المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



القاضي الرشيد الأُسواني  
  
5380   11:40 صباحاً   التاريخ: 27-1-2016
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج3، ص327-331
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-06-2015 3239
التاريخ: 10-2-2016 9810
التاريخ: 2-3-2018 2098
التاريخ: 21-2-2018 1683

هو القاضي الرشيد أبو الحسين أحمد بن القاضي الرشيد أبي الحسن عليّ ابن القاضي الرشيد أبي اسحاق ابراهيم بن محمّد بن الحسن بن الزبير الغسّانيّ الأسوانيّ، نسبة إلى أسوان في صعيد مصر؛ و كان أسود الجلدة قبيح المنظر ذا شفة غليظة و أنف مبسوط. و هو أخو القاضي المهذّب أبي محمّد الحسن بن علي بن ابراهيم بن الزبير (ت 561 ه‍-راجع ص 319) .

ولد القاضي الرشيد الأسواني في أسوان و نشأ فيها ثمّ انتقل إلى قوص (دار إمارة الصعيد) في مطلع صباه و تولّى فيها المطبخ. و يبدو أنّه لم يمكث في قوص إلاّ قليلا فجاء الى القاهرة بعد مقتل الظافر الفاطميّ، في 30 من المحرّم من سنة 549(16-4-1154 م) . فلمّا بويع بالإمامة للفائز الفاطمي، مستهلّ صفر، دخل الشعراء عليه يهنّئونه فأنشد القاضي الرشيد قصيدة مطلعها: ما للرّياض تميل سكرا!

فكانت سبب حظوته في البلاط الفاطمي.

ثمّ إنّ القاضي الرشيد أرسل بمهمّة إلى اليمن، فأقام في اليمن مدّة و ولي فيها القضاء و مدح نفرا من ملوكها منهم عليّ بن حاتم الهمدانيّ مدحه بقصيدة يعرّض فيها بمصر و ببني قيس (و الأئمّة الفاطميون منهم) و يسمّيهم زعانف خندف و يمدح همدان و قحطان من قبائل اليمن.

و كان ممّا قاله في ذلك:

لئن أجدبت أرض الصعيد و أقحطوا... فلست أبالي القحط في ارض قحطان (1)

و مذ كفّلت لي مأرب بمآربي... فلست على أسوان يوما بأسوان (2)

و إن جهلت حقّي زعانف خندفٍ... فقد عرفت فضلي غطارف همدان (3)

و غلا طموح القاضي الرشيد في اليمن فتمرّد و تسمّى بالخلافة و ضرب سكّة (عملة) باسمه.

و لكن سرعان ما قبض عليه فأرسل مكبّلا الى قوص، و أميرها يومذاك طرخان سليط (و كان بينهما عداوة قديمة) ، فحبسه طرخان في المطبخ الذي كان يتولاّه قديما. ثمّ وصل خبره الى طلائع بن رزّيك، و كان وزيرا (549-555 ه‍) للفائز الفاطمي فأرسل طلائع إلى طرخان يأمره بإطلاق سراح القاضي الرشيد.

و في سنة 559 ه‍ (1163-1164 م) أرسل القاضي الرشيد إلى الاسكندرية ليتولّى فيها الدواوين السلطانية، و كان لذلك كارها، كما كان قلبه قد تغيّر على الفاطميّين. فلمّا جاء شيركوه بن شادي الى مصر، سنة 560 ه‍ (1164 م) كاتبه القاضي الرشيد. و كان صلاح الدين الأيّوبي مع عمّه شيركوه، و كان الصليبيّون قد نزلوا في الإسكندرية فواطأهم شاور بن مجير، وزير العاضد الفاطميّ، لا كرها بشيركوه و صلاح الدين فقط-و كانا يحاربان الصليبيّين-بل توجسا لخيفة منهما على الدولة الفاطمية ايضا. و انضمّ القاضي الرشيد إلى صلاح الدين في قتال الصليبيّين، فأحنق ذلك شاور. و اتّفق أن قبض شاور على القاضي الرشيد في قصّة طويلة فقتله، في المحرّم من سنة 564(خريف عام 1167 م) .

كان القاضي الرشيد محيطا بعدد من فنون المعرفة عدّوا منها اللغة و النحو و العروض و الأدب و الشعر، و عدّوا منها أيضا التاريخ و المنطق و الهندسة و الفلك و الموسيقى و الطبّ. و لقد كان القاضي الرشيد كاتبا منشئا و مصنّفا و شاعرا مجيدا لطيف المعاني غريب الأغراض قليل التكلّف؛ و أكثر شعره في أغراض نفسه الوجدانية. و قد ذكروا أنّ أخاه القاضي المهذّب (ت 561 ه‍) كان أشعر منه (معجم الادباء 2:47) .

و القاضي الرشيد مصنّف له من الكتب: كتاب منية الألمعي و بلغة المدّعي (و هي رسالة تشتمل على علوم كثيرة، و لعلها الرسالة التي أشار إليها العماد الأصفهاني في الخريدة (قسم مصر 1:201) و قال: «و له الرسالة التي أودعها من كلّ علم مشكلة و من كلّ فنّ أفضله» . و له أيضا جنان الجنان و روضة الأذهان (في أربعة مجلّدات، يشتمل على شعراء مصر و من طرأ عليها من الشعراء) - كتاب المقامات-الهدايا و الطرف-شفاء الغلّة في سمت القبلة-كتاب رسائله (نحو خمسين ورقة) -ديوان شعره (نحو مائة ورقة) .

مختارات من آثاره:

- قال القاضي الرشيد أبو الحسن أحمد بن عليّ بن الزبيري الأسواني قصيدة يمدح بها طلائع بن رزّيك (راجع فوق، ص 309) جاء فيها:

ما للرّياض تميل سكرا... هل سقّيت بالمزن خمرا (4)

جارى الملوك الى العلا... لكنّهم ناموا و أسرى (5)

سائل به عصب النفا... ق غداة كان الأمر إمرا (6)

أيّام أضحى النكر معـ...ـ‍روفا، و أمسى العرف نكرا

أ فكربلاءٌ بالعراق... و كربلاء بمصر أخرى (7)

قسما بمن طاف الحجي‍ج... ببيته شعثا و غبرا (8)

لو لا طلائع لم نكن... نرجو لميت الدين نشرا

- قال القاضي الرشيد في كتابه جنان الجنان و رياض الأذهان في الشاعر رضيّ الدولة أبي سليمان داود بن مقدام بن ظفر المحلّي (خريدة القصر-شعراء مصر-2:46) :

هو من أبناء الجند بأسفل مصر، إلاّ أنّ همّته سمت به من الأدب الى دوحة يقصر عنها أمثاله، و لا يطمع فيها أضرابه و أشكاله (9) ؛ و عضده على ذلك جودة الطبع و نفاذ القريحة (10) حتى أدرك بعفو خاطره و سرعة بديهته ما لم يبلغ إليه كثرة من أبناء عصره في الدأب (11) على اقتناء الأدب. . . .

-لمّا ادّعى القاضي الرشيد الخلافة في اليمن و قبض عليه الداعي (الفاطميّ) كتب أخوه القاضي المهذّب إلى الداعي يستعطفه بقصيدة مطلعها: «يا ربع، أين ترى الأحبّة يمّموا؟» (معجم الادباء 9:50-57، راجع 4:62) . فنظم القاضي الرشيد قصيدة بارعة يعارض بها قصيدة أخيه (معجم الادباء 4:62-66) . فمن قصيدة القاضي الرشيد:

أحبابنا، ما كان أعظم هجركم... عندي؛ و لكنّ التفرّق أعظم (12)

غبتم؛ فلا، و اللّه، ما طرق الكرى... جفني؛ و لكن سحّ بعدكم الدم (13)

و زعمتم أنّي صبور بعدكم... هيهات، لا لقّيتم ما قلتم (14)

و اذا سئلت: بمن أهيمُ صبابةً... قلت: الذين هُمُ، الذين هُمُ هُمُ

لا ذنب لي في البعد أعرفه سوى... أنّي حفظت العهد لمّا خنتم (15)

فأقمت حين ظعنتم، و عدلت لمّـ...ـا جرتم، و سهدت لمّا نمتم (16)

أحباب قلبي، أعمروه بذكركم... فلطالما حفظ الوداد المسلم

و استخبروا ريح الصبا تخبركمُ... عن بعض ما يلقى الفؤاد المغرم (17)

كم تظلمونا قادرين، و ما لنا... جرم و لا سبب! لمن نتظلّم (18)

جار الزمان عليّ لمّا جرتمُ... ظلما، و مال الدهر لمّا ملتم (19)

و غدوت بعد فراقكم و كأنّني... هدف تمرّ بجانبيه الأسهم (20)

و نزلت مقهور الفؤاد ببلدةٍ... قلّ الصديق بها و قلّ الدرهم

في معشر خلقوا شخوص بهائمٍ... يصدى بها فكر اللبيب و يبهم (21)

إن كورموا لم يكرموا، أو علّموا... لم يعلموا، أو خوطبوا لم يفهموا (22)

لا تنفق الآداب عندهم، و لا ال‍ـ...ـإحسان يعرف في كثير منهم

صمّ عن المعروف حتّى يسمعوا... هجر الكلام فيقدموا و يقدّموا (23)

فاللّه يغني عنهم، و يزيد في... زهدي لهم، و يفكّ أسري منهم

___________________

1) أجدبت الأرض: قل نتاجها. . الصعيد: مصر العليا (الجنوبية) . قحط (بفتح القاف و كسر الحاء) القوم: أصابهم القحط. و قحطوا (بضم أوله، بالبناء للمجهول) قليل، نادر (بمعنى قحط) . لست أبالي: لا اهتم. قحطان (أرض اليمن) .

2) كفلت (بالبناء للمجهول) : جعلت كافلة. مأرب: بلد في اليمن. مآرب جمع مأرب (بفتح الراء) : حاجة، غاية. أسوان (بضم الهمزة) : بلدة في الصعيد (ولد فيها الشاعر) ، أسوان (بفتح الهمزة) : حزين.

3) الزعانف (جمع زعنفة بفتح فسكون ففتح) : أجنحة السمك، الاشياء الرديئة، الاخلاط من الناس لا أصل واحدا لهم و لا قدر لهم. خندف: قبيلة من عرب الشمال (بفتح الشين) ، المقصود عرب الشمال كلهم (و منهم الفاطميون) . الغطارف جمع غطريف (بكسر الغين) : السيد الشريف السخي. همدان: قبيلة من عرب الجنوب (في اليمن) .

4) بالمزن-مع المزن (المطر) .

5) جارى (طلائع بن رزيك) الملوك: ماشاهم، سايرهم (بدأ سيره معهم) . . . . ثم ناموا هم (تركوا الاهتمام بطلب العلا) و أسرى هو (سار ليلا، ظل يهتم بأمر الملك) .

6) العصب جمع عصبة (بضم العين) : العصابة (بكسر العين) الجماعة القليلة من الناس (تجتمع في الأكثر على الشر) . الإمر (بكسر الهمزة) : الشيء العجيب المنكر (بضم الميم و فتح الكاف) .

7) كربلاء: مكان في جنوب العراق استشهد (بالبناء للمجهول) فيه الحسين بن علي، [عليه السلام]؛ كناية عن المصيبة الكبرى.

8) الحجيج-الحجاج (بضم الجيم جمع حاج) . ببيته-بكعبته. الاشعث: الملبد الشعر أو المتفرق الشعر (بلا تمشيط و لا عناية و لا نظافة) . الأغبر: الذي علاه الغبار (من طول السفر) .

9) الدوحة: الشجرة الكبيرة (هنا) : مكانة. الأضراب جمع ضرب (بفتح الضاد) و الشكل: المثل و الصنف و الشبيه. -لا يصل أمثاله من الناس الى ما وصل هو اليه.

10) عضده: ساعده. نفاذ القريحة: ثقوب الذهن، صحة النظر في الأمور.

11) الدأب: المثابرة.

12) التفرق: اختلاف الرأي. أعظم: أشد (خطرا و مصيبة) .

13) ما طرق (جاء ليلا) الكرى (النوم) . سح بعدكم الدم: بكيت دما (بكاء شديدا) .

14) هيهات: ما أبعد ذلك (عن الصواب) . لا لقيتم ما قلتم: لا أصابكم ما أصابني (لا قدر اللّه لكم الابتعاد عن أحبابكم) .

15) أنا أشعر بالبعاد لأنني لا أزال أحفظ العهد، أما أنتم فلا تشعرون بالبعاد لأنكم خنتم العهد (و نسيتم الصداقة و الوداد) .

16) ظعن: سافر، ترك الوطن، جار: ظلم. سهد: سهر، لم ينم في الليل من الغم و القلق.

17) عمر الرجل المكان و أعمره: جعله آهلا (جعل فيه سكانا) . اعمروه بذكركم: أحسنوا أعمالكم حتى يظل قلبي مملوءا بذكركم.

18) و ما لنا جرم و لا سبب-ليس لي ذنب حتى تظلموني، و لا لكم سبب (عذر) حتى تظلموني.

19) جار الزمان علي: ألح بظلمه علي. و مال (عني) لما ملتم (أنتم عني) .

20) الهدف: الغرض المنصوب نطلق عليه السهام (أو الرصاص) . تمر بجانبه الاسهم (تكثر حوله المصائب) .

21) يصدى-يصدا-يصدأ. يصدأ الفكر و يبهم: يكل (يضعف و يقف عن التفكير و عن فهم الأمور) .

22) إن كورموا لم يكرموا: اذا أكرمهم أحد لم يصبحوا كراما (طباعهم رديئة حتى لا ينتفعوا بالإكرام و لا تقبله طباعهم) .

23) هجر الكلام: الكلام القبيح. فيقدموا (على سماعه و يسرون به) و يقدموا (قائله و يحترمونه) .

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.