أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-7-2020
2040
التاريخ: 8-8-2016
3094
التاريخ: 30-8-2016
1540
التاريخ: 30-8-2016
2304
|
أنّ القوم عرّفه بتعاريف عديدة ، ونوقشت عكساً وطرداً ، ولكن لا طائل في البحث عنها . ولننبّه على أمر يتّضح في خلاله حال العامّ وتعريفه : وهو أنّ القوم ـ رضوان الله عليهم ـ لا يزالون على خلط دائر بين كلماتهم ; حيث قسّموا العموم إلى وضعي وإطلاقي ، مع أنّ باب الإطلاق غير مربوط بالعموم .
توضيحه : أنّ الطبيعة الصرفة كما لا يوجب تصوّرها إلاّ الانتقال إلى ذاتها اللابشرط ، مـن دون إراءة مشخِّصاتها وقيودها الصنفية ، كذلك اللفظ الموضوع مقابل هـذه الطبيعة لا يـدلّ إلاّ على ذات الماهيـة المجرّدة مـن كلّ قيد ; لأنّ الحكايـة الاعتبارية الوضعية دائر مدار الوضع سعة وضيقاً ، والمفروض أنّ الوضع لم ينحدر إلاّ على ذات الطبيعة بلا انضمام قيوده وعوارضه ، فلا محالة ينحصر دلالته عليها فقط ، ولا يحكي ولا يكشف عن الأفراد وعوارضها ولوازمها أصلاً .
وبعبارة أوضح : كما أنّ نفس الطبيعة لا يمكن أن تكون مرآة وكاشفة عن الأفراد ; سواء كان التشخّص بالوجود والعوارض أماراته ، أو كان بالعوارض ـ ضرورة أنّ نفس الطبيعة تخالف الوجود والتشخّص وسائر عوارضها ; ذهنية كانت أو خارجية ، ولا يمكن كاشفية الشيء عمّا يخالفه ، فالماهية لا تكون مرآة للوجود الخارجي والعوارض الحافّة به ـ فكذلك الألفاظ الموضوعة للطبائع بلا شرط ، كأسماء الأجناس وغيرها لا تكون حاكية إلاّ عن نفس الطبائع الموضوعة لها ، فالإنسان لا يدلّ إلاّ على الطبيعة بلا شرط ، وخصوصيات المصاديق لا تكون محكية به .
فإن قلت : إنّ الطبيعة كما يمكن أن تلاحظ مهملة جامدة فهكذا يمكن أن تلاحظ سارية في أفرادها دارجة في مصاديقها ، كما هو الحال في القضية الحقيقية ; فهي على فرض السريان عين كلّ فرد في الخارج ، ومتّحدة معه في وعائه . فتصوّر هذه عين تصوّر ذاك ; لأنّ المفروض أنّ الطبيعة لوحظت لا بما هي هي ، بل بما هي موجودة في الخارج وأنّها عين الأفراد .
قلت : إنّ ذا من العجب ، وهو خلط بين الانتقال والحكايـة ; إذ مجـرّد الاتّحاد لا يوجب الحكاية والمرآتية ، وإلاّ كانت الأعراض حاكية عن جواهرها ; لأنّ وجود العرض في نفسه عين وجوده لموضوعه ، والمتّحدات في الخارج حاكية بعضها عن بعض .
والحاصل : أنّ مفهوم الإنسان ـ مع قطع النظر عن عالم اللفظ والوضع ـ عبارة عن طبيعة منحلّة إلى جنسه وفصله عند التحليل لا غير ، فلنفس المفهوم ضيق ذاتي لا يكشف عن العوارض والخصوصيات .
فلو فرضنا وضع لفظ لتلك الطبيعة فهو لا يمكن أن يحكي إلاّ عمّا وضع بإزائه لا غير ، واتّحاد الإنسان خارجاً مع الأفراد لا يقتضي حكايتها ; لأنّ مقام الدلالة التابعة للوضع غير الاتّحاد خارجاً .
إذا عرفت ذلك فنقول : إنّ حقيقة الإطلاق إنّما يتقوّم بوقوع الشيء ـ كالطبيعة ـ موضوعاً للحكم بلا قيد ، وأمّا العموم فهو يتقوّم بشيئين : أحدهما نفس الطبيعة ، وثانيهما ما يدلّ على العموم والشمول ، مثل لفظة «كل» و«الجميع» و«الألف واللام» ممّا وضعت للكثرات أو تستفاد منه الكثرة لجهة اُخرى .
فإذا اُضيفت هذه المذكورات إلى الطبائع أو دخل بها وصارتا ككلمة واحدة ـ كما في «الألف واللام» ـ تستفاد منهما الكثرة بتعدّد الدالّ والمدلول ، فإذا قلت : «كلّ إنسان ناطق» فلفظة «إنسان» تدلّ على الطبيعة الصرفة ، من دون أن تكون حاكية عن الكثرة والأفراد ، أو تكون الطبيعة المحكية به مرآة لها ، وكلمة «كلّ» تدلّ على نفس الكثرة والتعدّد ، وإضافتها إليها تدلّ على أنّ هذه الكثرة هو كثرة الإنسان لا كثرة طبيعة اُخرى ; وهي الأفراد بالحمل الشائع .
وقس عليه العامّ المجموعي أو البدلي ; إذ كلّ ذلك إنّما يستفاد من دوالّ اُخر غير ما يدلّ على الطبيعة ، كلفظة «مجموع» كما تقدّم ذكر منه في بحث الواجب المشروط (1) ، ويأتي إن شاء الله بيانه .
فظهر ممّا ذكرنا أمران :
الأوّل : أنّ باب الإطلاق غير مربوط بباب العموم ، وأنّه لا جامع بينهما حتّى نلتمس في وجه الافتراق ; إذ الغاية من إثبات الإطلاق إحراز كون الطبيعة ـ مثلاً ـ تمام الموضوع للحكم من غير قيد ، وأمّا الاستغراق والبدل ونحوهما فلا يمكن استفادتها من الإطلاق ; إذ الإطلاق لا يتعرّض للكثرة حتّى يبحث عن كيفيتها ، وأمّا العموم فهو المفيد للكثرة وكيفيتها .
وعلى هذا يصحّ أن يعرّف العامّ : بأنّه ما دلّ على تمام مصاديق مدخوله ممّا يصحّ أن ينطبق عليه(2) .
وأمّا تعريفه بأنّه ما دلّ على شمول مفهوم لجميع ما يصلح أن ينطبق عليه فلا يخلو من مسامحة; ضرورة أنّ الكلّ لا يدلّ على شمول الإنسان لجميع أفراده ، والخطب بعد سهل .
______________
1 ـ تقدّم في الجزء الأوّل : 338 ـ 339 .
2 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 1 : 511 .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|