حكم المستأجَر للحج فاحرم بعمرة عن نفسه ثم أحرم عن المستأجِر بعد فراغه من عمرته. |
502
12:20 صباحاً
التاريخ: 28-4-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-4-2016
618
التاريخ: 28-4-2016
649
التاريخ: 21-4-2016
512
التاريخ: 27-4-2016
632
|
[قال العلامة] ... المواقيت المؤقّتة للإحرام مواضع معيّنة وقّتها رسول الله صلى الله عليه وآله لكلّ إقليم ميقات معيّن (1) ، لا يجوز الإحرام قبلها عند علمائنا إلاّ لناذر على خلاف بين علمائنا فيه. وكذا للمعتمر في شهر رجب إذا خاف تقضيه يجوز له الإحرام للعمرة قبل الميقات.
وأجمعت العامة على جواز الإحرام قبل الميقات (2).
إذا عرفت هذا ، فنقول : إذا استأجره للحج فانتهى الأجير إلى الميقات المتعيّن شرعا أو بتعيينهما إن اعتبرناه فلم يحرم بالحج عن المستأجر ولكن أحرم بعمرة عن نفسه ثم أحرم عن المستأجر بعد فراغه من عمرته ، فإمّا :
[ القسم الاول ] أن لا يعود إلى الميقات بأن أحرم من جوف مكة ، وقع الحجّ عن المستأجر بحكم الإذن ، فكان يجوز أن يقال : المأذون فيه الحجّ من الميقات ، وهذا الخصوص متعلّق الغرض ، فلا يتناول الإذن غيره ، فيحطّ شيء من الأجرة المسمّاة وإن وقع الحجّ عن المستأجر ، لمجاوزته الميقات وكان الواجب عليه أن يحرم منه.
وقال أبو حنيفة : إذا أحرم عن نفسه ثم حجّ عن المستأجر بإحرام من مكة من غير أن يرجع إلى الميقات ، لم يقع فعله عن الآمر ، ويردّ جميع النفقة إليه ، لأنّه أتى بغير ما أمر به (3).
والأول مذهب الشافعي ، لأنّه ما أخلّ إلاّ بما يجبره الدم ، فلم تسقط أجرته (4).
وفي قدر المحطوط اختلاف مبني على أنّ الأجرة تقع في مقابلة أعمال الحجّ وحدها ، أو يتوزّع على المسير من بلد الإجارة والأعمال ، فإن قلنا بالثاني ـ وهو الأظهر عند الشافعية (5) ـ فقولان:
أحدهما : أنّ المسافة لا تحتسب له هاهنا ، لأنّه صرفه إلى غرض نفسه حيث أحرم بالعمرة من الميقات ، فعلى هذا توزّع الأجرة المسمّاة على حجّة منشأة من بلد الإجارة وإحرامها من الميقات ، وعلى حجّة منشأة من جوف مكة ، فإذا كانت أجرة الحجّة المنشأة من بلد الإجارة مائة ، واجرة الحجّة المنشأة من مكة عشرة ، حطّ من الأجرة المسمّاة تسعة أعشارها.
وأصحّهما عندهم : أنّها تحسب له ، لأنّ الظاهر أنّه يقصد بها تحصيل الحجّ الملتزم ، إلاّ أنّه أراد أن يربح في سفره عمرة ، فعلى هذا تتوزّع الأجرة المسمّاة على حجّة منشأة من بلد الإجارة إحرامها من الميقات وعلى حجّة منشأه منها أيضا إحرامها من مكة ، فإذا كانت أجرة الاولى مائة واجرة الثانية تسعين ، حطّ من الأجرة المسمّاة عشرها (6).
وإن قلنا : إنّ الأجرة تقع في مقابلة أعمال الحج وحدها ، فتوزّع الأجرة المسمّاة على حجّة من الميقات ، وهي التي قوبلت بها ، وعلى حجّة من جوف مكة ، فإذا كانت أجرة الاولى خمسة واجرة الثانية درهمين ، حططنا من الأجرة ثلاثة أخماسها.
ولو جاوز الميقات بغير إحرام ثم أحرم بالحج عن المستأجر ، يلزمه دم الإساءة ، وسيأتي الخلاف في أنّ الإساءة هل تنجبر بالدم حتى لا يحطّ شيء من الأجرة أم لا؟ قال بعض الشافعية: إنّ ذلك الخلاف عائد هنا ، وإنّ الخلاف في قدر المحطوط مفرّع على القول في قدر الحط ، ويجوز أن يقطع هنا بأنّه لا تنجبر الإساءة ، ويفرّق بأنّه ارتفق هاهنا بالمجاوزة حيث أحرم بالعمرة لنفسه (7).
القسم الثاني (8) : أن يعود إلى الميقات بعد الفراغ من العمرة وأحرم بالحج ، فإن قلنا : الأجرة في مقابلة الأعمال وحدها أو وزّعناها عليها وعلى السير واحتسبنا المسافة هنا ، وجبت الأجرة بتمامها ، وهو الأظهر عندهم (9) ، وإن وزّعناها عليها ولم تحسب المسافة هاهنا ، فتوزّع الأجرة على حجة منشأة من بلد الإجارة إحرامها من الميقات وعلى حجّة من الميقات من غير قطع مسافة.
ولو جاوز الميقات بلا اعتمار ثم أحرم بالحج عن المستأجر ، فإن عاد إلى الميقات وأحرم منه عن المستأجر ، فلا شيء عليه ولا حطّ من الأجرة ، وإن لم يعد ، فعليه دم الإساءة بالمجاوزة.
وهل ينجبر به الخلل حتى لا يحطّ شيء من الأجرة؟ فيه قولان للشافعية :
أحدهما : نعم ، لأنّ الدم شرّع للجبر.
وأظهرهما : المنع ، لأنّه نقص من العمل الذي استأجره له ، والدم يجب لحقّ الله تعالى ، فلا ينجبر به حقّ الآدمي ، كما لو جنى المحرم على صيد مملوك يلزمه الضمان مع الجزاء (10).
ومنهم من قطع بالقول الثاني (11).
وعلى القول بعدم الانجبار فقد المحطوط يبنى على أنّ الأجرة في مقابلة العمل وحده أو توزّع على السير والعمل جميعا؟ إن قلنا بالأول ، وزّعت الأجرة المسمّاة على حجة من الميقات وحجّة من حيث أحرم ، وإن قلنا بالثاني واعتبرنا المسافة ، وزّعت على حجّة من بلدة الإجارة وإحرامها من الميقات وعلى حجّة منها إحرامها من حيث أحرم.
والخلاف في اعتبار المسافة هاهنا إذا رتّب على الخلاف فيما إذا أحرم بعمرة عن نفسه ، كانت هذه الصورة أولى بالاعتبار ، لأنّه لم يصرفها إلى غرض نفسه.
ثم لهم وجهان في أنّ النظر إلى الفراسخ وحدها أم يعتبر ذلك مع ذكر السهولة والحزونة؟ والأصحّ عندهم : الثاني (12).
ولو عدل الأجير عن طريق الميقات المتعيّن إلى طريق آخر ميقاته مثل ذلك الميقات أو أبعد ، فلا شيء عليه ، وهو المذهب عند الشافعية (13).
هذا كلّه في الميقات الشرعي ، أمّا إذا عيّنا موضعا آخر ، فإن كان أقرب إلى مكة من الميقات الشرعي ، فهذا الشرط فاسد مفسد للإجارة ، فإنّه لا يجوز لمريد النسك أن يمرّ على الميقات غير محرم ، وإن كان أبعد ، قال الشيخ في المبسوط : لا يلزمه ذلك ، لأنّه باطل (14).
والتحقيق أن نقول : إن كان المستأجر قد نذر الإحرام قبل الميقات ، لزمه الوفاء به عنده ، فإذا استأجره لذلك ، وجب على الأجير الوفاء به ، وإن لم يكن قد نذر ، لم يلزم الأجير فعله.
إذا عرفت هذا ، فإن استأجره للإحرام من قبل الميقات الشرعي وسوّغناه فتجاوزه غير محرم ، فهل يجب على الأجير الدم في مجاوزته غير محرم؟
للشافعية وجهان :
أحدهما : عدم الوجوب ، لأنّ الدم منوط بالميقات الواجب شرعا ، فلا يلحق به غيره ، ولأنّ الدم يجب حقّا لله تعالى ، والميقات المشروط إنّما يتعيّن حقّا للمستأجر ، والدم لا يجبر حقّ الآدمي.
وأظهرهما عندهم : أنّه يلزم ، لأنّ تعيّنه وإن كان لحقّ الآدمي فالشارع هو الذي يحكم به ويتعلّق به حقّه ، فإن قلنا بالأول ، حطّ قسط من الأجرة قطعا ، وإن قلنا بالثاني ، ففي حصول الانجبار الوجهان (15).
وكذلك لزوم الدم بسبب ترك المأمور به كالرمي والمبيت.
وإن لزمه بسبب ارتكاب محظور كاللّبس والقلم ، لم يحط شيء من الأجرة ، لأنّه لم ينقص شيء من العمل.
ولو شرط على الأجير أن يحرم في أول شوّال فأخّره ، لزم الدم ، وفي الانجبار الخلاف (16) ، وكذا لو شرط عليه أن يحجّ ماشيا فحجّ راكبا ، لأنّه ترك شيئا مقصودا.
__________________
(1) الكافي 4 : 318 ـ 319 ـ 1 ـ 3 ، التهذيب 5 : 54 ـ 55 ـ 166 ـ 168 ، صحيح البخاري 2 : 165 ، صحيح مسلم 2 : 838 ـ 1181 ، سنن أبي داود 2 : 143 ـ 1737 و 1738 ، سنن الترمذي 3 : 194 ـ 831 ، سنن البيهقي 5 : 26.
(2) المغني 3 : 222 ، الشرح الكبير 3 : 226 ، الوجيز 1 : 114 ، فتح العزيز 7 : 95 ، بدائع الصنائع 2 : 164.
(3) المغني والشرح الكبير 3 : 190.
(4) فتح العزيز 7 : 55 ، المجموع 7 : 129 ، المغني والشرح الكبير 3 : 190.
(5) فتح العزيز 7 : 55 ، المجموع 7 : 129
(6) فتح العزيز 7 : 56 ، المجموع 7 : 129.
(7) فتح العزيز 7 : 56 ـ 57 ، المجموع 7 : 129.
(8) وقد مرّ القسم الأول عند قوله : فإمّا أن لا يعود إلى الميقات ..
(9) فتح العزيز 7 : 57 ، المجموع 7 : 129.
(10) فتح العزيز 7 : 57 ـ 58 ، المجموع 7 : 130.
(11) فتح العزيز 7 : 58 ، المجموع 7 : 130.
(12) فتح العزيز 7 : 58 ، المجموع 7 : 131.
(13) فتح العزيز 7 : 59 ، المجموع 7 : 131.
(14) المبسوط ـ للطوسي ـ 1 : 322.
(15 و 16) فتح العزيز 7 : 59 ، المجموع 7 : 131.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|