أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-8-2017
3212
التاريخ: 1-6-2016
2688
التاريخ: 13-4-2016
2055
التاريخ: 16-3-2017
13165
|
إن الضرر هو الشرارة الأولى التي يبدأ معها التفكير في مساءلة من يتسبب فيه سواء كان ذلك وفقاً لقواعد المسؤولية الشيئية أو الشخصية(1) ، وله تعاريف متعددة لغة وشرعاً وقانونا (2). إلا أن تلك التعريفات تنصب على فكرة واحدة وهي أن الضرر ثابت في آثاره ونتائجه فلا يكون عرضة للتغير لا في قيمته ولا في مقداره ، فمعالمه واضحة ومن السهولة على القاضي تحديد مقدار التعويض المقابل له ، كما لو أدى الفعل الضار إلى موت المتضرر حالاً أو بتر يده أو ساقه. أما في الضرر المتغير فإن الأمر ليس كذلك فهو: ذلك الضرر الذي لا يحتفظ بذاتيته وقيمته إذ يكون عرضة للزيادة أو النقصان بعد وقوعه ، وبذلك تتخذ فكرة الضرر المتغير إحدى صورتين:
أولهما: أن يطرأ التغير على الضرر ذاته بما يؤثر في العناصر المكونة له ، فيختلف قدره سواءٌ بالزيادة أو النقصان عما كان عليه وقت وقوعه ، وهذا هو التغير الذاتي للضرر ويوصف بأنه تغير في مقدار الضرر.
ثانيتهما: ألا يتغير الضرر ذاته ، فيظل من حيث عناصره المكونة له كما كان حين وقوعه دون أن يتفاقم أو يتناقص ، لكن التغير يطرأ على قيمته معبراً عنها بالنقود، فتختلف قيمته النقدية انخفاضاً أو ارتفاعاً عما كانت عليه وقت وقوعه ، بسبب تغير القوة الشرائية للنقود نتيجة لظروف اقتصادية عامة(3). وبذلك فإن التغير في الضرر يحصل خلال الفترة المحصورة بين وقوع الفعل المؤدي إليه ورفع الدعوى للمطالبة بالتعويض عنه ، أو خلال المدة المحصورة بين رفع الدعوى وصدور الحكم أو خلال المدة الممتدة بعد صدور الحكم لحين اكتسابه درجة البتات ، بل قد يحصل التغير بعد اكتساب الحكم درجة البتات. فلو كان الضرر مالياً فقد تتغير قيمة المال إذ إن قيمته وقت وقوع الفعل غيرها وقت صدور الحكم. وإذا كان الضرر معنوياً فإن المتضرر وحتى بعد تعويضه قد تنتابه لحظات من الشعور بالألم والأسى . أما لو كان الضرر جسدياً ، فإن احتمالات التغير فيه أكثر شيوعاً كونه ضررًا يمس سلامة الجسد ، فمن يتعرض لحادث سيارة وبخطأ من سائقها وسبب له كسر في يده وفي وقت المطالبة بالتعويض تكون الإصابة قد تطورت فأصبحت عاهة مستديمة ، فهذه التغيرات ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار عند تحديد مقدار التعويض(4). وقد يحصل أن يقع الضرر بعد ارتكاب الفعل مباشرة ومع ذلك يكون متغيراً في مقداره. فلو وقعت حادثة اصطدام في تشرين الأول عام 2000 وكان من نتائجها أن أصيب أحد السائقين بعجز كلي ، فضلا عن تلف سيارته وثبت من الكشف والتحقيق أن الضرر كان نتيجة خطأ السائق الآخر فرفع المتضرر دعوى التعويض في شباط عام 2001 وصدر بحكم النهائي في الدعوى في تموز عام 2001 ، فهل يقدر القاضي التعويض عن العجز الكلي الذي لحق المصاب طبقًا للظروف المعاشية التي كانت عام 2000 أم وفقـًا لمستوى المعيشة وأسعار عام 2001 ؟ ولو افترضنا أن العجز الكلي الذي لحق المصاب عند وقوع الحادث خف أثره وأصبح عام 2001 مجرد عجز جزئي فهل تؤخذ هذه التغيرات بعين الاعتبار ؟ وأين يقف القاضي منها وهو يتولى تحديد مقدار التعويض؟(5). كما أن التغير في الضرر لا يقتصر على حالة تفاقمه بل يشمل حالة تناقصه ، فالعامل الذي تؤدي الإصابة إلى كف بصره ويحكم له بتعويض على هذا الأساس ثم يسترد قوة الأبصار كلاً وجزءاً ، فهل يمكن للمسؤول أن يطالب بتخفيض التعويض الذي سبق الحكم عليه به استنادًا إلى أن الضرر قد زال أو خفت حدته؟(6). مما تقدم نستنتج أن الضرر المتغير هو: كل ضرر غير مستقر بنتائجه وآثاره باتجاه معين فيكون عرضه للزيادة أو النقصان ، الآمر الذي ينعكس على صعوبة تحديد مقدار التعويض المقابل له فضلا عن الوقت الذي ينبغي مراعاته عند تحديد مقدار التعويض (7).
__________________
1- د.سليمان مرقس / المسؤولية المدنية في تقنيات البلاد العربية / القسم الأول / معهـد البحوث والدراسات العربية 1971ص130 / ومؤلَّفه: الوافي في شرح القانون المدني / المجلد2 / الفعل الضار والمسؤولية المدنية / ط5 1988/ ص134-135.
Jone.G.Fleming the Law of Torts , seven edition , London
علي عبيد عودة الجيلاوي/ أثر القوانين العراقية القديمة في التشريعات المدنية الحديثة/ مجلة بيت الحكمة/ دراسات قانونية/ العدد2/ السنة 2/ بغداد/2000 / ص40.
2-الضرر لغة: عدم النفع والشدة والضيق والنقص في الأموال والأنفس. أنظر: الفيروز آبادي/ القاموس المحيط جـ2/ مطبعة مصطفى البابي / مصر- 1952/ ص350. أما شرعاً فهو إلحاق مفسدة بالآخرين / أو كل إيذاء يلحق الشخص سواء كان في ماله أو جسمه أو عرضه أو عاطفته. أنظر: وهبة الزحيلي / نظرية الضمان / أحكام المسؤولية المدنية والجنائية في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة / ط1/ دار الفكر-1970/ ص25. ومحمد فوزي فيض الله / فصول في الفقه الإسلامي العام / مطبعة جامعة دمشق-1967/ ص37. ومحمد مصطفى الزحيلي / التعويض عن الطلاق مجلة القضاء / العدد 1و2 / السنة34-1979/ ص93 . وقد عرف الضرر قانوناً بأنه:أذى يصيب الشخص في حق من حقوقه أو مصلحة مشروعة له سواء كان ذلك الحق أو تلك المصلحة ذات قيمة مالية أم لم تكن.
انظر: د.سليمان مرقس الوافي في شرح القانون المدني/ مصدر سابق/ ص133. و د.حسن الذنون / أصول الالتزامات – 1970 ص176. و د.ثروت أنيس الأسيوطي / مسؤولية الناقل الجوي في القانون المقارن (رسالة دكتوراه) /1960 ص363. وأستاذنا الدكتور علي الجيلاوي / أثر القوانين العراقية القديمة في التشريعات المدنية الحديثة/ مصدر سابق/ ص40.
3- انظر للمزيد عن تعريف الضرر المتغير: د. حسين عامر/ المسؤولية المدنية التقصيرية والعقدية / ط1/ مطبعة مصر-1956/ ص5. و د. سعدون العامري / تعويض الضرر في المسؤولية التقصيرية / مركز البحوث القانونية بغداد/1981/ ص207. والأستاذ عبد الباقي البكري / شرح القانون المدني العراقي / جـ3 / تنفيذ الالتزام / مطبعة الزهراء بغداد/1971/ ص145. و د.عماد محمد ثابت الملامويش / تعويض الأضرار الناشئة عن العمل غير المشروع (رسالة ماجستير) بغداد/1980/ ص295.
4- انظر:
Henri et Leon-Jean mazeaud , Lecons de droit civil Tome Deaxil , Paris
وانظر أيضاً: د. عبد الرزاق السنهوري / الوسيط في شرح القانون المدني الجديد / نظرية الإلتزام / مصادر الإلتزام جـ1/ دار النشر للجامعات المصرية/1902/ ص975. و د. سليمان مرقس / الوافي في شرح القانون المدني/ مصدر سابق/ ص139 وما بعدها .
5- انظر بصدد هذه التساؤلات:
د. حسن علي الذنون / المبسوط في المسؤولية المدنية / 1/ الضرر/ شركة التايمس للطبع والنشر- بغداد ( بدون سنة طبع) / ص99. والتي ستتم الإجابة عنها عند البحث في تغير الضرر بعد صدور الحكم النهائي بالتعويض / الفصل الثالث من هذه الأطروحة/131..
6- انظر تفصيل ذلك: الفصل الثالث/ المبحث الثاني/ المطلب الثاني/ ص157..
7- انظر في مسألة الوقت الذي ينبغي مراعاته عند تحديد مقدار التعويض: الفصل الثالث من هذه الأطروحة - المبحث الأول / ص125. .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|