المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2749 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01
المختلعة كيف يكون خلعها ؟
2024-11-01
المحكم والمتشابه
2024-11-01



من الثنائية التاريخية إلى الثنائية المعجمية  
  
2990   03:37 مساءاً   التاريخ: 27-7-2016
المؤلف : د. صبحي الصالح
الكتاب أو المصدر : دراسات في فقه اللغة
الجزء والصفحة : ص153- 168
القسم : علوم اللغة العربية / فقه اللغة / خصائص اللغة العربية / مناسبة الحروف لمعانيها /

... ولكي يصح القول بالثنائية التاريخية في نشأة اللغة، كان ينبغي لهذه الثنائية أن تلازم وحدة المقطع المؤلف من صوتين بسيطين فقط.
ولكننا في الاستشهاد على هذه الظاهرة أوردنا الكثير من المواد الثلاثية، ونقلنا عن القائلين بها بعض المواد الرباعية، فهل من رابط منطقي لا ينفك يلمح بين تلك الصيغ المزيدة وبين أصولها الثنائية في نشأتها الأولى؟
إن أصحاب هذا الرأي لا يعجزم إيجاد ذلك الرابط، مهما يك بعيدًا موغلًا في التكلف، فقد بدا لهم أن يتقصوا تلك الثنائية, وهي تنتقل من نطاق التاريخ إلى بطون المعاجم، فرأوها أجدر أن تسمى "ثنائية معجمية"، وألفوا في كثير مما أوردناه من المواد الثلاثية والرباعية أصولًا ثنائية زيد عليها صوت أو أكثر، والتمسوا بين صورتها الأصلية المجردة وصورتها المتطورة المزيدة جامعًا معنويًّا مشتركًا؛ حتى إذا وجدوه اقتنعوا بأن زيادة المادة الصوتية ربما أوحت بفارق معنوي جديد، ولكنها غالبًا تحتفظ بجوهر المعنى الأصلي القديم.
وقد نبَّه الأب أنستاس ماري الكرملي إلى معرفة حذاق اللغويين العرب المقتدمين لهذه الثنائية المعجمية، "فممَّن قال بها ولم يحد عنها قيد شعرة، الأصبهاني صاحب كتاب غريب القرآن
(1)، فإنه بنى معجمه على اعتبار المضاعف هجاءً واحدًا، ولم يبال تكرار حرفه الأخير،

ص153

فهو عنده من وضع الخيال، لا من وضع العلم والتحقيق، أي: أنه إذا أراد ذكر "مَدَّ يَمُدُّ مَدًّا" مثلًا في سفره، ذكرها كأنها مركبة من مادة "مَدْ" أي: ميم ودال ساكنة، ولا يلتفت أبدًا إلى أنها من ثلاثة أحرف، أي "م د د"، كما يفعل سائر اللغويين, ولهذا السبب عينه يذكر "مَدَّ" قبل "مَدَحَ" مثلًا، ولا يقدم هذه على تلك، على ما نشاهده في معظم معاجم اللغة؛ كالقاموس، ولسان العرب، وأساس البلاغة، وتاج العروس، وغيرها"(2).
وكان الأب أنستاس يدافع عن هذا الرأي في المجامع، ويدعمه في الأندية، ويفصل دقائقه، ويوضح كثيرًا من مناحيه في الصحف والمجلات منذ سنة 1881
(3).
ولم يكن الأب مرمرجي الدومنيكي أقل حماسة من الكرملي في الدفاع عن هذا المذهب، وقد كتب فيه المباحث الكثيرة، ثم جمع طائفة منها في كتب ثلاثة صغيرة، نشرها بعنوان: "أبحاث ثنائية ألسنية"، وقد طبع أوله سنة 1937، ثم الثاني سنة 1947, وتلاه الثالث سنة 1950.
وعوَّل الأب مرمرجي على طريقة الألسنية السامية: philologie semitique" أي: علم مقابلة والألسن السامية بعضها ببعض، لدعم نظريته في رَدِّ الثلاثيات إلى الثنائيات
(4).
ومن طريف ما لاحظه أن "المضاعف العربي الذي يقال: إنه مركب من ثلاثة أحرف أصلية لا تجد مقابلة في السريانية إلّا بحرفين

ص154

اثنين لا أكثر. مثلًا مقابل مَصَّ = مَصْ، وبحذاء حَمَّ = حَمْ، وبإزاء مَسَّ = مَسْ, وهكذا كل المضاعفات التي هي بالحقيقة ثنائيات، والثنائي وارد في كل الساميات، متصفًا بمعنى حقيقي وتام "(5).
ومن البراهين الحسية التي أوردها على سلامة هذه النظرة ما ضاعه العلماء من الأفعال المضاعفة والمكررة, مستخرجين عناصره الأولية من أسماء الأصوات، ودعاء الحيوانات، وزجرها، وبعض أسماء الأفعال، فهي جميعًا ثنائية.
فمثلًا: أف: كلمة تكرُّه، بخ: لاستعظام الشيء, صع: اسم صوت يزجر به الجمل عند ترويضه، صه: أمر بالسكوت, مه: أمر بالكف. فمن هذه الثنائيات صيغت أفعالٌ, إما بتحريك الساكن وتشديده، وإما بتكرار الثنائي ذاته وتحريك الآخر، فقيل: أُفَّ، بَخَّ، صَعَّ، صَهْصَهَ، مَهْمَهَ
(6).
لذلك أطلق بعض الباحثين العصريين القول بأن: "الذي يتقرّى كلم العربية بإمعان نظر, يجد أن لمعظم موادها أصلًا يرجع إليه كثير من كلماته إن لم نقل كلها, خذ على ذلك مثلًا مادة "فل" وما يثلثها، تجد الجميع يدور حول معنى الشق والفتح, مثل: فلح، فلج، فلع، فلق، فلد، فلى, ومثل ذلك مادة "قط" وما يثلثها, تقول: قطَّ، قطع، قطر، قطف، قطن، وكلها بمعنى الانفصال
(7).
وكل حرف زيد على الأصل الثنائي يجري على قانون التطور اللغوي

ص155

تتويجًا، أو إقحامًا، أو تذييلًا، مع بقاء اللُّحمة المعنوية بين الثنائي والثلاثي، كما هي مستمرة بين الثلاثي والرباعي، وما فوقه من المزيدات(8)، فكان من أسرار العربية، تبعًا لهذا، أننا كلما ردَّدنا موادها المزيدة إلى الصورة الثنائية التاريخية، وجدنا الحرف الذي ثَلَّثَ أصلها, ما يبرح ذا قيمة تعبيرية ذاتية توجه المعنى الأصلي العام توجيهًا خاصًّا، وتزيده تنوعًا وتقييدًا(9).
فهذا ابن فارس في "المقاييس" يرد أصل "باب القاف والطاء وما يثلثهما" إلى معنى القطع، فيراه في "قطع" الذي يدل على صَرْمِ وإبانة شيء من شيء
(10)، وفي "قطف" الذي يدل على أخذ ثمرة من شجرة(11)، وفي "قطل" الذي يدل على قطع الشيء(12)، وفي "قطم" الذي يدل على قطع الشيء أيضًا(13)، فالعين والفاء واللام والميم جاءت أحرفًا زائدة على الأصل الثنائي "قط" فخصَّصَت" معنى القطع ونوَّعته بين الصرم والإبانة والأخذ، وردَّدته لأصواتها بين درجات الشدة والغلظة في إحداث القطع.
وهذا ابن فارس أيضًا يرد أصل "باب الفاء والراء وما يثلثهما" إلى معنى التمييز والإفراد، وإذا بهذا المعنى يصير تفتحًا في الشيء وشقًّا في "فرج" بسبب الجيم
(14)، ويصير بمعنى التوحد في "فرد" بسبب

ص156

الدال(15)، وبمعنى عزل الشيء عن غيره في "فرز" لمكان الزاي(16)، وبمعنى الدق في "فرس" لمكان السين(17)، وبمعنى اقتطاع شيء عن شيء في "فرص" بواسطة الصاد(18)، وبمعنى تأثير شيء في شيء من حزَّ أو غيره في "فرض" لصوت الضاد(19)، وبمعنى إزالة شيء عن مكانه وتنحيته عنه في "فرط" لقوة الطاء(20)، وبمعنى التمييز والتزييل بين شيئين في "فرق" للأصيل المجهور المقلقل في القاف(21).
ومن ذلك أنه يردّ باب الجيم والذال وما يثلثهما في "المجمل"
(22) إلى معنى "الأصل", فتجده واضحًا في "جذر" ومنها جذور اللسان: أصله، وفي "جذع" ومنها جذع النخلة: أصلها، وفي "جذل" ومنها جذل كل شيء: أصله، وفي جِذْم الشيء: أصله.
بيد أن معنى "الأصل" يتفاوت قوة وضعفًا، وكثرةً وقلةً، وقربًا وبعدًا، وبين هذه المواد المذكورة، كأن الحرف المزيد الذي ثَلَّثَ أصلها الثنائي قد عيّن كيفها، ووصف كمَّهَا، ورسم حدَّها:
فالجذل أصل عام للشجر، ولكنه للنخل جذع، والعين الحلقية أقوى من اللام المذلقة.
والجذر أصل الحساب، حين تقول مثلًا: عشرة في عشرة مئة،

ص157

ولكن الجذع من الإبل هو الذي أتى له خمس، ومن الشاء ما تمت له سنة، ففي من معنى التكرار ما لا نظير له في العين على قوتها، إذ العين -كجميع أخواتها الحلقية- تخرج من الحلق دفعة واحدة تنبر بها نبرًا، ولا ريب أن في التكرار مضاعفة وكثرة، وأن في النبرة الواحدة تضاؤلًا وقلة.
ومعنى "الأصل" في الجذام عند تقطع أصول الأصابع أقرب إلى الفهم من معناه لدى تسمية الرجل القصير بالمُجْذَر، وإن لوحظ فيه انقطاع شيء من أصل القامة الإنسانية المعتادة, ولا يبعد عند الاشتقاقين، كابن فارس وأضرابه، أن يكون الفارق بين المعنيين الأخيرين إنما جاءهما من شَفَويَة الميم وذلقية الراء
(23).
وعندما اطَّلَع الباحثون المعاصرون على أمثال هذه الفروق الدقيقة التي أوضحها اللغويون المتقدمون، فظنوا إلى أن موقع الحرف الثالث الزائد على الأصل الثنائي تنويعًا للمعنى، وتحديدًا للفارق، يغلب أن يكون تذيلًا في آخر الكلمة، وإن جاء أحيانًا حشوًا في وسطها، أو تصديرًا في أولها.
ولا حاجة للتمثيل على القيمة التعبيرية للحرف المزيد في آخر الكلمة، فأكثر ما أوردناه من الشواهد يدخل هذا الباب.
أما الحرف المقحم حشوًا في وسط الكلمة بين حرفيها الأصليين، فمن أمثلته: شلق, من شقّ, فرق: من فَقَّ. قَرَطَ, من قط.
قرص: من قص, شرق: من شق, لحس ولهس: من لس.

ص158

وأما الحرف المتوّج للكلمة صدرًا في أولها، فمن امثلته: رفت: من فت, لهب: من هب, رفض: من فض, لمس: من مس, فطح وبطح: من طح, نذل: من ذل, غلف: من لف(24).
ويكاد الاستشهاد بجيمع الأمثلة السابقة يكون قائمًا على اعتبار المضعَّف الثلاثي ثنائيًّا، فإذا زددنا مثلًا "فرق" إلى فق" فهو في الحقيقة "فق" بالتضعيف؛ إذ لم نقع في معاجمنا على مادة "فَقْ" مقطعًا صوتيًّا مؤلفًا من متحرك فساكن؛ قس على ذلك "لهب" مثلًا حين نأخذها من "هب", فإنها في معاجمنا "هَبَّ" بتضعيف الباء.
قال ابن دريد: "الثنائي الصحيح لا يكون حرفين البتة إلّا والثاني ثقيل "أي: مضعف", حتى يصير على ثلاثة أحرف؛ اللفظ ثنائي والمعنى ثلاثي, وإنما سُمِّيَ "ثنائيًّا" للفظه وصورته, فإذا صرت إلى المعنى والحقيقة كان الحرف الأول أحد الحروف المعجمة، والثاني حرفين مثلين أحدهما مدغم في الآخر، نحو: "بَتَّ يبت بتًّا" في معنى قطع، وكان أصله "بتت", فأدغموا التاء في التاء فقالوا: بتَّ, وأصل وزن الكلمة فعل، وهو ثلاثة أحرف, فلما مازجها الإدغام رجعت إلى حرفين في اللفظ, فقالوا: بَتَّ، فأدغمت إحدى التائين من الحروف المعجمة"
(25).
وعَدُّ المضعف الثلاثي من باب الثنائي ليس غريبًا على العصريين، ما داموا يحاذون الأصل العربي على سمت نظيره في اللغات السامية، فقد رأينا الأب مرمرجي يعقد أمثال هذه المقارنات؛ إذ وجد بحذاء "مَصَّ" العربية "مَصَّ" السريانية، وبإزاء "مَسَّ" بالعربية, "مَسَّ" السريانية، وهكذا دواليك
(26).

ص159

ولم يكن هذا بالغريب أيضًا على بعض المتقدمين من لغويي العرب, فإنهم كانوا يفتتحون المادة الثلاثية بالمضعفات منها، كأنَّ تكرار الحرف لا يخرج الصيغة عن أصلها الثنائي, ونرى ذلك أوضح ما يكون وأصرحه في "جمهرة اللغة" لابن دريد، وفي "المقاييس" لابن فارس.
فأما ابن دُرَيْد, فقد أخذ بيد الناظر في كتابه إذا آثر التماس حرف ثنائي، فأرشده إلى البدء بالهمزة والباء إن كان الثاني باء ثقلية "مضعفة", أو الهمزة والتاء، وكذلك سائر الحروف
(27).
وعلل ابن دريد منهجه هذا بما جاء في الكتاب
(28)، وفي السمع على لفظ الثنائي وهو ثلاثي؛ لأنه على ثلاثة أحرف، أوسطه ساكن، وعينه ولامه حرفان مثلان، فأدغموا الساكن في المتحرك فصارا حرفًا ثقيلًا(29).
ثم يطبق صاحب الجمهرة منهجه هذا على المواد التي يفسرها، فيفتتح باب الثنائي الصحيح بمادة "أب ب"
(30)، ويتبعها بـ"أت ت" ثم "أث ث" ثم "أج ج"(31)، وهكذا إلى آخر المواد المستعملة في المعجم العربي مبدوءة بالهمزة، فيقف عند مادة "أي ي"(32)؛ ثم ينتقل إلى "باب الباء وما يتصل بها من الحروف في الثنائي الصحيح"، فيبدأ بمادة "ب ت ت"(33)، ويختم البا بـ"ب ي ي"(34)، وكذلك يفعل بالتاء والثاء والجيم إلى آخر المعجم، وفي هذا كله يشير إلى الصور

ص160

المعكوسة والألفاظ المماتة أو المهملة.
وأما ابن فارس فيستهل "مقاييسه" في أول كتاب الهمزة بقوله:
"
باب الهمزة في الذي يقال له المضاعف"
(35)، فيبدأ بـ"أبّ" ويذكر أن للهمزة والباء في المضاعف أصلين، أحدهما المرعى، والآخر القصد والتهيؤ, ثم يتبع هذه المادة بالمستعملات من المضعَّفَات بعدها, نحو: "أتَّ"(36)، "أثَّ"، "أجَّ"(37)، "أحَّ"(38)، "أخَّ"(39)، إلى آخر الهجاء العربي، مما يراجع في موضعه.
وإذا كان الثلاثي المضعف -في الأمثلة التي ذكرها ابن دريد وابن فارس وأمثالهما- صورة ثنائية غير صريحة ولا مباشرة، فإن من الممكن أحيانًا أن نرد الثلاثي إلى أصل ثنائي صريح "متحرك فساكن" في حكاية بعض الأصوات الطبيعية
(40) -وهي قليلة محفوظة مثل: طَقْ، دَقْ، لَبْ- فمنها: طرق ودلق ولزب، وهي تخلو من التضعيف في آخرها، كما تخلو من حروف اللين(41) في وسطها، ونرى مع ذلك أن حروف اللين -لضعفها- لو وجدت فيه لا تخرجها عن ثنائيتها مثل "غاق" وشيب وعيط"(42).

ص161

ويناظر حروف اللين في الضعف أحرف العلة الثلاثة: الألف والواو والياء، فتذييلها آخر الكلمة لا يخرجها عن ثنائيتها.
لذلك جرى أصحاب المعاجم على إفراد باب خاصٍّ للمواد المعتلة، يؤخرونه إطلاقًا؛ كما فعل ابن منظور في "اللسان", والفيروزابادي في "القاموس المحيط"، أو يرجئون ذكره إلى آخر كل بابٍ على حدةٍ قبل الانتقال إلى باب جديد، فلا يوردون المواد المعتلة إلّا بعد سردهم جميع المواد السالمة الصحيحة, كما فعل بعض المعجميين الاشتقاقين.
وقد انفرد ابن دريد، من بين أولئك الاشتقاقيين بمزية هامة حقًّا، حين لم يكتف بإتباع الصحيح بالمعتل، بل حرص على إتمام القول في الثنائي المعجمي صحيحًا ومعتلًّا قبل أن ينتقل إلى الثلاثي، فإذا ختم باب الثنائي الصحيح فاجأنا بباب "الثنائي المعتل وما تشعب منه"
(43)، كأن الثنائية المعجمية لديه أمر قطعي صريح لا يقبل الجدل، وكأنه ما يزال يستأنس بذلك على صحة هذا المذهب وسلامة النظرة إليه.
ولعل نظائر هذه الاعتبارات هي التي حملت الأستاذ عبد الله العلايلي على أن يرد إلى المعلَّات أكثر الثنائيات، وأن يفسر نشأة الثلاثي من الثنائي بوساطة تلك المعلَّات، حتى دعا إلى اتخاذ هذه المعلَّات المحفوظة في المعاجم المختلفة عُدَّةَ الدارس لفهم الثلاثي على وجهه؛ لأنه الأصل التاريخي الذي انفصل عنه.
والنتيجة التي انتهى إليها العلايلي تتخلص في أن مطلق الثلاثي نشأ عن الثنائي على هذه الصورة التي عليها المعلًّات بزيادة حرف من الهجاء

ص162

غالبًا من يكون حشوًا في وسط الكملة(44).
ولكنه وقع في تكلف عجيب حين أخذ في تطبيق رأيه على بعض الأمثلة؛ فجعل "عبل" مأخوذة من "علا" المعتلة، أو أصلها "عل"، أما الباء فهي عين الكلمة مكنوفةً بالفاء واللام، كأنهما سياج لها، فسلمت من الحذف مع أنها هي الحرف المحشوّ المزيد، وبُذِلَ الحرف المعتل للعوارض حتى حذف، فكأن حرف الباء المزيد الصحيح المحشو تعويض عن حرف العلة الساقط المحذوف
(45).
ولو أسقطنا حرف الباء المزيد -قياسًا على سقوط الحرف المعتل- لظهرت لنا الكلمة الثلاثية على صورتها الثنائية الحقيقة، فإذا هي "عل" فقط. فأيّ جامع يجمعها بعد هذا بهاتين المادتين "عبث وعبد" وما أشبههما من المواد التي تتوسطها الباء؟
إن "عبث" تعود حينئذ إلى "عث" وصورتها "عثا", أما "عبد" فتعود إلى "عد" وصورتها المعتلة "عدا".
وإنما رمينا هذه النظرية بالتكلف؛ لأن تطبيقها العملي لا يتم -كما رأيت في المثال- إلّا بتجريد حرف الوسط، ثم تناول المادة ومعها المعلات التي وقع فيها الحرفان على ترتيبهما، مع أن تجريد مادة ما من حرف الوسط إنما يكون بمنزلة الحذف والإسقاط لذلك الحرف المحشو! فكيف يسلخ من بنية المادة جزء لا يتجزأ منها، ثم تظل هذه المادة معبرة -دونه- عن غرضها تعبيرًا دقيقًا كاملًا؟!

ص163

ربما خُيِّلَ إلى الباحث أن في وسعه الدفاع عن هذه النظرية بذهابه إلى أن تجريد حرف الوسط -على نحو ما رأيت في المثال- ليس إلّا ضربًا من الافتراض العقلي يرد به الثلاثي إلى أصله الثنائي في صورة ذهنية، لا واقعية, وحينئذ لا نرتاب نحن في أن النظرية عقلية بحث، واحتمالية صرف؛ فما هي -بشهادة أصحابها- من الواقعية في شيء، ولا تمت إلى الحقيقة التاريخية بسبب.
فأنى لنا بعد هذا، أن نَرُدَّ "عبل"، و"عبث" إلى "عثا"، و"عبد" إلى "عدا"؟ وأين كانت مواقع الباءات في الأصل قبل حشوها في أوساط هذه الكلمات؟ ولم زيدت عليها، دون غيرها من الحروف، مع أنها لم تكن قبل فيها، وما لنا، وقد رأيناها مزيجة بطريقة ما، لا نزال نتصور أن نفترض انسلاخها من الأبنية التي تأصلت فيه حتى استحالت جزءًا من صيغها؟
إن الأمر لا يعدو عن الاحتمال والظن، وإن الظن لا يغني من الحق شيئًا. من الإنصاف للاستاد العلايلي أن نؤكد استشعاره ما في هذه النظرية من "الأخذ الاحتمالي"؛ لأنها تقابل لديه الطريقة التي قررها أكثر اللغويين في دراسة المزيج على الثلاثي بأحرفه جميعًا "الفاء والعين واللام"، فلم تكن تلك الطريقة "التقليدية" إلّا أخذًا احتماليًّا أيضًا.
والعلايلي لا ينكر أن هذا الأخذ الاحتمالي الشائع "قد يبدو على بعض الكلمات ضررويًّا حين لا يظهر تمام الجامع في الحشو"
(46).
ومن الإنصاف له مرةً أخرى أن نشيد ببعد نظره، وسداد رأيه، حين لم يبال في العمل اللغوي بشيء من هذه الاحتمالات "قديمة وحديثة"، فقد صرَّح بقلة غنائها، وخلص إلى أن الثنائية، كما فهمها هو أو غيره من الباحثين، لم تكن سوى مرحلة تاريخية، وأكد بلهجة قاطعة

ص164

أن العربية لم تعد على شيء سوى الثلاثي(47).
وللباحثين المحدثين نظرات في اللغة يحسبونها أصلية بكرًا، حتى إذا درسوا آثار القدماء وتصانيفهم تبيَّنَ لهم أن الأولين لم يتركوا للآخرين كثيرًا، وأن علماء السلف الصالح قتلوا هذه الدرسات اللغوية بحثًا كما يقولون، حتى أتوا على جُلِّ ما نقترضه الآن من النظريات، واحتجوا لكل افتراض بشواهد تنطق بصوابه أو فساده.
من تلك النظرات التي يحسبها المحدثون جديدة، ما لاحظه بعضهم في أخذ الثلاثيات من الثنائيات من آثار النحت, فكثير من الصيغ الثلاثية منحوت من أصلين ثنائيين نحو: "قطف", ويفيد القطع والجمع، والأصل فيه: "قط+ لف"، الأول قطع، والثاني جمع, وبالاستعمال أهملت اللام ونقلت حركتها إلى ما قبلها فصارت قطف ... وهكذا في "بعج" فإنها ترد إلى "بَعْ بَجْ"
(48).
إن مثل هذا المذهب ليس في الواقع إلّا صدًى لآراء بعض اللغويين القدماء في النحت، وفي طليعتهم ابن فارس الذي يؤكد "أن للرباعي والخماسي مذهبًا في القياس، يستنبطه النظر الدقيق, وذلك أن أكثر ما تراه منه منحوت, ومعنى النحت: أن تؤخذ كلمتان وتنحت منهما كلمة تكون آخذةً منهما جميعًا بحظ"
(49).
والباحثون العصريون، رغم اقتباسهم أصول هذا المذهب من الكتب

ص165

اللغوية القديمة(50)، خيل إليهم أنهم قد ابتكروه؛ لأنهم حين عرضوه أحدثوا فيه شيئًا من التبديل، فما ردوا الرباعي وما فوقه إلى كلمتين ثلاثيتين، بل ضيقوا دائرة البحث وردوا الثلاثي الذي لم تَعُد العربية على شيء سواه إلى كلمتين ثنائيتين، مبالغة في تقصير الكلمات، وإثبات ضآلتها وقلة أصواتها في نشأتها الأولى.
ولا ينادي بمثل هذا الرأي على ذاك النحو في الغلو إلّا مولع بضروب الاشتقاق، مأخوذ بما في الألفاظ من دلالة سحرية، مؤمِنٌ بأن السوابق واللواحق بقايا كلمات قديمة مستعملة
(51)، ولكن الغلو في الاشتقاق والنحت لا يأتي بخير(52)، وكذلك الذهاب إلى تقصير الألفاظ في نشاتها الأولى لم تقم الأدلة دامغةً على صحته، وإن كان أنصاره كثيرين في الشرق والغرب, ولقد قام مذهب يعاكس اتجاهه ويعارضه جملة وتفصيلًا.
فمن علماء اللغة الغربيين اليوم مَنْ يرجِّحُ أن الكلمات بدأت طويلة في أصل بنائها، ثم أسهمت طائفة من العوامل المختلفة في تقصيرها, فكان في معظم اللغات ألفاظ كثيرة الحروف في أقدم نصوصها وأشدها إيغالًا في الماضي السحيق، ثم تطورت اللغات, وكان من أمارات تطورها ميلها نحو التقصير من بنية كلماتها، وتيسير أصواتها، وتجريديها من تنافر الحروف
(53).
ومع علمنا بأنه لا يكفي لإثبات النظرية الثنائية -تاريخيه أو معجمية- أن نسوق عشرات أو مئات من الألفاظ فيها هذه الظاهرة في

ص166

كلمات لغتنا على حدة, أو في كلمات اللغات السامية عند المقارنة، نميل إلى الاعتقاد بأن اللغات تتفاوت في أنماط نشأتها وتطورها، وأن ما يصدق على اللغات الإنسانية المختلفة ربما لا يصدق تمامًا على لغتنا, فلا يبعد أن تكون هذه الظاهرة الثنائية أوضح في نشأة لغتنا, أو اللغات السامية خاصةً منها في نشأة اللغات الإنسانية الأخرى عامة.
ولا ريب في أن لكلِّ لغة أسلوبًا خاصًّا في تأليف الألفاظ والتراكيب, وأن المألوف في لغة ما قد يكون مستهجنًا في غيرها، وأن طائفةً من الأصوات تجتمع وتتناسق في ألفاظ بعض اللغات, على حين تأبى التجمع والتناسق في ألفاظ لغات أخرى.
إلى مثل هذه الفروق الدقيقة بين اللغات المختلفة وجَّهَ العلماء أنظارنا حين جزموا بأن هذا من كلام العرب، وذاك ليس من كلامهم في شيء؛ فهذا ابن دريد مثلًا, ينفي ائتلاف الكاف والقاف في كلمة واحدة إلّا بحواجز، ويقول باطمئنان: "ليس في كلامهم "قك ولا كق"، وكذلك حالهما مع الجيم؛ ليس في كلامهم "جك ولا كج" إلّا أنها قد دخلت على الشين لتفشي الشين وقربها من عكدة اللسان ... "
(53).
وكان من اليسير، بعد هذا، أن يحصوا الكلمات الغريبة عن النسج العربي, وأن يحكم بعضهم بندرة اجتماع بعض الأصوات، كما حكم الخفاجي بندرة اجتماع الراء مع اللام، إلّا إذا تخللها حرف من حروف الذلاقة في الرباعي والخماسي
(54).
فإذا صحَّ أن لكلِّ لغة نسيجًا خاصًّا في تآلف أصواتها, وفي نشأة مادتها الصوتية وتطورها, لم يبعد أن يصدق على لغتنا العربية في مطلع فجرها ما أكده ابن جني وأضرابه من قيمة تعبيرية للحرف الواحد،

ص167

بسيطًا ومركبًا، منفردًا ومجتمعًا، ولم يكن من الحق حكم أولئك الأعلام بوجود مناسبة طبيعية بن اللفظ ومدلوله(55)، فإن لكلِّ لغة أصولًا، وأوائل قد تخفى عنا، وتقصر أسبابها دوننا(56). وكم كان هؤلاء العلماء يتهمون أنفسهم بالجهل حين يُنْعِمون النظر في هذه المناسبة الطبيعية, فلا تنقاد لهم فيما رسموه، ولا تتابعهم على ما افترضوه وتخيلوه! وإذا بقائلهم يقول: "فهذه الطرائق التي نحن فيها حَزْنَةُ المذاهب، والتورُّد لها وَعْرُ المسلك، ولا يجب مع هذا أن تستنكر ولا تستبعد! "(57).

ص168
_______________

(1) يريد بالأصبهاني "الحسين بن محمد بن الفضل، المعروف بالراغب", وهو أديب كبير كان يقرن بالغزالي، لسعة علمه, وكتابه "المفردات في غريب القرآن" مطبوع، وطبع كذلك من كتبه "محاضرات الآدباء ", ومقدمة تفسيره المسمى: "جامع التفاسير". ومن كتبه المخطوطة الجديرة بالنشر "حل متشابهات القرآن" و"تحقيق البيان". اختلف في تاريخ وفاته، وفي "كشف الظنون 1/ 36": سنة نيف وخمس مئة, وفي "روضات الجنات 249"، أنه توفى سنة 602هـ.

(2) نشوء العربية ونموها 2.
(3) نفسه ص1.
(4) ابحاث ثنائية ألسنية ص6.

(5) من كلمة الثنائية ألقاها في مجمع اللغة العربية بالقاهرة ص8.
(6) الكلمة السابقة ص8.
(7) مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق 13/ 220 "بحث طه الراوي", وقارن بأصول النحو 125 ح1.

(8) من كلمة الأب مرمرجي في الثنائية, ص9.
(9) قارن بفقه اللغة "للمبارك" ص74, واقرأ بإمعان ما ذكره من الأمثلة.
(10) المقاييس 5/ 101, ومن ذلك تقاطع الرجلان: إذا تصارما, وأقطعت الرجل إقطاعًا، كأنه طائفة قد قطعت من بلد, والمقطعات: الثياب القاصر, وكذلك مقطعات أبيات الشعر.
(11) المقاييس 5/ 103, ومنه القطافة: ما يسقط من القطوف, والقطف: الخدش.
(12) المقاييس 5/ 103, ومنه المقطلة: حديدة يقطع بها.
(13) المقاييس 5/ 103, ومنه: قطم الفصيل الحشيش بأدنى فمه يقطمه.
(14) المقاييس 4/ 498, وأهم ما في الباب الفرجة في الحائط وغيره.

(15) المقاييس 4/ 500, ومنه الظبية الفارد: المنقطعة عن القطيع.
(16) المقاييس 4/ 485, ومنه الفرزة: القطعة.
(17) المقاييس 4/ 485, ومنه فرس الأسد فريسته.
(18) المقاييس 4/ 488, وأهم ما في الباب: المفراض للحديدة التي تقطع بها الفضة, والفريضة: اللحمة عند ناغض الكتف من وسط الجنب.
(19) المقاييس 4/ 488, ومنه المفرض: الحديدة التي يحز بها.
(20) المقاييس 4/ 490, وأهم ما في الباب: فرطت عنه الشيء: نحيّته.

(21) المقاييس 4/ 494. ومنه فرق الشعر. والفريقة من الغم.
(22) المجمل لأحمد بن فارس 1/ 146-147.

(23) ارجع إلى المصدر نفسه لتتبع الفروق الدقيقة بين معاني الأمثلة المذكورة, وفي ضوء هذا المقياس الذي وضعها الاشتقاقيون، يمكنك أن تكتشف الرابط المشترك بين جميع المواد التي ذكرها ابن فارس في هذا الباب، فقد اكتفينا بذكر بعضها, كما يمكنك أيضًا أن تلتمس الفروق بينها ولو تقاربت معانيها.

(24) جرجي زيدان، الفلسفة اللغوية 57.
(25) جمهرة اللغة 1/ 13 "باب الثنائي الصحيح".
(26) راجع ما ذكرناه قريبًا.

(27) مقدمة الجمهرة ص3.
(28) الكتاب هنا مصدر بمعنى الكتابة.
(29) مقدمة الجمهرة 13.
(30) الجمهرة 1/ 13.
(31) نفسه 1/ 14.
(32) نفسه 1/ 22.
(33) نفسه 1/ 22 أيضًا.
(34) نفسه 1/ 38.

(35) المقاييس 1/ 6.
(36) نفسه 1/ 7.
(37) نفسه 1/ 8.
(38) نفسه 1/ 9.
(39) نفسه 1/ 10.
(40) لكن رد الثلاثي المضعف إلى أصل ثنائي صريح يحكي صوتًا طبيعيًّا، ليس يقاس عليه لدى أكثر العلماء؛ لأن حكايات الأصوات ليست أصولًا, والقياس لا يكون إلّا في الأصول. المقاييس 1/ 362-33, وقارن بما ذكره هناك حول أه وآء.
(41) سنرى أن أحرف اللين هي الألف الساكنة ما قبلها، والواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسورة ما قبلها, وتسمى أيضًا أحرف مد، وجوفية، وهوائية.
(42) الاشتقاق "لعبد الله أمين" 128, ولفظ "غاق" حكاية صوت الغراب، وشيب: حكاية صوت مشافر الإبل عند الشرب, وعيط من العطعطة: وهي تتابع الأصوات واختلاطها في الحرب.

(43) جمهرة اللغة 169, وابن دريد يبدأ الباب هنا بالباء والهمزة والحرف المعتل "ب أوي"، ومراده من ذلك "ب أو" للمعتل بالواو، و"ب أي" للمعتل بالياء, ويتبعه -على الطريقة نفسها- بمادة "ج أو", "ج أي" 1/ 171, ثم "ح أو"، "ح أي"، وهكذا حتى تنتهي المستعملات من معلَّات المعجم العربي عند المادة "هـ أو"، "هـ أي" 1/ 192, ومنها ينتقل ابن دريد إلى أبواب الثلاثي الصحيح وما تشعب منه 1/ 193.

(44) مقدمة لدراسة لغة العرب 200-203.
(45) توضيحًا للمقام، وزيادة في البيان، آثرنا هنا تخليص رأي العلايلي بعبارات صريحة, استعرنا أكثرها من ابن جني لدى بحثه تكرير العين في الكلمة، فقد خصوا بذلك العين لأنها أقوى من الفاء واللام، "وذلك لأنها واسطة لهما ومكنوفة بهما، فصارا كأنهما سياج لها, ومبذولان للعوارض دونها، ولذلك تجد الإعلال بالحذف فيهما دونهما" الخصائص 1/ 547, وقارن بالمزهر 1/ 49-50.

(46) مقدمة لدراسة لغة العرب "حاشية ص201".

(47) المصدر نفسه 203.
(48) الفلسفة اللغوية 58.
(49) المقاييس 1/ 328-329, وقد ذكر ابن فارس طائفة من الأمثلة نختار منها: "بحثرت الشيء" إذا بددته. فهذه منحوتة من كلمتين: إحداهما: بحث الشيء في التراب, والأخرى: البثر الذي يظهر على البدن؛ وهو عربي صحيح معروف, ولنا إلى هذا الموضع عودة في "فصل النحت".

(50) وقد اعترف جرجي زيدان بأن هذا النحت رأي بعض اللغويين في الرباعي، لكنه لم ير مانعًا من إطلاقه على الثلاثي أيضًا "الفلسفة اللغوية 58 ".
(51) فندريس 216.
(52) قارن بمنهج البحث في اللغة "مييه" ترجمته مندور "108".
Jerpersen. Language, its natueue etc., 415.

(53) مقدمة الجمهرة ص6.
(54) شفاء الغليل ص7.

(55) هذا رأي فندريس في العلاقة بين اللفظ ومدلوله، فهو يعتقد أن الكلمة توقظ في الذهة صورة ما، وهي ما تزال مستقلة عن المعنى الذي تدل عليه. انظر: Vendryes, Langage, 237.
(56) الخصائص 1/ 556.
(57) نفسه 1/ 10
.




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.