أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-9-2016
564
التاريخ: 10-8-2016
1239
التاريخ: 5-9-2016
894
التاريخ: 2-9-2016
419
|
المشهور أنّ الصدق مطابقة الخبر للواقع، والكذب عدم مطابقته له.
والنظّام على أنّ الصدق مطابقة الخبر لاعتقاد المتكلّم ، والكذب عدمها ، ولا عبرة فيهما بمطابقته للواقع وعدمها (1).
والجاحظ على أنّ الصدق مطابقته للواقع ، والاعتقاد بها (2) معا ، والكذب عدم مطابقته له مع الاعتقاد بعدمها ، وما لم يحمل عليه الوصفان لا يكون صدقا ولا كذبا ، بل واسطة بينهما ، وهي أربعة أقسام : مطابقته للواقع مع الاعتقاد بعدمها ، أو بدون اعتقاد أصلا ـ كخبر من لا شعور له كالمجنون وأمثاله ، أو له شعور بدون اعتقاد كالشاكّ ـ وعدم مطابقته له مع اعتقادها ، أو بدونه أصلا (3).
والحقّ القول المشهور كما أشرنا إليه سابقا (4). والذي يدلّ على حقّيّته وإبطال القولين الأخيرين أنّ الكافر إذا قال : « الإسلام حقّ » يحكم بصدقه ، وإذا قال خلافه ، يحكم بكذبه إجماعا.
احتجّ النظّام بقوله تعالى : {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] حيث كذّبهم في قولهم : {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ } [المنافقون: 1] مع أنّ خبرهم كان مطابقا للواقع ، فكذبه لعدم اعتقادهم (5).
والجواب : أنّ التكذيب إنّما هو في شهادتهم ؛ لأنّها تكون عن علم ، ولم تكن شهادتهم هذه عن علم. أو في استمرارها ؛ لأنّهم زعموا أنّها تستمرّ منهم ، فكذّبهم بانقطاعها بعد ذلك. وقد ذكر وجوه أخر (6). وما ذكرنا كاف للمطلوب.
واحتجّ الجاحظ بقوله تعالى : {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ} [سبأ: 8] ، حيث حصروا خبر النبيّ بنبوّته في كونه افتراء ، أو كلام مجنون. ولم يقصدوا بالأخير الصدق ؛ لعدم اعتقادهم ذلك، ولا الكذب ؛ لأنّهم جعلوه قسيمه ، فأثبتوا واسطة بينهما وهم أهل اللسان (7).
والظاهر أنّ قصد الجاحظ أنّه يثبت واسطتان من الأربع من الآية ؛ لأنّهم جعلوا خبره (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ بزعمهم الفاسد ـ إمّا الكذب ، وعبّر عنه بالافتراء ، الذي هو عدم المطابقة مع اعتقاد عدمها. ويظهر منه أنّ عدم المطابقة مع اعتقادها أو بدونه أصلا من الوسائط ، فثبت هنا واسطتان. وإمّا كلام مجنون ، وكونه واسطة بناء (8) على عدم كونه عن اعتقاد عدم المطابقة ، وإلاّ فهو بزعمهم لم يكن مطابقا للواقع ، فهذا القسم يثبت من كلا شقّي الترديد ، ويبقى الصدق وكونه مطابقتهما معا. والواسطتان (9) الاخريان غير معلومة من الآية، ويعلم حالها بالمقايسة وعدم القائل بالفصل.
والجواب : أنّ الكذب أعمّ من الافتراء ؛ لكون القصد معتبرا في الثاني دون الأوّل ، فترديدهم خبره إنّما كان بين الافتراء وعدمه ، فكأنّهم قالوا : أكذب من قصد ، فيكون مفتريا ، أو من غير قصد ، فيكون مجنونا؟ فإنّ الكاذب من غير قصد يكون مجنونا. ففي الشقّ الثاني تحقّق الكذب الذي ليس بافتراء.
ويتفرّع على هذا الخلاف أنّه إذا قال المنكر : « إن شهد لك زيد فهو صادق » يكون إقرارا على المذهب المختار ومذهب الجاحظ ؛ لامتناع الصدق مع البراءة.
وفيه : أنّه يمكن أن يكون اعتقاد المخبر (10) استحالة شهادة زيد ، والمحال قد يستلزم محالا آخر.
ولا كلام في عدم كونه إقرارا على مذهب النظّام.
ولو قال المدّعي بعد إقامة البيّنة : « كذب شهودي » يسقط دعواه على المذهبين الأوّلين دون الآخر. ولو قال : « لم يصدق شهودي » يسقط على المذهب الحقّ دون الآخرين. وفي حكم السقوط ثبوت الإقرار لو قال له المنكر : « صدق شهودك » أو « لم يكذبوا ».
تقسيم:
الخبر باعتبار ينقسم إلى ما يعلم صدقه إمّا بالضرورة ، كالمتواتر ، أو بالنظر ، كخبر الله ، وخبر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) والمحتفّ بالقرائن. ووقوع المتشابهات التي اريد خلاف ظاهرها ، والعمومات المخصّصة ، والمطلقات المقيّدة في كلامهما لا ينافي الصدق ؛ لأنّه من لوازم المحاورات ، وقد نصب القرينة الدالّة على المراد للمخاطبين.
وإلى ما يعلم كذبه بالضرورة ، أو النظر (11). والمثال ظاهر.
وإلى ما لا يعلم صدقه ولا كذبه ، وهو على ثلاثة أقسام : ما يظنّ صدقه ، كخبر العدل ، وما يظنّ كذبه ، كخبر الكاذب ، وما يشكّ فيهما ، كخبر مجهول الحال.
وقال بعض الناس (12) : كلّ خبر لا يعلم صدقه فهو كذب.
وهذا فاسد ؛ لبداهة كون الجهل واسطة بين العلم بشيء والعلم بنقيضه ؛ وللزوم ارتفاع النقيضين لو أخبر رجل بقيام زيد مثلا في وقت ، وأخبر آخر بعدم قيامه فيه.
ويظهر فائدة هذا الخلاف في الأيمان ، والتعليقات ، وأمثالهما.
___________
(1) راجع : منتهى الوصول لابن الحاجب : 67 ، وشرح مختصر المنتهى 1 : 149. وفسّره التفتازاني في المطوّل : 37 بأنّ قائله النظّام.
(2) لم يرد في « ب » : « بها ».
(3) راجع : الذريعة إلى أصول الشريعة 2 : 479 ، والإحكام في أصول الأحكام 2 : 17 ، ونهاية الوصول إلى علم الأصول 3 : 288 ـ 291 ، وتمهيد القواعد : 247 ، القاعدة 91.
(4) في ص 204.
(5) راجع : منتهى الوصول لابن الحاجب : 67 ، وشرح مختصر المنتهى 1 : 149 ، والمطوّل : 37.
(6) للمزيد راجع المطوّل : 37 و 38.
(7) راجع : منتهى الوصول لابن الحاجب : 66 ، وشرح مختصر المنتهى 1 : 148 و 149 ، والمطوّل : 39.
(8) خبر مرفوع.
(9) عطف على « الصدق » أي يبقى ثلاثة امور غير معلومة من الآية. والضمير في « حالها» راجع إلى الثلاثة.
(10) كذا في النسختين. والأنسب : « المنكر ».
(11) في « ب » : « بالنظر ».
(12) نسبه القاضي عضد الدين إلى بعض الظاهريّة في شرح مختصر المنتهى 1 : 150.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|