أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-7-2016
19466
التاريخ: 18-7-2016
6714
التاريخ: 18-7-2016
10821
التاريخ: 18-7-2016
3515
|
وفي كتب اللغة إشارات إلى بعض المذموم من لهجات العرب؛ من ذلك الكشكشة, وهي في ربيعة ومضر، يجعلون بعد كاف الخطاب في المؤنث شيئًا، فيقولون: رأيتكش، وبكش وعليكش، فمنهم من يثبتها حالة الوقف فقط، وهو الأشهر، ومنهم من يثبتها في الوصل أيضًا، ومنهم من يجعلها مكان الكاف ويكسرها في الوصل ويسكّنها
ص67
في الوقف، فيقول: مِنْش وعَلَيْش(1). وفي ذلك أنشد قائلهم:
فعيناشِ عيناها، وجيدشِ جيدُها ... ولونُشِ، إلا أنها غيرُ عاطلِ(2)
ومن ذلك الفحفحة في لغة هذيل، يجعلون الحاء عينًا(3).
ومن ذلك الطُمْطُمانية في لغة حِمْيَر؛ كقولهم: طاب امهواء، أي: طاب الهواء(4).
ومن ذلك: العَجْعَجة في لغة قضاعة، يجعلون الياء المشددة جيمًا، يقولون، في تميميّ: تميمج(5)، وقال أبو عمرو بن العلاء(6): قلت لرجل من بني حنظلة: ممن أنت! قال: فُقَيْمجّ, فقلت: من أيهم؟ قال: مُرِّج، أراد فُقَيْميّ ومُرّيّ(7)، ولذلك اشتهر إبدال الياء جيمًا ملطقًا في لغة فقيم, حتى أنشد شاعرهم:
خالي عُوَيْفٌ وأبو عَلجِّ ... المطعمان اللحم بالعشجِّ
وبالغداة فلق البرنجّ(8)
ص68
ومن ذلك شنشنة اليمن؛ تجعل الكاف شينًا مطلقًا كلبّيش اللهم لبَّيْشَ، أي: لبيك(9).
ولخلخانيّة أعراب الشّحْر وعُمان، كقولهم: مشا الله كان, أي: ما شاء الله كان(10).
وعنعنة تميم، تقول في موضع أن: عن، أنشد ذو الرمة:
أعَنْ ترسّمت من خرقاء منزلة(11).
فلو أن شاعرًا ضمَّن شعره شيئًا من كشكشة ربيعة, أو طمطمانية حمير, أو عجعجة قضاعة، وغدا ينشده في بعض أسواق العرب لغلبوه على أمره بالمكاء والتصدية، ولصيروه أضحوكة من التهكم به والتندر عليه, ولكي تتصور مثل هذا الموقف تخيل رجلًا يكشكش الكافات في قول امرئ القيس من معلقته:
أغركِ مني أن حبكِ قاتلى ... وأنك مهما تأمري القلب يفعل
فهو سينشد البيت هكذا:
أغرَتَشْ مني أن حبتْشِ قاتلي ... وأنتشِ مهما تأمري القلب يفعل
وتخيل رجلًا آخر يطمطم لامات التعريف، فيسأل الرسول العربي -صلى الله عليه وسلم: هل من امبر امصيام في امسفر؟ يقصد: هل من البر الصيام في السفر، فيضطر -عليه السلام- لاستخدام لغته ليفهمه الحكم الشرعي فيجيبه "ليس من امبر امصيام في امسفر"(12).
ص69
ثم تخيل رجلًا ثالثًا يجعجع الياءات المسبوقة بالعينات، فيقول: "الرّاعج خرج معج "بدلًا من "الراعي خرج معي".
فلا غرو بعد هذا كله إذا نزل القرآن بلغة العرب المثالية، وبارك توحّدها، وسما بها إلى الذروة العليا من الكمال, بعد أن كانت لهجة محدودة لإحدى قبائل العرب(13)، ولا عجب إذا اقتصر على تحدّي خاصة العرب القادرين على التعبير بتلك اللغة الموحدة، ثم لا غرابة أخيرًا إذا تعددت وجوه قراءاته تخفيفًا على القبائل، وحلًّا لمعضلة تباين اللهجات.
ص70
__________
(1) المزهر 1/ 221.
(2) الصاحبي 24.
(3) المزهر 1/ 222.
(4) نفسه 1/ 223.
(5) نفسه 1/ 222.
(6) هو زبان بن العلاء، أحد أئمة اللغة والأدب، ومن قراء القرآن المشاهير, كانت عامة أخباره عن أعراب أدركوا الجاهلية، أخذ عنه كثيرون منهم الأصمعي وأبو زيد والأخفش وعيسى بن عمر, توفي نحو سنة 145هـ.
(7) أمالي القالي 2/ 77.
(8) قارن الصاحبي 25 بأمالي القالي 2/ 77.
(9) المزهر 1/ 222.
(10) نفسه 1/ 223.
(11) الخصائص 1/ 441.
(12) الكفاية في علم الرواية للخطيب 183.
(13) انظر "بلاد العرب قبل النبي" لبرجيه "النشرة الأسبوعية للاتحاد العالمي سنة 1885م"، عدد 271، 272.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|