أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-3-2016
3288
التاريخ: 2-04-2015
3691
التاريخ: 13-4-2019
2022
التاريخ: 19-10-2015
6043
|
من مزايا الإمام أبي الأحرار (عليه السّلام) الجود والسخاء فقد كان ملاذاً للفقراء والمحرومين وملجأ لمَن جارت عليه الأيّام وكان يثلج قلوب الوافدين إليه بهباته وعطاياه يقول كمال الدين بن طلحة : وقد اشتهر النقل عنه أنّه كان يكرم الضيف ويمنح الطالب ويصل الرحم ويسعف السائل ويكسو العاري ويشبع الجائع ويعطي الغارم ويشدّ من الضعيف ويشفق على اليتيم ويغني ذا الحاجة وقلّ أن وصله مال إلاّ فرّقه وهذه سجية الجواد وشنشنة الكريم وسمة ذي السماحة وصفة مَن قد حوى مكارم الأخلاق فأفعاله المتلوّة شاهدة له بصنعة الكرم ناطقة بأنّه متّصف بمحاسن الشيم ؛ ويقول المؤرّخون : إنّه كان يحمل في دجى الليل السهم الجراب يملؤه طعاماً ونقوداً إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين حتّى أثر ذلك في ظهره ؛ وكان يحمل إليه المتاع الكثير فلا يقوم حتّى يَهَبَ عامّته وقد عرف معاوية فيه هذه الظاهرة فأرسل إليه بهدايا وألطاف كما أرسل إلى غيره من شخصيات يثرب وأخذ يحدّث جلساءه بما يفعله كل واحد منهم بتلك الألطاف فقال في الحسين : أمّا الحسين فيبدأ بأيتام مَن قُتل مع أبيه بصفّين فإن بقي شيء نحر به الجزور وسقى به اللبن ؛ وبعث رقيباً يرى ما يفعله القوم فكان كما أخبر فقال معاوية : أنا ابن هند أنا أعلم بقريش من قريش ؛ وعلى أيّ حال فقد نقل المؤرّخون بوادر كثيرة من جود الإمام وسخائه ومنها ان أسامة بن زيد مرض مرضه الذي توفّي فيه فدخل عليه الإمام عائداً فلمّا استقرّ به المجلس قال أسامة : وا غمّاه!
ـ ما غمّك؟.
ـ دَيني وهو ستون ألفاً.
ـ هو عليّ.
ـ أخشى أن أموت قبل أن يُقضى.
ـ لن تموت حتّى أقضيها عنك.
وبادر الإمام (عليه السّلام) فقضاها عنه قبل موته وقد غضّ طرفه عن أسامة فقد كان من المتخلّفين عن بيعة أبيه فلم يجازيه بالمثل وإنّما أغدق عليه بالإحسان.
روى أنس قال : كنت عند الحسين فدخلت عليه جارية بيدها طاقة ريحانة فحيّته بها فقال لها : أنت حرّة لوجه الله تعالى ؛ وبهر أنس فانصرف يقول : جارية تجيئك بطاقة ريحان فتعتقها؟!
ـ كذا أدّبنا الله قال تبارك وتعالى : {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] , وكان أحسن منها عتقها ؛ وبهذا السخاء والخلق الرفيع ملك قلوب المسلمين وهاموا بحبّه وولائه.
وفي يوم كان الإمام الحسين (عليه السّلام) جالساً في مسجد جدّه الرسول (صلّى الله عليه وآله) وذلك بعد وفاة أخيه الحسن (عليه السّلام) وكان عبد الله بن الزبير جالساً في ناحية منه كما كان عتبة بن أبي سفيان جالساً في ناحية اُخرى منه فجاء أعرابي على ناقة فعقلها ودخل المسجد فوقف على عتبة بن أبي سفيان فسلّم عليه فردّ عليه السلام فقال له الأعرابي : إنّي قتلت ابن عمّ لي وطُولبت بالديّة فهل لك أن تعطيني شيئاً؟
فرفع عتبة إليه رأسه وقال لغلامه : ادفع إليه مئة درهم ؛ فقال له الأعرابي : ما أريد إلاّ الديّة تامة ؛ فلم يعنَ به عتبة فانصرف الأعرابي آيساً منه فالتقى بابن الزبير فعرض عليه قصّته فأمر له بمئتي درهم فردّها عليه وأقبل نحو الإمام الحسين (عليه السّلام) فرفع إليه حاجته فأمر له بعشرة آلاف درهم وقال له : هذه لقضاء ديونك ؛ وأمر له بعشرة آلاف درهم اُخرى وقال له : هذه تلمّ بها شعثك وتحسن بها حالك وتنفق بها على عيالك ؛ فاستولت على الأعرابي موجات من السرور واندفع يقول :
طربتُ وما هاج لي معبقُ ولا لي مُقامٌ ولا معشَقُ
ولكنْ طربتُ لآل الرسولْ فلذّ ليَ الشعرُ والمنطقُ
هُمُ الأكرمونَ هُمُ الأنجبون نجومُ السماء بهم تُشرقُ
سبقتَ الأنام إلى المكرماتِ وأنت الجوادُ فلا تُلحَقُ
وقصده أعرابي فسلّم عليه وسأله حاجته وقال : سمعت جدّك يقول : إذا سألتم حاجة فاسألوها من أربعة ؛ إمّا عربي شريف أو مولى كريم أو حامل القرآن أو صاحب وجه صبيح فأمّا العرب فشرفت بجدّك ؛ وأمّا الكرم فدأبكم وسيرتكم ؛ وأمّا القرآن ففي بيوتكم نزل ؛ وأمّا الوجه الصبيح فإنّي سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : إذا أردتم أن تنظروا إليّ فانظروا إلى الحسن والحسين .
فقال له الحسين (عليه السّلام) : ما حاجتك؟ فكتبها الأعرابي على الأرض فقال له الحسين (عليه السّلام) : سمعت أبي علياً يقول : المعروف بقدر المعرفة فأسألك عن ثلاث مسائل ؛ إن أجبت عن واحدة فلك ثلث ما عندي وإن أجبت عن اثنين فلك ثلثا ما عندي وإن أجبت عن الثلاث فلك كل ما عندي وقد حملت إليّ صرّة من العراق .
ـ الأعرابي : سل ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.
ـ الإمام الحسين : أيّ الأعمال أفضل؟.
ـ الإيمان بالله.
ـ ما نجاة العبد من الهلكة؟.
ـ الثقة بالله.
ـ ما يزيّن المرء؟.
ـ علم معه حلم.
ـ فإن أخطأه ذلك؟.
ـ مال معه كرم.
ـ فإن أخطأه ذلك؟.
ـ فقر معه صبر.
ـ فإن أخطأه ذلك؟.
ـ صاعقة تنزل من السماء فتحرقه.
فضحك الإمام (عليه السّلام) ورمى إليه بالصرّة .
ووفد عليه سائل فقرع الباب وأنشأ يقول :
لم يخبِ اليوم مَن رجاك ومَن حرّك من خلفِ بابك الحلقهْ
أنت ذو الجودِ أنت معدنهُ أبوك قد كان قاتلَ الفسقهْ
وكان الإمام واقفاً يصلّي فخفّ من صلاته وخرج إلى الأعرابي فرأى عليه أثر الفاقة فرجع ونادى بقنبر فلمّا مَثل عنده قال له : ما تبقّى من نفقتنا؟ قال : مئتا درهم أمرتني بتفرقتها في أهل بيتك.
فقال : هاتها فقد أتى مَن هو أحقّ بها منهم ؛ فأخذها ودفعها إلى الأعرابي معتذراً منه وهو ينشد هذه الأبيات :
خذها فإنّي إليك معتذرٌ واعلم بأني عليك ذو شفقهْ
لو كان في سيرنا عصاً تُمدّ إذاً كانت سمانا عليك مندفقهْ
لكنّ ريبَ المنونِ ذو نكدٍ والكفّ منّا قليلة النفقهْ
فأخذها الأعرابي شاكراً وداعياً له بالخير وانبرى مادحاً له :
مطهّرون نقياتٌ جيوبهمُ تجري الصلاةُ عليهم أينما ذُكروا
وأنتمُ أنتمُ الأعلونَ عندكُمُ علمُ الكتابِ وما جاءت بهِ السُّورُ
مَن لم يكن علوياً حين تنسبهُ فما له في جميع الناسِ مفتخرُ
هذه بعض بوادر كرمه وسخائه وهي تكشف عن مدى تعاطفه وحنوه على الفقراء وأنه لم يبغِ أي مكسب سوى ابتغاء مرضاة الله والتماس الأجر في الدار الآخرة .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|