كفعله اسم فاعل في العمل ... إن كان عن مضيه بمعزل
لا يخلو اسم الفاعل من أن يكون معرفا بأل أو مجردا فإن كان مجردا عمل عمل فعله من الرفع والنصب إن كان مستقبلا أو حالا نحو هذا ضارب زيدا الآن أو غدا وإنما عمل لجريانه على الفعل الذي هو بمعناه وهو المضارع ومعنى جريانه عليه أنه موافق له في الحركات والسكنات لموافقة ضارب ل يضرب فهو مشبه للفعل الذي هو بمعناه لفظا ومعنى وإن كان بمعنى الماضي لم يعمل لعدم جريانه على الفعل الذي هو بمعناه فهو مشبه له معنى لا لفظا فلا تقول هذا ضارب زيدا أمس بل يجب إضافته فتقول هذا ضارب زيد أمس وأجاز الكسائي إعماله وجعل منه قوله تعالى: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ}
ص106
إف ذراعيه منصوب ب باسط وهو ماض وخرجه غيره على أنه حكاية حال ماضية .
وولى استفهاما أو حرف ندا ... أو نفيا أو جا صفة أو مسندا
أشار بهذا البيت إلى أن اسم الفاعل لا يعمل إلا إذا اعتمد على شيء قبله كأن يقع بعد الاستفهام نحو أضارب زيد عمرا أو حرف النداء نحو يا طالعا جبلا أو النفي نحو ما ضارب زيد عمرا أو يقع نعتا نحو مررت برجل ضارب زيدا أو حالا نحو جاء زيد راكبا فرسا ويشمل هذين النوعين قوله أو جا صفة وقوله أو مسندا معناه أنه يعمل إذا وقع خبرا وهذا يشمل خبر المبتدأ نحو زيد ضارب عمرا وخبر ناسخه أو مفعوله نحو كان زيد ضاربا عمرا وإن زيدا ضارب عمرا وظننت زيدا ضاربا عمرا وأعلمت زيدا عمرا ضاربا بكرا.
ص107
وقد يكون نعت محذوف عرف ... فيستحق العمل الذي وصف
قد يعتمد اسم الفاعل على موصوف مقدر فيعمل عمل فعله كما لو اعتمد على مذكور ومنه قوله:
وكم مالئ عينيه من شيء غيره ... إذا راح نحو الجمرة البيض كالدمى
ص108
فـ "عينيه" منصوب بـ "مالئ" ومالئ صفة لموصوف محذوف وتقديره وكم شخص مالئ ومثله قوله:
كناطح صخرة يوما ليوهنها ... فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
التقدير كوعل ناطح صخرة.
ص109
وإن يكن صلة أل ففي المضى ... وغيره إعماله قد ارتضى
إذا وقع اسم الفاعل صلة للألف واللام عمل ماضيا ومستقبلا وحالا لوقوعه حينئذ موقع الفعل إذ حق الصلة أن تكون جملة فتقول هذا الضارب زيدا الآن أو غدا أو أمس هذا هو المشهور من قول النحويين وزعم جماعة من النحويين منهم الرماني أنه إذا وقع صلة لأل لا يعمل إلا ماضيا ولا يعمل مستقبلا ولا حال وزعم بعضهم أنه لا يعمل مطلقا وأن المنصوب بعده منصوب بإضمار فعل والعجب أن هذين المذهبين ذكرهما المصنف في التسهيل وزعم ابنه بدر الدين في شرحه أن اسم الفاعل إذا وقع صلة للألف واللام
عمل
ص110
ماضيا ومستقبلا وحالا باتفاق وقال بعد هذا أيضا ارتضى جميع النحويين إعماله يعني إذا كان صلة لأل.
فعال أو مفعال أو فعول ... في كثرة عن فاعل بديل
فيستحق ماله من عمل ... وفي فعيل قل ذا وفعل
يصاغ للكثرة فعال ومفعال وفعول وفعيل وفعل فيعمل عمل الفعل على حد اسم الفاعل وإعمال الثلاثة الأول أكثر من إعمال فعيل وفعل وإعمال فعيل أكثر من إعمال فعل فمن إعمال فعال ما سمعه سيبويه من قول بعضهم: أما العسل فأنا شراب
وقول الشاعر:
ص111
أخا الحرب لباسا إليها جلالها ... وليس بولاج الخوالف أعقلا
فـ "العسل" منصوب بـ "شراب" و"جلالها" منصوب بـ "لباس".
ص112
ومن إعمال مفعال قول بعض العرب: إنه لمنحار بوائكها ف بوائكها منصوب ب منحار
ومن إعمال فعول قول الشاعر:
عشية سعدى لو تراءت ... لراهب بدومة تجر دونه وحجيج
قلى دينه واهتاج للشوق إنها ... على الشوق إخوان العزاء هيوج
ص113
فـ "إخوان" منصوب بـ "هيوج" ومن إعمال فعيل قول بعض العرب: إن الله سميع دعاء من دعاه فـ "دعاء" منصوب بـ "سميع" ومن إعمال فعل ما أنشده سيبويه:
حذر أمورا لا تضير وآمن ... ما ليس منجيه من الأقدار
ص114
وقوله:
أتاني أنهم مزقون عرضى ... جحاش الكرملين لها فديد
فـ "أمورا" منصوب بـ "حذر" وعرضى منصوب بـ "مزق".
ص115
وما سوى المفرد مثله جعل ... في الحكم والشروط حيثما عمل
ما سوى المفرد هو المثنى والمجموع نحو الضاربين والضاربتين والضاربين والضراب والضوارب والضاربات فحكمها حكم المفرد في العمل وسائر ما تقدم ذكره من الشروط فتقول هذان الضاربان زيدا وهؤلاء القاتلون بكرا وكذلك الباقي ومنه قوله :
أوالفا مكة من ورق الحمى
ص116
أصله الحمام وقوله:-
ثم زادوا أنهم في قومهم ... غفر ذنبهم غير فخر
ص117
وانصب بذى الإعمال تلوا واخفض ... وهو لنصب ما سواه مقتضى
يجوز في اسم الفاعل العامل إضافته إلى ما يليه من مفعول ونصبه له فتقول هذا ضارب زيد وضارب زيدا فإن كان له مفعولان وأضفته إلى أحدهما وجب نصب الآخر فتقول هذا معطى زيد درهما ومعطى درهم زيدا .
واجرر أو انصب تابع الذي انخفض ... كـ "مبتغى جاه ومالا من نهض"
يجوز في تابع معمول اسم الفاعل المجرور بالإضافة الجر والنصب
نحو:
ص118
هذا ضارب زيد وعمرو وعمرا فالجر مراعاة للفظ والنصب على إضمار فعل وهو الصحيح والتقدير ويضرب عمرا أو مراعاة لمحل المخفوض وهو المشهور وقد روى بالوجهين قوله:
الواهب المائة الهجان ... وعبدها عوذا تزجى بينها أطفالها
ص119
بنصب عبد وجره وقال الآخر:
هل أنت باعث دينار لحاجتنا ... أو عبد رب أخا عون بن مخراق
بنصب عبد عطفا على محل دينار أو على إضمار فعل والتقدير أو تبعث عبد رب.
ص120
وكل ما قرر لأسم فاعل ... يعطى اسم مفعول بلا تفاضل
فهو كفعل صيغ للمفعول في ... معناه ك المعطى كفافا يكتفي
جميع ما تقدم في اسم الفاعل من أنه إن كان مجردا عمل إن كان بمعنى الحال أو الاستقبال بشرط الاعتماد وإن كان بالألف واللام عمل مطلقا يثبت لاسم المفعول فتقول أمضروب الزيدان الآن أو غدا أو جاء المضروب أبوهما الآن أو غدا أو أمس وحكمه في المعنى والعمل حكم الفعل المبني للمفعول فيرفع المفعول كما يرفعه فعله فكما تقول ضرب الزيدان تقول أمضروب الزيدان وإن كان له مفعولان رفع أحدهما ونصب الآخر نحو: المعطى كفافا
ص121
يكتفى فالمفعول الأول ضمير مستتر عائد على الألف واللام وهو مرفوع لقيامه مقام الفاعل وكفافا المفعول الثاني .
وقد يضاف ذا إلى اسم مرتفع ... معنى كـ "محمود المقاصد الورع
يجوز في اسم المفعول أن يضاف إلى ما كان مرفوعا به فتقول في قولك زيد مضروب عبده زيد مضروب العبد فتضيف اسم المفعول إلى ما كان مرفوعا به ومثله الورع محمود المقاصد والأصل الورع محمود مقاصده ولا يجوز ذلك في اسم الفاعل فلا تقول مررت برجل ضارب الأب زيدا تريد ضارب أبوه زيدا.
ص122