أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-1-2019
38437
التاريخ: 17-5-2016
3782
التاريخ: 2023-10-04
1279
التاريخ: 8-5-2016
2773
|
لم يكن تحديد جزاء تخلف الشكل محل اتفاق فقهاء القانون، فهم يختلفون فيما يستندون إليه من أسس واعتبارات متعلقة بالبطلان ومتأثرة بنظرة كل منهم إليه بصورة عامة، وقد توزعت هذه الآراء في نطاق كل من الفقه التقليدي والفقه الحديث في القانون المدني، إذ كان الاختلاف في تحديد جزاء تخلف الشكل هو سمة كل من الفقهين. ولذلك فإن تسليط الضوء على الاختلاف في تحديد جزا تخلف الشكل يقتضي بحث هذا الاختلاف في إطار النظرية التقليدية في البطلان، وفي إطار النظرية الحديثة في البطلان، وهو ما نخصص له الفرعين الآتيين:-
الفرع الأول
الاختلاف في إطار النظرية التقليدية في البطلان
ذهبت غالبية الفقه التقليدي(1). إلى أن جزاء تخلف الشكل هو انعدام التصرف القانوني منطلقة في ذلك من وجهتها في تقسيم البطلان إلى ثلاثة أنواع مندرجة من حيث الشدة، وهي: الانعدام، والبطلان المطلق، والبطلان النسبي، وتستند في هذا التقسيم إلى أن العيوب التي يمكن أن تلحق التصرف القانوني تختلف بدرجات متفاوتة في الأهمية: -
فالانعدام، وهو اكثر الجزاءات شدة، يكون نتيجة لتخلف احد أركان التصرف التي لا يتصور وجود التصرف بدونها وهي الرضا والمحل والسبب والشكل في التصرفات الشكلية. والبطلان المطلق، يكون نتيجة لاختلال شرط من الشروط التي يستلزمها القانون في أركان التصرف فالتصرف، فالتصرف الباطل بطلاناً مطلقا هو تصرف توافرت أركانه جميعاً ولكن اختل فيها شرط من الشروط التي يتطلبها القانون كما في حالة عدم استيفاء الشروط اللازمة لكل من ركن المحل والسبب، وذلك كأن يكون المحل غير معين او غير مشروع، أو يكون السبب غير مشروع. أما البطلان النسبي، فيكون نتيجة لعيب شاب رضا المتصرف كالغلط أو التدليس أو لصدور التصرف من شخص ناقص الأهلية. ويرى هذا الفقه أن لكل نوع من الأنواع الثلاثة السابقة أحكاماً خاصة به. فالانعدام يعد اكثر الأنواع شدة حيث لا يحتاج إلى رفع دعوى لتقريره، أما إذا اقتضت الضرورة رفع مثل هذه الدعوى فان دور القاضي يقتصر على مجرد إثبات وجوده، ولكل ذي مصلحة أن يتمسك به، وانه لا يقبل الإجازة، كما انه لا يزول بالتقادم. أما فيما يتعلق بالبطلان المطلق فلا يجد الفقه أي فرق بينه وبين الانعدام من حيث أحكامه. أما البطلان النسبي فانه لا يؤثر على صحة التصرف ما لم يتقرر بحكم قضائي، ولكن يجوز لمن تقرر لمصلحته هذا البطلان ان يتمسك به، وهو من ثم يقبل الإجازة ويسقط بالتقادم(2). ولقد ظهرت نظرية الانعدام في الفقه القانوني الفرنسي في مدة ليست بعيدة جداً، فهي قد عرفت بعد صدور قانون نابليون في منتصف القرن التاسع عشر، وجاءت انعكاساً لظروف خاصة وتلبية لما أملت هذه الظروف من ضرورة اجتماعية، او لنقل ان هذه الضرورة قد حتمتها أوضاع متعلقة بعقد الزواج في فرنسا، فالفقه الفرنسي كان قد وضع قاعدة مفادها (لا بطلان لعقد الزواج إلا بنص) توخياً منه لتأمين حماية خاصة لهذا العقد البالغ الأهمية، ولكن هذه القاعدة القيمة لم تكن قد تنبأت بكل حقائق الواقع او استقرأت جميع ما ينطوي عليه من صور وظواهر إذ اصطدمت بحالات تحتم بطلان الزواج لأنه من غير الممكن معها قطعا ان يبقى هذا الزواج قائماً، وذلك كأن يتماثل الزوجان في الجنس أي أن يكونا من جنس واحد، ذكر وذكر، أو أنثى وأنثى، ومن هنا كان لابد لهذا الفقه من التخلي عن قاعدة (لا بطلان إلا بنص) في مثل هذه الحالة ليصار فيها إلى الحكم ببطلان الزواج، فكان ذلك، مع الإصرار على التمسك بهذه القاعدة، مبعثاً للبحث عن حل يتدارك ذلك، ومن هنا لمعت في ذهن بعض الفقهاء فكرة الانعدام ثم تبلورت، وتقضي هذه الفكرة بانعدام التصرف الذي يفتقر إلى عنصر طبيعي فيه، وهذا الانعدام تفرضه طبيعة الأشياء ويدركه العقل المجرد فهو مما تفرضه الفطرة او الطبيعة حتماً ولا يتطلب نصاً لتقريره(3). ويلزم هنا التمييز بين انعدام طبيعي وانعدام قانوني(4)، فيكون هناك انعدام(5) طبيعي إذا انتفى الوجود المادي للتصرف القانوني، كما في حالة الإرادة غير المعبر عنها، إذ ليس لمثل هذا التصرف وجود لا علي صعيد الواقع ولا على صعيد القانون. وفي مثل هذه الحالة لا يصح الكلام عن جزاء يترتب على تخلف ركن من أركان التصرف القانوني، وذلك لأن التصرف غير موجود على الإطلاق فهو عدم والجزاء يستلزم وجود تصرف لكي يمكن التحقق من صحته او بطلانه(6). ويكون هناك انعدام قانوني إذا ثبت للتصرف القانوني وجود مادي في حيز الواقع، فكان له وجود على صعيد الواقع وليس له وجود على صعيد القانون على الرغم مما له من ظهور مادي في الواقع، إذ أن هذا الظهور أو الوجود لا يأبه به المشرع لأنه لا يرى له أي اهمية، وذلك كما لو افتقر التصرف إلى الشكل الذي يفرضه المشرع للتعبير عن الإرادة، فمثل هذا التصرف لا يحفل به المشرع ولا يعطيه أي أهمية وذلك لعدم استيفائه ما فرض هذا المشرع من شروط يتعين على الأشخاص مراعاتها فيه. والحقيقة إن افتقار هذا التصرف إلى الشكل لا ينفي وجود تعبير عن الإرادة في حيز الواقع وان لم يعتد به المشرع، وانعدام التصرف هنا غير متأت من انعدام مادي، فهو موجود في الواقع، ولكنه متأت من موقف المشرع إذ أن إرادة المشرع هي التي دمغته بالانعدام القانوني وليس الانعدام الطبيعي. وعلى النقيض من هذا الاتجاه، هناك من ذهب(7). إلى أن البطلان وليس الانعدام هو الجزاء الذي يترتب على تخلف الشكل، فالشكل عنصر قانوني استلزمه المشرع في التصرف القانوني، أو بعبارة أخرى هو شرط مصطنع لصحة التصرف يمكن أن يوجد التصرف في غيابه وذلك لأن غياب الشكل لا ينفي وجود مظهر مادي للتصرف، الأمر الذي يستدعي تدخل القضاء لهدم هذا المظهر، وفي ذلك يقول احد الكتاب(8). في معرض انتقاده للاتجاه الأول ((إن مثل هذا القول تنقصه الدقة، فكون التصرف المعيب شكلاً لا ينتج أي اثر يضعنا في الحقيقة أمام حالة بطلان، اذ تستطيع إتمام هذا التصرف نفسه بغير الشكل الرسمي، خذ التصرفات الرسمية الرئيسية: الزواج والرهن الرسمي والهبة. فالزواج كان رضائياً بحتاً، والرهن كان يتم في القانون الروماني بمجرد التراضي، وفي عصرنا الحالي توجد صورة للهبة تنعقد صحيحة بغير شكل ما، فإذا كان التصرف المعيب شكلاً عقيماً (أي لا ينتج أثراً)، فليس ذلك لأنه منعدم في الواقع بل لأن إرادة القانون هي التي أسبغت عليه وصف الانعدام القانوني أي البطلان)). وفي مقابل هذين الاتجاهين هناك من ذهب(9) . إلى محاولة التوفيق بين الاتجاهين السابقين من اجل تحديد معيار في اطار النظرية التقليدية لتحديد جزاء تخلف الشكل، فاستند إلى طبيعة الشكل المفروض من قبل المشرع في سبيل تحديد جزاء تخلفه، اذ انه يمكن من خلال هذه الطبيعة معرفة مدى العيب الذي لحق التصرف ومن ثم تحديد جزاء تخلفه، او بعبارة اخرى ان من الممكن الاستدلال بطبيعة الشكل على ما اذا كان غياب هذا الشكل واضحاً وجلياً لا يستدعي تدخل القاضي لهدم التصرف، او على ما اذا كان هذا الغياب ليس على درجة من الوضوح الأمر الذي يستدعي تدخل القاضي لهدم التصرف، ويكون الجزاء المترتب على الغياب في الحالة الأولى هو الانعدام، كما يكون هذا الجزاء في الحالة الثانية هو البطلان، فعلى سبيل المثال لو كان الشكل المطلوب هو اتخاذ صورة كتابة رسمية وكان التصرف قد ابرم مكتوباً في ورقة عرفية أو شفاهاً لظهر غياب الشكل واضحاً ولما استدعى الأمر تدخل القاضي لهدم التصرف، ولذلك يكون جزاء تخلف الشكل في هذه الحالة هو الانعدام. ولكن لو كان الشكل المطلوب هو التعبير عن الإرادة في حضور شهود لتطلب غياب مثل هذا الشكل إقامة الدليل على عدم وجود الشهود ولاستدعى الأمر اللجوء إلى القضاء لإثبات ذلك ومن ثم هدم التصرف، ولذا يكون الجزاء في هذه الحالة هو بطلان التصرف وليس انعدامه، ويصح الأخذ بهذا الحكم ذاته إذا أساء الأفراد استخدام الشكل الرسمي، فكان هناك شكل معيب(10). ويبدو واضحاً استناد الآراء المتقدمة، في مجملها، إلى النظرية التقليدية في تحديد ما يترتب من جزاء على العيوب التي تصيب العقد بصورة عامة، فهذا الجزاء قد اتخذ ثلاث صور هي: الانعدام، والبطلان المطلق، والبطلان النسبي، وقد انبنى الاختلاف في تحديده على الاختلاف فيما إذا كان الشكل احد العناصر الطبيعية للتصرف القانوني أو أحد العناصر القانونية التي يشترطها المشرع في التصرف، فإذا عُدّ أحد العناصر الطبيعية كان جزاء تخلفه الانعدام، وذا عُد احد العناصر القانونية كان جزاء تخلفه البطلان المطلق. ولذلك فإننا نعتقد أن تقويم هذه الآراء ينطلق من تقويم الاختلاف الحاصل في شأن نظرية البطلان نفسها، ويبدو أن هذا الاختلاف قد حسم لمصلحة من قال بالتقسيم الثنائي للبطلان أي بالبطلان المطلق والبطلان النسبي، وذلك للحجج التي ساقها أنصار هذه النظرية في دحض النظرية التقليدية في البطلان، فقد قيل في نقدها:
1-إن التمييز بين الانعدام والبطلان المطلق لا يتماشى مع المنطق، وذلك لأن كلاً من العقد الباطل بطلاناً مطلقاً والعقد المنعدم هو عدم وليس له وجود في نظر المشرع، فكيف يمكن أن يُقال بأن هناك تفاوتاً في العدم بين العقد الباطل والعقد المنعدم(11).
2-إن فكرة الانعدام غير محددة، فأنصار هذه النظرية لم يستطيعوا الاتفاق على الحالات التي يوجد فيها الانعدام(12).
3-إن فكرة الانعدام عديمة الفائدة، فهي تخلو من أي فوائد عملية حقيقية تميزها عن البطلان المطلق، فلا فرق بين انعدام العقد وبطلانه بطلاناً مطلقاً، فالعقد في الحالتين لا يرتب أي اثر بوصفه عملاً قانونياً(13).
هذا إلى جانب انه لا يمكن الاستناد إلى طبيعة الشكل لتحديد الجزاء على الصورة التي ذهب إليها الاتجاه الثالث، وذلك لأن القول بأن طبيعة الشكل تعد معيار لتحديد جزاء تخلف هذا الشكل إنما يوحي بأن هذه الطبيعة قد تختلف من شكل إلى آخر، وهو أمر غير وارد فالاختلاف بين شكل وآخر إنما يكون في الصورة وليس في الطبيعة. وما ذهب إليه الاتجاه الثالث قد انبنى على إمكانية إثبات غياب الشكل، فإذا كان هذا العيب ظاهراً فليس هنالك من ضرورة للاستعانة بالقضاء لهدم العقد، أما إذا لم يكن العيب ظاهراً فلا بد حينئذ من اللجوء إلى القضاء لإثباته، ورتب على ذلك اختلاف جزاء غياب الشكل، وهذا أمر غير مقبول وذلك لأن من شأنه أن يجعل إمكانية إثبات غياب الشكل معياراً لتحديد طبيعة الشكل، ففي ضوء هذا الاثبات يتحدد الجزاء، واختلاف الجزاء يؤدي بالضرورة إلى اختلاف في الطبيعة. هذا فضلاً عن انه فات صاحب هذا الاتجاه ان تدخل القضاء لا يكون الا في حالة النزاع بين المتعاقدين، وغياب الشكل قد يكون أمراً ظاهراً ومع ذلك يتم اللجوء إلى القضاء، وذلك كما في حالة أن يكون أحد المعاقدين أو كلاهما قد نفذ العقد، ففي هذه الحالة يلجأ المتعاقد إلى المحكمة في سبيل استعادة حقوقه فيستدعي ذلك من القاضي النظر في صحة العقد ليقرر من ثم انه معيب لغياب الشكل وليصدر قراره بما يضمن حصول كل متعاقد على حقه. وتأسيساً على هذا فإن جزاء تخلف الشكل لا يمكن ان يحدد في ضوء معايير النظرية التقليدية، لأنها وكما هو واضح لا تستند إلى أسس علمية دقيقة.
الفرع الثاني
الاختلاف في إطار النظرية الحديثة في البطلان
لقد اعتمد الفقه الحديث التقسيم الثنائي للبطلان باعتباره أساساً في صياغة نظرية البطلان وتحديد أحكامه(14)، إلا أن الاختلاف قد نشأ بين أنصار هذا الفقه في تحديد معيار التمييز بين البطلان المطلق والبطلان النسبي. فقد ذهب فريق من الكتاب إلى القول بأن البطلان المطلق ينشأ إذا تخلف تخلفاً تاماً أحد عناصر انعقاد التصرف القانوني وذلك كتخلف الرضا، أو المحل، أو السبب أو الشكل في التصرفات الشكلية، وبأن البطلان النسبي ينشأ إذا تعيب أحد هذه العناصر، كعيب الرضا، وإذا تخلفت أهلية الأداء(15). غير أن هذا المعيار غير دقيق في تحديد ما يعتبر باطلاً بطلاناً مطلقاً وما يعتبر باطلاً بطلانا نسبياً، وذلك للأسباب الآتية:-
1-إنه من المتعذر قانوناً التفرقة بين التخلف الكامل لعنصر من عناصر العقد وبين عدم كفايته، وذلك لأن كل منهما يفيد عدم تحقق شرط تطلبه المشرع.
2-إن عدم كفاية بعض الأركان تؤدي، بحسب ما يرى أصحاب هذا الاتجاه، إلى البطلان المطلق، كعدم تعيين المحل أو الصفة غير المشروعة للسبب، وهو ما يناقض المعيار الذي استندوا إليه في تحديد حالات البطلان(16).
ونتيجة لهذه الانتقادات ذهب جانب من الفقه الحديث إلى اعتماد معيار آخر يقوم على أساس الغاية التي يتقرر البطلان باعتباره جزاءً من اجل حمايتها، أو بعبارة أخرى يقوم على أساس المصلحة التي يرمي المشرع حمايتها والمرجوة من العنصر أو الشرط الذي نقص في العقد، فإذا كانت هذه الغاية هي حماية مصلحة عامة فالجزاء يكون البطلان المطلق، وإذا كانت الغاية هي حماية مصلحة خاصة فالجزاء يكون البطلان النسبي(17). إلا إن أصحاب هذا المعيار قد اختلفوا في تحديد جزاء تخلف الشكل، فمنهم من رأى أن الغاية المتوخاة من الشكل هي حماية المصلحة العامة فقرر لذلك أن جزاء تخلف الشكل هو البطلان المطلق(18). ومنهم من ذهب إلى أن الغاية من فرض الشكل هي حماية مصلحة خاصة فقرر لذلك أن جزاء تخلف الشكل هو البطلان النسبي، وقد استند في ذلك إلى أن غاية الشكل هي حماية المتصرف، وهذه مصلحة خاصة، وثمة من يشير هنا إلى بعض النصوص القانونية التي تفرض شكلاً للتصرف ولكنها مع ذلك تخضع البطلان المقرر لتخلف ذلك الشكل لقواعد تعد من قواعد البطلان النسبي، ومن هذه النصوص على سبيل المثال نص المادة (7) من القانون الصادر في 3/1/ 1976 والخاص ببيع العقارات في طور الإنشاء، وكذلك نص المادة (25) من القانون الصادر في 16/7/1971 والخاص ببعض عمليات البناء، فهذان النصان وأمثالهما قد جعلت الحق في طلب البطلان لعيب الشكل للمتملك وحده على أن يمارس هذا الحق قبل انتهاء العمل(19). ولكن هذا الاتجاه قد تعرض للنقد من منطلق أن البطلان بنوعيه يتعلق بالنظام العام وان كونه كذلك يجعل هذا المعيار غير صالح للتمييز بين نوعيه، الأمر الذي دفع بعض الكتاب إلى بحث كل سبب من أسباب البطلان بصورة مستقلة لتحديد خصائص البطلان الناشئ عنها ومن ثم تحيد ما إذا كان البطلان مطلقاً أو نسبياً(20). ونرى من جانبنا، وبقدر تعلق الأمر بالشكل، أن القول بأن الشكل يهدف إلى حماية المتعاقد وهي مصلحة خاصة ومن ثم يكون البطلان النسبي هو الجزاء على تخلف هذا الشكل إنما هو قول تعوزه الدقة ولا يتناسب مع فلسفة التشريع في القوانين الحديثة، فالمشرع إذا فرض أي نظام قانوني فانه يهدف بذلك إلى تأمين الحماية لحقوق الأفراد، ويسعى فضلا عن ذلك إلى تحقيق مصلحة عامة تتمثل في تأمين استقرار التعامل وصيانة حقوق الجميع عن طريق الموازنة بين المصالح وترجيح المصلحة الأولى بالرعاية. وهذا ما ينطبق بدوره على الغاية من فرض الشكل في بعض العقود، فالشكل يهدف إلى حماية المصلحة العامة بصورة غير مباشرة حيناً، وصورة مباشرة حيناً آخر. فهو إذا ما هدف، بصورة مباشرة، إلى حماية الرضا أدى ذلك، بصرة غير مباشرة، إلى الحد من النزاعات في المعاملات التي اشترط المشرع لإنشائها شكلاً معيناً وترتب على هذا الحد أو التقليل استقرار المعاملات فالمصلحة الخاصة هنا قد صبت في مجرى المصلحة العامة، والمشرع إذا ما قصد باشتراط الشكل تحقيق حماية للغير فإن من شأن ذلك أن يؤدي إلى تحقيق حماية للمصلحة العامة، ويصح هذا كذلك عندما يشترط المشرع الرسمية في الرهن الرسمي فإنه يهدف من وراء ذلك إلى حماية المدين الراهن والدائن المرتهن كما يهدف بطريق ذلك إلى حماية الائتمان العام. وقد يسعى المشرع باشتراط الشكل إلى حماية المصالح العامة بصورة مباشرة، فهو قد يجعل من استيفاء الشكل أداة فعالة لمراقبة نشاط الأفراد في المجالات الاجتماعية والاقتصادية تمكنه من فرض الرسوم والضرائب وتعود عليه بمردودات اقتصادية وتخطيطية يحتاج إليها في ممارسة مسؤولياته في المجتمع. أما فيما يتعلق بالنصوص التي استند إليها أصحاب هذا الاتجاه فهي لا تعدو أن تكون نصوصاً استثنائية، وهي لا تنفي عن البطلان المترتب على تخلف الشكل وصف البطلان المطلق(21). وعلى ذلك فإننا نرى أن جزاء تخلف الشكل هو البطلان المطلق، وذلك لسببين: يتعلق أولهما بطبيعة البطلان، ويتعلق الثاني بطبيعة الشكل، وهذا ما سنبسطه في أدناه:
أولاً: إن البطلان جزاء خطير يترتب على ما يصيب التصرف من عيب خطير، وانه بهذا الوصف جزاء يتسم بخطورة بالغة وذلك لأن ما يترتب عليه هو أن يعد التصرف القانوني عدماً فهذا الأخير مع ماله من كيان مادي في الواقع لا وجود له في نظر المشرع، ولذا فانه ليس للبطلان أنواع وانه لا يمكن أن يكون إلا واحداً، فهو درجة واحدة تتمثل فيما اصطلح عليه بالبطلان المطلق أما ما أصطلح عليه بالبطلان النسبي فهو لا يعد نوعاً أو درجة من درجات البطلان، وهو ما فطن إليه المشرع المصري إذ استعمل مصطلح القابلية للإبطال بدلا من البطلان النسبي(22)، إذ يكون التصرف في هذه المرحلة صحيحاً منتجا لآثاره كاملة، ويبقى الخيار لمن تقررت القابلية للإبطال لمصلحته في أن يجيز التصرف أو أن يقرر إبطاله، فإن أجازه ظل العقد صحيحاً، وان أبطله كان البطلان هو الجزاء وسرت أحكامه كافة، وصار التصرف منعدماً بأثر رجعي فلا يترتب عليه أثر ما، وهذا يدل ولاشك على انه لا يوجد إلى جانب البطلان المطلق بطلان نسبي يقف كنوع مستقل من البطلان(23). وعلى هذا فانه إذا لم يستوفِ التصرف القانوني احد الشروط القانونية الجوهرية فيه عد تصرفاً باطلاً.
ثانياً: إن الشكل يمثل أسلوب محدد للتعبير عن الإرادة يفرض المشرع على المتعاقدين مراعاته عند إبرام العقد، وهو من ثم شرط في التعبير عن الإرادة مفروض من قبل المشرع يؤدي عدم مراعاته إلى تخلف التعبير عن الإرادة في نظر المشرع، ومن ثم انعدام ركن من إركاع التصرف الشكلي، وبعبارة أكثر دقة أن غياب الشكل يعني غياب التعبير عن الإرادة وهو ما يعني غياب عنصر جوهري في التصرف القانوني، وغياب هذا العنصر لا يمكن معه القول بجزاء آخر غير جزاء البطلان. ولذلك فليس صحيحا ما ذهب إليه بعض الكتاب(24)، من عدم وجود تلازم حتمي بين تخلف الشكل وبطلان التصرف القانوني(25). وهكذا فان الشكل على وفق طبيعته هذه يعد عنصرا جوهريا في العقد فان غاب كان التصرف عدما في نظر المشرع، وان مثل هذا التصوير يعني أن الجزاء الذي يترتب على غياب الشكل هو البطلان. ولقد كان تصوير طبيعة الشكل وطبيعة البطلان على النحو المتقدم حاضرا في ذهن المشرع العراقي حين جعل البطلان درجة واحدة، إذ عرف العقد الباطل بأنه ((لا يصح أصلا باعتبار ذاته أو وصفا باعتبار بعض أوصافه الخارجة))(26)، وحين قرر أن العقد الباطل ((لا ينعقد ولا يفيد الحكم أصلا))(27). كما كان هذا المشرع دقيقا جدا في تحديده طبيعة الشكل، إذ أدرك أن الشكل يتعلق بالتعبير عن الإرادة ومن ثم فهو ليس بركن من أركان العقد وانما هو شرط في التعبير عن الإرادة أو كما عده وصف يلحق بأحد الأركان، فقد ذكره مع أوصاف أو شروط تلك الأركان التي رتب على تخلف أحدها البطلان، فمما جاء في المادة (137) من تقنينه المدني ما نصه ((2– فيكون العقد باطلا إذا كان في ركنه خلل كان يكون الإيجاب والقبول صادرين ممن ليس أهلا للتعاقد أو يكون المحل غير قابل لحكم العقد أو يكون السبب غير مشروع 3– ويكون باطلا أيضا إذا اختلت بعض أوصافه كأن يكون المعقود عليه مجهولاً جهالة فاحشة أو يكون العقد غير مستوف للشكل الذي فرضه القانون)). وجاءت قرارات المحاكم العراقية تطبيقا أمينا لهذه النصوص، فقد جاء في قرار لمحكمة التمييز ((لدى التدقيق والمداولة وجد أن الحكم المميز صحيح وموافق للقانون ذلك أن المبيع موضوع العقد المبرم بين الطرفين هو ماكنة زراعية من نوع عنتر قوة 80 حصان… ونوعها (ساحبة) وحيث أن (الساحبة) مشمولة بأحكام المادة الأولى من قانون المرور رقم 48 لسنة 1971 المعدل التي بينت بان المركبة كل واسطة ذات عجلات تسير بمحرك آلي أو بقوة جسدية أو سحب بأية وسيلة عدا التي تسير منها على السكة الحديد وتشمل: أ– السيارة ب– المركبة الزراعية، كالساحبة والحاصدة ج– المركبة الإنشائية… الخ. وحيث أن الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون المرور تنص على انه (تسجل جميع المركبات في سجلات التسجيل عدا العربات والدراجات الهوائية أو ما يستثنى بقانون خاص) كما أن الفقرة الخامسة من المادة المذكورة تنص على انه (لا ينعقد بيع المركبة إلا إذا سجل في دائرة المرور المختصة واستوفى الشكل المنصوص عليه في الفقرة الثالثة من هذه المادة) وحيث أن الثابت من وقائع الدعوى أن بيع الساحبة موضوع الدعوى لم يتم تسجيله لدى دائرة المرور المختصة وحيث أن العقد يكون باطلا إذا لم يستوف الشكل الذي فرضه القانون عملا بالفقرة (3) من المادة 137 من القانون المدني وحيث أن العقد الباطل لا ينعقد ولا يفيد الحكم أصلا وإذا بطل العقد يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد (م138 ف1و2) من القانون المدني لذلك يتعين القضاء برد ثمن المبيع وحيث أن الحكم المميز قد التزم في قضائه بوجهة النظر القانونية المتقدمة لذلك قرر تصديقه ورد الاعتراضات التمييزية…))(28). كما جاء في قرار آخر ((لدى التدقيق والمداولة وجد أن الحكم المميز صحيح وموافق للقانون ذلك أن مورث المدعى عليهم كان قد باع إلى مورث المدعي السيارة… ببدل مقداره أربعة عشر ألف وستمائة دينار وحيث أن هذا البيع لم يسجل في دائرة المرور المختصة فانه يكون باطلا ويحق للمدعين المطالبة بإعادة البدل…))(29). وجاء في قرار آخر ((لدى التدقيق والمداولة وجد أن العريضة التمييزية قد قدمت ضمن المدة القانونية فقرر قبولها شكلا. ولدى الرجوع إلى الحكم المميز فقد وجد انه غير صحيح ومخالف للقانون لان البيع الواقع على السيارة… كان بيعا باطلا لعدم استيفائه الشكلية القانونية بتسجيله في مديرية المرور المختصة تطبيقاً لأحكام الفقرة الخامسة من قانون المرور المعدل وحيث انه إذا ما وقع البيع باطلا يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد تطبيقا لأحكام الفقرة 2 من المادة 138 من القانون المدني وعودة الطرفين إلى الحالة المذكورة تتضمن أحقية المشتري باسترداد الثمن وهو ما طلبه المدعي المميز في دعواه ولا يغير من ذلك الحكم القانوني تنازل المميز المدعي عن السيارة المذكورة إلى زوجته ع.ج لأن ذلك التنازل لا قيمة له لأنه وقع من قبل شخص لا يملك المال المتنازل عنه أصلا لذلك فان التنازل المذكور لا يحميه القانون وكان على محكمة الاستئناف تطبيقا لما تقدم أن تعتبر الخصومة في الدعوى متوجهة وتحسم الدعوى وفقا لما تقدم…))(30). أما القانون المدني المصري فلم يتضمن نصا يقرر قاعدة عامة تنص على جعل البطلان جزءا لتخلف الشكل في التصرفات الشكلية(31)، ومع ذلك فقد تضمن النظام القانون المصري نصوصا خاصة ترتب البطلان جزاء لتخلف الشكل، كما في المادة (488) من القانون المدني المتعلقة بالهبة، والمادة (37) من قانون التجارة النافذ فيما يتعلق بشان التصرف في المتجر، وكذلك المادة (7) منه فيما يخص عقد نقل التكنلوجيا. أما التصرفات الشكلية التي لم ينص المشرع على جزاء تخلف الشكل فيها، كالتصرف المنشئ لمكية الأسرة بموجب المادة (851) من تقنينه المدني، وحق الحكر بموجب المادة (1000) من هذا التقنين، فيبدو أن الفقه(32)، قد أجمع على أن البطلان المطلق هو الجزاء الذي يترتب على تخلف الشكل فيها.
______________________
[1]- انظر في ذلك د. جميل الشرقاوي: المرجع السابق، فقرة (119)، ص337 حاشية رقم (1). وكذلك Carbonnier: Op. Cir, P189.
2- انظر د. السنهوري: الوسيط، جـ1، المرجع السابق، فقرة (300)، ص489، د. جميل الشرقاوي: المرجع السابق، فقرة (117)، ص ص (332-333). د. عبد المجيد الحكيم: المرجع السابق، فقرة (443-444)، ص ص (237-238). د. انور سلطان: المرجع السابق، فقرة (215)، ص ص (262-263).
3- انظر د. السنهوري: المرجع السابق، فقرة (300)، ص490. د. جميل الشرقاوي: المرجع السابق، فقرة (117)، ص ص (333-335). د. انور سلطان: المرجع السابق، فقرة (215)، ص ص (262-263).
4- انظر د. جميل الشرقاوي: المرجع السابق، فقرة (119)، ص339. د. ياسر الصيرفي: المرجع السابق، ص405.
5- او كما سماه الاستاذ الشرقاوي: انعدام مادي او فعلي. انظر المرجع السابق، فقرة (119)، ص339.
6- انظر د. جميل الشرقاوي: المرجع السابق، فقرة (66)، ص129.
7-Planiol (Marcel) et Ripert (Georg):Traite Partique de droit Civil Francais,2eme e d, Paris, 1952, TVI. Obligations. Par Esmein. P51.
8- Planiol (marcel): Traite elemntaire de droit civil, T.1, Paris, 1951- P-142.
9- انظر د. ياسر الصيرفي: المرجع السابق، ص409 حيث قال ((ومن جانبنا نرى مع أصحاب الرأي الأول ان تخلف الشكل يؤدي إلى انعدام التصرف، وهو انعدام قانوني، كما ذكرنا سابقاً، ومن ثم يكون مستحيلاً تصور وجود التصرف وجوداً قانونياً لأن الوجود القانوني لا يتحقق للتصرف إلا إذا استوفى جميع شروطه القانونية ومن بينها شرط الشكل. ولكننا في الوقت ذاته نرى مع أصحاب الرأي الثاني أن الشكل شرط مصطنع لصحة التصرف وبدونه يمكن تصور وجود التصرف وجوداً مادياً بالطبع وليس قانونياً، فلا شك في انه في حالة تخلف الشكل يظل التصرف محتفضاً بوجوده المادي الذي قد يظهره بمظهر التصرف القانوني السليم)).
0[1]- انظر د. ياسر الصيرفي: المرجع السابق، ص ص (409-410).
[1]1- انظر د. السنهوري: المرجع السابق، فقرة (300)، ص489.
2[1]- انظر د. فتحي عبد الرحيم عبد الله: المرجع السابق، فقرة (235)، ص447.
13- أنظر د. السنهوري: المرجع السابق، فقرة (300)، ص489. د. جميل الشرقاوي: المرجع السابق، فقرة (119)، ص339.
4[1]- انظر د. جميل الشرقاوي: المرجع السابق، فقرة (120)، ص340.
5[1]- انظر د. جميل الشرقاوي: المرجع السابق، فقرة (120) ص340. د. فتحي عبد الرحيم: المرجع السابق، فقرة (236)، ص 448. وهذا ما أخذت به المذكر الإيضاحية للقانون المدني المصري فقد جاء فيها ((ترد أسباب البطلان المطلق إلى تخلف ركن من أركان العقد، كعدم توافر الأهلية إطلاقاً بفقدان التمييز وانعدام الإرادة تفريعاً على ذلك، أو كانتفاء الرضا أو عدم وجود المحل حقيقة أو حكماً، وغني عن البيان أن تخلف ركن من أركان العقد في حكم الواقع وحكم القانون يحول دون انعقاده أو وجوده، وهذا هو ما يقصد بالبطلان المطلق، أما البطلان النسبي فهو يفترض قيام العقد أو وجوده من حيث توافر أركانه، ولكن ركن من أركانه هو الرضا يفسد بسبب عيب بداخله، أو بسبب نقص في أهلية أحد العاقدين، ولذلك يكون العقد قابلاً للبطلان بمعنى انه يبطل إذا طلب ذلك من شرّع البطلان لمصلحته، وهو من داخل رضاءه العيب أو من لم تكتمل أهليته)). مجموعة الأعمال التحضيرية، جـ2، ص255.
6[1]- انظر د. جميل الشرقاوي: المرجع السابق، فقرة (120)، ص ص (340-341).
7[1]- انظر د. جميل الشرقاوي: المرجع السابق، فقرة (120)، ص341.
8[1]- Cherallier: Op. Cit, PP232.
9[1]- H.L.J.maxeaud et. Juglart: T.11, lere Vol. No 300 نقلا عن د. ياسر الصيرفي: المرجع السابق،ص420.
20- انظر في ذلك. د. جميل الشرقاوي: المرجع السابق، فقرة (120)، 341.
[1]2- انظر د. ياسر الصيرفي: المرجع السابق، ص418.
22- انظر المواد (138-144) من القانون المدني المصري.
23- انظر في ذلك د. السنهوري: المرجع السابق، فقرة (300)، ص491، وانظر حاشية رقم (1) من الصفحة ذاتها.
24- د. محمود أبو عافية : المرجع السابق ، فقرة ( 18 ) ، ص 77 .
25- ويضيف الأستاذ أبو عافية قائلا ((إن العنصر الجوهري في التصرف هو الإرادة وحدها حتى لو كانت خاضعة لشكل معين جزاؤه البطلان، فانعدام الشكل في هذه الحالة لا يعني إلا أن الإرادة لم تعلن على الوجه المقبول قانونا، وعلى ذلك لا يعتبر البطلان الذي يقع في حالة تخلف الشكل نتيجة منطقية لطبيعة الشكل، وإنما هو جزاء تحكمي يفرضه المشرع لضمان اتباع الشكل المرسوم)). أبو عافية: المرجع السابق، فقرة (18)، ص77.
26- المادة (137/1) مدني عراقي.
27- المادة (138/1) مدني عراقي.
28- قرار رقم: 53 استئنافية/86–1987 في30/6/1987، أورده المشاهدي: المختار من قضاء محكمة التمييز، قسم القانون المدني والقوانين الخاصة، ج5، مطبعة الزمان، بغداد، 2000، ص34–35.
29- قرار رقم: 346/استئنافية/86–1987 في11/11/1987، أورده المشاهدي: المرجع السابق، ص39.
30- قرار رقم 10/مدنية أولى/1990 في 18/7/1990، أورده المشاهدي: المرجع السابق، ص47.
[1]3- وقد كان مشروع القانون المدني المصري يتضمن مثل هذا النص في المادة (193)، حيث كان يتضمن ((يكون العقد باطلا في الحالات التالية… ح- إذا اشترط القانون في العقد شكلا يكون باطلا بدونه ولم يستوف هذا العقد الشكل. أو إذا أغفل المتعاقدان إجراء شكليا يعتبره القانون ركنا في تكوين العقد)). وقد ألغيت هذه المادة في لجنة المراجعة بحجة أن أحكامها منصوص عليها في المواد السابقة انظر. مجموعة الأعمال التحضيرية،ج2،ص250.
32- انظر على سبيل المثال د. جميل الشرقاوي: المرجع السابق، فقرة (48)، ص114. د. عبد المنعم الصدة، المرجع السابق، فقرة (240)، ص201.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|