أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-4-2016
3298
التاريخ: 7-03-2015
3358
التاريخ: 7-03-2015
3598
التاريخ: 16-6-2022
1888
|
لما سمع الزعيم الحديدي قيس بن سعد بالنبأ المؤلم جمد دمه واستولت عليه موجة من الهموم وغشيته سحب من الأحزان حتى تمنى مفارقة الحياة وجعل يردد في دخيلة نفسه : كيف سالم أمير الحق أمير الباطل؟!!!
ووقف وهو حائر اللب خائر القوى يريد أن ينقل قدمه من الأرض فلم يتمكن قد مشت الرعدة بأوصاله والحيرة بصدره وسرى الألم العاصف في محيّاه ثم انفجر باكيا وهو ينظم ذوب الحشا قائلا :
أتاني بأرض العال من أرض مسكن بأن إمام الحق أضحى مسالما
فما زلت مذ بينته متلددا أراعي نجوما خاشع القلب واجما
والتفت الى الجيش وقد علاه الانكسار واستولى عليه الجزع والذهول قائلا بصوت خافت حزين النبرات : اختاروا إحدى اثنتين اما قتال بغير إمام واما أن تبايعوا بيعة ضلال؟!!
فأجابوه وقد علاهم الذل والهوان قائلين : بل نقاتل بغير إمام ؛ وزحفوا الى جموع أهل الشام فضربوهم حتى أرجعوهم الى مصافهم واضطرب معاوية من ذلك أشد الاضطراب فراسل قيسا يمنّيه ويتوعّده فأجابه قيس : لا والله لا تلقاني إلا وبيني وبينك السيف أو الرمح ؛ ولما يئس منه معاوية أرسل إليه رسالة يشتمه فيها ويتوعّده وهذا نصها : أما بعد : فإنك يهودي تشقى نفسك وتقتلها فيما ليس لك فإن ظهر أحب الفريقين إليك نبذك وغدرك وإن ظهر أبغضهم إليك نكّل بك وقتلك وقد كان أبوك أوتر غير قوسه ورمى غير غرضه فأكثر الجذ وأخطأ المفصل فخذله قومه وأدركه يومه فمات بحوران غريبا والسلام ؛ فاجابه قيس : أما بعد : فإنما أنت وثن ابن وثن دخلت في الإسلام كرها واقمت فيه فرقا وخرجت منه طوعا ولم يجعل الله لك فيه نصيبا لم يقدم إسلامك ولم يحدث نفاقك ولم تزل حربا لله ولرسوله وحزبا من أحزاب المشركين وعدوّا لله ولنبيه وللمؤمنين من عباده. وذكرت أبي فلعمري ما أوتر إلا قوسه ولا رمى إلا غرضه فشغب عليه من لا تشق غباره ولا تبلغ كعبه وزعمت أني يهودي ابن يهودي وقد علمت وعلم الناس أني وأبي أعداء الدين الذي خرجت منه وانصار الدين الذي دخلت فيه وصرت إليه والسلام .
وحكت هذه الرسالة حقيقة معاوية وواقعه ولمّا قرأها انتفخت أوداجه وورم أنفه فأراد أن يجيبه ولكن الداهية الماكر وزيره ابن العاص نهاه عن ذلك قائلا له : فإنك إن كاتبته أجابك بأشد من هذا وإن تركته دخل فيما دخل فيه الناس ؛ واستصوب معاوية رأي ابن العاص فأعرض عن الشدة والعنف وبعث إليه رسالة جاء فيها : على طاعة من تقاتل؟ وقد بايعني الذي أعطيته طاعتك ؛ ولم يقتنع قيس بذلك وبقي مصرا على رأيه ولكن معاوية خاف من الفتنة ومن تطور الأحداث فبعث إليه طومارا ختم في أسفله وقال للرسول قل له فليكتب فيه ما شاء وغاظ ذلك ابن العاص لأن فيه نوعا من التكريم والحفاوة بقيس فالتفت الى معاوية قائلا : لا تأته هذا وقاتله!!
ولم يخف على معاوية حقد ابن العاص لقيس وعدم نصحه في مقاله فأجابه : على رسلك فانا لا نخلص الى قتلهم حتى يقتل اعدادهم من أهل الشام فما خير في العيش بعد ذلك واني والله لا أقاتله أبدا حتى لا أجد من قتاله بدّا ؛ وأوصل الرسول الطومار الى قيس وابلغه بمقالة معاوية فتأمل قيس وأطال التفكير وأخيرا لم يجد بدا من الدخول فيما دخل فيه الناس إذ لم تكن عنده قوة يستطيع بها على مناجزة معاوية ولم يكن هناك ركن شديد يأوى إليه حتى يتخلص من بيعته فأجاب الرسول بالموافقة وسجل في الطومار الأمان له ولشيعته ولم يسأل غير ذلك ولكنه امتنع من الاجتماع معه لأنه قد عاهد الله أن لا يجتمع معه إلا وبينهما السيف والرمح فلما علم معاوية ذلك أمر باحضار سيف ورمح ليجعل بينهما حتى يبر قيس بيمينه ولا يحنث فعند ذلك التجأ قيس الى الاجتماع به فأقبل وقد أحاطت به الجماهير وشخصت نحوه الأبصار وهو مطأطئ الرأس مثقل الخطى لا يبصر طريقه من الأسى والذل يتنفس فيلفظ شظايا قلبه مع أنفاسه ولما استقر به المجالس التفت الى الجموع الحاشدة قائلا : يا معشر الناس لقد اعتضتم الشر من الخير واستبدلتم الذل من العز والكفر من الإيمان فأصبحتم بعد ولاية أمير المؤمنين وسيد المسلمين وابن عم رسول رب العالمين وقد وليكم الطليق ابن الطليق يسومكم الخسف ويسير فيكم بالسيف فكيف تجهل ذلك أنفسكم أم طبع الله على قلوبكم وأنتم لا تعقلون ؛ ثم التفت الى الإمام (عليه السلام) وقد استولى عليه الذل والانكسار قائلا بصوت خفيض وبنبرات مرتعشة : أفي حل أنا من بيعتك؟ والتاع الإمام أشد اللوعة من حديث قيس فأجابه بكلمة واحدة : نعم ؛ ولم يكتف معاوية بذلك فقد دفعته الوقاحة وصفاقة الوجه وضيق الوعاء أن يقول له : أتبايع يا قيس؟
فأجابه بصوت خافت حزين : نعم ؛ ثم أطرق برأسه ووضع يده على فخذه لم يمدها إليه وقام معاوية من سريره وأكب عليه ومسح يده وقيس لم يرفع يده.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|