المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17808 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
العوامل الجوية المناسبة لزراعة البطاطس
2024-11-28
السيادة القمية Apical Dominance في البطاطس
2024-11-28
مناخ المرتفعات Height Climate
2024-11-28
التربة المناسبة لزراعة البطاطس Solanum tuberosum
2024-11-28
مدى الرؤية Visibility
2024-11-28
Stratification
2024-11-28

الطباعة باقتلاع الكرات النانوية
2023-03-23
النصاب
29-9-2016
هل يذهب شيخ الطائفة إلى القول بنسخ الحكم والتلاوة ؟
2024-03-16
علي أول من صلى مع النبي (صلى الله عليه واله )
8-02-2015
لا فائدة في إثبات كسر الضلع
15-11-2016
الخمس واحكامه
2024-07-08


الشبهة : الشيعة يغالون في أئمتهم الى حد الالوهية  
  
12237   11:17 صباحاً   التاريخ: 18-3-2016
المؤلف : د. احسان الامين.
الكتاب أو المصدر : التفسير بالمأثور وتطويره عند الشيعة
الجزء والصفحة : ص250-273 .
القسم : القرآن الكريم وعلومه / العقائد في القرآن / شبهات وردود /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-09-2014 10398
التاريخ: 24-09-2014 7858
التاريخ: 30-11-2015 7955
التاريخ: 8-11-2014 7888

[جواب الشبهة] :

 

اتّجه بعض الباحثين في التفسير إلى إلصاق تهمة الغلو بمذهب الشيعة ، وأن منهم الغلاة الّذين رفعوا عليّا إلى مرتبة الآلهة فكفروا «1» ، في نفس الوقت الّذي نجد- كما يأتي مفصلا- أنّ الشيعة يكفّرون الغلاة ويتبرءون منهم ويلعنونهم .

كما ذهب هؤلاء إلى وصف كثير من «علماء الشيعة الإمامية» بالغلو في التشيّع والتطرّف في العقيدة «2» وأن بعض المفسّرين الشيعة ينحو بتفسيره إلى حدّ التطرّف والغلوّ «3» .

وكان السبب الرئيس وراء هذه الاتهامات ، هو منحى بعض المفسّرين في تفسير بعض الآيات بالباطن من خلال بعض الروايات الّتي وصفها بعض الباحثين الشيعة أيضا بالغلو والتحريف‏ «4» .

لذا ونحن ندرس التفسير بالمأثور عند الشيعة الإمامية ، كان لا بدّ لنا من دراسة الغلو ، مفهوما ومصطلحا ، وموقف الشيعة الامامية عموما منه ، والمفسّرين منهم بشكل خاص .

الغلوّ في كتب اللّغة :

قال الخليل : غلا السّعر يغلو غلاء ، وغلا الناس في الأمر ، أي جاوزوا حدّه ، كغلوّ اليهود في دينها .

وقال الراغب : الغلوّ : تجاوز الحدّ ، يقال ذلك إذا كان في السّعر غلاء ، وإذا كان في القدر والمنزلة غلوّ وفي السهم غلوّ ، وأفعالها جميعا : غلا يغلو . قال تعالى : { لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ } [النساء : 171] .

وقال ابن منظور : وأصل الغلاء الارتفاع ومجاوزة القدر في كل شي‏ء .

وغلا في الدّين والأمر يغلو غلوّا : جاوز حدّه .

وقال بعضهم : غلوت في الأمر غلوا وغلانية وغلانيا إذا جاوزت فيه الحد وأفرطت فيه .

وفي الحديث : إيّاكم والغلوّ في الدّين ، أي التشدّد فيه ومجاوزة الحدّ . كالحديث الآخر : «إنّ هذا الدين متين فأوغل فيه برفق» . . . .

ومنه الحديث : «وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه» . إنّما قال ذلك لأن من آدابه وأخلاقه الّتي أمر بها القصد في الامور وخير الامور أواسطها . و : كلا طرفي قصد الامور ذميم‏ «5» .

أقوال المفسّرين في الغلوّ :

في تفسير الآية : {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ } [النساء : 171] . . . .

قال الطبري : «يعني جلّ جلاله . . . يقول : لا تجاوزوا الحقّ في دينكم فتفرطوا فيه ، ولا تقولوا في عيسى غير الحق .

وأصل الغلو في كل شي‏ء : مجاوزة الحد الّذي هو حدّه .

وقد حدّثنا المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، قال : صاروا فريقين : فريقا غلوا في الدين ، فكان غلوهم فيه : الشك فيه والرغبة عنه .

وفريقا منهم قصروا عنه ففسقوا عن أمر ربّهم» «6» .

وقال ابن كثير : «ينهى تعالى أهل الكتاب عن الغلوّ والإطراء ، وهذا كثير في النصارى ، فإنّهم تجاوزوا الحدّ في عيسى حتّى رفعوه فوق المنزلة الّتي أعطاه اللّه إيّاها ، فنقلوه من حيّز النبوّة إلى أن اتّخذوه إلها من دون اللّه يعبدونه كما يعبدونه . بل قد غلوا في أتباعه وأشياعه ممّن زعم أنّه على دينه ، فادّعوا فيهم العصمة واتبعوهم في كل ما قالوا سواء كان حقّا أو باطلا ، أو اضلالا أو رشادا أو صحيحا أو كذبا ، ولهذا قال اللّه تعالى : {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ } [التوبة : 31] «7» . .

ثمّ أورد ابن كثير بطرق متعددة قول الرسول (صلى الله عليه وآلهـ) : (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فإنّما أنا عبد فقولوا : عبد اللّه ورسوله . . .) «8» .

وقال الطوسي :

«هذا خطاب من اللّه تعالى لأهل الكتاب الّذي هو الإنجيل وهم النصارى؛ نهاهم اللّه- تعالى- أن يغلوا في دينهم بأن يجاوزوا الحق فيه ، ويفرطوا في دينهم ، ولا يقولوا في عيسى غير الحق ، فان قولهم في عيسى أنه ابن اللّه قول بغير الحق . لأنه (تعالى) لم يتخذ ولدا ، فيكون عيسى أو غيره من خلقه ابنا له ، ونهاهم أن يقولوا على اللّه إلّا الحق ، وهو الاقرار بتوحيده وأنه لا شريك له ولا صاحبة ولا ولد .

وأصل الغلوّ في كل شي‏ء تجاوز حدّه ، يقال : غلا فلان في الدين يغلو غلوا» «9» .

وقال الطبرسي :

«المعنى : ثمّ عاد سبحانه إلى حجاج أهل الكتاب فقال : {يا أَهْلَ الْكِتابِ‏} قيل أنّه خطاب لليهود والنصارى ، عن الحسن ، قال : لأنّ النصارى غلت في المسيح فقالت : هو ابن اللّه ، وبعضهم قال : هو اللّه ، وبعضهم قال : هو ثالث ثلاثة؛ الأب والابن وروح القدس ، واليهود غلت فيه حتّى قالوا ولد لغير رشدة- ضدّ زنية- فالغلو لازم للفريقين .

وقيل : للنصارى خاصّة ، عن أبي علي ، وأبي مسلم وجماعة من المفسّرين .

{لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ}‏ أي : لا تفرطوا في دينكم ولا تجاوزوا الحقّ فيه‏ {ولا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَ}‏ أي قولوا : إنّه جلّ جلاله واحد لا شريك له ، ولا صاحبة ولا ولد ، ولا تقولوا في عيسى إنّه ابن اللّه ، أو شبهه فانّه قول بغير الحق» «10» .

خلاصة البحث في الغلوّ بين كتب اللّغة والتفاسير :

اتّفق أهل اللّغة على أن الغلوّ : تجاوز الحدّ .

واتّفق المفسّرون وهم من أئمّة التفسير لدى الفريقين ، أنّه عنى المعنى اللغوي ، وعبّروا عنه أنّه في الدين : تجاوز الحق والافراط فيه .

وكان المثال المطروح هنا هو اضفاء صفات الألوهية على عيسى (عليه السلام) فتعدّوا بذلك على حريم الألوهية للّه تعالى ، قال تعالى :  {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا } [النساء : 171] .

ونجد الصورة الاخرى في سورة المائدة مكملة لهذه الصورة ، إذ أن النهي عن الغلوّ يكون تفسيره ومراده هنا وهناك : ولا تقولوا على اللّه إلّا الحق .

قال تعالى :

{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ } [المائدة : 72 - 76] .

فالغلوّ المتناول في الآيات القرآنية هو : إضفاء صفات الالوهية على البشر ، والّذي تجسّد لدى النصارى في‏ {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ‏} تارة ، أو أنّ المسيح هو ابن اللّه تارة اخرى ، أو في انزال اللّه تعالى عن مقام الالوهية بقولهم‏{ إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ} ، وتجسيده في المسيح (عليه السلام) ، فأجابهم اللّه تعالى بقوله :

{مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ } [المائدة : 75] .

الغلوّ في كتب الفرق :

من خلال دراسة أربعة نصوص من كتب أهل الفرق : اثنين لمؤلفين من القرن‏ الثالث من كتّاب الشيعة وهما : المقالات والفرق للأشعري القمي وفرق الشيعة للنوبختي ، وآخرين من كتّاب السنّة في القرن الخامس وهما : الملل والنحل للشهرستاني ، والفرق بين الفرق للاسفراييني‏ «11» ، وهم من روّاد هذا الباب ، نجد الحقائق التالية :

1- كان الغلوّ عندهم متّفقا مع تعريفه في القرآن ، من أنّه يتعلّق بالمسّ بربوبية اللّه تعالى : سواء في إلصاق صفاته بالبشر ، أو إطلاق صفات البشر عليه ، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا؛ فالأشعري ينقل : «أنّ الغلاة يرجعون على اختلافهم إلى مقالتين هما أصلهما في التوحيد» .

والنوبختي يقول : «وكلّهم متفقون على نفي الربوبية عن الجليل الخالق- تبارك وتعالى عن ذلك علوّا كبيرا- وإثباتها في بدن مخلوق . . .» .

والشهرستاني يقول : «الغالية : هؤلاء هم الّذين غلوا في حق أئمّتهم حتّى أخرجوهم من حدود الخليقة وحكموا فيهم بأحكام الإلهيّة فربّما شبّهوا واحدا من الأئمّة بالإله وربّما شبّهوا الإله بالخلق» «12» .

2- سبق الكتّاب الشيعة غيرهم في تعريف الغلاة ووصف عقائدهم وتحديد فرقهم ، والتبرؤ منهم ، بل لعنهم ، وعدّهم من الفرق الخارجة عن الاسلام ، كما سبقوا غيرهم في تشخيص المصادر الفكرية المنحرفة لهؤلاء؛ قال الأشعري : «وفرقة من الغلاة- لعنهم اللّه- أظهروا دعوة التشيع واستبطنوا المجوسية» .

وقال النوبختي : «فهذه فرق أهل الغلوّ ممّن انتحل التشيع وإلى (الخرّمدينية) و(المزدكية) و(الزّنديقية) و(الدهرية) مرجعهم . . . لعنهم اللّه» .

3- كما يتبرّأ الشيعة من الغلاة ، فإنّ أرباب الملل والنحل كذلك لم يعتبروهم من الشيعة الإمامية :

قال الأسفراييني : «وجميع فرق الغلاة منهم خارجون عن فرق الاسلام ، فأمّا فرق الزيدية وفرق الإمامية فمعدودون في فرق الامّة» .

وقال الشهرستاني : «الشيعة هم الّذين شايعوا عليّا (عليه السلام) على الخصوص وقالوا بإمامته وخلافته : نصّا ووحيا إمّا جليّا وإمّا خفيّا . واعتقدوا أنّ الإمامة لا تخرج من أولاده ، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره أو بتقية من عنده . . . وهم خمس فرق :

كيسانية وزيدية وإمامية وغلاة وإسماعيلية . ويميل بعضهم إلى الاعتزال وبعضهم إلى السنّة وبعضهم إلى التشبيه» «13» .

فهو وإن عدّ الغلاة ضمن فرق الشيعة إلّا أنّه جعلهم قسما غير الشيعة الإمامية الّذين هم مناط البحث .

4- يذهب الباحثون في الفرق إلى أنّ السبئية هي أقدم فرق الغلاة ، ممّا سندرسه فيما بعد .

موقف أهل البيت (عليه السلام) من الغلاة

نتيجة لما ابتلي به أهل البيت (عليه السلام) من غلوّ البعض ممّن ينتحل التشيع لهم ، كانت سيرة الأئمّة الاثني عشر منهم (عليه السلام) قائمة على أساس نفي الغلوّ والتبرّؤ من الغلاة ، وقد عقد العلّامة المجلسي في موسوعته (البحار) بابا تحت عنوان «نفي الغلو في النبي والأئمّة صلوات اللّه عليه وعليهم وبيان معاني التفويض وما لا ينبغي أن ينسب إليهم منها وما ينبغي» «14» أورد فيه أربعا وتسعين رواية عنهم (عليه السلام) في نفي الغلوّ وأربعا وعشرين رواية في التفويض ، كما أورد آراء بعض شيوخ الشيعة ، وعقّب على ذلك برأيه ممّا سنورده في بابه إن شاء اللّه .

وذكر الدكتور الفياض تحت عنوان : موقف الشيعة الإمامية وأسلافهم من الغلوّ والغلاة ، مقاومة الشيعة للغلاة عبر وسائل متنوعة كان أشهرها :

أوّلا : التأكيد على مناقضة الغلو للاسلام .

فقد روي أنّ الإمام عليا (عليه السلام) قال : «بني الكفر على أربع دعائم : الفسق والغلوّ والشك والشبهة» . . .

روى الكشي أنّ الصادق (عليه السلام) قال لأحد أصحابه : «قل للغالية توبوا إلى اللّه فإنّكم فسّاق كفّار مشركون» .

ثانيا : نفي الأئمّة لوجود صلة عقيدية بينهم وبين قادة الغلاة ، والتصريح بأن اولئك القادة كانوا يكذبون عليهم .

فقد تبرّأ الأئمّة في مناسبات عدّة من الغلاة ونفوا وجود أيّة صلة عقيدية بينهم وبين اولئك الغلاة .

روى الكشي أنّ الإمام الرضا (عليه السلام) قال : كان بنان يكذب على عليّ بن الحسين (عليه السلام) فأذاقه اللّه حرّ الحديد ، وكان المغيرة بن سعيد يكذب على أبي جعفر (عليه السلام) فأذاقه اللّه حرّ الحديد .

ثالثا : محاولة الأئمّة لقطع طريق الدس على الغلاة ومنعهم من انتحال الحديث‏ «15» .

أحاديث أهل البيت (عليه السلام) بشأن الغلاة :

ويمكن تصنيف الأحاديث الواردة عن أهل البيت (عليه السلام) بشأن الغلوّ والغلاة إلى الأقسام التالية :

1- في تحديد معنى الغلوّ .

2- في تحديد بعض مقولات الغلوّ .

3- في تحديد مصادره الفكرية .

4- في تحديد مصاديق الغلاة عبر تأريخهم .

5- في بيان صفات الغلاة .

6- موقفهم من الغلو والغلاة ، (إخراجهم عن امّة الاسلام) ، (التبرّؤ منهم) ، (لعنهم والدعاء عليهم) ، (مقاطعتهم) ، (الطلب من الشيعة مقاطعتهم مقاطعة تامّة) .

7- أنّ الغلوّ من السّنن التاريخية التي تتعرّضت لها سائر الأديان والدعوات الحقّة .

8- نتائج حركة الغلوّ .

وسنورد أوّلا مقاطع من روايات أهل البيت بشأن الغلو أوردها العلّامة المجلسي في البحار «16» وفق التصنيف السابق ذكره :

1- في تحديد معنى الغلوّ :

- يصغّرون عظمة اللّه ويدّعون الربوبية لعباد اللّه (6) «17» .

- الذين صغّروا عظمة اللّه (8) .

- ولا تفضلوا على رسول اللّه أحدا فإنّ اللّه تبارك وتعالى قد فضّله (12) .

- وأحبّوا أهل بيتكم حبّا مقتصدا ولا تغلوا (12) .

- أحبّه قومه فأفرطوا فيه (34) .

- محبّ مفرط يقرظني بما ليس بي (37) .

- . . . يدّعي النبوة ويزعم أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) هو اللّه ، تعالى عن ذلك (39) .

- يقولون فينا ما قالت اليهود في عزير وما قالت النصارى في عيسى بن مريم (44) .

2- مقولات الغلو :

- من قال بالتناسخ فهو كافر . . . لعن اللّه الغلاة (18) .

- . . . أ لا كانوا قدرية ، أ لا كانوا مرجئة ، أ لا كانوا حرورية (18) .

- إنّما وضع الأخبار عنا في التشبيه والجبر الغلاة (8) .

3- مصادره الفكرية :

- أ لا كانوا مجوسا ، أ لا كانوا نصارى ، أ لا كانوا قدرية ، أ لا كانوا مرجئة ، أ لا كانوا حرورية (18) .

4- مصاديق الغلاة :

- عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في قوله عزّ وجلّ : {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى‏ مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى‏ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ‏} قال (عليه السلام)- من باب ذكر المصاديق- : هم سبعة : المغيرة وبيان وصائد وحمزة بن عمارة البربري والحارث الشامي وعبد اللّه بن الحارث وأبو الخطاب (16) .

5- صفاة الغلاة :

- كذاب يكذب علينا أو عاجز الرأي (1) .

- فإنّ الغلاة شرّ خلق اللّه . . . واللّه إنّ الغلاة لشرّ من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا (6) .

- الغالي قد اعتاد ترك الصلاة والزكاة والصيام والحج فلا يقدر على ترك عادته وعلى الرجوع إلى طاعة اللّه عزّ وجلّ أبدا (6) .

- إنّما وضع الأخبار الذين صغّروا عظمة اللّه تعالى (8) .

- ولا تفضلوا على رسول اللّه أحدا (12) .

- وأحبّوا أهل بيت نبيّكم حبّا مقتصدا ولا تغلوا (12) .

- ولا تفرقوا (12) .

- ولا تقولوا ما لا نقول (12) .

- الشيطان استهواه فكان يأتيه ويلقي في روعه ذلك (19) .

- إن فيهم من يكذب حتّى أنّ الشيطان ليحتاج إلى كذبه (56) .

6- موقف الأئمّة (عليه السلام) من الغلو والغلاة :

- اللّهمّ إنّي بري‏ء من الغلاة كبراءة عيسى بن مريم من النصارى ، اللّهمّ اخذلهم ولا تنصر منهم أحدا (7) .

- لعنهم اللّه . . . كفانا اللّه مئونة كلّ كذاب وأذاقهم حرّ الحديد (1) .

- فمن أحبّهم فقد أبغضنا ، ومن أبغضهم فقد أحبّنا ، ومن والاهم فقد عادانا ، ومن عاداهم فقد والانا . . . (8) .

- من كان من شيعتنا فلا يتّخذنّ منهم وليّا ولا نصيرا (8) .

- صنفان لا تنالهما شفاعتي : . . . وغال في الدين مارق منه غير تائب ولا نازع (11) .

- لعن اللّه الغلاة . . . لا تقاعدوهم ولا تصادقوهم ، وابرءوا منهم برئ اللّه منهم (18) .

- الغلاة كفّار والمفوّضة مشركون (19) .

- من جالسهم أو خالطهم أو واكلهم . . . أو صدّق حديثهم أو أعانهم بشطر كلمة خرج من ولاية اللّه عزّ وجلّ وولاية الرسول (صلى الله عليه وآلهـ) وولايتنا أهل البيت (19) .

- لعن اللّه أبا الخطاب ولعن اللّه من قتل معه ولعن اللّه من بقي منهم ولعن اللّه من دخل قلبه رحمة لهم (23) .

- لعن اللّه من كذب علينا (41) .

- لقد ادّعى أمرا عظيما (41) .

- فلا هم منّا ولا نحن منهم (44) .

- كذب على أبي (عليه السلام) فسلبه اللّه الإيمان (46) .

- أذاقهم اللّه حرّ الحديد (46) .

7- الغلوّ والسنن :

- إنّا أهل بيت صادقون لا نخلو من كذّاب يكذب علينا ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس ، كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآلهـ) أصدق البرية لهجة وكان مسيلمة يكذب عليه (1) .

- يا عليّ مثلك في هذه الامّة كمثل عيسى بن مريم (34) .

8- نتائج حركة الغلو :

- ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس (1) .

- احذروا على شبابكم الغلاة لا يفسدوهم (1) .

- وغال في الدين مارق منه غير تائب ولا نازع (8) .

نفي آثار الغلو :

ولهدم عقيدة الغلو في الأئمّة ونفي الالوهية وصفاته- تعالى- عنهم ، فقد أكّد الأئمّة (عليه السلام) أنّهم بشر يحملون خصائص البشر وصفاته ، كما ورد في الحديث عن الإمام الرضا (عليه السلام) : «والإمام يولد ويلد ، ويصح ويمرض ، ويأكل ويشرب ، ويبول ويتغوط ، وينكح وينام ، وينسى ويسهو ، ويفرح ويحزن ، ويضحك ويبكي ، ويحيا ويموت ، ويقبر ويزار ، ويحشر ويوقف ، ويعرض ويسأل ، ويثاب ويكرم ، ويشفع .

ودلالته في خصلتين؛ في العلم واستجابة الدعوة ، وكل ما أخبر به من الحوادث الّتي تحدث قبل كونها ، فذلك بعهد معهود إليه من رسول اللّه (صلى الله عليه وآلهـ) ، توارثه عن آبائه (عليه السلام) ويكون ذلك ممّا عهد إليه جبرئيل من علام الغيوب» .

وكان علم الأئمّة ببعض الحوادث يجلب انتباه الكثيرين ، وربّما كان مولّدا للشبهة والغلو عند البعض ، لذا كانوا (عليه السلام) يؤكدون اختصاص علم الغيب باللّه تعالى ، وأنّه هو الّذي يطلع نبيه (صلى الله عليه وآلهـ) ومن ثمّ أولياءه على بعض الامور ، كما أشار الإمام علي (عليه السلام) للرجل الكلبي حين قال له : اوتيت علم الغيب ، فأجابه :

«يا أخا كلب! ليس هو بعلم غيب وإنّما هو تعلّم من ذي علم» «18» .

وعلى هذا الأساس قال الشيخ المفيد :

« . . . فأمّا إطلاق القول عليهم (أي الأئمّة) بأنّهم يعلمون الغيب ، فهو منكر بيّن الفساد ، لأنّ الوصف بذلك إنّما يستحقه من علم الأشياء بنفسه ، لا بعلم مستفاد ، وهذا لا يكون إلّا للّه عزّ وجلّ ، وعلى قولي هذا جماعة أهل الإمامة ، إلّا من شذّ عنهم من المفوضة ومن انتمى إليهم من الغلاة» «19» .

آراء العلماء الشيعة في الغلاة :

كان موقف العلماء الشيعة شديدا تجاه الغلوّ والغلاة ، امتدادا لموقف أهل البيت (عليه السلام) الصارم تجاههم ، لذا قضوا بكفرهم وضلالتهم ، والملاحظ أنّهم ركّزوا على الغلاة المتظاهرين بالانتساب إلى التشيع لدفعهم عن هذه الدائرة وإبراء الامّة منهم ، فقال‏ الشيخ الصدوق :

«اعتقادنا في الغلاة والمفوّضة أنّهم كفّار باللّه جلّ جلاله وأنّهم شرّ من اليهود والنصارى والمجوس والقدريّة والحروريّة ومن جميع أهل البدع والأهواء المضلّة ، وأنّه ما صغّر اللّه جلّ جلاله تصغيرهم شي‏ء ، وقال جلّ جلاله : { مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79) وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران : 79، 80] ، وقال اللّه عزّ وجلّ : {لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ } [النساء : 171] .

وكان الرضا (عليه السلام) يقول في دعائه :

(اللّهمّ إنّي بري‏ء من الحول والقوّة ولا حول ولا قوّة إلّا بك . اللّهمّ إنّي أعوذ بك وأبرأ إليك من الّذين ادّعوا لنا ما ليس لنا بحقّ ، اللّهمّ إنّي أبرأ إليك من الّذين قالوا فينا ما لم نقله في أنفسنا ، اللّهمّ لك الخلق ومنك الرزق وإيّاك نعبد وإيّاك نستعين ، اللّهمّ أنت خالقنا وخالق آبائنا الأوّلين وآبائنا الآخرين ، اللّهمّ لا تليق الربوبيّة إلّا بك ولا تصلح الإلهيّة إلّا لك ، فالعن النصارى الّذين صغّروا عظمتك والعن المضاهئين لقولهم من بريّتك .

اللّهمّ إنّا عبيدك وأبناء عبيدك لا نملك لأنفسنا نفعا ولا ضرّا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ، اللّهمّ من زعم أنا أرباب فنحن منه برآء ، ومن زعم أنّ إلينا الخلق وعلينا الرزق فنحن برآء منه كبراءة عيسى بن مريم (عليه السلام) من النصارى ، اللّهمّ انّا لم ندعهم إلى ما يزعمون ، فلا تؤاخذنا بما يقولون ، واغفر لنا ما يدّعون ولا تدع على الأرض منهم ديّارا إنّك إن تذرهم يضلّوا عبادك ولا يلدوا إلّا فاجرا كفّارا«20» .

وتبع الشيخ المفيد الصدوق في الموقف ، فقال : «الغلوّ في اللّغة : هو التجاوز عن الحد والخروج عن القصد .

قال اللّه تعالى : {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء : 171] ، فنهى عن تجاوز الحدّ في المسيح وحذّر من الخروج عن القصد في القول وجعل ما ادّعته النصارى فيه غلوّا لتعدّيه الحد على ما بيّنّاه ، والغلاة من المتظاهرين بالإسلام هم الّذين نسبوا أمير المؤمنين والأئمّة من ذريّته (عليه السلام) إلى الالوهية والنبوّة ووصفوهم من الفضل في الدين والدنيا إلى ما تجاوزوا فيه الحدّ وخرجوا عن القصد ، وهم ضلّال كفّار حكم فيهم أمير المؤمنين (عليه السلام) بالقتل والتحريق بالنار وقضت الأئمّة (عليه السلام) عليهم بالإكفار والخروج عن الإسلام» .

وقال الشيخ المفيد بشأن التفويض والغلوّ : «والمفوضة صنف من الغلاة وقولهم الّذي فارقوا به من سواهم من الغلاة اعترافهم بحدوث الأئمّة وخلقهم ونفي القدم عنهم وإضافة الخلق والرزق مع ذلك إليهم ، ودعواهم أنّ اللّه سبحانه وتعالى تفرّد بخلقهم خاصّة وأنه فوّض إليهم خلق العالم بما فيه وجميع الأفعال» .

وقال مبيّنا حدّ الغلوّ في نسبة صفات الالوهية إلى البشر : «ويكفي في علامة الغلوّ نفي القائل (بهـ) عن الأئمّة سمات الحدوث وحكمه لهم بالإلهيّة والقدم ، إذ قالوا بما يقتضي ذلك من خلق أعيان الأجسام واختراع الجواهر وما ليس بمقدور العباد من الأعراض» «21» .

موقف الفقهاء :

وقال الشهيدان الأوّل والثاني في اللّمعة وشرحها عند تعريف المسلمين : «والمسلمون من صلّى إلى القبلة أي اعتقدوا الصلاة إليها وإن لم يصلّ لا مستحلّا ، إلّا الخوارج والغلاة فلا يدخلون في مفهوم المسلمين وإن صلّوا إليها للحكم بكفرهم» «22» ومثل هذا أفتى سائر فقهاء الشيعة بكفر الغلاة .

كما أفتى فقهاء الشيعة بنجاسة الغلاة ، وعدم جواز تغسيل ودفن موتاهم- في قبور المسلمين- وبتحريم اعطائهم الزكاة ، وبأنّه لا يحل للغالي أن يتزوّج المسلمة ، ولا للمسلم أن يتزوّج الغالية مع أنّهم أجازوا الزواج بالكتابية ، ومع أنّهم أجمعوا على أنّ المسلمين يتوارثون وإن اختلفوا بالمذاهب والاصول والعقائد ، إلّا أنّهم أفتوا بأنّ الغلاة يرث المسلمون منهم وهم لا يرثون من المسلمين‏ «23» .

الموقف من رواية الغلاة :

وقد تشدّد علماء الشيعة منذ القدم في رفض رواية الغلاة ، فقد قال الشيخ الطوسي ، وهو من علماء الرجال :

«فأمّا ما رواه الغلاة ، ومن هو مطعون عليه في روايته ومتّهم في وضع الأحاديث فلا يجوز العمل بروايته إذا انفرد . . .» «24» .

وكذلك كان موقف ابن الغضائري ، وهو من علماء الرجال أيضا ، فلم يجوّز نقل الحديث عن الغلاة ، إذ قال في ترجمة المفضل بن عمر الجحفي : «ضعيف متهافت .

مرتفع القول خطابي وقد زيد عليه شي‏ء كثير وحمل الغلاة في حديثه حملا عظيما لا يجوز أن يكتب حديثه» .

وهكذا النجاشي صاحب كتاب الرجال المعروف ، قال في ترجمة داود بن كثير الرقّي : «ضعيف جدّا والغلاة تروي عنه» «25» .

وردّد النجاشي- كما في سائر كتب رجال الشيعة- عبارات التضعيف في ردّ الرواة الغلاة من أمثال : «وضعّفوه وقالوا هو غال» «26» .

فقال في ترجمة أحمد بن علي الرازي : «قال أصحابنا : لم يكن بذاك وقيل : فيه غلوّ وترفّع» .

وقال الشيخ الطوسي في ترجمته في الفهرست : «لم يكن بذاك الثّقة في الحديث ومتّهم بالغلوّ» .

وقال ابن الغضائري عنه : «كان ضعيفا وحدثني أبي (رحمه اللّهـ) أنّه كان في مذهبه ارتفاع وحديثه يعرف تارة وينكر اخرى» «27» .

وهكذا فإنّ أمارات الغلوّ (الترفّع ، في مذهبه ارتفاع ، الغلوّ) اقترنت بعبارات التضعيف من هؤلاء العلماء ، مثل : لم يكن بذاك الثقة ، ضعيف ، حديثه يعرف تارة وينكر اخرى .

ففي ترجمة ابن الغضائري للحسن بن علي سجادة : «ضعيف ، وفي مذهبه ارتفاع» وقال عنه الشيخ : «غال» .

وفي ترجمة النجاشي للحسن السعدي القمّي : «ممّن طعن عليه ورمي بالغلوّ» .

وفي ترجمة النجاشي لسليمان الديلمي : (غمز عليه وكان غاليا كذّابا) .

وقال العلّامة الحلّي في ترجمة صالح الهمداني : «غال كذّاب وضّاع للحديث . . .

لا خير فيه ولا في سائر ما رواه» .

وقال الكشي في ترجمة عبد الرّحمن بن أبي حماد : «ضعيف جدّا ، لا يلتفت إليه ، في مذهبه غلو» .

وقال في ترجمة عبد اللّه بن القاسم الحارث : «كذّاب غال ضعيف متروك الحديث ، معدول عن ذكره» .

وقال ابن الغضائري في ترجمة الحسين المدائني : «غال ضعيف» .

ومن يراجع كتب الرجال المعتمدة عند الشيعة يخرج بنتيجة قاطعة عن موقفهم الحاسم ضدّ الغلاة وردّ أحاديثهم‏ «28» .

وكان الاتهام بالغلوّ داعيا لعلماء الشيعة في قم أن يخرجوا المتّهم منها ، فقد ذكر الكشي (990) أنّ الحسين بن عبيد اللّه القمي اخرج من قم في وقت كانوا يخرجون منها من اتّهموه بالغلوّ .

وروى ابن الغضائري أن محمّد بن علي الصيرفي الملقّب بأبي سمينة «كوفي كذّاب غال ، دخل قم واشتهر أمره بها ونفاه أحمد بن عيسى الأشعري (رحمه اللّهـ) عنها- لغلوّه- وكان شهيرا في الارتفاع ، لا يلتفت إليه ولا يكتب حديثه» .

بل إنّ رواية الغلاة عن شخص كانت موجبة للطعن فيه كما في ترجمة داود بن كثير الجمال في رجال النجاشي : «ضعيف جدّا والغلاة تروي عنه» .

وربّما كان غلوّ الشخص عند علماء الشيعة موجبا للفتك به ، قال النجاشي في ترجمة محمّد بن أورمة القمّي : « . . . ذكره القميون وغمزوا عليه ورموه بالغلوّ ، حتّى دسّ عليه من يفتك به ، فوجدوه يصلّي من أوّل اللّيل إلى آخره فتوقّفوا فيه . . .» «29» .

حركة التأليف في الرد على الغلاة :

واستمرارا لصدّهم الغلاة وردّ عقائدهم ، فقد ألّف علماء الشيعة عشرات الكتب في الرد عليهم ، تجدها بمراجعة بسيطة لأحوالهم في رجال النجاشي والفهرست للطوسي ، من ذلك :

1- كتاب الرد على الغلاة : لإسماعيل بن عليّ النوبختي (237- 311 هـ) .

2- كتاب الرد على الغالية : للحسن بن عليّ بن فضال (ت : 224 هـ) .

3- كتاب الرد على الغلاة : للحسين بن سعيد الأهوازي ، روى عن الإمام الهادي (عليه السلام) .

4- كتاب الرد على الغلاة : للحسن بن موسى النوبختي (ت : 310 هـ) .

5- كتاب الرد على الغلاة والمفوضة : للحسين بن عبيد اللّه الغضائري .

6- كتاب الرد على الغلاة : لإسحاق بن الحسن بن بكر المتوفى سنة (411 هـ) .

7- الرد على الغلاة : لسعد بن عبيد اللّه الأشعري القمّي المتوفى سنة (301 هـ) .

8- الرد على الغالية : للفضل بن شاذان النيسابوري المتوفى سنة (260 هـ) .

9- الرد على الغلاة : لمحمّد بن أورمة القمّي .

10- الرد على الغلاة : لمحمّد بن الحسن الصفّار (ت : 290 هـ) .

11- الرد على الغلاة : لمحمّد بن الحسن بن حمزة الجعفري المتوفى سنة (463 هـ) .

12- الرد على الغلاة : ليونس بن عبد الرّحمن سنة (208 هـ) .

13- الرد على الغلاة : لعليّ بن مهزيار الأهوازي ، كان حيّا سنة (229 هـ) .

14- الرد على القرامطة «30» : لعليّ بن أبي سهل بن حاتم القزويني ، كان حيّا سنة (350 هـ) .

15- الرد على الإسماعيليّة : لمحمّد بن إبراهيم بن جعفر المعروف بأبي زينب النعماني وهو يروي عن الكليني وابن عقدة والمسعودي المؤرخ .

16- الرد على الغلاة : لأبي الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي الطرابلسي (ت : 449 هـ) .

17- كتاب الرد على القرامطة : لأبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني المتوفى سنة 328/ 329 وهو صاحب كتاب الكافي المشهور .

18- كتاب الرد على الغالية وأبي الخطاب وأصحابه : لأبي إسحاق الكاتب إبراهيم بن أبي حفص من أصحاب الإمام الحسن بن عليّ العسكري (عليه السلام) ، انظر الفهرست للطوسي ص 30 .

إلى غير ذلك من مؤلّفات الشيعة الكثيرة في هذا الموضوع‏ «31» .

الغلوّ ومساحته عند المسلمين :

ذكرنا فيما سبق أنّ ظاهرة الغلوّ من السّنن التاريخية التي تعرّضت لها سائر الأديان الحقّة ، فكانت في اليهودية والمسيحية والاسلام ، فإنّ النفس الانسانية معرّضة للانحراف ، سواء بدوافع شيطانية داخلية أو من خلال التأثّر بالمبادئ والفرق المنحرفة ، ونجد في القرآن تبرّؤ عيسى (عليه السلام) من أتباعه الّذين غلوا فيه‏ «32» ، كما نجد في الأحاديث التي سبقت تبرّؤ أئمة أهل البيت (عليه السلام) ومن سار على نهجهم من الغلاة .

ولم تكن ظاهرة الغلوّ مختصّة بالشيعة ، كما ذهب إلى ذلك البعض ، بل انّها ظهرت وتظهر في سائر فرق المسلمين ، وهذا ما أكّده ابن حزم الّذي قال :

«وقد تسمّى باسم الاسلام من أجمع جميع فرق الاسلام على أنّه ليس مسلما مثل طوائف من الخوارج غلوا . . . وطوائف من المرجئة قالوا . . وآخرون كانوا من أهل السنّة . . . وطوائف كانوا من الشيعة . . .» «33» .

والغلاة ليسوا من المسلمين أيّا كان مبدأ ظهورهم وموطن نشأتهم ، من السنّة فرعوا أو من الشيعة ظهروا ، لذا كان ذكر الغلاة ضمن فرق الشيعة نوعا من الظلم وعدم القصد في التعامل معهم ، قال الدكتور السامرّائي : الشيعة واحدة من أكبر الفرق الاسلامية وأقدمها ، والفرقة التي تعبّر عن الشيعة رسميّا ودقيقا هي فرقة الإمامية الاثني عشريّة . أمّا بقيّة الفرق فقد تفرّعت عن الشيعة ، فاشتطّ بعضها وابتعد كثيرا عن حدود هذه الفرقة ومبادئها ، فاستحقّ بمواقفه وآرائه المناقضة لمبادئ الامامية الحكم بالخروج عن حظيرتها على الرغم من أنّ تلك الفرق كانت تسمّى بالفرق الغالية الشيعية» «34» .

وتحت عنوان (الغلاة ليسوا من المسلمين) ، كتب أحد علماء الشيعة يقول :

«قد ذكر أصحاب الفرق فرقا للشيعة باسم الغلاة ، ومع أنّهم يصرّحون بأنّهم ليسوا من فرق المسلمين ، ولكن يذكروها فرقا للشيعة ويحملون أوزار الغلاة على الشيعة . . .» «35» .

وقد علمت فيما سبق من بحث مدى تشدّد أئمة أهل البيت (عليه السلام) وشيعتهم علماء ومحدّثين ومفسّرين مع الغلاة- ومنذ القدم- بتكفيرهم وردّ روايتهم والتبرّؤ منهم وعدّهم في عداد الأعداء والضّلال .

ومنه يتبيّن مدى الخلط والاشتباه في إلحاق فرق الغلاة بالشيعة وحشرهم معهم .

بقي أمر ، وهو أنّ البعض اعتبر كلّ مبالغة أو زيادة أو إفراط في القول في أئمة أهل‏ البيت (عليه السلام) نوعا من الغلوّ ، والواقع أنّ إطلاق القول بهذا التسرّع على كلّ زيادة هو في ذاته نوع من الغلوّ والتطرّف ، إذ إنّ الغلوّ وإن كان يعني التجاوز عن الحدّ ، ولكنّه صار مصطلحا في العرف الاسلامي يقترن بالغلاة الخارجين عن الدّين لأطلاقهم صفات الربوبية على البشر ، لا كل زيادة وإفراط ، وإلّا فمع التجوّز في القول كان الغلوّ يشمل مساحات واسعة من المسلمين ممّن زادوا قولا وعملا في أشياء كثيرة ، وقد رأينا فيما سبق أنّ المبالغة في فضائل الصحابة قال بها كثير من المسلمين وامتلأت بها كتبهم ، كما نجد اليوم كثيرا من المسلمين من أتباع الفرق الصوفيّة وغيرهم ممّن يبالغ في كرامة الأولياء ويعطيهم صفات عظيمة وآثارا خارقة . . . إلخ .

ولا يمكن الغلوّ في تطبيق مصطلح الغلوّ لنخرج به الناس من دين اللّه أفواجا ، بل لا بدّ من تحديد مساحة الغلوّ- بالمصطلح- على من خرجوا من ربقة الاسلام بإطلاق صفات الخالق على المخلوقين وإنزالهم منزلة الربوبيّة .

نعم تبقى الدعوة إلى الاعتدال والقصد في الأمور وعدم التجاوز عن الحق قائمة وصحيحة في كل الأمور .

موقف المفسّرين الشيعة من الغلوّ :

لمّا كان موقف أئمّة أهل البيت (عليه السلام) من الغلاة جازما بالتصريح بكفرهم والتحذير منهم ف «الغلاة كفّار ، والمفوضة مشركون من جالسهم أو خالطهم أو واكلهم أو شاربهم أو صدّق حديثهم أو أعانهم بشطر كلمة خرج من ولاية اللّه عزّ وجلّ وولاية رسول اللّه (صلى الله عليه وآلهـ) وولايتنا أهل البيت» «36» كما في الحديث المروي عن الإمام الرضا (عليه السلام) وغيره ممّا تقدّم ذكره .

فامتدادا لهذه المواقف جاءت مواقف العلماء من مدرسة أهل البيت (عليه السلام) وعلى‏ رأسهم الشيخ الصدوق والشيخ المفيد وهما من أعمدتهم الّذين صرّحوا دون أدنى شبهة بأنّ «الغلاة من المتظاهرين بالاسلام ، هم الّذين نسبوا أمير المؤمنين والأئمّة من ذرّيّته (عليه السلام) إلى الالوهية والنبوّة ووصفوهم من الفضل في الدين والدنيا إلى ما تجاوزوا فيه الحدّ وخرجوا عن القصد ، وهم ضلّال كفّار ، حكم فيهم أمير المؤمنين (عليه السلام) بالقتل والتحريق بالنار ، وقضت الأئمّة عليهم بالاكفار والخروج عن الاسلام» «37» .

فلا سبيل أبدا لقبولهم في حظيرة الاسلام أو الركون إليهم ، ولذا أفتى فقهاء الشيعة على الغلاة بالكفر .

فكان من الطبيعي أن يكون موقف المفسّرين الشيعة متشددا من الغلاة ، حتّى نجد الحسن والحسين ابني سعيد بن حماد بن مهران- وهما من موالي الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) ، ومن أوائل من كتب في التفسير من الشيعة- كتبا في الرد على الغلاة أيضا «38» .

وقال الشيخ الطوسي في تفسير قوله تعالى : {ومَا اخْتَلَفَ فِيهِ . . . .} الآية 213 من سورة البقرة : « . . . إذا كانوا مختلفين على إصابة بعضهم له ، فكيف يكون الكفر عمّهم به؟ قلنا : لا يمتنع أن يكون الكل كفّارا ، وبعضهم يكفر من جهة الغلوّ ، وبعضهم من جهة التقصير ، كما كفرت اليهود والنصارى في عيسى (عليه السلام) فقالت النصارى : هو ربّ ، فغالوا ، وقصّرت اليهود فقالوا : كذّاب متخرّص . . .» «39» .

وفي موضع آخر ردّ على مقولتهم في الحلول فقال :

«فأمّا تعلّق من تعلّق بذلك من الغلاة ، بأن قال : لمّا قال‏ {ولكِنَّ اللَّهَ رَمى‏}- وكان النبيّ هو الرامي- دلّ ذلك على انّه هو اللّه تعالى ، فهو جهل وقلة معرفة بوجوه الكلام لأنّه لو كان على ما قالوه لكان الكلام متناقضا ، لأنه خطاب للنبي (صلى الله عليه وآلهـ) بأنّه‏ لم يرم ، فان كان هو اللّه تعالى فإلى من توجه الخطاب؟ وإن توجه إليه الخطاب دلّ على انّ اللّه غيره . وأيضا فإذا كان هو اللّه فقد نفى عنه الرمي فإذا أضافه بعد ذلك إلى اللّه كان متناقضا ، على أنّه قد دلّت الأدلّة العقلية على أنّ اللّه ليس بجسم ، ولا حالّ في جسم ، فبطل قول من قال إنّ اللّه كان حلّ في محمّد (صلى الله عليه وآلهـ) وليس هذا موضع نقضه .

وقد ذكرنا الكلام في ذلك واستوفيناه في الاصول» «40» .

والمراجع لتفاسير الشيعة الاثني عشرية المعروفة ، كالتبيان ومجمع البيان والميزان وغيرها ممّا يصح أن تنسب إليهم وتمثل وجهة نظرهم في التفسير يجدها خلوا تماما ممّا يمكن أن يكون غلوّا ، بل يجد أئمة التفسير على حذر شديد وتحذير من رواية هؤلاء ، كما هو حال الشيخ الطوسي ، شيخ الطائفة الّذي يقول : «فأمّا ما رواه الغلاة ومن هو مطعون عليه في روايته ومتّهم في وضع الأحاديث فلا يجوز العمل بروايته إذا انفرد ، فإذا انضاف إلى روايته رواية الثقة جاز ذلك ، ويكون ذلك لأجل رواية الثقة دون روايته» «41» .

_____________________________

(1)- التفسير والمفسّرون/ ج 12/ ص 14 .

(2)- م . ن/ ج 2/ ص 114 .

(3)- م . ن/ ص 161 و173 .

(4)- مقدّمة تفسير البرهان/ ص 41 .

(5)- كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي ، مفردات القرآن للراغب الاصفهاني ، لسان العرب لابن منظور .

(6)- الطبري/ جامع البيان/ ج 6/ ص 35 .

(7)- ما ذهب إليه ابن كثير من أن من مصاديق الغلو أنّهم : غلوا في أتباعه وأشياعه ممّن زعم أنّه على دينه فادّعوا فيهم العصمة . . . فهو تجوّز في المعنى ، وإلّا فقد روى البعض عن النبيّ (صلى الله عليه وآلهـ) أنّه قال : أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم . وهو يفيد اطلاق العصمة بشكل ما على كل الأصحاب والدعوة إلى الاقتداء بهم ، مع اختلاف سيرتهم . وقد قال ابن حزم عن هذه الرواية حديث موضوع مكذوب باطل ، وعدّه الألباني في الموضوعات : سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة/ ج 1/ ص 58 .

(8)- ابن كثير/ تفسير القرآن العظيم/ ج 2/ ص 458 .

(11)- الطوسي/ التبيان/ ج 3/ ص 399 .

(10)- الطبرسي/ مجمع البيان/ ج 3/ ص 246 .

(11)- المقالات والفرق لسعد بن عبد اللّه الأشعري القمي (ت 299 أو 300 هـ) ، فرق الشيعة لأبي الحسن بن موسى النوبختي (ولد أواسط القرن الثالث) ، الملل والنحل لمحمّد بن عبد الكريم الشهرستاني (ت 479 هـ) ، الفرق بين الفرق لعبد القادر بن طاهر البغدادي الأسفراييني (ت 429 هـ) .

(12)- قال الدكتور الشيبي : ويحسن أن نبيّن أنّ العلّة في اجتماع الغلاة على التجسيم هو أنّهم قد ركّزوا همّهم في الارتفاع بالانسان مرّة حتّى يصير إلها ، والنزول بالإله حتّى يصير انسانا . . . وذلك ما صنعته المتصوفة في صعودهم إلى الإلهيّة وإحلال الإلهيّة في محل الانسان . الشيبي/ الصلة بين التصوّف والتشيّع/ ص 135 .

(13)- الملل والنحل/ الشهرستاني/ الباب السادس/ ص 131 .

(14)- بحار الأنوار/ العلّامة المجلسي/ ج 25/ باب 9/ ص 261 .

(15)- تاريخ الإمامية وأسلافهم من الشيعة/ ص 122 .

(16)- بحار الأنوار/ ج 25/ باب 9 .

(17)- هذه الأرقام تشير إلى أرقام الأحاديث في المصدر .

(18)- نهج البلاغة/ الخطبة 128 .

(19)- أوائل المقالات/ ص 77 .

(20)- بحار الأنوار/ ج 25/ ص 342/ باب نفي الغلوّ في النبيّ (صلى الله عليه

وآلهـ) والأئمّة (عليهم السلام) .

(21)- الشيخ المفيد/ تصحيح الاعتقاد/ في الغلوّ والتفويض .

(22)- اللمعة الدمشقية/ ج 1/ ص 228 .

(23)- الشيعة في الميزان/ محمّد جواد مغنية/ ص 292 .

(24)- عدّة الاصول/ الشيخ الطوسي/ ص 351 .

(25)- معرفة الحديث/ الشيخ محمّد باقر البهبودي/ ص 71 .

(26)- ترجمة أحمد بن الحسين دندان في رجال النجاشي .

(27)- معرفة الحديث/ ص 103 .

(28)- راجع كتاب الرجال للنجاشي/ اختيار الرجال للكشي/ الفهرست للطوسي/

رجال الشيخ الطوسي/ خلاصة العلّامة الحلّي/ وفي الكتب الحديثة : معجم رجال

الحديث للإمام الخوئي/ وقاموس الرجال للعلّامة التستري .

(29)- معجم رجال الحديث/ الخوئي/ ج 16/ ص 124 .

(30)- القرامطة : هم أصحاب (حمدان بن الأشعث) ، نقل أنّ تجمّعهم قام على

الشيوع والإباحة ، فقرّر شيوع الملكية وشيوع المرأة . ونسب إليهم عقائد ، بعضها

في إنكار النبوّة والمعاد ، واخرى بالقول بالحلول والتناسخ ، فادّعوا حلول الجزء

الإلهي في (محمّد بن اسماعيل بن جعفر) ، فدخلوا بذلك في زمرة الغلاة ، كما أنّهم

كانت لديهم أفكار باطنية وتعطيل بعض الشرائع .

(31)- روح التشيّع/ عبد اللّه نعمة/ ص 100 . راجع أيضا : الذريعة إلى تصانيف الشيعة/ الجزء العاشر .

(32)- سورة المائدة/ الآيات 116- 118 .

(33)- الغلوّ والفرق الغالية في الحضارة الاسلامية/ د . عبد المنعم سلّوم السّامرّائي/ ص 85 .

(34)- م . ن/ ص 83 .

(35)- بحوث في الملل والنحل/ الشيخ جعفر السبحاني/ ج 7/ ص 10 .

(36)- عيون أخبار الرضا/ الصدوق/ ج 2/ ص 203 .

(37)- شرح اعتقادات الصدوق/ الشيخ المفيد/ ص 217 .

(38)- راجع ترجمتهما في رجال النجاشي/ ج 1/ الرقم 135 .

(39)- التبيان في تفسير القرآن/ الطوسي/ ج 2/ ص 195 .

(40)- م . ن/ ج 5/ ص 93 .

(41)- عدّة الاصول/ ص 351 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .