المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

حاكمية القانون في القضاء
30-3-2019
The class-C amplifier
16-5-2021
الشامي مع زين العابدين
19-3-2016
سبب نزول الآية [122] من سورة التوبة
9-10-2014
ما هي أنواع المواد المضافة لصور تجهيز مبيدات الحشرات؟
2023-10-19
وجوب صوم كفّارة قتل الخطأ.
18-1-2016


موقف الزعيم قيس بعد الصلح  
  
3275   03:00 مساءاً   التاريخ: 7-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسن دراسة وتحليل
الجزء والصفحة : ج2 ، ص262-266
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي المجتبى / صلح الامام الحسن (عليه السّلام) /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-4-2016 3298
التاريخ: 7-03-2015 3358
التاريخ: 7-03-2015 3598
التاريخ: 16-6-2022 1888

لما سمع الزعيم الحديدي قيس بن سعد بالنبأ المؤلم جمد دمه واستولت عليه موجة من الهموم وغشيته سحب من الأحزان حتى تمنى مفارقة الحياة وجعل يردد في دخيلة نفسه : كيف سالم أمير الحق أمير الباطل؟!!!

ووقف وهو حائر اللب خائر القوى يريد أن ينقل قدمه من الأرض فلم يتمكن قد مشت الرعدة بأوصاله والحيرة بصدره وسرى الألم العاصف في محيّاه ثم انفجر باكيا وهو ينظم ذوب الحشا قائلا :

أتاني بأرض العال من أرض مسكن        بأن إمام الحق أضحى مسالما

فما زلت مذ بينته متلددا                  أراعي نجوما خاشع القلب واجما

والتفت الى الجيش وقد علاه الانكسار واستولى عليه الجزع والذهول قائلا بصوت خافت حزين النبرات : اختاروا إحدى اثنتين اما قتال بغير إمام واما أن تبايعوا بيعة ضلال؟!!

فأجابوه وقد علاهم الذل والهوان قائلين : بل نقاتل بغير إمام ؛ وزحفوا الى جموع أهل الشام فضربوهم حتى أرجعوهم الى مصافهم واضطرب معاوية من ذلك أشد الاضطراب فراسل قيسا يمنّيه ويتوعّده فأجابه قيس : لا والله لا تلقاني إلا وبيني وبينك السيف أو الرمح ؛ ولما يئس منه معاوية أرسل إليه رسالة يشتمه فيها ويتوعّده وهذا نصها : أما بعد : فإنك يهودي تشقى نفسك وتقتلها فيما ليس لك فإن ظهر أحب الفريقين إليك نبذك وغدرك وإن ظهر أبغضهم إليك نكّل بك وقتلك وقد كان أبوك أوتر غير قوسه ورمى غير غرضه فأكثر الجذ وأخطأ المفصل فخذله قومه وأدركه يومه فمات بحوران غريبا والسلام ؛ فاجابه قيس : أما بعد : فإنما أنت وثن ابن وثن دخلت في الإسلام كرها واقمت فيه فرقا وخرجت منه طوعا ولم يجعل الله لك فيه نصيبا لم يقدم إسلامك ولم يحدث نفاقك ولم تزل حربا لله ولرسوله وحزبا من أحزاب المشركين وعدوّا لله ولنبيه وللمؤمنين من عباده. وذكرت أبي فلعمري ما أوتر إلا قوسه ولا رمى إلا غرضه فشغب عليه من لا تشق غباره ولا تبلغ كعبه وزعمت أني يهودي ابن يهودي وقد علمت وعلم الناس أني وأبي أعداء الدين الذي خرجت منه وانصار الدين الذي دخلت فيه وصرت إليه والسلام .

وحكت هذه الرسالة حقيقة معاوية وواقعه ولمّا قرأها انتفخت أوداجه وورم أنفه فأراد أن يجيبه ولكن الداهية الماكر وزيره ابن العاص نهاه عن ذلك قائلا له : فإنك إن كاتبته أجابك بأشد من هذا وإن تركته دخل فيما دخل فيه الناس ؛ واستصوب معاوية رأي ابن العاص فأعرض عن الشدة والعنف وبعث إليه رسالة جاء فيها : على طاعة من تقاتل؟ وقد بايعني الذي أعطيته طاعتك ؛ ولم يقتنع قيس بذلك وبقي مصرا على رأيه ولكن معاوية خاف من الفتنة ومن تطور الأحداث فبعث إليه طومارا ختم في أسفله وقال للرسول قل له فليكتب فيه ما شاء وغاظ ذلك ابن العاص لأن فيه نوعا من التكريم والحفاوة بقيس فالتفت الى معاوية قائلا : لا تأته هذا وقاتله!!

ولم يخف على معاوية حقد ابن العاص لقيس وعدم نصحه في مقاله فأجابه : على رسلك فانا لا نخلص الى قتلهم حتى يقتل اعدادهم من أهل الشام فما خير في العيش بعد ذلك واني والله لا أقاتله أبدا حتى لا أجد من قتاله بدّا ؛ وأوصل الرسول الطومار الى قيس وابلغه بمقالة معاوية فتأمل قيس وأطال التفكير وأخيرا لم يجد بدا من الدخول فيما دخل فيه الناس إذ لم تكن عنده قوة يستطيع بها على مناجزة معاوية ولم يكن هناك ركن شديد يأوى إليه حتى يتخلص من بيعته فأجاب الرسول بالموافقة وسجل في الطومار الأمان له ولشيعته ولم يسأل غير ذلك ولكنه امتنع من الاجتماع معه لأنه قد عاهد الله أن لا يجتمع معه إلا وبينهما السيف والرمح فلما علم معاوية ذلك أمر باحضار سيف ورمح ليجعل بينهما حتى يبر قيس بيمينه ولا يحنث فعند ذلك التجأ قيس الى الاجتماع به فأقبل وقد أحاطت به الجماهير وشخصت نحوه الأبصار وهو مطأطئ الرأس مثقل الخطى لا يبصر طريقه من الأسى والذل يتنفس فيلفظ شظايا قلبه مع أنفاسه ولما استقر به المجالس التفت الى الجموع الحاشدة قائلا : يا معشر الناس لقد اعتضتم الشر من الخير واستبدلتم الذل من العز والكفر من الإيمان فأصبحتم بعد ولاية أمير المؤمنين وسيد المسلمين وابن عم رسول رب العالمين وقد وليكم الطليق ابن الطليق يسومكم الخسف ويسير فيكم بالسيف فكيف تجهل ذلك أنفسكم أم طبع الله على قلوبكم وأنتم لا تعقلون ؛ ثم التفت الى الإمام (عليه السلام) وقد استولى عليه الذل والانكسار قائلا بصوت خفيض وبنبرات مرتعشة : أفي حل أنا من بيعتك؟ والتاع الإمام أشد اللوعة من حديث قيس فأجابه بكلمة واحدة : نعم ؛ ولم يكتف معاوية بذلك فقد دفعته الوقاحة وصفاقة الوجه وضيق الوعاء أن يقول له : أتبايع يا قيس؟

فأجابه بصوت خافت حزين : نعم ؛ ثم أطرق برأسه ووضع يده على فخذه لم يمدها إليه وقام معاوية من سريره وأكب عليه ومسح يده وقيس لم يرفع يده.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.