أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-10-2014
1781
التاريخ: 27-04-2015
1773
التاريخ: 2023-05-20
1266
التاريخ: 2024-10-21
257
|
قوله تعالى {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة : 115].
قال السيوطي في الإتقان : إنها - على رأي ابن عباس - منسوخة بقوله تعالى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة : 144].
وعن تفسير النعماني (1) - الذي نقله المجلسي (2) ولخصه السيد علم الهدى في رسالة المحكم والمتشابه - عن علي (عليه السلام) أنه كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أول مبعثه يصلي إلى بيت المقدس جميع أيام بقائه بمكة ، وبعد هجرته إلى المدينة بأشهر عيرته اليهود وقالوا : أنت تابع لقبلتنا ، فأحزن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك منهم ، فأنزل الله عليه - وهو يقلب وجهه في السماء وينتظر الأمر - {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة : 144].
وقال الزرقاني : إنه لا تعارض بين الآيتين حتى تكون إحداهما نسخا ، فإن معنى قوله تعالى " ولله المشرق والمغرب... الخ " أن الآفاق كلها لله ، وليس الله في مكان خاص منها ، وليس له جهة معينة فيها ، وإذا فله أن يأمر عباده باستقبال ما يشاء من الجهات في الصلاة ، وله أن يحولهم من جهة إلى جهة (3).
وقريب منه ما في تفسير بعض الأعاظم ، بل كلامه أتى من كلام الزرقاني ، حيث قال في تفسير قوله تعالى {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [البقرة : 142] :
أما اعتراضهم فهو أن التحول عن قبلة شرعها الله سبحانه للماضين من أنبيائه إلى بيت ما كان به شئ من هذا الشرف الذاتي ما وجهه ؟ فإن كان بأمر من الله فإن الله هو الذي جعل بيت المقدس قبلة ، فكيف ينقض حكمه وينسخ ما شرعه ؟ واليهود ما كانت تعتقد النسخ. وإن كان بغير أمر الله ففيه الانحراف عن مستقيم الصراط ، والخروج من الهداية إلى الضلال ، وهو تعالى وإن لم يذكر في كلامه هذا الاعتراض إلا أن ما أجاب به يلوح ذلك.
وأما الجواب فهو : أن جعل بيت من البيوت كالكعبة أو بناء من الأبنية أو الأجسام كبيت المقدس أو الحجر الواقع فيه قبلة ليس لاقتضاء ذاتي منه ، يستحيل التعدي عنه ، أو عدم إجابة اقتضائه ، حتى يكون بيت المقدس في كونه قبلة لا يتغير حكمه ولا يجوز إلغاؤه ، بل جميع الأجسام والأبنية وجميع الجهات التي يمكن أن يتوجه إليها الإنسان في أنها لا تقتضي حكما ولا تستوجب تشريعا على السواء ، وكلها لله يحكم فيها ما يشاء وكيف يشاء (4).
وعليه ، فيمكن القول : إن قوله تعالى { ولله المشرق والمغرب } ليس فيه إنشاء حكم مستحب أو واجب ، بل أراد الله تعالى أن يدفع إشكالا أوردوه على تحويل القبلة ، فهو يريد أن يقول : إن جميع الأرض شرقها وغربها عنده تعالى سيان ، وله أن يأمر الناس أولا بالتوجه إلى بيت المقدس ، ثم يأمرهم بالتوجه إلى الكعبة ، فلا إشكال.
ولكن يبقى في المقام سؤال هو : أنه كيف إذا يصح تمسك الأئمة (عليهم السلام) بقوله تعالى " أينما تولوا فثم وجه الله " على جواز الصلاة إلى غير القبلة ، وذلك كما في الرواية المروية عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن رجل يقرأ السجدة وهو على ظهر دابته ، قال : يسجد حيث توجهت ، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يصلي على ناقته النافلة وهو مستقبل المدينة ، يقول { فأينما تولوا فثم وجه الله } (5).
فهذا الحديث يدل بظاهره على أن الآية في مقام إنشاء الحكم ، حيث استدل بها الإمام ، فكيف يصح ما تقدم من أنها ليست في مقام إنشاء الحكم ؟ وأجيب بأنه لا تنافي بين ما قلناه وبين استدلال الإمام (عليه السلام) بالآية على جواز السجدة حيث توجهت ، فإن ذكره (عليه السلام) للآية لعله لدفع توهم المستشكل ، أي ليفهم أن جميع الجهات هي لله لا للاستدلال بها على الحكم الشرعي. إن الصلاة إذا كانت على الناقة إلى غير القبلة كانت صحيحة ، لأن النافلة يشترط فيها فقط التوجه لله ، والجهات كلها لله ، بخلاف الفريضة فإنها يجب فيها التوجه إلى الكعبة بإجماع المسلمين ، بل يستفاد وجوب ذلك من قوله تعالى : {وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} فإن وجوب استقبال الكعبة في الصلاة لا يتصور إلا إذا كانت الصلاة واجبة.
هذا بالإضافة إلى ما ورد عن الأئمة (عليهم السلام) من اختصاص قوله تعالى " وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره " بالفريضة ، وذلك مثل ما روي بسند صحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إذا استقبلت القبلة بوجهك فلا تقلب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك ، فإن الله عز وجل قال لنبيه (صلى الله عليه وآله) في الفريضة { فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره }... الحديث (6).
وهكذا ، فإن النتيجة تكون : أنه ليس بين الآيات تناف لتكون إحداهما ناسخة للأخرى.
_______________
(1) قال الشيخ النوري في خاتمة المستدرك ص ٣٦٥ : إن التفسير للشيخ الجليل الأقدم أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر النعماني الكاتب - إلى أن قال : - إن الكتاب في غاية الاعتبار ، وصاحبه شيخ أصحابنا الأبرار.
(2) بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ١.
(3) مناهل العرفان : ج ٢ ص ١٥٢.
(4) تفسير الميزان : ج ١ ص ٣١٨.
(5) تفسير البرهان للسيد البحراني : في تفسير آية ١١٥ من سورة البقرة.
(6) تفسير البرهان : في تفسير آية ١٤٤ من سورة البقرة.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
قسم التربية والتعليم يكرّم الطلبة الأوائل في المراحل المنتهية
|
|
|