول اللّه (صلى الله عليه واله) عن الايمان فقرأ هذه الآية).
ولنضرب للخوف مثلا فما من عبد يؤمن باللّه إلا و هو خائف من اللّه خوفا ينطلق عليه الاسم و لكنه خوف غير صادق أي غير بالغ درجة الحقيقة ، أما تراه إذا خاف سلطانا أو قاطع طريق في سفره كيف يصفر لونه و يرتعد فرايصه(3).
و يتنغص عليه عيشه و يتعذر عليه اكله و نومه و ينقسم عليه فكره حتّى لا ينتفع عليه أهله و ولده ، و قد ينزعج عن الوطن فيستبدل بالأنس الوحشة و بالراحة التعب و المشقة و التعرض للاخطار كلّ ذلك خوفا من درك المحذور ثمّ إنّه لا يخاف النّار و لا يظهر عليه شيء من ذلك عند جريان معصية عليه.
ولذلك قال النبي (صلى الله عليه واله) «لم أر مثل النار نام هاربها و لم أر مثل الجنّة نام طالبها»(4) .
و التحقيق لهذه الامور عزيز جدا و لكن لكل عبد منها حظ بحسب حاله إمّا ضعيف و إما قوي.
ثمّ درجات الصّدق لا نهاية لها ، و قد يكون للعبد صدق في بعض الامور دون بعض فان كان صادقا في الجميع فهو الصدّيق حقّا.
____________________
1- المعاريض في الكلام : التورية بالشيء عن الشيء و منه المثل : ان في المعاريض لمندوحة عن الكذب.
2- الشوب بالفتح الخلط و منه الحديث : يا معشر التجار شوبوا أموالكم بالصدقة كفر عنكم ذنوبكم م.
3- غرر الحكم و درر الكلم : ج 1 ص 258 ط الأعلمي.
4- إحياء علوم الدين : ج 4 ص 358.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|