أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-8-2016
2514
التاريخ: 2-10-2019
798
التاريخ: 3-8-2016
976
التاريخ: 3-8-2016
462
|
.الكلام في تأسيس الاصل في المسألة عند الشك في الملازمة ووجوب المقدمة وليعلم بأن الشك في وجوب المقدمة وان كان يتصور على وجوه: تارة من جهة الشك في اصل مقدمية شيء للواجب، واخرى من جهة الشك في وجوب ذيها مع العلم بأصل المقدمية واصل الملازمة، وثالثة من جهة الشك في اصل ثبوت الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدمته، لا ان الجهة المبحوث عنها في المقام انما هي خصوص الجهة الاخيرة التي يكون الشك ممحض في اصل ثبوت الملازمة نظرا إلى خروج ما عداها عن مفروض الكلام في المقام فنقول حينئذ: اما نفس الملازمة بين وجوب المقدمة ووجوب ذيها فلا اشكال في أنه لا اصل فيها، فانها من جهة كونها ازلية وجودا وعدما لا حالة سابقة لها حتى يجرى فيه الاستصحاب، وحديث الرفع ايضا غير جار فيها لعدم كونها امرا شرعيا ولا موضوعا ايضا لأثر شرعي، لان ترتب فعلية الوجوب عليها حينئذ ترتب عقلي لا شرعى، كما هو واضح. واما نفس وجوب المقدمة فهو وان كان مسبوقا بالعدم حيث يكون حادثا بحدوث وجوب ذى المقدمة الا انه من جهة عدم قابلية المورد لا يجري فيه الاصل ايضا، لان جريان مثل هذه الاصول انما كان في مورد قابل للوضع الرفع، ومع كون فعلية الوجوب على الملازمة من اللوازم القهرية لوجوب ذي المقدمة لا يكون المحل قابلا للرفع كي يجرى فيه الاصل فيقتضي عدم فعلية وجوبها، ولئن شئت قلت بالعلم التفصيلي حينئذ بعدم جريان الاصل فيه، اما لعدم وجوبها واقعا على تقدير عدم ثبوت الملازمة واما لعدم قابلية المورد للرفع على تقدير ثبوت الملازمة كما هو واضح، نعم لو اغمض عن ذلك وقلن بجريان الاصل في طرف الوجوب فلا مجال للأشكال عليه من جهة انتفاء الاثر العملي بدعوى انه بعد حكم العقل بلا بدية الاتيان بالمقدمة لا يترتب على نفى وجوبها ثمرة أصلا من حيث الحركة والسكون، وذلك لامكان الجواب عنه بعدم الانحصار الاثر حينئذ بحيث الحركة والسكون وانه يكفى فيه التوسعة في التقرب باتيان المقدمة بداعي مراديتها حيث انه بنفي وجوبها حينئذ يترتب نفى هذا الاثر فيتضيق بذلك دائرة التقرب. واماتوهم عدم كون مثل هذا الاثر حينئذ شرعيا لانه من كيفيات الاطاعة التي هي من الآثار العقلية فلا يكاد يمكن اثباتها بمثل هذه الاصول التعبدية، فمدفوع بانه كنفس الاطاعة من لوازم مطلق وجوب الشيء ولو ظاهرا، هذا ولكن مع ذلك كله يشكل الاكتفاء بمثل هذا الاثر في جريان الاستصحاب ينشأ من عدم كونه اثرا للمستصحب حتى يجري الاستصحاب بلحاظه وكونه من آثار نفس الحكم الاستصحابي، إذ حينئذ جريان الاستصحاب بلحاظ مثل هذا الاثر لعله من المستحيل، فلابد حينئذ من التماس اثر في البين للمستصحب حتى يكون جريان الاستصحاب بلحاظه، وحيثما لا يكون في البين اثر عملي يترتب على المستصحب فلا مجال لجريانه بوجه اصلا كما لا يخفى.
ادلة الاقوال في وجوب المقدمة واذ عرفت ذلك فلنشرع في الاستدلال على وجوب المقدمة، فنقول: انه يكفى دليل على وجوبها الوجدان بان من يريد شيئا ويطلبه يريد بالجبلة مقدماته ايضا بحيث لو التفت إلى المقدمية تفصيلا يجعلها في قالب الطلب ويطلبها ايضا بطلب مستقل مولوي بقوله ادخل السوق واشتر اللحم، كما أنه يوضح ذلك ايضا لحاظه الارادات التكوينية حيث ترى انه متى تريد شيئا تريد بالجبلة مقدماته ايضا فمتى تعلق ارادتك بشرب الماء لغرض هو رفع العطش تقصد تحصيله فتصير بصدد تحصيله بشراء ونحوه وإذا كان تحصيله يتوقف على المشي إلى مكان تقصد المشي إلى ذلك المكان، وهكذا غيره من المقدمات، بخلاف ما لا يكون مقدمة من الملازمات القهرية كالمشي تحت السماء ونحوه فانها وان كانت مما لابد منه عقلا الا انها غير مقصودة ولا مرادة في مشيك بوجه اصلا، وحينئذ فإذا كان ذلك شأن الارادات التكوينية المتعلقة بالأغراض كذلك تكون مثلها الارادات التشريعية، حيث لا فرق بينهما الا في كون الاولى محركة لنفس المريد والثانية للمأمور نحو المراد، ففى الارادات التشريعية ايضا يلازم ارادة الشيء والبعث نحوه البعث نحو مقدماته بحيث مع الالتفات إلى مقدميتها يجعلها في قالب طلب مثله فيبطلها ويأمر بايجادها، بل قد عرفت سابقا بان ذلك مقتضي اكثر الواجبات في العرفيات والشرعيات حيث كان وجوبها بحسب اللب وجوبا غيريا من جهة انتهائها بالاخرة إلى امر واحد يكون هو المراد والمطلوب النفسي، وعليه ففي نفس هذا الوجدان والارتكاز غنى وكفاية في اثبات الوجوب الغيرى للمقدمات عن الاستدلال على وجوبها بل ولعله هو العمدة في الباب. والا فمع الغض عنه لا يكاد يتم الاستدلال على وجوبها بالبرهان المعروف عن البصري بانه لو لم تجب لجاز تركها وحينئذ فان بقى الواجب على وجوبه يلزم التكليف بما لا يطاق والاخراج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا. وذلك لما فيه بانه ان اريد من التالى في الشرطية الاولى الاباحة الشرعية فعليه وان صدق الشرطية الثانية حيث لا يمكن بقاء الواجب على وجوبه مع ترخيص الشارع في ترك مقدمته الا ان الملازمة حينئذ ممنوعة نظرا إلى عدم اقتضاء مجرد عدم وجوب المقدمة للترخيص في تركها، وان اريد به مجرد عدم المنع الشرعي عن الترك من جهة عدم اقتضاء فيه للالزام فهو وان كان صحيحا ولكنه نمنع حينئذ صدق احدى الشرطيتين وهو لزوم التكليف بما لا يطاق أو خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا، فأنه بعد عدم اقتضاء مجرد عدم المنع الشرعي عن الترك لخروج الواجب عن القدرة نقول ببقاء الواجب حينئذ على وجوبه ولزوم الاتيان به بايجاد مقدماته بمقتضي اللابدية العقلية هذا بناء على ارادة الجواز وعدم المنع الشرعي عما اضيف إليه الظرف في قوله (وحينئذ)، واما لو اريد منه نفس الترك فعليه بعد تقييده بما إذا كان الترك في آخر الوقت بحيث لا يتمكن معه من الواجب نقول بان الواجب وان لم يبق على وجوبه حينئذ الا انه حيثما كان ذلك بالعصيان وسوء الاختيار فلا محالة يستحق عليه العقوبة من جهة تمكنه من الاتيان بالواجب وحكم عقله بلزوم اتيان المقدمة من باب اللابدية إرشادا إلى ما في تركها من العصيان المستتبع للعقوبة. نعم لو اريد من الجواز اللاحرجية في الفعل والترك شرع وعقلا يترتب عليه احد المحذورين وهو لزوم خروج الواجب عن وجوبه ولكنك عرفت بالمنع حينئذ عن الملازمة من جهة عدم اقتضاء مجرد عدم الوجوب شرعا جواز تركها شرعا حتى ينافى مع التكليف بالواجب بل وانما غايته هو عدم كونها محكومة بحكم شرعي وحينئذ فيكفى في لزوم الاتيان بها حكم العقل باللابدية كما هو واضح. ومن ذلك البيان ظهر الجواب ايضا عما افاده بعض لأثبات وجوبها بأنها لو لم تجب بايجابه يلزم ان لا يكون تارك الواجب المطلق عاصيا ومستحقا للعقوبة مع ان التالي باطل قطعا فالمقدم مثله، إذ نقول بانه كذلك لو لا كون الترك عن سوء اختياره وحكم عقله بلابدية الاتيان ارشاد إلى ما في الترك من العصيان المتتبع للعقوبة كما لا يخفى.
وحينئذ فالعمدة في اثبات وجوبها هو ما ذكرناه من قضية الوجدان والارتكاز في الواجبات العرفية وفى الارادات التكوينية للإنسان المتعلقة بما له مقدمات، وعليه ايضا لا يفرق في المقدمات بين السبب وغيره من جهة ان ملاك ترشح الوجوب الغيري انما هو كونها مما لها الدخل في المطلوب وفى حصول الغرض، فإذا كان الشيء مما له الدخل في حصوله وتحققه سواء كان بنحو المؤثرية كما في المقتضى أو بنحو الدخل في القابلية أو غير ذلك يترشح إليه الارادة الغيرية فيصير واجبا بالوجوب الغيرى. وعليه فلا وجه لما ذكروه من التفصيل تارة: بين السبب وغيره بتقريبين تارة بان القدرة لما كانت غير حاصلة على المسببات وحدها الا في حال انضمام اسبابها إليها فلا جرم لابد وان يكون الاسباب ايضا ملحوظة للآمر حال التكليف بالمسببات، من جهة بعد اختصاص التكليف حينئذ بالمسببات وخروج الاسباب بالمرة عن حيز التكليف، واخرى بان التكليف لما كان لا يمكن تعلقه الا بامر مقدور للمكلف ولا يكون المقدور الا الاسباب دون المسببات لانها من الآثار المترتبة على الاسباب فلابد من صرفه عنها إلى الاسباب. واخرى: بين الشرائط الشرعية وغيرها بدعوى وجوب الشرايط الشرعية دون غيرها من تقريب انه لو لا وجوبه شرعا لما كان شرطا حيث انه ليس مما لابد منه عقل أو عادة. إذ فيه ما لا يخفى، اما التفصيل الاول: فان أريد من عدم اختصاص التكليف بالمسبب في التقريب الاول تعلق التكليف بمجموع المسبب والسبب ففساده واضح حيث لا يقتضي مجرد عدم القدرة على الشيء الا في حال انضمام اسبابه كون اسبابه ايضا ملحوظة للآمر حال التكليف بحيث يكون تكليفه بمجموع السبب والمسبب، مع انه على ذلك يكون السبب واجبا بالوجوب النفسي الضمني لا بالوجوب الغيري الذي هو محل البحث.
وان اريد به اقتضاء التكليف بالمسبب حينئذ لتعلق تكليف غيري ايضا بسببه لكونه مما يتوقف عليه وجود المسبب وبدونه لا يكاد تحققه في الخارج فهو مما لا يفرق فيه بين السبب وغيره، فيجري في جميع المقدمات كانت من معطيات الوجود أو من معطيات القابلية واما التقريب الثاني للتفصيل المزبور فهو مع كونه انكارا التفصيل حقيقة من جهة رجوعه إلى تعلق الامر النفسي بدوا في هذه الموارد بالسبب، نقول بان المسبب حيثما كان مقدورا للمكلف ولو بسببه يكفى هذا المقدار في صحة التكليف به، فانه لا يعتبر في صحة التكليف بالشيء ازيد من القدرة عليه، كانت بلا واسطة أو معها، ومعه لا وجه لصرف التكليف عن المسبب وارجاعه إلى سببه كما هو واضح. واما ما قيل بان العلة والمعلول اما ان يكون لكل منهما وجود ممتاز عن الاخر في الخارج كما في شرب الماء ورفع العطش حيث كانا امرين ممتازين وجودا في الخارج واما ان يكونا عنوانين لفعل واحد غايته طوليا لا عرضيا، كالألقاء والاحراق المتصف به ما فعل المكلف في الخارج حيث كان صدق عنوان الالقاء متقدما على صدق عنوان الاحراق. فان كانا من قبيل الاول ففي مثله يتعلق الارادة الفاعلية بالمعلول اولا لقيام المصلحة به ثم تتعلق بعلته وسببه لتوقفه عليها، ونحوه الارادة التشريعية الامرية فأنها ايضا تتعلق اولا بالمعلول والمسبب ثم بعلته وسببه فيصير سببه واجبا بالوجوب الغيري المقدمي.
واما ان كانا من قبيل الثاني كما في الالقاء والاحراق وعنوان الغسل والتطهير ونحوهما فيلزمه كون الامر بالمسبب والمعلول عين الامر بسببه وعلته والامر بالسبب عين الامر بالمسبب، لانه في تعلق الامر بالمسبب يكون السبب مأخوذا فيه لامحالة كما انه في تعلقه بالسبب يكون معنونا بالمسبب، فعلى كل تقدير يكون الامر بكل منهما امرا بالأخر وفى مثله لا يكاد اتصاف السبب بالوجوب الغيري بوجه اصلا كما لا يخفى، فمدفوع بان مثل عنوان الالقاء والاحراق عنوانان ممتازان وجودا كل منهما عن الآخر حيث كان الالقاء الذي هو فعل المكلف سببا لملاصقة الخشب مع النار التي هي سبب لتحقق الحرقة في الخارج، فالحرقة حينئذ لها وجود مستقل في قبال الالقاء الذي هو منفعل المكلف، نظير حركة اليد وحركة المفتاح اللتين هما وجود ان من الحركة احديهم معلولة للأخرى، نعم غاية ما هناك انه ينتزع من وجود المعلول عنوانان: احدهما عنوان الاحراق بالاضافة إلى الفاعل والآخر عنوان الحرقة بالاضافة إلى نفسه، نظير الايجاد والوجود، ولكن مجرد ذلك لا يقتضي صدق عنوان الاحراق وانطباقه حقيقة على الالقاء الذي هو فعل المكلف. وعليه فإذا كان العنوانان كل منهما وجودا عن الاخر في الخارج فلا محالة يكون حالهما حال شرب الماء ورفع العطش في اتصاف الالقاء بالوجوب الغيري عند تعلق الامر بالإحراق وعدم كون الامر بالإحراق امرا حقيقة بالإلقاء كما هو واضح.
ثم ان هذا كله إذا كان المسبب والمعلول من آثار فعل المكلف خاصة على معنى كون فعله علة تامة لتحققه بحيث لا يكون لفعل الغير ايضا واختياره دخل في ترتب المسبب والمعلول وتحققه. واما إذا كان لفعل الغير واختياره ايضا دخل في تحققه كعنوان حقيقة البيع مثلا الذي هو مترتب على مجموع ايجاب البائع وقبول المشتري فقد يقال حينئذ بأن التكليف بالمسبب وهو البيع حقيقة تكليف بسببه وهو الايجاب من جهة خروج المسبب حينئذ بعد مدخلية قبول المشتري عن حيز قدرة البائع حتى بالواسطة، فمن ذلك لو ورد امر بشخص ببيع داره لا جرم لابد بعد خروجه عن حيز قدرته من صرفه إلى سببه وهو ايجابه الناشئ منه من جهة امتناع بقائه على ظاهره في التعلق بعنوان البيع، ولكنه ايضا مدفوع بانه كذلك إذا كان قضية الامر بالبيع امرا بايجاده على الاطلاق واما إذا كان امرا بحفظ وجوده من قبل ما هو تحت قدرته واختياره فلا يلزم ارجاعه وصرفه عنه إلى سببه، بل يجعل الامر في تعلقه بالمسبب على حاله حينئذ ويقال بأن والواجب هو حفظ وجوده من قبل ما هو تحت اختياره، كما هو الشأن ايضا في كلية المقيدات ببعض القيود غير الاختيارية، إذ كان مرجع التكليف بها ايضا إلى التكليف بسد باب عدمه وحفظه من قبل ما هو تحت الاختيار في ظرف انحفاظه من قبل سائر القيود غير الاختيارية وحينئذ فإذا كان الواجب هو حفظ وجود المعلول والمسبب من قبل ما هو فعل اختياري للمكلف وهو ايجابه وكان هذ المقدار من الحفظ بتوسيط القدرة على الايجاب تحت قدرته واختياره فلا جرم يكون الايجاب الذي هو مسبب لهذا المقدار من الحفظ متصفا بالوجوب الغيري لا بالوجوب النفسي كما توهم فتدبر هذا كله في التفصيل الاول.
واما التفصيل الثاني بين الشرائط الشرعية وغيرها:
بدعوى انه لولا وجوبها لما كان شرطا، ففيه ايضا انه ان اريد كون التكليف والامر من قبيل الواسطة في الثبوت بالنسبة إلى الشرطية والمقدمية بحيث لو لا امر الشارع لما كان مقدمة وشرطا ففساده واضح من جهة بداهة ان الامر الغيرى انما يتعلق بما هو مقدمة الواجب وشرطه فلو كان مقدميته متوفقة على الامر الغيري به لدار. وان اريد كون التكليف والامر من قبيل الواسطة في الاثبات بالنسبة إلى المقدمية والشرطية بحيث يكشف امر الشارع به عن كونه مقدمة وشرطا في الواقع، ففيه مع انه كثيرا ما يكون دليل الشرطية بغير لسان التكليف كما في قوله: (لا صلاة الا بطهور، ولا صلاة الا إلى القبلة) نقول بأنه لا يكون ذلك تفصيلا في المسألة لان مقتضاه حينئذ هو وجوب كل ما يتوقف عليه الواجب بالوجوب الغيري ولو كان الطريق إلى المقدمية غير امر الشارع كما هو واضح.
ثم ان هذا كله في مقدمة الواجب مقدمة المستحب والمكروه والحرام واما مقدمة المستحب: فحكمها حكم مقدمة الواجب، طابق النعل بالنعل، كما ان مقدمة المكروه حكمها حكم مقدمة الحرام كما سنحرره.
واما المقدمة الحرام: فلا اشكال بينهم في أنه على الملازمة لا يكون وزانها وزان مقدمة الواجب في اتصاف كل مقدمة من المقدمات بالحرمة الفعلية. كما في مقدمة الواجب، وان ما هو المحرم لا يكون الا العلة التامة أو الجزء الاخير منها الذي لا يبقى معه الاختيار على ترك الحرام، ولعل هذا التفكيك بين مقدمة الواجب والحرام انما هو من جهة ان المطلوب في الواجب انما كان هو الوجود وهو مما يتوقف تحققه على حصول جميع المقدمات بحيث بانعدام واحدة منها ينتفي المطلوب فمن ذلك يسرى المحبوبية إلى كل واحدة من المقدمات، بخلافه في طرف الحرام، فانه بعد ان كان المبغوض فيه هو الوجود يكون المطلوب فيه هو الترك وحيث ان الترك يتحقق بترك احدى المقدمات فلا يكون الواجب الا احد التروك تخييرا، فيتعين ذلك حينئذ في المقدمة الاخيرة التي لا يبقى معها اختيار ترك الحرام، فإذا وجب ترك المقدمة الاخيرة حينئذ فقد حرم فعلها بمقتضى النهي عن النقيض، ولكن ذلك ايضا في مثل الافعال التوليدية التي لا يحتاج في اختياريتها الا إلى ارادة سابقة على المتولد منه، والا ففي غيره مما يحتاج بعد تمامية المقدمات إلى أرادة محركة للعضلات نحوه كالصلاة مثلا فلا محالة تكون المقدمة الاخيرة فيها هي تلك الارادة التي هي خارجة عن حيز التكليف، إذ تكون العلة التامة للحرام حينئذ مركبة من الارادة وغيرها، وفي مثلها لا يكاد اتصاف شيء من المقدمات بالحرمة بمقتضى البيان المزبور إذ كان استناد الحرام حينئذ إلى الارادة وعدم الصارف عنه التي هي اسبق رتبة من غيرها. ومن ذلك نقول ايضا بعدم حرمة ترك مقدمات الواجب بمقتضي النهي عن النقيض نظرا إلى استناد ترك الواجب دائما ولو في ظرف ترك بقية المقدمات إلى وجود الصارف وعدم الارادة من جهة سبقها رتبة على غيره كما سنحققه ان شاء الله تعالى.
ثم ان هذا كله بناء على مسلك المشهور من وجوب مطلق المقدمة.
واما على ما ذكرنا من تخصيص الوجوب بالمقدمة الموصلة اما بنحو التقييد كما عليه ظاهر الفصول واما على ما اخترناه من جعل الواجب ولو بلحاظ قصور في امره عبارة عن الذات التوامة مع وجود بقية المقدمات الملازمة للايصال قهرا فلا اشكال في البين في مثل المقام إذ حينئذ تكون مقدمات الحرام حالها كحال مقدمات الواجب فتكون كل مقدمة من مقدماته متصفة بالحرمة الغيرية في ظرف انضمامها ببقية المقدمات الملازم لترتب الحرام عليها. ومن ذلك ايضا نقول بانه لو اتى بمقدمة الحرام ولو لا بقصد التوصل بها إلى المحرم بل بقصد التوصل بها إلى امر واجب واتفق بعد ذلك ترتب الحرام عليها كان ما اتى به حراما فعليا في الواقع، كما انه لو اتفق عدم ترتب الحرام عليه لا يكون ما اتى به حراما وان كان من قصده التوصل به إلى الحرام. فالمدار حينئذ في اتصاف المقدمة بالحرمة وعدم اتصافها بها على ترتب الحرام عليها وعدمه ثم ان الثمرة بين المسلكين تظهر في التوضي في المصب الغصبي بالماء المباح مع تمكنه من المنع عن وصول ماء الوضوء إلى المصب ولو بجعل كفه مانعا عنه، فانه على المشهور من تخصيص الحرمة بالجزء الاخير يقع وضوئه صحيحا من جهة ان الجزء الاخير من العلة حينئذ انما هو عدم ايجاد الحائل عن وصول الماء إلى المصب الغصبي الذي هو امر اجنبي عن وضوئه فيكون هو المحرم والمنهى عنه دون وضوئه، فمن ذلك يقع وضوئه صحيحا من غير فرق بين علمه بذلك من الاول وبين صورة عدم علمه به، ولكن ذلك بخلافه على ما اخترناه، إذ عليه في ظرف عدم منعه عن وصول الماء إلى المصب يقع اصل وضوئه حرام ومنهيا عنه فيقع باطلا إذا كان من نيته عدم ايجاد المانع عن وصول الماء إلى المصب. نعم لو لم يعلم بذلك من الاول كما لو كان بانيا من الاول على احداث المانع عن وصول ماء وضوئه إليه فاتفق بعد ذلك وصول الماء إليه ولو من جهة حصول البداء له عن احداث المانع يقع وضوئه صحيحا وان كان حراما في الواقع، نظرا إلى وضوح عدم اقتضاء مجرد وقوع وضوئه على وجه الحرمة في الواقع لفساد وضوئه وبطلانه كما هو واضح فتدبر.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|