المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



ابن جارية القصّار  
  
2600   08:41 مساءاً   التاريخ: 26-1-2016
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج3، ص283-285
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /

هو أبو عبد اللّه محمّد بن المبارك بن أحمد بن عليّ بن قصّار الوكيل (!) المعروف بابن جارية القصّار؛ كانت أمّه جارية القصّار عوّادة محسنة حافظة للأشعار بارعة في صناعتها. و يبدو أنّها عاشت طويلا بعد مولاها القصّار و تزوّجت رجلا يعرف بابن حريقا ثمّ ماتت و هي عنده، في بغداد، سنة 551 ه‍ (1156 م) .

سمع ابن جارية القصّار الحديث و جمع بعض أدوات ذوي الآداب، و يبدو أنّه كان يعمل وكيلا على أبواب القضاة (حاجبا؟) . و تكسّب ابن جارية القصّار بالمديح، و لكن ظلّ فقيرا.

و يبدو أنّ ابن جارية القصّار قد عاش عليلا و شاب باكرا ثمّ أصيب بإسهال شديد طال أمده، فيما يبدو، فمات منه في ريعان شبابه، بعيد سنة 540 ه‍ (1146 م) .

كان ابن جارية القصّار شاعرا ظريفا و كاتبا مطبوعا. و له مديح و هجاء و وصف و نسيب.

مختارات من شعره:

- قال ابن جارية القصّار أبياتا يتمنّى فيها الشيب و لا يحزن لذهاب شبابه:

من خاف-إن شاب-هجران الحسان و إصـ...ـ‍مار النعيم و رفض الكأس و النغم (1)

فلي إلى الشيب شوق ما ينهنهه... سعي للقياه من عمري على قدم (2)

ما أرغد الدهر عيشي في الشباب و لا... أحلى! فابكي شبابي حالة الهرم (3)

- كان للبديويّ العوّاد أخ اسمه محمود أراد أن يكون عوّادا أيضا و لكن لم يصب إحسانا، فقال ابن جارية القصّار يهجوه:

يا بديويّ، قد نشا لك في العو... د أخ يستغيث منه العود

أنت تدري أن الشتاء على الأش‍ـ...ـجار صعب- اذا أطلّ- شديد

لو أراد الإله بالأرض خصبا... ما تغنّى من فوقها محمود

كلّما أنبتت يسيرا من العش‍ـ...ـب و غنّى غطّى عليه الجليد

- و قال يشكو سوء حاله في التكسّب بالشعر و يندب حظّه:

الى كم أعلّل بالباطل... و لا أستقرّ على حاصل (4)

و أدفع من باخل-لا يدين... بدين السماح-إلى باخل (5)

يصون بعرض جبان الفؤاد... حمى العرض من بطل باسل (6)

أحلّيه بالدرر المثمنات... و أرجع بالأمل العاطل (7)

إذا كان حظّ الفتي صاعدا... فلا بأس بالأدب النازل

هما خلفان، فهذا المقي‍م...  يعقب من ذلك الراحل (8)

لقد ألجأتني صروف الزمان... لحكم ضرورتها الحامل (9)

إلى معشر قد أتمّوا الرضاع ... من ضرع لؤمهم الحافل (10)

شيوخهم بعد لم يفطموا... و عالمهم ضحكة الجاهل

صدور و لكنّ أعجازهم... صدور لوخز القنا الذابل (11)

و قوم رأوا أنّني شاعر... فلم يرفعوني عن الخامل،

و لم يعلموا ما رواة القري‍ض... عندي و من آلة الكامل (12)

و ما غاية الفضل نظم القريض... و لكنّه نفثة الفاضل (13)

______________________

1) اصمار (؟) منع، فقدان.

2) لي شوق شديد الى أيام المشيب. هذا الشوق لا ينهنهه (لا يمنعه، لا يكفه، لا يؤخره) سعي للقياه (سير عمري نحوه حتما) على قدم (بسرعة) .

3) ان الدهر لم يجعل عمري في شبابي رغيدا (خصبا، وافر النعمة) و لا حلوا (من التمتع بالملذات) حتى أبكي (آسف) على شبابي حينما أصل إلى أيام هرمي (شيخوختي) .

4) لا أستقر على حاصل: لا أصل الى نتيجة.

5) لا يدين بدين السماح: لا يعترف بوجود الكرم و الكرماء.

6) . . . . .

7) أمدحه بقصائد جميلة فلا يثيبني عليها بشيء (العاطل في الأصل: المرأة التي لا تتزين بالحلي اكتفاء بجمالها الطبيعي) .

8) خلفان: يأتي أحدهما بعد الآخر. يعقب: يأتي بعده.

9) صروف الزمان: مصائبه. لحكم ضرورتها الحامل (التي تلد كل عجيبة!) .

10) ضرع: ثدى (مكان اللبن في الانثى من الناس و الحيوان) . الحافل المملوء (لقد رضعوا اللؤم حتى ارتووا- بفتح الواو الأولى-حتى تم اللؤم فيهم) .

11) العجز (بفتح العين و ضم الجيم) : مؤخرة الجسم. القناة: القصبة تعمل رمحا. -في البيت كناية قبيحة.

12) لم يعلم هؤلاء الفرق بين الشعراء و لم يعلموا ما عندي من صفات الرجل الكامل (لم يعرفوا قدري و لا مقداري) .

13) و ليست غاية الانسان الفاضل (و ليس أعلى درجات الفضل) أن ينظم الانسان الشعر (ليكتسب) ، و لكن الشعر شيء ينفث (يدفع) به الرجل الفاضل (ليروح عن نفسه) .

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.