المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



الصلاح الصَفدي  
  
2195   11:23 صباحاً   التاريخ: 27-1-2016
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج3، ص789-794
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /

هو صلاح الدين أبو الصفاء خليل بن أيبك بن عبد اللّه السيفيّ الصفديّ، ولد في صفد (فلسطين) ، في سنة 696 أو 697 ه‍ (1296 م) .

أخذ صلاح الدين الصفديّ الأدب عن شهاب الدين محمود بن فهد (ت 729 ه‍) و لازمه مدّة، و عن ابن نباتة المصريّ (ت 768 ه‍) ، و أخذ النحو عن أثير الدين أبي حيّان الغرناطيّ (ت 745 ه‍) . أمّا الحديث و الفقه فقد سمعهما من نفر كثيرين منهم: يونس الدبابيسيّ (أو الدبّوسيّ) المصري (ت 729 ه‍) -و قد سمع منه في مصر-و منهم بدر الدين بن جماعة (ت 733 ه‍) و أبو الفتح ابن سيّد الناس (ت 734 ه‍) و أبو الحجّاج المزّيّ (ت 742 ه‍) محدّث الديار الشامية في وقته؛ و منهم الحافظ أبو عبد اللّه الذهبيّ (ت 748 ه‍) و شيخ الاسلام تقيّ الدين السبكي (ت 756 ه‍) . ثمّ عاد الحافظ الذهبي فسمع منه (و هذا شيء يندر) .

و أوّل ما تولّى الصلاح الصفديّ من المناصب كتابة الدرج في بلده صفد ثمّ تولى جوانب من الكتابة في حلب ثمّ في دمشق ثمّ في القاهرة؛ و تولّى كتابة السرّ حينا في الرحبة (على الفرات الأوسط) ثمّ أصبح وكيلا لبيت المال في دمشق إلى آخر أيامه. و في هذه الأثناء كلّها كان يتصدّر للتدريس في أماكن مختلفة، فقد حدّث في دمشق (في الجامع الأمويّ) و في حلب و غيرهما. و كانت وفاته في دمشق في عاشر شوّال من سنة 764 ه‍ (23/7/1363 م) ، و هي السنة التي اشتدّ فيها «الوباء و الطاعون في البلاد الشامية و العربية» (شذرات الذهب 6:200) .

كان الصلاح الصفدي أديبا و شاعرا و مؤرّخا و مصنّفا مكثرا له كتب منها: الوافي بالوفيات (أوسع كتب التراجم) -أعيان العصر و أعوان النصر (تراجم المشاهير ممن شهدوا القرن الثامن الهجري) -نكت الهميان في نكت العميان (معجم أبجدي للمشاهير من العميان منذ صدر الاسلام) -الشعور بالعور (تتمّة لنكت الهميان) . و له مجاميع أدبية منها: تشنيف السمع في انسكاب الدمع (الشعر المتعلّق بالبكاء على الأطلال و على الأحباب) -التذكرة الصلاحية (مجموع مطوّل في الشعر و النثر على الأبواب و الأغراض) -لوعة الباكي و دمعة الشاكي (فيه أخبار المحبين) -ديوان الفصحاء و ترجمان البلغاء (مختارات من الشعر و النثر) . و له مصنّفات في النقد و شرح الأدب منها: جنان الجناس (في البديع) - فضّ الختام في التورية و الاستخدام (في البيان) -الكشف و التنبيه على الوصف و التشبيه-تمام المتون في شرح رسالة ابن زيدون-الغيث المسجّم في شرح لاميّة العجم. ثم له دواوين شعره و رسائله منها: منشآت الصفدي (مجموع مقالات و رسائل و توقيعات و مناشير) -ألحان السواجع بين البوادي و المراجع أو الغادي و الراجع (مكاتبات له بينه و بين نفر من معاصريه) . ثم له قصائد و موشّحات و مقامات، الخ.

مختارات من آثاره:

- من مقدّمة كتاب الوافي بالوفيات:

. . . . و بعد، فلمّا كانت هذه الأمّة المرحومة و الملّة التي أمست أخبارها بمسك الظلام على كافور الصباح مرقومة خير أمّة أخرجت للناس و أشرف ملّة أبطل فضلها المنصوص من غيرها قواعد القياس: علماؤها كأنبياء بني اسرائيل، و أمراؤها كملوك فارس في التنويه و التنويل (1)، و فضلاؤها أربوا على حكماء الهند و اليونان في التعليم و التعليل. . . .

(و قد) جمع المؤرّخون أخبار تلك الأحبار (2) و نظموا سلوك تلك الملوك و أحرزوا عقود تلك العقول. . . . فوقفت على تواريخ ماتت أخبارها في جلدها (3) . . . . و وجدت النفس تستروح الى مطالعة أخبار من تقدّم و مراجعة آثار من خرب ربع عمره و تهدّم. . . . .

و التاريخ للزمان مرآة، و تراجم العالم للمشاركة في المشاهدة مرقاة، و أخبار الماضين لمن عاقر الهموم ملهاة (4). و ربّما أفاد التاريخ حزما و عزما و موعظة و علما و همّة تذهب همّا. . . و حيلا تثار للأعادي من مكامن المكايد. . . . و صبرا يبعثه التأسّي بمن مضى، و احتسابا يوجب الرضا بما مرّ و حلا من القضا. . . . .

فأحببت أن أجمع من تراجم الأعيان من هذه الأمّة الوسط (5) و كملة (6) هذه الملّة التي مدّ اللّه لها الفضل الأوفى و بسط. . . . فلا أغادر أحدا من الخلفاء الراشدين، و أعيان الصحابة و التابعين و الملوك و الأمراء و القضاة و العمّال و الوزراء، و القرّاء و المحدّثين و الفقهاء، و المشايخ و الصلحاء و أرباب العرفان (7) و الاولياء، و النحاة و الادباء و الكتّاب و الشعراء. و الاطبّاء و الحكماء و الألبّاء و العقلاء، و أصحاب النحل و البدع (8) و الآراء، و أعيان كلّ فنّ اشتهر ممّن أتقنه من الفضلاء من كل نجيب مجيد و لبيب مفيد. . . . .

و لم أخلّ بذكر وفاة أحد منهم الاّ فيما ندر و شذّ، و انخرط في سلك أقرانه و هو فذّ، لأنّي لم اتحقّق وفاته، و كم من حاول أمرا فما بلغه وفاته (9). . . . .

و جعلت ترتيبه على الحروف و تبويبه، و تذهيب وضعه بذلك و تهذيبه (10). على أنّني ابتدأت بذكر سيّدنا محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] و سلّم، إذ هو الذي أتى بهذا الدين القيّم و سراجه وهّاج، و صاحب التنبيه على هذه الشرعة (11) و المنهاج، فأذكر ترجمته مختصرا، و أسرد أمره مقتصرا، لأنّ الناس قد صنّفوا المغازي و السير (12)، و أطالوا الخبر فيه كما أطابوا الخبر (13). . . . .

و قد أتيت في الترجمة النبويّة بما لا غنى عن عرفاته، و لا يسع الفاضل غير الاطّلاع على بديع معانيه و بيانه. و سردت ذكر من جاء بعده من المحمّدين (14) الى عصري و أبناء زماني الذين أينع زهرهم في روض دهري. ثمّ أذكر الباقين من حرف الألف الى الياء على توالي الحروف، و أتيت في كلّ حرف بما جاء فيه من الآحاد و العشرات و المئين و الألوف، بشرط ألاّ أدع كميت القلم يمرح في ميدان طرسه إذا أجررته رسنه (15)، و لا أكون الاّ من الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه، و لا أغدو إلاّ ممّن يلغي السيّئة و يذكر الحسنة. . . . .

و قد قدّمت قبل ذلك مقدّمة فيها فصول فوائدها مهمّة. . . . ثمّ انّي أعقد لكلّ اسم بابا ينقسم الى فصول بعدد حروف المعجم تتعلّق الحروف في الفصول بأوائل أسماء الآباء (16) ليتنزّل كل واحد في موضعه. . . . و قد سمّيته الوافيّ بالوفيات (17)، . . . . .

[أما فصول المقدّمة ففيها كلام على الأغراض التالية:

كيف كانت العرب تؤرّخ-أقدم التواريخ التي بأيدي الناس-تسجيل أيام الشهر-كيفيّة كتابة التاريخ-نسبة الرجل الى بلده و صناعته أو مذهبه أو عقيدته الخ و كيفية ذلك-في بيان العلم و الكنية و اللقب (18) و كيفية ترتيب ذلك مع النسبة-في الهجاء (تهجئة الاسماء) -ترتيب المصنّفات (على السنين و على الحروف) - اشتقاق كلمة وفاة-فوائد التاريخ-ذكر شيء من أسماء كتب التواريخ المؤلّفة: تاريخ المشرق و بلاده، تاريخ مصر، تاريخ المغرب و بلاده، تاريخ اليمن و الحجاز، التواريخ الجامعة، تواريخ الخلفاء، تواريخ الملوك، تواريخ الوزراء و العمّال، تواريخ القضاة، تواريخ القرّاء (19)، تواريخ العلماء، تواريخ الشعراء، تواريخ مختلفة].

____________________

1) التنويه (الاشتهار) و التنويل (العطاء، الكرم) .

2) الحبر (بفتح الحاء) : العالم (بكسر اللام) . تلك الأحبار (كذا في الاصل) -أولئك الأحبار.

3) ماتت أخبارها في جلدها: أهملت في بطون الكتب فنسيت.

4) عاقر الهموم (دام على شرب الهموم كما تشرب الخمر) : تتابعت عليه الهموم.

5) الوسط بين الفريقين: الحكم.

6) الكملة: الكاملون: التابعون: الذين عاشوا في العصر الذي تلا العصر الذي عاش فيه الرسول.

7) العمال: الموظفون الذين يجمعون الضرائب. القراء: الذين يقرءون القرآن الكريم و يعرفون قواعد قراءته. أرباب العرفان (المعارف الالهية) : المتصوفون.

8) اللبيب: صاحب العقل. النحلة (بكسر النون) : المذهب، العقيدة. البدعة (بكسر الباء) : الحركة الجديدة في الدين.

9) أخل بالشيء: ترك فيه مكانا فارغا. الفذ: الوحيد، الموجود وحده. وفاته-الواو: حرف عطف. فاته (الامر) : ذهب عنه، ضاع منه، لم يصل اليه.

10) تذهيب: تفريق (في أصناف منظمة) . تهذيب: حذف الأشياء الزائدة، اختصار.

11) الشرعة: الدين، الشريعة.

12) المغازي: مناقب (فضائل) الغزاة (المجاهدين، المحاربين في سبيل اللّه) . السيرة (بكسر السين) : حياة فرد من الناس. -المقصود: ألف الناس كتبا كثيرة في غزوات محمد رسول اللّه و في تاريخ حياته.

13) الخبر (بكسر الخاء أو فتحها أو ضمها) : الاختبار (التقصي، البحث عن الحقيقة) . الخبر (بفتح الخاء و الباء) : النبأ، السرد.

14) المحمدون: الذين اسم كل واحد منهم «محمد» .

15) الكميت: الحصان الأحمر. الطرس: الورق. أجررته رسنه: تركته يجر رسنه. -المقصود: لم أترك نفسي على هواها تذكر صاحب كل اسم يخطر في بالي.

16) يقصد: يقسم أصحاب الاسم الواحد بحسب أسماء آبائهم-محمد بن أحمد يأتي في فصل قبل الفصل الذي يأتي فيه محمد بن بشير، الخ.

17) الوافي: المبسوط، المفصل، الذي يحتوي أشياء كثيرة. الوفيات-جمع وفاة.

18) في «أبي الطيب أحمد المتنبي» ؛ أبو الطيب-كنية، أحمد-علم (اسم) ، المتنبي-لقب.

19) الصفحة 791، الحاشية 3.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.