أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-5-2018
1125
التاريخ: 8-4-2018
1084
التاريخ: 27-5-2018
1251
التاريخ: 24-6-2017
1249
|
زيادة تركيز مادة الاثر ومعناها
ولا بد لنا أن نتساءل كيف تتمكن شغالات النمل من زيادة كثافة مادة الأثر أو التقليل منها! و يمكن الإجابة على هذا التساؤل إذا تصورنا الوضع التالي: عندما تكتشف إحدى الشغالات مصدرا للغذاء أثناء تجوالها تقوم أولا باقتطاع جزء من هذا الغذاء لنفسها، ثم تستدير عائدة إلى مستعمرتها لتخبر بقية أفراد هذه المستعمرة بهذا الاكتشاف.
وما أن تبدأ النملة في رحلة العودة حتى تأخذ في وضع مادة الأثر على الأرض على هيئة خط متقطع كما سبق أن ذكرنا، وبذلك يصل هذا الخط بين مصدر الغذاء الذي قد يكون بعض المواد السكرية أو حشرة ميتة، وبين المستعمرة.
وعندما تشعر الشغالات الأخريات برائحة مادة الأثر، تندفع جموعها سائرة فوق هذا الأثر في اتجاه مصدر الغذاء. وقد لوحظ أن الحشرة التي تحصل على كفايتها من الغذاء، تستدير قافلة في اتجاه المستعمرة، وهي عندما تفعل ذلك، تضيف من غدتها الخلفية إلى مادة الأثر الأصلية أثناء رحلة العودة. أما الحشرة التي لا تستطيع أن تحصل على الغذاء أو لا تجد هناك ما تأكله، فتعود إلى مستعمرتها دون أن تضيف شيئا إلى مادة الأثر الأصلية.
ويترتب على ذلك أنه كلما كان الغذاء وفيرا عند نهاية خط الأثر، كلما استطاعت الشغالات أن تحصل على نصيب منه لنفسها، ويزداد بذلك عدد الشغالات التي تحصل على كفايتها من الغذاء ويرتفع بالتالي تركيز مادة الأثر بما تضيفه كل من هذه الشغالات أثناء عودتها إلى المستعمرة مما يشجع غيرها على الذهاب إلى مصدر الغذاء قبل أن ينفذ.
ومن البديهي أنه عندما يقارب الغذاء على النفاد، نجد أن عدد الشغالات التي لا تستطيع الحصول على نصيب منه يزداد بمرور الوقت، وعلى ذلك فإن مثل هذه الشغالات تعود إلى المستعمرة دون أن تضيف شيئا إلى مادة الأثر، فتبدأ كثافة مادة الأثر في التناقص تدريجيا مع تناقص كمية الغذاء، ويتناقص تبعا لذلك أعداد الشغالات التي تذهب إلى موقع الغذاء حتى تتبخر مادة الأثر نهائيا بمرور الوقت و يمتنع إقبال الشغالات على القيام بهذه الرحلة.
و يمكننا تشبيه الوضع السابق ببعض الطرق التي توجد في الريف والتي تعرف باسم (المدق)، فإذا وجدت قرية أو سوق في نهاية أحد هذه (المدقات) ازدادت الحركة عليه وصارت أرضه ممهدة. أما إذا نقل السوق من نهاية هذا المدق فإن الحركة فوقه تتوقف، و يمتنع السير عليه فيصبح مهملا وتغطيه الحشائش والأعشاب تدريجيا حتى يختفي تماما في نهاية الأمر.
و يمكننا أن نستخلص مما سبق أننا إذا رأينا صفا من النمل يسير على الأرض أو فوق سطح جدار في انتظام، لكان معنى ذلك أن هذا النمل يسير فعلا في طريق معلوم مرسوم لا نراه نحن، ولكن النمل يحس به ويدركه بطريقته الخاصة، كذلك إذا لاحظنا أن عددا كبيرا من أفراد النمل يتتبع هذا المسار، لكان معنى ذلك أن هناك غذاء وفيرا في نهاية هذا المسار، بينما إذا وجدنا أن عددا قليلا من النمل يتحرك فوق هذا المسار، فان هذا يعني أن النمل إما أن يكون ما زال في بدء رحلة الاستكشاف وإما أن يكون قد أقبل على نهاية هذه الرحلة.
وقد بينت التجارب التي أجريت في هذا المجال أن مادة الأثر تتوزع بطريقة متكافئة على طول خط الأثر، أي أن تركيزها يكون متساويا على طول المسار، فهي لا تكون مركزة في جزء منه ومخففة في جزء آخر، بل يكون توزيعها ثابتا على طول الطريق.
ولو أننا استطعنا أن نرى المادة الكيميائية التي تحدد الأثر لرأينا خطا متقطعا منتظما يتكون من عدة شرط متتابعة، ولرأينا أن جميع هذه الشرط متساوية في الطول وفي السمك على طول المسار. ولا شك أن هذا التوزيع المتكافئ بمادة الأثر على طول المسار يخدم غرضا رئيسيا وهاما، فهو يساعد على اندفاع شغالات النمل نحو الهدف دون تردد وبسرعة ثابتة، وذلك لأن رائحة مادة الأثر تكون دائما ثابتة التركيز أمام هذه الشغالات: وهي تشدها إلى الأمام بنفس القدر مما يجعلها تسير على هذا الخط في انتظام حتى تصل إلى نهايته. وقد اتضح كذلك أن الأثر الفعال بمادة الأثر يتركز فوق خط المسار فقط، وأن هذا التركيز يقل كثيرا بل يقل فجأة إذا خرجنا عن هذا الخط.
و يمكن فهم ذلك لو تصورنا أننا نضع خطا بقلم من الحبر على ورقة من أوراق الصحف فسنرى على الفور أن هذا الخط لن يكون محددا وذلك لأن ورق الصحف يتشرب الحبر بسهولة، ولذلك يبدأ الحبر في الانتشار خلال الورق، ويتحول هذا الخط الرفيع بعد فترة إلى خط سميك غير محدد المعالم. أما إذا رسمنا هذا الخط بنفس قلم الحبر على ورق من النوع الجيد المصقول، فإن الحبر لن ينتشر خلال نسيج هذا الورق، وسيبقى هذا الخط واضحا محدد المعالم لأن تركيز الحبر فيه يكون متكافئا على طول امتداده.
وتشبه مادة الأثر خط الحبر الرفيع المرسوم على الورق الجيد المصقول كما في المثال الأخير، ويعني هذا أن مادة الأثر لا تنتشر في الفراغ المحيط بالمسار، بل تبقى مركزة في هذا الخط على الدوام حتى يتم تبخرها بعد ذلك بمرور الوقت.
ولا شك أن هذه الخاصية تضمن توحيد الاتجاه الذي تسير فيه شغالات النمل وإلا لخرج الكثير منها عن هذا الخط ولا تنتشر في كل اتجاه، ولفقدت مستعمرة النمل ما تتميز به من انضباط ونظام. ولا تتشابه مواد الأثر التي تستخدمها أنواع النمل المختلفة، بل يبدو أن كل نوع من أنواع النمل له مواده الكيميائية الخاصة به. وقد أثبتت التجارب صحة هذه القاعدة إلى حد كبير، فقد لوحظ أن مواد الأثر المستخرجة من غدد جنس ما من النمل لا تؤثر في أفراد جنس آخر بل يبدو أن كل جنس من النمل له لغته الخاصة ومصطلحاته التي يتعامل بها. ولهذا لا يحدث خلط ما أو حتى اضطراب من أي نوع عندما يتقاطع خطا أثر لنوعين أو أكثر من أنواع النمل المختلفة، بل نجد أن كل فريق منها يستمر في تتبع مساره الخاص دون أن يلقى بالا أو حتى يشعر بمسار الفريق الآخر.
ويشبه هذا ما قد يحدث عندما يتقابل فردان يتكلم كل منهما بلغته الخاصة ولا يفهم لغة الآخر. ولكن الفرق هنا كبير، فإن الإنسان يستطيع أن يتعلم أكثر من لغة، فهل تستطيع شغالات النمل أو أفراد الحشرات تعلم لغة بعضها الآخر? نشك في ذلك كثيرا، فإن استقبال الحشرات لهذه المواد الكيميائية يتم بطريقة محددة وفي مراكز خاصة كما سنرى فيما بعد عند مناقشة الطريقة التي تشم بها الكائنات الحية روائح ما حولها من موجودات. وهذا في تقديرنا، لن يسمح بحدوث التأقلم المطلوب أو يسمح بهذا النوع من التعليم. ولا يقف استخدام مواد الأثر على مملكة النمل فقط، بل هناك أنواع أخرى من الحشرات تقوم باستخدام بعض المواد المشابهة، ولكنها لم تدرس بعد بدرجة كافية كما درست مواد الأثر في حالة النمل.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|