المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2764 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24
أثر التبدل المناخي على الزراعة Climatic Effects on Agriculture
2024-11-24
نماذج التبدل المناخي Climatic Change Models
2024-11-24



المعرب والمبني  
  
8518   05:07 مساءاً   التاريخ: 15-10-2014
المؤلف : الاشموني
الكتاب أو المصدر : شرح الاشموني على الالفية
الجزء والصفحة : ج1/ ص20- 21
القسم : علوم اللغة العربية / النحو / المعرب والمبني /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-10-2014 2248
التاريخ: 15-10-2014 2600
التاريخ: 15-10-2014 30135
التاريخ: 15-10-2014 25237

المعرب والمبني اسما مفعول مشتقان من الإعراب والبناء. فوجب أن يقدم بيان الإعراب والبناء. فالإعراب في اللغة مصدر أعرب أي أبان. أي أظهر. أو أجال. أو حسن. أو غير أو أزال عرب الشيء وهو فساده. أو تكلم بالعربية.أو أعطى العربون. أو ولد له ولد عربي اللون. أو تكلم بالفحش. أو لم يلحن في الكلام. أو صار له خيل عراب. أو تحبب إلى غيره. ومنه العروب المتحببة إلى زوجها. وأما في الاصطلاح ففيه مذهبان: أحدهما أنه لفظي واختاره الناظم ونسبه إلى المحققين، وعرفه في التسهيل بقوله: ما جيء به لبيان مقتضى العامل من حركة أو حرف أو سكون أو حذف. والثاني أنه معنوي والحركات دلائل عليه، واختاره الأعلم وكثيرون؛ وهو ظاهر مذهب سيبويه؛ وعرَّفوه بأنه تغيير أواخر الكلملاختلاف العوامل الداخلة عليها لفظاً أو تقديراً. والمذهب الأول أقرب إلى الصواب لأن المذهب الثاني يقتضي أن التغيير الأول ليس إعراباً لأن العوامل لم تختلف بعد وليس كذلك. والبناء في اللغة وضع شيء على شيء على صفة يراد بها الثبوت. وأما في الاصطلاح فقال في التسهيل: ما جيء به لا لبيان مقتضى العامل من شبه الإعراب وليس حكاية أو اتباعاً أو نقلاً أو تخلصاً من سكونين، فعلى هذا هو لفظي. وقيل هو لزوم آخر الكلمة حركة أو سكوناً لغير عامل أو اعتلال؛ وعلى هذا هو معنوي؛ والمناسبة في التسمية على المذهبين فيهما ظاهرة (وَالاسْمُ مِنْهُ) أي بعضه (مُعْرَبٌ) على الأصل فيه ويسمى متمكناً (وَ) منه أي وبعضه الآخر (مَبْنِي) على خلاف الأصل فيه ويسمى غير متمكن ولا واسطة بينهما على الأصح الذي ذهب إليه الناظم ويعلم ذلك من قوله:

ومعرب الأسماء ما قد سلما

ص20

من شبه الحرف وبناؤه (لِشَبَهٍ مِنَ الْحُرُوفِ مُدْنِي) أي مقرب لقوته يعني أن علة بناء الاسم منحصرة في مشابهته الحرف شبهاً قوياً يقربه منه. والاحتراز بذلك من الشبه الضعيف وهو الذي عارضه شيء من خواص الاسم (كَالشَّبَهِ الْوَضْعِيِّ) وهو أن يكون الاسم موضوعاً على صورة وضع الحروف. بأن يكون قد وضع على حرف أو حرفي هجاء كما (في اسْمَيْ) قولك (جِئْتَنَا) وهما التاء ونا، إذ الأول على حرف والثاني على حرفين، فشابه الأول الحرف الأحادي كباء الجر، وشابه الثاني الحرف الثنائي كعن. والأصل في وضع الحروف أن تكون على حرف أو حرفي هجاء، وما وضع على أكثر فعلى خلاف الأصل. وأصل الاسم أن يوضع على ثلاثة فصاعداً فما وضع على أقل منها فقد شابه الحرف في وضعه واستحق البناء. وأعرب نحو يد ودم لأنهما ثلاثيان وضعاً.

ص21

تنبيه: قال الشاطبي: نا في قوله جئتنا موضوعة على حرفين ثانيهما حرف لين وضعا أولياً كما ولا، فإن شيئاً من الأسماء على هذا الوضع غير موجود نص عليه سيبويه والنحويون، بخلاف ما هو على حرفين وليس ثانيهما حرف لين فليس ذلك من وضع الحرف المختص به؛ ثم قال: وبهذا بعينه اعترض ابن جني على من اعتل لبناء كم ومن بأنهما موضوعان على حرفين فأشبها هل وبل. ثم قال فعلى الجملة وضع الحرف المختص به إنما هو إذا كان ثاني الحرفين حرف لين على حد ما مثل به الناظم، فما أشار إليه هو التحقيق؛ ومن أطلق الوضع على حرفين وأثبت به شبه الحرف ليس إطلاقه بشديد. انتهى. (وَ) كالشبه (الْمَعْنَويِّ) وهو أن يكون الاسم قد تضمن معنى من معاني الحروف، لا بمعنى أنه حل محلاً هو للحرف كتضمن الظرف معنى في والتمييز معنى من بل بمعنى أنه خلف حرفاً في معناه: أي أدى به معنى حقه أن يؤدى بالحرف لا بالاسم، سواء تضمن معنى حرف موجود كما (فِي مَتَى) فإنها تستعمل للاستفهام نحو متى تقوم، وللشرط نحو متى تقم أقم، فهي مبنية لتضمنها معنى الهمزة في الأول ومعنى إن في الثاني، وكلاهما موجود أو غير موجود (وَ) ذلك كما (فِي هُنَا) أي أسماء الإشارة فإنها مبنية لأنها تضمنت معنى حرف كان من حقهم أن يضعوه فما فعلوا، لأن الإشارة معنى حقه أن يؤدى بالحرف كالخطاب والتنبيه (وَكَنِيَابَةٍ عَنِ الْفِعْلِ) في العمل (بَلا تَأَثُّرٍ) بالعوامل ويسمى الشبه الاستعمالي، وذلك موجود في أسماء الأفعال فإنها تعمل نيابة عن الأفعال، ولا يعمل غيرها فيها بناء على الصحيح من أن أسماء الأفعال لا محل لها من الإعراب كما سيأتي، فأشبهت ليت ولعل مثلاً؛ ألا ترى أنهما نائبتان عن أتمنى وأترجى، ولا يدخل عليهما فاعل. والاحتراز بانتفاء التأثر عما ناب عن الفعل في العمل ولكنه يتأثر بالعوامل كالمصدر النائب عن فعله فإنه معرب لعدم كمال مشابهته للحرف (وَكَافْتِقَارٍ أُصِّلاَ) ويسمى الشبه الافتقاري

ص22

وهو أن يفتقر الاسم إلى الجملة افتقاراً مؤصلاً أي لازماً كالحرف، كما في إذ وإذا وحيث والموصولات الاسمية. أما ما افتقر إلى مفرد كسبحان، أو إلى جملة لكن افتقاراً غير مؤصل أي غير لازم كافتقار المضاف في نحو: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} (المائدة: 119) إلى الجملة بعده فلا يبني لأن افتقار يوم إلى الجملة بعده ليس لذاته وإنما هو لعارض كونه مضافاً إليها، والمضاف من حيث هو مضاف مفتقر إلى المضاف إليه، ألا ترى أن يوماً في غير هذا التركيب لا يفتقر إليها نحو هذا يوم مبارك؛ ومثله النكرة الموصوفة بالجملة فإنها مفتقرة إليها لكن افتقاراً غير مؤصل لأنه ليس لذات النكرة وإنما هو لعارض كونها موصوفة بها، والموصوف من حيث هو موصوف مفتقر إلى صفته وعند زوال عارض الموصوفية يزول الافتقار.

ص23

تنبيهان: الأول إنما أعربت أي الشرطية والاستفهامية والموصولة وذان وتان واللذان واللتان لضعف الشبه بما عارضه في أيّ من لزوم الإضافة، وفي البواقي من وجود التثنية وهما من خواص الأسماء، وإنما بنيت أي الموصولة وهي مضافة لفظاً إذا كان مصدر صلتها ضميراً محذوفاً نحو: {ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد} (مريم: 69) قرىء بضم أي بناء، وبنصبها لأنها لما حذفت صدر صلتها نزل ما هي مضافة إليه منزلته فصارت كأنها منقطعة عن الإضافة لفظاً ونية مع قيام موجب البناء، فمن لاحظ ذلك بنى ومن لاحظ الحقيقة أعرب. فلو حذف ما تضاف إليه أعربت أيضاً لقيام التنوين مقامه كما في كل. وزعم ابن الطراوة أن أيهم مقطوعة عن الإضافة فلذلك بنيت، وأن هم أشد مبتدأ وخبر. ورد برسم المصحف الضمير متصلاً، والإجماع على أنها إذا لم تضف كانت معربة. وإنما بنى الذين وإن كان الجمع من خواص الأسماء لأنه لم يجر على سنن الجموع لأنه أخص من الذي وشأن الجمع أن يكون أعم من مفرده. ومن أعربه نظر إلى مجرد الصورة. وقيل هو على هذه اللغة مبني جيء به على صورة المعرب ذو وذات الطائيتين حملهما على ذي وذات بمعنى صاحب وصاحبة. الثاني عد في شرح الكافية من أنواع الشبه الشبه الإهمالي، ومثل له بفواتح السور والمراد الأسماء مطلقاً قبل التركيب فإنها مبنية لشبهها بالحروف المهملة في كونها لا عاملة ولا معمولة. وذهب بعضهم إلى أنها موقوفة أي لا معربة ولا مبنية، وبعضهم إلى أنها معربة حكماً ولأجل سكوته عن هذا النوع أشار إلى عدم الحصر فيما ذكره بكاف التشبيه: (وَمُعْرَبُ الأَسْمَاءِ مَا قَدْ سَلِمَا مِنْ شَبَهِ الْحَرْفِ)الشبه المذكور. وهذا على قسمين صحيح يظهر إعرابه (كَأَرْضِ وَ) معتل يقدر إعرابه نحو (سُمَا) بالقصر لغة في الاسم. وفيه عشر لغات منقولة عن العرب: اسم وسم وسماً مثلثة، والعاشرة سماة. وقد جمعتها في قولي:

لغات الاسم قد حواها الحصر                في بيت سمر وهو هذا الشعر

ص24

اسم وحذف همزة والقصر         مثلثان مع سماة عشر

تنبيه: بدأ في الذكر بالمعرب لشرفه، وفي التعليل بالمبني لكون علته وجودية وعلة المعرب عدمية، والاهتمام بالوجودي أولى من الاهتمام بالعدمي، وأيضاً فلأن أفراد معلول علة البناء محصورة بخلاف علة الإعراب، فقدم علة البناء ليبين أفراد معلولها (وَفِعْلُ أَمْرٍ وَ) فعل (مُضِيَ بُنِيَا) على الأصل في الأفعال الأولى على ما يجزم به مضارعه من سكون أو حذف. والثاني على الفتح كضرب أو تقديراً كرمي. وبنى على الحركة لمشابهته المضارع في وقوعه صفة وصلة وخبراً وحالاً وشرطاً، وبني على الفتح لخفته. وأما نحو ضربت وانطلقنا واستبقن فالسكون فيه عارض أوجبه كراهتهم توالي أربع متحركات

فيما هو كالكلمة الواحدة لأن الفاعل كالجزء من فعله، وكذلك ضمة ضربوا عارضة أوجبها مناسبة الواو.

ص 25

تنبيه: بناء الماضي مجمع عليه وأما الأمر فذهب الكوفيون إلى أنه معرب مجزوم بلام الأمر مقدرة. وهو عندهم مقتطع من المضارع، فأصل قم لتقم فحذفت اللام للتخفيف، وتبعها حرف المضارعة. قال في المغني وبقولهم أن قول، لا الأمر معنى فحقه أن يؤدى بالحرف،ولأنه أخو النهي وقد دل عليه بالحرف اهـ (وَأَعْرَبُوا مُضَارِعاً) بطريق الحمل على الاسم لمشابهته إياه في الإبهام والتخصيص، وقبول لام الابتداء، والجريان على لفظ اسم الفاعل في الحركات والسكنات وعدد الحروفوتعيين الحروف الأصول والزوائد. وقال الناظم في التسهيل بجواز شبه ما وجب له، يعني من قبوله بصيغة واحدة معاني مختلفة لولا الإعراب لالتبست. وأشار بقوله بجواز إلى أن سبب الإعراب واجب للاسم وجائز للمضارع، لأن الاسم ليس له ما يغنيه عن الإعراب لأن معانيه مقصورة عليه والمضارع يغنيه عن الإعراب وضع اسم مكانه كما في نحو: لا تعن بالجفاء وتمدح عمراً، فإنه يحتمل المعاني الثلاثة في لا تأكل السمك وتشرب اللبن. ويغني عن الإعراب في ذلك وضع الاسم مكان كل من المجزوم والمنصوب والمرفوع؛ فيقال لا تعن بالجفاء ومدح عمرو، ولا تعن بالجفاء مادحاً عمراً، ولا تعن بالجفاء ولك مدح عمرو؛ ومن ثم كان الاسم أصلاً والمضارع فرعاً خلافاً للكوفيين فإنهم ذهبوا إلى أن الإعراب أصل في الأفعال كما هو أصل في الأسماء؛ قالوا لأن اللبس الذي أوجب الإعراب في نحو الأسماء موجود في الأفعال في بعض المواضع كما في نحو لا تأكل السمك وتشرب اللبن كما تقدم. وأجيب بأن اللبس في المضارع كان يمكن إزالته بغير الإعراب كما تقدم. وإنما يعرب المضارع (إِنْ عَرِيَا. مِنْ نُونِ تَوْكِيدٍ مُبَاشِرٍ) له نحو ليسجنن وليكونا (وَمِنْ نُونِ إِنَاثٍ كَيَرُعْنَ) من قولك النسوة يرعن أي يخفن (مَنْ فُتنْ) فإن لم يغر منهما لم يعرب لمعارضة شبه الاسم بما هو من خصائص الأفعال فرجع إلى أصله من البناء فيبنى مع الأولى على الفتح لتركيبه

ص26

معها تركيب خمسة عشر، ومع الثانية على السكون حملاً على الماضي المتصل بها لأنهما مستويان في أصالة السكون وعروض الحركة كما قاله في شرح الكافية والاحتراز بالمباشر عن غير المباشر وهو الذي فصل بين الفعل وبينه فاصل: ملفوظ به كألف الاثنين، أو مقدر كواو الجماعة وياء المخاطبة، نحو هل تضربان يا زيدان، وهل تضربن يا زيدون، وهل تضربن يا هند، الأصل تضربانن وتضربون وتضربين، حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال، ولم تحذف نون التوكيد لفوات المقصود منها بحذفها، ثم حذفت الواو والياء لالتقاء الساكنين، وبقيت الضمة والكسرة دليلاً على المحذوف، ولم تحذف الألف لئلا يلتبس بفعل الواحد وسيأتي الكلام على ذلك في موضعه مستوفى فهذا ونحوه معرب. والضابط أن ما كان رفعه بالضمة إذا أكد بالنون بني لتركبه معها. وما كان رفعه بالنون إذا أكد بالنون لم يبن لعدم تركبه معها لأن العرب لم تركب ثلاثة أشياء.

تنبيه: ما ذكرناه من التفرقة بين المباشرة وغيرها هو المشهور والمنصور. وذهب الأخفش وطائفة إلى البناء مطلقاً، وطائفة إلى الإعراب مطلقاً. وأما نون الإناث فقال في شرح التسهيل أن المتصل بها مبني بلا خلاف، وليس كما قال، فقد ذهب قوم منهم ابن درستويه وابن طلحة والسهيلي إلى أنه معرب بإعراب مقدر منع من ظهوره ما عرض فيه من الشبه بالماضي (وَكُلُّ حَرفٍ مُسْتَحِقٌّ لِلْبِنَا) الذي به الإجماع إذ ليس فيه مقتضى الإعراب لأنه لا يعتوره من المعاني ما يحتاج إلى الإعراب (وَالأَصْلُ فِي الْمَبْنَيِّ) اسماً كان أو فعلاً أو حرفاً (أَنْ يُسَكَّنَا)

ص27

أي السكون لخفته وثقل الحركة، والمبني ثقيل فلو حرك اجتمع ثقيلان (وَمِنْهُ) أي من المبني ما حرك لعارض اقتضى تحريكه. والمحرك (ذُو فَتْحٍ وَذُو كَسْرٍ وَ) ذو (ضَمْ) فذو الفتح (كَأَيْنَ) وضرب ورب. وذو الكسرة نحو (أَمْسِ) وغير. وذو الضم نحو (حَيْثُ) ومنذ (وَالْسَّاكِنُ) نحو (كَمْ) واضرب وهل. فالبناء على السكون يكون في الاسم والفعل والحرف لكونه الأصل. وكذلك الفتح لكونه أخف الحركات وأقربها إلى السكون. وأما الضم والكسر فيكونان في الاسم والحرف لا الفعل لثقلهما وثقل الفعل، وبنى أين لشبهه بالحرف في المعنى وهو الهمزة إن كان استفهاماً وإن إن كان شرطاً وبنى أمس عند الحجازيين لتضمنه معنى حرف التعريف لأنه معرفة بغير أداة ظاهرة. وبنى حيث للافتقار اللازم إلى جملة. وبنى كم للشبه الوضعي أو لتضمن الاستفهامية معنى الهمزة والخبرية معنى رب التي للتكثير.

 ص29

تنبيه: ما بني من الأسماء على السكون فيه سؤال واحد لم بني؟ وما بني منها على الحركة فيه ثلاثة أسئلة: لم بني ولم حرك ولم كانت الحركة كذا وما بني من الأفعال أو الحروف على السكون لا يسأل عنه. وما بني منهما على حركة فيه سؤالان: لم حرك؟ ولم كانت الحركة كذا؟. وأسباب البناء على الحركة خمسة: التقاء الساكنين كأين، وكون الكلمة على حرف واحد كبعض المضمرات، أو عرضة لأن يبتدأ بها كباء الجر، أو لها أصل في التمكن كأول، أو شابهت المعرب كالماضي فإنه أشبه المضارع في وقوعه صفة وصلة وحالاً وخبراً كما تقدم. وأسباب البناء على الفتح: طلب الخفة كأين، ومجاورة الألف كأيان، وكونها حركة الأصل نحو يا مضار ترخيم مضارر اسم مفعول. والفرق بين معنيين بأداة واحدة نحو يا لزيد لعمرو،والاتباع نحو كيف بنيت على الفتح اتباعاً لحركة الكاف، لأن الياء بينهما ساكنة والساكن حاجز غير حصين. وأسباب البناء على الكسر: التقاء الساكنين كأمس. ومجانسة العمل كباء الجر، والحمل على المقابل كلام الأمر كسرت حملاً على لام الجر، فإنها في الفعل نظيرتها في الاسم، والإشعار بالتأنيث نحو أنت، وكونها حركة الأصل نحو يا مضار ترخيم مضارر اسم فاعل، والفرق بين أداتين كلام الجر كسرت فرقاً بينها وبين لام الابتداء في نحو لموسى عبد، والاتباع نحو ذه وته بالكسر في الإشارة للمؤنثة. وأسباب البناء على الضم أن لا يكون للكلمة حال الإعراب نحو {لله الأمر من قبل ومن بعد} (الروم: 4) بالضم، ومشابهته الغايات نحو يا زيد فإنه أشبه قبل وبعد، قيل من جهة أنه يكون متمكناً في حالة أخرى، وقيل من جهة أنه لا تكون له الضمة حالة الإعراب. وقال السيرافي من جهة أنه إذا نكر أو أضيف أعرب. ومن هذا حيث فإنها إنما ضمت لشبهها بقبل وبعد من جهة أنها كانت مستحقة للإضافة إلى المفرد كسائر أخواتها فمنعت ذلك كما منعت قبل وبعد الإضافة، وكونها حركة الأصل نحو يا تحاج ترخيم تحاجج مصدر إذا سمى به،

ص29

وكونه في الكلمة كالواو في نظيرتها كنحن ونظيرتها همو، وكونه في الكلمة مثله في نظيرتها

نحو اخشوا القوم، ونظيرتها قل ادعوا. والاتباع كمنذ. وقد بان لك أن ألقاب البناء ضم وفتح وكسر وسكون، ويسمى أيضاً وقفاً. وهذا شروع في ذكر ألقاب الإعراب وهي أيضاً أربعة: رفع

ونصب وجر وجزم وعن المازني أن الجزم ليس بإعراب. فمن هذه الأربعة ما هو مشترك بين الأسماء والأفعال، وما هو مختص بقبيل منهما. وقد أشار إلى الأول بقوله: (وَالْرَّفعَ وَالْنَّصْبَ اجْعَلَنْ إِعْرَاباً لاِسْمٍ وَفِعْلٍ) فالاسم نحو أن زيداً قائم والفعل (نَحْوُ) أقوم و (لَنْ أَهَابَا) وإلى الثاني أشار بقوله (والاِسْمُ قَدْ خُصِّصَ بِالْجَرِّ) أي فلا يوجد في الفعل. قال في التسهيل: لأن عامله لا يستقل فيحمل غيره عليه بخلاف الرفع والنصب (كَما قَدْ خُصِّصَ الْفِعْلُ بِأَنْ يَنْجَزِمَا) أي بالجزم لكونه فيه حينئذٍ كالعوض من الجر قاله في التسهيل. واعلم أن الأصل في كل معرب أن يكون إعرابه بالحركات أو السكون. والأصل في كل معرب بالحركات أن يكون رفعه بالضمة ونصبه بالفتحة وجره بالكسرة، وإلى ذلك الإشارة بقوله:

فَارفَعْ بِضَمَ وَانْصِبَنْ فَتْحَاً وَجُرْ              كَسْراً كَذِكْرُ اللَّهِ عَبْدَهُ يَسُرْ

ص30

تنبيه: لا منافاة بين جعل هذه الأشياء إعراباً وجعلها علامات إعراب، إذ هي إعراب من حيث عموم كونها أثراً جلبه العامل، وعلامات إعراب من حيث الخصوص (وَغَيْرُ مَا ذُكِرْ) من الإعراب بالحركات والسكون مما سيأتي فرع عما ذكر (يَنُوبُ) عنه: فينوب عن الضمة الواو والألف والنون. وعن الفتحة الألف والياء والكسرة وحذف النون. وَعن الكسرة الفتحة والياء. وعن السكون حذف الحرف. فللرفع أربع علامات وللنصب خمس علامات، وللجر ثلاث علامات، وللجزم علامتان، فهذه أربع عشرة علامة: منها أربعة أصول وعشرة فروع لها تنوب عنها. فالإعراب بالفرع النائب (نَحْوَ جَا أُخُو بَنِي نَمِرْ) فأخو فاعل والواو فيه نائبة عن الضمة، وبني مضاف إليه وَالياء فيه نائبة عن الكسرة وعلى هذا الحذو. واعلم أن النائب في الاسم إما حرف وإما حركة، وفي الفعل إما حرف وإما حذف؛ فنيابة الحرف عن الحركة في الاسم تكون في ثلاثة مواضع: الأسماء الستة والمثنى والمجموع على حده، فبدأ بالأسماء الستة لأنها أسماء مفردة، والمفرد سابق المثنى والمجموع، ولأن إعرابها على الأصل في الإعراب بالفرع من كل وجه فقال: (وَارْفَعْ بِوَاو وانْصِبَنَّ بِالأَلِف وَاجْرُرْ بِيَاء) أي نيابة عن الحركات الثلاث (مَا) أي الذي (مِنَ الأَسْمَا أَصِفْ) لك بعد (مِنْ ذَاكَ) أي من الذي أصفه لك (ذُو إنْ صُحْبَةً أَبَانَا) أي أظهر لا ذو الموصولة الطائية فإن الأشهر فيها البناء عند طيء (وَالْفَمُ حَيْثُ الْمِيمُ مِنْهُ بَانَا) أي انفصل، فإن لم ينفصل منه أعرب بالحركاتأعني الظاهرة عليها. وفيه حينئذٍ عشر لغات: نقصه وقصره وتضعيفه مثلث الفاء فيهن، والعاشرة إتباع فائه لميمه، وفصحاهن فتح فائه منقوصاً و (أَبٌ) و (أَخٌ) و (حَمٌ كَذَاكَ) مما أصف (وَهَنُ) وهي كلمة يكنى بها عن أسماء الأجناس، وقيل عما يستقبح ذكره وقيل عن الفرج خاصة. فهذه الأسماء الستة تعرب بالواو رفعاً وبالألف نصباً وبالياء جراً. 

ص31

وهذا الإعراب متعين في الأول منها وهو ذو ولهذا بدأ به، وفي الثاني منها وهو الفم في حالة عدم الميم ولهذا ثني به، وغير متعين في الثلاثة التي تليهما: وهي أب وأخ وحم لكنه الأشهر والأحسن فيها (وَالْنَّقْصُ فِي هَذَا الأَخِيرِ) وهو من (أَحْسَنُ) من الإتمام وهو الإعراب بالأحرف الثلاثة ولذلك أخره. والنقص أن تحذف لامه ويعرب بالحركات الظاهرة على العين وهي النون. وفي الحديث «من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا» ولقلة الإتمام في هن أنكر الفراء جوازه وهو محجوج بحكاية سيبويه الإتمام عند العرب، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ (وَفِي أَبٍ وَتَالِيَيْهِ) وهما أخ وحم (يَنْدُرُ) أي يقل النقص. ومنه قوله:

بِأَبِهِ اقْتَدَى عَدِيُّ فِي الكَرَمْ             ومن يُشَابهِ أَبَهُ فَمَا ظَلَمْ

(وَقَصْرُهَا) أي قصر أب وأخ وحم (مِنْ نَقْصِهِنَّ أَشْهَرُ) قصرها مبتدأ، وأشهر خبره، ومن نقصهن متعلق بأشهر وهو من تقديم من على أفعل التفضيل وهو قليل كما ستعرفه. والمراد استعمال أب وأخ وحم مقصورة أي بالألف مطلقاً أكثر وأشهر من استعمالها منقوصة أي محذوفة اللامات معربة على الأحرف الصحيحة بالحركات الظاهرة. ومن القصر قوله:

إنَّ أَبَاهَا وَأَبَا أَبَاهَا            قَدْ بَلَغَا فِي الْمَجْدِ غَايَتَاهَا

وفي المثل: مكره أخاك لا بطل. وحاصل ما ذكره أن في أب وأخ وحم ثلاث لغات أشهرها الإعراب بالأحرف الثلاثة، والثانية أن تكون بالألف مطلقاً، والثالثة أن تحذف منها الأحرف الثلاثة وهذا نادر. وأن في هن لغتين: النقص وهو الأشهر، والإتمام وهو قليل؛ وزاد في التسهيل في أب التشديد فيكون فيه أربع لغات، وفي أخ التشديد وأخو بإسكان الخاء فيكون فيه خمس لغات، وفي حم حمو كقرو، وحمء كقرء، وحمأ كخطأ، فيكون فيه ست لغات.

ص13

تنبيه: مذهب سيبويه أن ذو بمعنى صاحب وزنها فعل بالتحريك ولامها ياء. ومذهب الخليل أن وزنها فعل بالإسكان ولامها واو فهي من باب قوة: وأصله ذوو وقال ابن كيسان تحتمل الوزنين جميعاً. وفو وزنه عند الخليل وسيبويه فعل بفتح الفاء وسكون العين، وأصله فوه لامه هاء وذهب الفراء إلى أن وزنه فعل بضم الفاء؛ وأب وأخ وحم وهن وزنها عند البصريين فعل بالتحريك ولاماتها واوات بدليل تثنيتها بالواو. وذهب بعضهم إلى أن لام حم ياء من الحماية لأن أحماء المرأة يحمونها، وهو مردود بقولهم في التثنية حمو إن وفي إحدى لغاته حمو، وذهب الفراء إلى أن وزن أب وأخ وحم فعل بالإسكان، ورد بسماع قصرها وبجمعها على أفعال وأما هن فاستدل الشارح على أن أصله التحريك بقولهم هنة وهنوات. وقد استدل بذلك بعض شراح الجزولية، واعترضه ابن إياز بأن فتحه النون في هنة يحتمل أن تكون لهاء التأنيث، وفي هنوات لكونه مثل جفنات فتح لأجل جمعه بالألف والتاء وإن كانت العين ساكنة في الواحدة؛ وقد حكى بعضهم في جمعه أهناء فبه يستدل على أن وزنه فعل بالتحريك (وَشَرْطُ ذَا الإعْرَابِ) بالأحرف الثلاثة في الكلمات الست (أَنْ يُضَفْنَ لاَ لِلْيَا) مع ما هن عليه من الإفراد والتكبير (كَجَا أَخُو أَبِيكَ ذَا اعْتِلاَ) فكل واحد من هذه الأسماء مفرد مكبر مضاف وإضافته لغير الياء. وقد احتوت هذه الأمثلة على أنواع غير الياء، فإن غير الياء إما ظاهر أو مضمر، والظاهر إما معرفة أو نكرة. واحترز بالإضافة عما إذا لم تضف فإنها تكون منقوصة معربة بالحركات الظاهرة نحو جاء أب ورأيت أخاً ومررت بحم. وكلها تفرد إلا ذو فإنها ملازمة للإضافة وإذا أفرد فو عوض من عينه وهي الواو ميم وقد تثبت الميم مع الإضافة كقوله:

 

 يُصْبِحُ ظَمْآنَ وَفِي الْبَحْرِ فَمُهْ

ص33

ولا يختص بالضرورة خلافاً لأبي علي، لقوله صلى الله عليه وسلّم: «لَخُلوفُ فم الصائم أطيبُ عند الله من ريح المسك» والاحتراز بقوله لا لليا عما إذا أضيفت للياء فإنها تعرب بحركات مقدرة كسائر الأسماء المضافة للياء وكلها تضاف للياء إلا ذو فإنها لا تضاف لمضمر وإنما تضاف لاسم جنس ظاهر غير صفة وما خالف ذلك فهو نادر وبكونها مفردة عما إذا كانت مثناة أو مجموعة سلامة فإنها تعرب إعرابهما. وإن جمعت جمع تكسير أعربت بالحركات الظاهرة. وبكونها مكبرة عما إذا صغرت فإنها تعرب أيضاً بالحركات الظاهرة. واعلم أن ما ذكره الناظم من أن إعراب هذه الأسماء بالأحرف هو مذهب طائفة من النحويين منهم الزجاجي وقطرب والزبادي من البصريين، وهشام من الكوفيين في أحد قوليه. قال في شرح التسهيل: وهذا أسهل المذاهب وأبعدها عن التكلف. ومذهب سيبويه والفارسي وجمهور البصريين أنها معربة بحركات مقدرة على الحروف وأتبع فيها ما قبل الآخر للآخر، فإذا قلت قام أبو زيد فأصله أبَوُ زيد ثم أتبعت حركة الباء لحركة الواو فصار أبُوُ زيد فاستثقلت الضمة على الواو فحذفت. وإذا قلت رأيت أبا زيد فأصله أبَوَ زيد فقيل تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفاً. وقيل ذهبت حركة الباء ثم حركت إتباعاً لحركة الواو ثم انقلبت الواو ألفاً، قيل وهذا أولى ليتوافق النصب مع الرفع والجر في الاتباع. وإذا قلت مررت بأبي زيد فأصله بأبَو زيد فأتبعت حركة الباء لحركة الواو فصار بأبِو زيد فاستثقلت الكسرة على الواو فحذفت كما حذفت الضمة ثم قلبت الواو ياء لكونها بعد كسرة كما في نحو ميزان وذكر في التسهيل أن هذا المذهب أصح وهذان المذهبان من جملة عشرة مذاهب في إعراب هذه الأسماء وهما أقواها.

ص34

تنبيه: إنما أعربت هذه الأسماء بالأحرف توطئة لإعراب المثنى والمجموع عَلَى حده بها، وذلك أنهم أرادوا أن يعربوا المثنى والمجموع بالأحرف للفرق بينهما وبين المفرد، فأعربوا بعض المفردات بها ليأنس بها الطبع. فإذا انتقل الإعراب بها إلى المثنى والمجموع لم ينفر منه لسابق الألفة وإنما اختيرت هذه الأسماء لأنها تشبه المثنى لفظاً ومعنى أما لفظاً فلأنها لا تستعمل كذلك إلا مضافة والمضاف مع المضاف إليه اثنان. وأما معنى فلاستلزام كل واحد منها آخر: فالأب يستلزم ابنا والأخ يستلزم أخاً وكذا البواقي وإنما اختيرت هذه الأحرف لما بينها وبين الحركات الثلاث من المناسبة الظاهرة (بِالأَلِفِ ارْفَعِ الْمُثَنَّى) نيابة عن الضمة. والمثنى اسم ناب عن اثنين اتفقا في الوزن والحروف بزيادة أغنت عن العاطف والمعطوف:فاسم ناب عن اثنين يشمل المثنى الحقيقي كالزيدين وغيره كالقمرين، واثنين واثنتين، وكلا وكلتا، والألفاظ الموضوعة للاثنين كزوج وشفع فخرج بالقيد الأول نحو العَمرين في عمرو وعمر وبالثاني نحو العُمرين في أبي بكر وعمر، وبالثالث كلا وكلتا واثنان واثنتان وثنتان، إذ لم يسمع كل ولا كلت، ولا إثن ولا إثنة ولا ثنت وأَما قوله:

فِي كِلْتَ رِجْلَيْهَا سُلاَمَى وَاحِدَهْ

فإنما أراد كلتا فحذف الألف للضرورة. فهذه المخرجات ملحقات بالمثنى في إعرابه وليست منه (وَكِلاَإذَا بِمُضْمَرٍ مُضَافاً وُصِلاَ) الألف للإطلاق أي وارفع بالألف كلا إذا وصل بمضمر حال كونه مضافاً إلى ذلك المضمر حملاً على المثنى الحقيقي و (كِلْتَا كَذَاكَ) أي ككلا في ذلك: تقول جاءني الرجلان كلاهما والمرأتان كلتاهما، فإن أضيفا إلى ظاهر أعربا بحركات مقدرة على الألف رفعاً ونصباً وجراً. وبعضهم يعربهما إعراب المثنى في هذه الحالة أيضاً. وبعضهم يعربهما إعراب المقصور مطلقاً ومنه قوله:

نِعْمَ الفَتَى عَمَدَت إلَيْهَ مَطِيَّتي            في حِينِ جَدَّ بنا المسِيرُ كِلانَا

ص35

تنبيه: كلا وكلتا اسمان ملازمان للإضافة ولفظهما مفرد ومعناهما مثنى، ولذلك أجيز في ضميرهما اعتبار المعنى فيثنى واعتبار اللفظ فيفرد، وقد اجتمعا في قوله:

كلاهُمَا حِين جدَّ الجَريُ بَيْنَهُمَا             قَدْ أَقْلَعَا وكلاَ أَنْفَيْهِمَا رَابي

إلا أَن اعتبار اللفظ أكثر، وبه جاء القرآن قال تعالى: {كلتا الجنتين آتت أكلها} (الكهف: 33) ولم يقل آتتا فلما كان لكلا وكلتا حظ من الإفراد وحظ من التثنية أجريا في إعرابهما مجرى المفرد تارة ومجرى المثنى تارة، وخص إجراؤهما مجرى المثنى بحالة الإضافة إلى المضمر لأن الإعراب بالحروف فرع الإعراب بالحركات، والإضافة إلى المضمر فرع الإضافة إلى الظاهر لأن الظاهر أصل المضمر فجعل الفرع من الفرع والأصل مع الأصل مراعاة للمناسبة (اثْنَانِ وَاثْنَتَانِ) بالمثلثة اسمان من أسماء التثنية وليسا بمثنيين حقيقة كما سبق (كَابْنَيْنِ وَابْنَتَيْنِ) بالموحدة اللذين هما مثنيان حقيقة (يَجْرِيَانِ) مطلقاً فيرفعان بالألف ومثل اثنتين ثنتان في لغة تميم (وَتَخْلُفُ اليَا فِي) هذه الألفاظ (جَمِيعِهَا) أي المثنى وما ألحق به (الأَلِفْ جَرًّا ونَصْباً بَعْدَ فَتْحٍ قَدْ أُلِفْ) اليا فاعل تخلف قصره للضرورة والألف مفعول به وجراً ونصباً نصب على الحال من المجرور بقي أي مجرورة ومنصوبة، وسبب فتح ما قبل الياء الإشعار بأنها خلف عن الألف، والألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحاً. وحاصل ما قاله أن المثنى وما ألحق به يرفع بالألف ويجر وينصب بالياء المفتوح ما قبلها.

تنبيهان: الأول في المثنى وما ألحق به لغة أخرى وهي لزوم الألف رفعاً ونصباً وجراً وهي لغة بني الحرث بن كعب وقبائل أخر، وأنكرها المبرد وهو محجوج بنقل الأئمة. قال الشاعر:

فَأَطْرَقَ إِطْرَاقَ الشُّجَاع وَلَوْ رَأَى            مَسَاغاً لِنَابَاهُ الشُّجَاعُ لَصَمَّمَا

ص36

وجعل منه إن هذان لساحران ولا وتران في ليلة. الثاني لو سمي بالمثنى ففي إعرابه وجهان: أحدهما إعرابه قبل التسمية والثاني يجعل كعمران فيلزم الألف ويمنع الصرف وقيده في التسهيل بأن لا يجاوز سبعة أحرف فإن جاوزها كاشهيبابين لم يجز إعرابه بالحركات (وَارْفَعْ بِوَاوٍ) نيابة عن الضمة (وبِيَا اجْرُرْ وانْصِبِ) نيابة عن الكسرة والفتحة (سَالِمَ جَمْعِ عَامِرٍوَ) جمع (مُذْنِبِ) وهما عامرون ومذنبون ويسمى هذا الجمع جمع المذكر السالم لسلامة بناء واحده. ويقال له جمع السلامة لمذكر، والجمع على حد المثنى لأن كلاً منهما يعرب بحرف علة بعده نون تسقط للإضافة. وأشار بقوله (وَشِبْهِ ذَيْنِ) إلى أن الذي يجمع هذا الجمع اسم وصفة فالاسم ما كان كعامر علما لمذكر عاقلخالياً من تاء التأنيث ومن التركيب ومن الإعراب بحرفين فلا يجمع هذا الجمع ما كان من الأسماء غير علم كرجل أو علماً لمؤنث كزينب، أو لغير عاقل كلاحق علم فرس، أو فيه تاء التأنيث كطلحة، أو التركيب المزجي كمعد يكرب وأجازه بعضهم، أو الإسنادي كبرق نحره بالاتفاق أو الإعراب بحرفين كالزيدين أو الزيدين علما. والصفة ما كان كمذنبصفة لمذكر عاقل خالية من تاء التأنيث ليست من باب أفعل فعلاء، ولا من باب فعلان فعلى ولا مما يستوي في الوصف به المذكر والمؤنث، فلا يجمع هذا الجمع ما كان من الصفات لمؤنث، كحائض، أو لمذكر غير عاقل كسابق صفة فرس أو فيه تاء التأنيث كعلامة ونسابة أو كان من باب أفعل فعلاء كأحمر وشذ قوله:

فَمَا وَجَدَتْ نِسَاءُ بَنِي تَمِيمٍ              حَلاَئِلَ أَسْوَدِينَ وَأَحمرِينَا

أو من باب فعلان فعلى كسكران فإن مؤنثه سكرى أو يستوي في الوصف به المذكر والمؤنث كصبور وجريح فإنه يقال فيه رجل صبور وجريح وامرأة صبور وجريح.

ص37

تنبيهات: الأول أجاز الكوفيون أن يجمع نحو طلحة هذا الجمع. الثاني يستثنى مما فيه التاء ما جعل علماً من الثلاثي المعوض من فائه تاء التأنيث نحو عدة أو من لامه نحو ثبة. فإنه يجوز جمعه هذا الجمع. الثالث يقوم مقام الصفة التصغير فنحو رجيل يقال فيه رجليون. الرابع لم يشترط الكوفيون الشرط الأخير مستدلين بقوله:

مِنَّا الْذِي هُو مَا إن طَرَّ شاربُهُ              والْعَانسونَ وَمِنَّا الْمُرْدُ والشيبُ

فالعانس من الصفات المشتركة التي لا تقبل التاء عند قصد التأنيث لأنها تقع للمذكر والمؤنث بلفظ واحد ولا حجة لهم في البيت لشذوذه (وَبِهِ) أي وبالجمع السالم المذكر (عِشْرُونَا. وَبَابُهُ) إلى التسعين (ألحِقَ) في الإعراب بالحرفين وليس بجمع وإلا لزم صحة انطلاق ثلاثين مثلاً على تسعة وعشرين، على ثلاثين وهو باطل (وَ) ألحق به أيضاً (الأهْلُونَا) لأنه وإن كان جمعاً لأهل فأهل ليس بعلم ولا صفة وألحق به (أُولُو) لأنه اسم جمع لا جمع (وَ) ألحق به أيضاً (عَالَمُونَا) لأنه إما أن لا يكون جمعاً لعالم لأنه أخص منه إذ لا يقال إلا على العقلاء والعالم يقال على كل ما سوى الله ويجب كون الجمع أعم من مفرده أو يكون جمعاً له باعتبار تغليب من يعقل فهو جمعلغير علم ولا صفة وألحق به (عِلِّيُونا) لأنه ليس بجمع وإنما هو اسم لأعلى الجنة (وَأرضُونَ) بفتح الراء جمع أرض بسكونها (شَذَّ) قياساً لأنه جمع تكسير ومفرده مؤنث بدليل أريضة وغير عاقل (وَ) كذلك (السنُونا) بكسر السين جمع سنة بفتحها (وَبَابُهُ) كذلك شذ قياساً. والمراد بيا به كل كلمة ثلاثية حذفت لامها عوضت منها هاء التأنيث ولم تكسر. فهذا الباب اطرد فيه الجمع بالواو والنون رفعاً وبالياء والنون جراً ونصباً نحو عضة وعضين وعزة وعزين وأرة وأرين وثبة وثبين وقلة وقلين، قال الله تعالى: {كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ} (المؤمنون: 112) {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} (الحجر: 91) {عن اليمين وعن

ص38

الشمال عزين} (المعارج: 37) وأصل سنة سنو أو سنه لقولهم في الجمع سنوات وسنهات، وفي الفعل سانيت وسانهت. وأصل سانيت قلبوا الواو ياء حين جاوزت متطرفة ثلاثة أحرف وأصل عضه عضو من العضو واحد الأعضاء، أي أن الكفار جعلوا القرآن أعضاء أي مفرقاً، يقال عضَّيته وعضوته تعضية أي فرقته تفرقة. قال ذو الرمة:

وليسَ دِيْنُ اللَّهِ بالمعضَّى

أي بالمفرق لأنهم فرقوا أقاويلهم فيه، أو عضه من العضه وهو البهتان، والعضه أيضاً السحر في لغة قريش. قال الشاعر:

أَعُوذُ بِرَبي من النَّافِثَا            تِ في عُقَدِ العَاضِه العضِهْ

وأصل عزة ــ وهي الفرقة من الناس ــ عزو، وأصل أرة وهي موضع النار ــ أرى، وأصل ثبة ــ وهي الجماعة ــ ثبو وقيل ثبي من ثبيت أي جمعت والأول أقوى وعليه الأكثر لأن ما حذف من اللامات أكثره واو. وأصل قلة وهي عودان يلعب بها الصبيان قلو، ولا يجوز ذلك في نحو تمرة لعدم الحذف وشذ إضون جمع إضاة كقناة وهي الغدير، وحرون جمع حرة، وإحرون جمع أحرة، والأحرة الأرض ذات الحجارة السود، وأوزون جمع أوزة وهي البطة، ولا في نحو عدة وزنة لأن المحذوف الفاء، وشذ رقون في جمع رقة وهي الفضة، ولدون في جمع لدة وهي التراب، وحشون في جمع حشة وهي الأرض الموحشة. ولا في يد ودم لعدم التعويض وشذ أبون وأخون ولا في نحو اسم وأخت لأن المعوض غير الهاء إذ هو في الأول الهمزة وفي الثاني التاء. وشذ بنون في جمع ابن وهو مثل اسم، ولا في نحو شاة وشفة لأنهما كسراً على شياه وشفاء. وشذ ظبون في جمع ظبة وهي حد السهم والسيف فإنهم كسروه على ظبي بالضم وأظب ومع ذلك جمعوه على ظبين.

تنبيه: ما كان من باب سنة مفتوح الفاء كسرت فاؤه في الجمع نحو سنين، وما كان مكسور الفاء لم يغير في الجمع على الأفصح نحو مئين. وحكي مئون وسنون وعزون بالضم، وما كان مضموم الفاء ففيه وجهان الكسر والضم نحو ثبين وقلين (وَمِثْلَ حِينٍ قَدْ يَرِدْ ذَا الْبَابُ) فيكون معرباً

ص39

بالحركات الظاهرة على النون مع لزوم الياء كقوله:

 دَعَانِيَ مِنْ نَجدٍ فإِنَّ سِنِينَهُ            لَعِبْنَ بِنَا شِيناً وَشَيَّبْنَنَا مُرْدَاً

وفي الحديث «اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف» في إحدى الروايتين (وَهْوَ) أي مجيء الجمع مثل حين (عِنْدَ قَوْمٍ) من النحاة منهم الفراء (يَطَّرِدْ) في جمع المذكر السالم وما حمل عليه خرجوا عليه قوله:

 رُبَّ حَيَ عَرنْدَسٍ ذِي طَلاَلٍ               لاَ يَزَالونَ ضَارِبينَ القِبابِ

وقوله:

وَقَد جَاوَزْتُ حدَّ الأرْبعين

والصحيح أنه لا يطرد بل يقتصر فيه على السماع.

تنبيهات: الأول قد عرفت أن إعراب المثنى والمجموع على حده مخالف للقياس من وجهين الأول من حيث الإعراب بالحروف والثاني من حيث إن رفع المثنى ليس بالواو ونصبه ليس بالألف وكذا نصب المجموع أما العلة في مخالفتهما القياس في الوجه الأول فلأن المثنى والمجموع فرعان عن الآحاد، والإعراب بالحروف فرع عن الإعراب بالحركات فجعل الفرع للفرع طلباً للمناسبةوأيضاً فقد أعرب بعض الآحاد وهي الأسماء التسعة بالحروف فلو لم يجعل إعرابهما بالحروف لزم أن يكون للفرع مزية على الأصل. ولأنهما لما كان في آخرهما حروف وهي علامة التثنية والجمع تصلح أن تكون إعراباً بقلب بعضها إلى بعض فجعل إعرابهما بالحروف لأن الإعراب بها بغير حركة أخف منها مع الحركة. وأما العلة في مخالفتهما للقياس في الوجه الثاني فلأن حروف الإعراب ثلاثة والإعراب ستة ثلاثة للمثنى وثلاثة للمجموع فلو جعل إعرابهما بها على حد إعراب الأسماء الستة لالتبس المثنى بالمجموع في نحو رأيت زيداك، ولو جعل إعراب أحدهما كذلك دون الآخر بقي الآخر بلا إعراب فوزعت عليهما وأعطي المثنى الألف لكونها مدلولاً بها على التثنية مع الفعل اسماً في نحو اضربا، وحرفاً في نحو ضربا أخواك، وأعطي المجموع الواو لكونها مدلولاً بها على الجمعية في الفعل اسماً في نحو اضربوا وحرفاً في نحو أكلوني

ص40

البراغيث، وجراً بالياء على الأصل وحمل النصب على الجر فيهما، ولم يحمل على الرفع لمناسبة النصب للجر دون الرفع لأن كلاً منهما فضلة، ومن حيث المخرج لأن

الفتح من أقصى الحلق والكسر من وسط الفم والضم من الشفتين. الثاني ما أفهمه النظم وصرح به في شرح التسهيل من أن إعراب المثنى والمجموع على حده بالحروف هو مذهب قطرب وطائفة من المتأخرين، ونسب إلى الزجاج والزجاجي. قيل وهو مذهب الكوفيين وذهب سيبويه ومن وافقه إلى أن إعرابهما بحركات مقدرة على الألف (وَنُونَ مَجْمُوعٍ وَمَا بِهِ الْتَحَقْ) في إعرابه (فَافْتَحْ) طلباً للخفة من ثقل الجمع، وفرقا بينه وبين نون المثنى (وَقَلَّ مَنْ بِكَسْرِهِ نَطَقْ) من العرب. قال في شرح التسهيل: يجوز أن يكون كسر نون الجمع وما ألحق به لغة، وجزم به في شرح الكافية، ومما ورد منه قوله:

عَرَفْنَا جَعْفَراً وبنِي أبِيهِ             وأنكَرْنَا زعَانِفَ آخَرِينِ

وقوله:

وَقَدْ جَاوَزْتُ حدَّ الأربعينِ

(وَنُونُ مَا ثُنِّيَ والْمُلحَقِ بِهْ) وهو اثنان واثنتان وثنتان (بِعَكْسِ ذَاكَ) النون (اسْتَعْمَلُوهُ) فكسروه كثيراً على الأصل في التقاء الساكنين، وفتحوه قليلاً بعد الياء (فَانْتَبِهْ) لذلك وهذه اللغة حكاها الكسائي والفراء كقوله:

عَلَى أَحْوَذِيَّيْن اسْتَقَلَّتْ عَشِيَّةً            فَمَا هِيَ إلاَّ لَمْحَةٌ وتَغِيبُ

وقيل لا تختص هذه اللغة بالياء بل تكون مع الألف أيضاً وهو ظاهر كلام النظم، وبه صرح السيرافي. كقوله:

أَعْرِفُ منهَا الجِيْدَ وَالْعَيْنَانَا              وَمَنخِرين أَشبهَا ظَبْيَانَا

وحكى الشيباني ضمها مع الألف كقول بعض العرب: هما خليلانُ وقوله:

يا أَبَتَا أَرَّقَني القِذَّانُ               فالنومُ لا تأَلَفُهُ العَيْنَانُ

ص41

تنبيه: قيل لحقت النون المثنى والمجموع عوضاً عما فاتهمامن الإعراب بالحركات ومن دخول التنوين وحذفت مع الإضافة نظراً إلى التعويض بها عن التنوين. ولم تحذف مع الألف واللام وإن كان التنوين يحذف معهما نظراً إلى التعويض بها عن الحركة أيضاً. وقيل لحقت لدفع توهم الإضافة في نحو جاءني خليلان موسى وعيسى، ومررت ببنين كرام، ودفع توهم الإفراد في نحو جاءني هذان ومررت بالمهتدين؛ وكسرت مع المثنى على الأصل في التقاء الساكنين لأنه قبل الجمع، ثم خولف بالحركة في الجمع طلباً للفرق، وجعلت فتحة طلباً للخفةوقد مر ذلك وإنما لم يكتف بحركة ما قبل الياء فارقاً لتخلفه في نحو المصطفين. ولما فرغ من بيان ما ناب فيه حرف عن حركة من الأسماء أخذ في بيان ما نابت فيه حركة عن حركة وهو شيئان: ما جمع بألف وتاء وما لا ينصرف. وبدأ بالأول لأن فيه حمل النصب على غيره، والثاني فيه حمل الجر على غيره، والأول أكثر فقال: (وَمَابِتَا وَأَلِفٍ قَدْ جُمِعَا) الباء متعلقة بجمع أي ما كان جمعاً بسبب ملابسته للألف والتاء أي كان لهما مدخل في الدلالة على جمعيته (يُكْسَرُ فِي الْجَرِّ وَفِي الْنَّصْبِ مَعَاً) كسر إعراب خلافاً للأخفش في زعمه أنه مبني في حالة النصب، وهو فاسد إذ لا موجب لبنائه، وإنما نصب بالكسرة مع تأتي الفتحة ليجري على سنن أصله وهو جمع المذكر السالم في حمل نصبه على جره. وجوز الكوفيون نصبه بالفتحة مطلقاً، وهشام فيما حذفت لامه، ومنه قول بعض العرب: سمعت لغاتهم. ومحل هذا القول ما لم يرد إليه المحذوف فإن رد إليه نصب بالكسرة كسنوات وعضوات.

ص42

 

تنبيه: إنما لم يعبر بجمع المؤنث السالم كما عبر به غيره ليتناول ما كان منه لمذكر كحمامات وسرادقات، وما لم يسلم فيه بناء الواحد نحو بنات وأخوات، ولا يرد عليه نحو أبيات وقضاة لأن الألف والتاء فيهما لا دخل لهما في الدلالة على الجمعية (كَذَا أُولاَتٌ) وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه يعرب هذا الإعراب إلحاقاً له بالجمع المذكور. قال تعالى: {وإن كنَّ أولات حمل} (الطلاق: 6) (وَالَّذِي اسْماً قَدْ جُعِلْ) من هذا الجمع(كَأَذْرِعَاتٍ) اسم قرية بالشام، وذاله معجمة أصله جمع أذرعة التي هي جمع ذراع (فِيهِ ذَا) الإعراب (أَيْضاً قُبِلَ) على اللغة الفصحى ومن العرب من يمنعه التنوين ويجره وينصبه بالكسرة، ومنهم من يجعله كأرطأة علماً فلا ينونه ويجره وينصبه بالفتحة. وإذا وقف عليه قلب التاء هاء. وقد روي بالأوجه الثلاثة قوله:

تَنَوَّرتُها مِنْ أَذْرِعات وأَهلُها            بِيَثْرِبَ أدنَى دَارِهَا نَظَرٌ عالي

والوجه الثالث ممنوع عند البصريين جائز عند الكوفيين.

ص43

تنبيه: قد تقدم بيان حكم إعراب المثنى إذا سمي به وأما المجموع على حده ففيه خمسة أوجه: الأول كإعرابه قبل التسمية به. والثاني أن يكون كغسلين في لزوم الياء والإعراب بالحركات الثلاث على النون منونة. والثالث أن يجري مجرى عربون في لزوم الواو والإعراب بالحركات على النون منونة. والرابع أن يجري مجرى هرون في لزوم الواو والإعراب على النون غير مصروف للعلمية وشبه المعجمة. والخامس أن تلزمه الواو وفتح النون ذكره السيرافي. وهذه الأوجه مترتبة كل واحد منها دون ما قبله. وشرط جعله كغسلين وما بعده أن لا يتجاوز سبعة أحرف، فإن تجاوزها كاشهيبايين تعين الوجه الأول. قاله في التسهيل (وَجُرَّ بِالْفَتْحَةِ) نيابة عن الكسرة (ما لاَ يَنْصَرِفْ)وهو ما فيه علتان من علل تسع كأحسن، أو واحدة منها تقوم مقامهما كمساجد وصحراء كما سيأتي في بابه، لأنه شابه الفعل فثقل فلم يدخله التنوين لأنه علامة الأخف عليهم والأمكن عندهم، فامتنع الجر بالكسرة لمنع التنوين لتآخيهما في اختصاصهما بالأسماء، ولتعاقبهما على معنى واحد في باب راقودُ خلاًّ وراقودُ خلِّ، فلما منعوه الكسرة عوّضوه منها الفتحة نحو: {فحيوا بأحسن منها} (النساء: 86) وهذا (مَا لَمْ يُضَفْ أَوْ يَكُ بَعْدَ أَلْ رَدِفْ) أي تبع فإن أضيف أو تبع أل ضعف شبه الفعل فرجع إلى أصله من الجر بالكسرة نحو: {في أحسن تقويم} (التين: 4) {وأنتم عاكفون في المساجد} (البقرة: 187)، ولا فرق في أل بين المعرَّفة كما مثل والموصولة نحو: «كالأعمى والأصم» وقوله:

وَمَا أَنْتَ بِالْيَقْظَانِ نَاظِرُهُ إِذَا             نَسِيتَ بِمَنْ تَهواهُ ذِكْرَ العَواقِبِ

بناء على أن أل توصل بالصفة المشبهة وفيه ما سيأتي. والزائدة كقوله:

رَأَيْتُ الوليدَ بنَ الْيَزِيدِ مُبَارَكَا

ومثل أل إذا في لغة طيىء كقوله:

أإِنْ شِمْتَ مِنْ نَجْدٍ بُرَيْقَاً تَأَلَّقَا          تبيتُ بِلَيْلِ أمْ أرْمَدِ اعتادَ أو لقَا

ص44

تنبيهان: الأول ما الأولى موصولة والثانية حرفية، وهي ظرفية مصدرية أي مدة كونه غير مضاف ولا تابع لأل الثاني ظاهر كلامه أن ما لا ينصرف إذا أضيف أو تبع أل يكون باقياً على منعه من الصرف هو اختيار جماعة.وذهب جماعة منهم المبرد والسيرافي وابن السراج إلى أنه يكون منصرفاً مطلقاً وهو الأقوى. واختار الناظم في نكته على مقدمة ابن الحاجب أنه إذا زالت منه علة فمنصرف نحو بأحمدكم، وإن بقيت العلتان فلا نحو بأحسنكم. ولما فرغ من مواضع النيابة في الاسم شرع في مواضعهما في الفعل فقال (وَاجْعَلْ لِنَحْو يَفْعَلانِ) أي من كل فعل مضارع اتصل به ألف اثنين اسماً أو حرفاً (الْنُّونا رَفْعَاً) الأصل علامة رفع فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، يدل على ذلك ما بعده؛ والتقدير اجعل النون علامة الرفع لنحو يفعلان (وَ) لنحو (تَدْعِينَ) من كل مضارع اتصل به ياء المخاطبة (وَتَسْأَلُونَا) من كل مضارع اتصل به واو الجمع اسماً أو حرفاً. فالأمثلة خمسة على اللغتين وهي يفعلان وتفعلان وتفعلون ويفعلون وتفعلين، فهذه الأمثلة رفعها بثبات النون نيابة عن الضمة (وَحَذْفُهَا) أي النون (لِلْجَزْمِ وَالْنَّصْبِ سِمَهْ) أي علامة نيابة عن السكون في الأول وعن الفتحة في الثاني (كَلَمْ تَكُونِي لِتَرُومِي مَظْلَمَهْ) الأصل تكونين وترومين، فحذفت النون للجازم في الأول وهو لم، وللناصب في الثاني وهو أن المضمرة بعد لام الجحود.

ص45

تنبيهان: الأول قدم الحذف للجزم لأنه الأصل والحذف للنصب محمول عليه، وهذا مذهب الجمهور. وذهب بعضهم إلى أن إعراب هذه الأمثلة بحركات مقدرة على لام الفعل. الثاني إنما ثبتت النون مع الناصب في قوله تعالى: {إلا أن يعفون} (البقرة: 237) لأنه ليس من هذه الأمثلة إذ الواو فيه لام الفعل والنون ضمير النسوة والفعل معها مبني مثل يتربصن ووزنه يفعلن بخلاف الرجال يعفون فإنه من هذه الأمثلة، إذ واوه ضمير الفاعل ونونه علامة الرفع تحذف للجازم والناصب نحو: {وأن تعفوا أقرب للتقوى} (البقرة: 237) ووزنه تفعوا، وأصله تعفووا. ولما فرغ من بيان إعراب الصحيح من القبيلين شرع في بيان إعراب المعتل منهما وبدأ بالاسم فقال (وَسَمِّ مُعْتَلاًّ مِنَ الأَسْمَاءِ مَا) أي الاسم المعرب الذي حرف إعرابه ألف لينة لازمة (كَالْمُصْطَفَى) وموسى والعصا، أو ياء لازمة قبلها كسرة كالداعي (وَالْمُرْتَقِي مَكَارِمَا).

ص46

تنبيه: إنما سمي كل من هذين الاسمين معتلاً لأن آخره حرف علة، أو لأن الأول يعل آخره بالقلب إما عن ياء نحو الفتى، أو عن واو نحو المصطفى. والثاني يعل آخره بالحذف، فخرج بالمعرب نحو متى والذي، وبذكر الألف في الأول المنقوص نحو المرتقي، وبذكر اللينة المهموز نحو الخطأ، وبذكر الياء في الثاني المقصور نحو الفتى، وبذكر اللزوم فيهما نحو رأيت أخاك وجاء الزيدان في الأول، ومررت بأخيك وغلاميك وبنيك في الثاني، وباشتراط الكسرة قبل الياء نحو ظبي وكرسي (فَالأَوَّلُ) وهو ما كان كالمصطفى (الإِعْرَابُ فِيهِ قُدِّرَا جَمِيْعُهُ) على الألف لتعذر تحريكها (وَهْوَ الَّذِي قَدْ قُصِرَا) أي سمي مقصوراً، والقصر الحبس، ومنه: {حور مقصورات في الخيام} (الرحمن: 72) أي محبوسات على بعولتهن. وسمي بذلك لأنه محبوس عن المدّ أو عن ظهور الإعراب (وَالْثَّانِ) وهو ما كان كالمرتقي (مَنْقُوصٌ) سمي بذلك لحذف لامه للتنوين، أو لأنه نقص منه ظهور بعض الحركات (وَنَصْبُهُ ظَهَرْ) على الياء لخفته نحو رأيت المرتقي ومرتقياه: {أجيبوا داعي الله} (الأحقاف: 31) {داعياً إلى الله بإذنه} (الأحزاب: 46) (وَرَفْعُهُ يُنْوَى) على الياء ولا يظهر نحو: {يوم يدعو الداعي} (القمر: 6) {لكل قوم هاد} (الرعد: 7) فعلامة الرفع ضمة مقدرة على الياء الموجودة أو المحذوفة و (كَذَا أَيْضَاً يُجَرْ) بكسر منوي نحو: {أجيب دعوة الداع} (البقرة: 186) وأنهم في كل واد. وإنما لم يظهر الرفع والجر استثقالاً لا تعذراً لإمكانهما. قال جرير:

فَيَوْماً يُوافِينَ الْهَوَى غيرَ مَاضِي

وقال الآخر:

 لَعَمْرُكَ مَا تَدري متى أنتَ جَائِيٌ              وَلَكنَّ أَقصَى مُدَّةِ العُمْرِ عَاجِلُ

تنبيه: من العرب من يسكن الياء في النصب أيضاً. قال الشاعر:

ولوْ أَنَّ واشٍ بِالْيَمَامَةِ دَارُهُ             وَدَارِي بأعْلَى حَضْرَمَوْتَ اهْتَدَى لِيَا

ص47

قال أبو العباس المبرد وهو من أحسن ضرورات الشعر، لأنه حمل حالة النصب على حالتي الرفع والجر (وَأَيُّ فِعْلٍ) كان (آخِرٌ مِنْهُ أَلِفْ) نحو يخشى (أَوْ وَاوٌ) نحو يدعو (أَوْ يَاءٌ) نحو يرمي (فَمُعْتَلاًّ عُرِفْ) أي شرط، وهو مبتدأ مضاف وفعل مضاف إليه، وكان بعده مقدرة، وهي إما شأنية وآخر منه ألف جملة من مبتدأ وخبر خبرها مفسرة للضمير المستتر فيها، أو ناقصة وآخر اسمها وألف خبرها ووقف عليه بالسكون على لغة بيعة، وعرب جواب الشرط وفيه ضمير مستكن نائب عن الفاعل عائد على فعل وخبر المبتدأ جملة الشرط وقيل هي وجملة الجواب معاً، وقيل جملة الجواب فقط. ومعتلاً حال منه مقدم على عامله. والمعنى أي فعل كان آخره حرفاً من الأحرف المذكورة فإنه يسمى معتلاً (فَالأَلِفَ انْوِ فِيهِ غَيْرَ الْجَزْمِ) وهو الرفع والنصب نحو زيد يسعى ولن يخشى لتعذر الحركة على الألف،والألف نصب بفعل مضمر يفسره الفعل الذي بعده (وَأَبْدِ) أي أظهر (نَصْبَ مَا) آخره واو (كَيَدْعُو) أو ياء نحو (يَرْمِي) لخفة النصب.

وأما قوله:

أَبَى اللَّهُ أَنْ أَسْمُو بأُمَ ولاَ أَبِ

وقوله:

مَا أَقْدَرَ اللَّهُ أَنْ يُدْنِي عَلَى شَحَطٍ              مَنْ دارُهُ الْحَزْنُ مِمَّنْ دارُهُ صُولُ

ص48

فضرورة (وَالرَّفْعَ فِيهِمَا) أي الواوي واليائي (انْوِ) لثقله عليهما (وَاحْذِفْ جَازِمَا ثَلاَثَهُنَّ) وأبق الحركة التي قبل المحذوف دالة عليه (تَقْضِ حُكْماً لاَزِمَاً) نحو لم يخش ولم يغز ولم يرم. فالرفع نصب المفعولية لأنو، وفيهما متعلق به، واحذف عطف على انو، وفي كل منهما ضمير مستتر وهو فاعله، وجاز ما حال من فاعل احذف، وثلاثهن مفعول به إما لا حذف والضمير في ثلاثهن لأحرف العلة الثلاثة، ومعمول الحال محذوف وهي الأفعال الثلاثة المعتلة والتقدير احذف أحرف العلة ثلاثهن حال كونك جازماً الأفعال الثلاثة المذكورة، أو يكون معمولاً للحال والضمير للأفعال ومعمول الفعل محذوف وهو الأحرف الثلاثة. والتقدير احذف أحرف العلة حال كونك جازماً الأفعال ثلاثهن. وتقض مجزوم جواب احذف، وحكماً مفعول به إن كان تقض بمعنى تؤد ومفعول مطلق إن كان بمعنى تحكم.

خاتمة: قد ثبت حرف العلة مع الجازم في قوله:

وَتَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ              كَأَنْ لَمْ تَرَى قَبْلِي أَسِيراً يَمَانِيَا

وقوله:

أَلَمْ يَأْتِيكَ وَالأَنْبَاءُ تَنْمِي            بِمَا لاَقَتْ لَبُوْنُ بَنِي زِياد

وقوله:

هَجَوْتَ زَبَّانَ ثُمَّ جِئْتَ مُعْتَذِراً

مِنْ هَجْوِ زَبَّانَ لَمْ تَهْجُو وَلَمْ تَدَعِ فقيل ضرورة وقيل بل حذف حرف العلة ثم أشبعت الفتحة في تر فنشأت ألف، والكسرة في ياتك فنشأت ياء، والضمة في تهج فنشأت واو. وأما: {سنقرئك فلا تنسى} (الأعلى: 6) فلا نافية لا ناهية أي فلست تنسى.

ص49




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.