المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

Consonants
2024-06-18
تغير قيمة الموقع الجغرافي بمرور الزمن
21-2-2022
الحق المكتسب
27-6-2021
التزام الوسيط التجاري بالقيام بالعمل المكلف به وهو الوساطة بين الطرفين
13-3-2016
Lexical and functional morphemes
22-2-2022
صبغة Remazol brillinat blue
2024-08-15


[مصرع شبيه النبي]  
  
3539   04:01 مساءاً   التاريخ: 29-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسين
الجزء والصفحة : ج3, ص243-249.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-04-2015 4081
التاريخ: 28-3-2016 3216
التاريخ: 18-10-2015 3520
التاريخ: 28-3-2016 18316

بعد ما استشهدت الصفوة العظيمة من أصحاب الامام هبت ابناء الأسرة النبوية شبابا واطفالا للتضحية والفداء وهم بالرغم من صغر اسنانهم كانوا كالليوث لم يرهبهم الموت ولم تفزعهم الأهوال وتسابقوا إلى ميادين الجهاد وقد ضنّ الامام على بعضهم بالموت فلم يسمح لهم بالجهاد الا انهم اخذوا يتضرعون إليه ويقبلون يديه ورجليه ليأذن لهم في الدفاع عنه , والمنظر الرهيب الذي يذيب القلوب ويذهل كل كائن حي هو أن تلك الفتية جعل يودع بعضهم بعضا الوداع الأخير فكان كل واحد منهم يوسع أخاه وابن عمه تقبيلا وهم غارقون بالدموع حزنا وأسى على ريحانة رسول اللّه (صلى الله عليه واله) حيث يرونه وحيدا غريبا قد احاطت به جيوش الأعداء ويرون عقائل النبوة ومخدرات الوحي وقد تعالت اصواتهن بالبكاء والعويل وساعد اللّه الامام على تحمل هذه الكوارث التي تقصم الأصلاب وتذهل الألباب ولا يطيقها أي انسان الا من امتحن اللّه قلبه للأيمان ؛ ومن الذين استشهدوا من ابناء الرسول (صلى الله عليه واله) علي الأكبر ؛ وأجمع المؤرخون ان علي بن الحسين الأكبر كان يضارع جده الرسول (صلى اللّه عليه وآله) في خلقه وأخلاقه التي امتاز بها على سائر النبيين وأعظم بهذه الثروة التي ملكها سليل هاشم فقد ملك جميع الطاقات الانسانية والمثل الكريمة التي يسمو بها العظماء والمصلحون , وكان البارز من معاني أخلاقه الاباء والشمم وعزة النفس والاندفاع الهائل في ميادين الكرامة الانسانية فقد آثر الموت واستهان بالحياة في سبيل كرامته ولا يخضع لحكم الدعي ابن الدعي وقد بعث عمر بن سعد رجلا من أصحابه فناداه : ان لك قرابة بأمير المؤمنين ـ يعني يزيد ـ ونريد أن نرعى هذا الرحم فان شئت آمناك؟

فسخر منه علي بن الحسين وصاح به : لقرابة رسول اللّه احق ان ترعى ؛ وكان من ابر ابناء الامام واكثرهم مواساة وحرصا عليه وهو أول من اندفع بحماس بالغ من الهاشميين إلى الحرب وكان عمره فيما يقول المؤرخون ثماني عشرة سنة فلما رآه الامام اخذ يطيل النظر إليه وقد ذابت نفسه حزنا واشرف على الاحتضار لأنه رأى ولده الذي لا ند له قد ساق نفسه إلى الموت فرفع شيبته الكريمة نحو السماء وراح يقول بحرارة وألم ممض : اللهم اشهد على هؤلاء القوم فقد برز إليهم غلام أشبه الناس برسولك محمد (صلى الله عليه واله) خلقا وخلقا ومنطقا وكنا إذا اشتقنا الى رؤية نبيك نظرنا إليه اللهم امنعهم بركات الأرض وفرقهم تفريقا ومزقهم تمزيقا واجعلهم طرائق قددا ولا ترضي الولاة عنهم أبدا فانهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلوننا.

ويلمس في هذه الكلمات الحزينة مدى اساه على ولده الذي استوعب نفسه حبا له وقد دعا اللّه بحرارة ان ينزل على تلك العصابة المجرمة عذابه الأليم في هذه الدنيا وتقطع قلب الامام حزنا على ولده فصاح بالمجرم الأثيم عمر بن سعد : ما لك قطع اللّه رحمك ولا بارك لك في أمرك وسلط عليك من يذبحك بعدي على فراشك كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول اللّه (صلى الله عليه واله) ثم تلا قوله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران: 33، 34] وشيع الامام ولده بدموع مشفوعة بالحزن والزفرات وخلفه نساء أهل البيت وقد علا منهن الصراخ والعويل على شبيه رسول اللّه (صلى الله عليه واله) الذي ستتناهب شلوه السيوف والرماح , وانطلق الفتى إلى حومة الحرب مزهوا لم يختلج في قلبه خوف ولا رعب وهو يحمل هيبة الرسول (صلى الله عليه واله) وشجاعة امير المؤمنين وبأس حمزة واباء الحسين وتوسط حراب الأعداء وسيوفهم وهو يرتجز بعزة وتصميم محاميا عن دين اللّه :

أنا علي بن الحسين بن علي      نحن ورب البيت أولى بالنبي

تالله لا يحكم فينا ابن الدعي

أجل واللّه يا فخر هاشم أنت وأبوك أولى بالنبي واحق بمقامه فأنتم أقرب الناس إليه والصقهم به ولكن الأطماع السياسية التي تغلبت على القوم هي التي دفعتكم عن مقامكم وسلطت عليكم هذه الطغمة الجائرة فعمدت الى تقطيع أوصالكم واستئصال شأفتكم ليخلو لها الجو في التآمر على المسلمين بغير الحق ؛ واعلن علي بن الحسين في رجزه عن روعة بأسه وشدة إبائه وانه يؤثر الموت على الخنوع للدعي ابن الدعي والتحم مع اعداء اللّه وقد ملأ قلوبهم رعبا وفزعا وابدى من البسالة ما يقصر عنه الوصف فقد ذكّرهم ببطولات جده امير المؤمنين وقد قتل فيما يقول بعض المؤرخين مائة وعشرين فارسا  سوى المجروحين وألح عليه العطش فقفل راجعا الى أبيه يشكو إليه ظمأه القاتل ويودعه الوداع الأخير واستقبله أبوه بحرارة فبادره علي قائلا : يا أبة العطش قد قتلني وثقل الحديد قد أجهدني فهل الى شربة ماء من سبيل اتقوى بها على الأعداء؟

والتاع الامام كأشد ما تكون اللوعة ألما ومحنة فقال له بصوت خافت وعيناه تفيضان دموع : وا غوثاه ما اسرع الملتقى بجدك فيسقيك بكأسه شربة لا تظمأ بعدها أبدا ؛ وأخذ لسانه فمصه ليريه ظمأه فكان كشقه مبرد من شدة العطش ودفع إليه خاتمه ليضعه في فيه .

لقد كان هذا المنظر الرهيب من افجع ما رزئ به الامام الحسين لقد رأى فلذة كبده وهو في غضارة العمر وريعان الشباب وقد استوعبت الجراحات جسمه الشريف وقد اشرف على الهلاك من شدة العطش وهو لم يستطع أن يسعفه بجرعة ماء ليروي ظمأه يقول الحجة الشيخ عبد الحسين صادق في رائعته :

يشكو لخير أب ظماه وما اشتكى       ظمأ الحشا الا إلى الظامي الصدي

كل حشاشته كصالية الغضا             ولسانه ظمأ كشقة مبرد

فانصاع يؤثره عليه بريقه              لو كان ثمة ريقه لم يجمد

وقفل علي بن الحسين راجعا الى حومة الحرب قد فتكت الجروح بجسمه وفتت العطش كبده وهو لم يحفل بما هو فيه وانما استوعبت فكره وحدة أبيه وتضافر اعداء اللّه على قتله وجعل يرتجز :

الحرب قد بانت لها حقائق       وظهرت من بعدها مصادق

واللّه رب العرش لا نفارق       جموعكم أو تغمد البوارق

لقد اعرب فخر هاشم بهذا الرجز بأن الحقائق قد ظهرت في هذه الحرب وتجلت للجميع الأهداف النبيلة التي ينشدها أهل البيت وانهم سيبقون يناضلون عنها حتى تغمد البوارق ؛ وجعل علي الأكبر يقاتل أشد القتال واعنفه حتى قتل تمام المائتين وقد ضج العسكر فيما يقول المؤرخون من شدة الخسائر التي مني بها فقال الوضر الخبيث مرة بن منقذ العبدى علي آثام العرب إن لم اثكل أباه  وأسرع الخبيث إلى شبيه رسول اللّه (صلى الله عليه واله) فطعنه بالرمح مرة كان أبوه منقذ من قادة جيش الامام في معركة الجمل واستشهد في تلك الواقعة وحمل ابنه مرة اللواء من بعده وخاض المعركة وشهد مع علي صفين والنهروان ثم ارتد على عقبه وانحرف عن الاسلام فانضم إلى معسكر ابن سعد واقترف في هذه الحرب افظع الجرائم التي منها قتله لشبيه رسول اللّه (صلى الله عليه واله) على الأكبر في ظهره وضربه ضربة غادرة بالسيف على رأسه ففلق هامته واعتق علي فرسه يظن انه يرجعه إلى أبيه ليتزود بالنظر إليه إلا ان الفرس حمله الى معسكر الأعداء فأحاطوا به من كل جانب ولم يكتفوا بقتله وانما راحوا يقطعونه بسيوفهم اربا اربا تشفيا منه لما الحقه بهم من الخسائر الفادحة ونادى علي رافعا صوته : عليك مني السلام أبا عبد اللّه هذا جدي رسول اللّه قد سقاني بكأسه شربة لا اظمأ بعدها وهو يقول : إن لك كأسا مذخورة ؛ وحمل الأثير هذه الكلمات الى أبيه الثاكل الحزين فقطعت قلبه ومزقت احشاءه ففزع إليه وهو خائر القوى منهد الركن فانكب عليه ووضع خده على خده وهو جثة هامدة قد قطعت شلوه السيوف في وحشية قاسية فأخذ يذرف أحر دموعه وهو يقول بصوت خافت قد لفظ شظايا قلبه فيه : قتل اللّه قوما قتلوك يا بني ما اجرأهم على اللّه وعلى انتهاك حرمة الرسول على الدنيا بعدك العفا , وهرعت إليه الفتية من عمومته وأبناء عمومته فالقوا بنفوسهم عليه وهم يوسعونه تقبيلا ويلثمون جراحاته ويقسمون على أن يمضوا على ما مضى عليه وأمرهم الامام أن يحملوه إلى المخيم , وهرعت الطاهرة البتول حفيدة النبي (صلى الله عليه واله) زينب (عليه السلام) فانكبت على جثمان ابن أخيها تضمخه بدموعها وتندبه بأشجى ما تكون الندبة وقد انهارت امام ابن أخيها الذي كان قبل ساعة يملأ العين اهابه وأثر منظرها الحزين في نفس الامام فجعل يعزيها بمصابها الأليم وهو يردد : على الدنيا بعدك العفا.

لقد كان علي بن الحسين الرائد والزعيم لكل ابي شريف مات عصيا على الضيم في دنيا الاباء والشرف وداعا يا بطل الاسلام ؛ وداعا يا فخر هاشم ؛ وداعا يا فجر كل ليل ؛ ونحن نودعك بالأسى والحزن ونردد مع أبيك كلماته الحزينة على الدنيا بعدك العفا.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.