أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-1-2021
1697
التاريخ: 22-1-2016
7681
التاريخ: 28-11-2018
2992
التاريخ: 8-1-2022
2202
|
ان ما يلاحظ هو حدوث نمو هائل في عدد نفوس العالم ومنذ منتصف القرن الماضي وحتى الآن، بما لا يمكن مقارنته بأية حقبة في تاريخ الجنس البشري. حيث ازداد عدد النفوس من (2.521) مليار نسمة في العام 1950 إلى (6.055) مليار نسمة في عام 2000، أي بزيادة (2.4) مرة، أو (3.514) مليار نسمة خلال (50) سنة. كما استمر النمو ولو بوتيرة أقل نظراً للتطور الثقافي للمجتمعات المختلفة، وبفرض تحديد النسل كما في الصين، فوصل عدد نفوس العالم كما في أواسط كانون الأول 2009 إلى (6.813) مليار نسمة، أي بزيادة قدرها (12.5%)، أو (758) مليون نسمة خلال تسع سنوات، وذلك بسبب التقدم الصحي وارتفاع مستوى المعيشة عموماً، وللتقدم العلمي والثقافي، مع الأخذ بنظر الاعتبار زيادة في الفقر والجوع والمرض والعطش والموت المبكر في مناطق عديدة في العالم، وذلك عند ذوي الدخل المحدود جداً.
لقد دخلت غالبية شعوب دول العالم الصناعي المتقدم "عصر الرفاهية" منذ عدة عقود، مما أدى ذلك إلى تحول في أنماط معيشتها، لتتطور إلى شعوب استهلاكية للكثير من المعدات التي كانت تعتبر حتى الخمسينيات من القرن الماضي، من "الكماليات" نادرة التملك كالسيارات ومكيفات الهواء والأدوات المنزلية الكهربائية المختلفة، كما أخذت هذه المجتمعات بأنظمة غذائية جديدة، أدت إلى الإفراط في استهلاك الغذاء، وخصوصاً اللحوم بأنواعها. وعملت هذه الدول الصناعية على نقل مفاهيم المجتمعات الاستهلاكية إلى شعوب الدول النامية، وساعد على ذلك سهولة النقل والتنقل، ووجود الاتصالات السريعة بأنواعها المختلفة. إضافة لذلك رأينا خلال العقدين الماضيين صعود دول نامية فقيرة، مثل الهند والصين اللتان تمثلان حوالي 40% من نفوس العالم، تطورتا لتصبحا من الدول الصناعية النامية وبنشاط اقتصادي عال ومستمر، ودخولهما تدريجياً في "عصر الرفاهية" الاستهلاكي. جميع هذه الأمور أعلاه تعني التوسع في استهلاك الطاقة والغذاء والسلع الاستهلاكية، التي تحتاج إلى كميات هائلة من المياه ـ كما سنرى ـ، بالإضافة إلى استهلاك المياه للأغراض الإنسانية والمدنية.
ولغرض إجراء مقارنة بسيطة، تؤدي إلى استقراء ما يمكن توقعه في التوسع في الاستهلاك لجميع المواد والطاقة خلال العقود القليلة القادمة، سنأخذ كمثال الصين ومقارنتها بالولايات المتحدة، وفي أمر واحد وهو استهلاك الطاقة الذي هو أحد العوامل الرئيسية جداً في تقييم "الرفاهية". إن استهلاك الفرد الصيني السنوي للطاقة كان في سنة 2000، حوالي (31) مليون وحدة حرارية بريطانية (BTU)، بينما الاستهلاك السنوي للفرد الأميركي في تلك السنة بلغ (342) مليون وحدة حرارية بريطانية، أي أكثر من (11) مرة من استهلاك الفرد الصيني. وكانت الولايات المتحدة تستهلك لوحدها 24% من مجمل الطاقة المنتجة في العالم، في حين كان عدد نفوسها ي سنة 2000 فقط (290) مليون نسمة ـ أي أقل من 5% من نفوس العالم حينذاك ـ. بينما كانت الصين تستهلك فقط10% من مجمل الطاقة العالمية المنتجة في سنة 2000، في حين أن عدد نفوسها كان (1.295) مليار نسمة ـ أي حوالي 18% من نفوس العالم ـ كانت الولايات المتحدة في سنة 2000 تطلق إلى الجو ما يقارب 25% من مجمل الغاز المسبب للاحتباس الحراري، ثاني أوكسيد الكربون CO2 المطلق إلى الجو على نطاق العالم، بنما كانت الصين تطلق إلى الجو ما يعادل 13% من مجمل CO2 المطلق إلى الجو. واليوم وبعد تسع سنوات فقط، فإن الولايات المتحدة والصين تتساويان في كمية CO2 المطلق إلى الجو، (وفي واقع الأمر تساوت الكميات المطلقة إلى الجو منذ 2007)، مما يعني أن التطور الاقتصادي في الصين في تسارع عال جداً ـ وهو أمر معروف ـ، وبنفس الوقت فإن هذا الأمر يعني أن الصينيين بدأوا الدخول في "عصر الرفاهية"، ولكن هل سيسير الفرد الصيني بنفس الطريق المفرط في الاستهلاك وهو ذات الطريق الذي سار عليه الفرد الأميركي؟!. إن الإنسانية تتمنى أن لا يتم ذلك، وأن الحكومة الصينية تعمل على أن لا يتم ذلك، ولكنها تعمل بنفس الوقت على أن يعيش شعبها برفاهية أكثر مما يعيشه اليوم، و بطريقة معقولة وغير منفلتة.
إن النمو السكاني "الانفجاري" الهائل، والزيادة الكبيرة في استهلاك الطاقة والمواد الغذائية والمواد الاستهلاكية الأخرى، والتغيرات في أنماط الحياة بالتحول إلى مجتمعات استهلاكية، تشكل لوحدها ضغوطاً كبيرة تعمل على زيادة استهلاك المياه، وتؤدي بالتالي إلى شحتها، إذ أن كمية المياه العذبة في العالم محدودة. وسنرى في الفقرة اللاحقة علاقة ازدياد استهلاك المياه باستهلاك مختلف السلع، وخصوصاً مع ازدياد "الرفاهية" الاستهلاكية للدول المتقدمة، بشكلها المعروف حالياً، كنمط للحياة التي يتطلع إليه "الجميع" سواء في الدول المتقدمة أم الدول النامية.
إن الضغوط المذكورة أعلاه و التي عملت على زيادة استهلاك المياه، ظهرت وتوسعت على نطاق عالمي خلال العقود الخمسة الماضية. بالإضافة إلى ذلك ظهرت وبوضوح خلال العقدين السابقين ظاهرة الاحتباس الحراري نتيجة الفعاليات الإنسانية للثورة الصناعية خلال المائة والخمسين سنة الماضية، وأدت بما لا يقبل الشك في الوقت الحاضر، حسب رأي مجمل العلماء في العالم إلى تغيرات مناخية تؤدي إلى تغير في سلوك الطبيعة بما يتعلق بدرجات الحرارة والرياح والعواصف و"تساقط الأمطار" والفيضانات، ومنها زيادة في شحة المياه، وكما سنوضحه في فقرة لاحقة.
كل هذه المسائل تتطلب من المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات سريعة لإنقاذ البشرية والأرض، ومن هذه الإجراءات محاولات السيطرة على "الانفجار" السكاني، بحيث لا يتجاوز عدد سكان الأرض عن (9) مليارات نسمة في سنة 2050 من خلال التوعية ونشر ثقافة تحديد النسل أو من خلال إصدار قوانين تسير بهذا الاتجاه. كذلك عملت مختلف الأجهزة العلمية والتكنولوجية العالمية العاملة في مجال الزراعة والري في زيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية والحيوانية عن طريق التحسين الجيني لنوعيات الحبوب ، و استخدام الاسمدة الكيمياوية و المبيدات ، والتطور الهندسي لمعدات الري والزراعة وغيرها من الطرق. وكذلك استخدام نفس الطرق العلمية أو المشابهة لها في إدخال تعديلات جينية على البذور لتقليل استهلاك المياه المطلوبة في الإنتاج الزراعي، واعتماد مياه ذات ملوحة أكثر مما هو مستخدم حالياً. إضافة لذلك هناك محاولات طبية لتغيير محاولة تغيير أنماط التغذية الحالية المضرة بالصحة والقضاء على السمنة بالاعتماد على منتجات غذائية نباتية في التغذية أكثر مما يتم في الوقت الحاضر. كما وأن هناك تطوير لتكنولوجيات الحصول على مياه عذبة من مياه البحر المالحة بكلف أقل بكثير مما هي عليه الآن. والأمر هو محاولة السيطرة على ظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي، باعتبارهما أمرين سيغيران حالة الأرض نحو الأسوأ في خلال عقود قليلة قادمة، الأمر الذي سوف يؤدي إلى كوارث طبيعية واجتماعية هائلة إن لم نضع حداً لهما، ومؤتمر قمة المناخ الذي انعقد في كوبنهاكن الأسبوع الثالث من كانون الأول 2009 هو آخر المحاولات.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|