المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
دين الله ولاية المهدي
2024-11-02
الميثاق على الانبياء الايمان والنصرة
2024-11-02
ما ادعى نبي قط الربوبية
2024-11-02
وقت العشاء
2024-11-02
نوافل شهر رمضان
2024-11-02
مواقيت الصلاة
2024-11-02



إثارة الشعور الاجتماعي  
  
2711   01:34 مساءاً   التاريخ: 21-6-2016
المؤلف : الاستاذ عباس ذهيبات
الكتاب أو المصدر : دور العقيدة في بناء الانسان
الجزء والصفحة : .....
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / آداب عامة /

لقد كان إنسان ما قبل الإسلام يتمحور في سلوكه الاجتماعي حول ذاته ، وينطلق في تعامله مع الآخرين من منظار مصالحه وأهوائه ، وينساق بعيدا مع أنانيته. ولقد هبط في القاع الاجتماعي إلى درجة (الوأد) لأبنائه، خشية الفقر والمجاعة، الأمر الذي استدعى التدخل الإلهي، لإنقاذ النفوس البريئة من هذه العادة الاجتماعية القبيحة ، قال تعالى : { وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ}[الأنعام: 151].

على أنّ أشد ما يسترعي الانتباه ، أنّ ذلك الإنسان الجاهلي ، الدائر حول ذاته ومنافعها ، قد غدا بتفاعله مع إكسير العقيدة ، يضحي بالنفس والنفيس في سبيل دينه ومجتمعه ، وبلغت آفاق التحول في نفسه إلى المستوى الذي يُؤثِر فيه مصالح أبناء جنسه على منافع نفسه.

وليس بخفيّ على أحد مستوى الإيثار الذي أبداه الأنصار مع المهاجرين ، إذ شاطروهم في كلِّ ما يملكون ، وحتى في بيوتهم وأمتعتهم ، ولم ينحصر هذا المستوى من الايثار بأفراد، بل شكّل ظاهرة اجتماعية عامّة لم يشهد لها تاريخ الإنسانية نظيرا ـ وفي هذه الظاهرة نزل قرآن كريم يبارك هذه الروح، ويخلّد ذكر مجتمع تحلّى بها ، كنموذج من نماذج التلاحم الاجتماعي والمؤاخاة .. قال تعالى : {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الحشر: 8، 9].

وينقض الإسلام أُسسا في البناء الاجتماعي الجاهلي قوامها تعزيز التقسيم الطبقي والقَبَلي للمجتمع ، الذي كان يتشكل من طبقتين أساسيتين؛ طبقة الأشراف، وطبقة العبيد، ولا بدَّ لأبناء طبقة الأشراف أن يبقوا هكذا، تجتمع لديهم الثروات ويحتكرون الشأن والوجاهة، ولا بدَّ لأبناء طبقة العبيد أن يبقوا هكذا يدورون في فلك الأسياد.. فقوّض الإسلام هذه الاُسس وأقام محلّها أُسسا جديدة تساوي بين الناس في حق الحياة وحق الكرامة ، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }[البقرة: 21، 22] ، فتحرر أبناء طبقة العبيد ومارسوا حقهم في الحياة، وارتفع عمار وسلمان وبلال عاليا فوق طبقة أشراف قريش التي ما زالت تتخبط في ضلالات الجاهلية، كالوليد بن المغيرة وهشام بن الحكم وأبي سفيان وأمثالهم ..

وحتى الأموال لم تعد حكرا على الأغنياء ليزدادوا ثراءً ، قال تعالى :

{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[الحشر: 7].

 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.