المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



ابن وهبون  
  
3154   01:34 مساءاً   التاريخ: 23-7-2016
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة : ص336-338
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-7-2021 3082
التاريخ: 29-06-2015 2071
التاريخ: 4-6-2017 4451
التاريخ: 13-08-2015 2020

هو أبو محمد عبد الجليل بن وهبون، مولده و منشؤه بمرسية على البحر المتوسط، و هي من بنيان الأمير عبد الرحمن الأوسط و كانوا يسمونها بستان شرقيّ الأندلس، و اشتهرت بما كان يصنع فيها من أصناف الحرير و الديباج. و كانت بها حركة علمية و أدبية نشطة، و يكفي أن تكون هي التي أنتجت ابن سيدة أكبر لغوي أندلسي صاحب المخصص و المحكم المتوفى سنة 45٨ للهجرة و كان مع إتقانه للعربية متوفرا على علوم الحكمة و الفلسفة، و أكبر الظن أن ابن وهبون تتلمذ له، و قد يكون هو الذي دفعه للقراءة في كتب الفلسفة. و كانت شهرة المعتمد بن عباد قد طبقت الآفاق برعايته للشعراء، و نراه يفد على إشبيلية يريد أن يحظى بشيء من هذه الرعاية، و يلزم الأعلم الشنتمري و يختلف إلى حلقته، و يعجب به ابن وهبون، و كان فيه-مثل ابن سيده-نزوع إلى الفلسفة، فلعله أيضا كان من أسباب اهتمامه بها. و قدّم الأعلم قصيدة له إلى المعتمد بن عباد فطار بها وزيره ابن عمار، و وصله بالمعتمد، و أعجب به بدوره، فقصره على هواه، و لم يرحل إلى أمير من أمراء الطوائف سواه، و ظل عنده إلا أياما كان يرحل فيها كل سنة إلى مرسية مسقط رأسه يتعهد فيها أهله، حتى إذا استنزل يوسف بن تاشفين أمير المرابطين المعتمد من عرش إمارته و نفاه إلى أغمات خرج من إشبيلية متجها إلى مرسية، و بالقرب منها سنة 4٨4 للهجرة لقى قطعة من خيل النصارى فاشتبك معهم، و كتبت له-على ايديهم- الشهادة. و يتميز شعره بمسحة التأمل و البعد في الفكر و العمق فيه بتأثير قراءاته الفلسفية، و توفى أستاذه الأعلم الشنتمري سنة 4٧6 فبكاه بمرثية حارة استهلها بتأملات عميقة في الحياة و الموت منشدا:

نفسى و جسمي إن وصفتهما معا    آل يذوب و صخرة خلقاء (1)
لو تعلم الأجبال كيف مآلها    علمي لما امتسكت لها أرجاء
إنا لنعلم ما يراد بنا فلم    تعيا القلوب و تغلب الأهواء
طيف المنايا في أساليب المنى     و على طريق الصحّة الأدواء
و هو يقول ما الحياة؟ إن نفوسنا فيها سراب يذوب و أجسامنا صخرات ملساء لا تلبث أن تمسّها يد الفناء، و حتى صخرات الجبال لو علمت حقيقة أنها لا بد أن تتداعى يوما لما تماسكت لها أرجاء، و يقول إنا نعلم مصيرنا إلى الموت و الفناء فلم نكلف قلوبنا ما تعيا به و تشقى؟ و لم تغلبنا الأهواء و الشهوات؟ ، و تلك أطياف الموت و أشباحه تتراءى لنا فيما نحاول و نحقق من أماني، و تلك الأدواء و الأمراض كأنها تنتظر الأصحّاء. و يستمر في إنشاده:

ماذا على ابن الموت من إبصاره    و لقائه هل عقّت الأبناء
لم ينكر الإنسان ما هو ثابت    في طبعه لو صحّت الآراء
دنف يبكّى للصحيح و إنما     أمواتنا-لو تشعر-الأحياء
ما النفس إلا شعلة سقطت إلى     حيث استقلّ بها الثّرى و الماء
حتى إذا خلصت تعود كما بدت    و من الخلاص مشقّة و عناء

 و هو يقول إن الإنسان ابن الموت فلماذا يفزع من لقائه؟ أهو ابن عاقّ لأبيه؟ و لماذا يتنكر الإنسان لما هو ثابت في كيانه؟ و لو أنصف الأحياء لعرفوا أنهم مرضى مرضا ثقيلا يشفى بهم على الموت، و كأنهم هم الخليقون بالبكاء لهم، و فيم إذن يبكون على من لبّوا نداء الموت المستكن فيهم؟ إنهم الأموات الحقيقيون الجديرون بالبكاء عليهم. و ما النفس إلا شعلة هبطت-كما يقول ابن سينا-من العالم العلوي إلى الجسد أو بعبارة أخرى إلى التراب و الماء، و ما الموت إلا خلاص لها من هذا الأسر الطويل، و رب خلاص فيه مشقة و عناء. و مضى ابن وهبون بعد هذا العزاء يقول بأن ليس في الدنيا بقاء و أن الكل إلى فناء، مؤبّنا الأعلم الشنتمري أستاذه تأبينا رائعا، و هو-بحق-من شعراء الأندلس المبدعين.

ــــــــــــــــــــــــــ

١) خلقاء: مصمتة ملساء.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.