أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-8-2020
2592
التاريخ: 8-3-2017
3886
التاريخ: 22-5-2016
2060
التاريخ: 3-8-2017
16268
|
إكتفى فقهاء القانون المدني بتحديد مفهوم الزعم مع إختلافهم فيه ، إلاّ أنّهم لم يخوضوا في بيان معياره ، وعلى الرغم من هذا يمكن أن نستنتج من آرائهم المتقدم ذكرها بأنّهم كانوا على إتجاهين بالنسبة للمعيار الواجب إعتماده بهذا الخصوص .
أولاً - المعيار المادي :
يشترط جانب من الفقه لقيام الزعم بسبب شرعي أن يكون لدى المحدث السبب الصحيح بجميع شرائطه (1).ووفقاً لهذا الرأي فان المحدث لا يكون ذا زعم إذا لم تنتقل له حيازة العقار بأحدى الوسائل المنصوص عليها في المادة 1158 مدني عراقي (2).أو أنّه تلقّى ملكيّة العقار بتصّرف قانون ناقل للملكيّة بطبيعته صادر من غير المالك ، من شأنه أن ينقل ملكيّته لو أنّه صدر من مالك ، كما عُرِّفَ السبب الصحيح في الفقه المصري (3). وهناك جانب آخر يخفف من التمسك بالسبب الصحيح ، فيشترط لدى المحدث لقيام الزعم ، أن يكون بيده سند ناقل للملكيّة يجهل عيوبه (4).وفي هذا فرق إذ يمكن أن يتمّسك المحدث بالسند الباطل بطلانا مطلقا ، إذا ما كان يجهل عيوب بطلانه بخلاف السبب الصحيح الذي لا يمكن أن يكون سنداً باطلاً . وكلا فريقي الأتجاه الأول يتساوون بأنّ لا عبرة لديهم بنيّة المحدث وشخصيته ، وإنمّا يحددون معياراً مادياً لمفهوم الزعم بسبب شرعي . وقد أخذت محكمة التمييز في العراق بهذا الأتجاه في بعض أحكامها فقضت " . . . . إن النزاع على وجود الزعم بسبب شرعي من عدمه يجب أن ينحصر في ذات الملك نفسه لا أن يكون للباني أو الغارس ملك آخر كان قد إشتراه ثم يخطئ هو أو المهندس في تعينه "(5). وبهذا الأتجاه سار القضاء السوري ، فقضى بأنّ توافر حُسن النيّة في مجال تطبيق المادة 889 مدني المتعلق بالتمّلك بالإلتصاق ، يشترط أن يعتقد الباني أو الغارس أنّه يحدث ذلك في ملكه . . . وحيث أنّ الباني أو الغارس يعدُّ حَسن النيّه إذا كان يعتقد إنّ الأرض التي أنشأ عليها بناءً أو غراساً هي ملكه وكان بيده سند ناقل للملكيّة يجهل العيوب التي تشوبه (6).ويلاحظ على الحكم السوري بأنّه أشترط إمتلاك المحدث سند ناقل للملكيّة ، يجهل عيوبه ،علماً إنّ نص المادة 889 من القانون المدني السوري الذي عالج المحدثات على ارض الغير لم يتطرق إلاّ الى حُسن النيّة فقط(7). وعليه يكون القضاء السوري قد فسَّر حُسن النيّة وهي الحالة النفسية للمحدث وقت إقامة المحدثات بالسبب الصحيح فتكون المحكمة قد ضيقت على المحدث كثيراً ، فيمكن أن نتصور إنّ هناك محدثاً حَسن النيّة عند إقامة المحدثات ولا يمتلك السند الذي تشترطه محكمة النقض لأثبات حُسن النيّة .
ثانياً - المعيار الشخصي :
بالمقابل نرى إنّ بعض الفقهاء يفسِّر الزعم بسبب شرعي إنّما هو حُسن نيّة المحدث. وآخرون يرون بأنّه إعتقاد المحدث بأنّه يبني على ملكه أو إعتقاده إنّ له الحق باقامة المحدثات(8). ويلاحظ إتفاق فريقي الأتجاه الثاني على النيّة والأعتقاد وهما أمران نفسيان داخليان يختصّان بذات الزاعم وشخصيته ، وتأسيساً على ذلك يجب ملاحظة إعتقاد من يتمسك بالزعم ، فالمحامي مثلاً لا يستطيع أن يتمسك بالزعم الشرعي عندما يقيم محدثات على عقار الغير عند شرائه لعقار بسند خارجي قبل تسجيله في دائرة التسجيل العقاري ، كذلك لا يستطيع أن يتمسك المهندس المساح بالزعم عندما يحصل خطأ في المساحة أو موقع العقار ، ويمكن لغير هؤلاء أن يتمسك بالزعم الشرعي وكل ذلك متروك لتقدير القضاء . وبهذا الأتجاه قضت محكمة النقض المصرية ، بأنَّ حُسن النيّة أن يعتقد الباني أنّ له الحق في إقامة المحدثات ولا يلزم أن يعتقد إنّه يملك الأرض(9). كذلك قضت محكمة النقض الأماراتية " . . . وكان مفاد هذه القاعدة إنّ لمحدث البناء في أرض مملوكة لغيره أن يتمّلك الارض ، شريطة تحقق أمرين أولهما أن تكون حيازة الأرض وقت البناء مردها إلى إعتقاده بقيام سبب شرعي يخول له الحق في وضع يده على الارض والأنتفاع بها بجميع وجوه الأنتفاع ومنها البناء على سبيل البناء والقرار(10). وحيث إنّ الأعتقاد المنصوص عليه في الحكم هو حالة نفسيّة تقوم لدى المحدث وقت إقامة المحدثات تجعل نيتّه منصرفة إلى القيام بعمل إنّما هو حق وليس إعتداء ، بذلك تكون المحكمة قد طبقت المعيار الشخصي في حكمها . ونرجّح الأتجاه الثاني ، ذلك إنّ الأتجاه الأول يساوي بين كسب الملكيّة بالتقادم القصير ، وأحكام الإلتصاق بوصفه سبباً مستقلاً من أسباب كسب الملكيّة بأشتراطهم السبب الصحيح ، وحيث إنّه يكفي إعتقاد المحدث بأنّ له الحق في إقامة المحدثات ليكون ذا زعم بالأسباب الشرعية كما توصلنا اليها في تعريف الزعم ، والأعتقاد مسألة لها علاقة بالجانب الشخصي دون الجانب المادي .
____________________
1- د. حسن علي ذنون ، مصدر سابق ، ص134 .
2- تنص المادة 1158 من القانون المدني العراقي على " والسبب الصحيح هو سند او حادثة تثبت حيازة العقار ، باحدى الوسائل التالية : أ- الاستيلاء على الاراضي الموات ، ب- انتقال الملك بالارث او الوصية ، ج- الهبة ، د- البيع او الفراغ " .
3- د. محمد كامل مرسي ، شرح القانون المدني ، الحقوق العينية الاصلية ، ج3 ، اسباب كسب الملكية ، المطبعة العالمية ، القاهرة 1949 ، ص94 .
4- د. محمد وحيد الدين سوار ، مصدر سابق ، ص102 .
5- قرار رقم 531 / ح / 1968 ، في 25 /1 / 1969 ، مجلة القضاء ، العدد الثاني ، نقابة المحامين العراقية ، 1969 ، ص110 .
6- قرار محكمة النقض السورية المرقم 333 في 2 / 4 / 1986 ، منشور في المجلة العربية للفقه والقضاء ، التي تصدرها الامانة العامة لمجلس وزراء العدل العرب ، الرباط ، المغرب ، العدد الثامن ، مطبعة النجاح القديمة ، 1988 ، ص291 .
7- نصت م 889 من القانون المدني السوري رقم 84 لسنة 1949 على انه " اذا كان الغير الذي شيد الابنية او غرس الاغراس ذا نية حسنة ، فلا يكون مسؤولا تجاه مالك العقار عن الثمار . . . 2- اذا كان قد بنى او غرس على الارض المطلوب استرجاعها لها ، فلا يجبر على نزع الابنية . . . . " .
8- د. صلاح الدين الناهي ، مصدر سابق ، ص273 .
9- الطعن رقم 19 ، سنة 42 ، ق ، جلسة 17 / 2 / 76 ، س 27 ، ص453 . اشار اليه سعيد احمد شعله ، قضاء النقض المدني في الملكية ، منشأة المعارف بالاسكندرية ، 2000 ، ص299 .
10- طعن رقم 58 مدني ، في 2 / 6 / 1984 ، المجلة العربية للفقه والقضاء ، الامانة العامة لمجلس وزراء العدل العرب ، المملكة المربية ، 1985 ، ص529 .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|