أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-3-2016
3801
التاريخ: 18-10-2015
3466
التاريخ: 24-6-2019
4422
التاريخ: 29-3-2016
5639
|
دعا الامام براحلته فركبها واتجه نحو معسكر ابن سعد وهو بتلك الهيبة التي تحكى هيبة جده الرسول فخطب فيهم خطابه التاريخي الذي هو من ابلغ واروع ما أثر في الكلام العربي وقد نادى بصوت عال يسمعه جلهم : أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتى اعظكم بما هو حق لكم علي وحتى اعتذر إليكم من مقدمي عليكم فان قبلتم عذري وصدقتم قولي واعطيتموني النصف من انفسكم كنتم بذلك أسعد ولم يكن لكم علي سبيل وإن لم تقبلوا مني العذر ولم تعطوا النصف من انفسكم فاجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون ان ولي اللّه الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين .
ونقل الأثير كلماته إلى السيدات من عقائل النبوة وحرائر الوحي فتصارخن بالبكاء وارتفعت اصواتهن فبعث إليهن أخاه العباس وابنه عليا وقال لهما : سكتاهن فلعمري ليكثر بكاؤهن .
ولما سكتن استرسل في خطابه فحمد اللّه واثنى عليه وصلى على النبي (صلى الله عليه واله) وعلى الملائكة والأنبياء وقال في ذلك ما لا يحصى ذكره ولم يسمع لا قبله ولا بعده ابلغ منه في منطقه وقال : أيها الناس إن اللّه تعالى خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال متصرفة بأهلها حالا بعد حال فالمغرور من غرته والشقي من فتنته فلا تغرنكم هذه الدنيا فانها تقطع رجاء من ركن إليها وتخيب طمع من طمع فيها وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد اسخطتم اللّه فيه عليكم واعرض بوجهه الكريم عنكم واحل بكم نقمته فنعم الرب ربنا وبئس العبيد أنتم أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمد (صلى الله عليه واله) ثم انكم زحفتم إلى ذريته وعترته تريدون قتلهم لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر اللّه العظيم فتبا لكم ولما تريدون إنا للّه وإنا إليه راجعون هؤلاء قوم كفروا بعد ايمانهم فبعدا للقوم الظالمين.
لقد وعظهم بهذه الكلمات التي تمثل هدي النبوة ومحنة الأنبياء في اممهم فحذرهم من فتنة الدنيا وغرورها ودلل على عواقبها الخاسرة واهاب بهم من الاقدام على قتل عترة نبيهم فانهم بذلك يخرجون من الاسلام إلى الكفر ويستوجبون عذاب اللّه الخالد وسخطه الدائم ثم استرسل (عليه السلام) في خطابه فقال : أيها الناس انسبوني من أنا؟ ثم ارجعوا الى انفسكم وعاتبوها وانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟! الست ابن بنت نبيكم وابن وصيه وابن عمه؟ وأول المؤمنين باللّه والمصدق لرسوله بما جاء من عند ربه؟ أو ليس حمزة سيد الشهداء عم أبي؟ أو ليس جعفر الطيار عمي أو لم يبلغكم قول رسول اللّه (صلى الله عليه واله) لي ولأخي : هذان سيدا شباب أهل الجنة فان صدقتموني بما اقول وهو الحق واللّه ما تعمدت الكذب منذ علمت ان اللّه يمقت عليه أهله ويضر به من اختلقه وان كذبتموني فان فيكم من اذا سألتموه اخبركم سلوا جابر بن عبد اللّه الأنصاري وأبا سعيد الخدري وسهل بن سعد الساعدي وزيد بن ارقم وأنس بن مالك يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول اللّه (صلى الله عليه واله) لي ولأخي أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟.
لا اعرف خطابا أرق ولا ابلغ من هذا الخطاب فأي خطيب مهما كان يتمتع برائع البيان فانه ليعجز عن الكلام في مثل هذا الموقف الرهيب الذي تخرس فيه الأسود وتحجم فيه الابطال , وكان خليقا بهذا الخطاب أن يرجع إليهم حوازب احلامهم ويحدث انقلابا فكريا وعمليا في صفوفهم لقد دعاهم لأن يرجعوا إلى نفوسهم وعقولهم لو كانوا يملكونها ليمعنوا النظر في شأنه فهو حفيد نبيهم وابن وصيه والصق الناس وأمسهم رحما به وهو سيد شباب أهل الجنة وفي ذلك حصانة له من سفك دمه وانتهاك حرمته الا ان ذلك الجيش لم يع هذا المنطق الفياض فقد خلد إلى الجريمة واستولى على قلوبهم زيغ قائم من الضلال فإنساهم ذكر اللّه , وانبرى إليه الرجس الخبيث شمر بن ذي الجوشن وهو ممن غرق في الأثم فقال له : هو يعبد اللّه على حرف ان كان يدري ما تقول؟
وما كان مثل ذلك الضمير المتحجر الذي ران عليه الباطل أن يعي منطق الامام أو يفهم مقالته وتصدى لجوابه حبيب بن مظاهر فقال له :واللّه اني أراك تعبد اللّه على سبعين حرفا وأنا أشهد انك صادق ما تدري ما يقول : قد طبع اللّه على قلبك ؛ واستمر الامام في خطابه فقال : فان كنتم في شك من هذا القول أفتشكون أني ابن بنت نبيكم فو اللّه ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ولا في غيركم ويحكم اتطلبونني بقتيل منكم قتلته أو مال لكم استهلكته أو بقصاص جراحة .
وزلزلت الأرض تحت أقدامهم وغدوا حيارى لا يملكون جوابا لرده فهم لا يشكون أنه ابن بنت رسول اللّه (صلى الله عليه واله) وريحانته وانهم لا يطلبونه بقتيل قتله ولا بمال استهلكه منهم , ثم نادى الامام قادة الجيش الذين دعوه برسائلهم للقدوم الى الكوفة فقال : يا شبث بن ربعي ويا حجار بن ابجر ويا قيس بن الأشعث ويا زيد بن الحرث ألم تكتبوا إلي أن قد اينعت الثمار واخضر الجناب وانما تقدم على جند لك مجندة.
ولم تخجل تلك النفوس من خيانة العهد وحنث الايمان فأجابوه مجمعين على الكذب : لم نفعل .
واستغرب الامام منهم ذلك فقال لهم : سبحان اللّه!! بلى واللّه لقد فعلتم.
واعرض الامام عنهم ووجه خطابه الى جميع قطعات الجيش فقال لهم : أيها الناس اذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمني من الأرض.
فانبرى إليه قيس بن الأشعث وهو ممن عرف بالغدر والنفاق وقد خلع كل شرف وحياء وحسبه أنه من أسرة لم تنجب شريفا قط فقال له : أولا تنزل على حكم بني عمك؟ فانهم لن يروك إلا ما تحب ولن يصل إليك منهم مكروه.
فأجابه الامام : أنت أخو اخيك؟ أتريد أن يطلبك بنو هاشم باكثر من دم مسلم ابن عقيل؟ لا واللّه لا اعطيهم بيدي اعطاء الذليل ولا أفرّ فرار العبيد عباد اللّه إني عذت بربي وربكم أن ترجمون أعوذ بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب .
نزول الممالك وتدول الدول وهذه الكلمات احق بالبقاء واجدر بالخلود من كل شيء فقد مثلت عزة الحق ومنعة الاحرار وشرف الأباة.
ومن المؤسف أنه لم تنفذ هذه الكلمات النيرة إلى قلوبهم فقد اقفل الجهل جميع ابواب الفهم في نفوسهم {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 7] {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا } [الفرقان: 44] لقد اعرضوا اعراضا تاما عن دعوة الامام فلم يحفلوا بها وصدق اللّه تعالى إذ يقول : {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} [النمل: 80].
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل شيوخ ووجهاء عشيرة البو بدري في مدينة سامراء
|
|
|