المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
ميعاد زراعة الجزر
2024-11-24
أثر التأثير الاسترجاعي على المناخ The Effects of Feedback on Climate
2024-11-24
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24



[جود الامام الحسين وسخاءه]  
  
6769   11:51 صباحاً   التاريخ: 16-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسين
الجزء والصفحة : ج1, ص127-132.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام) /

من مزايا الإمام أبي الأحرار (عليه السّلام) الجود والسخاء فقد كان ملاذاً للفقراء والمحرومين وملجأ لمَن جارت عليه الأيّام وكان يثلج قلوب الوافدين إليه بهباته وعطاياه يقول كمال الدين بن طلحة : وقد اشتهر النقل عنه أنّه كان يكرم الضيف ويمنح الطالب ويصل الرحم ويسعف السائل ويكسو العاري ويشبع الجائع ويعطي الغارم ويشدّ من الضعيف ويشفق على اليتيم ويغني ذا الحاجة وقلّ أن وصله مال إلاّ فرّقه وهذه سجية الجواد وشنشنة الكريم وسمة ذي السماحة وصفة مَن قد حوى مكارم الأخلاق فأفعاله المتلوّة شاهدة له بصنعة الكرم ناطقة بأنّه متّصف بمحاسن الشيم ؛ ويقول المؤرّخون : إنّه كان يحمل في دجى الليل السهم الجراب يملؤه طعاماً ونقوداً إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين حتّى أثر ذلك في ظهره ؛ وكان يحمل إليه المتاع الكثير فلا يقوم حتّى يَهَبَ عامّته وقد عرف معاوية فيه هذه الظاهرة فأرسل إليه بهدايا وألطاف كما أرسل إلى غيره من شخصيات يثرب وأخذ يحدّث جلساءه بما يفعله كل واحد منهم بتلك الألطاف فقال في الحسين : أمّا الحسين فيبدأ بأيتام مَن قُتل مع أبيه بصفّين فإن بقي شيء نحر به الجزور وسقى به اللبن ؛ وبعث رقيباً يرى ما يفعله القوم فكان كما أخبر فقال معاوية : أنا ابن هند أنا أعلم بقريش من قريش ؛ وعلى أيّ حال فقد نقل المؤرّخون بوادر كثيرة من جود الإمام وسخائه ومنها ان أسامة بن زيد مرض مرضه الذي توفّي فيه فدخل عليه الإمام عائداً فلمّا استقرّ به المجلس قال أسامة : وا غمّاه!

ـ ما غمّك؟.

ـ دَيني وهو ستون ألفاً.

ـ هو عليّ.

ـ أخشى أن أموت قبل أن يُقضى.

ـ لن تموت حتّى أقضيها عنك.

وبادر الإمام (عليه السّلام) فقضاها عنه قبل موته وقد غضّ طرفه عن أسامة فقد كان من المتخلّفين عن بيعة أبيه فلم يجازيه بالمثل وإنّما أغدق عليه بالإحسان.

روى أنس قال : كنت عند الحسين فدخلت عليه جارية بيدها طاقة ريحانة فحيّته بها فقال لها : أنت حرّة لوجه الله تعالى ؛ وبهر أنس فانصرف يقول : جارية تجيئك بطاقة ريحان فتعتقها؟!

ـ كذا أدّبنا الله قال تبارك وتعالى : {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] , وكان أحسن منها عتقها ؛ وبهذا السخاء والخلق الرفيع ملك قلوب المسلمين وهاموا بحبّه وولائه.

وفي يوم كان الإمام الحسين (عليه السّلام) جالساً في مسجد جدّه الرسول (صلّى الله عليه وآله) وذلك بعد وفاة أخيه الحسن (عليه السّلام) وكان عبد الله بن الزبير جالساً في ناحية منه كما كان عتبة بن أبي سفيان جالساً في ناحية اُخرى منه فجاء أعرابي على ناقة فعقلها ودخل المسجد فوقف على عتبة بن أبي سفيان فسلّم عليه فردّ عليه السلام فقال له الأعرابي : إنّي قتلت ابن عمّ لي وطُولبت بالديّة فهل لك أن تعطيني شيئاً؟

فرفع عتبة إليه رأسه وقال لغلامه : ادفع إليه مئة درهم ؛ فقال له الأعرابي : ما أريد إلاّ الديّة تامة ؛ فلم يعنَ به عتبة فانصرف الأعرابي آيساً منه فالتقى بابن الزبير فعرض عليه قصّته فأمر له بمئتي درهم فردّها عليه وأقبل نحو الإمام الحسين (عليه السّلام) فرفع إليه حاجته فأمر له بعشرة آلاف درهم وقال له : هذه لقضاء ديونك ؛ وأمر له بعشرة آلاف درهم اُخرى وقال له : هذه تلمّ بها شعثك وتحسن بها حالك وتنفق بها على عيالك ؛ فاستولت على الأعرابي موجات من السرور واندفع يقول :

طربتُ وما هاج لي معبقُ           ولا لي مُقامٌ ولا معشَقُ

ولكنْ طربتُ لآل الرسولْ            فلذّ ليَ الشعرُ والمنطقُ

هُمُ الأكرمونَ هُمُ الأنجبون          نجومُ السماء بهم تُشرقُ

سبقتَ الأنام إلى المكرماتِ            وأنت الجوادُ فلا تُلحَقُ

 وقصده أعرابي فسلّم عليه وسأله حاجته وقال : سمعت جدّك يقول : إذا سألتم حاجة فاسألوها من أربعة ؛ إمّا عربي شريف أو مولى كريم أو حامل القرآن أو صاحب وجه صبيح فأمّا العرب فشرفت بجدّك ؛ وأمّا الكرم فدأبكم وسيرتكم ؛ وأمّا القرآن ففي بيوتكم نزل ؛ وأمّا الوجه الصبيح فإنّي سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : إذا أردتم أن تنظروا إليّ فانظروا إلى الحسن والحسين .

فقال له الحسين (عليه السّلام) : ما حاجتك؟ فكتبها الأعرابي على الأرض فقال له الحسين (عليه السّلام) : سمعت أبي علياً يقول : المعروف بقدر المعرفة فأسألك عن ثلاث مسائل ؛ إن أجبت عن واحدة فلك ثلث ما عندي وإن أجبت عن اثنين فلك ثلثا ما عندي وإن أجبت عن الثلاث فلك كل ما عندي وقد حملت إليّ صرّة من العراق .

ـ الأعرابي : سل ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.

ـ الإمام الحسين : أيّ الأعمال أفضل؟.

ـ الإيمان بالله.

ـ ما نجاة العبد من الهلكة؟.

ـ الثقة بالله.

ـ ما يزيّن المرء؟.

ـ علم معه حلم.

ـ فإن أخطأه ذلك؟.

ـ مال معه كرم.

ـ فإن أخطأه ذلك؟.

ـ فقر معه صبر.

ـ فإن أخطأه ذلك؟.

ـ صاعقة تنزل من السماء فتحرقه.

فضحك الإمام (عليه السّلام) ورمى إليه بالصرّة .

ووفد عليه سائل فقرع الباب وأنشأ يقول :

لم يخبِ اليوم مَن رجاك ومَن         حرّك من خلفِ بابك الحلقهْ

أنت ذو الجودِ أنت معدنهُ                 أبوك قد كان قاتلَ الفسقهْ

وكان الإمام واقفاً يصلّي فخفّ من صلاته وخرج إلى الأعرابي فرأى عليه أثر الفاقة فرجع ونادى بقنبر فلمّا مَثل عنده قال له : ما تبقّى من نفقتنا؟ قال : مئتا درهم أمرتني بتفرقتها في أهل بيتك.

فقال : هاتها فقد أتى مَن هو أحقّ بها منهم ؛ فأخذها ودفعها إلى الأعرابي معتذراً منه وهو ينشد هذه الأبيات :

خذها فإنّي إليك معتذرٌ               واعلم بأني عليك ذو شفقهْ

لو كان في سيرنا عصاً تُمدّ إذاً        كانت سمانا عليك مندفقهْ

لكنّ ريبَ المنونِ ذو نكدٍ                  والكفّ منّا قليلة النفقهْ

فأخذها الأعرابي شاكراً وداعياً له بالخير وانبرى مادحاً له :

مطهّرون نقياتٌ جيوبهمُ              تجري الصلاةُ عليهم أينما ذُكروا

وأنتمُ أنتمُ الأعلونَ عندكُمُ              علمُ الكتابِ وما جاءت بهِ السُّورُ

مَن لم يكن علوياً حين تنسبهُ              فما له في جميع الناسِ مفتخرُ

هذه بعض بوادر كرمه وسخائه وهي تكشف عن مدى تعاطفه وحنوه على الفقراء وأنه لم يبغِ أي مكسب سوى ابتغاء مرضاة الله والتماس الأجر في الدار الآخرة .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.