أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-1-2016
3341
التاريخ: 17-6-2017
10262
التاريخ: 29-06-2015
2332
التاريخ: 19-06-2015
2125
|
هو أبو الحسن علي بن إبراهيم بن عطية اللخمي البلنسي المعروف باسم ابن الزّقاق، و هو ابن أخت الشاعر الأندلسي المشهور ابن خفاجة، رزق به أبوه في أواخر العقد التاسع من القرن الخامس الهجري، و يصل بعض مترجميه بين أبيه و بين أسرة المعتمد بن عباد أمير إشبيلية في عصر أمراء الطوائف، و يقولون إنه حين خلع يوسف بن تاشفين المعتمد من إمارة إشبيلية اختفي الأب و هاجر إلى بلنسية، و استوطنها، و عمل بها مؤذنا بمسجدها الكبير. و في نفح الطيب رواية تزعم أن أباه كان فقيرا جدا و أنه كان صاحب حانوت يكبّ فيه على صناعة الزّقاق، و أنه كان يتلوم ابنه لسهره ليلا يشتغل بالآداب، لما يكلفه ذلك من الزيت الكثير لمصباحه، و يقال إنه نال بأولى قصائده في أمير بلنسي ثلاثمائة دينار، فأتى بها إلى أبيه و وضعها في حجره، و قال له: اشتر بها زيتا، و نظن ظنا أن هذا الخبر غير صحيح و أن صاحبه حاول به تفسير لقب أبيه المتصل باسمه: ابن الزقاق. و لا نعرف أهذا اللقب كان لأبيه أو لأحد أجداده، و يغلب أن لا يكون له أي صلة بزقاق الخمر و أن هذا الأب أو الجد لقب «زقّاقا» لسمنه الزائد و انتفاخ كرشه، كما أشارت إلى ذلك عفيفة ديراني محققة ديوانه. و عنى الأب بتربية ابنه لما رأى فيه من مخايل الذكاء حتى إذا شبّ لزم دروس ابن السيد البطليوسي و على يديه درس العربية و الآداب. و تفتحت موهبته مبكرا، و أخذ يلفت نظر الشعراء و الأدباء في بلدته. و امتدح بعض الكبراء من بني عبد العزيز أمراء بلنسية قديما قبل مولده و بعض القضاة و يحيى بن غانية أمير بلنسية و مرسية لعهد علي بن يوسف بن تاشفين. و كان قليلا ما يمدح أميرا أو كبيرا، إذ كان يترفع عن المديح، و نوه بذلك مرارا في شعره من مثل قوله:
أنا من تمنّته الملوك فلم أعج منها على ذي طارف و تلاد (1)
فالملوك لزمنه كانت تتمنى أن يصوغ لهم شيئا من مدائحه، و كان يتمنّع عليهم لإباء نفسه و شعوره العميق بكرامته. و في الديوان مراث مختلفة و بينها مرثية حارة في سيدة لعلها زوجته كما ترجح محققة الديوان، و قد رزق منها بنجلين: محمود و إبراهيم، و يصور حبه لهما و عاطفته الأبوية نحوهما بإحدى قصائده. و الديوان موزع بين موضوعين كبيرين هما الغزل و حب الطبيعة، و الغزل تارة يقدم به إحدى قصائد المديح، و تارة ثانية يخلطه بالطبيعة مضيفا إلى النشوة بها النشوة بالخمر، و من بواكير غزله قوله في مقدمة إحدى مدائحه:
يا شمس خدر ما لها مغرب أرامة خدرك أم يثرب (2)
ذهبت فاستعبر طرفي دما مفضّض الدّمع به مذهب
ناشدتك الّله نسيم الصّبا أنّى استقرّت بعدنا زينب
لم تسر إلا بشذى عرفها أولا فماذا النّفس الطيّب (3)
إيه و إن عذّبني حبّها فمن عذاب النفس ما يعذب
و تتضح في هذه الأبيات المبكرة-كما يقول الرواة-الخاصة الفنية الرائعة التي أشار إليها أبو الوليد الشقندي في بيانه براعة الأندلسيين في الشعر، و هي أن ابن الزقاق يتناول في أشعاره الصور و الأخيلة التي تداولها الشعراء قبله مرارا و تكرارا حتى غدت كالثوب الخلق البالي، فإذا هو يبثّ فيها حياة و حيوية فتصبح جديدة نضرة مغربا في ذلك أحسن إغراب و أطرفه، على نحو ما يتضح في تلك الأبيات، فقد أخذ عن الشعراء استعارة الشمس لصاحبته في البهاء و الجمال، و أضاف إليها أنها شمس لا تغرب، إذ ما تنى طالعة في خدرها مشرقة، و يناشد نسيم الصبا أين مستقر صاحبته؟ و يذكر أن شذاها يفوح لا من حولها فحسب، كما يقول الشعراء، بل في النسيم ذاته بدليل أنفاسه المحملة بأريج هذا الشذى، و يقول:
سل الرّيح عن نجد تخبّرك أنها معطّرة الأنفاس مذ سكنت نجدا
و أنّ الغضا و السّدر مذ جاورتهما بطيب شذاها أشبها البان و الرّندا
فصاحبته منذ سكنت نجدا أحالت الريح فيها إلى أنفاس معطرة، بل لقد أحالت الغضا و السدر من أشجار البادية العادية إلى أشجار البان و الرند التي طالما ذكرها الغزليون و استدارت من حولها في أخيلتهم هالات الجمال لمحبوباتهم. و من قوله في مقدمة إحدى مدائحه:
و لقد مررت على الكثيب فأرزمت إبلي و رجّعت الصّهيل جيادي (4)
ما بين ساحات لهم و معاهد سقيت من العبرات صوب عهاد (5)
و الورق تهتف حولهم طربا بهم و بكل محنية ترنّم شادي (6)
و البيت الأول يكتظ بالحنين لصواحبه وراء الكثيب و حوله، حتى الإبل جمدت في مكانها و لا تريد أن تفارقه، و تجاوبت الخيل بصهيلها، فهي لا تريد أن تبرحه. و يدعو لساحاتهن و معاهدهن أن تظل تسقى بعبرات المحبين، و يسوق الحمام الورق لا ليصور فيه حنينه و أنينه لفراق صواحبه على عادة الشعراء، بل ليصور بهجته، فهو يشدو لهن طربا.
و تكثر في غزله مثل هذه الصور الطريفة من مثل قوله في وصف دقة الخصر:
أسائلها أين الوشاح و قد أتت معطّلة منه معطّرة النّشر
فقالت و أومت للسّوار نقلته إلى معصمي لما تقلقل في خصري
و قوله:
وقفت على الربوع و لي حنين لساكنهنّ ليس إلى الرّبوع
و لو أنى حننت إلى مغاني أحبّائي حننت إلى ضلوعي
و قوله:
تحاذر من عمود الصبح نورا مخافة أن يلمّ بنا افتضاح
و لم أر قبلها و اللّيل داج صباحا بات يذعره صباح
و التعبير عن نحول الخصر بنقل السوار إليه تعبير طريف، و بالمثل تعبيره عن أضلاعه بأنها غدت معاهد و ربوعا لمحبوباته، و تصويره لما جال في نفس صاحبته من خوف بل من ذعر حين أخذت تتفلّت في الأفق تباشير الصباح، و يعجب لفزع صباح إنسي من صباح كوني. و قد توفي ابن الزقاق سنة 5٢٨ و لم يبلغ الأربعين من عمره، و لعل فيما قدمنا ما يكفي للدلالة على خصب شاعريته و أخيلته.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1) أعج من عاج: التفت. تلاد: قديم ضد طارف.
2) الخدر: البيت. رامة: موضع بنجد. يثرب: المدينة.
3) شذى العرف: رائحة الطيب العطرة.
4) أرزمت: حنّت.
5) العهاد: المطر في أول الشتاء. و صوبه: الساقط منه.
6) الورق: الحمام. محنية: منعطف.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|