الجزء النخاعي من الكظرية Adrenal Medulla

التركيب التشريحي:

ينشأ النخاع الكظري متلازما مع الجهاز العصبي الودي (السمبتاوي) وذلك من الطبقة  الجنينية الخارجية. (ectoderm) وهو عبارة عن عقد عصبية متحورة تسمى بالخلايا الكرومافين (Chromaffin) وذلك لقابليتها الصبغ بالكروم. تمثل هذه الخلايا في الغالب ما بعد العقد العصبية (Post – ganglionic) وهي في اتصال مباشر مع الخلايا ما قبل العقد العصبية (Preganglionic) على حسب نوع المنبه الذي يصلهما. يعتبر النخاع الكظري الجزء الوظيفي للجهاز العصبي الودي حيث يشكل محوراً يربط الجهاز العصبي بجهاز الغدد الصم. ويطلق علي هذا المحو بالجهاز الودي ــ الكظري (Sympatho – adrenal System).

هرمونات النخاع الكظري:

يقوم النخاع الكظرية بإفراز هرمونات الكاتكولامينات (Catecholamine) وهي عبارة عن مركبات (هرمونات) تحتوي على مجموعة "بنزين" مرتبطة مع مجموعة "أمين" تعطي الجسم الشعور بالودية والمحبة ومن أهمها:

أ) الأبينفرين (أو الادرينالين) ويرمز له "E".

ب) النور إنفرين (أو النور أدرينالين)  ويرمز له "NE"

يتصف E باحتوائه على مجموعة ميثيل (Methyl) ليست موجودة في NE. عند تصنيع هذين الهرمونين ينتج المركب الكيميائي الذي يسمى (Dopa) كمكون وسطي وهو في كثيرة من الأحيان يؤدي وظيفته كناقل كيميائي عصبي (Neurotransmitter) أكثر من دوره كهرمون. يلاحظ وجود تركيز عالي من NE في الحيوانات شرسة الطباع كالقطط مثلاً عنه في الحيوانات الهادئة. وقد يصل معدل إفراز هرمون الأبينفرين في الإنسان مثلاً حوالي 4 أضعاف عندما يتعرض لظروف غير عادية.

يتم إفراز هذين الهرمونين في الدورة الدموية ويعملان معاً على تمكين الحيوان من الاستجابة والتأقلم عند تعرضه للإجهاد او لظروف طارئة تغير من توازنه الفسيولوجي كلما في حالة الأعراض الناجمة عن ما يسمى بالدفاع أو الهروب "Fight or fight" وتتلخص هذه الاستجابة في :

1- تغيير مسار الدورة الدموية إلى العضلات بدلاً من مرورها إلى المناسل والغدة الثديية والجهاز الهضمي.

2- زيادة معدل نبضات القلب والتنفس.

3- تحويل الجلايكوجين إلى جلوكوز.

4- تحويل الدهن إلى أحماض دهنية.

5- التأثير على إفراز هرمون ACTH الذي بدوره يحفز نشاط الهرمونات القشرية السكرية.

وعموماً يمكن توضيح وظيفة كل من E و NE بشكل منفصل كالتالي:

هرمون E يعمل على:

ــ إجراء التعديلات اللازمة على الجهاز الدوري أثناء الطوارئ من خلال زيادة ضخ الدم وزيادة الضغط الشرياني.

ــ التغييرات الأيضية التي تحصل بالجسم أثناء الطوارئ خاصة أيض السكريات حيث تعمل على تحويل الجلايكوجين إلى جلوكوز في الكبد والجلايكوجين إلى حامض اللاكتيك في العضلات.

ــ تحفيز إفراز هرمون ACTH و TSH وربما FSH و LH.

بينما هرمون NE يلعب دوراً أساسياً كهرمون عصبي موجود في نهايات الأعصاب الودية كما انه ضرورياً لتنظيم الجهاز الدوري وزيادة المقاومة الطرفية للدورة الدموية أثناء الطوارئ.

عندما يتعرض الجسم إلى نوع من الإجهاد (البرودة أو الألم أو الانخفاض في مستوى الاوكسجين أو الانخفاض في مستوى الجلوكوز أو الاضطرار النفسي ....) يتم تنبيه الخلايا المتخصصة بالجزء الخلفي من الجسم تحت السريري لنقل السيالة العصبية من خلال ما قبل العقد العصبية إلى الجزء النخاعي (خلايا الكرومافين بالخلايا ما قبل العقد العصبية) مسببة إفراز كل من هرمون NE و E مباشرة في الدورة الدموية كما يلي:

كمية ونوع الهرمون الذي يفرز (NE) أو (E) من الصعب تحديدها بشكل دقيق إلا أن نوع المنبه وأثره ونوع الخلايا المستقبلية قد تلعب دوراً في تحديد أي من الهرمونين يتم إفرازه وبأي تركيز .

فمثلاً انخفاض مستوى السكر في الدم بسب زيادة هرمون الأنسولين ينتج عنه زيادة في إفراز هرمون الأبينفرين بينما زيادة السكر تعمل على تثبيطه. الأعصاب الودية المغذية للأوعية الدموية. استجابة الحيوان عندما يتعرض إلى الخوف أو الفزع أو الاضطراب النفسي تعتمد بشكل اساسي على نشاط هرمون الأبينفرين ولهذا السبب يطلق عليه في العادة بهرمون الخوف.

التخليق الحيوي لهرمونات النخاع الكظري:

يتم تصنيع الكاتولامينات (NE) و (E) في خلايا الدماغ والخلايا العصبية الودية وداخل العقد العصبية للنخاع الكظري (خلايا الكرومافين) من الحامض الأميني الثايروسين إما مباشرة من الغذاء أو من الحامض الأميني الفينايل الآنين (Phenylalanine) من خلال الخطوات التالية:

يتم تخزين كلا الهرمونين (NE) و (E) في حبيبات إلى حين تحريرهما بواسط الناقل الكيميائي الاستيل كولين (Ach) الموجود في نهايات الخلايا ما بعد العقد العصبية.

بالاطلاع على هذه السلسلة من التفاعلات في تخليق هذه الهرمونات نجد أن التفاعل رقم (1) يعتبر الخطوة المحددة في التصنيع نظراً لإمكانية تثبيط هذا التفاعل الانزيمي، أما بالنسبة للمركب الكيميائي المتحصل عليه من التفاعل الثاني والثالث وهو الدوبامين (Dopamine) عادة ما يؤدي وظيفته كناقل كيميائي عصبي على النهايات العصبية بالإضافة إلى دوره في تنظيم الهرمونات من الجسم تحت السريري. يتواجد الدوبامين في العديد من أعضاء الجسم كالكبد والأمعاء والرئتين وغيرها.

آلية عمل هرمونات النخاع الكظري:

هرمون (NE) و (E) من الهرمونات المشتقة من الحامض الأميني التايروسين مثلها مثل هرمونات الدرقية، إلا أن آلية عملها على الخلايا المستهدفة يتم من خلال مستقبلات محددة موجودة على الغشاء الخارجي لهذه الخلايا. بالتالي فهي تعمل شبيهة بالهرمونات البروتينية من خلال نظرية الساعي الثاني أو الادينوسين أحادي الفوسفات الدائري (C – AMP).

طريقة عمل ذين الهرمونين واستجابة الخلايا المستهدفة لهما تختلف باختلاف نوع التنبيه وكثير منها لم يتضح بشكل دقيق. فمثلاً أثر هرمون E على العضلات الملساء يعتقد أنه يتم من خلال زيادة تركيز C-AMP الذي يعمل على زيادة إنتاج الطاقة اللازمة لإتمام وظيفة هذه العضلات. أما أثر هذا الهرمون على استخلاص الجلوكوز من الجلايكوجين من خلايا الكبد يعتقد بأنها مشابهة تماماً لعمل هرمون الجلوكاجون من خلال تحفيز عمل C-AMP للحصول على الانزيمات اللازمة لهذه الوظيفة.

نظراً لوجود بعض التباين والتشابه في عمل هذين الهرمونيين تمّ تحديد عدد من المستقبلات التي لها علاقة بعمليهما من الناحية الطبية. ولقد تم التعرف على نوعين منها: إحداهما يسمى بمستقبلات ألفا (α) والاخرى تسمى بمستقبلات بيتا (B) وعلى حسب نوع وعدد المستقبلات تحدث الاستجابة لأي من الهرمونين فمثلاً نجد أن مستقبلات (B) تتواجد بشكل مكثف في رحم القطط تؤدي إلى زيادة في انبساط عضلاته بعكس ما يحدث في رحم الأرنب. لهذا نجد استخدام مثبطات هذه المستقبلات إما مثبط (α) أو مثبط (B) بشكل واسع في علاج العديد من الاختلالات الفسيولوجية في الجسم.

آلية تنظيم إفراز هرمونات النخاع الكظري:

بالرغم من خضوع إفراز هرمونات الجزء القشري (خاصة السكرية) للتنظيم المحوري ما بين الجسم تحت السريري (CRH) والفص الامامي للنخامية (ACTH) فإن لا علاقة تربط هذا المحور بإفراز هرمونات النخاع الكظري . حيث نجد هه العلاقة تتصل بالجهاز العصبي المركزي من خلال أنوية عصبية متخصصة بالجسم تحت السريري مباشرة بالخلايا العصبية الودية (السمبتاوية) التي تغذي النخاع الكظري . يسمى هذا الاتصال بالجهاز "الودي ــ الكظري" الذي عاد ما تنتهي بإفراز الناقل الكيميائي "الأستيل كولين Ach". وبالتالي فأن جميع العوامل البيئية التي يتعرض لها الحيوان ينتج عنها استجابة سريعة في إفراز هرمونات النخاع هرمونات النخاع الكظري هي:

1- العوامل البيئية: يستجيب الحيوان بشكل سريع للتغيرات البيئية الطارئة من خلال الاستجابة السريعة في إفراز هرموني NE و E اللذين يعملان على زيادة مستوى الجلوكوز في الدم لأجل الحصول على الطاقة  وكذلك تنظيم عمل الدورة الدموية لمقابلة الزيادة في معدل ضخ الدم ونبضات القلب بسبب هذه التغيرات.

2- انخفاض مستوى الجلوكوز في الدم (Hypoglycemia) يزيد من إفراز هرمون E ولهذا السبب يعتبر هرمون E من الهرمونات المعاكسة لوظيفة هرمون الانسولين.

3- هرمونات اخرى لها علاقة بتنظيم الدورة الدموية الأنجيوتنسين II والهيستامين والبرادكينين "Brady Kenin" تلعب دوراً مباشراً أو غير مباشراً في تضييق أو توسيع الأوعية الدموية استجابة للتغيير الذي يحصل على معدل ضخ الدم عند تعرض الحيوان لظروف طارئة.

4- عوامل أخرى كالمنبهات (النيكوتين والكافين) والاضطرابات النفسية والالتهابات وغيرها تؤثر أيضاً بشكل أو آخر على وظيفة النخاع الكظري.

تأيض هرمونات النخاع الكظري:

يتم تصنيع وتخزين هرمونات النخاع الكظري في حويصلات حبيبية لحمايتها حتى بحين موعد إفرازاها للاستفادة منها وذلك لأن معدل نصف عمرها (t1/2) داخل الدورة الدموية قصير جداً لا يتعدى الدقائق. بعد الانتهاء من وظيفتها يتم التخلص من هرمونات النخاع الكظري من خلال البول مرتبطة مع حامض الجلوكورونيك أو الكبريتات ويتم تحويلها إلى أحماض الميتانيفرين والفينايل ما ندليك والنور ما تنفرين كما في الشكل (1).

شكل 1: أيض هرمونات النخاع الكظري

ونظراً لأهمية الغدة الكظرية بشقيها القشري والنخاعي وتباين وتشابه وظائف الهرمونات التي تفرزها يمكن إيجاز أهم الوظائف في الجدول (1).

جدول 1: ملخص لوظيفة الغدة الكظرية.

المصدر

القماطي ، احمد المجدوب (2005) . الغدد الصم وهرموناتها . كلية الزراعة . جامعة الفاتح .