أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-11-2014
1882
التاريخ: 18-11-2014
1917
التاريخ: 11-10-2014
1742
التاريخ: 4-1-2016
3097
|
التنقيط من حيث الاصلاح له معنيان :
الأول : نقط الإعجام ، وهو نقط الحروف في سمتها ، للتفريق بين الحروف المشتبهة في الرسم ، كنقط الباء بنقطة من تحتها ، ونقط التاء بنقطتين من فوقها .... وهكذا.
الثاني : نقط الإعراب ، أو نقط الحركات ، وهو للتفريق بين الحركات المختلفة في اللفظ ، كوضع نقطة فوق الحرف للدلالة على الفتحة ، ونقطة تحت الحرف للدلالة على الكسرة ، ونقطة أمام الحرف أو بين يديه للدلالة على الضمة.
وقد جعل الأقدمون النوعين مشتركين في الصورة على شكل نقط مدورة (1).
كان العرب في عهدهم الاول لا يعرفون اصطلاحات التنقيط في كتاباتهم ، حتى مجيء الإسلام. غذ لم يكونوا بحاجة إلى تنقيط الكلام ، لأن لهم من سلامة سليقتهم وصفاء أصالتهم ما يغنيهم عن ذلك.
ولهذا لما كتبت المصاحف في عهد النبوة كانت مجدة من الشكل والنفط اعتماداً على هذه الأصالة وتلك السليقة (2).
قال الزرقاني (3) : "كان العلماء في الصدر الأول يرون كراهة نقط المصحف وشكله ، مبالغة منهم في المحافظة على اداء القرآن كما رسمه المصحف ، وخوفاً من ان يؤدي ذلك إلى التغيير فيه ... ولكن الزمان تغير ، فاضطر المسلمون إلى اعجام المصحف وشكله لنفس ذلك السبب ، أي المحافظة على اداء القرآن كما رسمه المصحف ، وخوفاً من ان يؤدي تجرده من النقط والشكل إلى التغيير فيه".
وفي الواقع كان القرآن مجرداً من النقط والشكل ، وكان المسلمون الأولون يرون حرجاً في تنقيطه حتى لا يختلف عن الرسم الأول . ولكن لما اتسعت الامة الإسلامية ، ودخل فيها الاعاجم ، وشاع اللحن في قراءة القرآن ، قام (أبو الأسود الدؤلي) بأول عملية جريئة وهي تشكيل القرآن عن طريق النقط . وكان ممن تنبه إلى ذلك وإلي البصرة زيادة ابن أبيه ، فسأل ابا الأسود الدؤلي ان يضع للناس علامات تدل على الحركات ، فوضع أصول التشكيل باستخدام النقط ، وسميت تلك العملية لذلك (التنقيط). فوضع نقطة فوق الحرف للدلالة على الفتح ، ونقطة تحت الحرف للدلالة على الكسر ، ونقطة أمام الحرف للدلالة على الضم ، وللتنوين نقطتين (4).
وسار الناس على هذا النهج مدة وحروف المصحف بدون نقاط إعجام ، حتى كان عهد عبد المالك بن مروان ، حيث اضطروا إلى وضع النقط الذي هو الإعجام للحروف ، كالباء والتاء والثاء ... الخ.
ثم التبس عليهم نقط الإعجام مع نقط الحركات ، لأن كلاهما يستعمل النقط، فميزوا بينهما باللون والرسم . حتى جاء الخليل بن أحمد الفراهيدي (100-175 هـ) وابتكر طريقة عبقرية جديدة للشكل استمدها من أشكال حروف العلة : الألف والواو والياء فوضع للضم واوً صغيرة توضع في اعلى الحرف لئلا تلتبس بالواو المكتوبة ، ووضع للفتح ألفاً مبطوحة فوق الحرف . ووضع للكسر ياء تحت الحرف تطورت إلى شحطة ، حتى أصبح التشكيل كما نعرفه اليوم ، وعلاماته : الفتحة والكسرة والضمة والسكون (5) ، ووضعت الشدة ( ّ ) ، وأصلها شين مبتوره بدون نقاط ( ّ ) .
وجاء في (أعيان الشيعة) للحج السيد الأمين ، بعنوان (النقط والشكل للقرآن) :
قال السيوطي في الأوائل : اول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي بأمر من عبد الملك . وقيل : أول من نقطه الحسن البصري ويحيى بن يعمر. وقيل : نصر بن عاصم الليثي ا هـ .
والأصح انه أبو الأسود الدؤلي في إمارة زيادة ابن أبيه على ما ذكره ابن النديم في (الفهرست) ، وذكره أبو البركات عبد الرحمن بن محمد الانباري في (نزعة الألباء في طبقات الأدباء). وتنقيطه له عبارة عن وضع نقط لعلامات الحركات لا نقط الإعجام كما مر هناك (6).
مناقشة حول تنقيط القرآن :
قلت : في مجلس الثلاثاء : لقد اختلف في تنقيط المصحف ، فقيل إن أول من فعل ذلك هو أبو الأسود الدؤلي بأمر من عبد المالك بن مروان ، وقيل الحسن البصري ويحيى بن يعمر ، وقيل نصر بن عاصم الليثي . ولكن ماذا يعني هذا التنقيط يا ترى ؟ هل وضع النقاط للحروف (وهو ما يسمى الإعجام) أم وضع النقاط للحروف (وهو ما يسمى الإعجام) ام وضع الحركات على الحروف (وهو التشكيل) ؟ . وإنني أستبعد اني يكون القرآن أول ما كتب بدون نقاط الإعجام ، لأنه لا مبرر لعدم كتابتها ، إذ أن القرآن معمول لكل المسلمين ، والذين كانوا يتقنون الكتابة والقراءة منهم قليل. وإن كتابة القرآن بدون نقاط ينشأ عنها اشتباه كبير. ومن يستطيع ان يقرأ كلاماً عربياً مجرد من النقاط ؟ لا سيما ان نصف الحروف الهجائية ذات نقاط ؟.
قال الحاج عمار : غذا كان العرب يكتبون الحروف بدون نقاط ، فكيف يقول الإمام علي (عليه السلام) عن نفسه : "وانا النقطة التي تحت الباء" . كيف يقول ذلك إذ كانوا يكتبون الباء بدون نقطة؟.
ويقول عبد الباقي العمري مفتي السنة في العراقي في هذا المعنى ، عن قبة الإمام عليه (عليه السلام) في النجف ، والنقطة التي تحتها وهي الإمام (عليه السلام) :
هي باء مقلوبة فوق تلك الــ ــنقطة المستحيلة التأويل ِ
قال الأستاذ موفق : كي نعرف ان القرآن هل كان منقظاً ام لا ، يمكن الرجوع إلى رسائل النبي (ص9 إلى الملوك ، مثلاً رسالته إلى المقوقس ملك مصر ، فإذا كانت بدون إعجاز أقررنا بأن القرآن كان يكتب بدون نقاط.
رسالة النبي (صلى الله عليه واله) إلى المقوقس عظيم مصر : ولدى البحث عن رسالة النبي (صلى الله عليه واله) إلى المقوقس عظيم مصر ، وجدتها في كتاب (تاريخ التمدن الإسلامي) لجرجي زيدان (7) ، ومطلعها :
"بسم الله الرحمن الرحيم . من محدج عبد الله ورسوله ، إلى المقوقس عظيم القبط . سلام على من اتبع الهدى .... ".
وأثبت هنا صورة هذه الوثيقة التاريخية ، التي لاحظ أنها خالية من التنقيط .
ومن الوثائق التاريخية التي يمكن ملاحظتها نسخ المصاحف الأولى ، وأقدمها مصحف الإمام عليه (عليه السلام) الذي كتبه بخط يده بالخط الكوفي. وتوجد منه عدة نسخ في المتاحف اليوم كما ذكرت سابقاً . ولدى الرجوع إلى هذه المخطوطات تبين ان بعض هذه النسخ بدون تنقيط كلياً ، وبعضها مشكل بالنقط بدون إعجام ، حسب اصطلاحات الشكل التي وضعها أبو الأسود الدؤلي تلميذ الإمام علي (عليه السلام). وهذا يدل على ان المصحف الأول كانت حروفه بدون نقاط إعجام.
ونثبت فيما يلي صورة ورقة من مصحف الإمام علي (عليه السلام) التي أوردها العلامة المجتهد السيد محسن الأمين في كتابه (مفتاح الجنات) (8 )، وفيها الآية 73 من سورة النساء ، وهي قوله تعالى
{وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74) وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ . . . }[النساء: 74-75].
ويلاحظ فيها استعمال النقط عوضاً عن الشكل. فإذا كان الحرف مفتوحاً وضعت نقطة فوقه ، وإذا كان الحرف مكسوراً وضعت نقطة تحته ، وإذا كان الحرف مضموماً وضعت نقطة بعده . وهذه صورة المخطوطة :
صفحة من مصحف الإمام علي (عليه السلام)
وهذه صفحة أخرى من الصحف المنسوب للإمام علي (عليه السلام) والموجود في خزانة الإمام علي الرضا (عليه السلام) في مدينة مشهد شمال شرقي إيران ، وهي الآيات من سورة الحجر من 17-27 وهي قوله تعالى : {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21) وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22) وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (23) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (24) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (25) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ...} [الحجر: 16 - 28].
* الخط الكوفي ، من ورقة المصحف المنسوب إلى الإمام عليه (عليه السلام) محفوظات خزانة الرضا (عليه السلام) (سورة الحجر ، من الآية 17-28).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- تاريخ توثيق نص القرآن الكريم لخالد عبد الرحمن العك ، طبع سنة 1977 ص113.
2- انظر رسالة النبي إلى المقوقس ، ص37.
3- تفسير (البيان) للسيد الخوئي ، ج1 ص166 ؛ نقلاً عن مناهل العرفان طـ2 ص302 .
4- انظر الوثيقة التاريخية التي رسمناها لورقة من مصحف الإمام عليه (عليه السلام) ، ص38.
5- راجع كتاب تاريخ توثيق نص القرآن الكريم لخالد عبد الرحمن العك ، ص115.
6- أعيان الشيعة : ج1 ص429.
7- طـ2 ج1 ص49.
8- ج1 ص80 ط بيروت 1969.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|