المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

The basics of 13C-NMR spectroscopy
10-8-2019
التقليد
23-9-2016
تسميد الخوخ
16-2-2020
Vicine
10-9-2020
أساليب التصوير- خلق التوتر
23/9/2022
الخواص الفيزيائية الأساسية للبلورات السائلة: الخواص البصرية Optical Properties
2023-10-11


عبادة بن ماء السماء الأنصاري  
  
3981   08:50 صباحاً   التاريخ: 24-7-2016
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة : ص308-309
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-06-2015 1890
التاريخ: 10-04-2015 2007
التاريخ: 12-08-2015 2576
التاريخ: 30-12-2015 8231

هو عبادة بن عبد اللّه الأنصاري من ذرية سعد بن عبادة الخزرجي أحد النقباء الذين اختارهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في العقبة الثالثة، و قيل له عبادة بن ماء السماء انتماء إلى جد الخزرج الأول، و لسنا نعرف شيئا واضحا عن نشأته إلا ما يذكر مترجموه من أنه تلميذ الزبيدي تلميذ أبي علي القالي و أهم اللغويين بعده. و لم تلبث موهبته الشعرية-على ما يبدو-أن تفتحت، و مدح المنصور بن أبي عامر الحاجب (٣66-٣٩٢ ه‍) فأعجب به و أسبغ عليه جوائزه، و سجّل اسمه في ديوان الشعراء و أعليت مرتبته فيه و أعلى عطاؤه.

و تدور الأيام و تكون فتنة قرطبة التي ظلت نحو عشرين عاما، و يعتلي عرش الخلافة علي بن حمود من سلالة الحسن بن علي بن أبي طالب سنة 407 و يدور العام فيقتل و يخلفه أخوه القاسم حتى سنة 412 و يخلعه يحيى ابن أخيه علي. و عاد القاسم فانسحب يحيى إلى مالقة، و لم تلبث الخلافة أن عادت إلى الأمويين بقرطبة سنة 414. و لعبادة مدائح في هؤلاء الحموديين الثلاثة، و في مديحه لهم غير قليل من مبالغات الشيعة في مديح أئمتهم، غير أنهم جميعا لم يكونوا يستظهرون شيئا من العقيدة الشيعية. و يبدو أن عبادة تبع يحيى إلى مالقة يمدحه و يسبغ عليه يحيى من نواله، حتى إذا كانت سنة 4١٩ ضاعت منه عطايا يحيى و أهل بيته له، و كانت مائة مثقال ذهبا فاغتم غما شديدا، و كان ذلك سبب وفاته.

و يشيد ابن بسام بعبادة، و يقول إنه كان شيخ الصناعة و إمام الجماعة بزمنه في قرطبة معللا ذلك بأنه سلك إلى الشعر مسلكا سهلا، فقالت له غرائبه: مرحبا و أهلا. و لم يكن شاعرا فحسب، بل كان أيضا مؤرخا أدبيّا إذ كان له كتاب في أخبار شعراء الأندلس، و عنه ينقل ابن سعيد في المغرب بعض أخبارهم. و أهم من ذلك ما ذكره ابن بسام-على نحو ما مر بنا في حديثنا عن الموشحات-من أنه هو الذي «نهج لأهل الأندلس طريقتها-و كأنها لم تسمع بالأندلس إلا منه و لم تؤخذ إلا عنه» . و مر بنا أن مقدّم بن معافي القبري-و هو عربي-أول من ابتكرها و أن الرمادي الكندي-و هو أيضا عربي-تطور بها بعض التطور، ثم خلفه عبادة الخزرجي الأنصاري فأعطاها شكلها النهائي. و مرّ بنا نقض دعوى أنها نشأت على غرار أغان رومانسية إسبانية فقد نشأت و تطورت و أخذت صيغتها النهائية على أيدي عرب تطويرا منهم-كما ذكرنا في حديثنا عن الموشحات-لفن المسمطات المشرقية.

و كان عبادة-بحق-إمام الشعراء في زمنه، و ما رواه ابن بسام له منه-يتميز بمتانة العبارة و نصاعتها و بحسن الأداء الموسيقى و بجمال الأخيلة، و له مبهورا بجمال صاحبته و جمال أناملها التي شبهها بالعنّاب:

سقى اللّه أيّامى بقرطبة المنى    سرورا كرىّ المنتشى من شرابه
و كم مزجت لي الراح بالرّيق من يدى    أغرّ يريني الحسن ملء ثيابه
تعلّلني فيه الأماني بوعدها     و هيهات أن أروى بورد سرابه (1)
سل العنم البادي من السّجف دالفا    لتعذيب قلبي هل دمى من خضابه (2)
و هو يذكر أيام شبابه الماضية بقرطبة، و يدعو لها أن تسقى سرورا ترتوي به و تنتشى كانتشاء صاحب الخمر من شرابه، و يذكر كم شرب الخمر فيها من يد حسناء و كيف كان يعلل نفسه بلقائها و وعدها، غير أنه كان دائما سرابا لا يتحقق، و يتساءل هل خضاب أناملها البادي من الستر لتعذيب قلبه من دمه، كأنه قتيل هواها و قد سفكت دمه و علق منها بالأنامل، و يقول:

اجل المدامة فهي خير عروس    تجلو كروب النّفس بالتّنفيس
و استغنم اللذات في عهد الصّبا     و أوانه لا عطر بعد عروس
و هو يتصور المدامة عروسا تهفو لها نفسه، و يزعم أنها تذهب كروب النفس و همومها، و يدعو إلى اغتنامها في عهد الصبا، فهو عهدها، و بعده لا يأبه الإنسان بها، و يتمثل بقول العرب: «لا عطر بعد عروس» فالعطر إنما تحتاجه العروس وقت زفافها. و أكبر الظن أن عبادة انصرف عن الخمر بعد شبابه أو لعله كان ينظم هذه الأبيات و ما يماثلها تقليدا و محاكاة للمجان و إلا ما استطاع أن يدّخر المثاقيل الذهبية المائة التي ضاعت منه بمالقة.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

١) الورد: الماء الذي يرده الناس، و قد أضافه إلى السراب تخيلا.

2) العنم: الخضاب الأحمر و أراد به الأنامل. السجف: ستر الخيمة بجانب بابها. دالفا: مقبلا.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.