المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2764 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



جمع المذكر السالم  
  
34160   03:50 مساءاً   التاريخ: 16-10-2014
المؤلف : عباس حسن
الكتاب أو المصدر : النحو الوافي
الجزء والصفحة : ج1/ ص137- 161
القسم : علوم اللغة العربية / النحو / جمع المذكر السالم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2014 6157
التاريخ: 16-10-2014 1763
التاريخ: 16-10-2014 2121
التاريخ: 16-10-2014 2846

أ- فاز عليٌّ.

هَنَّأت عليًّا.
أسرعت إلى عليّ.
ب- فاز العَليون.
هَنَّأت العليينَ.
أسرعت إلى العليينَ.
نفهم من كلمة: "عليّ" فى القسم الأول أنه شخص واحد، ثم زدنا عليها الواو والنون المفتوحة، أو الياء المكسور ما قبلها، وبعدها النون المفتوحة، فصارت تدل على أكثر من اثنين، كما في القسم الثاني: "ب". وبسبب هذه الزيادة استغنينا عن أن نقول: فاز عليّ وعليّ وعليّ... و... و... أي: أن زيادة حرف الهجاء المذكورين أغنتْ عن عطف كلمتين متماثلتين أو أكثر على نظيرة سابقة، مع اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في المعنى والحروف والحركات. فكلمة "العليون" وما يشبهها تسمى: "جمع مذكر سالمًا" وهو:
"ما يدل على أكثر من اثنين؛ بسبب زيادة معينة في آخره، أغنت عن 

ص137

"عطف المفردات المتماثلة في المعنى والحروف والحركات بعضها على بعض".
فليس من جمع المذكر ما يأتي:
1- ما يدل على مفرد؛ مثل: محمود، أو "محمدبِنَ" علمًا على شخص واحد.
2- ما يدل على مثنى، ومنه: المحمودان...، أو على جمع تكسير؛ كأحامد، جمع أحمد، أو على جمع مؤنث سالم، كفاطمات؛ لخلو هذين الجمعين من الزيادة الخاصة بجمع المذكر السّالم، ومن الدلالة المعنوية التي يختص بتأديتها.
3- ما يدل دلالة جمع المذكر ولكن من طريق العطف بالواو؛ نحو: جاء محمود، ومحمود، ومحمود1 .....
4- ما يدل دلالة جمع المذكر، ولكن من طريق الوضع اللغوي وحده؛ لا من طريق زيادة الحرفين في آخره؛ مثل: كلمة: "قوم" إذا كانت بمعنى: الرجال، فقط.
5- ما يدل على أكثر من اثنين، ولكن مع اختلاف في معنى المفرد؛ مثل:

ص138

الصالحون محبوبون؛ تريد؛ رجلين يسمى كل منهما: "صالحًا" ومعهما ثالث ليس اسمه "صالحًا"، ولكنه تقيّ، معروف بالصلاح؛ فأنت تذكره مع الآخَرين على اعتبار أنه صالح في سلوكه لا على أنه شريك لهما في التسمية.
وقد يكون الاختلاف في بعض حروف المفرد أو كلها؛ فلا يصح أن يكون "السعيدون" جمعًا لسعد، وسعيد، وساعد "أسماء رجال"، ولا جمعًا لمحمود وصالح وفهيم، كذلك.
وقد يكون الاختلاف في حركات الحروف، فلا يصح: العُمَرونَ قرَشيون إذا كان المراد: عُمر بن الخطاب، وعُمر بن أبي ربيعة، وعَمْرو بن هشام... "المعروف بأبي جهل".
حكمه:
حكم جمع المذكر السالم الرفع بالواو نيابة عن الضمة، وبعدها النون المفتوحة، مثل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُون} والنصب والجر بالياء المكسور ما قبلها وبعدها النون المفتوحة، مثل: صادقْتُ المؤمنينَ، وأثنيت على المؤمنينَ.
نوعَا جمع المذكر السالم:
الاسم الذى يُجمعَ جمع المذكر سالمًا نوعان: أحدهما "العَلم"2 والآخر: "الصفة"3.

ص139

أ- فإن كان الاسم علما فلا بد أن تتحقق فيه الشروط الآتية قبل جمعه:
1- أن يكون علما لمذكر، عاقل، خاليا من تاء التأنيث الزائدة، ومن التركيب، ومن علامة تثنية أو جمع.
فإن لم يكن علما لم يجمع هذا الجمع، فلا يقال في رجل: رجلون5، ولا في غلام، غلامون ...
وإن كان علما لكنه لمؤنث، لم يجمع أيضًا، فلا يقال في زينب: الزينبون، ولا في سعاد: السعادون. والعبرة في التأنيث أو عدمه ليست بلفظ العلم، وإنما بمعناه، وبما يدل عليه وقت الكلام، فكلمة، : سعاد، أو زينب، إن كانت علمًا لمذكر، واشتهرت بذلك عند النطق بها، فإنها تجمع جمع مذكر سالم، وكلمة: حامد، أو حليم ... إن كانت علما معروفًا لمؤنث لم تجمع هذا الجمع.
وإن كان علمًا لمذكر لكنه غير عاقل لم يجمع أيضًا، مثل: "هلال" وهو علم

ص140

على: حصان، و"نسيم" علم على: زورق... و"قمر" علم على الكوكب المعروف ....
وكذلك إن كان علمًا لمذكر عاقل، ولكنه مشتمل على تاء التأنيث الزائدة مثل: حمزة، وجمعة، وخليفة، ومعاوية، وعطية...، فإنه لا يجمع جمع مذكر، ولا يصح هنا ملاحظة المعنى؛ لوجود علامة التأنيث في اللفظ؛ فيقع بينها وبين علامة جمع المذكر التناقض والتعارض بحسب الظاهر، كما لا يصح أن تحذف؛ لأن حذفها يوقع في لَبس؛ إذ لا ندري أكانت الكلمة مؤنثة اللفظ قبل الجمع أم لا؟ لهذا اشترطوا خلو المفرد من تاء التأنيث الزائدة كما قلنا...
وكذلك إن كان مركبًا تركيب إسناد، "مثل: فَتَحَ اللهُ، رامَ اللهُ، رزقَ اللهُ...؛ فإنه لا يجمع مباشرة باتفاق؛ وإنما يجمع بطريقة غير مباشرة، بأن تسبقه كلمة: "ذو" مجموعة ويبقى هو على حاله لا يدخله تغيير مطلقًا، في حروفه، وحركاته، مهما تغيرت الأساليب فيقال: "ذَوُو كذا" رفعًا، "وذوِي" نصبًا وجرًّا؛ فتغني "ذوو ، وذوي" عن جمعه كما سيجيء...
أو: مركبًا تركيب مزج، كخالَوِيه، وسيبويْهِ، ومَعدِ يكَرِب .....،

ص141

أو: تركيب عدد؛ كأحدَ عشرَ، وثلاثةَ عشرَ، وأربعةَ عشرَ... والمشهور في هذه المركبين عدم جمعهما جمعًا مباشرًا؛ فيستعان بكلمة: "ذو" مجموعة على: "ذَوُو، وذَوِي"؛ فتغني عن جمعهما، كما سيجيء أيضًا ...

أما المركب الإضافي كعبد الرحمن وعبد العزيز فيجمع صدره المضاف؛ ويبقى العجر "وهو المضاف إليه" على حاله من الجر في أكثر الحالات تقول: اشتهر عبدو الرحمن، وصافحت عبدِي الرحمن، وسلمت على عبدِي الرحمن.
ولا يجمع ما آخره علامة تثنية، أو علامة جمع مذكر؛ مثل: المحمدان أو المحمدَيْن "علمًا على شخص" والمحمدون أو المحمدينَ علمًا كذلك.
ب- وإن كان صفة "أي: اسمًا مشتقًّا" فلا بد أن تتحقق فيه الشروط الآتية: قبل جمعه، وهي:
أن تكون الصفة لمذكر، عاقل، خالية من تاء التأنيث، ليست على وزن أفْعَلَ" الذى مؤنثه فَعْلاء"، ولا على وزن فَعْلان "الذى مؤنثه:

ص142

فَعْلَى"، ولا على وزن صيغة تستعمل للمذكر والمؤنث.

فإن كانت الصفة خاصة بالمؤنث، لم تجمع جمع مذكر سالمًا؛ منعًا للتناقض بين ما يدل عليه المفرد، وما يدل عليه جمع المذكر، مثل: "مُرضع" فلا يقال: مرضعون، وكذلك إن كانت لمذكر، ولكنه غير عاقل؛ مثل: صاهل، صفة "للحصان" أو: ناعب، صفة للغراب، فلا يقال: صاهلون ولا ناعبون، أو: كانت مشتملة على تاء تدل على التأنيث؛ نحو: قائمة؛ فلا يصح: قائمتون.
وكذلك ما كان على وزن: "أفْعَلَ" "الذى مؤنثه، فَعْلاء" نحو أخضر؛ فإن مؤنثه: خضراء، وأبيض، فإن مؤنثه: بيضاء، فلا يقال أخضرون، ولا أبيضون، على الأصحّ. ومثله ما كان على وزن فَعْلان "الذى مؤنثه فَعْلى"، مثل سكران وسكْرَى. وكذلك ما كان على صيغة

ص143

تستعمل للمذكر والمؤنث، كصيغة، مِفْعال كمِهْذار، ومِفْعَل؛ كمِغْشَم. وفَعُول؛ مثل صَبور وشكور، وفَعيل"4؛ مثل كَسِير وقَطِيع؛ إذا لا يتأتى أن يكون المفرد صالحاً للمذكر والمؤنث معًا وجمعه لا يكون إلا للمذكر؛ فيقع اللبس والخلط بسبب هذا.

ملاحظة: كل ما سبق من أنواع الصفات وصيغها التي لا يصح جمعها جمعًا مذكرًا سالمًا متوقف على أن تكون الصفة باقية على وصفيتها، فإن تركتها وصارت علمًا جاز جمعها جمع مذكر سالم .....
إلى هنا انتهت الشروط الواجبة فيما يجمع أصالة جمع مذكر سالمًا.
ص144

زيادة وتفصيل:

أ- اشترطوا في العلم أن يكون خاليًا من تاء التأنيث الزائدة -إلا عند الكوفيين- والمراد بها: التي ليست عوضًا عن فاء الكلمة، أو عن لام الكلمة؛ لأن التي تكون عوضًا عن أحدهما هي عوض عن أصل، فهي كالأصيلة، فالأولى مثل: عدة، أصلها: وعد، حذفت الواو، وعوض عنها تاء التأنيث وكسرت العين، والثانية مثل: مئة. وأصلها: مِئوٌ، حذفت الواو وعوض عنها تاء التأنيث.
فإن كانت عوضًا عن أصل وجعل اللفظ اسمًا لمسمى "أي: صار علمًا" فإنه يجمع قياسًا بعد حذفها. ويكون من الجموع الحقيقة؛ تقول: "عِدُون" لجمع مذكر، ومثلها: مِئُون؛ أما إذا لم يجعل علمًا، فإنه يصح جمعه إن كان محذوف اللام، مثل: الجيش مئون، ولكنه يعد من ملحقات جمع المذكر السالم.
أما ألف التأنيث المقصورة أوالممدودة فلا يشترط خلوه منها، فلوسمينا رجلا بسَلْمَى، أو: صحراء، حذفت فى جمع المذكر السالم الألف المقصورة، وقلبت همزة الممدود واوًا، فيقال: السَّلْمَوْن والصحراوون "أعلام رجال....".
ب- لا يجمع المركب الإسنادي جمع مذكر سالمًا إلا بطريقة غير مباشرة؛ -كما سبق- وذلك بأن نأتي قبله بكلمة: "ذوِو" أو: "ذَوِي" "وهما جمع: "ذو" و"ذِي" فنقول: غاب ذوو فتحَ اللهُ، وأكرمْنا ذَوِي فتحَ اللهُ، وسلمنا على ذَوِي فتحَ اللهُ. وهذا باتفاق.
أما المركب المزِجي فأشهر الآراء أنه لا يجمع إلا بالطريقة السابقة غير المباشرة. وهناك رأي آخر يجيز جمعه مباشرة -وكذلك تثنيته، فيقال: جاء خالوَيهُون، وشاهدت خالويهِين، وقصدت إلى خالويهِين. ومثله سيبويه، ومعد يكرب "اسم رجل" وغيرهما من باقي المركبات المزجية، وهذا الرأي أسهل
ص145

الآراء. وأجدرها بالقبول، لدخوله في الحكم العام لجمع المذكر السالم وبُعده من اللّبس. كما سيجيء في: "ج".

وأما المركب التقييدي؛ وهو: المركب من صفة وموصوف مثل: محمد الفاضل، أو من غيرهما؛ مما لا يُعَدّ في المركبات السابقة -فالأشهر أن يقال في جمعه: ذوو "محمد الفاضل"، فلا يجمع مباشرة، وإنما يتوصل إلى جمعه بكلمة "ذوو" رفعاً و"ذَوِي" نصبًا وجرًّا.
وقد سبق أن قلنا إن المركب الإضافي يجمع صدره دون عجزه. وهذا صحيح إن كان المضاف وحده هو المتعدد، دون المضاف إليه؛ كما نقول في "عبد الله" عند الجمع: عبدُو الله. أما إن تعدد أفراد المضاف وأفراد المضاف إليه معا "كعبد السيد والمضاف والمضاف إليه مصريان مثلا، وعبد السيد والمضاف والمضاف إليه شاميان -مثلا- وعبد السيد لعراقيين"، فالواجب جمع المضاف والمضاف إليه معًا جمع مذكر سالمًا؛ فنقول: عبدو السيَّدينَ، أو جمع تكسير، فتقول: عبيد السادة....
ح- سبق أنه يشترط في الاسم الذي يجمع جمع مذكر سالمًا، ما يشترط في الاسم المراد تثنيته؛ ومن شروطه: أن يكون معربًا... فلو كان مبنيًّا لزومًا مثل: هؤلاء، أو: حَذَامِ "على أنها أعلام رجال" لم يجز جمعه مباشرة5 ، وإنما يجمع بطريق الاستعانة بكلمة: "ذَوُو" رفعًا و"ذوِي" نصبًا وجرًّا.

ص146

ولما كانت كلمة "سيبويْه" و"خالويه" وأشباهها هى من الكلمات المبنية لزوما -كان حقها ألا تجمع جمع مذكر سالم إلا بالاستعانة بكلمة: "ذوُو"، و"ذوي". لكنهما من ناحية أخرى يدخلان فى قسم المركب المزجي وقد آثرنا - فى الصفحة السابقة - الرأيَ الذى يبيح جمعه مباشرة جمع مذكر سالم.

د- سيجئ - "فى جـ4 ص 457 م 171" - باب خاص بطريقة جمع الاسم جمع مذكر سالما، وأهمها طريقة جمع: المقصور، والممدود، والمنقوص جمع مذكر سالما.

ص147

الملحق بجمع المذكر السالم

ألْحق النحاة بجمع المذكر في إعرابه أنواعًا أشهرها: خمسة؛ فَقَد كلُّ نوع منها بعض الشروط، فصار شاذًا ملحقًا بهذا الجمع، وليس جمعًا حقيقيًّا، وكل الأنواع الخمسة سماعيّ؛ لا يقاس عليه؛ لشذوذه وإنما يُذكَر هنا لفهم ما ورد منه في النصوص القديمة.
أولها: كلمات مسموعة تدل على معنى الجمع، وليس لها مفرد من لفظها، ولكن لها مفرد من معناها، مثل كلمة: "أوُلُو" في قولنا: "المخترعون أُولو فضل"، أي: أصحاب فضل؛ فهي مرفوعة بالواو نيابة عن الضمة؛ لأنها ملحقة بجمع المذكر السالم؛ إذ لا مفرد لها من لفظها، ولها مفرد من معناها، وهو: صاحب. وهي منصوبة ومجرورة بالياء نيابة عن الفتحة أو الكسرة في قولنا: كان المخترعون "أوُلي" فضل. وانتفعت من "أُولِي" الفضل. ومثل هذه الكلمة يسمى: اسم جمع.
ومن الكلمات المسموعة: أيضًا كلمة: "عالَمون". ومفردها: عالَم، وهو ما سوى الله، من كل مجموع متجانس من المخلوقات، كعالَم الحيوان، وعالَم النبات، وعالَم الجماد؛ وعالم المال، وعالم الطائرات... إلخ.
وكلمة: "عالَم" تشمل المذكر والمؤنث والعاقل وغيره. في حين أن كلمة: "عالَمون" لا تدل إلا على المذكر العاقل، فهي تدل على معنى

ص148

خاص بالنسبة لما يندرج تحت كلمة "عالَم"، والخاص لا يكون جمعًا للعام؛ لهذا كان "عالمون" إما اسم جمع لكلمة: "عالَم" وليس جمعًا له؛ وإمَّا جمعًا له غير أصيل ولكن بتغليب المذكر العاقل على غيره. وفي هذه الحالة لا تكون جمع مذكر سالمًا حقيقة؛ لأن اللفظة ليست علمًا ولا صفة، وإنما تلحق به كغيرها مما فقد بعض الشروط.

ثانيها: من الكلمات المسموعة، مالا واحد له من لفظه ولا من معناه، وهى: عشرون، وثلاثون، وأربعون، وخمسون، وستون، وسبعون، وثمانون، وتسعون. وهذه الكلمات تسمى: "العقود العددية" وكلها أسماء جموع أيضًا.
ثالثها: كلمات مسموعة أيضًا؛ ولكن لها مفرد من لفظها. وهذا المفرد لا يسلم من التغيير عند جمعه، فلا يبقى على حالته التي كان عليها قبل الجمع؛ ولذلك يسمونها، جموع تكسير"، ويلحقونها بجمع المذكر فى إعرابها بالحروف؛ مثل: بَنون، وإحَرُّون، وأرَضون، وذَوُو، وسنون وبابه. فكلمة: "بنون" مفردها. "ابن" حذفت منه الهمزة عند الجمع، وتحركت الباء؛ وكلمة: "إحَرُّون" "مفردها: "حَرَّة"، زيدت الهمزة فى جمعها.

ص149

"وأرَضون" "بفتح الراء" لا مفرد لها إلا: أرْض "بسكونها"؛ فتغيرت حركة الراء عند الجمع من سكون إلى فتح. هذا إلى أن المفرد مؤنث، وغير عاقل. و"ذَوو" في الجمع مفتوحة الذال، مع أن مفردها: "ذُو" مضموم الذال. "وسِنون" مكسورة السين فى الجمع، مفتوحتها فى المفرد، وهو: "سَنَة"، فضلا عن أنها لمؤنث غير عاقل أيضًا، - وأصلها "سَنَهٌ" أو"سَنَوٌ"، بدليل جمعهما على "سَنهات" و"سَنَوات" ثم حذفت لام الكلمة، "وهي الحرف الأخير منها"، وعوض عنه تاء التأنيث المربوطة، ولم ترجع الواوعند الجمع.-

ومن الكلمات الملحقة بهذا الجمع سماعًا، والتى تدخل في باب "سَنَة" كلمة: عِضَة، وجمعها: عِضون "بكسر العين فيهما". وأصل الأولى: "عِضَةٌ، بمعنى: كذب وافتراء. أو: عِضَوٌ. بمعنى: تفريق. يقال فلان كلامه عضهٌ، أى: كذب، وعمله عِضَوبين الأخوان، أى: تفريق وتشتيت؛ فلام الكلمة هاء، أوواو. ومثلها "عِزَة"، جمعها: عزُون "بالكسر فيهما". والعزَة: الفرقة من الناس، وأصلها عِزْىٌ؛ يقال: هذه عِزَة تطلب العلم... وأنتم عِزون فى ميدان العلم. وأيضًا: "ثُبةٌ" بالضم، وجمعها: ثُبُون، بضم أول الجمع أوكسره. والثُّبة "الجماعة"، وأصلها ثبَوٌ، أو: ثُبَىٌ، يقال: الطلاب مختلفون: ثبة مقيمة. وثُبة مسافرة، وهم ثُبون.
وعلى ضوء ما سبق نعرف السبب فى تسمية تلك الكلمات المسموعة بجمع التكسير، لأن تعريفه وحده هوالذى ينطبق عليها، دون غيره من جمعى التصحيح؛ إذ هو"ما تغَيَّر فيه بناء الواحد" وقد تغير بناء واحدها.

ص150

رابعها: كلمات مسموعة لم تستوف بعض الشروط الأخرى الخاصة بجمع المذكر؛ فألحقوها به، ولم يعتبروها جمعًا حقيقيًّا. ومن هذه الكلمات، "أهل". فقد قالوا فيها: أهلون. مثل:

وما المالُ والأهلونَ إلا ودائعُ ... ولا بد يومًا أن ترَد الودائعُ
فجمعوها مع أنها ليست علمًا ولا صفة. ومنها: "عالمون"؛ ليست علمًا، ولا صفة أيضًا. وقد تكلمنا عنها من وجهة أخرى فيما سبق. ومنها: "وابل"؛ بمعنى: مطر غزير. يقال: غَمَر الوابلون الحقول. فجمعوها، مع أنها ليست علمًا ولا صفة، ولا تدل على عاقل...
خامسها: كلمات من هذا الجمع المستوفى للشروط، أومما ألحق به، ولكن سمي

ص151

بالكلمة قديمًا أو حديثًا وهي مجموعة، وصارت علمًا على مفرد بها، وصارت أعلامًا. فمن أمثلة الأولى المستوفي للشروط "حَمْدون"، "وعَبْدون"، و"خَلْدون"، و"زيدون" أعلام أشخاص معروفة قديمًا وحديثًا.
ومثال الثاني: "عِلِّيُّون". "اسم لأعالي الجنة" المفرد: عِلِّيَ. بمعنى المكان العالي، أو عِلِّية، بمعنى: الغرفة العالية. وهو ملحق بالجمع؛ لأن مفرده غير عاقل.
سادسها: كل اسم من غير الأنواع السابقة يكون لفظه كلفظ الجمع في اشتمال آخره على واو ونون، أو ياء ونون، لا فرق في هذا بين أن يكون نكرة؛ مثل: "يا سَمين" و"زيتون" أو علَمًا مثل: "صِفِّينَ" و"نَصِيينَ" و"فِلَسْطينَ"

ص152

زيادة وتفصيل:
أ- بمناسبة النوع الخامس نشير إلى أن التسمية بجمع المذكر السالم معروفة قديمًا وحديثًا، كالتسمية بغيره من أنواع المفردات، والمثنيات، والجموع. فقياسيته أنسب فإذا سُمِّيَ به ففيه عدة إعرابات، يرتبها النحاة الترتيب التالِيَ، بحسب شهرتها وقوتها:
1- أن يعرب بالحروف كجمع المذكر السالم، مع أنه علم على واحد، فيبقى حاله بعد التسمية به كحاله قبلها. تقول في رجل اسمه سعدون: جاء سعدونَ. وأكرمت سَعْديِنَ، وأصغيت إلى سعدِينَ. وفي هذه الحالة لا تدخله "أل" التي للتعريف؛ لأنه معرفة بالعلمية.
وإذا جاء بعده ما يقتضي المطابقة -كالنعت، والخبر ... وجب أن يطابق في الإفراد، مراعاة لمعناه ومدلوله. ولا يصح حذف نونه عند إضافته، لأنها ليست نون جمع ولأن حروف العلم لا يصح زيادتها أو نقصها- كما تقدم في المثنى ص 126نقلا عن الهمع.
واحتمال اللبس في هذا الوجه قوي. لإبهامه أنه جمع، ولأن حروفه تتغير بتغير إعرابه، مع أنه علم لمعين.
2- أن يلزم آخره الياء والنون رفعًا، ونصبًا، وجرًّا، ويعرب بحركات ظاهرة على النون مع تنوينها3 -غالباً- تقول في رجل اسمه محمدِين: هذا محمدِينٌ، ورأيت محمدِينًا، وقصدت إلى محمدينٍ، فكلمة: "مُحمدِين": إما مرفوعة بالضمة الظاهرة، أو: منصوبة بالفتحة الظاهرة، أو: مجرورة بالكسرة الظاهرة، مع التنوين3 "غالبًا في كل حالة"4 "فإعرابها -كما يقول النحاة

ص153

كإعراب: غِسْلِين وحِين". وتلك النون لا تسقط في الإضافة؛ لأنها ليست نون جمع، والأخذ بهذا الإعراب -في رأينا- أحسن؛ في العلمَ المختوم بالياء والنون. والاقتصار عليه أولى؛ ليسره ومطابقته للواقع الحقيقي، فهو بعيد، عن كل لَبس؛ إذ لا يتوهم الماء معه أن الكلمة جمع مذكر حقيقي؛ وإنما يدرك حين يسمعها أنها علم على مفرد. وهناك سبب هام يقتضي الاقتصار على هذا الرأى في العلَم المختوم بالياء والنون هو: "المعاملات الرسمية" الجارية في عصرنا على الوجه المبين عند الكلام على التسمية بالمثنى ...
والقصد من سرد الآراء التى تخالف هذا الأحسن والأيسر فهم النصوص القديمة الواردة بها، دون أن نبيح اليوم استعمالها؛ ومن الإساءة للغتنا أن نفتح الأبواب المؤدية إلى البلبلة والاضجراب فيما ننشئه من كلام، وإلى التعسير من غير داعٍ، فيما نمارسه من شئون الحياة.
ومن العرب من يجري حكم: "غِسْلين وحِين" منونًا -فى الغالب- أو غير منون على "سنين" وبابه كله. وإن لم يكن علمًا. ومنهم من يجريه منونًا على جميع أنواع المذكر السالم وملحقاته كما سبق.
3- أن يلزم آخره الواو والنون في كل الحالات، ويعرب بحركات ظاهرة على النون من غير تنوين فيكون نظير: "هارون" في المفردات الممنوعة من الصرف. وهذه النون لا تحذف للإضافة، للسبب السالف.
4- أن يلزم آخره الواو والنون، في كل الحالات ويعرب بحركات ظاهرة

ص154

على النون، مع تنوينها فيكون نظير "عَرَبون" من المفردات.
ونرى أن الاقتصار على هذا الإعراب3 -أوعلى سابقه- أحسن في العَلم المختوم بالواو والنون؛ مثل: زيدون؛ لما سبق في نظيره المختوم بالياء والنون.
5- أن يلزم آخره الواو والنون المفتوحة في جميع الحالات، ويعرب بحركات مقدرة على الواو. والنون ثابتة هنا في جميع حالات الإعراب، كشأنها في الحالات السالفة.
ب- إذا سُمِّي بجمع المذكر، أو بما ألحق به "كالأعلام الواردة في النوع الخامس، ومنها: حَمدون، خَلدون، عَبدون، زيدون..."، وأريد جمع هذا العلم جمع مذكر سالمًا، لم يصح جمعه مباشرة -كما عرفنا- وإنما يصح جمعه من طريق غير مباشر، وذلك بالاستعانة بالكلمة الخاصة التى يجب أن تسبق هذا العلم، وتلحقها علامة الجمع رفعاً، ونصبًا، وجرًّا، وهذه الكلمة هي: "ذو" دون غيرها، وتصير في الرفع: "ذوُو"، وفي النصب والجر: "ذَوِي" وهي "مضافة"، والعلم بعدها هو "المضاف" إليه دائمًا، وفيه الإعرابات السابقة فيقال: جاءني ذُوو حمدون، وصافحت ذَوِي حمدون، وأصيغت إلى ذَوي حمدون... فكلمة: "ذَوو" و"ذَوِي" تعرب على حسب حاجة الجملة، وترفع بالواو، وتنصب وتجر بالياء وتلك الكلمة هي التى توصل لجمع المسمى بجمع المذكر السالم وملحقاته.

ص155

أما الطريقة إلى تثنية هذا الجمع فهي الطريقة التي تقدمت في التثنية، ويستعان فيها بكلمة: "ذو" أيضًا.
ج- سبقت الإشارة إلى أن النون مفتوحة في جمع المذكر السالم وملحقاته في أحواله الإعرابية المختلفة؛ أي: في حالة رفعه بالواو، أو نصبه أو جره بالياء، ولا علاقة لهذه النون بإعرابه. ومن العرب من يكسرها، ولكن لا داعي للأخذ بهذه اللغة، منعًا للخلط والتشتيت من غير فائدة.
أما نون المثنى وجميع ملحقاته فالأشهر فيها أن تكون مكسورة في الأحوال الإعرابية المختلفة. وقليل من العرب يفتحها، ومنهم من يضمها بعد الألف، ويكسرها بعد الياء، في حالتي النصب والجر، ولا داعي للعدول عن الرأي الأشهر في الاستعمال، للسبب السالف في حركة نون جمع المذكر السالم.
د- لنون المثنى والجمع وملحقاتهما أثر كبير في سلامة المعنى، وإزالة اللبس؛ ففي قولنا: سافر خليلان: موسى ومصطفى -نفهم أن موسى ومصطفى هما الخليلان، وأنهما اللذان سافرا، بخلاف ما لو قلنا: سافر خليلا موسى ومصطفى؛ بغير النون فإننا قد نفهم الكلام على الإضافة "إضافة: خليلاَ إلى موسى" ويتبع هذا أن الخليلين هما اللذان سافرا، دون موسى ومصطفى. وفرْق بين المعنيين.
ومثل هذا أن نقول فى الجمع: مررت ببنينَ أبطال؛ فالأبطال هم البنون؛ والبنون هم الأبطال، فلو حذفت النون لكان الكلام: مررت ببني أبطال، وجاز أن نفهم الكلام على الإضافة؛ إضافة البنين إلى أبطال؛ فيتغير المعنى.

ص156

وكذلك تمنع توهم الإفراد في مثل: جاءني هذان، ورحبت بالداعين للخير؛ فلو لم توجد النون لكان الكلام: جاءني هذا، ورحبت بالداعي للخير؛ وظاهره أنه للمفرد، وهو غير المراد قطعًا.
وتحذف نون المثنى والجمع للإضافة -كما أشرنا- في الأمثلة السابقة؛ وهو حذف لازم؛ كحذفها وجوبًا مع "اثنين" و"اثنتين" عند تركيبهما مع عْشر، أو: عَشرة...؛ فتحل كلمة: "عَشر، أو: عشْرة" مكان النون بعد حذفها، نحو: "اثنا عشَر" و"اثنتا عشْرة"؛ فتعرب: "اثنا" و"اثنتا" إعراب المثنى، وكلمة "عْشر أو: عَشرة" اسم مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، لوقوعه موقع نون المثنى التي هي حرف. كما سبق.
وقد تحذف جوازًا للتخفيف؛ إذا كانت في آخر اسم مشتق "أيْ: وَصْف" في أوله "أل" الموصولة3، و"خيرًا"، قد نصَب بعده مفعوله مثل: ما أنتما المهملا واجبًا، وما أنتم المانعو خيرًا؛ ومنه قراءة من قرأ: "والمقيمي الصلاةَ" "بنصب كلمات: "الواجبَ"، وخيرًا، و"الصلاةَ"؛ على أنها مفعول به لاسم الفاعل الذى قبل كل منها".
ويجيز سيبويه وآخرون حذف نون ما دل على تثنية أو جمع من أسماء الموصول؛ نحو: اللذان، واللتان، والذين.
وقد تحذف نون الجمع جوازًا إذا وقع بعدها لام ساكنة، كقراءة من قرأ: "غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهَ". بنصب كلمة "اللهَ" على أنها مفعول به "أصله: معجزين اللهَ"، وقراءة: "وإنكم لذائقو العذابَ" بنصب كلمة: "العذابَ" على أنها مفعول به أيضًا، وأصلها: "وإنكم لذائقون العذاب".
وأقل من هذا أن تحذف من غير وقوع اللام الساكنة بعدها؛ كقراءة من قرأ: "وما هم بضَارّي به من أحد" وأصلها: "بضارين به".
وقد تحذف النون جوازًا لشبه الإضافة في نحو: لا غلاميْ لمحمد، ولا مكرَميْ للجاهل، إذا قدرنا الجار والمجرور صفة، والخبر محذوفًا.

ص157

وكذلك في. لَبَّيْكَ وسَعْدَيك... وأشباههما عند من يرى أن الكاف حرف للخطاب، وليست باسم.
وقد يحذفان للضرورة في الشعر.
هذا، وعلى الرغم من أن حذفهما جائز في الموضع التى ذكرناها -فمن المستحسن الفرار منه قدر الاستطاعة؛ منعًا للغموض واللبس، وضبطًا للتعبير في سهولة، ووضوح، واتفاق يلائم حالة الناس اليوم. أما الموضع التى يجب فيها حذفهما فلا مفر من مراعاتها.
هـ- الأصل في المثنى أن يدل على اثنين حقيقة. لكن قد يكون اللفظ ظاهره التثنية ومعناه الجمع بشرط وجود قرينة؛ فيكون ملحقًا بالمثنى في الإعراب فقط، وليس مثنى حقيقة؛ لفقد شرط التثنية؛ ومن ذلك: {ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْن} أي: كَرَّات؛ لأن المراد التكثير، والتكثير لا يتحقق بكَرتين، وإنما يتحقق بكَرَّات. ومثله: حَنَانَيْك... وهذا النوع يجوز فيه التجريد من علامتَيِ التثنية اكتفاء بالعطف، مثل: أتعبتنا الأسفار؛ خمس وخمس، وذَهاب وذهاب ورجوع ورجوع ومنه قول الشاعر:
تَخدِي4 بنا نُجُبٌ أفْنَى عرائكهَا ... خَمْسٌ وِخَمْسٌ وتأويبٌ وتأويبُ
وقد يغنى التكرار عن العطف؛ كقوله تعالى: {صَفًّا صَفًّا} ، وقوله: {دَكًّا دَكًّا} .

ص158

و- سبق أن قلنا إن المثنى المرفوع إذا أضيف إلى كلمة أولها ساكن؛ مثل: غاب حارسًا الحقل وأقبل زارعًا الحديقة -فإن علامة التثنية "وهي الألف" تحذف نطقًا، لا خَطًّا. ويرجح النحاة في إعرابه أن يقال: إنه مرفوع بألف مقدرة...
وكذلك الشأن في جمع المذكر؛ فإنه إذا أضيف حذفت نونه للإضافة؛ فإن كانت إضافته إلى كلمة أولها ساكن حذفت واوه رفعًا، وياؤه نصبًا، وجرًّا؛ في النطق، لا في الكتابة؛ تقول: جاء عالمو المدينة، وكرمت عالمِي المدينة، وسعيت إلى عالمِي المدينة.
لكن ما إعرابه؟ أيكون مرفوعًا بالواو الظاهرة في الكتابة، أم بالواو المقدرة المحذوفة في النطق لالتقاء الساكنين؛ فهي محذوفة لعلة، فكأنها موجودة؟
وكذلك في حالة النصب والجر؛ أيكون منصوبًا ومجرورًا بالياء المذكرورة أم المقدرة؟
يرتضي النحاة أنه معرب في جميع حالاته بالحرف المقدر؛ لأنهم هنا يقدمون النطق على الكتابة، ويعدون هذه الحالة كحالة المثنى في أنها من مواضع الإعراب التقديري، لا الإعراب اللفظي.
ونقول هنا ما سبق أن قلناه في المثنى: وهو أنه لا داعي اليوم للأخذ بهذا الرأي، ولن يترتب على إهماله ضرر؛ لأن الخلاف شكلي لا قيمة له. ولكن الإعراب التقديري هنا لا يخلو من تكلف، وقد يؤدي إلى اللبس.
كذلك تقدر الواو رفعًا -فقط- في جميع المذكر السالم إذا أضيف إلى ياء المتكلم؛ نحو: جاء صاحبِيَّ. وأصلها: صاحبون لي؛ حذفت اللام للتخفيف، والنون للإضافة؛ فصارت الكلمة صاحِبُويَ. اجتمعت الواو والياء، وسَبقت إحداهما

ص159

بالسكون، قُلبت الواو ياء؛ فصارت الكلمة: صاحُبُيَّ، ثم حركت الباء بالكسرة؛ لتناسب الياء؛ فصارت الكلمة: صاحِبِيَّ. ومثلها جاء خادِميّ ومساعدِيّ، إذ يرتضي النحاة في إعرابها: "خادميّ"، فاعل مرفوع بالواو المقدرة المنقلبة ياء المدغمة في ياء المتكلم. و"خادم" مضاف وياء المتكلم مضاف إليه؛ مبنية على الفتح في محل جر. وكذلك الباقي وما أشبهه.
ويقول فريق آخر: إن إعراب كلمة: "صاحِبِيّ" وأشباهها هو إعراب لفظي، لا تقديري؛ لوجود ذات الواو، ولكن في صورة ياء. وتغير صورتها لعلة تصريفية لا يقتضي أن نقول إنها مقدرة. والخلاف بين هذين الرأيين لا قيمة له؛ لأنه خلاف لفظي، شكلى، لا يترتب عليه شيء عملي؛ فلا مانع من اتباع أحد الرأيين. والأول أفضل لموافقته لبعض حالات خاصة أخرى.
ز- جسم الإنسان -وغيره- ذو أعضاء، وأجزاء، وأشياء أخرى تتصل به، منها: ما يلازمه ويتصل به دائمًا، فلا ينفصل عنه في وقت، ثم يعود إليه في وقت آخر؛ كالرأس؛ والأنف، والظهر، والبطن، والقلب... ومنها: ما يتصل به حينًا، وينفصل عنه حينًا، ويعود إليه بعد ذلك؛ كالثوب، والأدوات الجسمية الأخرى وأشباهها...فإذا كان في الجسم شيء واحد لا يتعدد، ولا ينفصل عنه، كالرأس؛ والقلب -ضممت إليه مثله جاز فيه ثلاثة أوجه:
أوَلها: الجمع: وهو الأكثر. نحو: ما أحسن رءوسكما. ومنه قوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} . وإنما عبروا بالجمع مع أن المراد التثنية؛ لأن التثنية في الحقيقة جمع لُغَوى؛ ولأنه مما لا يقع فيه لَبس، ولا إشكال؛ فمن المعلوم ألا يكون للإنسان إلا رأس واحد، أو قلب واحد ...
ثانيها: التثنية على الأصل وظاهر اللفظ؛ نحو: ما أحسنَ رأسَيْكما، وأطيبَ قلبيْكما.
ثالثها: الإفراد؛ نحو؛ ما أحسنَ رأسكما، وأطيبَ قلبَكما. وهذا جائز لوضوح المعنى، إذ كل فرَد له شيء واحد من هذا النوع، فلا يشكل، ولا يوقع في لبس. فجيء باللفظ المفرد، للخفة.

ص160

أما ما يكون في الجسد منه أكثر من واحد؛ كاليد، والرجل؛ فإنك إذا ضممته إلى مثله لم يكن فيه إلا التثنية؛ نحو: ما أكرمَ يديكما، وما أسرعَ رجليكما. أما قوله تعالى: {السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} فإنه جمع؛ لأن المراد الإيمان: "جمع يمين، أي: اليد اليمنى".
وأما ما يتصل بالجسم وينفصل عنه من نحو: ثوب، وغلام فلا يجوز فيه إلا التثنية إذا ضممت منه واحدًا إلى مثله؛ نحو أُعْجبتُ بثوبيكما... وسلمت على غلاميكما... إذا كان لكل واحد ثوب وغلام. ولا يجوز الجمع في مثل هذا؛ منعًا للإبهام واللبس؛ إذا لو جمع لأوهم أن لكل واحد أثوابًا وغلمانًا. وهو غير المراد. وكذلك لا يجوز الإفراد؛ للسبب السالف.
ح- سبق الكلام على منع تثنية جمع المذكر وجمعه بطريقة مباشرة فيهما، وإباحة ذلك عند التسمية به3... فهل يجوز تثنية جمع التكسير، وجمعه؟
فريق قال: إن جمعه مقصور على السماع. أما تثنيته فملخص الرأي فيها عنده أن القياس يأبى تثنية الجمع، وذلك أن الغرض من الجمع الدلالة على الكثرة العددية، والتثنية تدل على القلة؛ فهما متدافعان، ولا يجوز اجتماعهما في كلمة واحدة. وقد جاء شيء من ذلك -عن العرب- على تأويل الإفراد؛ قالوا: إبلان، وغَنَمان. وجمَالانِ. ذهبوا بذلك إلى القطيع الواحد، وضموا إليه مثله فثنوه... وما دام القياس يأباه فالأحسن الاقتصار فيه على السماع.
وفريق آخر -كما سيجيء5- يميل إلى إباحة الجمع فيما يدل على القلة، دون ما يدل على الكثرة.
والأفضل الأخذ بالرأي القائل إن الحاجة الشديدة قد تدعو أحيانًا إلى جمع الجمع، كما تدعو إلى تثنيته؛ فكما يقال في جماعتين من الجِمال: جمالان -كذلك يقال في جماعات منها: جِمالات. وإذا أريد تكسير جمع التكسير روعي فيه ما نصوا عليه في بابه.

ص161




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.