أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-07-2015
1214
التاريخ: 2-07-2015
1223
التاريخ: 29-11-2018
1154
التاريخ: 3-07-2015
1248
|
ﻭﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ:
ﻓﺄﻭﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﺍ، ﻷﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻻ ﻳﺼﺢ ﺃﻥ ﻳﺼﺪﺭ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻗﺎﺩﺭ. ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻧﺎ ﻧﺠﺪ ﻓﺮﻗﺎ ﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﺼﺢ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﺘﻌﺬﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺫﻟﻚ، ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺻﺢ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﺨﺘﺼﺎ ﺑﺄﻣﺮ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﻌﺬﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺫﻟﻚ ﻭﺇﻻ ﺗﺴﺎﻭﻳﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻌﺬﺭ [ﻭﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺧﻼﻓﻪ].
ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﺺ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ﻳﺴﻤﻮﻧﻪ ﻗﺎﺩﺭﺍ، ﻓﺄﺛﺒﺘﺖ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ﻟﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻷﺟﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺻﺎﻧﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺻﺢ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﺍ. ﻋﻠﻰ ﺃﻧﺎ ﺩﻟﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﻓﻌﺎﻟﻨﺎ ﻣﺤﺘﺎﺟﺔ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺩﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺟﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﻟﻪ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺎﺭﻳﻦ، ﻓﺈﺳﻨﺎﺩﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺎﺭﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻄﻼﻥ ﻛﺒﻄﻼﻥ ﺇﺳﻨﺎﺩﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺆﺛﺮ، ﻭﻛﻼﻫﻤﺎ ﻓﺎﺳﺪﺍﻥ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺻﺎﻧﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻣﺨﺘﺎﺭﺍ ﺃﻭ ﻣﻮﺟﺒﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﺔ ﺃﻭ ﺳﺒﺐ، ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﺔ ﻭﻻ ﺳﺒﺒﺎ، ﻷﻧﻬﻤﺎ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻗﺪﻳﻤﻴﻦ ﺃﻭ ﻣﺤﺪﺛﻴﻦ، ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻧﺎ ﻣﺤﺪﺛﻴﻦ ﻻﺣﺘﺎﺟﺎ ﺇﻟﻰ ﻋﻠﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻭ ﺳﺒﺐ ﺁﺧﺮ، ﻭﺫﻟﻚ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻞ ﻭﺍﻷﺳﺒﺎﺏ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺎ ﻗﺪﻳﻤﻴﻦ ﻭﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻗﺪﻳﻤﺎ، ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺗﻮﺟﺐ ﻣﻌﻠﻮﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻤﺴﺒﺐ ﺇﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺃﻭ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ، ﻭﻛﻼﻫﻤﺎ ﻳﻮﺟﺒﺎﻥ ﻗﺪﻡ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﻭﻗﺪ ﺩﻟﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻭﺛﻬﺎ، ﻓﺒﻄﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺻﺎﻧﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻮﺟﺒﺎ ﻭﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺨﺘﺎﺭﺍ ﻟﻪ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻳﻦ.
ﻭﺇﺫﺍ ﺛﺒﺖ ﻛﻮﻧﻪ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻭﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻴﺎ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ، ﻷﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻛﺬﻟﻚ، ﻓﺜﺒﺖ ﺃﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺎﺩﺭ ﺣﻲ ﻣﻮﺟﻮﺩ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻋﺎﻟﻢ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﻇﺎﻫﺮ ﻓﻲ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﻛﺨﻠﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ، ﻷﻥ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺑﺪﻳﻊ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﻭﻣﻨﺎﻓﻊ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﻭﺗﻌﺪﻳﻞ ﺍﻷﻣﺰﺟﺔ ﻭﺗﺮﻛﻴﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻳﺼﺢ ﻣﻌﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻴﺎ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﻓﻌﻠﻪ، ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﻟﻤﺎ ﻭﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻭﻻﺧﺘﻠﻒ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ، ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﻗﻌﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻧﻈﺎﻡ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺍﺗﺴﺎﻕ ﻭﺍﺣﺪ ﺩﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺻﺎﻧﻌﻪ ﻋﺎﻟﻢ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺧﻠﻘﻪ ﺍﻟﺜﻤﺎﺭ ﻓﻲ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﺠﺮ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺟﻨﺴﻪ ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﻴﻮﺍﻥ ﻣﻦ ﺷﻜﻠﻪ ﺩﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺧﺎﻟﻖ ﺫﻟﻚ ﻋﺎﻟﻢ، ﻭﺇﻻ ﻟﻜﺎﻥ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺨﻠﻖ ﺍﻟﻔﻮﺍﻛﻪ ﺍﻟﺼﻴﻔﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﻭﺍﻟﺸﺘﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻴﻒ، ﻭﻳﺨﻠﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻬﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻢ، ﺃﻭ ﻳﺨﻠﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺨﻞ ﻧﺒﻘﺎ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺮﻣﺎﻥ ﺗﻔﺎﺣﺎ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ.
ﻭﻓﻲ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺑﺎﻟﻤﻄﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺻﺎﻧﻌﻬﺎ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﻤﺎ ﺻﻨﻌﻪ. ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﻻ ﺗﻘﻊ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺇﻻ ﻣﻤﻦ ﻫﻮ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﻬﺎ، ﻭﻻ ﺍﻟﻨﺴﺎﺟﺔ ﺇﻻ ﻣﻤﻦ ﻫﻮ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﺘﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﻭﻛﻴﻔﻴﺔ ﺇﻳﻘﺎﻋﻬﺎ، ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺃﻗﺪﺭ ﻣﻨﻪ ﻳﺘﻌﺬﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺜﻠﻪ ﻟﻔﻘﺪ ﻋﻠﻤﻪ، ﻭﺍﻟﻀﻌﻴﻒ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻳﺼﺢ ﻣﻨﻪ ﺫﻟﻚ ﻟﻌﻠﻤﻪ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ ﺇﻳﻘﺎﻋﻪ. ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﻴﺴﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﻓﻌﺎﻟﻨﺎ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻻ ﺗﻘﻊ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ، ﻓﺄﻻ ﺗﻘﻊ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺰﺍﺋﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﻛﻞ ﻣﺤﻜﻢ ﺃﻭﻟﻰ ﻭﺃﺣﺮﻯ، ﻓﺜﺒﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﺻﺎﻧﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﺎﻟﻢ. ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺼﻔﺔ ﺍﻟﻈﺎﻧﻴﻦ ﻭﻻ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪﻳﻦ، [ﻷﻥ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﻟﻪ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻈﺎﻧﻴﻦ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪﻳﻦ] ، ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﺮ ﻳﻠﺰﻡ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﻻ ﻳﺨﺮﺝ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺛﺒﻮﺕ ﻋﻘﻠﻪ، ﻭﺍﻟﻈﻦ ﻭﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﻠﻢ ﻻ ﻳﻮﺟﺐ ﻟﺰﻭﻣﻪ ﻟﻜﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘﻞ. ﻓﻮﺟﺐ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺻﺎﻧﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻇﺎﻧﺎ ﺃﻭ ﻣﻌﺘﻘﺪﺍ.
ﻭﻳﺠﺐ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺪﺭﻛﺎ ﻟﻠﻤﺪﺭﻛﺎﺕ ﺳﻤﻴﻌﺎ ﺑﺼﻴﺮﺍ، ﻷﻥ ﺍﻟﺤﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺁﻓﺔ ﺑﻪ ﻣﺘﻰ ﻭﺟﺪﺕ ﺍﻟﻤﺪﺭﻛﺎﺕ ﻭﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﺍﻟﻤﻮﺍﻧﻊ ﻭﺍﻟﻠﺒﺲ ﻭﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺪﺭﻛﺎ ﻟﻬﺎ. ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻮﺍﺳﻪ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻭﻭﺟﺪﺕ ﺍﻟﻤﺮﺋﻴﺎﺕ ﻭﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﺍﻟﻤﻮﺍﻧﻊ ﻭﺍﻟﻠﺒﺲ ﻭﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺭﺍﺋﻴﺎ ﻟﻬﺎ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﻭﺳﻤﻌﻪ ﺻﺤﻴﺢ ﻭﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﺪﺭﻛﻬﺎ ﻭﻳﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺣﺎﻟﻪ ﻭﻫﻮ ﻣﺪﺭﻙ ﻟﻬﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺪﺭﻛﻬﺎ. ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﻻ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﻛﻮﻧﻪ ﺣﻴﺎ، ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺣﻴﺎ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻭﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﻛﻮﻧﻪ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﻷﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺑﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺇﺩﺭﺍﻛﻬﺎ ﻭﻻ ﻳﺠﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻝ. ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﺑﻌﺪ ﺗﻘﻀﻴﻪ ﻭﻳﻌﻠﻤﻪ ﺃﻳﻀﺎ ﻗﺒﻞ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﻭﻻ ﻳﺠﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺠﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﺫﺍ ﺃﺩﺭﻛﻪ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻤﺘﺄﻟﻢ ﻳﺪﺭﻙ ﺍﻵﻻﻡ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ. ﻓﺜﺒﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻻﺩﺭﺍﻙ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ. ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺣﻴﺎ ﻭﺍﻵﻓﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻧﻊ ﻻ ﺗﺠﻮﺯ ﻋﻠﻴﻪ ﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﺮﻯ ﺑﺤﺎﺳﺔ ﻭﻭﺟﺪﺕ ﺍﻟﻤﺪﺭﻛﺎﺕ ﻭﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺪﺭﻛﺎ ﻟﻬﺎ. ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻮﺍﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻳﺪﺭﻙ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻫﻮ ﺇﺩﺭﺍﻙ، ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻻﺩﺭﺍﻙ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻌﻨﻰ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻳﺪﺭﻙ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﺣﻴﺎ، ﺑﺪﻻﻟﺔ ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﺠﺎﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻴﺎ ﻭﺣﻮﺍﺳﻪ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻧﻊ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻭﺍﻟﻠﺒﺲ ﺯﺍﺋﻞ ﻭﻟﻮ ﻭﺟﺪ ﺍﻟﻤﺪﺭﻛﺎﺕ ﻓﻼ ﻳﺪﺭﻛﻬﺎ ﺑﺄﻥ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻻﺩﺭﺍﻙ، ﻭﺫﻟﻚ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻔﺴﻄﺔ ﻭﺍﻟﺸﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺍﺕ ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳﺜﻖ ﺑﺸﺊ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﺭﻛﺎﺕ، ﻭﻣﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻃﻼ.
ﻭﻳﺠﺐ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﻤﻴﻌﺎ ﺑﺼﻴﺮﺍ، ﻷﻧﻪ ﺣﻲ ﻻ ﺁﻓﺔ ﺑﻪ. ﻭﻓﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺴﻤﻴﻊ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮ ﺃﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺔ ﻳﺠﺐ ﻣﻌﻬﺎ ﺃﻥ ﻳﺴﻤﻊ ﺍﻟﻤﺴﻤﻮﻋﺎﺕ ﻭﻳﺒﺼﺮ ﺍﻟﻤﺒﺼﺮﺍﺕ، ﻭﺫﻟﻚ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻛﻮﻧﻪ ﺣﻴﺎ ﻻ ﺁﻓﺔ ﺑﻪ. ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻳﻮﺻﻒ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻷﺯﻝ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺑﻜﻮﻧﻪ ﺳﻤﻴﻌﺎ ﺑﺼﻴﺮﺍ ﺻﻔﺔ ﺯﺍﺋﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﻟﺠﺎﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﺣﻴﺎ ﻻ ﺁﻓﺔ ﺑﻪ ﻭﻻ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﺄﻧﻪ ﺳﻤﻴﻊ ﺑﺼﻴﺮ، ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺧﻼﻑ ﺫﻟﻚ. ﻭﺃﻣﺎ ﺳﺎﻣﻊ ﻣﺒﺼﺮ ﻓﻤﻌﻨﺎﻩ ﺃﻧﻪ ﻣﺪﺭﻙ ﻟﻠﻤﺴﻤﻮﻋﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺒﺼﺮﺍﺕ، ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﺴﻤﻮﻋﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺒﺼﺮﺍﺕ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﺯﻝ. ﻭﺃﻣﺎ ﺷﺎﻡ ﻭﺫﺍﺋﻖ ﻓﻠﻴﺲ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﻬﻤﺎ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺪﺭﻛﺎ، ﺑﻞ ﺍﻟﻤﺴﺘﻔﺎﺩ ﺑﺎﻟﺸﺎﻡ ﺃﻧﻪ ﻗﺮﺏ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺍﻟﻤﺸﻤﻮﻡ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﺳﺔ ﺷﻤﻪ، ﻭﺍﻟﺬﺍﺋﻖ ﺃﻧﻪ ﻗﺮﺏ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺍﻟﻤﺬﻭﻕ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﺳﺔ ﺫﻭﻗﻪ. ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺷﻤﻤﺘﻪ ﻓﻠﻢ ﺃﺟﺪ ﻟﻪ ﺭﺍﺋﺤﺔ، ﻭﺫﻗﺘﻪ ﻓﻠﻢ ﺃﺟﺪ ﻟﻪ ﻃﻌﻤﺎ ﻭﻻ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺃﺩﺭﻛﺘﻪ ﻓﻠﻢ ﺃﺩﺭﻛﻪ ﻷﻧﻪ ﻣﻨﺎﻗﻀﺔ، ﻭﺟﺮﻯ ﻣﺠﺮﻯ ﻗﻮﻟﻪ ﺃﺻﻐﻴﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻠﻢ ﺃﺳﻤﻌﻪ، ﻓﻬﺎﺗﺎﻥ ﻳﻜﻮﻥ؟ ﺳﺒﺐ ﺍﻻﺩﺭﺍﻙ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﻔﺲ ﺍﻻﺩﺭﺍﻙ.
ﻭﻳﺠﺐ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺮﻳﺪﺍ ﻭﻛﺎﺭﻫﺎ، ﻷﻧﻪ ﺛﺒﺖ ﺃﻧﻪ ﺁﻣﺮ ﻭﻧﺎﻩ ﻭﻣﺨﺒﺮ ﻭﺍﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﻘﻊ ﺇﻻ ﻣﻤﻦ ﻫﻮ ﻣﺮﻳﺪ ﻟﻠﻤﺄﻣﻮﺭ ﺑﻪ، ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻻ ﻳﻘﻊ ﻧﻬﻴﺎ ﺇﻻ ﻣﻊ ﻛﺮﺍﻫﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﻬﻲ ﻋﻨﻪ، ﻭﺍﻟﺨﺒﺮ ﻻ ﻳﻘﻊ ﺧﺒﺮﺍ ﺇﻻ ﺑﺈﺭﺍﺩﺓ ﻛﻮﻧﻪ ﺧﺒﺮﺍ. ﺑﺪﻻﻟﺔ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻴﻎ ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﺄﻣﺮ ﻭﻻ ﻧﻬﻲ ﻭﻻ ﺧﺒﺮ.
ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ } [الإسراء: 64] ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40] ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﺘﻬﺪﻳﺪ، ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: 23] ﺻﻮﺭﺗﻪ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ، ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا } [المائدة: 2] ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻹﺑﺎﺣﺔ. ﻭﻧﻈﺎﺋﺮ ﺫﻟﻚ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍ، ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺁﻣﺮﺍ ﻟﺠﻨﺴﻪ ﻭﻻ ﻟﺼﻴﻐﺘﻪ ﻭﻻ ﻟﺤﺪﻭﺛﻪ، ﻷﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺫﻟﻚ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﺄﻣﺮ، ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺁﻣﺮﺍ ﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻤﺄﻣﻮﺭ ﺑﻪ. ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﻲ ﻭﺍﻟﺨﺒﺮ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﻘﺪ ﺛﺒﺖ ﺃﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻭﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ ﻏﺮﺽ، ﻷﻧﻪ ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ ﻏﺮﺽ ﻛﺎﻥ ﻋﺒﺜﺎ، ﻭﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻋﻠﻴﻪ. ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﻠﻘﻬﻢ ﻟﻨﻔﻊ ﻧﻔﺴﻪ، ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻋﻠﻴﻪ...
ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻟﻤﻨﺎﻓﻌﻬﻢ، ﻭﻣﻌﻨﺎﻩ ﺃﻧﻪ ﺃﺭﺍﺩ ﻧﻔﻌﻬﻢ ﺑﺬﻟﻚ، ﻓﺜﺒﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻣﺮﻳﺪ. ﻭﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺪﻳﻤﺎ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ﻓﻲ ﺍﻷﺯﻝ، ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﺤﺪﺛﺎ ﻻﺣﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺪﺙ، ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﻣﺤﺪﺛﻪ ﻛﺎﻟﻜﻼﻡ ﻓﻴﻪ، ﻓﻜﺎﻥ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺪﺛﻴﻦ ﻭﻣﺤﺪﺛﻲ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ، ﻭﺫﻟﻚ ﻓﺎﺳﺪ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﻓﺎﻋﻞ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﻭﺍﻷﻋﺮﺍﺽ ﺍﻟﻤﺨﺼﻮﺻﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻟﻮﺍﻥ ﻭﺍﻟﻄﻌﻮﻡ ﻭﻏﻴﺮﻫﻤﺎ، ﻭﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻻ ﻳﺼﺢ ﻣﻨﻪ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻭﻻ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻋﺮﺍﺽ ﺍﻟﻤﺨﺼﻮﺻﺔ، ﻓﻮﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺻﺤﺖ ﻓﻴﻪ ﻗﺪﻳﻤﺎ.
ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﺇﻻ ﺑﻘﺪﺭﺓ، ﻭﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻻ ﻳﺼﺢ ﺑﻬﺎ ﻓﻌﻞ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ " ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻻ ﻳﺼﺢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻟﻨﻔﺴﻪ " ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﺟﺎﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻟﻮﺟﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﻛﻠﻬﺎ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﻣﺘﻤﺎﺛﻠﺔ، ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺧﻼﻑ ﺫﻟﻚ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ " ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻻ ﻳﻘﻊ ﺑﻬﺎ ﻓﻌﻞ ﺟﺴﻢ " ﻷﻧﺎ ﻟﻮ ﺍﺟﺘﻬﺪﻧﺎ ﻛﻞ ﺍﻟﺠﻬﺪ ﺃﻥ ﻧﻮﺟﺪ ﺟﺴﻤﺎ ﺃﻭ ﺟﻮﻫﺮﺍ ﻟﺘﻌﺬﺭ ﺫﻟﻚ، ﻭﻻ ﻭﺟﻪ ﻟﺘﻌﺬﺭﻩ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺪﻭﺭ ﻟﻨﺎ ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻧﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﺪﻭﺭ ﻟﻨﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻘﺪﻭﺭ ﻟﻨﺎ. ﻓﺒﺎﻥ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺻﺢ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻗﺪﻳﻤﺎ ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺤﺪﺛﺎ.
ﻭﻫﻮ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺘﻜﻠﻢ. ﻭﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻠﻢ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺘﻜﻠﻤﺎ ﺍﻟﺴﻤﻊ، ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻻ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻼﻡ، ﻷﻧﻪ ﺟﻨﺲ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻭﻫﻮ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺟﻨﺎﺱ. ﻭﻗﺪ ﺃﺟﻤﻊ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺘﻜﻠﻢ ﻻ ﺧﻼﻑ ﺑﻴﻨﻬﻢ، ﻭﺇﺟﻤﺎﻋﻬﻢ ﺣﺠﺔ. ﻭﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺃﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺘﻜﻠﻢ، ﻭﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ. ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻣﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻭﺍﻟﻨﺒﻲ ﺑﺄﻱ ﺷﺊ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻣﺘﻜﻠﻢ؟ ﻓﺈﻥ ﻗﻠﺘﻢ ﺑﺴﻤﻊ ﺁﺧﺮ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﻌﻴﻦ، ﺃﻭ ﻳﻨﺘﻬﻰ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﻤﻊ ﻋﻠﻢ ﻋﻘﻼ ﺃﻧﻪ ﻣﺘﻜﻠﻢ، ﻭﺇﻻ ﻓﻤﺎ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ؟
ﻗﻴﻞ: ﻻ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺘﻜﻠﻤﺎ ﺑﻜﻼﻡ ﻳﺴﻤﻌﻪ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺑﺄﻧﻪ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻳﻘﺘﺮﻥ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻠﻢ ﻣﻌﺠﺰ، ﻓﻴﻘﻄﻊ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻛﻼﻣﻪ ﻭﺃﻧﻪ ﻣﺘﻜﻠﻢ. ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﻳﺨﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻜﻼﻡ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﻴﻦ ﻭﻗﺪ ﺗﻘﺮﺭ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻣﺤﺪﺙ، ﻓﻴﻌﻠﻢ ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻛﻼﻣﻪ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻭﺍﺳﻄﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻭﺍﻟﻤﺤﺪﺙ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﻄﻞ ﺃﻧﻪ ﻛﻼﻡ ﻣﺤﺪﺙ ﺛﺒﺖ ﺃﻧﻪ ﻛﻼﻡ ﻗﺪﻳﻢ.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|