أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-11-2014
2411
التاريخ: 14-10-2014
2076
التاريخ: 15-10-2014
6648
التاريخ: 21-3-2016
3978
|
اختار الذهبي مصادر لدراسة التفسير عند الشيعة ، كان منها ما هو مجهول ومتروك عند الشيعة وغيرهم ، ومنها ما عدّها الشيعة أنفسهم من الموضوعات ، وأخرى من تفاسير الصوفية لا الشيعة ، وهي :
أوّلا : «مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار» للمولى عبد اللّطيف الكازراني ، الذي ابتدأ به الذهبي دراسته للتفاسير الشيعية ووصفه بأنّه : «يعدّ مرجعا مهمّا من مراجع التفسير عند الامامية الاثني عشرية ، وأصلا لا بدّ من قراءته لمن يريد أن يقف على مدى تأثير عقيدته ومن على شاكلته في فهمه لكتاب اللّه ، وتنزيله لنصوصه على وفق ميوله المذهبية وهواه الشيعي . . .» «1» .
هذا المرجع المهم الذي اختاره الذهبي ، عرّفه بأنّه : الكازراني مولدا ، النجفي مسكنا ، وعلّق في الهامش بقوله : «لم نقف له على ترجمة أكثر من هذا»!!
كما إنّ الذهبي اعترف بأنّه لم يظفر بالكتاب ولم يطّلع عليه ، وإنّما وجد مقدّمته فقط ، فوجد فيها ضالّته المنشودة في التشهير بآرائه وإلصاقها بالشيعة ، فأغنته عن التحقّق من وضع الكتاب ومؤلّفه .
فقد ذكر العلّامة الطهراني- في موسوعته- اسم الكتاب على أنّه للمولى الشريف العدل أبي الحسن الفتوني النباطي العاملي الاصفهاني الغروي .
وهذا التفسير من المتروكات ، ولم يرجع إليه أي من المفسّرين الشيعة ، ولعدم شهرة الكتاب ومجهوليّته ، فإنّه طبع في ايران سنة 1303 هـ ، ونسب في الطّبع إلى الشيخ عبد اللّطيف الكازروني لعدم اطّلاع مباشر الطّبع «2» .
هذا الكتاب المجهول الهويّة ، اختاره الذهبي ليكون «خير مرجع يصوّر لنا معالم التفسير عند الامامية الاثني عشريّة . . .» «3» ، مع أنّ الناظر إلى مقدّمته يجده أقرب إلى تفاسير الباطنية منه إلى الإمامية ، ولا نعلم لم ابتدأ به الذهبي مع أنّه من تفاسير القرن الثالث عشر الهجري ، وحاله كما علمت .
وعلى نهج الذهبي سار الزرقاني الّذي عدّ أوّلا الغلاة والسبئية من الشيعة ، ثمّ قدّم ثانيا : «مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار» للمولى الكازروني كنموذج وحيد لتفاسير الشيعة . .!! «4»
نيا : تفسير (الإمام الحسن العسكري) ، والذي وصفه الذهبي بأنّه : «يمثّل لنا تفسير إمام من أئمّتهم المعصومين الذين عندهم علم الكتاب كلّه ، ظاهره وباطنه» «5» .
هذا الكتاب ، ورغم أنّ البعض ربّما نقل منه بعض الروايات ، إلّا أنّ أعلام الشيعة ومنذ القدم عدّوه من الموضوعات ، ونفوا نسبته إلى الإمام العسكري (عليه السلام) .
فقد قال عنه وعن راويه ، ابن الغضائري ، وهو من أعلام الرجال عندهم : «محمّد ابن القاسم المفسّر الاسترآبادي : روى عنه أبو جعفر بن بابويه ، ضعيف كذّاب ، روى عنه تفسيرا يرويه عن رجلين مجهولين أحدهما يعرف بيوسف بن محمّد بن زياد ، والآخر علي بن محمّد بن يسار ، عن أبيهما ، عن أبي الحسن الثالث عليه السلام .
والتفسير موضوع عن سهل الديباجي عن أبيه بأحاديث من هذه المناكير» «6» .
وقال الامام الخوئي : «التفسير المنسوب إلى الامام العسكري ، إنّما برواية هذا الرّجل- علي بن محمّد بن يسار- وزميله يوسف بن محمّد بن زياد ، وكلاهما مجهول الحال . . . هذا مع أنّ الناظر في هذا التفسير لا يشكّ في أنّه موضوع ، وجلّ مقام عالم محقّق أن يكتب مثل هذا التفسير ، فكيف بالإمام عليه السلام» «7» .
وقد عقد العلّامة التستري- وهو من الأعلام المعاصرين- فصلا عن الأحاديث الموضوعة في «أخبار التفسير الذي نسبوه إلى العسكري (عليه السلام) بهتانا» ، وقال عنها :
«يشهد لافترائها عليه وبطلان نسبتها إليه ، أوّلا : شهادة خرّيت الصناعة ونقّاد الآثار أحمد بن الحسين الغضائري ، استاذ النجاشي ، أحد أئمة الرّجال . . . وثانيهما : بسير أخباره ، فنراها واضحة البطلان مختلقة بالعيان» «8» .
ثمّ إنّ العلّامة البلاغي صاحب (تفسير آلاء الرّحمن) ، والذى كان عند الذهبي نسخة منه ، قال عن هذا التفسير المنسوب للعسكري (عليه السلام) في مقدّمة تفسيره : «وأمّا التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام) فقد أوضحنا في رسالة منفردة في شأنه أنّه مكذوب موضوع ، وممّا يدلّ على ذلك نفس ما في التفسير من التناقض والتهافت في كلام الراويين ، وما يزعمان أنّه رواية ، وما فيه من مخالفة للكتاب المجيد ومعلوم التاريخ ، كما أشار إليه العلّامة في الخلاصة وغيره» «9» .
ولا نعلم لما ذا اختار الذهبي هذا التفسير ، وهذا شأنه ؟ ولما ذا لم يختر الذهبي تفسير (آلاء الرّحمن) المذكور وقد كان عنده ، وهو من أفضل التفسير ، واختار تفسير الكازروني دونه !!
ثالثا : كتاب (بيان السعادة في مقامات العبادة) : والذي عرّف الذهبيّ مؤلّفه بأنّه :
«هو سلطان محمّد بن حيدر الجنابذي الخراساني ، أحد متطرّفي الإماميّة الاثني عشريّة في القرن الرابع عشر الهجري» . وقال في هامشه : «لم نقف على ترجمته أكثر من هذا» «10» .
وهو من تفاسير الصوفية ، فقد قال عنه الطّهرانيّ : «طبع بطهران في مجلّد كبير سنة 1314 ه على نفقة أصحاب العارف المعاصر المولى سلطان محمّد بن حيدر محمّد الكنابادي (الجنابذي) الخراساني المتوفّى حدود 1320 معتقدين أنّه تصنيف شيخهم المذكور . . . ولكن نبّهني العالم البارع المعاصر السيد حسين القزويني الحائري بانتحال وقع في هذا التفسير يكشف عن كونه لغيره ولو في الجملة ، فإنّ ما أورده في أوّله من تشقيق وجوه إعراب فواتح السور من الحروف المقطّعات وإنهاء تلك الشقوق إلى ما يبهر منه العقل ، توجد بتمام تفاصيلها وعين عباراتها في رسالة الشيخ علي بن أحمد المهائمي الكوكني النوائتي المولود سنة 776 والمتوفّى سنة 835 المشهور ب (مخدوم علي المهايمي) وقد ذكر ألفاظ الرسالة السيد غلام علي آزاد البلكرامي في كتابه (سبحة المرجان) المؤلّف سنة 1177 والمطبوع سنة 1303 . . . قال : وله (التفسير الرحماني) والزوارف في شرح عوارف المعارف ، وشرح الفصوص لمحيي الدين . . . (أقول) وتفسيره الموسوم ب (تبصير الرّحمن وتيسير المنّان) طبع في دهلي سنة 1286 وفي بولاق سنة 1295 . . . ، وبالجملة المقدار المذكور من رسالة المهائمي في هذا التفسير ليس هو جملة وجملتين أو سطرا وسطرين حتى يحتمل فيه توارد الخاطرين ، وتوافق النظرين ، فهذا الانتحال ثبّطنا عن الإذعان بصدق النسبة إلى من اشتهر بأنّه له ، واللّه العالم» «11» .
فالتفسير المذكور من تفاسير الفرق الصوفية ، وليس من تفاسير الشيعة الإمامية ، وواقع نسبته إلى مؤلّفه مختلف فيه ، كما إنّ الذهبي لم يقف على ترجمة له ، ووصفه بأنّه :
«أحد متطرّفي الإمامية الاثني عشرية في القرن الرابع عشر الهجري» «12» .
فإذا كان الذهبي أخطأ في انتخاب ثلاثة من نماذجه الستّة التي عرضها للتفسير عند الشيعة ، وبنى عليها الكثير من استنتاجاته وآرائه . . . إذا كان قد أخطأ في كلّ هذه المقدّمات ، فإنّ النتيجة تتبع أخسّ المقدّمات ، وبذا يظنّ في الكثير ممّا رآه ورواه .
وممّا يدلّ على تأثّر الكثيرين بالذهبي وتقليدهم له ، من غير تثبّت ، قول بعضهم :
«وأقدم تفسير شيعي للقرآن كان في القرن الثاني الهجري ، وهو تفسير جابر الجعفي المتوفّى سنة ثمان وعشرين ومائة ، وهو غير موجود بين أيدينا ، ثمّ يجيء تفسير (بيان السعادة في مقام العبادة) للسلطان محمّد بن حجر البجختي ، وقد انتهى منه سنة إحدى عشرة وثلاثمائة . . .» .
وقد علمنا حال «بيان السعادة» المزعوم وتاريخ كتابته المتأخّر والمختلف فيه .
وقد عقد هذا المؤلّف فصلا بعنوان (انحراف الغلاة والمتعصّبين في تفسيرهم) . . .
وتحدّث فيه عن الخوارج والجبرية والمعتزلة والرافضة ، وعن الأخيرين- ويقصد بهم الشيعة- ضرب لتفسيرهم مثلا : كتاب (مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار) ونسبه للمولى الكازراني ، وقد علمنا حاله أيضا ، فهو مجهول النسبة ومن المتروكات .
وقد راجعنا مصادر كتابه البالغة مائة وثمانية وعشرين مصدرا ، فلم نجد فيها كتابا واحدا من كتب الشيعة ، فيما كان كتاب الذهبي (التفسير والمفسّرون) من ضمنها «13» .
وما سبق يعطينا تصوّرا واضحا عن قلّة الموضوعية فيما يكتب عن المذاهب الاخرى التي لا تتّفق مع رأي الكاتب وعقيدته ، وهو من أهم الأسباب التي أضرّت ببحوثنا العلمية وسبّبت تأخّرنا وتخلّفنا الحضاري ، إذ حلّت العواطف والأحاسيس محلّ العقل وأحكامه .
______________________________
(1)- التفسير والمفسّرون/ ج 2/ ص 50 .
(2)- الذريعة إلى تصانيف الشيعة/ الشيخ آغا بزرگ الطهراني/ ج 20/ ص 264 .
(3)- التفسير والمفسّرون/ ج 2/ ص 81 .
(4)- مناهل العرفان في علوم القرآن/ الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني/ ج 2/ ص 85 .
(5)- م . ن/ ص 49 .
(6)- معجم رجال الحديث/ ج 18/ ص 162 .
(7)- م . ن/ ج 13/ ص 155 .
(8)- مستدرك الأخبار الدخيلة/ التستري/ ج 1/ ص 152 .
(9)- آلاء الرّحمن/ ج 1/ ص 49 .
(10)- الذهبي/ ج 2/ ص 214 .
(11)- الذريعة/ ج 3/ ص 181 .
(12)- التفسير والمفسّرون/ ج 2/ ص 214 .
(13)- انظر الكتاب المذكور : اصول التفسير وقواعده/ الشيخ خالد عبد الرّحمن العك/ ص 247 و250 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|