المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2764 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

Ligand field theory
14-9-2016
الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / الأطعمة والأشربة.
2024-11-06
الإشعاع الكوني
21-1-2022
حبيب بن أحمد بن مهدي زوين.
20-7-2016
إبراهيم بن موسى بن جعفر.
25-12-2016
Some important correlations
12-2-2017


حروف الجر  
  
6212   06:08 مساءاً   التاريخ: 20-10-2014
المؤلف : جلال الدين السيوطي
الكتاب أو المصدر : همع الهوامع
الجزء والصفحة : ج2/ ص413- 476
القسم : علوم اللغة العربية / النحو / الحروف وأنواعها /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-10-2014 4941
التاريخ: 22-10-2014 2073
التاريخ: 20-10-2014 1846
التاريخ: 20-10-2014 2283

أي هذا مبحث حروف الجر وسيمت به قال ابن الحاجب لأنها تجر معنى الفعل إلى الاسم وقال الرضي بل لأنها تعمل إعراب الجر كما قيل حروف النصب وحروف الجزم وكذا قال الرضي وتسيمها الكوفيون حروف الإضافة لأنها تضيف الفعل إلى الاسم أي توصله إليه وتربطه به

ص413

وحروف الصفات لأنها تحدث صفة في الاسم فقولك جلست في الدار دلت ( في ) على أن الدار وعاء للجلوس وقيل لأنها تقع صفات لما قبلها من النكرات وإنما عملت لما تقدم من اختصاصها بما دخلت عليه فأشبهت الفعل ولم تعمل رفعا لأنه إعراب العمد ومدخولها فضلة ولا نصبا لأن محل مدخولها نصب بدليل الرجوع إليه في الضرورة ولو نصبت لاحتمل أنه بالفعل ودخل الحرف لإضافة معناه إلى الاسم كما في ما ضربت إلا زيدا فتعين عملها الجر

إلى

( إلى ) له معان فيكون ( لانتهاء الغاية مطلقا ) أي زمانا نحو  ( ثم أتموا الصيام إلى الليل )   البقرة : 187  ومكانا نحو  ( من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى )   الإسراء : 1  قال الرضي ومعنى قولهم انتهاء الغاية وابتداؤها نهايتها ومبدؤها ( قال ابن مالك ) في التسهيل ( والتبيين ) قال في شرحه وهي المبينة لفاعلية مجرورها بعد ما يفيد حبا أو بغضا من فعل تعجب أو اسم تفضيل نحو  ( رب السجن أحب إلي )   يوسف : 33  قال ( وبمعني في ) أي الظرفية لقوله تعالى  ( ليجمعنكم إلى يوم القيامة )   النساء : 87  أي فيه وذكره جماعة في قوله : –

( فلا تَتْرُكَنِّي بالوعيدِ كأنّنِي ** إلى الناس مَطْلِيُّ به القارُ أجْرَبُ )

قال ( و ) بمعنى ( اللام ) نحو  ( والأمر إليك )   النمل : 33  أي لك وقيل هي لانتهاء الغاية أي منته إليك ( و ) قال ( الكوفية ) وطائفة من البصرية ( و ) بمعنى ( مع ) أي المعية وذلك إذا ضممت شيئا إلى آخر في الحكم به أو عليه أو التعلق كقوله تعالى  ( من أنصاري إلى الله )   الصف : 14  وقوله ( وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى

ص414

المَرَافِقِ )  المائدة : 6  وقولهم ( الذود إلى الذود إبل ) ولا يجوز إلى زيد مال تريد مع زيد مال قال الرضي والتحقيق أن ( إلى ) هذه للانتهاء فقوله ( إلى المرافق ) أي مضافة إليها والذود إلى الذود أي مضافة إلى الذود وقال غيره وما ورد من ذلك مؤول على أصلها والمعنى في قوله ( من أنصاري إلى الله) من يضيف نصرته إلى نصرة الله و ( إلى ) حينئذ أبلغ من ( مع ) لأنك لو قلت من ينصرني مع فلان لم يدل على أن فلانا وحده ينصرك وقيل التقدير من ينصرني حال كوني ذاهبا إلى الله ( و ) بمعنى (من) كقوله : 1047 - ( تقول وقد عَالَيْتُ بالكُور فَوْقها ** أيُسْقَى فلا يَرْوَي إليَّ ابنُ أحْمَرا ) أي مني (و) بمعنى ( عند ) كقوله : 1408 - ( أم لا سبيلَ إلى الشّباب وذكْرُهُ ** أشهى إلى من الرَّحيق السّلْسَل ) أي أشهي عندي كذا مثل ابن مالك وابن هشام في المغني ونازعه ابن الدماميني بأنه تقدم أن المتعلقة بما يفهم حبا أو بغضا من فعل تعجب أو تفضيل معناها التبيين فعلى هذا تكون ( إلى ) في البيت مبينة لفاعلية مجرورها لا قسما آخر

ص415

وأجاب شيخنا الإمام الشمني بأن تلك شرطها كون التعجب والتفضيل من نفس الحب والبغض وهي هنا متعلقة بتفضيل من الشهوة ( و ) قال أبو الحسن ( الأخفش : و ) بمعنى ( الباء ) نحو  ( وإذا خلوا إلى شياطينهم )   البقرة : 14  أي بشياطينهم ( و ) قال ( الفراء ) تكون ( زائدة ) للتوكيد كقوله تعالى  ( أفئدة من الناس تهوي إليهم )   إبراهيم : 37  بفتح الواو أي تهواهم وغيره خرجها على تضمين تهوي معنى تميل أو على أن الأصل تهوي بالكسر فقلبت الكسرة فتحة والياء ألفا كما قيل في  ( ناصية كاذبة خاطئة )   العلق : 16  ناصاة ذكره ابن مالك قال ابن هشام وفيه نظر لأن شرط هذه اللغة تحرك الياء في الأصل وأجاب ابن الصائغ بأن أصل هذه الياء الحركة وسكونها عارض للاستثقال

الباء

( الباء : مكسورة ) مطلقا ( وقيل : تفتح مع الظاهر ) فيقال بزيد قال أبو حيان حكاه أبو الفتح عن بعضهم (للإلصاق ) ويقال الإلزاق قال في ( شرح اللب ) وهو تعلق أحد المعنيين بالآخر قال أبو حيان قال أصحابنا هي نوعان أحدهما الباء التي لا يصل الفعل إلى المفعول إلا بها نحو سطوت بعمرو

ص416

ومررت بزيد قال والإلصاق في مررت بزيد مجاز لما التصق المرور بمكان بقرب زيد جعل كأنه ملتصق بزيد والآخر الباء التي تدخل على المفعول المنتصب بفعله إذا كانت تفيد مباشرة الفعل للمفعول نحو أمسكت بزيد الأصل أمسكت زيدا فأدخلوا الباء ليعلموا أن إمساكك إياه كان بمباشرة منك له بخلاف نحو أمسكت زيدا بدون الباء فإنه يطلق على المنع من التصرف بوجه ما من غير مباشرة قيل والإلصاق معنى لا يفارق الباء ولهذا لم يذكر لها سيبويه معنى غيره زاد غيره ( والتعدية ) وتسمي باء النقل أيضا وهي المعاقبة للهمزة في تصيير الفاعل مفعولا وأكثر ما تعدي الفعل القاصر تقول في ذهب زيد ذهبت بزيد وأذهبته ومنه  ( ذهب الله بنورهم )   البقرة : 17  وقد تكون مع المتعدي نحو :  ( دفع الله الناس بعضهم ببعض )   الحج: 40  وصككت الحجر بالحجر والأصل دفع بعض الناس بعضا وصك الحجر الحجر ( والسببية والاستعانة ) جمع بينهما ابن مالك في الألفية وابن هشام في المغني وفسر الثانية بالداخلة على آلة الفعل نحو كتبت بالقلم ومثل الأولى بنحو :  ( ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل )   البقرة : 54  وقال الرضي السببية فرع الاستعانة ولذا اقتصر عليها أعني الاستعانة ابن مالك في الكفاية الكبرى وحذف السببية وعكس في التسهيل فاقتصر على السببية وقال في شرحه باء السببية هي الداخلة على صالح للاستغناء به عن فاعل معد لها مجازا نحو :  ( فأخرج به من الثمرات رزقا لكم)   البقرة : 22  فلو قصد إسناد الإخراج إلى الماء وقيل أنزل ماء أخرج من الثمرات رزقا لصح وحسن لكنه مجاز والآخر حقيقة ومنه كتبت بالقلم وقطعت بالسكين فإنه يصح أن يقال كتب القلم وقطع السكين والنحويون يعبرون عن هذه الباء بباء الاستعانة وآثرت على ذلك التعبير بالسببية من أجل الأفعال المنسوبة إليه تعالى فإن استعمال السببية فيها يجوز واستعمال الاستعانة فيها لا يجوز انتهى

ص417

وقال أبو حين ما ذهب إليه ابن مالك من أن باء الاستعانة مدرجة في باب السببية قول انفرد به وأصحابنا فرقوا بين باء السببية وباء الاستعانة فقالوا باء السببية هي التي تدخل على سبب الفعل نحو مات زيد بالحب وبالجوع وحججت بتوفيق الله وباء الاستعانة هي التي تدخل على الاسم المتوسط بين الفعل ومفعوله الذي هو آلة نحو كتبت بالقلم ونجرت الباب بالقدوم وبريت القلم بالسكين وخضت الماء برجلي إذ لا يصح جعل القلم سببا للكتابة ولا القدوم سببا للنجارة ولا السكين سببا للبري ولا الرجل سببا للخوض بل السبب غير هذا ( والظرفية ) وهي التي يحسن موضعها من ) نحو :  ( نصركم الله ببدر )   آل عمران : 123   ( نجيناهم بسحر )   القمر : 34  ( والمصاحبة ) وهي كما قال ابن مالك التي يحسن موضعها ( مع ) ويغني عنها وعن مصحوبها الحال نحو :  ( اهبط بسلام )   هود : 48  أي مع سلام  ( قد جاءكم الرسول بالحق )   النساء 170  أي مع الحق ومحقا  ( فسبح بحمد ربك )   النصر : 3  أي مع حمده وحامدا وهذا المعاني الخمسة تجامع الإلصاق كما نقله أبو حيان عن الأصحاب وضم إليها باء القسم ولذا ذكرتها متوالية خلاف صنيع التسهيل ( والغاية ) نحو :  ( وقد أحسن بي )   يوسف : 100  أي إلي ( وَكذا البدل ) وهي التي يحسن موضعها بدل ( والتبعيض ) وهي التي يحسن موضعها ( من ) ( على الصحيح ) فيهما مثال الأول قول عمر رضي الله عنه : ( كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا ) أي بدلها وقول الحماسي: –

( فليت لي بهم قوماً إذا ركبوا ** شنّوا الإغارة فُرْساناً ورُكْبانا )

 ومثال الثاني قوله تعالى : ( عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ )  الإنسان : 6  أي منها وقوله : –

( شَربْنَ بماء البَحْر ** )

ص418

وقول الآخر :–

( شُرْبَ النّزيف بَبْرد مَاء الحَشْرَج ** )

 وهذا المعنى أثبته الكوفيون والأصمعي والفارسي والعتبى وابن مالك والأول المتأخرون وأنكرهما جماعة وقالوا في أمثلة الأول الباء للسببية وأولوا أمثلة الثاني بأن ( يشرب ) و ( شربن ) و 0 شرب ) ضمن معنى يروي ونحوه وقيل المعني يشرب بها الخمر كما تقول شربت الماء بالعسل قال بعضهم ولو كانت الباء للتبعيض لصح زيد بالقوم تريد من القوم وقبضت بالدراهم أي من الدراهم ( قال ابن مالك ) في التسهيل ( والتعليل ) قال في شرحه وهي التي يحسن موضعها اللام غالبا نحو: ( فبظلم من الذين هادوا )   النساء : 160   ( إن الملأ يأتمرون بك )   القصص : 20

ص419

قال واحترزت بقولي غالبا من قول العرب غضبت لفلان إذا غضبت من أجله وهو حي وغضبت به إذا غضبت من أجله وهو ميت قال أبو حيان ولم يذكر أصحابنا هذا المعني وكأن التعليل والسبب عندهم شيء واحد قال ويدل لذلك أن المعنى الذي سمى به باء السبب موجود في باب التعليل لأنه يصلح أن ينسب الفعل لما دخلت عليه باء التعليل كما يصح ذلك في باء السبب فتقول ظلم أنفسكم اتخاذكم العجل وأما  ( يأتمرون بك )   القصص : 20  فالباء فيه ظرفية أي يأتمرون فيك أي يتشاورون في أمرك لأجل القتل انتهى وهذا هو الحق قال أيضا ( والمقابلة ) قال وهي الداخلة على الأعواض والأثمان قال وقد تسمي باء العوض نحو اشتريت الفرس بألف وكافأت الإحسان بضعف والظاهر أنها داخلة في باء البدل ( و ) قال ( الكوفية وبمعني علي ) أي الاستعلاء وجزم به ابن مالك نحو (  ( إن تأمنه بقنطار )   آل عمران : 75  أي عليه بدليل  ( إلا كما أمنتكم على أخيه )   يوسف : 64   (وإذا مروا بهم يتغامزون )   المطففين : 30  أي عليهم بدليل :  ( وإنكم لتمرون عليهم )   الصافات : 137 :–

( أربٌّ يَبُولُ الثُّعْلُبانُ برأسه ** لقد ذلّ من بالت عليه الثَّعالبُ )

قالوا ( و ) بمعنى ( عن وفي اختصاصها بالسؤال خلاف ) فقيل تختص به وظاهر كلام أبي حيان أن الكوفية كلهم عليه كقوله تعالى : ( فَاسْئَلْ بِهِ خَبِيراً )  الفرقان : 59  بدليل :  ( يسألون عن أنبائكم )   الأحزاب : 20  وقول علقمة :–

( فإنْ تَسْألُوني بالنِّساء فإنني ** بَصِير بأدْواء النِّساء طبيبُ)

ص420

وقيل لا وعليه ابن مالك نحو  ( يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم )   الحديد : 12   ( تشقق السماء بالغمام )   الفرقان : 25  والبصرية أنكروا هذا المعنى وأولوا الآية والبيت على أن المعنى اسأل بسببه خبيرا وبسبب النساء لتعلموا حالهن أو تضمين السؤال معني الاعتناء والاهتمام قالوا ولو كانت الباء بمعنى ( عن ) لجاز أطعمته بجوع وسقيته بعيمة تزيد عن جوع وعن عيمة قال ابن هشام في التأويل الأول بعد لأن المجرور بالباء هو المسئول عنه ولا يقتضي قولك سألت بسببه أن المجرور هو المسئول عنه ( و ) قال ابن هشام ( الخضراوي : و ) بمعنى ( الكاف ) داخلة على الاسم حيث يراد التشبيه نحو لقيت بزيد الأسد ورأيت به القمر أي لقيت بلقائي إياه الأسد أي شبهه قال أبو حيان والصحيح أنها للسبب أي بسبب لقائه وسبب رؤيته ( وتزاد توكيدا في مواضع ) ستة هي الفاعل والمفعول والمبتدأ والخبر والحال والتوكيد وهي مذكورة في محالها ومن غريب زيادتها أنها تزاد في المجرور كقوله : –

( فأصْبَحْنَ لا يَسْألْنَهُ عَنْ بما به ** )

 ( قال ابن مالك : و ) تزاد ( عوضا ) ومثله بقوله :

ص421

( ولا يُؤَاتِيك فيما نابَ من حَدَثٍ ** إلاَّ أخُو ثِقَةٍ فانظر بمن تَثِقُ )

قال أراد من تثق فزاد الباء قبل ( من ) عوضا ( وحكاه ) أيضا ( في عن وعلى ) وأنشد قوله :-

( أَتَجْزَعُ إنْ نَفْسٌ أتاها حِمَامُها ** فهلاَّ التي عن بين جنبَيْك تَدْفع )

 أي فهلا عن التي بين جنبيك تدفع فحذف ( عن ) وزادها بعد التي عوضا وقول الآخر : –

( إنَّ الكريم وأبيكِ يَعْتَمِلْ ** إنْ لم يَجدْ يَوماً على مَنْ يَتّكِلْ )

أي إن لم يجد من يتكل عليه فحذف ( عليه ) وزاد ( على ) قبل ( من ) عوضا ( وقاسه في ( إلى ) و ( في ) و ( اللام ) و ( من ) فقال في الشرح يجوز عندي أن يعامل بهذه المعاملة ( من ) و ( اللام ) و ( إلى ) و ( في ) قياسا على ( عن ) و ( على) و ( الباء ) فيقال عرفت ممن عجبت ولمن قلت وإلى من أديت وفيمن رغبت والأصل عرفت من عجبت منه ومن قلت له ومن أديت إليه ومن رغبت فيه فحذف ما بعد من وزيد ما قبلها عوضا ( ورده أبو حيان ) أي العوض بأنواعه فقال في الأبيات المستشهد بها لا يتعين فيها التأويل المذكور لاحتمال أن يكون الكلام تم عند قوله فانظر أي فانظر

ص422

لنفسك ولما قدم أنه لا يواتيه إلا أخو ثقة استدرك على نفسه فاستفهم على سبيل الإنكار على نفسه حيث قرر وجود أخي ثقة فقال بمن تثق أي لا أحد يوثق به فالباء في ب ( من ) متعلقة ب ( تثق ) وكذا البيت الآخر يحتمل تمام الكلام عند قوله إن لم يجد يوما أي أنه إذا لم يجد ما يستعين به اعتمل بنفسه ثم قال على من يتكل ومن استفهامية أي لا أحد يتكل عليه فعلي متعلقة بيتكل ولم يؤول البيت الثاني وقال في المقيس هذا الذي أجازه قياسا لم يثبت الأصل الذي يقاس عليه ألا ترى إلى ما ذكرناه من التأويل فيما استدل به ولو كانت لا تحتمل التأويل لكانت من الشذوذ والندور والبعد من الأصول بحيث لا يقاس عليها ولا يلتفت إليها قال وقد نص سيبويه على أن ( عن ) و ( على ) لا يزادان لا عوضا ولا غير عوض

حتى

 ( حتى كإلى ) في انتهاء الغاية ( لكن ) ( إلى ) أمكن منها ولذلك خالفتها في أشياء الأول أنها ( تفيد تقضي الفعل شيئا فشيئا ) ولذا لا يجوز كتبت حتى زيد وأنا حتي عمرو ويجوز كتبت إلى زيد وأنا إلى عمرو أي هو غايتي كما في حديث مسلم 
( أنا بك وإليك ) ( و ) الثاني أنها ( لا تقبل الابتداء ) لضعفها في الغاية فلا يقال سرت من البصرة حتى الكوفة كما يقال إلى الكوفة ( و ) الثالث أنها ( لا تجر إلا آخرا ) أي آخر جزء نحو أكلت السمكة حتى رأسها ( قال الأكثر : أو ملاقيا له ) أي متصلا به نحو  ( سلام هي حتى مطلع الفجر )   القدر : 5  ولا يجوز سرت حتى نصف الليل بخلاف ( إلى ) ومقابل الأكثر قول السيرافي وجماعة إنها لا تجر إلا الآخر فقط دون المتصل به

ص423

قال الرضي وهو مردود بالآية ( خلافا لابن مالك ) إذ قال في التسهيل وشرحه والتزم الزمخشري كون مجرورها آخر جزء أو ملاقي آخر جزء وهو غير لازم بدليل قوله : 1058 - ( عيَّنَتْ لَيْلةً فما زلتُ حتى ** نِصْفِها راجياً فَعُدْتُ يَؤُوسا ) قال أبو حيان وما نقله الزمخشري هو قول أصحابنا وما استدل به لا حجة فيه لأنه لم يتقدم العامل فيها حتى ما يكون ما بعدها جزاءا له في الجملة المغياة بحتي فليس البيت نظر ما مثل به أصحابنا ولو صرح فقال ما زلت راجيا وصلها تلك الليلة حتي نصفها كان ذلك حجة على الزمخشري ونحن نقول إذا لم يتقدم في الجملة المغياة بحتي ما يصح أن يكون ما بعدها آخر جزء جاز أن تدخل على ما ليس به ولا ملاقيا له وكذا قال ابن هشام في المغني على أن ابن مالك جزم باشتراط ذلك في الكافية الرابع أنها لا تجر إلا ( ظاهرا خلافا للمبرد والكوفية ) في تجويزهم جرها المضمر مستدلين بنحو قوله :  –

( فلا واللهِ لا يلْفَى أنَاسٌ ** فِتًى حتّاك يا ابْنَ أبي زيادِ )

 والجمهور قالوا إنه ضرورة قال أبو حيان ومن أجاز جرها المضمر أدخلها على المضمرات المجرورة كلها قال ولا ينبغي القياس على ( حتاك ) في هذا البيت فيقال ذلك في سائر الضمائر قال وانتهاء الغاية في ( حتاك ) هنا لا أفهمه ولا أدري ما يعني هنا بحتاك فلعل هذا البيت مصنوع انتهى ومثل ابن هشام في المغني بقوله : -

ص424

( أتَتْ حَتّاك تَقْصِدُ كُلَّ فجٌّ ** تُرَجّى منك أنْها لا تَخيب )

 قال واختلف في علة المنع فقيل هي أن مجرورها لا يكون إلا بعضا لما قبلها أو كبعض منه فلم يمكن عود ضمير البعض على الكل قال ويرده أنه قد يكون ضمير حاضر كما في البيت فلا يعود على ما تقدم وأنه قد يكون ضميرا غائبا عائدا على ما تقدم غير الكل كقولك زيد ضربت القوم حتاه وقيل العلة خشية التباسها بالعاطفة فإنها تدخل عليه على الأصح قال ويرده أنها لو دخلت عليه لقيل في العاطفة قاموا حتي أنت وأكرمتهم حتي إياك بالفصل لأن الضمير لا يتصل إلا بعامله وفي الخافضة حتاك بالوصل كما في البيت وحينئذ فلا التباس وقيل العلة أنها لو دخلت عليه قلبت ألفها ياء كما في إلي وهي فرع عن ( إلى) فلا تحتمل ذلك وإلا ساوي الفرع الأصل قال شيخنا الإمام الشمني والجواب بعد تسليم بطلان هذا اللازم أن فرعية حتى عن إلى إنما هي في المعنى والعمل وذلك يوجب ألا يحتمل ما يحتمله إلى فيهما لا في غيرهما وقال الشاطبي قال سيبويه استغنوا عن الإضمار في ( حتي ) بقولهم حتي ذاك وبالإضمار في ( إلى ) لأن المعنى واحد كما استغنوا ب ( ترك ) عن ( وذر ) و ( ودع ) ( وإمالتها وعتي ) بإبدال حائها عينا ) ( لغة ) الأولي يمنية والثاني هذلية قال ابن مالك قرأ ابن مسعود ( لَيَسْجُنُنَّهُ عَتَّى حِينٍ )  يوسف : 35  فكتب إليه عمر إن الله أنزل هذا القرآن عربيا وأنزله بلغة قريش فلا تقرئهم بلغة هذيل

ص425

 ( ومنع البصرية جر ما لا يصلح ) أن يكون ( غاية لما قبلها ) وأوجبوا فيه الرفع على أنها ابتدائية نحو العجب حتى الخز يلبس زيد وجوز جره الكسائي ( و ) الفراء ومنعوا أيضا الجر فيما إذا تلا الاسم بعدها جملة اسمية وما بعدها غير شريك لما قبلها في المعنى ( نحو ضربت القوم حتى زيد فتركت ) وحتى زيد أبوه مضروب وجوز جره الكوفية ( و ) منع ( الكوفية ) الجر فيما إذا تلا الاسم الذي بعدها فعل عامل في ضميره نحو ضربت القوم ( حتى زيد ضربته ) وقالوا لا يجوز حتى يقال فضربته وجوزه البصرية فيهما وجوزوا في الأول أيضا العطف والابتداء ( و ) منع ( الكل ) الجر فيما إذا تلاه اسم مفرد نحو ضربت القوم ( حتى زيد مضروب ) وأوجبوا الابتداء وجوزوهما والعطف فيما إذا تلاه ظرف أو مجرور نحو القوم عندك حتى زيد عندك والقوم في الدار حتى زيد في الدار أو جملة اسمية وما بعدها شريك لما قبلها في المعنى نحو ضربت القوم حتى زيد هو مضروب وجوزوا الجر والعطف فيما إذا تلاه فعل عامل في ضمير ما قبل حتى نحو ضربت القوم حتى زيد ضربتهم فإن كان في ضميره وهو غير شريك فالابتداء والحمل على الإضمار نحو ضربت القوم حتى زيد ضربت أخاه وأوجبوا العطف فيما إذا قامت عليه قرينة نحو ضربت القوم حتى زيدا أيضا فأيضا تدل على إرادة تكرر الفعل وهذا المعنى لا يعطيه إلا العطف كأنك قلت ضربت القوم حتى ضربت زيدا أيضا ( وزعم الفراء الجر ) بحتى ( نيابة ) عن إلى لا بنفسها كما جرت الواو نيابة عن رب قال وربما أظهروا ( إلى ) في بعض المواضع قالوا ( جاء الخبر حتى إلينا ) جمعوا بينهما بتقدير إلغاء أحدهما كما جمعوا بين اللام وكي ( وتكون ) حتى ( حرف ابتداء ) أي حرفا تبتدأ بعده الجمل أي تستأنف وحينئذ ( تليه الجملتان ) الاسمية كقول جرير : –

ص426

( فما زالت القَتْلى تمُجُّ دماءَها ** بدجلةَ حتى ماءُ دجلَة أشْكلُ )

وقول الفرزدق : -

( فواعجباً حتى كُلَيْبٌ تَسُبُّني ** )

 والفعلية المضارعة كقراءة نافع :  ( وزلزلوا حتى يقول الرسول )   البقرة : 214  والماضية نحو :  (حتى عفوا )   الأعراف : 95  والمصدرة بشرط نحو  ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح )   النساء : 6  ( خلافا لابن مالك في زعمه ) أنها ( جارة قبل ) الفعل ( الماضي ) بإضمار ( أن ) بعدها على تأويل المصدر قال أبو حيان وقد وهم في ذلك وقال ابن هشام لا أعرف له في ذلك سلفا وفيه تكلف إضمار من غير ضرورة ( و ) خلافا ( وله وللأخفش ) أبي الحسن ( في ) زعمهما ( أنها ) جارة ( قبل إذا ) وأن إذا في موضع جر بها والجمهور على أنها حينئذ ابتدائية وإذا في موضع نصب بشرطها أو جوابها قال أبو حيان وليس معنى قولهم حرف ابتداء أنه يصحبها المبتدأ دائما بل معناه أنها بصدد أن يقع بعدها المبتدأ كما قالوا هل ويل ولكن من حروف الابتداء وإن كان يقع بعدها غير المبتدأ وإنما كان يقع المعنى أنها تصلح أن يقع بعدها المبتدأ

ص427

وما تقدم في تفسيره أخذا من ابن هشام في المغني أولي وأقعد ثم قال قال بعض شيوخنا ضابط حتي أنها إذا وقع بعدها اسم مفرد مجرور أو مضارع منصوب فحرف جر واسم مرفوع أو منصوب فحرف عطف أو جملة فحرف ابتداء وتقدم من باب الحال أنه لا محل لهذه الجملة على الأصح ( مسألة : متي دلت قرينة على دخول الغاية ) أي التي بعد إلي وحتي في حكم ما قبلها ( أو ) على ( عدمه ) أي عدم دخوله فواضح أنه يعمل به فالأول نحو قرأت القرآن من أوله إلى آخره وبعتك الحائط من أوله إلى آخره دل ذكر الآخر وجعله غاية على الاستيفاء  ( وأيديكم إلى المرافق )   المائدة : 6  دلت السنة على دخول المرافق في الغسل : –

(ألْفَى الصّحِيفَة كي يُخفِّفَ رحله ** والزَّادَ حتى نَعْله ألقاها)

 والثاني نحو  ( ثم أتموا الصيام إلى الليل )   البقرة : 187  دل النهي عن الوصال على عدم دخول الليل في الصوم  ( فنظرة إلى ميسرة )   البقرة : 280  فإن الغاية لو دخلت هنا لوجب الإنظار حال اليسار أيضا وذلك يؤدي إلى عدم المطالبة وتفويت حق الدائن: –

( سقى الحيا الأرْضَ حتى أمْكُن عُزيتْ ** لهم فلا زال عنها الخيرُ مجذوذا )

دل على عدم الدخول دعاء الشاعر على ما بعد حتي بانقطاع الخير عنه

ص428

( وإلا ) أي وإن لم تقم قرينة تدل على الدخول ولا عدمها ( فثالثها ) أي الأقوال ( وهو الأصح ) ورأي الجمهور ( تدخل مع حتي دون إلي ) حملا على الغالب في البابين لأن الأكثر مع القرينة عدم الدخول في ( إلى ) والدخول في ( حتى ) فوجب الحمل عليه عند التردد وأولها يدخل فيهما وثانيهما لا فيهما واستدل القولان في استواء حتى وإلى بقوله تعالى  ( فمتعناهم إلى حين )   الصافات : 148  وقرأ ابن مسعود ( عتي حين ) ( ورابعها يدخل معهما ) أي مع إلى وحتي ( إن كان من الجنس ) و ( لا ) يدخل ( إن لم يكن ) نحو إنه لينام الليل حتى الصباح أو إلي الصباح نقله أبو حيان في حتي عن الفراء والرماني وجماعة وابن هشام في إلى غير المسمي قائله وهو قول الأندلسي فيما نقله الرضي ( فإن كانت حتي عاطفة دخلت وفاقا ) نحو أكلت السمكة حتي رأسها قال ابن هشام ووهم من ادعي الاتفاق في دخول الغاية في حتي مطلقا وإنما هو في العاطفة والخلاف في الخافضة مشهور قال والفرق أن العاطفة بمنزلة الواو

رب

 ( رب ) بضم الراء وتشديد الباء وفتحها ( ويقال رب ) بفتح الراء (ورب ) بضمها ( وربت ) بالضم وفتح الباء والتاء ( وربت ) بسكون التاء ( وربت ) بفتح الثلاثة ( وربت ) بفتح الأولين وسكون التاء وتخفيف الباء في هذه ( السبعة وربتا ) بالضم وفتح الباء المشددة (ورب ) بالضم وبالسكون ( ورب ) بالفتح والسكون فهذه سبع عشرة لغة حكاها ما عدا ( ربتا ) ابن هشام في المغني وحكي ابن مالك منها عشرا وزاد أبو حيان ( ربتا ) وزعم أبو الحسن علي ( بن فضال) المجاشعي في كتاب الهوامع والعوامل أنها ثنائية الوضع ساكنة الثاني كهل وبل وقد وأن فتح التاء مخففة دون

ص429

الباء ضرورة لا لغة وأن فتح الراء مطلقا أي في الجميع مشددا ومخففا مع التاء ودونها ( شاذ ) والجمهور على أنها ثلاثية الوضع وأن التخفيف المذكور وفتح الراء لغة معروفة ( و ) زعم الكوفية وابن الطراوة أنها اسم مبني لأنها في التقليل مثل ( كم ) في التكثير وهي اسم بإجماع وللإخبار عنها في قوله: –  

( إنْ يَقْتُلُوكَ فإنّ قَتْلَكَ لَم يَكُنْ ** عاراً عليك ورُبَّ قتل عارُ )

 فـ ( رب ) عندهم مبتدأ و ( عار ) خبره قال وتكون معمولة بجوابها كإذا فيبتدأ بها فيقال رب رجل أفضل من عمرو ويقع مصدرا كرب ضربة ضربت وظرفا كرب يوم سرت ومفعولا به كرب رجل ضربت واختار الرضي أنها اسم لأن معنى رب رجل في أصل الوضع قليل في هذا الجنس كما أن معنى كم رجل كثير من هذا الجنس لكن قال إعرابه أبدا رفع على أنه مبتدأ لا يخير له كما اختاره في قولهم أقل رجل يقول ذلك إلا زيدا لتناسبهما في معنى القلة قال فإن كفت ب ( ما ) فلا محل لها حينئذ لكونها كحرف النفي الداخل على الجملة ومنع ذلك البصريون بأنها لو كانت اسما لجار أن يتعدي إليها الفعل بحرف الجر فيقال برب رجل عالم مررت وأن يعود عليها الضمير ويضاف إليها وذلك وجميع علامات الاسم منتفية عنها وأجيب عن البيت الأول بأن المعروف وبعض قتل عار وإن صحت تلك الرواية فعار خبر محذوف أي هو عار كما صرح به في قوله :–

( يا رُبّ هيجا هي خَيْرٌ مِنْ دَعَهْ ** )

ص430

والجملة صفة المجرور أو خبره إذ هو في موضع مبتدأ قال أبو علي ومن الدليل على أنها حرف لا اسم أنهم لم يفصلوا بينها وبين المجرور كما فصلوا بين كم وبين ما تعمل فيه وفي مفادها أقوال أحدها أنها للتقليل دائما وهو قول الأكثر قال في البسيط كالخليل وسيبويه وعيسى بن عمر ويونس وأبي زيد وأبي عمرو بن العلاء وأبي الحسن الأخفش والمازني وابن السراج والجرمي والمبرد والزجاج والزجاجي والفارسي والرماني وابن جني والسيرافي والصيمري وجملة الكوفيين كالكسائي والفراء وابن سعدان وهشام ولا مخالف لهم إلا صاحب العين انتهى ثانيها للتكثير دائما وعليه صاحب ( العين ) وابن درستويه وجماعة وروي عن الخليل ثالثها وهو المختار عندي وفاقا للفارابي أبي نصر وطائفة أنها للتقليل غالبا والتكثير نادرا ورابعها عكسه أي للتقليل قليلا وللتكثير كثيرا جزم به في التسهيل واختاره ابن هشام في المغني وخامسها موضوعة ( لهما ) من غير غلبة في أحدهما نقلة أبو حيان عن بعض المتأخرين وسادسها لم توضع لواحد منهما بل هي حرف إثبات لا يدل على تكثير ولا تقليل وإنما يفهم ذلك من خارج واختاره أبو حيان وسابعها أنها للتكثير في موضع المباهاة والافتخار وللتقليل فيما عدا ذلك وهو قول الأعلم وابن السيد

ص431

وقيل هي لمبهم العدد تكون تقليلا وتكثيرا قاله ابن الباذش وابن طاهر فهذه ثمانية أقوال حكاها أبو حيان في شرح التسهيل ومن ورودها للتكثير قوله تعالى  ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين )   الحجر : 2  فإنه يكثر منهم تمني ذلك وحديث البخاري 
( يا رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة ) ومن مواضع الفخر قول عمارة بن عقيل : -
( فإنْ تَكُن الأيّامُ شَيَّبْنَ مَفْرقى ** وأكْثَرْنَ أشجاني وفَلّلن مِنْ غربي )
وقول الآخر : -
( فيا رب يوم قد لَهْوتُ ولَيْلةٍ ** بآنِسَةٍ كأنها خَطُّ تِمْثال )
ومن ورودها للتقليل : –

( ألا رُبّ مَولودٍ وليس له ابٌ ** وذي ولد لم يَلْدَهُ أبوان )

( وذي شمة غَرَّاء في حُرّ وجهه ** مجلّلةٍ لا تنقضى لأوان )

 أراد عيسى وآدم والقمر وتصدر وجوبا غالبا قال أبو حيان والمراد تصديرها على ما تتعلق به فلا يقال لقيت رب رجل عالم لا أول الكلام فقد وقعت خبرا ل ( إن ) و ( أن ) المخففة من الثقيلة وجوابا (للو) قال : –

( أماويُّ إنِّي رُبَّ واحِد أمِّه ** ملكْتُ فلا أسْرٌ لَدَيَّ ولا قَتْلُ )

وقول الآخر : –

ص432

 ( تَيَقَّنْتُ أنْ رُبّ أمْرئ خِيلَ خائِناً ** أمينٌ وخوّان يُخَال أمينا )

 وقال : –

( ولو علم الأقوامُ كيف خَلَفْتُهُمْ ** لَرُبّ مُفَدِّ في القُبور وحامِدِ )

 قال شيخنا الإمام الشمني ويحتمل أن يعد ذلك ضرورة ولا تجر غير نكرة معها معربا كأن أو مبنيا كقوله : -

( رُبَّ مَنْ أنضجْتُ غَيْظاً قَلْبَهُ ** قد تمنّى لِيَ موْتاً لم يُطَعْ )

خلافا لبعضهم في تجويز جرها المعرف بأل محتجا بقوله :  –

( رُبّما الجامِل المُؤَبّل فِيهمْ ** وعناجيحُ بَيْنَهُن المِهَارُ )

 بجر الجامل وأجاب الجمهور بأن الرواية بالرفع وإن صحت بالجر خرج على زيادة ( أل ) ولأنها إما للقلة أو للكثرة وغير النكرة لا يحتملها لأن المعرفة إما للقلة فقط كالمفرد والمثني أو للكثرة فقط كالجمع وما لا يحتملها لا يحتاج إلى علامة يصير بها نصا

ص433

وفي وجوب نعته أي مجرورها خلف فقال المبرد وابن السراج والفارسي والعبدي وأكثر المتأخرين وعزي للبصريين يجب لأن ( رب ) أجريت مجرى حرف النفي حيث لا تقع إلا صدرا ولا يتقدم عليها ما يعمل في الاسم بعدها بخلاف سائر حروف الجر وحكم حرف النفي أن يدخل على جملة فالأقيس في مجرورها أن يوصف بجملة لذلك وقد يوصف بما يجري مجراها من ظرف أو مجرور أو اسم فاعل أو مفعول وجزم به ابن هشام في المغني واختاره الرضي وقال الأخفش والفراء والزجاج وأبو الوليد الوحشي وابن طاهر وابن خروف لا يجب وتضمنها القلة أو الكثرة يقوم مقام الوصف واختاره ابن مالك وتبعه أبو حيان ومنع كونها لا تقع إلا صدرا بما تقدم وكون ما يعمل فيما بعدها لا يتقدم مقتضيا لشبهها بحرف النفي بأن لنا ما لا يتقدم على المجرور الذي يتعلق به ولا يلزم أن يكون جاريا مجرى النفي نحو بكم درهم تصدقت على الخبرية ويجر مضافا إليه ضمير مجرورها معطوفا عليه بالواو خاصة رب رجل وأخيه رأيت وسوغ ذلك كون الإضافة غير محضة فلم تفد تعريفا وقال الجزولي لأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع قال الرضي ولو كان كذلك لجاز رب غلام والسيد ولا يجوز ذلك في غير العطف من التوابع ولا في العطف بغير الواو وفي القياس في المعطوف بالواو خلف فأجازه الأخفش واختاره ابن مالك وأبو حيان وقصره سيبويه على المسموع أما ما حكاه الأصمعي من مباشرة ( رب ) للمضاف إليه الضمير حيث قال لأعرابية ألفلان أب أو أخ فقالت ( رب أبيه ورب أخيه ) تريد رب أب له ورب أخ له تقديرا للانفصال لكون أب وأخ من الأسماء التي يجوز الوصف بها فلا يقاس عليه اتفاقا وتجر ضميرا ويجب كونه مفردا مذكرا وإن كان المميز مثني أو جمعا أو مؤنثا وكونه يفسره نكرة منصوبة مطابقة للمعني الذي يقصده المتكلم

ص434

( تليه ) غير مفصولة عنه فيقال ربه رجلا وربه رجلان وربه رجالا وربه امرأة وربه امرأتين وربه نساء قال : –

( ربه امْرَأ بكَ نال أمْنَع عِزّةٍ ** وغِنًى بُعَيْدَ خَصاصَةٍ وَهَوان )

قال أبو حيان وسمع جره في قوله : –

( وَرُبّهُ عَطِبٍ أَنْقَذَتَ من عَطَبهْ ** )

على نية ( من ) وهو شاذ وجوز الكوفية مطابقته إلى الضمير لها أي النكرة المفسرة في التثنية والجمع والتأنيث قياسا وسماعا قال : –

( ربّه فتيةً دَعَوْتُ إلى ما ** يُورث المَجْد دائماً فأجَابُوا )

قال ابن عصفور وذلك لا يجوز عندنا لأن العرب استغنت بتثنية التمييز وجمعه عنه كما استغنوا بتركه من ( وذر ) و ( ودع) قال أبو حيان ومن ذهب إلى وجوب وصف مجرور رب لم يقال به هنا قال ابن أبي الربيع لأنه استغني بما دل عليه الإضمار من التفخيم عن الوصف فصار قولك ربه رجلا بمنزلة رب رجل عظيم لا أقدر على وصفه والأصح أنه أي هذا الضمير معرفة جري مجري النكرة في دخول رب عليه لما أشبهها في أنه غير معين ولا مقصود

ص435

وقال بعضهم إنه نكرة واختاره ابن عصفور لوقوعه موقع النكرة وكأنك قلت رب شيء ثم فسرت الشي الذي تريده بقولك رجلا قال بخلاف الضمير العائد على نكرة مقدمة نحو لقيت رجلا فضربته لأنه نائب مناب معرفة إذ الأصل فضربت الرجل أو متأخرة وهو واقع موقع معرفة نحو نعم رجلا زيد فالضمير في نعم واقع موقع ظاهر معرف بأل أو مضاف إلى ما هي فيه ( و ) الأصح ( أنه ) أي جر رب الضمير ليس قليلا ولا شاذا بل جائز بكثرة فصيحا وقال ابن مالك هو قليل وفي بعض كتبه شاذ قال أبو حيان وليس بصحيح إلا إن عني بالشذوذ شذوذ القياس وبالقلة بالنسبة إلى جرها الظاهر فإنه أكثر من جرها الضمير ( و ) الأصح أنها زائدة في الإعراب لا المعني قال أبو حيان ويدل عليه قولهم رب رجل عالم يقول ذلك فلولا أن رب زائدة في الإعراب ما جاز ذلك لما يلزم من تعدي فعل المضمر المتصل إلى ظاهره فجعل رب رجل في موضع رفع بالابتداء هو الذي سوغ ذلك وإن كانت تدل على معني لأن الزائد منه ما لا يتغير المعني بزواله وهو الزائد للتوكيد ومنه ما يتغير ويسمي زائدا اصطلاحا باعتبار تخطي العامل إليه كقولهم جئت بلا زاد فإن النحاة قالوا لا زائدة ولو أزيلت لتغير المعني ومقابل الأصح قول ابن أبي الربيع إنها غير زائدة لأنها تحرز معني والزائدة لا تحرز وإنما يكون مؤكدا ( و ) الأصح بناء على أنها زائدة في الإعراب أن محل مجرورها على حسب العامل بعدها فهو نصب في نحو رب رجل صالح لقيت ورفع في نحو رب رجل عندي ورفع أو نصب في نحو رب رجل صالح لقيته لا لازم النصب بالفعل الذي بعدها أو بعامل محذوف خلافا للزجاج ومتابعيه في قولهم بذلك لما يلزم عليه من تعيدي الفعل المتعدي بنفسه إلى مفعوله بوساطة رب وهو لا يحتاج إليها وعلى الأول فيعطف عليه أي على محل مجرورها كما يعطف على لفظه قال : –

( وسِنٍّ كَسُنّيْق سناءً وسُنّماً ** ذَعَرْتُ بمدلاح الهجير نَهوض )

ص436

فعطف ( سنما ) على محل ( سن ) لأنه في موضع نصب بذعرت أراد ذعرت بهذا الفرس النهوض ثورا وبقرة والسنم بقرة الوحش بضم السين المهملة وفتح النون المشددة ( و ) الأصح أنها تتعلق كسائر حروف الجر وقال الرماني وابن طاهر لا تتعلق بشيء كالحروف الزائدة والأصح أن التعلق بالعامل الذي يكون خبرا لمجرورها أو عاملا في موضعه أو مفسرا له قاله أبو حيان وقال ابن هشام قول الجمهور إنها معدية للعامل إن أرادوا المذكور فخطأ لأنه يتعدي بنفسه أو محذوفا تقديره حصل أو نحوه كما صرح به جماعة ففيه تقدير ما معنى الكلام مستغن عنه ولم يلفظ به في وقت فقولي والأصح منصب على مسألتي التعلق وكونه بالعامل معا كما قررته ومقابله في الثانية قول الجماعة المذكورين ( ثم ) على التعليق ( قال لكذة ) الأصبهاني ( حذفه لحن ) ممنوع وقال ما ورد من ذلك مصنوع ( و ) قال الخليل وسيبويه نادر كقول الشماخ : –

( ودَوِّيَةٍ قَفْر تُمشّى نَعامُها ** كمشْي النّصارى في خِفَاف اليَرَنْدَج )

 أي قطعتها قال أبو حيان ومما يرد قول ( لكذة ) قولهم رب رجل قام ورب ابن خير من ابن وقول الشاعر : –

( ألا رُبَّ مَنْ تَغْتَشُّه لك ناصِح ** ومؤتمن بالغيب غيرُ أمين )

( و ) قال أبو علي الفارسي والجزولي كثير وبه جزم ابن الحاجب ورابعها واجب نقله صاحب البسيط عن بعضهم قال لأنه معلوم كما حذف من ( بسم الله ) وتالله لأفعلن وخامسها قال ابن أبي الربيع يجب حذفه إن قامت الصفة مقامه نحو رب رجل يفهم هذه المسألة أي وجدته فإن لم تقم مقامه جاز الحذف وعدمه

ص437

سواء كان هناك دليل أم لا كأن تسمع إنسانا يقول ما رأيت رجلا عالما فتقول رب رجل عالم رأيت ولك حذف رأيت وكأن يقول ذلك ابتداء غير جواب ويجب كونه أي الفعل الذي يتعلق به رب ماضيا معني قاله المبرد والفارسي وابن عصفور وقال أبو حيان إنه المشهور ورأي الأكثرين وقيل يأتي حالا أيضا فلا يقال رب قائله رجل سيقوم قاله ابن السراج ( وقيل : و ) يأتي مستقبلا أيضا قاله ابن مالك كقوله تعالى  ( ربما يود الذين كفروا )   الحجر : 2  وقول هند أم معاوية : –

( يَا رب قَائِلًَ غَداً ** يا لَهْفَ أُمِّ مُعاوَيَهْ )

 والأولون تأولوا الآية على أنه موضع الماضي على حد  ( ونفخ في الصور )   الكهف : 99 ، ويس : 51 ، والزمر : 68 ، وق : 20  قال ابن هشام وفيه تكلف لاقتضائه أن الفعل المستقبل عبر به عن ماض متجوز به عن المستقبل قال والدليل على صحة استقبال ما بعدها قوله يا رب قائلة غدا وأجاب شيخنا الإمام الشمني بأنه لا تكلف لأنهم قالوا إن هذه الحالة المستقبلة جعلت بمنزلة الماضي المتحقق فاستعمل معها ربما المختصة بالماضي وعدل إلى لفظ المضارع لأنه كلام من لا خلف في إخباره فالمضارع عنده بمنزلة الماضي فهو مستقبل في التحقيق ماض بحسب التأويل وأما البيت فأجاب أبو حيان بأنه من باب الوصف بالمستقبل لا من باب تعلق ( رب ) بما بعدها قال ونظيره قولك رب مسيء اليوم يحسن غدا أي رب رجل يوصف بهذا ولا يسبقها متعلقها لأن لها الصدر وقد يسبق بألا ويا واقعة صدرا جواب شرط غالبا كقوله : –

( ألا رُبّ مأخوذٍ بإجُرَام غيره ** فلا تَسْأمَنْ هجْرانَ مَنْ كان مُجْرما )

ص438

وقوله :-

( فإن أُمْس مَكْروباً فيا رُبّ فتية ** )

ومن سبقها بيا لا في جواب شرط حديث 
( يا رب كاسية )

على

على للاستعلاء حسا نحو  ( وعليها وعلى الفلك تحملون )   المؤمنون : 22  أو معنى نحو  ( فضلنا بعضهم على بعض )   البقرة : 253   ( وللرجال عليهن درجة )   البقرة : 228  قال ابن مالك ومنه المقابلة للام المفهمة ما يجب كقوله : –

( فَيَوْمٌ عَلَيْنا ويَوْمٌ لَنا ** )

وما وقع بعد ( وجب ) أو شبهه أو كبر أو صعب ونحوه مما فيه ثقل أو دل على تمكن نحو  ( أولئك على هدى من ربهم )   البقرة : 5  ( أنا على عهدك ووعدك ما استطعت ) قال الكوفية والعتبي وابن مالك وبمعني مع أي المصاحبة نحو  ( وآتى المال على حبه )   البقرة : 177  أي مع حبه  ( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم )   الرعد : 6  أي مع ظلمهم ( و ) بمعنى ( في ) أي الظرفية نحو  ( واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان )   البقرة : 102  أي في ملكه  ( ودخل المدينة على حين غفلة )   القصص : 15  أي في حين ( و ) بمعنى ( من ) نحو  ( إذا اكتالوا على الناس )   المطففين : 2  ي من الناس  ( لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم )   المؤمنون : 5 ، 6  أي منهم بدليل الحديث 
( احفظ عورتك إلا من زوجتك وما ملكت يمينك ) ( و ) بمعنى ( عن ) أي المجاوزة نحو :

ص439

( إذا رضيت على بنو قشَيْر ** )

( و ) بمعنى الباء نحو  ( حقيق على أن لا أقول على الله )   الأعراف : 105  أي بأن كما قرأ أبي ( و ) بمعنى ( اللام ) أي التعليل نحو  ( ولتكبروا الله على ما هداكم )   البقرة : 185  أي ولأجل هدايته هداية إياكم والبصريون قالوا لو كان لها هذه المعاني لوقعت موقع هذه الحروف فكنت تقول وليت عليه أي عنه وكتبت على القلم أي به وجاء زيد على عمرو أي معه والدرهم على الصندوق أي فيه وأخذت على الكيس أي منه وأولوا ما تقدم على التضمين ونحوه فضمن ( تتلو ) معنى ( تقول ) و ( رضي ) معنى ( عطف ) و ( اكتالوا ) معنى ( حكموا ) في الكيل و ( حافظون ) معنى قاصرون و ( حقيق ) معنى حريص و ( لتكبروا ) معنى تحمدوا ( وحذفها وزيادتها ضرورة ) كقوله 1086 - تحن فتبدي ما بها من صبابة وأخفى الذي لولا الأسى لقضانى أي لقضي علي وقوله:-

ص440

( أبي الله إلا أن سرحة مالك           على كل أفنان العضاة تروق)
ف ( على ) زائدة لأن ( راق ) يتعدي بنفسه وجوز ابن مالك زيادتها في النثر كحديث 
( من حلف على يمين ) أي يمينا وقال أبو حيان هو على تضمين حلف بمعنى ( جسر ) وجوز الأخفش حذفها ونصب تاليها مفعولا نحو  ( ولكن لا تواعدوهن سرا )   البقرة : 235  أي على سر  ( لأقعدن لهم صراطك المستقيم )   الأعراف : 16  أي على صراطك وزعمها ابن الطراوة وأبو علي الفارسي والشلوبين اسما دائما معربا لأنها لا يظهر فيها علامة البناء من شبه الحرف إذ لا حرف في معناها وقلة تصرفها لا يوجب لها البناء قال ابن خروف وهو القياس وقيل مبنيا ك ( هذا ) بدليل أن ( على ) الاسم على رأي الجمهور مبنية وكذا ( عن ) والكاف ومذ ومنذ اسما لتضمنها معنى الحرف الذي يكونه لأنها بمعنى واحد فحملت عليها ( على ) طردا للباب قال صاحب الإفصاح وهذا هو الوجه والقياس و زعمها الأخفش اسما إذا كان مجرورها وفاعل متعلقها ضميري مسمي واحد كقوله تعالى  ( أمسك عليك زوجك )   الأحزاب : 37  وقول الشاعر:–

( هَوِّن عَلَيْك فإن الأمور ** بكفّ الإلهِ مَقادِيرُها )

ص441

لأنه لا يتعدى فعل المضمر المتصل إلى ضميرة المتصل في غير باب ظن وفقد وعدم كما تقدم قال أبو حيان وابن هشام وفيه نظر لأنها لو كانت اسما حينئذ لصح حلول ( فوق ) محلها ولأنها لو لزمت اسميتها لما ذكر لزم الحكم باسمية إلى في نحو  ( فصرهن إليك )   البقرة : 260   ( واضمم إليك )   القصص : 32   ( وهزي إليك )   مريم : 25  قال فليتخرج هذا كله على التعلق بمحذوف كما في (سقيا ) لك أو على حذف مضاف أي هون على نفسك واضمم إلى نفسك انتهى قال ابن الدماميني وقد يقال لا نسلم أن ما كان بمعنى شيء ويصح حلوله محله وأجراه أي أجرى الأخفش ما قاله في ( على ) من اسميتها في الحالة المذكورة كقول امرئ القيس:-

( دَعْ عَنْك نَهْباً صِيح في حَجَراتِه ** )

وقول أبي نواس: –

( دَعْ عَنْك لَوْمِي فإنَّ اللوم إغراءُ ** )

 قال ابن هشام وقد تقدم ما فيه قال ومما يدل على أنها ليست اسما أنه لا يصح حلول الجانب محلها

ص442

عن

عن للمجاوزة وهي الأصل ولهذا عدي بها صد وأعرض وأضرب وانحرف وعدل ونهى ونأي وحرف ورحل واستغنى ورغب ونحوها ومنه باب الرواية والإخبار لأن المروي والمخبر به مجاز لمن أخذ عنه قال الكوفية وابن قتيبة وابن مالك والاستعانة كالباء نحو  ( وما ينطق عن الهوى )   النجم : 3  أي به والتعليل نحو  ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة )   التوبة : 114   ( وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك )   هود : 53  وبمعنى علي أي الاستعلاء كقوله تعالى  ( فإنما يبخل عن نفسه )   محمد : 38  وقول الشاعر: –

( لاهِ ابنُ عمكَ لا أَفْضَلْتَ في حَسَبٍ ** عنِّي ولا أَنْتَ ديّاني فَتَخْزُوني )

أي على و بمعنى بعد نحو  ( لتركبن طبقا عن طبق )   الانشقاق : 19  أي بعد طبق  ( يحرفون الكلم عن مواضعه )   النساء: 46 ، والمائدة : 13  بدليل  ( من بعد مواضعه )   المائدة : 41   ( عما قليل ليصبحن نادمين )   المؤمنون : 40  والبصريون قالوا هي للمجاوزة في الجميع ولو كانت لها معاني هذه الحروف لجاز أن تقع موقعها فيقال زيد عن الفرس أي عليه وجئت عن العصر أي بعده وتكلم عن خير أي به بل التقدير ما صدر نطقة عن الهوي وما كان

ص443

استغفار إبراهيم إلا صادرا عن موعدة وما نحن بتاركي آلهتنا صادرين عن قولك وضمن يبخل معنى يرغب وأفضلت معنى انفردت قال بعض شيوخنا قال أبو حيان ووقوعها بمعنى بعد لتقارب معنى البعدية والمجاوزة لأن الشيء إذا جاء بعد الشيء فقد عدا وقته وجاوزه قال أبو حيان قال بعض شيوخنا وينبغي على قولهم أنها بمعنى بعد أن تكون حينئذ ظرفا قال ولا أعلم أحدا قال إنها اسم إلا إذا دخل عليها حرف الجر و بمعنى في أي الظرفية كقوله: –

( وآس سرَاةَ الحَيِّ حيث لَقِيتَهُمْ ** ولا تَكْ عَنْ حَمْل الرِّباعة وانيا )

أي ( في ) كقوله تعالى  ( ولا تنيا في ذكري )   طه : 42  ورد بأن تعدية ( وني ) ب ( عن ) معروف وفرق بين وني عنه ووني فيه بأن معنى الأول جاوزه ولم يدخل فيه والثاني دخل فيه وفتر زاد ابن مالك والبدل نحو قوله تعالى  ( لا تجزي نفس عن نفس شيئا )   البقرة : 48  وحديث الصحيحين 
( صومي عن أمك ) وزاد ابن هشام في المغنى و معنى من نحو  ( يقبل التوبة عن عباده )   الشورى : 25   ( نتقبل عنهم أحسن ما عملوا )   الأحقاف : 16  بدليل ( ^ فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا )  المائدة : 27  الآية ( و ) بمعنى ( الباء ) وفرق بينه وبين الاستعانة ومثله بالآية السابقة ومثل الاستعانة بنحو رميت عن القوس لأنهم يقولون ( رميت بالقوس ) حكاه الفراء وزيادتها ضرورة كقوله :

ص444

( فأصْبَحْنَ لا يَسْألْنَهُ عَنْ بما به ** )

( خلافا لأبي عبيد ) حيث أجزها في الاختيار واستدل بقوله تعالى :  ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره )   النور : 63  أي أمره

في

في للظرفية مكانا وزمانا وقد اجتمعا في قوله تعالى :  (غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ) الروم : 2 ، 3 ، 4  حقيقة كالآية ( ومجازا ) نحو:  ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون )   البقرة: 179   ( لقد كان في يوسف وإخوته آيات ) يوسف : 7  قال الكوفية وابن قتيبة وابن مالك ومعنى الباء نحو :  ( يذرؤكم فيه )   الشورى : 11  أي بسببه: –

( بَصِيرُون في طَعْن الأبَاهر والكُلَي ** )

أي بطعن ( و ) بمعنى ( علي ) نحو  ( ولأصلبنكم في جذوع النخل )   طه : 71  أي عليها ( و ) بمعنى ( مع ) أي المصاحبة نحو  ( ادخلوا في أمم )

ص445

الأعراف : 38  أي معهم  ( فخرج على قومه في زينته )   القصص : 79  ( و ) بمعنى ( من ) كقوله : 1095 - ( وهل يَعِمَنْ مَنْ كان أحدثُ عصره ** ثلاثينَ شَهْراً في ثلاثَةِ أحْوال ) أي منها ( و ) بمعنى ( إلى ) نحو  ( فردوا أيديهم في أفواههم )   إبراهيم : 9  أي إليها زاد ابن مالك والتعليل كحديث : 
( إن امرأة دخلت النار في هرة حبستها ) 
( في النفس مائة من الإبل ) 
( الحب في الله والبغض في الله من الإيمان ) بدليل الحديث الآخر : 
( أن تحب لله وتبغض لله ) والمقايسة وهي الداخلة بين مفضول سابق وفاضل لاحق نحو  ( فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل )   التوبة : 38  وقول الخضر لموسى 
( ما علمي وعلمك في علم الله إلا كما غمس هذا الطائر بمنقاره من البحر ) والبصريون قالوا لا تكون إلا للظرفية وما لا تظهر فيه حقيقة فهي مجازية وهل تزاد أقوال أحدها نعم في الاختيار وغيره نحو  (وقال اركبوا فيها بسم الله )   هود : 41  ثانيها لا ولا في الضرورة ثالثها وهو رأي الفارسي تزاد ضرورة لا اختيارا كقوله :

ص446

 ( أنا أبو سَعْدٍ إذَا الليلُ دَجَا ** يُخَالُ في سَوَادِه يَرَنْدَجَا )

أي يخال سواده

الكاف

الكاف للتشبيه نحو زيد كالأسد والتعليل أثبته قوم قال ابن هشام وهو الحق سواء جردت نحو  ( ويكأنه لا يفلح الكافرون )   القصص : 82  أي أعجب لأنه لا يفلح الكافرون أو وصلت بما المصدرية نحو  ( واذكروه كما هداكم )   البقرة : 198  ونفاه الأكثرون وثالثها تفيده إن كفت بما كحكاية سيبويه ( كما أنه لا يعلم فيتجاوز الله عنه واختاره ابن مالك قال الكوفية والأخفش والاستعلاء وحكوا أن بعضهم قيل له كيف أصبحت فقال كخير أي على خير وكن كما أنت أي على ما أنت عليه وغيرهم قال هي للتشبيه على حذف مضاف أي كصاحب خير وعلى أن ( ما ) موصولة أي كالذي هو أنت ( و ) قال السيرافي وابن الخباز في النهاية والمبادرة إذا اتصلت ب ( ما ) نحو صل كما يدخل الوقت وسلم كما تدخل قال ابن هشام وهو غريب جدا

ص447

وتزاد توكيدا قال في التسهيل إن أمن اللبس نحو ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )  الشورى : 11  أي ليس مثله شيء وإلا لزم إثبات المثل وهو محال وبعضهم قال الزائد لفظ المثل والأول أولى بل القول بزيادة الاسم لم يثبت وجرها المضمر ضرورة كقوله : –

( وإن يكُ إنْساً ما كها الإنْسُ تَفْعل ** )

أي ما مثلها وقوله : –

( فلا تري بَعْلاً ولا حلائِلا ** كَهُ ولا كَهُنَّ إلاّ حاظِلا )

وعبارة التسهيل ودخولها على ضمير الغائب المجرور قليل قال أبو حيان ومعنى كلامه يفهم جوازه على قلته واختصاصه بالغائب والمجرور وأصحابنا خصوه وأطلقوا المضمر وأنشدوا في دخولها على ضمير المتكلم وحركتها حينئذ الكسر :–

( وإذا الحرْبُ شَمّرَتْ لم تكن كِي ** حين تدعو الكُمَاةُ فيها نَزَال )

وحكوا فيه وفي المخاطب عن الحسن أنا كك وأنت كي وفي المرفوع : –

( قلت إني كأنت ثُمّة لمّا ** )

ص448

وفي المنصوب :-

( فأحْسِنُ وأجمل في أسيرك إنه ** ضعيفٌ ولم يأسِر كإيّاك آسِرُ )

وحكوا أنت كأنا وكهو انتهى فلذا عبرت بما تقدم وإنما لم تجره اختيارا استغناء عنها بمثل وشبهه كما استغنوا فيه ب ( إلى ) عن ( حتى ) نص عليه سيبويه وتقع اسما مرادفة لمثل جارة أيضا ثم قال سيبويه والمحققون لا تقع كذلك إلا ضرورة وحينئذ فتجر بالحرف كقوله : –

( يَضْحكْنَ عَنْ كَالْبَرَدِ المُنْهَمِّ ** )

( بكا للَّقَوْةِ الشّغْواء جُلْتُ فلم أكُنْ ** )

 وبالإضافة كقوله : –

( تَيّمَ القلْبَ حُبُّ كَالْبَدْر لا بَلْ ** فاق حُسْنًا مَنْ تَيَّمَ الْقَلبَ حُبّا )

وتقع فاعلة كقوله : -

ص449

( هَلْ تنتهون ولَنْ يَنْهَى ذَوي شَطَطٍ ** كالطَّعْن يذهبُ فيه الزَّيتُ والفُتُل )

 ومبتدأ كقوله : – (بنا كالجَوَى مما نَخافُ وقَدْ نَري ** شِفَاء القلوب الصاّدياتِ الحوَائِم )

واسم ( كان ) كقوله :-

( لو كان في قلبي كقدر قلامة ** فضلا لغيرك ما أتتك رسالتي )

( لا يبرمون إذا ما الأفْقُ جَلّله ** برْدُ الشتاء من الإمحال كالأدَم )

وذلك في الشعر كثير جدا ولم يرد في النثر فاختص به ( و ) قال أبو الحسن ( الأخفش ) وأبو علي (الفارسي ) تقع كذلك اختيارا كثيرا نظرا إلى كثرة السماع وعلى هذا يجوز في زيد كالأسد أن تكون الكاف في موضع رفع والأسد مخفوضا بالإضافة وعلى ذلك كثير من المعربين منهم الزمخشري قال ابن هشام ولو صح ذلك لسمع في الكلام مثل مررت بكالأسد

ص450

و قال أبو حيان تقع اختيارا قليلا قال لأنه تصرف فيها بكثرة ورودها فاعلة اسم كان ومفعولة ومبتدأة ومجرورة بحرف وإضافة وهكذا شأن الأسماء المتصرفة يتقلب عليها وجود الإسناد والإعراب و قال أبو جعفر بن مضاء هي اسم أبدا لأنها بمعنى مثل وما هو بمعنى اسم فهو اسم ورده الأكثرون بمجيئها على حرف واحد ولا يكون على ذلك من الأسماء الظاهرة إلا محذوف منه أو شاذ وبورود زيادتها ولا تزاد إلا الحروف و قال قوم هي اسم إذا زيدت ورد بأن زيادة الاسم لم تثبت

كي

كي لتعليل وتختص بما الاستفهامية وأن وما المصدريتين فلا تجر غيرها كقولهم من السؤال عن العلة كيمه وقولك جئت كي تكرمني وقوله 1109 - ( يُرَجّى الفَتى كيما يَضُرّ وينفع ** ) وقد تقدم في نواصب المضارع أن الكوفية أنكروا كونها جارة مع دليله ورده

اللام

اللام للملك نحو ( لله ما في السماوات وما في الأرض ) الصف : 1  والاختصاص نحو ( إن له أبا ) يوسف : 78 ( فإن كان له إخوة )   النساء : 11  الجنة للمؤمنين والسرج للفرس وهذا الشعر لفلان والاستحقاق وهي الواقعة بين معنى وذات نحو ( الحمد لله )  ( ويل للمطففين )   المطففين : 1  و  ( لهم في الدنيا خزي )   المائدة : 41  قال ابن هشام وبعضهم يستغني بالاختصاص عن ذكر الملك والاستحقاق ويمثله بالأمثلة المذكورة ويرجحه أن فيه تقليلا للاشتراك وفرق بعضهم بين الاستحقاق والاختصاص بأن الأول أخص إذ هو شهدت به العادة وقد يختص الشيء بالشيء من غير شهادة عادة إذ ليس من لازم البشر أن يكون له ولد

ص451

والتمليك نحو وهبت لزيد دينارا أو شبهه نحو  ( جعل لكم من أنفسكم أزواجا )   النحل : 72  والنسب نحو لزيد عم هو لعمرو خال والتبليغ وهي الجارة لاسم السامع لقول أو ما في معناه نحو قلت له وأذنت له وفسرت له والتبيين وهي أقسام ما يبين المفعول من الفاعل بأن يقع بعد فع تعجب أو اسم تفضيل من حب أو بغض تقول ما أجبني وما أبغضني فإن قلت لفلان فأنت فاعل الحب والبغض وهو مفعول لهما فإن قلت إلى فلان فالأمر بالعكس ذكره ابن مالك قال ابن هشام وليكن ذلك أيضا في معنى إلي وما يبين فاعليه غير ملتبسة بمفعولية أو مفعولية غير ملتبسة بفاعلية ومصحوب كل منهما إما غير معلوم مما قبلها أو معلوم ولكن استؤنف بيانه تقوية للبيان وتوكيدا له واللام في ذلك متعلقة بمحذوف فالأول نحو تبا لزيد وريحا له والثاني نحو سقيا وجدعا له والتعجب إما مع القسم وهي الداخلة على اسم الله تعالى نحو: –

( للهِ يبقى على الأيّام ذو حِيَدٍ ** )

أو مجردا عنه وهي المستعملة في النداء نحو: –

( فيا لَكَ من لَيْل كأنَّ نُجُومَهُ ** بكل مغار الفَتْل شُدَّت بيذبل )

ص452

وبمعنى عند نحو كتبته لخمس خلون قال ابن جني ومنه قراءة الجحدري  ( بل كذبوا بالحق لما جاءهم)   ق : 5  بكسر اللام وتخفيف الميم قال الأخفش والصيرورة وتسمي لام العاقبة ولام الملك نحو  ( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا )   القصص : 8  –

( لدوا لِلْمَوْتِ وابْنُوا لِلْخَراب ** )

و قال الكوفيون والتعليل نحو  ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم )   آل عمران : 81  الآية في قراءة حمزة بكسر اللام  ( وإنه لحب الخير لشديد )   العاديات : 8   ( لإيلاف قريش )   قريش : 1  ومعنى إلي نحو  ( بأن ربك أوحى لها )   الزلزلة : 5   ( كل يجري لأجل مسمى )   الرعد : 2  (سمع الله لمن حمده ) أي استمع إليه و بمعنى علي نحو  ( يخرون للأذقان سجدا )   الإسراء : 107   ( وتله للجبين )   الصافات : 103   ( وإن أسأتم فلها )   الإسراء : 7  و ( اشترطي لهم الولاء ) و بمعنى مع كقوله : –

( فلما تفرَّقَنا كأنِّي ومالِكاً ** لِطُول اجْتماع لم نَبتْ لَيْلةً مَعَا )

ص453

و بمعنى من كقول جرير: –

( لنا الْفَضْلُ في الدُّنيا وأَنْفُكَ رَاغِمٌ ** ونَحنُ لكم يَوْمَ القِيامَةِ أَفْضَلُ )

 

وقولك سمعت له صراخا و بمعنى في نحو  ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة )   الأنبياء : 47   (لا يجليها لوقتها )   الأعراف : 187  و بمعنى بعد نحو  ( أقم الصلاة لدلوك الشمس )   الإسراء : 78  
( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ) و قال ابن الحاجب في الكافية و بمعنى عن من القول نحو  ( وقال الذين كفروا للذين آمنوا )   الأحقاف : 11  الآية أي عنهم وليس المعنى أنهم خاطبوا به المؤمنين وإلا لقال ما سبقتمونا إليه قال ابن الصائغ وفيه نظر لجواز أن يكون من باب الحكاية وجعلها ابن مالك وغيره للتعليل وقوم للتبليغ ومن ذلك  ( قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا )   الأعراف : 38   (ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا )   هود : 31 : –

( كضَرائر الْحَسْناء قُلْنَ لِوَجْهها ** حَسَداً وبُغْضاً إنه لَدَمِيمُ )

و قال ابن مالك في ( الخلاصة ) و ( الكافية ) والتعدية ومثل له في شرحها بقوله تعالى  ( فهب لي من لدنك وليا )   مريم : 5  ومثل ابنه بقولك قلت له كذا ولم يذكره في التسهيل ولا شرحه بل فيه أن اللام في الآية لشبه التمليك وفي المثال للتبليغ قال ابن هشام والأولي عندي أن يمثل للتعدية بنحو

ص454

ما أضرب زيدالعمرو وما أضربه لبكر وقال الرضي الشاطبي لم يذكر أحد من المتقدمين هذا المعنى للام فيما أعلم وأيضا فالتعدية ليست من المعاني التي وضعت الحروف لها وإنما ذلك أمر لفظي مقصوده إيصال الفعل الذي لا يستقل بالوصول بنفسه إلى الاسم فيتعدي إليه بواسطته وهذا القصد يشترك فيه جميع الحروف لأنها وضعت لتوصيل الأفعال إلى الأسماء والتوكيد وهي الزائدة بين المتضايفين نحو لا أبا لزيد ولا أخا له ولا غلام له و : –

( يَا بُوْسَ للْحَرْب ** )

 والأصح أن الجر حينئذ بها لا بالمضاف لأنها أقرب أو الفعل المتعدي ومفعوله كقوله تعالى  ( يكون ردف )   النمل : 72  وقول الشاعر: –

( ومَلَكْتَ ما بَيْن العِراق وَيثْرب ** مُلْكاً أجار لِمُسْلم ومُعَاهد )

والتقوية في مفعول عامل ناصب واحد ضعف بالتأخير نحو  ( للرؤيا تعبرون )   يوسف : 43   ( للذين هم لربهم يرهبون )   الأعراف : 154  وبكونه فرعا في العمل نحو ( فَعَّالٌ لّمَا يُرِيدُ )  هود : 107   ( مصدقا لما معهم )   البقرة 91   ( نزاعة للشوى )   المعارج 16  قال في شرح الكافية ولا يفعل ذلك بمعتد إلى اثنين لأنه إن زيدت فيهما لزم تعدية فعل واحد إلى مفعولين بحرف واحد ولا نظير له أو في أحدهما لزم الترجيح بلا مرجح وإيهام غير المقصود ووافقه أبو حيان قال ابن هشام والأخير ممنوع لأنه إذا تقدم أحدهما دون الآخر وزيدت اللام في المقدم لم يلزم ذلك وقد قال الفارسي في قوله

ص455

تعالى  ( ولكل وجهة هو موليها )   البقرة : 148  بإضافة كل إنه من هذا والمعنى الله مول كل ذي وجهة وجهته وقالوا في قوله: –

( هذا سُراقة للقرآن يَدْرسُهُ ** )

إن الهاء مفعول مطلق لا ضمير القرآن وقد دخلت اللام في أحد المفعولين المقدم بل ودخلت في أحد المتأخرين في قول ليلى:–

( أحجّاجُ لا تُعْطِ العُصاةَ مناهُمُ ** ولا اللهُ يُعْطِي للعُصاة مُناها )

قال لكنه شاذ لقوة العامل انتهى والأشهر كسرها أي لام الجر مع كل ظاهر إلا المستغاث كما سبق إلا مع المضمر فالأشهر فتحها غير الياء ومقابل الأشهر أن بعض العرب يفتحها مع الظاهر مطلقا فتقول المال لزيد وبعضهم إذا دخلت على الفعل وقرئ  ( وما كان الله ليعذبهم )   الأنفال : 33  وخزاعة تكسرها مع المضمر وإنما كسرت هي والباء وإن كان الأصل في الحرف الواحد بناؤه على الفتح تخفيفا لموافقة معمولها ولم تكسر الكاف لأنها تكون اسما أيضا فكان جرها ليس بالأصالة ولئلا تلبس بلام الابتداء ونحوها وبقيت في المضمر على الأصل لأنه يتميز ضمير الجر من غيره ولم يعول في الظاهر على الفرق بالإعراب لعدم اطراده إذ قد يكون مبنيا وموقوفا عليه

ص456

لعل

لعل والجر بها لغة عقيلية حكاها أبو زيد والأخفش والفراء قال شاعرهم:  –

( لعلَّ أبي المِغْوار منك قَريبُ ** )

 وقد أنكرها قوم منهم الفارسي وتأول البيت على أن الأصل لعله لأبي المغوار جواب قريب فحذف موصوف ( قريب ) وضمير الشأن ولام لعل الثانية تخفيفا وأدغم الأولي في لام الجر ومن ثم كانت مكسورة ومن فتح فهو على لغة المال لزيد وهذا تكلف كثير مردود بنقل الأئمة وفيها حينئذ أي إذا جرت فتح الآخر وكسره كما ذكر مع حذف الأول ودونه أي عل ولعل وحكم محلها ومجرورها كرب فالأصح أنها تتعلق بالعامل وقيل لا تنزيلا لها منزلة الزائد وأن محل مجرورها على حسب ما بعدها ففي البيت المذكور محله رفع بالابتداء وقريب خبره لعا بمعنى لعل نقل الفراء و ابن الأنباري الجر بها قال الفراء وفي خبرها الرفع والنصب

ص457

لولا

لولا الامتناعية إذا تلاها ضمير جر نحو لولاي ولولاك ولولاه قال: –

( وكَمْ مَوْطِن لَوْلايَ طِحْتَ كما هَوى ** )

وقال: -

( لَوْلاك في ذا العام لم أَجْجُج ** )

وقال: -

( لَوْلاكُمُ ساغَ لَحْمي عِنْدها ودمي ** )

وقال: -

(ولَوْلاَهُ ما قَلّتْ لديَّ الدّراهِمُ ** )

ص458

وقال -

( فلولاهُمُ لَكُنْتُ كحُوتِ بَحْر ** )

فقال سيبويه والجمهور موضعه جر بها واختصت به كما اختصت ( حتى ) و ( الكاف ) بالظاهر قالوا ولا جائز أن يكون مرفوعا لأنها ليست ضمائر رفع ولا منصوبا وإلا لجاز وصلها بنون الوقاية مع ياء المتكلم كالياء المتصلة بالحروف ولأنه كان حقها أن تجر الاسم مطلقا لكن منع من ذلك شبهها بما اختص بالفعل من أدوات الشرط في ربط جملة بجملة فأرادوا التنبيه على موجب العم فجروا بها المضمر و قال الأخفش والكوفية موضعه رفع على الابتداء إنابة لضمير الجر عن ضمير الرفع كما عكسوا في أنا كأنت وأنت كأنا ولولا غير جاره لأن المضمر فرع الظاهر وهي لا تجر الأصل فكيف تجر الفرع وما قيل من أنها مختصة بالاسم ممنوع وإنما هي داخلة على الجملة الابتدائية و قال المبرد هو لحن ورد باتفاق أئمة البصريين والكوفيين على روايته عن العرب ولا يعطف عليه بالجر بل يتعين الرفع نحو لولاك وزيد لأنها لا تجر الظاهر وخرج بالامتناعية التحضيضية فلا يليها غير الفعل البتة

متى

متى والجر بها لغة لهذيل بمعنى من كقوله

ص459

( شَربْنَ بماء البَحْر ثم تَرَفّعَت ** متى لُجَج خَضْر لَهُنَّ نَئِيجُ )

وتأتي بمعنى وسط حكي وضعته متى كمي أي وسطه وإذا كانت بمعنى ( وسط ) فهي اسم أو ( من ) فحرف جزم به ابن هشام وغيره

من

من مبنية على السكون مكسورة الأول قال ابن درستويه وكان حقه الفتح لكن قصد الفرق بينها وبين من الاسمية قال الكسائي والفراء أصلها منا فحذفت الألف لكثرة الاستعمال واستدلا بقوله:-

( بذلنا مازنَ الخَطّى فِيهمْ ** وكُلَّ مُهنّدٍ ذكَر حُسام )

( مِنَا إن ذرَّ قرْنُ الشّمس حتى ** أغاب شريدَهُمْ قترُ الظّلام )

قال فرد ( من ) إلى أصلها لما احتاج إلى ذلك فعلي هذا هي ثلاثية والجمهور أنها ثنائية وأولوا البيت على أن ( منا ) مصدر مني يمني إذا قدر استعمل ظرفا كخفوق النجم أي تقدير إن ذر قرن الشمس وموازنته إلى أن غربت و قال ابن مالك هو لغة لبعض العرب و قال أبو حيان ضرورة لابتداء الغاية مطلقا أي مكانا وزمانا وغيرهما نحو  ( من المسجد الحرام )   الإسراء:1   ( أسس على التقوى من أول يوم )   التوبة : 108

ص460

( مطرنا من الجمعة إلى الجمعة )  ( خلقناكم من تراب ثم من نطفة )   الحج : 5  الآية : ( من محمد رسول الله إلى هرقل ) وخصها البصرية إلا الأخفش والمبرد وابن درستويه بالمكان وأنكروا ورودها للزمان قال ابن مالك وغير مذهبهم هو الصحيح لصحة السماع بذلك وكذا قال أبو حيان لكثرة ذلك في كلام العرب نظما ونثرا وتأويل ما كثر وجوده ليس بجيد وقال الرضي المقصود من معنى الابتداء في ( من ) أن يكون الفعل المعدي بها شيئا ممتدا كالسير والمشي ويكون المجرور بمن الشيء الذي منه ابتدأ ذلك الفعل نحو سرت من البصرة أو يكون الفعل أصلا للشيء الممتد نحو تبرأت من فلان وخرجت من الدار لأن الخروج ليس ممتدا لحصوله ب الانفصال ولو بأقل خطوة وليس ( التأسيس ) في الآية حدثا ممتدا ولا أصلا له بل هو حدث واقع فيما بعد ( من ) فهي بمعنى ( في ) ثم قال والظاهر مذهب الكوفيين إذ لا منع من قولك نمت من أول الليل إلى آخره وهو كثير الاستعمال قال وضابطها أن يحسن في مقابلتها ( إلى ) أو ما يفيد فائدتها نحو أعوذ بالله منك إذ المعنى ألتجئ إليه فالباء أفادت معنى الانتهاء والتبعيض وهي التي تسد ( بعض ) مسدها نحو  ( منهم من كلم الله )   البقرة : 253  وقرأ ابن مسعود ( حَتَّى تُنفِقُوا بَعَض مِا تُحِبُّونَ )  آل عمران : 92  والتبيين للجنس وكثيرا بعد ( ما ) و ( مهما ) وهما بها أولي

ص461

لإفراط إبهامها نحو  ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك )   فاطر : 2   ( ما ننسخ من آية أو ننسها )   البقرة : 106   ( مهما تأتنا به من آية )   الأعراف : 132  ومن وقوعها بعد غيرهما  (ويلبسون ثيابا خضرا من سندس )   الكهف : 31   (فاجتنبوا الرجس من الأوثان ) الحج : 30  وأنكرهما طائفة فمن أنكر التبعيض المبرد والأخفش الصغير وابن السراج والجرجاني والزمخشري وقالوا هي للابتداء وأنكر الثاني أكثر المغاربة وقالوا في الآية هي للتبعيض وفي الثانية للابتداء والمعني فاجتنبوا من الرجس والأوثان وهو عبادتها وكذا قال الزمخشري قال الرضي وهو بعيد لأن الأوثان نفس الرجس فلا تكون مبدأ له قال ابن مالك وللتعليل نحو ( مِّمَّا خَطِايَاهِمْ أُغْرِقُوا )  نوح : 25  والبدل وهي التي يصلح محلها لفظ بدل نحو  (أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة )   التوبة : 38   ( لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون )   الزخرف : 60  
( ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) أي بدلك والفصل وهي الداخلة على ثاني المتضايقين نحو  (حتى يميز الخبيث من الطيب )   آل عمران : 179  ورد بأن الفصل مستفاد من العامل وهو العلم وماز وأن الظاهر كونها للابتداء أو المجاوزة وبمعنى عن نحو  ( قد كنا في غفلة من هذا )   الأنبياء : 97   (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله)   الزمر : 22  و بمعنى علي نحو  (ونصرناه من القوم )   الأنبياء : 77  و بمعنى الباء نحو  ( ينظرون من طرف خفي)   الشورى : 45

ص462

 ( و ) قال ( الكوفية و ) بمعنى ( في ) نحو  ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة )   الجمعة : 9  (و) بمعنى ( إلى ) نحو رأيته من ذلك الموضع فجعلته غاية لرؤيتك أي محلا للابتداء والانتهاء وقربت منه أي إليه ( قيل و ) بمعنى ( عند ) قال أبو عبيدة نحو  ( لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا )   آل عمران : 10  قيل ( و ) بمعني ( ربما ) إذا اتصلت مع ( ما ) قاله السيرافي وابن خروف وابن طاهر والأعلم كقوله : –

( وإنّا لِمِمّا نَضْرب الكَبْشَ ضَرْبةً ** على رأسه تُلْقى اللسان من الفَم )

والأكثرون قالوا إنها في الأمثلة كلها ابتدائية ( تنبيه ) علم مما حكي عن البصريين في هذه الأحرف من الاقتصار على بمعنى واحد لكل حرف أن مذهبهم أن أحرف الجر لا ينوب بعضها عن بعض بقياس كما أن أحرف الجزم كذلك وما أوهم ذلك فإما مؤول تأويلا يقبله اللفظ أو على تضمين الفعل معنى فعل يتعدي بذلك الحرف أو على النيابة شذوذا والأخير محمل الباب كله عند غيرهم بلا شذوذ وهو أقل تعسفا ( وتزاد ) للتنصيص على العموم من نكرة لا تختص بالنفي نحو ما جاءني من رجل وللتوكيد قال الأخفش من البصرية والكسائي وهشام من الكوفية مطلقا أي في النفي والإيجاب والنكرة والمعرفة واختاره في التسهيل وشرحه قال لصحة السماع بذلك كقوله تعالى :  ( يغفر لكم من ذنوبكم )   الأحقاف : 31 ( ولقد جاءك من نبإ المرسلين )   الأنعام : 34  وحديث : 
( إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون ) وقول الشاعر :

ص463

 ( وكنْتُ أري كَالْمَوْت مِنْ بين ساعةٍ ** فيكف ببَيْن كان موعِدَهُ الحشْرُ )

 أي وكنت أري بين ساعة كالموت وقوله : –

( ويكثرُ فيهِ مِنْ حَنين الأباعِر ** )

 ( و ) قال بعضهم أي الكوفية في نكرة منفية كانت أم موجبة سمع ( قد كان من مطر ) ( و ) قال قوم منهم الفارسي في نكرة شرط كقوله : 1131 -

( ومَهْما تَكُنْ عند امْرئ من خَلِيقة ** وإنْ خَالها تَخْفى على النّاس تُعْلم )

( و ) قال الجمهور في نكرة ذات نفي بأي حرف كان من حروفه أو نهي نحو: (ما لكم من إله غيره ) الأعراف : 59 ، 65 ، 73 ( وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ) الأنعام : 59 لا تضرب من أحد أو استفهام بهل نحو  ( هل ترى من فطور) الملك : 3  ولا غيرها من سائر الأدوات كيف ونحوها إذ لم تحفظ قاله أبو حيان قال أبو حيان في الارتشاف ( وفي ) إلحاق الهمزة بهل ولا نظر أحفظه من كلام العرب وظاهر كلام شيخه الرضي الشاطبي الإلحاق لأنه قال لا تدخل من مع كل أداة استفهام كأين ومتى مع هل وما يقوم مقامها من استدعاء الجواب بالنفي ثم الجمهور أولو ما استدل به الأولون بأن

ص464

التقدير بعض ذنوبكم ولقد جاءك من نبأ نبأ فحذف الموصوف أو هون أي جاء من الخبر كائنا من نبأ أو القرآن وما بعده حال وقد كان هو أي كائن من جنس المطر أو قصد به الحكاية كأنه سئل هل كان من مطر فأجيب على نمطه وأنه من أشد الناس أي الشأن وقس عليه ( تنبيه ) شرط ابن هشام في المغني أن تكون المزيدة فيه أيضا فاعلا أو مفعولا به أو مبتدأ كما مثلت قال وأهمل أكثرهم هذا الشرط فيلزمهم زيادتها في الخبر والتمييز والحال المنفيات وهم لا يجيزون ذلك انتهى وقد سبقه إلى معناه الرضي الشاطبي نقلا عن ابن أبي الربيع وغيره وتفيد إذا زيدت في الحالة المذكورة توكيدا وقال علي بن سليمان الأخفش الصغير ابتداء للغاية قال كأنه ابتدأ النفي من هذا النوع ثم عرض أن يقتصر به عليه وتنفرد من ( بجر بله ) كحديث البخاري: 
( عن أبي هريرة يقول الله أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ذخرا من بله ما اطلعتم علي ) والمعروف نصبه أو فتحه كما تقدم على أن في بعض طرق الحديث ( من بله ) بفتح الهاء مبنية ( وجر عند ) نحو (  ( رحمة من عندنا )   الكهف : 65  قال الحريري وغيره وقول العامة ذهبت إلى عنده وقول بعض المريدين :
( كل عندٍ لك عندي ** لا يساوي نِصْفَ عندي )
لحن

ص465

( و ) يجر ( مع ) قرئ  ( هذا ذكر من معي )   الأنبياء : 24  وحكي سيبيوه ذهبت من معه ( و ) يجر لدن نحو  ( وحنانا من لدنا )   مريم : 13  ( و ) يجر قبل وبعد نحو  ( لله الأمر من قبل ومن بعد )   الروم : 4  ( و ) يجر ( عن وعلى ) كقوله :

( مِنْ عن يميني مرّةً وأمامي ** )

وقوله :  

( مِنْ عليه بَعدما تَمَّ ظِمْؤُها ** )

 وهما اسمان حينئذ بمعني جانب وفوق مبنيان على الأصح وبه جزم ابن الحاجب قال لحصول مقتضى البناء وهو مشابهة الحرف في لفظه وأصل معناه ونقل أبو حيان عن بعض أشياخه أنهما معربان ولا ينافي في رجحته هنا ما سبق ترجيحه من إعرابها على القول باسميتها لعدم العلة هناك إذ لا حرف حينئذ بمعناها تشبه به ولذا حكي بعضهم الاتفاق على إعرابها حينئذ مع حكاية الخلاف هنا وقال الكوفية حرفان بقيا على حرفيتهما قالوا أيضا وتدخل من ( على كل ) حرف ( جار إلا من واللام والباء وفي وسمع جر عن بلعى ) في بيت واحد وهو قوله :

ص466

 ( على عن يميني مرَّت الطّيرُ سُنّحاً ** )

والأصح أنها أي من ( في قبل وبعد ) ابتدائية وهو قول الجمهور واستشكل بأنها لا ترد عندهم للزمان وأجيب بأنهما غير متأصلين في الظرفية وإنما هما في الأصل صفتان للزمان إذ أصل جئت قبلك جئت زمانا قبل زمن مجيئك فجعل ذلك فيهما وقال ابن مالك وجماعة هي فيهما زائدة بناء على ما اختاره من زيادتها في الإيجاب ( و ) الأصح أنها ( في فعل ) التفضيل ابتدائية وهو قول سيبويه ففي نحو زيد أفضل من عمرو لابتداء الارتفاع وشر منه لابتداء الانحطاط إذ لا يقع بعدها ( إلى ) وقال ابن مالك وابن ولاد للمجاوزة وكأنه قيل جاوز زيد عمرا في الفضل أو الشر أي ابتداء التفضيل منه قال ابن هشام ولو صح ذلك لوقع موضعها ( عن ) قال الزمخشري في الكشاف والطيبي في حاشيته وترد من اسما مفعولا كقوله تعالى :  ( فأخرج به من الثمرات رزقا لكم )   البقرة : 22  أعرب من مفعولا لأخرج ورزقا مفعولا لأجله قال وكذا حيث كانت للتبعيض فهي في موضع المفعول به قال الطيبي وإذا قدرت (من ) مفعولا كانت اسما ك ( عن ) في قوله من عن يمينه

ص467

( تنبيه ) ترد ( إلى ) أيضا اسما بمعنى النعمة وجمعه الآلاء و ( في ) اسما بمعنى ( الفم ) مجرورا و ( كي ) اسما مختصرا من ( كيف ) كما قيل في سوف سو ومتى اسما بمعنى وسط كما تقدم ومرت أحرف في مبحث الاستثناء وهي بيد وحاشا وخلا وعدا وبله ( و ) في الظروف وهي مذ ومنذ ومع على خلف وتفصيل فأغني عن إعادتها هنا

مسالة

 لا يحذف الجار ويبقى عمله اختيارا وإن وقع فضرورة كقوله : -

(إذا قيل أيُّ النّاس شَرّ قبيلة ** أشَارَتْ كُلَيْبٍ بالأكُفِّ الأصابعْ )

 وقوله : -

( وكريمةٍ مِنْ آل قَيس أَلَفْتُه ** حتى تَبذَّخ فارْتقى الأعلام )

 أي إلى كليب وفي الأعلام أو نادر لا يقاس علي كحديث البخاري : 
( صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وسوقه خمس وعشرين ضعفا ) أي بخمس ( إلا مع كم ) كما تقدم في مبحث التمييز ( أو رب بعد ) الفاء و ( الواو العاطفة كثيرا ) جدا حتى قال أبو حيان لا يحتاج إلى مثال فإن دواوين العرب ملأى منه والتأويل قليل : كقوله :

ص468

( فمثِلكِ حبلى قد طرقْتُ ومرضع ** )

( بَلْ بَلَدٍ مِلْءُ الفِجاج قَتَمُهْ )

( وقيل الجر بالثلاثة )

أي الواو والفاء وبل أما الأول فقاله المبرد والكوفية قالوا ولا تنكر أن يكون للحرف الواحد معان ويدل لذلك مجيئها في أول القصائد كقول رؤبة : –

( وقاتِم الأعْمَاق خَاوي المُخْتَرَقَنْ ** )

 فليست عاطفة ورد بأنها لو كانت بمنزلة ( رب ) وليست عاطفة لدخل عليها واو العطف كما يدخل على رب ولا يقال كرهوا اتفاق اللفظين لأنهم

ص469

أدخلوها على واو القسم وأما الابتداء بها في القصائد لإمكان عطفه على ما في خاطره مما يناسب ما عطف عليه بدليل قول زهير أول قصيدة : –

( دع ذا وعدّ الْقَوْل في هَرم ** )

فأشار ب ( ذا ) إلى ما في نفسه وأما حكاية الخلاف في التأويل فقد وقع في المغني لابن هشام نقلا عن المبرد في ( الفاء ) وعن بعضهم في ( بل ) وفي الارتشاف نقلا عن بعضهم فيهما لكن ابن مالك وابن عصفور وغيرهما قالوا لا خلاف في أن الجر فيهما برب محذوفة لا بهما وأقره أبو حيان في شرح التسهيل وادعى الرضي أن الجر برب محذوفة بعد الثلاثة خاص بالشعر ( قيل ) وتجر رب محذوفة بعد ( ثم ) أيضا نقله أبو حيان عن صاحب الكافي قال وسبب ذلك أن هذه الأحرف من حروف العطف جامعة في المعنى واللفظ وما عداها إنما يجمع في اللفظ ( و ) الجر بها محذوفة ( دونها ) أي دون الحروف المذكورة ( أقل ) كقوله : –

( رسم دار وقَفْتُ في طَلَلِهْ ** كِدْتُ أقضِي الحياةَ من جَلَلِهْ )

قال ابن مالك أو غيرها أي غير رب قد تجر محذوفا في جواب ما يضمر مثله كزيد في جواب من قال بمن مررت وبل زيد لمن قال ما مررت بأحد ومنه حديث 
( أقربهم منك بابا ) لمن قال ( فإلى أيهما أهدي ) أو في معطوف عليه أي على ما تضمنه بحرف متصل نحو في الدار زيد والقصر عمرو أي وفي القصر ومنه  ( وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون واختلاف الليل والنهار )   الجاثية : 4، 5  الآية أو منفصلا بلا كقوله :

ص470

 ( مَا لِمُحبِّ جَلَدٌ أنْ يَهْجُرَا ** ولا حَبيبٍ رَأفَةٌ فَيَجْبُرا )

( أو لو ) كقوله : –

( متى عُذْتُمُ بنا ولو فئةٍ مِنّا ** )

 وإن كان المعتاد في مثل هذا النصب كقولهم آتني بدابة ولو حمارا ( أو ) في مقرون بعده أي بعد ما تضمنته بالهمزة نحو أزيد بن عمرو في جواب مررت بزيد ( أو هلا ) نحو هلا دينار في جواب جئت بدرهم حكاهما الأخفش أو إذا والفاء الجزائيتين نحو مررت برجل صالح إلا صالح فطالح حكاه يونس أي إلا أمر بصالح فقد مررت بطالح وفي الصحيح ( من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث وإن أربعة فخامس أو سادس ) قال في التسهيل ويقاس على جميعها خلافا للفراء في الصورة الأولى لقول العرب خير بالجر لمن قال كيف أصبحت بحذف الباء وبقاء عملها لأن معنى كيف بأي حال فجعلوا معنى الحرف دليلا فلو لفظ به لكانت الدلالة أقوى وجواز الجر أولي قال أبو حيان وينبغي أن يثبت في جواز هذه الصور لأن أصحابنا نصوا على أنه لا يجوز حذف الجار وإبقاء عمله إلا إذا عوض منه وذلك في باب كم والقسم وجعلوا قول العرب ( خير ) من الشاذ الذي لا يقاس عليه وقد صرح صاحب البسيط بوجوب إعادة الجار بعد الهمزة فيقال أبزيد في جواب مررت بزيد انتهى

ص471

وقال سيبويه أو الباء ( تنبيه ) قالت العرب ( لاه أبوك ) يريدون لله أبوك قال سيبويه حذف لام الجر وأل وهو شاذ لا يقاس عليه ثم قالوا لهي أبوك قلبوا وأبدلوا من الألف ياء وهو مبني لتضمنه معنى لام الجر المحذوفة كما بني أمس لتضمنه معنى لام التعريف على الفتح لخفته على الياء وقال ابن ولاد بل أصله إله أبوك حذفت الهمزة ثم قالوا لهي بالقلب تشبيها للألف الزائدة بالأصلية وقال المبرد المحذوفة لام التعريف ولام الأصل والباقية لام الجر قال لأن حرف الجر لمعني وعلة وحذفه وإبقاء عمله شاذ فالحكم بحذف غيره أولى أما لام التعريف فواضح إذ لا معنى لها هنا لصيرورة الكلمة علما فلم يفتقر إليها وأما لام الأصل فقد عهد حذف بعض الأصول تخفيفا ك ( يد ) و ( دم )

فصل الجار من المجرور وتأخيره عنه

 ( وفصله ) أي الجار ( من مجروره وتأخيره عنه ) كلاهما ضرورة أما الأول فيكون بظرف كقوله : –

( إنَّ عَمْرًا لا خَيْر في الْيَوْمَ عَمْرٍ و ** )

 وبجار ومجرور كقوله : –

( رُبَّ في الناس مُوسِر كعديم ** وعديم يخال ذا أَيْسَار )

 ومفعول كقوله :

ص472

( وأقطع بالخرْقَ الهَبُوع المُراجم ** )

أي وأقطع الخرق بالهبوع وسمع في النثر بقسم حكي الكسائي اشتريته بوالله درهم وقاسه تلميذه علي بن المبارك الأحمر في رب نحو رب والله رجل عالم لقيته قال أبو حيان ولا يبعد ذلك إلا أن الاحتياط ألا يقدم عليه إلا بسماع وأما الثاني . . . وقيل يجوز فصل رب بقسم قاله علي بن المبارك الأحمر نحو رب والله رجل صالح صحبته والأصح المنع

اتصال ما بحرف الجر

مسألة في اتصال ( ما ) بحرف الجر تزاد ( ما ) بعد ( عن ) فلا تكف أصلا كقوله تعالى :  ( عما قليل ليصبحن نادمين )   المؤمنون : 40  وقول الشاعر : -

( وأَعْلَمُ أنني عمّا قريبٍ ** )

( و ) بعد الياء ومن فيكفان بقلة ويليهما حينئذ الفعل كقوله :

ص473

( فَلَئِنْ صِرْتَ لا تَحِيرُ جَواباً ** لَبَما قد تَرَى وأنت خَطِيبُ )

وقوله : –

( وإِنَّا لَمِمّا نَضْرب الكبْشَ ضَرْبةً ** )

والأكثر عدم الكف قال تعالى :  ( فبما رحمة من الله )   آل عمران : 159   ( فبما نقضهم ميثاقهم )   النساء : 155   ( مما خطيئاتهم أغرقوا )   نوح : 25  ومسألة كف من بقلة ذكرها ابن هشام في المغني ولم يذكر ذلك ابن مالك في التسهيل ولا أبو حيان بل سويا بينهما وبين ( عن ) نعم في ( سبك المنظوم ) لابن مالك وتقترن ما بالباء والكاف فتكفهن وتفيدان مع ما تقليلا كربما ذكره ابن مالك في التسهيل في الباء وقال فمعنى لبما قد تري وأنت خطيب ربما اري والسيرافي وغيره في من وجزم به في سبك المنظوم وأنكره أبو حيان أي إفادتهما التقليل حينئذ وقال ما ورد من ذلك مؤول ( و ) تزاد ( ما ) بعد رب فالغالب الكف وإيلاؤها حينئذ الماضي لأن التكثير والتقليل إنما يكون فيما عرف حده والمستقبل مجهول قال : –

( رُبّما أوْفَيتُ في عَلَم ** تَرْفَعَنْ ثَوْبي شَمَالاتُ )

ص474

وقد يليها المضارع نحو  ( ربما يود )   الحجر : 2  وقد يليها الجملة الاسمية نحو : -

( رُبّما الجامل المؤبّل فيهم ** )

وقد لا يكف نحو : -

( رُبّما ضَرْبةٍ بسَيفٍ صقيل ** )

وقيل يتعين بعدها الفعلية إذا كفت قال الفارسي وأول البيت على أن ( ما ) نكرة موصوفة بجملة حذف مبتدؤها أي رب شيء هو الجامل وقد لا يحذف الفعل بعدها كقوله : –

( فذلك إنْ يَلْق المنيّية يَلْقَها ** حميداً وإن يستغن يوماً فربّما )

( و ) قد تلحق التاء بها ولا تكف كقوله : –

( مأويّ يا رُبّتَما غارةٍ ** )

( و ) تزداد ( ما ) بعد ( الكاف فتكف ) غالبا ويليها حينئذ الجمل الاسمية والفعلية كما صرح به في الارتشاف نقلا عن النهاية كقوله :

ص475

( أخ ماجدٌ لم يُخْزني يَوْمَ مَشْهدٍ ** كما سيفُ عَمْرو لم تَخُنْهُ مضاربُهْ )

 وقوله : –

( ألم تَرَ أن البَغْلَ يتبعُ إلْفَه ** كما عامِرٌ واللؤمُ مؤتِلفَان )

وقد لا يكف كقوله : –

( وننصر مولانا ونَعْلَمُ أنّهُ ** كما الناس مَجْرومٌ عليه وجارم )

وقوله : -

( لا تَشْتُم النّاسَ كما لا تُشْتَمُ ** )

وقال أبو حيان لا يكف أصلا وأول الأبيات الواردة في ذلك على أن ( ما ) مصدرية منسبكة من الجملة بعدها بمصدر بناء على جواز وصلها بالاسمية ومحله حينئذ جر

ص476




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.