أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-22
341
التاريخ: 28-3-2016
3393
التاريخ: 2-04-2015
4464
التاريخ: 23-5-2019
2092
|
أنّ اغتيال عمر كان وليد مؤامرة حاكها الاُمويّون للتخلّص من حكمه وفرض سلطانهم على المسلمين وقد أيّدوا ذلك بأنّ أبا لؤلؤة الذي اغتاله كان مولى للمغيرة بن شعبة وصلة المغيرة بالاُمويِّين كانت وثيقة للغاية ؛ وفيما أحسب أنّ هذا الرأي لا يحمل أيّ طابع من التحقيق ؛ لأنّ علاقة عمر كانت مع الاُمويِّين طبيعية وقوية فلم تقع بينهما أيّة منافسة أو كراهية وكان عمر شديد الميل لهم ؛ فقد استعمل أعلامهم ولاة على الأقطار والأقاليم الإسلاميّة أمثال يزيد بن أبي سفيان وسعيد بن أبي العاص ومعاوية ولم يشاطر أيّ واحد منهم أمواله كما شاطر بقية عماله بل كان معنياً حتّى بشؤون نسائهم فقد أقرض هند بنت عتبة أمّ معاوية أربعة آلاف من بيت المال تتجر فيها فلم يعمل عمر أيّ عمل يتنافى مع مصالحهم وأطماعهم فكيف إذاً يقومون بتدبير المؤامرة لاغتياله؟
وعلى أيّ حال فمن المقطوع به أنّ أبا لؤلؤة إنما قام بوحي نفسه لا بدافع أموي لاغتيال عمر ؛ أمّا بواعث ذلك فيما نحسب فهي أنه كان شابّاً متحمّساً لاُمّته ووطنه فقد رأى بلاده قد فتحت عنوة فذهب مجد قومه وانطوى عزّهم ورأى أنّ عمر قد بالغ في احتقار الفرس والاستهانة بهم فقد تمنّى أن يحول بينه وبين الفرس جبل من حديد وقد حضر عليهم دخول يثرب إلاّ مَن كان سنّه دون البلوغ وأصدر فتواه بعدم إرثهم إلاّ مَن ولد منهم في بلاد العرب كما كان يعبّر عنهم بالعلوج ؛ ثمّ هو بالذات قد خفّ إلى عمر يشكو إليه مما ألمّ به من ضيق وجهد من جرّاء ما فرض عليه المغيرة من ثقل الخراج فزجره عمر ولم يعن به وقال له : ما خراجك بكثير من أجل الحرف التي تحسنها , وقد أوجدت هذه الاُمور في نفسه حنقاً وحقداً على عمر فأضمر له الشر وقد اجتاز عليه فسخر منه وقال له : بلغني أنّك تقول : لو شئت أن أصنع رحى تطحن بالريح لفعلت ؛ ولذعته هذه السخرية فاندفع يقول : لأصنعنّ لك رحى يتحدّث الناس بها.
وفي اليوم الثاني قام بعملية الاغتيال ؛ فطعنه ثلاث طعنات إحداهن تحت السرّة فخرقت الصفاق وهي التي قضت عليه ثمّ انحاز إلى أهل المسجد فطعن من يليه حتّى طعن أحد عشر رجلاً سوى عمر ثمّ عمد إلى نفسه فانتحر ؛ وحُمل عمر إلى داره وجراحاته تنزف دماً وقال لمَن كان حوله : مَن طعنني؟
ـ غلام المغيرة.
ـ ألم أقل لكم لا تجلبوا لنا من العلوج أحداً فغلبتموني ؛ وأحضر له أهله طبيباً فقال له : أيّ الشراب أحبّ إليك؟
ـ النبيذ ؛ فسقوه منه فخرج من بعض طعناته فقال الناس : خرج صديداً , ثمّ سقوه لبناً فخرج من بعض طعناته فيئس منه الطبيب وقال له : لا أرى أن تمسي , ولمّا أيقن بدنو الأجل المحتوم منه أوصى ولده عبد الله فقال له : انظر ما عليّ من دين فاحصوه , فإذا به ستة وثمانون ألفاً فقال : إن وفى به مال آل عمر فأدّه من أموالهم وإلاّ فسل في بني عدي بن كعب فإن لم تفِ به أموالهم فسل في قريش ولا تعدهم إلى غيرهم , ونحن إذا تأمّلنا في هذه الوصية نجد فيها عدّة أمور تدعو إلى التساؤل وهي :
1 ـ إنّ هذه الأموال الضخمة التي استدانها من بيت المال لم ينفقها إلاّ في شؤونه الخاصة ولو كان قد أنفقها على شؤون المسلمين لَما كان هناك أيّ مجال لاسترجاعها من آل الخطّاب وهذا ـ من دون شك ـ لا يتفق مع ما نقله الرواة عن سيرته من أنه كان متحرّجاً أشدّ التحرّج وأقساه في أموال الدولة وأنه لم يكن ينفق منها أي شيء على شؤونه الخاصة.
2 ـ إنه عهد إلى ابنه عبد الله أن يستوفي هذه الديون من آله فإن وفت أموالهم بها فهو وإلاّ فيسأل أسرته عن وفائها وهذا يكشف أنه قد منحها لهم وإلاّ فما هو المبرّر لاستيفائها منهم؟ إذ لا سلطان له على مال الغير وإن كان قريباً منه وفيما نحسب أنّ هذه الأموال قد وهبها لهم وهو يتصادم مع ما نقل عنه من أنه كان يشتدّ على أهله حتّى يرهقهم من أمرهم عسراً وأنه قد أخذهم بضروب من الشدّة والعنف وساوى بينهم وبين بقية المسلمين في العطاء.
3 ـ إنّ وصيّته لولده عبد الله أن يسأل من قريش خاصة بتسديد ما عليه من ديون إذا لم تف أموال اُسرته بها يكشف عن مدى صلته العميقة وارتباطه الوثيق بهم وقد كان فيما يقول المؤرّخون : الممثّل الوحيد للفئات القرشية وأنه كان يعكس في تصرّفاته جميع رغباتها وميولها.
هذه بعض الملاحظات التي تواجه هذه الوصية ولم ينص المؤرّخون على أنّ عبد الله قام بتسديد ما على أبيه من ديون لبيت المال فقد أهملوا هذه الجهة ولم يعرضوا لها , وعلى أيّ حال فإنّ عبد الله لمّا أيقن بموت أبيه طلب منه أن يعيّن أحداً لمركز الخلافة ولا يهمل شؤون الاُمّة قال له : يا أبة استخلف على اُمّة محمد (صلّى الله عليه وآله) فإنه لو جاء راعي إبلك أو غنمك وترك إبله أو غنمه لا راعي لها وقلت له : كيف تركت أمانتك ضائعة فكيف باُمّة محمد (صلّى الله عليه وآله)؟ فاستخلف عليهم.
فنظر إليه نظرة ريبة وشك واندفع يجيبه : إن استخلف عليهم فقد استخلف أبو بكر وإن أتركهم فقد تركهم رسول الله (صلى الله عليه واله) , أمّا حديث عبد الله فقد كان حافلاً بالوعي والمنطق ؛ فإنه ليس من الحكمة في شيء أن يهمل الرئيس شؤون رعيته من دون أن يعيّن لها القائد من بعده الذي يعني بأمورها السياسية والاجتماعية فإن إهماله لهذه الجهة الخطيرة يعرّضها للأزمات ويلقيها في شرٍّ عظيم وقد زعم عمر أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لم يعن بالقيادة الروحية والزمنية من بعده ولم يعهد بأمره لأحد ولعلّ الوجع قد غلب عليه فأذهله وأنساه قيام النبي (صلّى الله عليه وآله) بنصب الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) خليفة من بعده يوم غدير خم وإلزامه للمسلمين بمبايعته وكان عمر بالذات ممّن بايعه وقال له : بخ بخ لك يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة , وعلى أيّ حال فإن عمر قد فتكت به جراحاته وأخذ منه الألم القاسي مأخذاً عظيماً وقد جزع جزعاً شديداً وأخذ يقول : لو أنّ لي ما في الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه .
وقال لولده عبد الله : ضع خدّي على الأرض فلم يعن به وظنّ أنه قد اختلس عقله فأمره ثانياً بذلك فلم يجبه وفي المرّة الثالثة صاح به : ضع خدّي على الأرض لا اُمّ لك! وبادر عبد الله فوضع خدّ أبيه على الأرض فأخذ يجهش بالبكاء وهو يقول بنبرات متقطعة : يا ويل عمر! وويل اُمّ عمر إن لم يتجاوز الله عنه ! وطلب عمر من ابنه أن يستأذن من عائشة ليدفنه مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأبي بكر فسمحت له بذلك ؛ وعلّقت الشيعة على ذلك كما علّقت على دفن أبي بكر فقالت : إنّ ما تركه النبي (صلّى الله عليه وآله) إن كان لا يرثه أهله وإنما هو لولي الأمر من بعده حسب ما يرويه أبو بكر فلا موضوعية للإذن من عائشة وإن كان يرجع إلى ورثته كما يقول به أهل البيت (عليهم السّلام) فليس لعائشة فيه أيّ نصيب ؛ لأنّ الزوجة لا ترث من الأرض حسبما قرّره فقهاء المسلمين ولا بدّ له من الإذن من ورثة النبي (صلّى الله عليه وآله) ولم يتحقق ذلك.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|