أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-04
224
التاريخ: 21-10-2020
31524
التاريخ: 31-10-2016
2421
التاريخ: 2024-10-06
149
|
تتألف معظم الدول من أقاليم(1)(محليات) مختلفة طبيعيا وبشريا وحضاريا واقتصاديا. ويفعّل الجانب السياسي للمعرفة الجغرافية توزيع تلك الاختلافات والقيم البشرية ضمن الأجزاء المختلفة للدولة الواحدة، بحيث تتبلور أخلاقيات المكان (الحيز) (Ethics of space ) في تكوين المبادئ السياسية التي تتعامل مع الحيز الجغرافي كمكون لنسيج الدولة(2).
لدرجة تطمح المجتمعات إلى الاستفادة من الأقلمة ضمن السيادة العامة دون أحداث خلل في الرابط النسغي بينها، لخلق أبعاد أمكانية تكاملية على مختلف المستويات، وتنمية شعور نفسي قوي توحي به تلك النوايا السياسية على أساس اشتراكية المكان وتوزيع المنافع والدخل باتجاه تنمية الثقة بين قمة الهرم وقاعدته ليعمل الجميع من اجل الجميع. هذا يعكس طبيعة الوظيفة السياسية للدولة في التنسيق وحفظ التوازن بين تلك المحليات ضمانا للعدالة السياسية والمادية، ولتحقيق فلسفة مكانية سياسية يكون هدفها الأخير الانتماء إلى الدولة الأم.
فالإقليم هو الحيز الذي عليه تدور فلسفة المكان حسب معالم ومعطيات كل إقليم لخدمة قوة الدولة التي تزداد مع تنوع الأقاليم وتعددها على أن يحدث توازن بينها لتحقيق التنمية المكانية التي تستهدف التنظيم المكاني(3). يضفي هذا المنظور أثراءَ على كيان الدولة في تباينها وتنوعها مما يبرز تماسكها ووحدتها عبر آلية تنافس وتفاعل المواهب والخبرات والثقافات المحلية، مما يحفز النزعة الوطنية بالانتماء أليها رغم أن الأرض تُقسم وتستعمل عليها النشاطات الاقتصادية التي تتأثر بعوامل حضارية أكثر من تأثرها بعوامل اقتصادية(4)، فالإقليم الحضاري هو في الأغلب توافقاتcombinations)) بين أجزاء من أقاليم طبيعية مختلفة(5)، فالكثير من مظاهر الحضارة تعود إلى التباين الإقليمي(6) وهذا يشجع على الاندماج وخلق روح المنافسة والإبداع والابتكارات ويخفض بشكل كبير التوترات بين تلك الأقاليم مادامت حرية الأقاليم بكل أبعادها ترتبط بحرية الدولة ذات المنظور ألتعددي الموحد في سيادته الداخلية وسياسته الخارجية وعدالة توزيع الثروة بين الأقاليم المتنوعة.
إن هذا المنظور الذي نضجته العوامل الجغرافية لا يدعو إلى بلورة نظام سياسي إقليمي مستقل عن كيان الدولة الأم, لأن المحلية ذات الشعور بالانتماء إلى الوطن ليسـت حركة انفصالية، بل هي عملية أعادة التنظيم (Reorganization ) الإقليمي ضمن السيادة العامة للدولة، وغير ذلك لا مبرر له(7). إن الحكومة المركزية رغم إمكاناتها بإدارة الأوضاع الداخلية، فهي لم تكن بالكفاءة ذاتها من أبناء الإقليم، لأنهم أكثر معرفة باحتياجاتهم ومعالجة مشاكل إقليمهم، وان تدخل الدولة بالتفاصيل الصغيرة يكون مدعاة لبروز وتشجيع حكم شمولي Totalitarian)) (دكتاتوري)، وان فصل بعض آليات الترابط بين المركز والأطراف يجعل من حركتيهما ذات مرونة عالية بحيث يكون المركز قادرا على أداء وظائفه العامة دون التفاصيل الإقليمية المحلية.
وإن أي اهتزاز لهذه العلاقة أيا كانت لصالح المركز سيخلق اضطراباً في الترابط العضوي يصدر عنه إيقاعات مشوشة تنحصر تردداتها بين المرسل والمستقبل تترتب عليها ردود أفعال من المجتمعات الإقليمية المختلفة ضمن الدولة تعبر عنها ممارسات مضمونها هادئ إلا أن
دلالاتها تتناقض مع المنظور العام للمرسل (المركز) بحيث تشكل استفزازاً للمركز لدرجة يجعل ممارساته أكثر عدوانية على مجتمعات الأقاليم سواء على الجانب الخدمي أو الإنساني من جراء التجاهل المقصود الذي يوسع الهوة بين السلطة والرعية، مما يـنـبثق عنه إن صحَ التعبير(بالإبادة النفسية) للآخر، فتمسي الدولة بموجبها سلطة مخابراتية بدلاً من أن تكون حكومة ترعى مصالح مجتمعها بمكوناته المختلفة على أساس العدالة الممكنة. وإن هذه الرعاية تمنح الدولة رؤية مفيدة في الحالات الاعتيادية وغير الاعتيادية، لأن السلامة الوطنية لا تضمنها سوى العدالة الإقليمية التي تتفق مع حالة الدفاع الوطني بالانتشار دون التركيز(8). وعليه فان أساس الحياة وتنظيم الدولة سوف يكون إقليميآً ولم يكن نهجا قسريآ (Procrusteanbed) بفضل ديناميته، لإغراض تنظيم المجتمع الحديث على أساس المواطنة لا على أساس الذاتية الضيقة أو الانحياز لمصلحة من ليس له علاقة بالوطن(9) .
_____________________________
(1) حسن سيد احمد أبو العينين، جغرافية العالم الإقليمية، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، 1984، ص 18.
(2) A.Gites, J. Gites and J.D. Fell man, Introduction to Geography, university of Illinois , urban chompaign.1996. p.47.
(3) من النادر أن تتألف الدولة من إقليم واحد متجانس ألا أذا كانت صغيرة المساحة جداً.
(4) جمال حمدان، مصدر سابق، ص 535.
(5) خالص حسني الاشعب، إقليم المدينة بين التخطيط الإقليمي والتنمية الشاملة، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة بغداد، بيت الحكمة، بغداد، 989، ص 20.
(6) ريتشارد هارتشون، مصدر سابق، الجزء الثاني، ص 138.
(7) المصدر نفسه، الجزء الأول، ص 278.
(8) المصدر نفسه, الجزء الثاني، ص 249.
(9) جمال حمدان، مصدر سابق، ص 534 – 535.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|