أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-10-2015
3504
التاريخ: 7-03-2015
7119
التاريخ: 7-03-2015
3409
التاريخ: 6-03-2015
3247
|
إن السخاء ينم عن طيب القلب ويكشف عن الفضائل النفسية ويحكى عن رحمة الانسان ورأفته ومن الطبيعي انه انما يكون كذلك فيما اذا كان بذله بداعي الخير والمعروف لا بداعي السمعة والمديح والثناء وغير ذلك من الدواعي التي لا تمت إلى الاحسان بصلة وقد حدث التأريخ عن أناس كانوا يهبون الألوف للوافدين ويبذلون القرى للاضياف ولكن سرعان ما انكشف أنه تصنع لا اتصال له بحقيقة الكرم والمعروف وذلك كعطاء معاوية بن أبي سفيان وهباته للوافدين عليه فان ذلك لم يكن بداعي الاحسان وإنما كان لشراء الضمائر لأجل التمسك بزمام الحكم.
إن السخاء الحقيقي هو بذل الخير بداعي الخير وبذل الاحسان بداعي الاحسان وقد تجلت هذه الصفة الرفيعة بأجلى مظاهرها واسمى معانيها في الامام أبي محمد (عليه السلام) حتى لقب بكريم أهل البيت , تلقى هذه المكرمة من سلفه الطاهر الذي عرف بالسخاء والمعروف ونجدة الضعيف والاحسان إلى كل منقطع ومحروم وفى جده الاعلى يقول القائل :
عمرو العلى هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف
وزاد الحسن على سلفه الطاهر فى ذلك فقد كان لا يعرف للمال قيمة ولا يرى له أهمية سوى ما يرد به جوع جائع أو يكسو به عاريا أو يغيث به ملهوفا أو يفي به دين غارم.
ان السخاء عنصر من عناصر ذاته ومقوم من مقومات مزاجه وقد أثر عنه أنه ما قال لسائل لا قط وقيل له لأي شيء لا نراك ترد سائلا؟ فأجاب : إني لله سائل وفيه راغب وأنا استحي أن أكون سائلا وأرد سائلا وان الله عودني عادة أن يفيض نعمه علي وعودته أن أفيض نعمه على الناس فأخشى ان قطعت العادة أن يمنعني العادة وأنشأ يقول :
إذا ما أتاني سائل قلت مرحبا بمن فضله فرض علي معجل
ومن فضله فضل على كل فاضل وأفضل أيام الفتى حين يسأل
ونسبت له أبيات نظمها في الجود والسخاء منها قوله :
إن السخاء على العباد فريضة لله يقرأ في كتاب محكم
وعد العباد الأسخياء جنانه وأعد للبخلاء نار جهنم
من كان لا تندى يداه بنائل للراغبين فليس ذاك بمسلم
وله أيضا :
خلقت الخلائق من قدرة فمنهم سخي ومنهم بخيل
فأما السخي ففي راحة وأما البخيل فحزن طويل
وكانت الوفود من المرتزقة والمحتاجين تزدحم عليه فيغدق عليهم ببره واحسانه ويجزل لهم المزيد من العطاء وقد ذكر التأريخ بوادر كثيرة من كرمه وجوده نسوق إلى القراء بعضها.
1 ـ جاءه اعرابي سائلا فقال (عليه السلام) : اعطوه ما في الخزانة وكان فيها عشرة آلاف درهم فقال له الاعرابي : يا سيدي هلا تركتني أبوح بحاجتي وأنشر مدحتي؟ فاجابه الامام :
نحن أناس نوالنا خضل يرتع فيه الرجاء والأمل
تجود قبل السؤال أنفسنا خوفا على ماء وجه من يسل
لو علم البحر فضل نائلنا لغاض من بعد فيضه خجل
2 ـ واجتاز (عليه السلام) على غلام أسود بين يديه رغيف يأكل منه لقمة ويدفع لكلب كان عنده لقمة اخرى.
فقال له الامام : ما حملك على ذلك؟
قال: إني لأستحيي أن أكل ولا أطعمه.
رأى الامام فيه خصلة من أحب الخصال عنده فاحب أن يجازيه على صنعه ويقابل إحسانه بإحسان فقال له : لا تبرح من مكانك ثم انطلق فاشتراه من مولاه واشترى الحائط الذي هو فيه فاعتقه وملكه إياه.
3 ـ وأجتاز يوما فى بعض أزقة المدينة فسمع رجلا يسأل الله أن يرزقه عشرة آلاف درهم فانطلق إلى بيته وأرسلها إليه بالوقت.
4 ـ وجاءه شخص يظهر الاعواز والحاجة فقال له (عليه السلام) ما هذا حق سؤالك يعظم لدى معرفتي بما يجب لك ويكبر على ويديّ تعجز عن نيلك بما أنت اهله والكثير في ذات الله قليل وما في ملكي وفاء لشكرك فان قبلت منا الميسور ورفعت عنا مئونة الاحتفال والاهتمام فعلت فأجابه الرجل : يا بن رسول الله (صلى الله عليه واله) أقبل القليل واشكر العطية واعذر على المنع فاحضر (عليه السلام) وكيله وحاسبه وقال له : هات الفاضل وكان الفاضل خمسين الف درهم فدفعها إليه ولم يكتف (عليه السلام) بذلك بل قال لوكيله ما فعلت بالخمس مائة دينار التي عندك؟ فقال له : هي عندي فأمره بإحضارها ثم دفعها إلى الرجل وهو يعتذر منه إن قوله (عليه السلام) : الكثير في ذات الله قليل , ينم عن أن هذا العطاء إنما هو في سبيل الله تعالى لا يبتغي من احد جزاء أو شكورا.
5 ـ ومن مكارمه (عليه السلام) انه خرج هو وأخوه الحسين (عليه السلام) وابن عمهما عبد الله بن جعفر وافدين إلى بيت الله الحرام وفى أثناء الطريق أصابهم جوع وعطش وقد سبقتهم اثقالهم فانعطفوا على بيت قد ضرب أطنابه في وسط تلك البيداء القاحلة فلما وصلوا إلى البيت لم يروا فيه إلا عجوزا فطلبوا منها شرابا وطعاما فأجابت بما طبعت عليه نفس الكريم قائلة : نعم.
إنها النفس إذا جبلت على الخير وطبعت فيها الأريحية قدمت في سبيل العز والمجد كل ما تملك لم يك عند العجوز سوى شاة هي كل ما تملك مما أظلته الخضراء وأقلته الغبراء فتقدمت وبيدها الشاة قائلة لهم : دونكم هذه الشاة فاحلبوها واشربوا لبنها فلما فعلوا ذلك تقدمت إليهم مرة أخرى قائلة : أقسم عليكم إلا ما ذبحها أحدكم حتى أهيّئ لكم الحطب لشيها ففعلوا ذلك وهيأت العجوز الحطب وبعد الفراغ من تناول الطعام عزموا على الرحيل فتقدموا إليها وعرفوها بشخصياتهم ليجازوها على صنعها خيرا إن رجعوا إلى وطنهم قائلين : يا أمة الله إنا نفر من قريش نريد حج بيت الله الحرام فاذا رجعنا سالمين فهلمي إلينا لنكافئك على هذا الصنع الجميل ؛ ثم انصرفوا لشأنهم ولما عنّ غياب القرص عن السماء أقبل رب البيت على عادته فأخبرته العجوز بالقصة فاستولى عليه الغضب ذلك لأن الشاة هي مصدر القوت وإدرار الرزق عليهم فقال لها : ويحك أتذبحين الشاة لأناس لا تعرفينهم؟ ثم تقولين إنهم نفر من قريش , وطوى الدهر عجلته فمضت سنة وأقبلت أخرى فاعترت البادية أزمة شديدة لأن السماء قد منعتها قطرها حتى قلت موارد العيش وانعدمت أسباب القوت فرحلا عن البادية ونزلا المدينة ولم يجدا عملا يحيطان به خبرا سوى التقاط البعر من الطرقات والشوارع فاتخذا ذلك مهنة لهما وفي يوم من الأيام وهما على عملهما ارادت السعادة أن تحنو عليهما فلمح الحسن (عليه السلام) العجوز فعرفها وقد حل وفاء الدين والمعروف في ذمة الأحرار دين فأمر (عليه السلام) غلامه أن يأتي بها إليه فلما مثلت بين يديه قال (عليه السلام) لها : تعرفيني يا أمة الله؟
قالت : لا .
فقال : أنا أحد ضيوفك يوم كذا سنة كذا.
قالت : لست أعرفك.
قال : إن لم تعرفيني فانا أعرفك ثم أمر (عليه السلام) غلامه فاشترى لها من غنم الصدقة الف شاة وأعطاها الف دينار ثم أمر (عليه السلام) غلامه أن يذهب بها إلى أخيه الحسين (عليه السلام) ويعرفه بها فأخذها الغلام فلما دخلت عرفها الحسين (عليه السلام) فقال للغلام : كم اعطاها أخي؟ فأخبره الغلام بعطائه فأوصلها (عليه السلام) بمثل ذلك ثم بعث الحسين بها إلى عبد الله بن جعفر فلما دخلت عليه عرفها فأمر لها بألفي شاة والفي دينار فأخذت ذلك جميعا وانصرفت وفد تغير حالها من فقر مدقع إلى غناء وثروة حسدها عليه كل من عرفها كل ذلك من بر الحسن وفضله .
6 ـ ومن آيات مكارمه (عليه السلام) أنه اشترى حائطا من الأنصار بأربعمائة الف فبلغه أنهم قد احتاجوا إلى ما في أيدي الناس فرده إليهم إن إنقاذ هؤلاء من ذل السؤال ورد شرفهم إليهم من أفضل أنواع السخاء ومن أسمى مراتب الجود.
7 ـ ومن مكارمه (عليه السلام) أن جارية حيته بطاقة من ريحان فقال (عليه السلام) لها : أنت حرة لوجه الله فلامه أنس على ذلك فأجابه (عليه السلام) : أدبنا الله فقال تعالى : {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا} [النساء: 86] وكان أحسن منها إعتاقها.
8 ـ ومن مكارمه (عليه السلام) أن مروان بن الحكم قال : إني لمشغوف ببغلة الحسن بن علي فمن يأتيني بها؟ فانبرى إليه ابن أبي عتيق قائلا : أنا آتيك بها لكن بشرط أن تقضي لي ثلاثين حاجة؟
قال : التزم لك بذلك.
فقال ابن أبي عتيق لمروان : إذا اجتمع الناس عندك العشية فاني آخذ في مآثر قريش وأمسك عن الحسن فلمني على ذلك فلما اجتمع الناسي أخذ ابن أبي عتيق في مآثر قريش وسكت عن ذكر فضائل الامام الحسن (عليه السلام) فقال له مروان ألا تذكر أولية أبي محمد وله فى هذا ما ليس لأحد منا فقال ابن أبي عتيق : إنما كنا في ذكر الاشراف ولو كنا في ذكر الأنبياء لذكرنا فضائل أبي محمد ولما خرج الامام (عليه السلام) تبعه ابن ابي عتيق فلما نظر إليه الحسن (عليه السلام) تبسم وعرف الغاية من مديحه فقال (عليه السلام) له : ألك حاجة؟ فقال : نعم ذكرت البغلة فنزل (عليه السلام) عنها ودفعها إليه.
9 ـ ومن جوده (عليه السلام) أن رجلا سأله أن يعطيه شيئا فقال له (عليه السلام) إن المسألة لا تصلح إلا في غرم فادح أو فقر مدقع أو حمالة مفظعة فقال ما جئت إلا فى إحداهن فأمر (عليه السلام) له بمائة دينار ، ثم انعطف الرجل نحو الحسين (عليه السلام) فسأله مثل سؤال اخيه فأعطاه مائة دينار سوى دينار لأنه كره أن يساوى أخاه في عطائه وانعطف الرجل بعد ذلك إلى عبد الله بن عمر فسأله فأعطاه سبعة دنانير فقال الرجل : لعبد الله إني أتيت الحسن والحسين وحكى له ما جرى له معهما فقال ابن عمر : ويحك أنى تجعلني مثلهما؟! انهما غرا العلم , غرا المال.
10 ـ ومن مكارمه (عليه السلام) أنه ما اشترى من أحد حائطا ثم أفتقر البائع إلا ورده عليه وأردفه بالثمن معه.
11 ـ وجاءه فقير يشكو حاله ولم يك عنده (عليه السلام) في ذلك اليوم شيء فعز عليه الامر واستحى من رده فقال (عليه السلام) له : إني أدلك على شيء يحصل لك منه الخير فقال الفقير يا بن رسول الله ما هو؟! قال (عليه السلام) اذهب إلى الخليفة فان ابنته قد توفيت وانقطع عليها وما سمع من أحد تعزية بليغة فعزه بهذه الكلمات يحصل لك منه الخير قال يا بن رسول الله حفظني إياها قال (عليه السلام) قل له الحمد لله الذي سترها بجلوسك على قبرها ولم يهتكها بجلوسها على قبرك وحفظ الفقير هذه الكلمات وجاء إلى الخليفة فعزاه بها فذهب عنه حزنه وأمر له بجائزة وقال له : أكلامك هذا؟
قال : لا : وإنما هو كلام الامام الحسن.
الخليفة : صدقت فانه معدن الكلام الفصيح وأمر له بجائزة أخرى.
وذكر المترجمون للإمام صورا كثيرة من ألوان بره ومعروفه على الفقراء وقيامه بإنقاذهم من كابوس الحاجة والفقر الى الدعة والسعة فى العيش وجميع تلك المبرات التي أسداها عليهم كانت خالصة لوجه الله ولم تكن مشفوعة بأي غرض من الاغراض فإنه كان يمنحهم العطاء والبر قبل أن يبوحوا بحاجاتهم ويذكروا مديحهم وثناءهم لئلا يظهر عليهم ذل السؤال والاحتياج.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|