المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

استقرار المعاملات قاعدة قانونية
29-4-2021
Language planning
7-3-2022
أبو القاسم احمد
9-8-2016
فضائل الحسين (عليه السلام)
2-04-2015
Stick ’Em Up! Sticky Notes
31-1-2017
الة الحصاد الدورانية الطاردة (مراوح السيلاج)
22-2-2018


الفعل وفاعله من جهة القرآن ( الروح)  
  
5338   02:12 صباحاً   التاريخ: 26-09-2014
المؤلف : محمد حسين الطباطبائي
الكتاب أو المصدر : تفسير الميزان
الجزء والصفحة : ج13 ، ص157-153
القسم : القرآن الكريم وعلومه / العقائد في القرآن / مقالات عقائدية عامة /

 التدبر في الآيات القرآنية لا يدع ريبا في أن القرآن الكريم يعد الأشياء على اختلاف وجوهها و تشتت أنواعها آيات له تعالى دالة على أسمائه و صفاته فما من شيء إلا و هو آية في وجوده و في أي جهة مفروضة في وجوده له تعالى مشيرة إلى ساحة عظمته و كبريائه، و الآية و هي العلامة الدالة من حيث إنها آية وجودها مرآتي فإن في ذي الآية الذي هو مدلولها غير مستقلة دونه إذ لو استقلت في وجوده أو في جهة من جهات وجوده لم تكن من تلك الجهة مشيرة إليه دالة عليه آية له هف.

فالأشياء بما هي مخلوقة له تعالى أفعاله، و هي تحاكي بوجودها و صفات وجودها وجوده سبحانه وكرائم صفاته و هو المراد بمسانخة الفعل لفاعله لا أن الفعل واجد لهوية الفاعل مماثل لحقيقة ذاته فإن الضرورة تدفعه.

قوله تعالى : {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء : 85] الروح على ما يعرف في اللغة هو مبدأ الحياة الذي به يقوى الحيوان على الإحساس و الحركة الإرادية و لفظه يذكر ويؤنث ، وربما يتجوز فيطلق على الأمور التي يظهر بها آثار حسنة مطلوبة كما يعد العلم حياة للنفوس قال تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ } [الأنعام : 122] أي بالهداية إلى الإيمان وعلى هذا المعنى حمل جماعة مثل قوله : {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ} [النحل : 2] أي بالوحي وقوله : {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا } [الشورى : 52] أي القرآن الذي هو وحي فذكروا أنه تعالى سمى الوحي أو القرآن روحا لأن به حياة النفوس الميتة كما أن الروح المعروف به حياة الأجساد الميتة.

وكيف كان فقد تكرر في كلامه تعالى ذكر الروح في آيات كثيرة مكية ومدنية ، ولم يرد في جميعها المعنى الذي نجده في الحيوان وهو مبدأ الحياة الذي يتفرع عليه الإحساس والحركة الإرادية كما في قوله : { يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} [النبأ : 38] ، وقوله : {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} [القدر: 4] ولا ريب أن المراد به في الآية غير الروح الحيواني وغير الملائكة وقد تقدم الحديث عن علي (عليه السلام) أنه احتج بقوله تعالى : {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [النحل : 2] على أن الروح غير الملائكة ، وقد وصفه تارة بالقدس وتارة بالأمانة كما سيأتي لطهارته عن الخيانة وسائر القذارات المعنوية والعيوب والعاهات التي لا تخلو عنها الأرواح الإنسية.

وهو وإن كان غير الملائكة غير أنه يصاحبهم في الوحي والتبليغ كما يظهر من قوله : { يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ } الآية فقد قال تعالى : {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة : 97] فنسب تنزيل القرآن على قلبه (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى جبريل ثم قال : {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء : 193 - 195] وقال : {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ} [النحل : 102] فوضع الروح وهو غير الملائكة بوجه مكان جبريل و هو من الملائكة فجبريل ينزل بالروح و الروح يحمل هذا القرآن المقرو المتلو.

وبذلك تنحل العقدة في قوله تعالى : {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى : 52] ويظهر أن المراد من وحي الروح في الآية هو إنزال روح القدس إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنزاله إليه هو الوحي القرآن إليه لكونه يحمله على ما تبين فلا موجب لما ذكره بعضهم على ما نقلناه آنفا أن المراد بالروح في الآية هو القرآن .

وأما نسبة الوحي وهو الكلام الخفي إلى الروح بهذا المعنى وهو من الموجودات العينية والأعيان الخارجية فلا ضير فيه فإن هذه الموجودات الطاهرة كما أنها موجودات مقدسة من خلقه تعالى كذلك هي كلمات منه تعالى كما قال في عيسى بن مريم (عليهما السلام) : {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء : 171] فعد الروح كلمة دالة على المراد فمن الجائز أن يعد الروح وحيا كما عد كلمة وإنما سماه كلمة منه لأنه إنما كان عن كلمة الإيجاد من غير أن يتوسط فيه السبب العادي في كينونة الناس بدليل قوله : {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران : 59] وقد زاد سبحانه في إيضاح حقيقة الروح حيث قال : {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء : 85] و ظاهر (مِنْ) أنها لتبيين الجنس كما في نظائرها من الآيات { يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ} [غافر: 15] {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ } [النحل : 2] {أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى : 52] { تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} [القدر: 4] فالروح من سنخ الأمر.

ثم عرف أمره في قوله : { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} [يس: 82، 83] فبين أولا أن أمره هو قوله للشيء : (كن) وهو كلمة الإيجاد التي هي الإيجاد والإيجاد هو وجود الشيء لكن لا من كل جهة بل من جهة استناده إليه تعالى وقيامه به فقوله فعله.

ومن الدليل على أن وجود الأشياء قول له تعالى من جهة نسبته إليه مع إلغاء الأسباب الوجودية الأخر قوله تعالى : {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر: 50] حيث شبه أمره بعد عده واحدة بلمح بالبصر وهذا النوع من التشبيه لنفي التدريج وبه يعلم أن في الأشياء المكونة تدريجا الحاصلة بتوسط الأسباب الكونية المنطبقة على الزمان والمكان جهة معراة عن التدريج خارجة عن حيطة الزمان والمكان هي من تلك الجهة أمره وقوله وكلمته ، وأما الجهة التي هي بها تدريجية مرتبطة بالأسباب الكونية منطبقة على الزمان و المكان فهي بها من الخلق قال تعالى : { أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف : 54] فالأمر هو وجود الشيء من جهة استناده إليه تعالى وحده والخلق هو ذلك من جهة استناده إليه مع توسط الأسباب الكونية فيه.

ويستفاد ذلك أيضا من قوله : {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران : 59] الآية حيث ذكر أولا خلق آدم و ذكر تعلقه بالتراب وهو من الأسباب ثم ذكر وجوده ولم يعلقه بشيء إلا بقوله : (كن) فافهم ذلك ونظيره قوله : {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون : 13 ، 14] فعد إيجاده المنسوب إلى نفسه من غير تخلل الأسباب الكونية إنشاء خلق آخر.

فظهر بذلك كله أن الأمر هو كلمة الإيجاد السماوية وفعله تعالى المختص به الذي لا تتوسط فيه الأسباب ، ولا يتقدر بزمان أو مكان وغير ذلك.

ثم بين ثانيا أن أمره في كل شيء هو ملكوت ذلك الشيء - والملكوت أبلغ من الملك - فلكل شيء ملكوت كما أن له أمرا قال تعالى : { أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف : 185] وقال : {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأنعام : 75] وقال : { تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} [القدر : 4].

فقد بان بما مر أن الأمر هو كلمة الإيجاد وهو فعله تعالى الخاص به الذي لا يتوسط فيه الأسباب الكونية بتأثيراتها التدريجية وهو الوجود الأرفع من نشأة المادة وظرف الزمان ، وأن الروح بحسب وجوده من سنخ الأمر من الملكوت.

وقد وصف تعالى أمر الروح في كلامه وصفا مختلفا فأفرده بالذكر في مثل قوله : {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا } [النبأ : 38] ، وقوله : {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج : 4].

ويظهر من كلامه أن منه ما هو مع الملائكة كقوله في الآيات المنقولة آنفا : (من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك) (نزل به الروح الأمين على قلبك) (قل نزله روح القدس) وقوله : {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم : 17].

ومنه ما هو منفوخ في الإنسان عامة قال تعالى : {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} [السجدة : 9] وقال : {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر : 29]  .

ومنه ما هو مع المؤمنين كما يدل عليه قوله تعالى : { أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ } [المجادلة : 22] ويشعر به بل يدل عليه أيضا قوله : { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} [الأنعام : 122] فإن المذكور في الآية حياة جديدة والحياة فرع الروح.

ومنه ما نزل إلى الأنبياء (عليهم السلام) كما يدل عليه قوله : {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا} [النحل : 2] وقوله : {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ } [البقرة : 87] وقوله : {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى : 52] إلى غير ذلك.

ومن الروح ما تشعر به الآيات التي تذكر أن في غير الإنسان من الحيوان حياة و أن في النبات حياة، و الحياة متفرعة على الروح ظاهرا.

فقد تبين بما قدمناه على طوله معنى قوله تعالى : {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء : 85] وأن السؤال إنما هو عن حقيقة مطلق الروح الوارد في كلامه سبحانه ، وأن الجواب مشتمل على بيان حقيقة الروح وأنه من سنخ الأمر بالمعنى الذي تقدم وأما قوله : {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء : 85] أي ما عندكم من العلم بالروح الذي آتاكم الله ذلك قليل من كثير فإن له موقعا من الوجود وخواص وآثارا في الكون عجيبة بديعة أنتم عنها في حجاب.

وللمفسرين في المراد من الروح المسئول عنه والمجاب عنه أقوال: فقال بعضهم : إن المراد بالروح المسئول عنه هو الروح الذي يذكره الله في قوله : {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} وقوله : {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} الآية ، ولا دليل لهم على ذلك.

وقال بعضهم : إن المراد به جبريل فإن الله سماه روحا في قوله : {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ} [الشعراء : 193، 194] وفيه أن مجرد تسميته روحا في بعض كلامه لا يستلزم كونه هو المراد بعينه أينما ذكر على أن لهذه التسمية معنى خاصا أومأنا إليه في سابق الكلام ، ولو لا ذلك لكان عيسى وجبريل واحدا لأن الله سمى كلا منهما روحا.

وقال بعضهم : إن المراد به القرآن لأن الله سماه روحا في قوله : {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا}  الآية فيكون محصل السؤال والجواب أنهم يسألونك عن القرآن أهو من الله أو من عندك ؟ فأجبهم أنه من أمر ربي لا يقدر على الإتيان بمثله غيره فهو آية معجزة دالة على صحة رسالتي وما أوتيتم من العلم به إلا قليلا من غير أن تحيطوا به فتقدروا على الإتيان بمثله قالوا : والآية التالية : {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [الإسراء : 86] يؤيد هذا المعنى.

وفيه أن تسميته في بعض كلامه روحا لا تستلزم كونه هو المراد كلما أطلق كما تقدم آنفا.

على أنك قد عرفت ما في دعوى هذه التسمية.

على أن الآية التالية لا تتعين تأييدا لهذا الوجه بل تلائم بعض الوجوه الآخر أيضا.

وقال بعضهم : إن المراد به الروح الإنساني فهو المتبادر من إطلاقه وقوله : { قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}  ترك للبيان و نهي عن التوغل في فهم حقيقة الروح فإنه من أمر الله الذي استأثر بعلمه ولم يطلع على حقيقته أحدا ثم اختلفوا في حقيقته بين قائل بأنه جسم هوائي متردد في مخارق البدن ، وقائل بأنه جسم هوائي في هيئة البدن حال فيه و خروجه موته، و قائل بأنه أجزاء أصلية في القلب وقائل بأنه عرض في البدن ، وقائل بأنه نفس البدن إلى غير ذلك.

وفيه أن التبادر في كلامه تعالى ممنوع ، والتدبر في الآيات المتعرضة لأمر الروح كما قدمناه يدفع جميع ما ذكروه.

وقال بعضهم : إن المراد به مطلق الروح الواقع في كلامه والسؤال إنما هو عن كونه قديما أو محدثا فأجيب بأنه يحدث عن أمره وفعله تعالى ، وفعله محدث لا قديم.

وفيه أن تعميم الروح لجميع ما وقع منه في كلامه تعالى وإن كان في محله لكن إرجاع السؤال إلى حدوث الروح وقدمه وتوجيه الجواب بما يناسبه دعوى لا دليل عليها من جهة اللفظ.

ثم إن لهم اختلافا في معنى قوله : { الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}  أهو جواب مثبت أو ترك للجواب وصرف عن السؤال على قولين ، والوجوه المتقدمة في معنى الروح مختلفة في المناسبة مع هذين القولين فالمتعين في بعضها القول الأول وفي بعضها الثاني ، وقد أشرنا إلى ذلك في ضمن الأقوال.



وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .