المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



حقوق الرحم  
  
3195   04:01 مساءاً   التاريخ: 31-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الإمام زين العابدين (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ج‏2،ص235-239.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن الحسين السجّاد / التراث السجّاديّ الشريف /

وجه الإمام (عليه السلام) نظره صوب الارحام فأدلى بحقوقهم ومنها حق الأم:

فحق أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحدا و أطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحدا و أنها وقتك بسمعها و بصرها و يدها و رجلها و شعرها و بشرها و جميع جوارحها مستبشرة بذلك فرحة موبلة  محتملة لما فيه مكروهها و ألمها و ثقلها و غمها حتى دفعتها عنك يد القدرة و أخرجتك إلى الأرض فرضيت أن تشبع و تجوع هي و تكسوك و تعرى و ترويك و تظمأ و تظلك و تضحى و تنعمك ببؤسها و تلذذك بالنوم بأرقها و كان بطنها لك وعاء و حجرها لك حواء  و ثديها لك سقاء و نفسها لك وقاء تباشر حر الدنيا و بردها لك و دونك فتشكرها على قدر ذلك و لا تقدر عليه إلا بعون اللّه و توفيقه .

ما أعظم حقوق الأم و ما أكثر ألطافها و أياديها على ولدها فهي صانعة حياته و لو لا عواطفها و حنانها لما عاش و لما استمرت له الحياة فقد تعاهدته بروحها منذ تكوينه و تحملت اعباء الحمل و اخطار الولادة و بعد ولادته تذوب في سبيله و تبذل جميع طاقاتها للحفاظ عليه و السهر من‏ أجله و تبقى تخدمه باخلاص و ترعاه بعطف و حنان إلى أن يكبر و يأخذ طريقه في الحياة فذا فارقها أو نأى عنها فكأن الحياة قد فارقتها و نظم محمد بن الوليد الفقيه عواطفها و عواطف الأب في هذه الأبيات :

لو كان يدري الابن أية غصة              يتجرع الأبوان عند فراقه‏

أم تهيج بوجده حيرانة            و أب يسح الدمع من آماقه‏

يتجرعان لبينه غصص الردى‏             و يبوح ما كتماه من اشواقه‏

لرثى لأم سل من أحشائها                  و بكى لشيخ هام في آفاقه‏

و لبدل الخلق الأبي بعطفه‏                 و جزاهما بالعذب من أخلاقه‏

ما أعجز الانسان عن أداء حقوق أمه و لو قدم لها جميع الخدمات و المبرات لما أدى أبسط شي‏ء من حقوقها.

و أما حق أبيك فتعلم أنه أصلك و أنك فرعه و أنك لولاه لم تكن فمهما رأيت في نفسك ما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه و احمد اللّه و اشكره على قدر ذلك و لا قوة إلا باللّه أما حق الأب على ولده فعظيم جدا فهو أصله و لولاه لم يكن و يجب عليه رعاية حقوقه و القيام بشؤونه و ما يحتاج إليه لا سيما عند كبره و عجزه فإنه يتأكد عليه تقديم جميع المساعدات و الخدمات ليؤدي بذلك بعض حقوقه.

و أما حق ولدك فتعلم أنه منك و مضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره و شره و إنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب و الدلالة على ربه و المعونة على طاعته فيك و في نفسه فمثاب على ذلك و معاقب فاعمل في أمره عمل‏ المتزين بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا المعذر إلى ربه في ما بينه و بينه بحسن القيام عليه و الأخذ له منه و لا قوة إلا باللّه .

إن الولد إنما هو امتداد لحياة أبيه و استمرار لوجوده فهو بعضه بل هو كله يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لولده الإمام الزكي الحسن (عليه السلام): و وجدتك بعضي بل وجدتك كلي حتى كأن شيئا لو اصابك أصابني و كأن الموت لو أتاك أتاني فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي .

و تلقي التربية الإسلامية العبء الكبير على الأب في تربية ابنه و عليه أن يغرس في أعماقه النزعات الكريمة و الصفات الشريفة و يعوده على العادات الحسنة و يجنبه الرذائل و يقيم له الأدلة على الخالق العظيم الذي بيده ملكوت كل شي‏ء فإن قام بذلك فقد أدى واجبه نحو ابنه و نحو المجتمع بأسره لأن الانسان الصالح لبنة في بناء المجتمع و إن لم يقم بذلك فهو مسؤول أمام اللّه تعالى و معاقب على ذلك.

و أما حق أخيك فتعلم أنه يدك التي تبسطها و ظهرك الذي تلتجى‏ء إليه و عزك الذي تعتمد عليه و قوتك التي تصول بها فلا تتخذه سلاحا على معصيته و لا عدة للظلم بحق اللّه‏ و لا تدع نصرته على نفسه و معونته على عدوه و الحول بينه و بين شياطينه و تأدية النصيحة إليه و الاقبال عليه في اللّه فان انقاد لربه و احسن الاجابة له و إلا فليكن اللّه آثر عندك و أكرم عليك منه .

أما الأخ فهو يد لأخيه و عز و منعة و قوة له و هو سنده في الملمات و الشدائد و قد ذكر الإمام (عليه السلام) له من الحقوق ما يلي :

1- أن لا يتخذه سلاحا على معاصي اللّه.

2- أن لا يستعين به على ظلم الناس و الاعتداء عليهم بغير حق.

3- أن لا يدع نصرته على نفسه و ذلك بأن يرشده إلى سبل الخير و يهديه إلى طرق الرشاد.

4- أن يعينه على عدوه إبليس فيحذره منه و يخوفه من عقاب اللّه لئلا يغويه و يصده عن الطريق القويم.

5- أن يمنحه النصيحة في أمور آخرته و دنياه فإن انقاد للحق فذاك و إلا فليعرض عنه و لا يتصل به مع اعلان للعصيان و حربه للّه.

و أما حق المنعم عليك بالولاء فتعلم أنه أنفق فيك ماله و أخرجك من ذل الرق و وحشته إلى عز الحرية و أنسها و أطلقك من أسر الملكة و فك عنك حلق العبودية و أوجدك رائحة العز و أخرجك من سجن القهر و دفع عنك العسر و بسط لك لسان الانصاف و أباحك الدنيا فملكك نفسك و حل أسرك و فرغك لعبادة ربك و احتمل بذلك التقصير في ماله فتعلم أنه أولى الخلق بك بعد أولي رحمك في حياتك و موتك و احق الخلق بنصرك و معونتك و مكافأتك في ذات اللّه فلا تؤثر عليه نفسك ما احتاج إليك إن للمولى المنعم على عبده بالعتق حقا كبيرا فقد فك عنه الاغلال و انقذه من ذل العبودية و أطعمه عز الحرية فله عليه الأيادي البيضاء و الواجب عليه أن يقابله بالشكر الجزيل فينصره و يعينه و يكافئه في ذات اللّه وفاء لجميله و معروفه.

و أما حق مولاك الجارية عليه نعمتك فأن تعلم أن اللّه جعلك حامية عليه و واقية و ناصرا و معقلا و جعله لك وسيلة و سببا بينك و بينه فبالحري أن يحجبك عن النار فيكون في ذلك ثواب منه في الآجل و يحكم لك بميراثه في العاجل إذا لم يكن له رحم مكافأة لما أنفقته من مالك عليه

و قمت به من حقه بعد انفاق مالك فإن لم تخفه خيف عليك أن لا يطيب لك ميراثه و لا قوة إلا باللّه .

دعا الإمام (عليه السلام) المولى إلى مراعاة حقوق أرقائه فإن اللّه قد جعله عليهم وكيلا و حامية عليهم فاللازم عليه مراعاة حقوقهم و معاملتهم معاملة كريمة و الاحسان إليهم بكل ما يتمكن فإن فعل ذلك و قام به فإن اللّه يجازيه على ذلك و يجعل احسانه إليهم وقاية له من النار .

و أما حق ذي المعروف عليك فأن تشكره و تذكر معروفه و تنشر له المقالة الحسنة و تخلص له الدعاء فيما بينك و بين اللّه سبحانه فانك إذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا و علانية ثم إن أمكن مكافأته بالفعل كافأته و إلا كنت مرصدا له موطنا نفسك عليها .

تبنى الإسلام بصورة إيجابية الدعوة إلى الإحسان و شكر المحسن و تشجيعه على هذه الصفة الرفيعة الهادفة إلى إيجاد التضامن بين المسلمين و خلق مجتمع أفضل تتوفر فيه جميع عناصر القوة.

لقد حث الإمام (عليه السلام) على شكر المحسن و اذاعة فضله و إحسانه تكريما للفضيلة بين الناس كما حث على الاخلاص له في الدعاء و مكافأته بالأفعال.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.