أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2022
2241
التاريخ: 1-8-2022
3363
التاريخ: 17-3-2016
3586
التاريخ: 20-6-2019
1964
|
الشيء المحقّق أنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) قد اهتمّ اهتماماً بالغاً بتكييف حالة المسلمين وتقرير مصيرهم واستمرار حياتهم في طريقها إلى التطور في مجالاتها الاجتماعية والسياسية ورسم لها الطريق على أساس من المنهج التجريبي الذي لا يخضع بأيّ حال لعوامل العاطفة أو المؤثرات الخارجية فعيّن لها الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) لقيادتها الروحية والزمنية ؛ وذلك لِما يتمتع به من القابليات الفذّة التي هي بإجماع المسلمين لم تتوفر في غيره ولعلّ من أهمّها ما يلي :
1 ـ إحاطته بالقضاء فقد كان المرجع الأعلى للعالم الإسلامي في ذلك وقد اشتهرت مقالة عمر فيه : لولا علي لهلك عمر ؛ ولم ينازعه أحد من الصحابة في هذه الموهبة فقد أجمعوا على أنّه أعلم الناس بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأبصرهم بأمور الدين وشؤون الشريعة وأوفرهم دراية في الشؤون السياسية والإدارية وعهده لمالك الأشتر من أوثق الأدلّة على هذا القول ؛ فقد حفل هذا العهد بما لم يحفل به أيّ دستور سياسي في الإسلام وغيره فقد عنى بواجبات الدولة تجاه المواطنين ومسؤوليتها بتوفير العدل السياسي والاجتماعي لهم ؛ كما حدّد صلاحيات الحكّام ومسؤولياتهم ونصّ على الشروط التي يجب أن تتوفر في الموظف في جهاز الحكم من الكفاءة والدراية التامّة بشؤون العمل الذي يعهد إليه وأن يتحلّى بالخلق والإيمان والحريجة في الدين إلى غير ذلك من البنود المشرقة التي حفل بها هذا العهد والتي لا غنى للاُمّة حكومةً وشعباً عنها ؛ وقد ألمعت كثير من رسائله إلى ولاته وعمّاله بالشؤون السياسية التي دلّت على أنه ألمع سياسي في الإسلام وغيره وكما كان أعلم المسلمين بهذه الاُمور فقد كان من أعلمهم بسائر العلوم الاُخرى ؛ كعلم الكلام والفلسفة وعلم الحساب وغيرها وقد فتق أبواباً كثيرة من العلوم تربو على ثلاثين علماً حسب ما يقول المترجمون له ومع هذه الثروات العلمية الهائلة التي يتمتّع بها كيف لا ينتخبه الرسول (صلّى الله عليه وآله) أو يرشّحه لمنصب الخلافة التي هي المحور الذي تدور عليه سيادة الاُمّة وأمنها؟!
إنّ الطاقات العلمية الضخمة التي يملكها الإمام تقضي بحكم المنطق الإسلامي الذي يؤثر الصالح العام على كل شيء أن يكون هو المرشّح للقيادة العامة دون غيره فإنّ الله تعالى يقول : {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9].
وليس أدعى إلى السخرية من القول : بجواز تقديم المفضول على الفاضل ؛ فإنّ هذا المنطق يوجب الغبن في العلم والزهد في الفضيلة وتأخير الاُمّة وانحطاط قِيَمها ومثُلها.
2 ـ إنّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) كان من أشجع الناس وأثبتهم قلباً وقد استوعبت شجاعته النادرة جميع لغات الأرض وهو القائل (سلام الله عليه) : لو تظافرت العرب على قتالي لَما ولّيت عنها ؛ وقد قام هذا الدين بسيفه وبُني على جهاده وجهوده وهو صاحب المواقف المشهورة يوم بدر ويوم حنين ويوم الأحزاب قد حصد رؤوس المشركين وأباد ضروسهم وأشاع فيهم القتل لم تنفتح ثغرة على الإسلام إلاّ تصدّى إلى إسكاتها وقدّمه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أميراً في جميع المواقف والمشاهد وأسند إليه قيادة جيوشه العامة وما ولج حرباً إلاّ فتح الله على يده وهو الذي قهر اليهود وفتح حصون خيبر وكسر شوكتهم وأخمد نارهم ؛ والشجاعة من العناصر الأساسية التي تتوقّف عليها القيادة العامة فإنّ الاُمّة إذا مُنيت بالأزمات والنكسات وكان زعيمها ضعيف الإرادة خائر القوى جبان القلب فإنها تصاب حتماً بالكوارث والخطوب وتلاحقها الضربات والنكبات ؛ ومع توفّر هذه الصفة بأسمى معانيها في الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) كيف لا يرشّحه النبي (صلّى الله عليه وآله) للخلافة الإسلامية؟ إنه بحكم شجاعته الفذّة التي تصحبها جميع الصفات الفاضلة والمثُل الكريمة كان متعيّناً لقيادة الاُمّة وإدارة شؤونها حتّى لو لم يكن هناك نصّ من النبي (صلّى الله عليه وآله) عليه.
3 ـ وأهمّ صفة لا بدّ من توفّرها عند مَن يتصدّى لزعامة الاُمّة نكران الذات وإيثار مصلحة الاُمّة على كل شيء وعدم الاستئثار بالفيء وغيره من أموال المسلمين وكانت هذه الظاهرة من أبرز ما عرف به الإمام أيّام حكومته فلم يعرف المسلمون ولا غيرهم حاكماً تنكّر لجميع مصالحه الخاصة كالإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) فلم يدّخر لنفسه ولا لأهل بيته شيئاً من أموال الدولة وتحرّج فيها تحرّجاً شديداً وقد أجهد نفسه على أن يسير بين المسلمين بسيرة قوامها الحق المحض والعدل الخالص وسنذكر ذلك بمزيد من التفصيل عند البحث عن حكومته.
4 ـ العدالة وهي من أبرز الصفات الماثلة في شخصية الإمام فقد أترعت نفسه الشريفة بتقوى الله والتجنّب عن معاصيه فلم يؤثر أي شيء على طاعة الله وقد تحرّج أشدّ ما يكون التحرّج عن كل ما لا يقرّه الدين وتأباه شريعة الله وهو القائل : والله لو اُعطيت الأقاليم السبع بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في جلب شعيرة أسلبها من فم جرادة ما فعلتُ.
وكان من مظاهر عدالته النادرة أنه امتنع من إجابة عبد الرحمان بن عوف حينما ألحّ عليه أن يقلّده الخلافة شريطة الالتزام بسياسة الشيخين فأبى إلاّ أن يسير على وفق رأيه واجتهاده الخاص ولو كان من طلاّب الدنيا وعشّاق السلطان لأجابه إلى ذلك ثمّ يسير على وفق ما يراه ولكنه لا يلتزم بشيء لا يقرّه فلم يسلك أيّ طريق فيه التواء أو انحراف عن مثُل الإسلام وهديه ؛ لقد توفّرت العدالة بأرحب مفاهيمها في شخصية الإمام (عليه السّلام) وهي من العناصر الرئيسة التي يجب أن يتحلّى بها مَن يتقلّد زمام الحكم ويلي أمور المسلمين.
هذه بعض خصائص الإمام (عليه السّلام) فكيف لا يرشحه النبي (صلّى الله عليه وآله) ولا ينتخبه لمنصب الخلافة؟! على أنّا لو التزمنا بمبدأ الوراثة الذي احتجّ به المهاجرون على الأنصار لكان الإمام أولى من غيره بمقام النبي (صلّى الله عليه وآله) ؛ فهو ابن عمّه وختنه على ابنته وأبو سبطيه.
يقول سيديو : لو كان قد تمّ الاعتراف بمبدأ الوراثة وهو في صالح علي منذ البداية لكان بوسع ذلك أن يمنع المنازعات النكباء التي أغرقت الإسلام في الدم ؛ كان زوج فاطمة يضمّ في شخصه حقّ الوراثة كوارث شرعي للرسول كما يضمّ الحقّ بالانتخاب .
إنّ التأمّل الدقيق الذي لا يخضع لعوامل العاطفة والتقليد يقضي بأن النبي (صلّى الله عليه وآله) قد عيّن مَن ينوب عنه في إدارة شؤون الخلافة ولم يهمل هذه الجهة المصيرية لاُمّته وإنه قد نصّ على الإمام أمير المؤمنين لا لقاعدة الوراثة وغيرها من الاعتبارات العاطفية وإنّما لتوفّر الصفات القيادية في شخصيته , وإنّ من أوهى الأقوال وأكثرها بُعداً عن منطق الدليل القول : بأنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) قد أهمل أمر الخلافة ولم يعرض لها بشيء وإنّما ترك أمرها للمسلمين وجعل لهم الحرية في اختيار مَن شاؤوا فإنّ ذلك ـ حسب ما يقوله علماء الشيعة : تدمير للبناء الاجتماعي الذي أقامه الإسلام وإلقاء للاُمّة في الفتن والأزمات وفعلاً قد تحقّق ذلك على مسرح الحياة الإسلامية حينما عمدت الاُمّة إلى إلغاء النصوص الواردة من النبي في حقّ الإمام (عليه السّلام) فقد واجهت هزّات عنيفة وعصفت بها الفتن والأهواء فقد سادت الأطماع السياسية عند الكثيرين من قادة المسلمين وتهالكوا على الإمرة والسلطان فدفعوا بالقطاعات الشعبية إلى الحروب الطاحنة ؛ تحقيقاً لأهدافهم ومطامعهم حتّى شاع الثكل والحداد في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
يقول الاستاذ محمد سيّد الكيلاني : لقد تنازع القوم على منصب الخلافة تنازعاً قلّ أن نجد له مثيلاً في الاُمم الاُخرى وارتكبوا في سبيل ذلك ما نتعفّف نحن عن ارتكابه الآن فترتّب على ذلك أن أزهقت أرواح ودمّرت مدن وهدّمت قرى وأحرقت دور وترمّلت نساء وتيتّمت أطفال وهلك من المسلمين خلق كثير , ومن الطبيعي أنّ ذلك الدمار الذي حلّ بالمسلمين كان نتيجة حتمية لانحراف الخلافة عن مجراها الأصيل الذي أراده الله لها من جعلها في العترة الطاهرة التي هي عديلة القرآن الكريم ؛ وعلى أيّ حال فإنّي أحاول بكل جهد في هذه البحوث أن اتّجه صوب الحقّ واُصوّر الأحداث التي رافقت بيعة الشيخين اُصوّر ذلك بدقّة وتجرّد شأن الباحث الذي يهمّه الوصول إلى الواقع مهما استطاع إليه سبيلاً.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|