المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
دين الله ولاية المهدي
2024-11-02
الميثاق على الانبياء الايمان والنصرة
2024-11-02
ما ادعى نبي قط الربوبية
2024-11-02
وقت العشاء
2024-11-02
نوافل شهر رمضان
2024-11-02
مواقيت الصلاة
2024-11-02

أغراض التكوين في التصوير
14/9/2022
Robert Taylor Dunbar
16-6-2017
ميراث الكافر من المسلم
21-1-2022
Proteoliposomes
13-10-2019
الاستراتيجية كنظام
28-7-2016
المعلومات التي تقدمها الصور الجوية والفضائية
6-4-2022


أبو بكر بن القصيرة  
  
4067   01:50 مساءاً   التاريخ: 23-7-2016
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة : 405-409
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /

هو أبو بكر محمد بن سليمان الكلاعي الولبي الإشبيلي المعروف بابن القصيرة، نشأ في إشبيلية، و تفتحت موهبته الأدبية في عهد المعتضد أمير إشبيلية، و فطن له-كما يقول ابن بسام-ابن زيدون وزيره، فنبه عليه المعتضد آخر دولته، فألحقه بديوانه، و تعرّف حينئذ بالمعتمد و أعجب كل منهما بصاحبه، حتى إذا استولى على صولجان إشبيلية بعد أبيه رفعه إلى مرتبة الوزارة، مع إسناد الكتابة إليه، و له عنه في الذخيرة غير رسالة، و عهد إليه غير مرة بالسفارة بينه و بين جيرانه من أمراء الطوائف، حتى إذا استولى ألفونس ملك القشتاليين على طليطلة، و شدّد عليه فيما كان يأخذ من المعتمد من إتاوات سنوية استصرخ-و بالمثل المتوكل أمير بطليوس-يوسف بن تاشفين أمير المرابطين لكي يقدم بجيشه إلى الأندلس نجدة لها ضد ألفونس و مطامعه، و كان أبو بكر بن القصيرة هو الرسول أو السفير الذي حمل رسالته إلى يوسف و استغاثته. و لبّاه و لبّى المتوكل و فقهاء الأندلس، فعبر بجنوده المجاز، و أنزل-يعاونه الأندلسيون و أمراؤهم: المعتمد و غيره- بألفونس وقعة الزلاقة المشهورة في رجب سنة 4٧٩ و فيها سحق جيش ألفونس سحقا كاد لا يبقى منه و لا يذر. و تطورت الظروف فاستولى ابن تاشفين-نزولا على إرادة الأندلسيين و فقهائهم-على إمارات الطوائف جميعا ما عدا سرقسطة في الشمال إذ تركها لبني هود، لما رأى من إحسانهم لحمايتها و دفاعهم عنها ضد النصارى، و أخذ المعتمد معه أسيرا إلى أغمات كما مر بنا في غير هذا الموضع. و طبيعي أن يبتعد أبو بكر بن القصيرة عن حكام إشبيلية الجدد من المرابطين، و يظل على ذلك نحو ثلاث سنوات، و يفاجأ في سنة 4٨٧ باستدعاء يوسف له كي يتولى ديوان الإنشاء عنده بمراكش و كان كاتبه عبد الرحمن بن أسباط قد توفى، و يبدو أنه كان يعجب بابن القصيرة و الرسائل التي حملها إليه على لسان المعتمد، و أصبح منذ هذا التاريخ رئيس ديوان الإنشاء ليوسف بن تاشفين حتى وفاته سنة 5٠٠ و ظل قائما على هذا الديوان زمن علي ابنه حتى وافاه القدر سنة 5٠٨ بمراكش.

و تحتفظ الذخيرة-كما ذكرنا آنفا-بكثير من الرسائل التي كتبها على لسان المعتمد بن عباد، و لعل أهمها الرسالة التي فصّل فيها القول في هزيمة ألفونس بالزلاّقة، و كان جيشه قد دمّر، و بلغ من كثرة قتلاه أن كان الناس يتخذون من رؤوسهم صوامع يؤذّنون عليها و يشكرون اللّه على حسن صنيعه، و من قول ابن القصيرة في الرسالة المذكورة ببعض فصولها بلسان المعتمد.

«قد علم ما كنا-قبل-مع عدوّ اللّه أذ فونش قصمه اللّه-من تطأطؤنا و استعلائه، و تقامئنا و انتخائه (1)، و أنا لم نجد لدائه دواء، و لا لبلائه انقضاء، و لا لمدة الامتحان به فناء، إلى أن سنّى (2)اللّه تعالى من استصراخ أمير المسلمين و ناصر الدين، أبي يعقوب يوسف بن تاشفين-أيده اللّه-ما سنّى، و أدنى من نأي دياره و شحط (3)مزاره ما أدنى. . ثم أجاز-على بركة اللّه و عونه-يريش (4)و يبرى، و سار قدما (5)يخلق و يفرى (6). و اتفق رأينا بعد تشاور على قصد قورية (7)بالقرب من ماردة شرقي بطليوس) -حرسها اللّه-و سمع العدو-لعنه اللّه-بذلك فقصد بمحتشده إليها في جيوش تملأ الفضاء، و تسدّ الهواء، و تمنع أن تقع على ما تحت راياته ذكاء (8)، قد تحصّنوا بالحديد من قرونهم إلى أقدامهم، و اتخذوا من السلاح ما يزيد في جرأتهم و إقدامهم، و دعاه تعاظمه إلى مواجهة سبيلنا، و حمله نفجه(9)و تهوّره على السلوك في مدرج سيولنا، و دنونا إليه بمحلاّتنا، و أطللنا عليه براياتنا، و تنادى المسلمون بشعارهم )10)المنصور، و أقبلوا عليه و على من معه في حال مؤذنة بالظهور و الوفور، و تواقف قليلا الجمعان، و تجاول مليّا الفريقان، ثم صدق أمير المسلمين، و ناصر الدين-أيدّه اللّه-الحملة، و صدم في جمع لم يكثر عدد الجملة، فلم يلبث أعداء اللّه أن ولّوا الأدبار، و اتبعتهم خيل المسلمين تقتلهم في كل غور و نجد (11)، و تقتضى أرواحهم على حالين من كالئ و نقد (12)، و لم يخلص منهم على أيدي المتّبعين-آجرهم اللّه-إلا من سيلتهمه البعد، و يأتي على حشاشته (13)الجهد. . و لم يصب بحمد اللّه من المسلمين-وفّرهم اللّه على هول المقام، و شدة الاقتحام، كثير، و لا مات من أعلامهم تحت تلك الجولة إلا عدد يسير، و إن كان أذفونش-لعنه اللّه-لم يمت تحت السيوف بددا (14)، فسيموت لا محالة أسفا و كمدا، و نحمد اللّه على ما يسّر من هذا الفتح الجليل و سناّه، و منحه من هذا الصّنع الجميل و أولاه» .

و ليت ابن بسام روى هذه الرسالة كاملة حتى تتراءى وقعة الزلاقة المجيدة بكل تفاصيلها، و المعتمد يعترف في مقدمتها باستخذائه (15)أمام ألفونس و تصاغره و شعوره بالمذلة و الهوان مع التزامه بما كان يدفعه له سنويا من إتاوات. و يقول إنه كان دأبه و دأب أمراء الطوائف من حوله الإذعان لنصارى الشمال، بينما كان دأب النصارى التسلط و نهب الحصون و القلاع، بل لقد نهب ألفونس طليطلة الجوهرة الكبرى، و المعتمد و أمثاله من أمراء الطوائف في غفلة يعمهون. و قيضّ اللّه للمسلمين هناك ابن تاشفين، فقلّم أظفار ألفونس وردّ كيده في نحره و نحر أتباعه مذمومين مدحورين على نحو ما يصور ابن القصيرة في رسالته. و احتفظت الذخيرة برسالة لابن القصيرة على لسان يوسف بن تاشفين وجّه بها إلى أبي عبد اللّه محمد بن علي بن حمدين حين ولاه القضاء بقرطبة سنة 4٩٠ و له يقول:

«استهد اللّه يهدك، و استعن باللّه يعنك، و تولّ القضاء الذي ولاّكه اللّه بجدّ و حزم، و جلد و عزم، و أمض القضايا على ما أمضاها اللّه تعالى في كتابه و سنة نبيه، و لا تبال برغم راغم، و لا تشفق من ملامة لائم. . و قد عهدنا إلى جماعة المرابطين أن يسلّموا لك في كل حقّ تمضيه، و لا يعترضوا عليك في قضاء تقضيه، و نحن أولا و كلّهم آخرا مذ صرت قاضيا سامعون منك، غير معترضين في حق عليك، و العمال و الرعية كافّة سواء في الحق» .

و واضح أن ابن تاشفين يجعل القاضي فوقه و فوق الرعية جميعا، و يقول إنه ليس لجماعة المرابطين في الأندلس من أولى العقد و الحل الحق في أي اعتراض يوجهونه إليه أو إلى قضائه، و يوسف بن تاشفين نفسه أولا ثم المرابطون جميعا مذ صار قاضي الجماعة في قرطبة قد أصبحوا خاضعين له و لأحكامه. و هو جانب مشرف في القضاء الإسلامي، نجده في كل مكان، و نقصد استقلاله و أن مكانة القاضي فوق مكانة الحاكم مهما بلغ من السلطان. و قد نشر الدكتور محمود مكي مجموعة من رسائل كتاب الديوان المرابطي في عهد علي بن يوسف بن تاشفين في المجلد السابع من صحيفة معهد الدراسات الإسلامية في مدريد بينها تسع رسائل لابن القصيرة من الرسالة الخامسة في المجموعة إلى الثالثة عشرة، و السابعة في ترتيب المجموعة أشبه بمنشور وجهه إلى أهل الأندلس بلسان علي بن يوسف، و كان في زيارة لقرطبة، و فيه ينصح الأندلسيين بطاعة الوالي و أن لا يعصوا له أمرا قائلا:

إنه النائب عنا في تدبيركم، و إقامة أموركم، و سياسة صغيركم و كبيركم، و قد فوّضنا إليه ذلك و أفردناه بالنظر في دقّه و جلّه (16)، و قلّه و كثره (17). . و ما فعل من ذلك كلّه فنحن فعلناه، و ما قال فيه فكأننا نحن قلناه، و لا نوقف ما أمضاه، و لا نمضي ما وقعّه و أباه، و لا نرى في أحد منكم إلا ما يراه، و لا نتولاّه كائنا ما كان إلا أن يتولاّه، و لا نرضى من أحواله ما لا يرضاه، بلساننا يتكلم، و عما في جناننا (18) يترجم، و على ما يوافقنا يسدى و يلحم)19)

و في رأينا أن هذه قسوة في معاملة الرعية، و واجب الحاكم الأعلى مثل علي بن يوسف أمير المرابطين أن يأخذ الرعية بالحلم، و أن يوصي ولاته بمعاملتها بالعدل الذي لا تصلح حياة الناس بدونه و أن يسمعوا إلى شكواهم و أن يفتحوا أبوابهم لكل متظلم أو مظلوم في الرعية. و تخلو بعض السطور في رسائل ابن القصيرة من السجع، و هو ما جعل عبد الواحد المراكشي يقول عنه: «كان ابن القصيرة على طريقة قدماء الكتاب من إيثار جزل الألفاظ و صحيح المعاني من غير التفات إلى الأسجاع التي أحدثها متأخرو الكتّاب، اللهم إلا ما جاء في رسائله من ذلك عفوا من غير استدعاء» . و هذا الحكم إنما يصدق فقط على بعض سطور تتخلل أحيانا رسائله المسجوعة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١ ( تقامؤ: تصاغر و تذلل. انتخاء: تعاظم.

2(  سنىّ: فتح.

3 ( شحط: بعد.

4 ( يريش و يبرى: يضر و ينفع.

5 ( قدما: مسرعا.

6 ( يخلق و يفرى. يقرر الأمر و يمضيه.

7(  ذكاء: الشمس.

8(  نفجه: فخره بما ليس عنده.

9 ( شعارهم: اللّه أكبر.

10 ( مليا: زمنا غير قليل.

١1 ( الغور: المنخفض من الأرض. النجد: المرتفع منها.

١2(  الكالئ: المؤجل. النقد: الحالّ، يقصد القتل السريع و القتل المؤجل مشيرا بذلك إلى أسراهم.

١3) الحشاشة: بقية الروح.

١4) بددا: قطعا.

١5) الاستخذاء: الخضوع و الذل.

١6) دقه: دقيقه. جله: كبيره.

17) قله: قليله. كثره: كثيره.

18) الجنان: العقل.

19) يسدى و يلحم: يصيب و يحكم.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.